تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

بلا قصة والمشاهد مشغولة بكاميرا ديجيتال

"خزانة الجرح" مجرد فيلم عن حرب العراق

محمد رضا

الفيلم الجديد للمخرجة كاثرين بيجلو مدّته ساعة و30 دقيقة، وقبل نحو ثلث ساعة من نهايته يصيح عراقي تم شحنه بألغام مربوطة الى جسده بأسلاك وأقفال بأنه رب أسرة وهو لا يريد أن يموت.

المشهد يقع في بغداد والفريق الأمريكي المتخصص بمعالجة المتفجّرات وإبطالها إذا أمكن تصل الى حيث تم إيقاف الرجل في ساحة خالية محاطاً بأفراد الجيش الأمريكي وأحد المترجمين المتعاونين معهم. الرجل الذي تم ربطه الى تلك المتفجرات يبدو كما لو كان يعني فعلاً ما يقول. إنه يناشد الأمريكيين التدخل لفك الأحزمة الناسفة من حوله لأنه يريد أن يعيش. اليه يتقدّم وليام جيمس (جيريمي رَنر)، المجنّد المتخصص في هذه العمليات لاستطلاع حالته. ترتاب وأنت تشاهد فيلماً مؤلفاً من رصد الحركات تسجيلياً، إذا ما كان العراقي هو الفخ ذاته وسوف يضغط على زر يفجّر به نفسه والأمريكي القريب منه. لكن الرجل يعني ما يقول. المأساة هي أن المتفجّرات موقوتة وهناك دقيقتان تتسارعان صوب نهايتهما لا تكفيان لكسر كل تلك الأقفال المحكمة حوله. ينظر اليه الأمريكي ويقول له: “آسف، لا أستطيع فعل شيء. ليس هناك وقت”. يصرخ الرجل به لينقذه مراراً، لكن الجندي وقد بقي من الوقت خمس وأربعين ثانية يتراجع ويركض مبتعداً. يتلو العراقي الشهادة وتنفجر العبوّات المربوطة الى جسده.

لكي يصل المشاهد الى هذا المشهد من الفيلم الجديد “خزنة الجرح” يمر بسلسلة متعاقبة من عمليات فك ألغام وإبطال مفعول متفجّرات وتفادي الكمائن. فيلم المخرجة التي يتألّف تاريخها السينمائي من أفلام أكشن بوليسية ومستقبلية مثل “أيام غريبة” و”الفولاذ الأزرق” و”بوينت بريك” عادة ما يخرجها رجال، لا يحتوي على قصّة تبدأ وتنتهي تبعاً لحبكة. إنه عبارة عن مشاهد من أرض المعركة مشغولة بكاميرا ديجيتال جديدة اسمها “Aaton A Minima” توصف بأنها أصغر كاميرا تصوير مع كل المواصفات التي تحتويها الكاميرات الأكبر حجماً. التصوير تم في الأردن (وبعض المشاهد في الكويت) لكن الأحداث كلها في أتون حرب العراق سنة 2004 والاختصاصي وليام جيمس يعمل في وحدة بقيادة سيرجنت أفرو-أمريكي اسمه سانبورن (أنطوني ماكي). وفي بداية الفيلم نشهد اختصاصياً آخر يقوم بالمهام المطلوبة منه لتعطيل متفجّرات وسط الشارع. السيرجنت ومجنّد شاب اسمه الدريدج (برايان جيراتي) يحرسانه. الاختصاصي يكتشف أن السلك متصل بأسلاك عدّة في الوقت الذي يشاهد فيه السيرجنت عراقياً يحمل هاتفاً نقّالاً. يطلب منه أن يرميه لكن الرجل يضغط الزر فينفجر المكان ويُقتل الاختصاصي على الفور ليحل محله وليام جيمس القادم من أفغانستان والذي لا يُبالي بالتعليمات. جزء من الفيلم يقوم على العلاقة المتوتّرة بين السيرجنت والمتخصص. الأسود والأبيض، لكن الجزء الشامل والأكثر تأثيراً يقوم على الخطر المكثّف الذي يعيشه الجنود الأمريكيون في العراق.

