تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

انتصار تاريخى للسينما المصرية:

«المسافر» فى المسابقة الرسمية لأعرق مهرجانات السينما فى العالم

كتب   سمير فريد

الفنان خالد النبوى فى مشهد من فيلم «المسافر» الذى يشارك فى المسابقة الرسمية بالمهرجان

فى مؤتمره الصحفى المنتظر، الذى عقد فى روما ظهر أمس، أعلن ماركو موللر، مدير مهرجان فينسيا السينمائى الدولى عن اختيار الفيلم المصرى «المسافر» إخراج أحمد ماهر، للعرض فى مسابقة الدورة الـ٦٦ التى تنعقد من ٢ إلى ١٢ سبتمبر المقبل، وهو أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم، وأحد أهم ثلاثة مهرجانات مع كان وبرلين من بين أكثر من ألف مهرجان للسينما تقام سنوياً فى مختلف القارات.

كما أعلن موللر عن اختيار الفيلم المصرى «احكى يا شهرزاد» إخراج يسرى نصرالله، للعرض خارج المسابقة، والفيلم المصرى «واحد صفر» إخراج كاملة أبوذكرى للعرض فى برنامج «آفاق» خارج المسابقة، وإن كان للبرنامج جائزة واحدة لأحسن فيلم روائى وأخرى لأحسن فيلم تسجيلى. وبذلك يعرض المهرجان ثلاثة أفلام مصرية، وهو حدث غير مسبوق فى تاريخ المهرجانات الكبرى الثلاثة.

«المسافر» أول إنتاج سينمائى لوزارة الثقافة منذ عام ١٩٧١، وأشرف الفنان فاروق حسنى على إنتاجه، وقام على أبوشادى بمهمة المنتج الفنى، واشترك فى تمثيله عمر الشريف وخالد النبوى وسيرين عبدالنور، وعبدالعزيز مخيون وعدد كبير من الممثلين والممثلات، ومن المواهب المصرية الكبرى وراء الكاميرا مصمم الديكور أنسى أبوسيف، والموسيقى فتحى سلامة، والمونتير تامر عزت، إلى جانب مدير التصوير الإيطالى ماركو أونوراتو وهو أول فيلم طويل يكتبه ويخرجه أحمد ماهر «٤٠ سنة».

كانت «المصرى اليوم» قد توقعت اختيار« المسافر» للمسابقة، و«واحد صفر» لبرنامج «آفاق» وأفلام أخرى، فى عامود «صوت وصورة» يوم ٢٧ أبريل الماضى، كما أكدت توقع اختيار «المسافر» للمسابقة أمس، واختيار «احكى يا شهرزاد» خارج المسابقة أمس الأول.

وفى اتصال تليفونى مع أحمد ماهر من روما، حيث يشرف على إعداد وترجمة نسخة «المسافر» التى ستعرض فى المهرجان، عبّر الفنان الشاب عن سعادته البالغة باختيار الفيلم للمسابقة، وقال إنه يهدى هذا الاختيار إلى الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة، الذى لولاه ما تمكن من إنجاز الفيلم، وأنه يشعر أخيراً بالراحة النفسية لأن أموال دافعى الضرائب من المصريين التى تكلفها الفيلم لم تذهب سدى، وإنما حققت هذا الانتصار الكبير لمصر والسينما المصرية، وأنه حصد ثمرة عشر سنوات كاملة قضاها من أجل صنع الفيلم.

يقول أحمد ماهر: يعتبر الفيلم من بدايته معجزة لأن الإعداد له استغرق ٩ سنوات منها ٤ سنوات فى كتابة السيناريو، و٢ فى البحث عن تمويل فى أوروبا، و٣ سنوات تحضيراً وتصويراً ومونتاجاً، والأخير استغرق عاماً كاملاً فى إيطاليا، وقد استعنت بكل العناصر الفنية المشتركة فى الفيلم من إيطاليا، وساعدنى الإنتاج المصرى بدعم مالى كبير، وصبرت وزارة الثقافة علىَّ طوال مدة التصوير، والإنتاج ليس أموالاً فقط، فقد تركت لى الحرية فى التصرف، وعدم الضغط بتحديد موعد لعرض الفيلم، مما جعلنى أعمل بحرية، ووصلت تكلفة الفيلم إلى ٢٠ مليون جنيه، لكنه يستطيع تغطية تكلفته وتحقيق أرباح من خلال عرضه فى أماكن مختلفة فى الخارج، فهو مننوعية أفلام يوسف شاهين التى تظل طوال العمر تحقق أرباحاً، وقد قررت بعد الانتهاء من الفيلم الاشتراك به فى ثلاثة مهرجانات هى «فينسيا» و«كان» و«برلين» لأن وراءهم شركات إنتاج ضخمة.

وأضاف: ولأن المخرجين الكبار اتجهوا هذا العام إلى «فينسيا» وتركوا «كان»، اتصل مدير المهرجان «ماركو موللر» لمشاهدة الفيلم فى المعمل، وأعجب به، وقال: «كنت أتمنى دائماً مشاهدة فيلم من مصر ليعرض فى المهرجان»، وقال لى جملة لن أنساها وهى: «هذا الفيلم أمل السينما المصرية لأن به كل مواصفات الفيلم العالمى، وأعظم ما فيه أنه خلط بين سينما نجيب محفوظ وجورجى أمادو، بعدها انتهيت من نسخة الفيلم، ورغم أن موللر وعدنى فقط بالاشتراك فى المهرجان، وسط عدد كبير من الأفلام لكبار المخرجين، إلا أننى قررت المشاركة رغم أن الفرصة كانت تبدو ضعيفة، وبالفعل تم اختيار ٢٠ فيلماً فيها «المسافر» من ٣ آلاف فيلم تقدمت للاشتراك فى المسابقة الرسمية لهذه الدورة، وأعتبر مجرد المشاركة فى المهرجان جائزة كبرى لن، و«المسافر»، هو أول فيلم إنتاج مصرى يشارك فى المهرجان لأن أفلام يوسف شاهين إنتاج أوروبى، والمثير أن المنتجين المصريين رفضوا تمويله بسبب ضخامته ولخوفهم من شباك التذاكر فى الوقت نفسه.

وأعرب الفنان خالد النبوى بطل الفيلم عن سعادته بالمشاركة فى المهرجان، وقال: أنا فرحان جداً، ومبروك للسينما المصرية، ورغم أن هذا الفيلم نتاج جهد مجموعة من الناس على رأسهم المخرج أحمد ماهر، إلا أنه يمثل مصر كلها فى أعرق مهرجانات العالم السينمائية، وأرجو أن يكون هذا الحدث حافزاً لاهتمام الجميع بالسينما. وعبرت سيرين عبدالنور عن فرحتها باختيار الفيلم، وقالت: «فخر لأى فنان أن يشارك فى فيلم تم اختياره فى أهم مهرجان سينمائى فى العالم، وسعادتى لا توصف لأنه أول فيلم مصرى أشارك فيه».

