ها ان الويك اند الأول يمضي في البندقية، لتتجه العيون معه الى ما
تخبئه الأيام المقبلة على الجزيرة التي تؤوي هذه الأيام (29 آب ــ 8 أيلول)
أكبر اسطول من مهنيي السينما ومحبيها الايطاليين. بول توماس أندرسون
وتيرينس ماليك (لم نشاهد فيلم الأخير حتى لحظة كتابة المقال)، كانا محطّ
اهتمام شعبي ونقدي وفير، في اطار برمجة زمنية معدة، على ما يبدو، كي تكشف
عن مخالبها بدءاً من منتصف الاسبوع الثاني. اصداء الافتتاح كانت باهتة،
وكذا بالنسبة الى جوّ البهرجة في هذه الدورة ما قبل السبعين، ولاسيما بعدما
جرى افساد "العرس" عبر تحوّل الطقس غائماً فممطراً.
وصول البرتو باربيرا الى الادارة التنفيذية والفنية، حمل معه تعديلات
طفيفة، تُعدّ من الشكليات، فبتنا نرى مثلاً تصميمات خاصة بالمهرجان وفصلاً
دعائياً يمر قبل كل فيلم. بالاضافة الى شيء جوهري: ميل واضح لدى باربيرا
الى الأفلام الجماهيرية وتلك التي تملك خطاً سردياً. امام قصر "الكازينو"،
الى جانب البقعة حيث من المفترض ان ينتصب المبنى الجديد لـ"الموسترا"، ثمة
أماكن جديدة للجلوس والاسترخاء ولقاء الناس، تتيح التنزه فكرياً والتسكع
افتراضياً بين ما تعرضه شاشات المهرجان وما رسمه لنا الخالق في الحدّ
الفاصل بين السماء والبحر.
الحدث الذي يهمّنا بداية هو عودة ابرهيم البطوط بفيلم صنعه بأحشائه
وغضبه وأصالته كسينمائي يملك أمضى الأسلحة في مواجهة ما يحدث في بلاده مصر.
كلّ وحدة تصويرية في "الشتا للي فات" (قسم "أوريزونتي") يسكنها الأمل
والرغبة في التغيير. انه مرافعة مؤيدة للثورة، ضد الظلم والاضطهاد
والاحتقار الذي عاشه جانب مهم من المجتمع المصري على مرّ عقود. لكن لدى
البطوط كلمات قليلة تخاطب دائماً الوجدان والعقل، كما عنده اسلوبية تلامس
انماط السينما الأوروبية المرهفة، حيث الوضع النفسي للشخصيات يكون دائماً
أقوى من الحدث، وأهم. أهمية هذا المخرج انه يعرف كيف يوظف المساحة المعبرة
للسينما من دون الوقوع في فخاخ التنميط. يملك قدرة عالية على نقل الاحاسيس
الداخلية للشخصية الرئيسية التي يضطلع بدورها هنا عمر واكد. ويملك ايضاً
تلك الموهبة في جعل الحدث الذي خارج الاطار يطغى على ما نراه أمامنا، اذ
تكفي بضع صيحات احتجاج وبيت كئيب وسط القاهرة، كي تقع الثورة على رؤوسنا
ونصدّقها بلا قيد أو شرط. البطوط لا يصنع فيلماً اخبارياً عن أحداث "25
يناير" التي نقلت مصر الى ضفة أخرى من تاريخها، برغم انه يهتم بالسرد
التسلسلي، ويمنح شريطه وقفات عدة مع خطب "الريس"، ثم ينهي كل شيء في ميدان
التحرير قبل أن يعرّفنا الى أؤلئك الذين غادروا الصورة شهداء.
يقع الفيلم بين زمنين: "25 يناير" الذي يعتبره البطوط تاريخاً لن
يتكرر في سيرة مصر، ومطلع عام 2009. بين هذا وذاك، يتأرجح النصّ بحرص شديد
على عدم اضاعة الخيط الفاصل بينهما. بيد ان ما يولد صلة بين الحقبتين، هو
ثنائية الجلاد والضحية المتمثلين بعمر (واكد) ورجل المباحث في امن الدولة
(صلاح الحنفي). بالنسبة الى البطوط، من الطبيعي العودة الى الخلف قليلاً
لتبرير غضب الشارع المصري. هذا الشارع الذي يتجسد هنا في شخصية عمر وبعض
الذين يطاردهم النظام بسبب نشاطهم السياسي. عمر الذي لا يُخفى على أحد
انتماؤه الى طبقة ميسورة، لا يتصدى الى "ليبيرالية" السلطة الحاكمة
(ولاسيما في ما يختص مسألة مناصرة قضية غزة)، من منطلقات اقتصادية بل فكرية
وانسانية.