يحاول الفيلم ألا يكون سياسياً، لكن السياسة فيه: طوال الفيلم ترصد عدم ثقة الأمريكيين بالعراقيين وعدم ثقة العراقيين بالأمريكيين أيضاً. وهو لا يستطيع إلا أن يتحدّث بصفة “أولادنا في أرض المعركة”، لكنه على ذلك فيلم معاد للحرب ولا يمجّدها بل يسجّل روتينا من المجابهات الحادة التي تضع المقاتل والمواطن على جانبي عملة واحدة: لكي يعيش هذا على الثاني ان يموت او العكس.

في مطلع الفيلم عبارة تقول: “الحرب مخدّر”، وفي نهايته يرفض المجنّد وليام جيمس الحياة المدنية. كان عاد الى أمريكا. زار زوجته وطفله، لكنه في المشهد التالي نراه وقد عاد الى أرض الرحى. النهاية ذاتها من حيث الحديث عن أن أثر الحرب كامن في عدم قدرة جنود التآلف مع الحياة المدنية بعد الخدمة ومؤاثرتهم العودة الى العراق، موجود أيضاً في بضعة أفلام أخرى تعرّضت لتلك الحرب بينها “وادي إيلاه” و”وطن الشجعان” والفيلم الجيّد (الذي أخرجته أيضاً امرأة هي كمبرلي بيرس) “ايقاف الخسارة”.

هوليوود وفّرت أفلاماً عديدة تناولت الحرب العراقية في السنوات الثلاث الماضية، مثل “المحظوظون” و”أسود كحملان” و”البركة ولّت” وفيلم برايان دي بالما المشابه في تركيبته لسرد الرواية في أسلوب وثائقي “تنقيح” الذي صوّره أيضاً بكاميرا دجيتال لزوم الأشرطة التي تريد وضعك في قلب ما يدور.

معظم هذه الأفلام كانت معادية

للحرب وليس منها ما حقق نجاحاً تجارياً ما استدعى توقّف هوليوود عن إنتاجها.

 

الأبعاد الثلاثية محوركوميك-كون

الرابح الأكبر في مؤتمر “كوميك- كون” الذي انتهى قبل أيام والذي أقيمت مناسبته الأربعين في مدينة سان دياجو بولاية كاليفورنيا، هو نظام الأبعاد الثلاثية الذي غزا صالات السينما وجمهورها بدءاً من العام الماضي ومن المتوقع أن يحتل المزيد من الشاشات فيما تبقّى من هذا العام والأعوام المقبلة.

كوميك-كون، ليس مهرجاناً لسينما الأنيماشن والخيال العلمي والغرائبيات، حيث تترعرع أفلام الأبعاد الثلاثية، بل مجرّد معرض للأفلام من الأنواع المذكورة ومصادره من مجلات كوميكس وألعاب فيديو كما للنظم التقنية والمنتجات المتخصصة بالمؤثرات البصرية.

والداخل إليه يسمع قبل أن يرى. معظم من يدلف الى الباحة الكبيرة التي تصطف على أركانها وفي ممراتها الشركات المساهمة في المعرض سرعان ما كان يضع يديه فوق أذنيه ليحجب عنهما احتمال أن يُصاب بالطرش من قوّة الموسيقا الهادرة في المكان. موسيقا أفلام من نوع “أفاتار” و”آيرون مان 2” والنسخة الجديدة من “ترون” وفيلم رونالد إيميريش الجديد “2012” وسواها.

لكن إذ عرضت هوليوود بعض الأفلام الجديدة التي ستبدأ الانطلاق الى الشاشات الغرائبية قريباً، فإن الإصرار على دفع “أجندة” الأبعاد الثلاثية كان واضحاً لما يعنيه ذلك من “بزنس” جديد. والأفلام التي تم تقديم مشاهد منها تتراوح ما بين الثلاث دقائق والخمسين دقيقة هي إنتاجات رئيسية تعكس إيمان شركات الأفلام بالنظام “الجديد- القديم” (نظم الأبعاد الثلاثية انطلقت وخبت أكثر من مرّة في السابق).

أحد هذه الأفلام جديد المخرج ذي الحكايات الغريبة أصلاً تيم بيرتون. إنه استيحاء من رواية “أليس في بلاد العجائب”، إحدى الروايات الشعبية الأكثر انتشاراً والتي تم تقديمها على الشاشة أكثر من مرّة. هذه المرّة يقوم جوني دب (الصورة) بأداء إحدى شخصياتها الأساسية في فيلم يمزج الحي بالأنيماشن، فيلم آخر تخبئه هوليوود لنهاية العام هو “أنشودة الكريسماس” عن رواية شعبية إنما من إخراج روبرت زيميكس الذي سبق له وأن قدّم تجاربه التقنية في فيلم “سبولار أكسبرس” الذي قام ببطولته قبل أربع سنوات توم هانكس. الفيلم الجديد من بطولة جيم كاري.