وأعربت كاملة أبوزكرى مخرجة «واحد صفر» عن سعادتها بالاشتراك فى المهرجان، وقالت: «فيلم (واحد صفر) يتنافس مع ١٧ فيلماً فى مسابقة (آفاق)، وهو المصرى الوحيد فى المسابقة، وقد تلقيت خبر مشاركته بسعادة غامرة لأن مهرجان فينيسيا أكبر مهرجان سينمائى فى العالم، وقد اتصل بى ماركو موللر، مدير المهرجان وطلب نسخة (DVD) مترجمة للفيلم، واشترط عدم المشاركة بالفيلم فى أى مهرجان أخر، وكنت قد أرسلت الفيلم إلى إدارة مهرجان «كان»، فسحبت النسخة منه، وأرسلتها إلى (فينسيا)، مع المخرج يسرى نصر الله.

شارك فى التغطية - محسن محمود ومحسن حسنى وحمدى دبش

المصري اليوم في

31/07/2009

 

 

اليوم إعلان برنامج مهرجان فينسيا ونتوقع اختيار «المسافر» فى المسابقة

بقلم   سمير فريد

يعلن ماركو موللر، مدير مهرجان فينسيا السينمائى الدولى، اليوم، برنامج الدورة الـ٦٦ للمهرجان التى تنعقد من ٢ إلى ١٢ سبتمبر المقبل، وهو أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم، وأحد المهرجانات الثلاثة الكبرى بعد برلين فى فبراير وكان فى مايو.

نتوقع اختيار الفيلم المصرى «المسافر» إخراج أحمد ماهر ليكون من بين الأفلام التى تشترك فى المسابقة، وتتنافس على الفوز بجائزة الأسد الذهبى وجوائز المهرجان الأخرى.

أعلنت إدارة المهرجان فى ١٠ يونيو عن فيلم الافتتاح، وهو الفيلم الإيطالى «باريا» إخراج جوزيبى تورناتورى والمتوقع أن يكون فى المسابقة خلافاً لما اعتادت عليه المهرجانات حيث يكون فيلم الافتتاح خارج المسابقة ومن المتوقع أيضاً اختيار الأفلام التالية للعرض فى المسابقة:

إيطاليا

ـ الفضاء الأبيض، إخراج فرانشسكا كومينشينى

ـ نابولى، نابولى إخراج آبل فيرارا

ـ الحلم الكبير إخراج مايكل بلاسيدو

ـ أنا الحب إخراج لوكا جيو دانجنينو

الولايات المتحدة

ـ رجل جاد إخراج جويل واتيان كوين

ـ المرشد إخراج ستينن سودربرج

ـ السيد فوكس الفانتازى إخراج ويز أندرسون

ـ الرأسمالية: قصة حب إخراج مايكل مور

ـ حياة فى زمن الحرب إخراج تود سولوندز

فرنسا

٣٦ سان لو إخراج جاك ريفيت

ـ اضطهاد إخراج باتريس شيرو

ـ مادة بيضاء إخراج كلير دنييس

ألمانيا

ـ ملازم سيئ إخراج ورنر هيرزوج

إسبانيا

ـ آر إيه سى (الجزء الثانى)، إخراج جايومى بالاجيرو وباكو بلازا

أستراليا

ـ الطريق إخراج جون هيلكوت

الصين

ـ المحارب والذئب إخراج تيان زوانج زوانج

النمسا

ـ تجهم إخراج جيسيكا هاوزنر

سويسرا

ـ نعناع إخراج بيبيلوتى ريست

وكانت إدارة المهرجان قد أعلنت فى ٢٧ فبراير عن اختيار فنان السينما التايوانى العالمى آنج لى لرئاسة لجنة التحكيم ومن الجدير بالذكر أن دورة ٢٠٠٩ تنعقد أثناء بناء قصر المهرجان الجديد (١٠٠ مليون دولار أمريكى) والمقرر افتتاحه العام المقبل بأحدث أفلام التحريك لشركة بيسكار الأمريكية.

المصري اليوم في

30/07/2009

 

 

«احكى يا شهرزاد» فى مهرجان تورونتو ومرشح بقوة للعرض فى مهرجان فينسيا

بقلم   سمير فريد

أعلنت إدارة مهرجان تورونتو السينمائى الدولى الذى يعقد دورته الـ٣٤ فى المدينة الكندية من ١٠ إلى ١٩ سبتمبر عن اختيار الفيلم المصرى «احكى يا شهرزاد» إخراج يسرى نصر الله للعرض فى برنامج «عروض خاصة»، كما أن الفيلم مرشح بقوة للعرض فى مهرجان فينسيا السينمائى الدولى الـ٦٦، الذى ينعقد فى المدينة الإيطالية من ٢ إلى ١٢ سبتمبر خارج المسابقة. غدًا يعقد ماركو موللر، مدير مهرجان فينسيا فى روما مؤتمرًا صحفيًا يعلن فيه برنامج المهرجان كاملاً وأعضاء لجنة التحكيم.

انعقاد المهرجانين فى الشهر نفسه، بل التداخل بينهما فى يومين هذا العام، وأحيانًا أكثر من يومين فى أعوام أخرى، يجعل المنافسة بينهما شديدة فى الحصول على العروض العالمية الأولى للأفلام المنتظرة والمتميزة، وهو موضوع التنافس بين كل المهرجانات، ولكن مهرجان فينسيا أعرق مهرجانات العالم، ومسابقته هى المسابقة الثالثة الكبرى بعد مسابقة مهرجان برلين فى ألمانيا فى فبراير،

ومسابقة مهرجان كان فى فرنسا فى مايو، بينما مهرجان تورونتو من دون مسابقة، وأقرب إلى صيغة مهرجان المهرجانات، أى عرض أهم ما عرض فى مهرجانات العام،

ولكنه يستمد أهميته من انعقاده فى قلب السوق الأمريكية أكبر أسواق العالم «يقصد بالسوق الأمريكية سوق الولايات المتحدة الأمريكية وكندا»، وأصبح منذ نحو عشر سنوات يمثل بداية السباق نحو جوائز الأوسكار الأمريكية، خاصة لانعقاده بعد مهرجان فينسيا.