اذاً، هناك عادل، رجل المباحث الذي اوكلت اليه مهام تعذيب كل مَن يعلو
صوته فوق صوت السلطة الفاسدة. أساليب التعذيب كثيرة، من أكثرها بساطة مثل
جعل المعتقل يتبول على نفسه وصولاً الى شحنات الكهرباء على جسده. بقية
الحكاية نعرفها جيداً: هناك عيون في كل مكان تراقب النشطاء، وعمر واحد من
هؤلاء، يصادَر من منزله في كل لحظة، سواء في زمن السلم أو في زمن يصل فيه
غضب الشارع الى اعلى مستوياته. لا ينظر البطوط الى موضوعه كإشكالية،
معتبراً ما حصل أمراً مسلَّماً به، لا يتحمل النقد. لا يخوض مغامرة
التفاصيل التي ستغرق فيها مصر في مرحلة الانتخابات، لأنه يعرف تماماً انه
ليس الوقت للمطالبة بأي شيء آخر سوى الفكاك من الذين يصادرون الحريات. نحن
أمام عرض حميمي يمكن اعتباره اطروحة انسانية، تتبنى وجهة نظر اشخاص يذخر
بهم المجتمع المصري، وهم الجنود المجهولون لسنوات الجمر، التي يبدو انها
صاغت ملامح الشخصية المصرية، القابعة بين الخوف والتهميش. ولعل ما يريده
الفيلم من نفسه هو ان يقول "لا" نهائية للخوف الساكن في اعماق المصريين.
هناك طرف ثالث يدخل على الخط: مجموعة عاملين في احدى المحطات
التلفزيونية التابعة للسلطة. من خلال برنامج تلفزيوني مباشر على الهواء،
يحاول المقدم الاتيان بشهادات ملفقة تحط من شأن الثورة والثوار. لكن
المذيعة الشابة التي تشارك في تقديم البرنامج (فرح يوسف)، لا تقبل بهذا
الواقع، مدركة انه يجب عليها ان تنتقل الى الضفة الاخرى، ضفة المظلومين. هي
التي التقى دربها درب عمر ذات زمن، وها ان العلاقة المكلومة تظهر من جديد
بحكم الظروف المفروضة، فتغدو هذه مناسبة أخرى للبطوط كي يضيف على الحكاية
طبقات أخرى من كآبته السينمائية المحببة، التي يمتحنها في مشاهد خسارة
الوالدة. هذا كله، يرينا اياه البطوط، بحسّ رومنطيقي يكاد يكون طفولياً في
بعض الأحيان، فلا يسعه تجنب هنات الايقاع ومشاهد الحركة والاداء المتجاوز
لبعض الممثلين. واذا كان واضحاً ان الموازنة التي نالها اضخم هذه المرة مما
رُصدت في افلامه السابقة، فما يتشاركه هذا الفيلم مع اسلافه، هذه المعالجة
المناخية، من ربط المشاهد والفصل بينها، وخلفية موسيقية تزيد من حدية الجوّ
وتوتره وجعل الآتي يبدو معقوداً على ما هو أعظم!
في نهاية العرض الذي حظي به الفيلم يوم السبت الماضي، دام التصفيق
دقائق عدة. وصلت الرسالة الى الجمهور، ولم يكن هناك سوء فهم بين الطرف
المنتج والطرف المتلقي. كان التأثير بادياً على وجه مخرج "عين شمس" أمام
هذا المجد الذي دام "ربع ساعة" وارهوليّاً (من أندي وارهول). لاحقاً في
المؤتمر الصحافي، تحدث البطوط وواكد عن الكيفية التي انجزا فيها الفيلم،
اخراجاً وتمثيلاً، كونهما انطلقا في التقاط المشاهد في ميدان التحرير قبل
يوم واحد من سقوط مبارك. كل شيء تبلور خلال التصوير، وليس قبلاً. هذا نهج
يجد فيه البطوط نفسه منذ أفلام عدة، ويجيد توظيفه واستثماره. دعا البطوط في
المؤتمر الى التحرك باستمرار من أجل الحرية، "الآن ومن هذا المكان"،
مواجهاً برود صحافيين ألقوا بأجسادهم على كراسٍ خشنة، قبل ان يستيقظ الجميع
من حلم نهار ايلولي رطب ليجد نفسه محاصراً في جزيرة كل ما ترغبه اصطياد بعض
الغلامور.