ديزني، التي تقدّم “أليس في بلاد العجائب” تقدّم فيلم “ترون”. لمن يذكر منّا، كان لديها فيلم بنفس العنوان ظهر قبل نحو 15 سنة، لكن إدارة الشركة تؤكد أن الفيلم الجديد يستعيد الشخصيات لكنه ليس إعادة صنع للفيلم السابق ولا كجزء مكمّل له. مخرج الفيلم جوزف كوزينسكي يؤكد أن الكاميرات المستخدمة في الفيلم تم إنجازها قبل أسابيع قليلة فقط من البدء بالتصوير.

أخيراً، هناك فيلم العودة للمخرج جيمس كاميرون وعنوانه “أفاتار” وهو أنيماشن “علمي - خيالي” تقع أحداثه فوق كوكب يلجأ اليه البشر بعد أن يتم تدمير كوكبهم. كاميرون الذي سبق له وقدّم عدّة أفلام ناجحة من بينها “تيتانك” و”ترميناتور” من أكثر المؤمنين بعصرنة السينما عبر تقنياتها. أمر لا يزال على هوليوود أن تقنعنا به.

 

أوراق ناقد

حكاية أفضل مخرج

باشر فيلم “ضد المسيح” عروضه في لندن غير مقتطع أو مقصوص على الرغم مما يحمله من عنف شديد ومشاهد إباحية ولجوء هيئات دينية واجتماعية الى التنديد مطالبة بالتدخل لحماية الذوق العام من تلك المواقف بقص المشاهد او منع الفيلم من العرض.

وذكّر البعض بالمواقف التي جوبهت بها بضعة أفلام سابقاً مثل “كلوكلوورك أورانج” لستانلي كوبريك وحتى “الصمت” لإنجمار برجمَن. الأول للمشاهد التي تصوّر اغتصاب رئيس زمرة من الفتيان لامرأة، والثاني بسبب مشهد امرأة في مشهد فاضح وآخر لرجل وامرأة معاً في وضع مخل في صالة السينما.

لكن في حين أن “كلوكوورك أورانج” على مباشرته وعنفه تحوّل الى عمل محتفى به (وبعض هذا الاحتفاء يعود الى ما أثاره من مجابهات) وفي حين انتصر النقّاد لفيلم برجمَن الذي في أساسه دراما نفسية ترصد انهيارات أخلاقية، فإن معظم النقد الغربي لم يقف لجانب الفيلم الجديد كما فعل في المرّات السابقة.

لا أقصد بالنقد الغربي اللجوء الى الحذف والمنع، بل نظرة على ما ورد في كتابات النقاد البريطانيين تعكس عدم مبالاة لما قد يحدث للفيلم. والسبب في ذلك أن المخرج الدنماركي لارس ون ترايير خسر تعاطف النقّاد مرتين حين عرض الفيلم على شاشة مهرجان “كان” في مايو/ أيار الماضي، وحين ترأس المؤتمر الصحافي الذي تبع العرض مباشرة وفيه ذكّر النقاد (وتخصيصاً أولئك الذين لم يعجبهم الفيلم) بأنهم ضيوفه في هذه القاعة (أي أنه مارس قدراً من المنع بدوره) مضيفاً بعد قليل بكلمات سجّلت ضده على الفور: “أنا أفضل مخرج في العالم”.

بالنسبة لعدد لا يحصى من النقاد، بينهم هذا الناقد، واستخلاصاً من أفلامه السابقة (إذ لا يصبح المخرج مهماً بفيلم واحد) فإن لارس ون ترايير ليس في قائمة العشرة الأول من المخرجين.

وفي يقين وعرف الجميع أنك لا تطلق على نفسك اللقب الذي تريد بل يطلقه عليك الآخرون إذا اقتنعوا. ولارس ون ترايير أنجز، في مرحلته الأولى، أفلاماً جيّدة، لكنه فيما بعد لم يقنع أحداً بأنه جيّد وفيلمه الجديد الذي عنه أطلق ذلك الحكم يبدو أسوأها.

م .ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

02/08/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)