ومنذ تولى ماركو موللر إدارة مهرجان فينسيا عام ٢٠٠٤، ظلت المنافسة قائمة بين المهرجانين بالطبع، كما هى بين كل المهرجانات للحصول على العروض العالمية الأولى، ولكنه استطاع بخبرته الكبيرة، أن يجعل من تورونتو، وكأنه سوق مهرجان فينسيا،

والمعروف أن فينسيا من دون سوق على العكس من برلين وكان، ولذلك يرحب بمشاركة أفلام يختارها فى فينسيا فى مهرجان تورونتو أيضًا، على أن يكون العرض الأول فى فينسيا فى الأيام التى يتداخل فيها المهرجانان، ومن الأفلام المصرية المتوقع عرضها فى تورونتو هذا العام أيضًا «المسافر» إخراج أحمد ماهر، و«هليوبوليس» إخراج أحمد عبدالله، وكلاهما الفيلم الطويل الأول لمخرجه.

فاز تورونتو بالعرض العالمى الأول فى الافتتاح للفيلم البريطانى «خلق» إخراج جون إميل عن حياة داروين مؤلف «أصل الأنواع» بمناسبة مرور مائتى عام على مولده هذا العام، وهو الكتاب الذى يعتبر من الكتب المحورية فى تاريخ الفكر الإنسانى، ولا يزال يثير المناقشات حتى اليوم، كما فاز بالعرض العالمى الأول لأفلام أخرى مثل «أوندين» إخراج نيل جوردان، وغيره من الأفلام المنتظرة.

المصري اليوم في

29/07/2009

 

 

اليوم الذكرى الأولى لوفاة فنان السينما المصرى العالمى يوسف شاهين

بقلم   سمير فريد

اليوم تمر سنة على وفاة فنان السينما المصرى العالمى الكبير يوسف شاهين (١٩٢٦ - ٢٠٠٨). ينظم مركز الفنان بمكتبة الإسكندرية، الذى يرأسه المايسترو ومؤلف الموسيقى شريف محيى الدين، ندوة خاصة فى الثامنة مساء يحضرها عدد من صناع السينما وتلاميذ الأستاذ، وتشمل نموذجا من الحلقات التليفزيونية التسجيلية التى أعدتها منى غندور.

منذ يناير الماضى تطلق البرامج السينمائية بمركز الفنون فى المكتبة على عام ٢٠٠٩ «عام يوسف شاهين» حيث بدأت فى ٢٥ يناير، وهو يوم ميلاده، عرض كل أفلامه القصيرة، وأغلب أفلامه الطويلة (٢٦ فيلماً من ٣٧)، وتخصص النشرة الشهرية للبرامج السينمائية أغلب صفحاتها عن يوسف شاهين، وينسق البرامج المخرج الشاب أحمد نبيل.

ومن المعروف أن العديد من المهرجانات السينمائية التى عقدت فى النصف الثانى من العام الماضى بعد وفاة الفنان الكبير اهتم بتوجيه التحية إلى اسمه، وأهمها مهرجان فينسيا أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم الذى أهدى دورة المهرجان إليه، ومهرجان لوكارنو،

فضلاً عن المهرجانات الدولية والإقليمية فى العالم العربى من قرطاج فى تونس إلى دبى فى الإمارات، ومن دمشق فى سوريا إلى مراكش فى المغرب، وتميز مهرجان الشرق الأوسط فى أبوظبى بإقامة معرض صور ووثائق من مائة لوحة.

وبالطبع اهتمت مهرجانات السينما الدولية فى مصر بوفاة الفنان، فأقيمت ندوة فى مهرجان الإسكندرية، وعرضت أفلامه القصيرة فى مهرجان الإسماعيلية، وأصدر مهرجان القاهرة كتاباً اشترك فيه وليد سيف وفاروق عبدالخالق ونادر عدلى ومحمود قاسم وصفاء الليثى،

ولكن ظل اهتمام هذه المهرجانات أقل من المتوقع للفنان الذى وضع السينما المصرية على خريطة السينما فى العالم طوال ثلاثة عقود، فلم يتم اختيار أى فيلم لأى مخرج سواه فى مسابقات المهرجانات الكبرى (كان وفينسيا وبرلين)، ولم تفز السينما المصرية بأى جائزة فى هذه المهرجانات الثلاثة سوى الجائزة التى فاز بها عن «إسكندرية.. ليه» عام ١٩٧٩، وهى جائزة لجنة التحكيم الخاصة، إلى جانب فوزه بالسعفة التذكارية لدورة اليوبيل الذهبى لمهرجان «كان» عام ١٩٩٧ عن مجموع أفلامه.

وقد صدرت عن يوسف شاهين ثلاثة كتب أخرى غير كتاب مهرجان القاهرة فى العام الذى مضى منذ وفاته هى كتاب سيناريو «إسكندرية.. ليه» عن مجلة «جود نيوز سينما» إعداد عصام زكريا وشيماء سليم، وكتاب عصام زكريا عن دار سمات، وكتاب مصطفى محرم عن الهيئة العامة للكتاب.

وفى الذكرى الأولى لوفاته اليوم يصدر عن دار الشروق كتاب الناقد اللبنانى الكبير إبراهيم العريس.

المصري اليوم في

27/07/2009

 

 

غداً الإسكندرية تحتفى بالذكرى الأولى لوفاة الفنان يوسف شاهين

بقلم   سمير فريد

تحل غداً الذكرى السنوية الأولى لوفاة فنان السينما المصرى العالمى يوسف شاهين. أمس واليوم تعرض قناة الأفلام فى شبكة راديو وتليفزيون العرب آخر حديث تليفزيونى للفنان الكبير أجراه مع المذيعة والممثلة صفاء أبوالسعود، أثناء حضوره مهرجان فينسيا عام ٢٠٠٧، حيث تم عرض آخر أفلامه «هى فوضى» فى المسابقة، الذى أخرجه مع تلميذه خالد يوسف.

الأربعاء الماضى خصصت جريدة «الشروق» الملحق السينمائى، الذى تصدره كل أربعاء فى صفحتين ليوسف شاهين، وكتب الناقد الكبير كمال رمزى مقالاً كشف فيه وجهة نظره فى مسيرة الفنان قائلاً إنه «ليس مجرد مخرج حرفى ماهر وحسب، بل فنان صاحب رؤية عبر أفلامه جميعاً، تتنوع وتتطور من عمل لآخر، لكن تظل محتفظة بجوهرها، فالرغبة فى الرحيل من الجنوب القاسى إلى الشمال المترع بالآمال، المنفتح على آفاق أوسع، من الآمال التى تتوافر فى أفلامه، وقد تتحول إلى هاجس عند العديد من أبطاله».

غداً فى الثالثة بعد الظهر يقام قداس خاص فى كنيسته بالإسكندرية حيث ولد ودُفنَ، وفى الخامسة يفتتح محافظ الإسكندرية عادل لبيب الشارع الذى قررت المحافظة أن يُسمى باسمه، وفى الثامنة مساءً تنظم البرامج السينمائية بمركز الفنون فى مكتبة الإسكندرية ندوة خاصة بالتعاون مع مؤسسة يوسف شاهين.