■■■
خلافاً لـ"الشتا للي فات"، لم تكن باكورة السعودية هيفاء المنصور،
"وجدة" ("أوريزونتي")، موفقة. في فيلمها الروائي الطويل الأول، وهو، بحسب
ما أعلنه المهرجان "أول فيلم روائي طويل يُصوَّر في الرياض"، تقع المنصور
في الافتعال التمثيلي والتجسيدي. في النهاية تخلص الى عمل أقرب الى
التلفزيون منه الى السينما. نحترم جهود المنصور التي تحاول أن تمنح المرأة
السعودية حق الكلام والوجود على الشاشة في دولة تمنع عنها أبسط الحقوق:
قيادة سيارة. نفهم كذلك ان كلّ شيء يبدأ من الصفر في المملكة، عندما يتعلق
الأمر بتعميم الثقافة السينمائية والانتقال من النظري الى التطبيقي. لكن
المنصور لا تبدي تفوقاً لافتاً يجعلها تستحق لقب أول مخرجة سعودية، إذ تبقى
نظرتها مسجونة في اطار لعبة كشف المستور وإدانته بطرق بدائية. هذا الامتحان
الخاص بها، يشهد، لقطة بعد لقطة، على انعدام الرؤية وعدم القدرة على تجاوز
الحكاية بحرفيتها. فالمشكلة، حينما يتعلق الموضوع بالحديث عن حال المرأة في
بلدان مثل السعودية، هي في تغلب التيمة على سائر العناصر، فيتحول المشروع
برمته محاكمة، لا تخرج منها الا جملة شخصيات "معطوبة" تنال حصة الأسد من
العتب واللوم، في حين يكون "المرض" والعاهة في أماكن أخرى لا تلقى أي
اهتمام من جانب المخرج.
فيلم المنصور ليس بعيداً من هذا كله، فهو يذهب الى منتصف الطريق، قبل
ان يعود ادراجه، سواء عندما يكون عليه الغوص في اعماق الشخصية أو في اظهار
الجانب المتخلف للاسلام المتجسد في "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر". يبقى "وجدة" فيلم وجدانيات، يحمل نبلاً نسوياً خاصاً لا يُترجَم
للأسف بأفكار سينمائية مهمة. لا يقدر الشريط أن يكون قفزة نوعية الى مكان
آخر من سيرة "السينما السعودية" التي لم تبدأ بعد. تبلغ الأشياء، بحكم
رعونتها، المنطقة المناقضة للمنطقة المتوخاة...
■■■
في اليوم الأول لانطلاق المسابقة، تجابه، وجهاً لوجه، فيلمان، واحد
أميركي والثاني روسي: "بأي ثمن" لرامين بهراني (من أصل ايراني) و"خيانة"
لكيريل سيريبرينيكوف. بعد مجموعة أفلام جرت أحداثها في المدن، ينتقل بهراني
الى الريف الأميركي. اميركا التعصب وعدم التسامح، حيث الشطارة الكبرى هي
كسب المزيد. في هذه البيئة حيث العائلات تتناحر، أحياناً بصمت وأحياناً
بالصراخ، سنتابع ما يجري بين أب (دنيس كوايد في أداء رفيع المستوى) وابنه
(زاك افرون)، في مسألة توريث أعمال العائلة المرتبطة بالاراضي الزراعية.
نتعرف الى العائلة بأكملها، الاب وعشيقته فالأم والابن وصاحبته وكل البيئة
المحيطة بهم، وسنعرج على الجيران وخصوم العائلة. خلف المظاهر البراقة
للعائلة المتحدة، ثمة حقائق أخرى، يبحث عنها بهراني، ليجد نفسه "متورطاً"،
اخلاقياً وسينمائياً، في واجب نقل الصورة الأكثر أمانا لهذه العائلة، التي
تظل متضامنة، بأي ثمن، أقله ظاهرياً، لإنقاذ بزنس العائلة وأوضاعها. يأتينا
بهراني بعمل ذي فاتورة كلاسيكية شكلاً وخطاباً، يقول ما يود قوله ويمشي.
■■■
الفيلم الروسي "خيانة"، يختار حلولاً أكثر راديكالية لإفراغ ما في
جعبته. كأن كيريل سيريبرينيكوف يلامس التحفة بطرف أظفاره، ثم يتراجع من باب
الدلع. نحن هنا أمام مشروع فيلم كبير، يتهاوى أمام أنظارنا في الثلث
الأخير، حين يختار المخرج أن يقفز، عبر اختزال زمني غير مفهوم، من مرحلة
زمنية الى أخرى. لكن، لا بأس، فالشغف بصناعة السينما حاضر في جينات المخرج.
منذ لقطة الافتتاح (سيارة تصطدم بمحطة باص) يتبدى لنا سيريبرينيكوف كمن
يعتنق سياسة "لِمَ البساطة حين يمكنك التعقيد؟" في تصويره حكاية خيانة
زوجية لا تحمل أي خصوصية (نحن في مجتمع روسي منفتح جنسياً). هذا من الأفلام
التي تحمل في داخلها هماً دفيناً، ويكون على قدر عال من الاضطراب النفسي.