تستمر الندوة لمدة ساعتين حتى العاشرة مساءً، ويحضرها عدد كبير من الفنانين، وتتضمن عرضاً لحلقة لم تعرض من قبل مدتها نصف ساعة، من حلقات المسلسل التسجيلى الذى أخرجته منى غندور فى ١٥ ساعة من إنتاج شركة مصر العالمية، التى أسسها شاهين عام ١٩٧٢، ويديرها ابن شقيقته المنتج والموزع جابى خورى. وفى الندوة تعلن ابنة شقيقته المخرجة والمنتجة ماريان خورى ومديرة مؤسسة يوسف شاهين عن إطلاق موقع المؤسسة على شبكة الإنترنت.

وفى نفس يوم الذكرى الأولى غداً ينظم مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية فى المغرب ندوة خاصة عن يوسف شاهين، يحضرها عزت العلايلى الذى مثل معه فى «الأرض» و«الاختيار» و«إسكندرية ليه» ويديرها نورالدين صايل، مدير المركز القومى للسينما فى المغرب، وتنظم الهيئة الملكية الأردنية للسينما فى العاصمة الأردنية عمان يوماً خاصاً تعرض فيه «العصفور» و«إسكندرية نيويورك».

أما متحف يوسف شاهين فلم يزل حلماً لم يتحقق بعد، ولعله يتحقق مع الذكرى الثانية.

المصري اليوم في

26/07/2009

 

 

كيف نرفض جائزة دولية لأن إسرائيلياً اشترك فى لجنة التحكيم؟

بقلم   سمير فريد

فاز الفيلم السورى «الليل الطويل» إخراج حاتم على بالجائزة الذهبية لأحسن فيلم فى مسابقة مهرجان تاورمينا الدولى الـ٥٥ فى إيطاليا، وهى المسابقة المخصصة لأفلام دول البحر المتوسط. هذا هو العام الثانى على التوالى الذى يفوز فيه فيلم عربى بالجائزة الكبرى بعد فوز الفيلم المصرى «عين شمس» إخراج إبراهيم البطوط العام الماضى، والذى يحمل الجنسية المغربية لأن مخرجه صوره دون تصريح مسبق من الرقابة، ولكنه يظل فيلماً مصرياً رغم أنف القانون البيروقراطى العقيم.

جاء فى براءة الجائزة التى أصدرتها لجنة التحكيم أن سبب فوز «الليل الطويل» أنه «يعالج بأسلوب راق وسينمائى قصة تتناول قضايا أخلاقية وسياسية».

وفاز بجائزة أحسن إخراج فى نفس المسابقة الفيلم المغربى «كازانجرا» إخراج نور الدين نجمارى. وتكونت اللجنة من الممثلة الأمريكية آمى مولينر، والمخرج الفرنسى لوران كانتيه الفائز بالسعفة الذهبية فى مهرجان «كان» العام الماضى عن فيلمه «الفصل الدراسى»، والمخرج الإسرائيلى آرى فولمان الذى أخرج فيلم التحريك «الرقص مع بشير» الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» العام الماضى، وحقق نجاحاً دولياً كبيراً، ويعتبر من أعظم الأفلام التى دافعت عن حقوق الشعب الفلسطينى وأدانت غزو لبنان ومذبحة صابرا وشاتيلا بوضوح لا يقبل الالتباس.

ومن اللافت أن «الليل الطويل» مثل «عين شمس» من الإنتاج المستقل الذى صور ديجيتال وتحول إلى شريط سينما. وقد قام فنان السينما والتليفزيون السورى الكبير هيثم حقى بتأليفه وإنتاجه.

وحسب ما نشر يدين الفيلم الاعتقالات السياسية فى سوريا، وإنتاجه فى الوقت الذى لا تزال فيه الاعتقالات مستمرة يعنى الكثير، وأهم ما يعنيه أن ربيع دمشق الذى لاح فى الأفق منذ سنوات واختفى بسرعة البرق ربما يبدأ من جديد مع الموافقة على عرضه، وإعلان نهاية «الليل الطويل» الذى آن له أن ينتهى.

 ومن اللافت أيضاً أن مخرج الفيلم حاتم على غادر مهرجان تاورمينا عندما علم أن من بين أعضاء لجنة التحكيم مخرجاً إسرائيلياً، ورفض الحضور لتسلم الجائزة لنفس السبب.

فكيف اشترك وقد أعلن تشكيل اللجنة قبل شهرين من افتتاح المهرجان، وكيف يرفض تسلم جائزة فى مهرجان دولى فى إيطاليا لم تحصل عليها السينما السورية فى كل تاريخها لأن إسرائيلياً اشترك فى لجنة التحكيم؟ ما الفائدة التى يحصل عليها الشعب الفلسطينى الذى تؤيده سوريا، وما الضرر الذى وقع على إسرائيل من هذا الموقف؟!

المصري اليوم في

24/07/2009

 

 

عماد حمدى نجم الطبقة الوسطى فى العصر الذهبى

بقلم   سمير فريد

يعتبر عماد حمدى (١٩٠٩-١٩٨٤) من كبار نجوم التمثيل فى تاريخ السينما المصرية فى العصر الذهبى الأول لهذه السينما من ١٩٤٥ إلى ١٩٦٥. وقد ظل يمثل منذ ١٩٤٥ إلى ١٩٨٢، وحافظ دائماً على تمثيل الأدوار الملائمة لعمره، والتكيف مع كل مرحلة من مراحل هذا العمر. وفى أفلامه مثل مع كبار نجوم العصر الذهبى، وكبار مخرجيه.

كان عماد حمدى أول نجم كبير فى السينما المصرية يعبر عن الطبقة الوسطى تعبيراً دقيقاً منذ أول أفلامه «السوق السوداء» إخراج كامل التلمسانى (١٩١٥-١٩٧٢) عام ١٩٤٥، إلى آخرها «سواق الأوتوبيس» إخراج عاطف الطيب (١٩٤٧-١٩٩٥) عام ١٩٨٢.

وقد أهله لذلك موهبته الأصيلة، وملامح وجهه المصرية الخالصة، فهو فارع الطول، أسمر البشرة، أسود العينين، مجعد الشعر، وفى كلمة واحدة كان يبدو رجلاً «عادياً» يمكن أن تلتقى به على قارعة الطريق فى أى مدينة مصرية، وليس مثل كبار النجوم الآخرين فى عصره، والذين يتمتعون بمزايا «خاصة» مثل كبار نجوم هوليوود ونجوم السينما فى كل مكان.

يقول الصحفى والشاعر صالح جودت (١٩١٢-١٩٧٦) فى مقال عن عماد حمدى (الكواكب ١٨ نوفمبر ١٩٥٢) وكان زميله فى مدرسة التجارة العليا «لو تأملت وجه عماد حمدى لما وجدت فيه هذا الجمال الذى تجده فى وجوه أنور وجدى وكمال الشناوى ومحمد فوزى وغيرهم من فتياننا الأوائل على الشاشة.