شريط مشبع بحيوات مختلفة وبألم عميق تعززه اطراف النوتات الموسيقية التي
تنبعث في أرجاء الصورة، مزعزعة بعض القيم المرتبطة بالعلاقات الانسانية.
هناك تلميحات مباشرة الى هيتشكوك، لكن الاشارات الى عمل "معلم
التشويق" نجدها، مباشرة أو مواربة، في العلاقة المبنية على الشكّ التي
سينشأ بين رجل وأمرأة، يعانيان من مشكلة واحدة: خيانة الشريك لهما. يلعب
مخرجنا على المناطق الحساسة للارتباط، يأخذنا بيدنا الى حيث الضياع الشامل
في بعض الأحيان، اذ لا بد للمتفرج من أن يسأل هل ما يراه حقيقة أم خيال.
hauvick.habechian@annahar.com.lb
المعلّم أمام الكاميرا وخلفها
هـ. ح.
بول توماس أندرسون لا يهوّن علينا مهنة النقد. على الذين كانوا يؤمنون
بأنه كان في امكانه ان يعتزل السينما بعد وصوله الى القمة مع "ستكون هناك
دماء" (2008)، ان يشاهدوا جديده ليقتنعوا بأن ثمة المزيد في مخيلته الخصبة.
ثمة الكثير مما يدفعه ليعاين القماشة التي صُنع منها الثوب الأميركي اللماع.
ويفعلها كعادته مع الكثير من الشطارة والرؤية. "المعلم"، المصوَّر بالـ70
ملم، لا يحكي أقل من حكاية رجل اسمه لانكستر دود، يمنح نفسه، في خمسينات
القرن الماضي في أميركا، صفة الطبيب والكاتب والعالم، فتتيح له نظرياته
الفيزيائية اعطاء معنى آخر للوجود. اختراعه خليطٌ من الأشياء: صوفية، علم،
روحانيات، علم نفس. هذا المعلّم يعطيه اندرسون لحم الممثل فيليب سايمور
هوفمان وشحمه، ليؤكد مرة اضافية، اذا دعت الحاجة الى ذلك، انه أكبر ممثل
حيّ على وجه الأرض. لا يمكن الا نفكر، في لحظات عدة من الفيلم، ان أورسون
ويلز خرج من القبر مجدداً، ليُفرح تلميذه اندرسون ويفرحنا معه. الى جانب
هذا المعلّم، يقف مسانداً بجنونه فريدي الذي يضطلع بدوره يواكين فينيكس،
ويبدو ان لا مهام أخرى عنده الا ان يخترق الشاشة ويتجاوز نفسه مراراً
وتكراراً، ليتبين في آخر ساعتين وثلث الساعة أننا أمام ممثل لا تقل أهميته
عن مارلون براندو ولورنس أوليفييه ودانيال داي لويس. هو، خلافاً للمعلّم،
شخص فاقد للعقل المتزن، يعاني عاهات جسدية ونفسية عدة نتيجة مشاركته في
الحرب العالمية الثانية. كما غالباً عند اندرسون، هناك هربٌ من الماضي عند
هذا الرجل، فلا يعرف التحكم بأعصابه، لكنه من النوع الذي لا شيء عنده
ليخسره، وبالتالي يتحول الى نوع من كائن اختبار لدى المعلّم، يشبع به
نظرياته، يفشّ فيه خلقه، ليتحول تدريجاً الى مرآة يرى فيها نفسه، ونرى فيها
أنفسنا. هذا اللقاء بين الرجلين يصوّره اندرسون بالكثير من الحسية، فيه كبت
قاتل وسد لفراغات من الجانبين، وفيه ايضاً الكثير من المسكوت عنه، والكثير
من الجنس الذي يساعد على معرفة "الحقيقة".
خلافاً لفيلمه السابق الذي طرح من خلاله ولادة أميركا الحديثة، بين
نهاية زمن اكتشاف الغرب وبدايات الانهيار الاقتصادي، لا يخرج بطله الجديد
من جبّ الارض، بل ينزل علينا من السماء. المعلّم نقيض بلاينفيو (دانيال داي
لويس) الذي يعتبر إنتاج قرن دامٍ ولدت من رحمه الحرب الأهلية الأميركية.
لكن، المكان حيث يلتقي كلٌّ من بلاينفيو والمعلم هو مسيرة البحث عن الحرية
التي تفضي الى التسلط والطغيان. ما يميز هذا الفيلم، انه ليس من وجهة نظر
حقيقية حيال الواقع الذي يصوره، وهذا ليس بالشيء السيئ في حال مثل حال
"المعلم". المسافة بين الطرفين تكاد تنعدم، اذ لا علاقة بين مَن خلف
الكاميرا ومَن أمامها. لا يظهر اندرسون أي عاطفة حيال شخصياته، ولا يبدي
اهتماماً كبيراً بالسلوك الذي يدين ويحاكم. امامنا مساحة يلعب عليها
الجبروتان الجسدي والنفسي، ومعهما تجربة صوتية وبصرية متطرفة، ستبقى حتماً
في الأذهان لمدة طويلة على رغم كلاسيكيتها. هذا كله يتيح للمخرج التحليق
عالياً في الجانب التشكيلي للفيلم: تقطيع، تعبئة وتفريغ، شغل ممتاز على
الشريط الصوتي. في النهاية، نسأل أنفسنا اذا كان المعلّم قبالة الكاميرا أم
خلفها أم في المكانين معاً!
النهار اللبنانية في
03/09/2012
إبراهيم البطوط يقدم صيغته عن الثورة المصرية في الشتا اللي فات خلال
آفاق
(البندقية – أ ف ب)
بعد الترحيب الذي شهدته المخرجة السعودية هيفاء المنصور في مهرجان
البندقية، لقي المخرج المصري ابراهيم البطوط الترحيب نفسه السبت، في تظاهرة
آفاق والتي عرض فيها فيلم «وجدة» للمنصور وفيلم «الشتا اللي فات» للبطوط.
لقي شريط «الشتا اللي فات» للمخرج المصري ابراهيم البطوط السبت
الترحيب نفسه الذي لقيته الجمعة السعودية هيفاء المنصور بعد عرض فيلمها
«وجدة» في القاعة الكبرى للعروض في مهرجان البندقية حيث عرض الشريطان في
إطار تظاهرة «آفاق».
وقد دفع الترحيب الحار بالمخرج إلى البكاء تحت تأثير التصفيق الحار
لجمهور البندقية المحب للسينما والمواكب بحماس لثورات الربيع العربي وما
يرافقها من تغيرات مجتمعية، تماما كما حصل مع المخرجة السعودية.
وبعد ان قدم مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقته الرسمية فيلم المخرج
يسري نصرالله «بعد المعركة» الذي تناول سيرة وواقع مهاجمي المتظاهرين في
التحرير في ما عرف بـ»موقعة الجمل»، ها هو مهرجان البندقية يقدم الشريط
المصري الروائي الثاني عن الثورة هذا العام.
وقد حرصت مهرجانات العالم منذ العام الماضي على تقديم الكثير من
الافلام التي تعكس اجواء الربيع العربي سعيا إلى عرض اوضاع العالم وتحولاته
عبر رؤى صانعي الفن السابع وابداعاتهم.
وقد أكد مهرجان البندقية في دورته الحالية، مرة اخرى هذا التوجه اذ
انه يقدم سبعة افلام عربية في مسابقات مختلفة، اثنان منها خارج المسابقة
الرسمية.
وعرض شريط «الشتا اللي فات» الذي قدم السبت في عرض عالمي اول، بحضور
المخرج ابراهيم البطوط وبجانبه الممثل والمنتج عمرو واكد والممثل صلاح
الحنفي الذي ادى في الشريط دور ضابط امن الدولة.
يركز الفيلم على قضية التعذيب وما يخلفه في نفوس الشباب الناشطين على
صفحات التواصل والانترنت. وتقول المذيعة التي تركت وظيفتها في التلفزيون
الرسمي بعد تواطؤها مع اكاذيب الدولة، في تسجيل تبثه على الانترنت وهو واحد
من آلاف التسجيلات التي ساهمت في استمرار الثورة «لقد سلبتم لنا مستقبلنا
وجعلتمونا غير راغبين في انجاب اولاد في المستقبل».
ويقوم الفيلم على خيط متواز من القصص التي تحدث للشخصيات الثلاث
الرئيسية بين عام 2009 وموعد انطلاق الثورة.
تعود الكاميرا بالمشاهد، كما يفهم من سياق الاحداث، الى فترة سبقت
الثورة وتحديدا الى فترة الحرب على غزة حين تعرض الكثير من الشباب المصريين
للتعذيب بسبب التظاهرات التي انطلقت تضامنا مع سكان القطاع.
عمرو (عمرو واكد) الذي تدور بينه وبين ضابط امن الدولة مواجهة صامتة
ينتهي بالانتصار على الضابط مع قيام الثورة. ويبرز الفيلم أنه فيما كانت
قلة من المصريين قبل الثورة تكسر حاجز الخوف، بات عشرات الآلاف خلال الثورة
مستعدين لذلك.