ولكن فى عماد شيئاً أقوى من الجمال، هو الرجولة فى وجهه وفى صوته وفى قوامه وفى مشيته وفى تصرفاته». وما يعتبره صالح جودت من سمات «الرجولة» فى عماد حمدى صحيح، ولكن اختيار كامل التلمسانى له لتمثيل دور أفندى الطبقة الوسطى فى «السوق السوداء»، لم يكن بسبب تلك السمات، وإنما لأنه كان يبدو «عادياً»، وليس مثل نجوم السينما الآخرين.

وكان التلمسانى ضد نظام النجوم وضد مدرسة هوليوود فى السينما عموماً، وكان «السوق السوداء» أول أفلامه كمخرج، كما كان أول أفلام عماد حمدى كممثل، وأول فيلم مصرى واقعى سياسى بالمفهوم الحديث للسينما السياسية فى العالم أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-١٩٤٥).

فشل «السوق السوداء» تجارياً مثل أغلب الأفلام الطليعية التى لم يعتد عليها الجمهور، ولكنه نجح فى جذب الانتباه إلى «الوجه الجديد» عماد حمدى، ومواصفاته الجديدة كنجم. ولم يكن من الغريب أن يكون الفيلم الثانى للفنان «دايماً فى قلبى» إخراج صلاح أبوسيف (١٩١٥-١٩٩٦) عام ١٩٤٦، وكان الفيلم الطويل الأول لمن سيصبح سيد الواقعية فى العصر الذهبى، فمن يكون غير عماد حمدى لتمثيل دور الأفندى عند أهم من عبر عن الطبقة الوسطى فى السينما المصرية.

وكما ارتبط أبوسيف بالكاتب نجيب محفوظ (١٩١١-٢٠٠٦) أديباً وسينمائياً، وهو أيضاً أهم من عبر عن الطبقة الوسطى فى الأدب المصرى، ارتبط عماد حمدى بالعديد من الأفلام التى كتبها محفوظ أو أعدت عن أعماله الأدبية، وفى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام ١٩٧٦ فاز بجائزة أحسن ممثل عن دوره فى «المذنبون» إخراج سعيد مرزوق عن قصة «صورة» من قصص محفوظ القصيرة.

وعندما توفى عماد حمدى قال عنه نجيب محفوظ (الجمهورية ٢٩ يناير ١٩٨٤) «كان من القلة النادرة التى كلما تقدم بها العمر ازدادت مواهبها نضجاً. لقد جسد دور أنيس زكى فى (ثرثرة فوق النيل) أفضل مما تخيلته، ولا أنسى له دور أحمد عاكف فى (خان الخليلى) على المسرح وعلى الشاشة».

حياته

ولد محمد عماد الدين حمدى الذى عرف بعد ذلك باسم عماد حمدى يوم ٢٤ نوفمبر ١٩٠٩ فى مدينة سوهاج لأم فرنسية وأب مصرى كان يعمل مهندساً فى هيئة القطارات، وولد معه فى نفس اللحظة توأمه عبدالرحمن.

وقبل أن يتم التوأم شهراً نقل الأب إلى القاهرة، وسكن فى حى شبرا، وألحق ولديه بمدرسة «شكور» الفرنسية بجزيرة بدران.

وكان الكاتب المسرحى والشاعر بديع خيرى (١٨٩٣-١٩٦٦) من الجيران، وعهد إليه الأب بأن يعلم محمد وعبدالرحمن اللغة الإنجليزية. وبينما درسا المرحلة الابتدائية فى مدرسة عباس حلمى، درسا المرحلة الثانوية فى مدرسة التوفيقية.

وفى المرحلة الثانوية بدت ميول التوأم إلى التمثيل حيث اشتركا فى فريق التمثيل بالمدرسة، وكانت أول مسرحية اشتركا فى تمثيلها «كوريالينوس» شكسبير إخراج عبدالوارث عسر (١٨٩٤-١٩٨٢)، ثم التحقا بمدرسة التجارة العليا، واشتركا فى فريق تمثيل هذه المدرسة أيضاً، ومرة أخرى كان المخرج هو عبدالوارث عسر الذى لاحظ ميول التوأم، وتوسط لهما للانضمام إلى جمعية أنصار التمثيل والسينما، وهى أول جمعية أنشأت للتمثيل فى مصر عام ١٩١٣، وكان عسر من مؤسسيها وأعضائها النشيطين.

وقد قام عبدالرحمن بدور قصير فى فيلم «عايدة» إخراج أحمد بدرخان (١٩٠٩-١٩٦٩) عام ١٩٤٢، ولكنه لم يحقق نجاحاً يشجعه على الاستمرار فى التمثيل.

تخرج التوأم عام ١٩٣٢، واشتركا مع آخرين فى تأسيس شركة للدعاية والإعلان باسم «شركة لوتس». وبعد عامين حققت الشركة نجاحاً ملموساً فى مجال كان مقصوراً على «الأجانب» بدرجة كبيرة حتى إن طلعت حرب (١٨٦٧-١٩٤١) قام بشراء الشركة لتكون إحدى شركات بنك مصر، ووافق كل الشركاء ماعدا عماد حمدى الذى فضل العمل فى حسابات مستشفى أبو الريش الحكومية.

ويقول عماد حمدى فى مقال بعنوان «قصة حياتى» (الكواكب ١٦ مارس ١٩٥٤) إنه بعد ثلاث سنوات من العمل فى حسابات المستشفى، التقى بالصدفة مع صديقه القديم محمد رجائى (١٩١٠-١٩٨٩) الذى كان مديراً للحسابات فى ستديو مصر، وعرض عليه أن يستقيل من العمل الحكومى ويعمل فى حسابات الاستديو، فوافق، ووجدها فرصة ليكون قريباً من الفن الذى يعشقه.

وبالفعل قام بالتمثيل فى بعض الأفلام القصيرة الإعلانية حتى شاهده كامل التلمسانى فى إدارة الحسابات، وأسند إليه الدور الرئيسى فى فيلمه الأول مقابل مائتى جنيه. ويقول عماد حمدى إن هذا المبلغ كان أكبر مبلغ حصل عليه فى حياته حتى ذلك الحين. وبعد أن لمع اسمه كممثل فى أفلامه الأولى، استقال من استديو مصر عام ١٩٤٩.