واذا كان عمرو الذي يعمل مصمم ديكور من منزله ثوريا من الساعة الاولى،
فإن صديقته التي تعمل في التلفزيون تظل تروج الاخبار الكاذبة التي تريد
الدولة بثها رسميا الى ان تحدث لها يقظة بعد أن تصادف جريحا على الارض
وتنقله الى مركز للعناية.
ويحاول الفيلم تجنب الحديث عن الثورة بشكل مباشر كما معظم الاعمال
السابقة، ويقتبس قصصا واجزاء من قصص انسانية جرت خلال الثورة. وقد غير
ابراهيم البطوط اكثر من مرة السيناريو الاساسي الذي وضعه بالتشارك مع ثلاثة
آخرين هم احمد عامر وياسر نعيم وحابي سعود.
وقد صور احد مشاهد الفيلم خلال الثورة في شهر فبراير الماضي وهو من
المشاهد المرتجلة التي صورت الممثلين في الميدان بين المتظاهرين. وكان هذا
المشهد الأول الذي صور من الفيلم، على حد قول المخرج.
ويبين الفيلم ضراوة استبداد ضباط امن الدولة في الفترة التي سبقت
الثورة وغلوهم في تعذيب الشباب الناشطين وزجهم في السجون الى ان بلغ عددهم
الاربعين الفا بداية الثورة ولم يكن هناك مفر من اطلاق سراحهم.
الجريدة الكويتية في
03/09/2012
بحضور أبرز صناع السينما العالمية
مهرجان فينيسيا يشهد مشاركة عربية متميزة
بدأ مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي رقم 69 في ايطاليا اعماله منذ
ايام ويستمر حتى 8 سبتمبرالحالى . يرأس المهرجان هذا العام ألبرتو باربيرا.
ويتضمن 6 برامج هي المسابقة الرسمية وبرنامج آفاق الذي تشترك فيه مصر بفيلم
«الشتا اللي فات» للمخرج ابراهيم البطوط وبرنامج كلاسيكيات فينيسيا وقسم
خارج المسابقة وبرنامج لعرض أهم أفلام المهرجان عبر تاريخه تحت عنوان
«ثمانون» لأن أول دورة للمهرجان بدأت عام 1932 اي منذ ثمانين عاماً. الى
جانب برنامج للعروض الخاصة من اختيار ادارة المهرجان.
كما يقام على هامش المهرجان «الأسبوع الدولي للنقاد» الذي يعرض 7
أفلام من اختيار هيئة مستقلة للترشيحات. ويرأس لجنة تحكيم هذا العام المخرج
الأميركي مايكل مان الذي قدم العديد من الأفلام الناجحة مثل «حرارة»
و«أعداء الشعب» وتمنح لجنة التحكيم جائزة الأسد الذهبي لافضل فيلم والأسد
الفضي كجائزة لجنة التحكيم الخاصة. ويشارك في المسابقة الرسمية 18 فيلماً
منها الفيلم الجزائري «ياما» للمخرجة جميلة صحراوي، يحكي الفيلم عن تاريخ
الجزائر قبل 50 عاماً والظروف الاجتماعية والسياسية التي عاشتها الجزائر
خاصة النساء ورد فعل الناس للأحداث المأساوية أثناء حرب الاستقلال عن
فرنسا.
ويعرض المهرجان الفيلم التونسي الوثائقي «يا من عاش» للمخرجة هند
بوجمعة. كما تشارك المخرجة السعودية هيفاء المنصور بفيلم «تراث - ميراث».
أما المسابقة الرسمية فتشهد مشاركة المخرج الأميركي الشهير تيرانس ماليك
بفيلم «المدهش» والمخرج الياباني تاكيشي كيتانو وفيلم «أوتريدج بيوند»
والمخرج الايطالي ماركو بيلوكيو وفيلمه «مونتانا الجميلة».
أما فيلم الافتتاح الليلة فكان «الأصولي رغما عنه» للمخرجة الهندية
ميرا ناير وهو مقتبس عن رواية للكاتب محسن حميد ويحكي عن شاب باكستاني خريج
جامعة هارفارد ومستشار مالي في وول ستريت. منقسم بين حلمه الأميركي وجذوره
الباكستانية.. الفيلم بطولة ريز محمد وكيت هيدسون وكيفر ساندر لاند وليف
شرايبر. والمخرجة الهندية ميرا ناير حصلت قبل 11 عاماً على جائزة الأسد
الذهبي من فينيسيا عن فيلم «زواج المواسم». وكان العالم قد تعرف على ابداع
تلك المخرجة لأول مرة على 1988 بفيلم «سلام بومباي» الذي حصل على جائزة
الكاميرا الذهبية من مهرجان كان في ذلك العام. المعروف ان مؤسسة الدوحة
للأفلام هي التي قامت بانتاج فيلم «الأصولي رغما عنه» والذي اختير لافتتاح
فينيسيا.