يذكر صالح جودت فى مقاله عن عماد حمدى أنه كان فى شبابه «كثير القراءة إلى أبعد الحدود، وكانت لكثرة قراءاته يد طولى فى تكوين شخصيته» ويأخذ عليه أنه لم يعد يقرأ كما كان فى شبابه. ويقول عماد حمدى فى مقاله «قصة حياتى» إنه عندما كان يعمل فى مستشفى أبو الريش التحق بمعهد «بتجرمان» للموسيقى، وبدأ يترجم بعض المسرحيات. ويقول ابنه نادر عنه (أخبار النجوم ٥ أكتوبر ٢٠٠٦) إنه كان يجيد العزف على البيانو مثل والدته الفرنسية، ويجيد رسم البورتريهات، ويهوى تربية الخيول وصيد الأسماك.

تزوج عماد حمدى أربع مرات: الراقصة حورية محمد عام ١٩٤٥ لمدة سنة، والممثلة فتحية شريف عام ١٩٤٦ لمدة ثمانى سنوات، وأنجب منها نادر، والممثلة والمغنية والنجمة الكبيرة شادية عام ١٩٥٣ لمدة سنتين، ثم الممثلة والنجمة نادية الجندى عام ١٩٦٢ لمدة اثنتى عشرة سنة، وأنجبا هشام. وفى السنوات العشر الأخيرة من حياته، وبعد طلاقه من نادية الجندى عام ١٩٧٤، عاش عماد حمدى مع ابنه نادر، وأصيب بالاكتئاب بعد وفاة توأمه عبدالرحمن، ولحق به بعد شهور قليلة يوم ٢٨ يناير ١٩٨٤.

أهم أدواره

ليس هناك إحصاء دقيق بعدد الأفلام أو المسرحيات أو مسلسلات الراديو والتليفزيون التى اشترك عماد حمدى فى تمثيلها. ولكن يكفى للدلالة على أنه كان يختار أدواره بعناية فى ذروة تألقه أن هناك ثمانية من أفلامه فى قائمة أهم مائة فيلم مصرى صدرت عن مكتبة الإسكندرية، وهى فيلماه الأول والأخير، و«حياة أو موت» إخراج كمال الشيخ (١٩١٨-٢٠٠٤)، عام ١٩٥٤، و«لا أنام» إخراج صلاح أبوسيف عام ١٩٥٧، و«أم العروسة» إخراج عاطف سالم (١٩٢٧-٢٠٠٢) عام ١٩٦٣، و«خان الخليلى» إخراج عاطف سالم عام ١٩٦٦، و«الكرنك» إخراج على بدرخان عام ١٩٧٥، و«المذنبون» إخراج سعيد مرزوق عام ١٩٧٦.

المصري اليوم في

16/07/2009

 

 

من الإمبراطور إلى المرشد الأعلى تغير المسمى وظلت الحرية غائبة

بقلم   سمير فريد

تصور البعض أن صرخة فنان السينما الإيرانى محسن ماخمالباف، التى عبر عنها فى حواره مع جيزيل خورى عبر قناة «العربية»، وعرضت لها فى عدد الأربعاء الماضى، هى صرخة من فنان يعيش فى المنفى فى باريس، وبالتالى تأتى ضمن الموقف «الغربى» ضد النظام الإيرانى.

وهذا ظلم شديد للفنان، وتعبير عن العبودية الفكرية بالدوران فى فلك «الغرب» بالسلب أو الإيجاب، تماماً مثل دوران بعض العرب فى فلك «إسرائيل»، فعندما تحتفى إسرائيل بكاتب عربى يصبح موضع الشبهات، وعندما تهاجم آخر يصبح بطلاً، ولا تريد إسرائيل أكثر من ذلك!

لا أدرى متى غادر ماخمالباف إيران، ومتى أصبح يعيش فى باريس، ولكن المؤكد أن هذا حدث منذ شهور معدودة، فالرجل هو ابن ثورة ١٩٧٩ التى أطاحت بالنظام الإمبراطورى، بل هو أحد صناع هذه الثورة رغم أنه كان شاباً فى مقتبل العمر، كما أنه أحد المخرجين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة الذين صنعوا السينما الإيرانية الإسلامية فى ظل النظام «الجديد»، أى السينما التى تلتزم بحجاب الممثلات من سن السابعة إلى سن السبعين، والتى لا تقترب من الدين والجنس والحرية رغم أنها محاور الدراما الثلاثة الرئيسية منذ أن عرفت الإنسانية الدراما فى القرن الخامس قبل الميلاد. والمقصود حرية الفرد، وعلاقته بالجنس الآخر وعلاقته بالوجود.

وفى حواره مع جيزيل خورى قال ماخمالباف إننى أسير بصعوبة حتى الآن لأننى تعرضت للتعذيب فى معتقلات الإمبراطور شاه إيران، وقد كنت عند قيام الثورة من الشباب الذين يلتفون حول خامنئى قبل أن يصبح المرشد الأعلى، وكنا نراه رجل دين شاباً ومثقفاً ومتواضعاً ويؤمن بالحرية، ولكنه الآن أصبح مثل الإمبراطور، لا يختلف عنه فى قهر الحرية، وما يثور من أجله الشباب فى شوارع إيران اليوم هو نفس ما دفعنا للثورة ضد الشاه عندما كنا شباباً منذ ثلاثين سنة.

وعندما سألته المذيعة عن موقفه من وريث عرش الشاه المطالب به الذى يعيش فى أمريكا، وعن المعارضة الإيرانية فى الخارج، قال ماخمالباف: نظام الشاه جزء من الماضى ونحن نتطلع إلى المستقبل، والتغيير فى إيران يحدث من الداخل، وسوف يحدث من الداخل.

تذكرت مقولة شهيرة فى تعريف الثورة، وهى أنها عمل يقوم به شجعان ويحصد ثماره جبناء.

المصري اليوم في

15/07/2009

 

 

اليوم مكتبة الإسكندرية تحتفل بمئوية ميلاد المخرج السينمائى حسين فوزى

بقلم   سمير فريد

تحتفل البرامج السينمائية بمركز الفنون فى مكتبة الإسكندرية اليوم بمئوية ميلاد المخرج السينمائى حسين فوزى (١٩٠٩ - ١٩٦٢). وذلك فى إطار مهرجان الصيف للفنون.

يعرض فى الاحتفال فيلم «تمر حنة» من إنتاج عام ١٩٥٧، الذى تم اختياره فى قائمة المكتبة لأهم مائة فيلم مصرى، والتى صدرت فى كتاب بهذا العنوان عام ٢٠٠٧ بمناسبة مئوية السينما المصرية.

حسين فوزى مخرج ومنتج وكاتب سيناريو من أعلام مخرجى العصر الذهبى الأول للسينما المصرية (١٩٣٣ - ١٩٦٣)، وهو من أب إيرانى وأم مصرية ولد فى المنصورة يوم ٤ سبتمبر وتوفى فى القاهرة يوم ٩ أغسطس، وشقيق المخرجين أحمد جلال وعباس كامل، وعم المخرج نادر جلال والد المخرج أحمد جلال الثانى.