ويشارك في المهرجان هذا العام المخرج المعروف برايان دي بالما بفيلم
«باشون». ومن طرائق المهرجان أن هناك 21 مخرجة امرأة يشاركن بأفلامهن في
مسابقات المهرجان المختلفة. والافلام العربية الخمسة المشاركة أربعة منها
من اخراج سيدات والخامس للمخرج المصري ابراهيم البطوط. معنى ذلك ان دورة
هذا العام دورة نسائية بامتياز. يقام حفل الافتتاح بقصر المهرجان على شاطئ
الليدو الايطالي ويستضيف النجوم: روبرت ريرفورد وجان مورو وكلوديا
كاردينالي وبن أفليك وخافيير بارديم وزاك ايفرون وشيا لابوف وجون
مالكوفيتش....
نادين لبكي عضو لجنة تحكيم عن فئة «أوريزونتي»
مع انطلاق الدورة 69 لمهرجان البندقية - إيطاليا 2012، تشهد الدورة
الحالية حضورا عربيا لافتا عموماً ولبنان له مشاركة مرموقة، حيث تقوم
المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي بحضوره كعضو لجنة تحكيم عن فئة «أوريزنتي».
يأتي هذا الخيار من قبل المنظمين نتيجة أعمال لبكي التي توجت هذه
السنة بنجاح عالمي لافت لفيلمها الطويل الثاني «وهلأ لوين». بالإضافة الى
ترشيحها لجائزة غوشي للمرأة في السينما.
«دبي السينمائي» يعرض 10 أفلام عربية في فينيسيا
يعرض مهرجان دبي السينمائي الدولي 10 أفلام عربية لمجموعة من المخرجين
من الامارات العربية والمنطقة، خلال أنشطة «سوق فينيسيا السينمائي»، ضمن
الدورة 69 لمهرجان فينيسيا السينمائي، الذي بدأ أمس ويستمر حتى 8 سبتمبر
المقبل، في مدينة فينيسيا الايطالية. ولذلك فقد تم اختيار فيلمي «وجدة»
للمخرجة السعودية هيفا المنصور، والفيلم الروائي «يما» للمخرجة جميلة
الصحراوي، للمنافسة في جائزة المهرجان، حيث تم تمويل الفيلمين من برنامج
«انجاز» التابع لمهرجان دبي السينمائي الدولي لدعم الأفلام قيد الانجاز.
كما تضم قائمة الأفلام العربية التي ستعرض ضمن برنامج «سوق فينيسيا
السينمائي» أفلام: «عمو نشأت» للمخرج الأردني أصيل منصور، «يامو» للمخرج
اللبناني رامي نيحاوي، «القطاع صفر» للمخرج اللبناني نديم مشلاوي، «الجمعة
الأخيرة» للمخرج الأردني يحيى العبدالله، «عاشقة من الريف» للمخرجة
المغربية نرجس النجار، «فرق سبع ساعات» للمخرجة الأردنية ديما عمرو، «الحوض
الخامس» للمخرج اللبناني سيمون الهبر، «حبيبي رأسك خربان» للمخرجة
اللبنانية سوزان يوسف، «شي غادي.. وشي جاي» للمخرج المغربي حكيم بلعباس،
وفيلم «أمل» للمخرجة الاماراتية نجوم الغانم.
تعاون مستمر
وقالت شيفاني بانديا المدير التنفيذي لمهرجان دبي السينمائي الدولي:
«يأتي تعاوننا مع مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وسوق فينيسيا
السينمائي، في اطار حرصنا على التعاون المستمر مع منظمي أهم المهرجانات
السينمائية حول العالم». وأضافت: «تمثل شراكتنا مع مهرجان فينيسيا
السينمائي فرصةً مميزة تتماشى مع أهدافنا بدعم صانعي الأفلام المبدعين في
دولة الامارات والمنطقة، ومساعدتهم في تحقيق الانتشار والنجاح التجاري،
بعرض أعمالهم في أهم المحافل السينمائية العالمية».
بيئة حاضنة
وحول الشراكات مع المهرجانات العالمية، أوضحت بانديا: «تقوم الشراكات
التي يقيمها مهرجان دبي السينمائي الدولي مع الجهات والمؤسسات الدولية
الرائدة في صناعة السينما والأفلام عالمياً، على أسس الاحترام والتفاهم
المتبادل، وهدف توسيع الآفاق وتعزيز التبادل الثقافي عبر هذا القطاع
الحيوي، فضلاً عن توفير بيئة حاضنة ومشجعة للمواهب الجديدة تسهم في دعم
وتطوير الأفلام العربية.