وقد بدأ حسين فوزى حياته الفنية رساماً وممثلاً فى أدوار قصيرة فى بعض الأفلام، وتوقف عن التمثيل بعد أن أخرج أول أفلامه عام ١٩٣٩، وعددها ٤٣ فيلماً روائياً طويلاً عرض آخرها عام وفاته ١٩٦٢.

تزوج حسين فوزى ثلاث مرات عام ١٩٣١ من أم ولديه أمير ومراد، وبعد وفاتها عام ١٩٥٢ تزوج الممثلة نعيمة عاكف وطلقا ١٩٥٨، ثم تزوج الممثلة ليلى طاهر وطلقا ١٩٦٢.

ومثل شقيقه الأكبر الرائد أحمد جلال (١٨٩٧ - ١٩٤٧) توفى حسين فوزى وهو فى العقد السادس من عمره، بينما امتد العمر بشقيقه الأصغر عباس كامل (١٩١٢ - ١٩٨٥) حتى الثالثة والسبعين.

مثل أغلب مخرجى العصر الذهبى الأول للسينما المصرية، أو ما أسميه «مدرسة السينما المصرية» تنوعت أفلام حسين فوزى، ومثل أغلبهم أيضاً برع فى نوع تميز به، وهو نوع الأفلام الموسيقية، وقد بلغ ذروة نجاحه فى هذا النوع فى أفلامه مع الممثلة والمغنية والراقصة نعيمة عاكف (١٩٣٠ - ١٩٦٦)، التى تعتبر من كبار النجوم فى تاريخ السينما المصرية رغم وفاتها فى السادسة والثلاثين بعد أن قدمت ٢٢ فيلماً فقط.

اكتشف حسين فوزى موهبة نعيمة عاكف، وأخرج أفلامها العشرة الأولى من «العيش والملح» عام ١٩٤٩ إلى «مليون جنيه» عام ١٩٥٣، ومنها «بابا عريس» ١٩٥٠ أول فيلم مصرى صور بالألوان، كما أخرج ٥ من أفلامها الأخرى، ومنها «تمر حنة» الذى تعرضه مكتبة الإسكندرية اليوم، أى أنه أخرج ١٥ فيلماً من أفلامها الـ٢٢.

وتعتبر هذه الأفلام الـ١٥ من إخراج حسين فوزى وتمثيل وغناء ورقص نعيمة عاكف صفحة خاصة متميزة من صفحات تاريخ الأفلام الموسيقية المصرية، وتحتاج إلى دراسة خاصة، مثل كثير من صفحات تاريخ السينما فى مصر.

المصري اليوم في

14/07/2009

 

 

الفنان عندما ينحاز إلى الشعب ضد السلطة ولو كان الثمن حياته

بقلم   سمير فريد

فى حواره مع جيزيل خورى على قناة «العربية» مساء الخميس الماضى قدم فنان السينما الإيرانى محسن ماخمالباف النموذج والقدوة للفنان المثقف عندما ينحاز إلى الشعب ضد السلطة الغاشمة ولو كان الثمن حياته. إنه فى المنفى فى باريس، نعم، ولكنه يعلم أن تلك السلطة الغاشمة يمكن أن تغتاله فى باريس كما اغتالت آخرين من قبل فى نفس المدينة، وفى أى مكان.

وربما يسأل أحد القراء عن حق: ما المقصود بالفنان المثقف؟ وهل هناك فنان غير مثقف؟ هناك اختلافات كثيرة حول تعريف الثقافة والمثقفين، ومن بين هذه التعريفات أتفق مع التعريف القائل بأن المثقف هو الفنان أو المهنى الذى يعنى بالشأن العام ولا يقتصر على إجادة فنه أو مهنته، فمن الممكن أن يكون الفنان موهوباً وبارعاً، ومن الممكن أن يصل المهنى فى أداء مهنته إلى أعلى مستويات الجودة، ولكنه لا يعنى بالشأن العام، أى أن المثقف ليس نقيض الجاهل كما هو شائع، وإنما نقيض من يتفرغ لعمله ولا يعنيه ما يدور فى بلاده وما يدور فى العالم من حوله.

وصف ما خمالباف النظام القائم فى إيران بأنه «فاشى»، ووصف المرشد خامنئى والرئيس نجاد بأنهما من أعداء الشعب الإيرانى، وأن ما حدث فى الانتخابات الرئاسية فى ١٢ يونيو كان انقلاباً ضد الشعب، الذى اختارت أغلبيته موسوى، وعندما خرجت المظاهرات تحتج على ذلك الانقلاب بدا الوجه الغاشم للسلطة فى قمع المظاهرت وإطلاق الرصاص على المتظاهرين وسقوط قتلى وجرحى واعتقال الآلاف وتعذيبهم فى السجون، ومنع كل وسائل الإعلام المحلية والأجنبية من تصوير ما يحدث، ولكن- وعلى حد تعبير الفنان السينمائى العالمى- صوَّر الشعب بنفسه كل الأحداث وأرسلها إلى العالم عبر كاميرات الموبايل وعبر الكمبيوتر.

وقال ماخمالباف إن الشعب الإيرانى يريد الديمقراطية ولا يريد القنبلة النووية، ويريد السلام ولا يريد الصراع، ويريد التغيير من الداخل وليس من الخارج، ولذلك انتخب موسوى، واتهم نجاد بتبديد ثروات إيران فى صراعات دولية، والتنازل عن حقوق إيران فى بحر قزوين لروسيا للحصول على دعمها لصنع القنبلة النووية، وقال إن الشعب الإيرانى يحب العربى، ولكن خامنئى ونجاد لا يحبان العرب.

وعندما سألته المذيعه ماذا تتمنى لإيران فى المستقبل القريب، قال إن الشباب الإيرانى- وهو الأغلبية من الشعب- محروم من كل شىء، وما أتمناه أن أرى شاباًَ وفتاة يسيران فى الشارع بحرية، وأن يرتدى كل منهما الملابس التى يختارها بحرية، ويستمعا إلى ما يحبان من موسيقى ويشاهدا ما يحبان من أفلام.

المصري اليوم في

08/07/2009

 

 

متحف السينما الحائر وإلى متى يبحث عن قصر بعد مائة سنة!

بقلم   سمير فريد

كنت ومازلت وسوف أظل مثل كل مهتم بالسينما فى مصر، أطالب بإنشاء متحف السينما المصرية، وبالمفهوم الحديث للمتاحف الذى يعنى وجود مكتبة لنسخ الأفلام، ومكتبة مطبوعات، ومكتبة للوثائق من صور وملصقات وغيرها من وثائق الأفلام، ومركز للمعلومات، ومركز للأبحاث، ومركز للنشر، وقاعات للعروض.