منصات العمل
يعد سوق فينيسيا السينمائي، واحداً من أفضل منصات العمل لمحترفي
السينما، المشاركين في مهرجان فينيسيا السينمائي، كما يمثل فرصة عرض فريدة
للأفلام العربية المشاركة، كونه أحد أهم وأعرق مهرجانات السينما الأوروبية،
ومنصة تواصل مع أحد أهم الأسواق في أوروبا. وسيتمّ ادراج الأفلام المشاركة
في مكتبة الفيديو الرقمية الخاصة بأفلام المهرجان، ما يزيد من ترويجها
وانتشارها تجارياً.
النهار الكويتية في
03/09/2012
انقسام في مهرجان البندقية حول فيلم المخرج تيرينس ماليك
رويترز/ البندقية (إيطاليا) من مايك كوليت وايت
أحدث المخرج الأمريكي تيرينس ماليك انقساما في مهرجان البندقية
السينمائي الدولي مثلما لم يفعل أي مخرج على الساحة الان وقوبل فيلمه (يا
للعجب)
To the Wonder الذي يدور حول الحب والوفاء لدى عرضه في المهرجان يوم الأحد برفض
قابله نفس القدر من الترحيب. والفيلم هو ثاني أفلام ماليك في غضون عامين
بعد فيلم (شجرة الحياة)
The Tree of Life
الذي فاز بجائزة السعفة الذهبية لأحسن فيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي
العام الماضي.
ويتنافس فيلم (يا للعجب) للفوز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان
البندقية والتي تعادل السعفة الذهبية في مهرجان كان ويخوض المنافسة ضمن 18
فيلما في المسابقة الرئيسية بالمهرجان إلا أنها ستكون مفاجأة كبرى إذا أعلن
عن فوزه بالجائزة في حفل الختام المقرر يوم السبت. ولم يحضر ماليك الذي
يخجل من الظهور الإعلامي الى ايطاليا للترويج لفيلمه قبل العرض العالمي
الأول له في مهرجان البندقية ولم يحضر من طاقم الممثلين الرئيسيين في
الفيلم سوى اولجا كوريلنكو التي أجرت المقابلات وواجهت عدسات المصورين. كما
لم يحضر إلى البندقية النجوم بن افليك وريتشيل مكادامز وخافيير بارديم مما
خلف أجواء عكسية على واحد من أكبر الأفلام التي انتظرها النقاد في مهرجان
هذا العام.
وتدور أحداث الفيلم حول شخصيتي افليك وكوريلنكو الممثلة الأوكرانية
المولد التي ما زال الناس يتذكرونها بشخصية كاميل التي أدتها في فيلم جيمس
بوند (العزاء الاخير)
Quantum of Solace
وهما في الفيلم عاشقان لا يمكنهما العيش معا. وتنتقل الشخصية التي تؤديها
كوريلنكو من باريس إلى بلدة صغيرة في الولايات المتحدة وبعد أن تكافح
للتأقلم على حياتها الجديدة تقرر العودة لفرنسا. وتقيم الشخصية التي يؤديها
افليك علاقة غرامية مع صديقة قديمة تقوم بدورها مكادامز قبل أن تعود شخصية
كوريلنكو. ويظهر الممثل الاسباني بارديم في شخصية قس مضطرب يعيش أزمة
متعلقة بالايمان مما يوسع نطاق الفيلم ليشمل نواح دينية إلى جانب الجسدية
والعاطفية. والنقطة الأكثر إثارة للجدل في فيلم (يا للعجب) ليست هي الحكاية
على أية حال. فالفيلم لا يحتوي على الكثير من الحوار وتطغى عليه عبارات
ترددها الشخصيات ويظهر افليك بدون مشاعر وهناك أيضا الكثير من اللقطات
القريبة من وجوه الممثلين في ضوء الشمس ويرقص الممثلون ويقفزون وسط الحقول
والحدائق. ولهذا تباينت أراء النقاد في الفيلم.
وكتب تود مكارثي في مجلة (ذا هوليوود ريبورتر) يقول "مهما حقق ماليك
من حرفية الا ان الفيلم خاصة الساعة الثانية الشاقة منه تجيء بلا هدف محدد.
"الفيلم بدون موزع داخلي حاليا وسيجد...صعوبة في الحصول على جمهور يذهب
لمشاهدته في أي سوق." لكن مجلة فارايتي وصفت الفيلم بأنه "ساحر" ووصفت
ماليك بأنه "مخرج لم يفقد قدرته على التحرك والابهار."
إيلاف في
03/09/2012 |