متحف السينما المصرية، أى عن كل ما عرض فى مصر من أفلام، وكل ما أنتج محلياً أو من الإنتاج المشترك والمتحف غير أرشيف النيجاتيف أو أصول الأفلام، ولكنه يساعد الأرشيف ويدعمه بالمعلومات والأبحاث.

والعرض المتحفى يعنى أن يدخل الزائر من مدخل، ويخرج من مخرج، وعندما تتم جولته يكون قد عرف تاريخ السينما المصرية منذ بدايته حتى وقت إتمام إنشاء المتحف، ويكون المتحف قابلاً للتوسع لأن السينما فى مصر لن تتوقف، أو هذا هو المفترض.

وصناعة الأفلام السينمائية فى مصر جديرة بأن يكون لها متحف لأن عمرها مائة سنة ويزيد، ولأنها الصناعة العاشرة من نوعها فى العالم، وتؤثر فى جمهور واسع يمتد من المحيط الأطلسى فى المغرب إلى الخليج العربى، وكانت طوال تاريخها ولا تزال من علامات الاستنارة والحداثة.

ورغم أن الدولة المصرية فى العقود الثلاثة الأخيرة، أى منذ تولى الرئيس مبارك، وتولى فاروق حسنى وزارة الثقافة فى عقدين من هذه العقود، أنفقت الكثير على إقامة المتاحف على نحو لم يحدث منذ عهد عباس حلمى الثانى، فإن السينما دون غيرها من الفنون، كانت ولا تزال الفن المصرى الوحيد الذى لا تهتم الدولة بإقامة متحف يحافظ على تاريخه، ويرعى حاضره، ويطور مستقبله، وكان ذلك ولا يزال من عجائب مصر، فإذا لم يتم إنشاء هذا المتحف ووزير الثقافة فنان تشكيلى عمل فى باريس وروما ولمس بنفسه أهمية متحف السينما، فمتى يتم إنشاؤه؟!

وقد خصص الوزير أحد المبانى المتبقاة من أرض المعارض القديمة التى أصبحت أرض المركز الثقافى القومى (الأوبرا) لإقامة متحف السينما منذ سنة، وشكل لجنة فنية للإشراف على إنشائه ظلت تجتمع لمدة سنة، ومن دون أى مقابل مالى، وفى الأسبوع الماضى تقرر أن يكون المبنى مقراً للمركز القومى للترجمة، فعقدت اللجنة آخر اجتماعاتها إلى حين تختار وزارة الثقافة مكاناً آخر لإقامة المتحف، والسؤال: إلى متى يبحث متحف السنيما عن مقر؟

المصري اليوم في

06/07/2009

 

 

شابلن أعاد تصوير لقطة واحدة ٣٤٢ مرة وأرقام قياسية أخرى

بقلم   سمير فريد

فى تحفة شارلى شابلن، مخرجًا وكاتبًا وممثلاً، «أضواء المدينة» عام ١٩٣١، لقطة لفتاة ضريرة تبيع الزهور، وتعرض عليه شراء زهرة، وقد تصورت أنه من الأثرياء بينما لا يملك ثمن الزهرة، وقد أعاد شابلن تصوير هذه اللقطة ٣٤٢ مرة محققًا الرقم القياسى فى إعادة تصوير لقطة فى كل تاريخ السينما حتى الآن.. هذا ما جاء فى قسم السينما من موسوعة جينيس الشهيرة للأرقام القياسية فى العالم.

ولم يكن من الغريب أن يحقق شابلن هذا الرقم القياسى، الذى لم يقصده طبعًا، عند بدء التصوير، وإنما يعبر عن استهداف الإتقان بغض النظر عن التكاليف وأى أمور أخرى. كما لم يكن من الغريب أن يكون الرقم الثانى ١٢٧ إعادة قام بها ستانلى كيوبريك فى «الإشراق» عام ١٩٨٠، وهو من بدأ تصوير فيلمه الأخير «عيون واسعة مغلقة تمامًا» من جديد بعد أن صور عدة أسابيع لأن أداء هيرفى كيتيل لم يعجبه.

ومن الأرقام القياسية فى السينما ذات الدلالة أيضًا مونتاج مشهد العجلات الحربية فى فيلم «بن هور» الصامت عام ١٩٢٥، حيث قام المونتير لويد نوسلير بمونتاج المشهد فى ٧٥٠ قدمًا من واقع ٢٠٠ قدم صورت لذات المشهد.. وأن أكبر عدد من الأفلام الطويلة أنتج فى سنة واحدة فى بلد واحد هو ٩٨٤ فيلمًا فى الهند عام ١٩٩٠، وكانت الهند ولاتزال أكبر منتج للأفلام فى العالم.

ومن الهند أيضًا يأتى أكبر رقم لإنتاج أفلام فى بلد واحد فى سنة واحدة بلغات متعددة، وهو ٧٥٤ فيلمًا أنتجت عام ١٩٩٤ بـ١٦ لغة من لغات الهند فى المراكز الكبرى الثلاثة لإنتاج الأفلام، وهى بومباى وكلكوتا ومادراس.

أما أطول فيلم أنتج من دون كاميرا فهو فيلم التحريك الإسبانى «مودا» إخراج خوزيه أنتونيو سيستيا جاس عام ١٩٧٠ ومدته ٧٥ دقيقة، فقد قام بالرسم المباشر على الفيلم لقطة وراء الأخرى لمدة ١٧ شهرًا من ١٩٦٨ إلى ١٩٧٠.

وفيما يتعلق بالتكاليف يأتى «تايتانيك» فى مقدمة الأعلى تكلفة عام ١٩٩٧ حيث تكلف ٢٠٠ مليون دولار أمريكى، وتجاوز بذلك ميزانيته الأصلية وكانت ١٢٥ مليونًا، ولكنه أيضًا، وهذا ما لا تذكره موسوعة جينيس، كان أول فيلم يحقق فى عرضه الأول فى العالم نحو مليار دولار.

والإيراد الأعلى الذى تذكره الموسوعة حققه «جوراسيك بارك: العالم المفقود» الذى عرض فى ٢٣ مايو ١٩٩٧ وحقق فى أربعة أيام أكثر من ٩٠ مليون دولار من عرضه على ٣٢٨١ شاشة فى أمريكا وحدها.

المصري اليوم في

05/07/2009

 

 

عرض «عمر المختار» فى إيطاليا عقب زيارة القذافى بعد منعه منذ ١٩٨١

بقلم   سمير فريد

بعد يوم واحد من انتهاء زيارة الرئيس الليبى معمر القذافى إلى إيطاليا، عرض الفيلم الأمريكى «عمر المختار» أو «أسد الصحراء» بالإنجليزية على شاشة قناة سكاى إيطاليا بعد أن منع بقرار رسمى منذ عام ١٩٨١، وذلك «لإهانته الشرف العسكرى الإيطالى» على حد تعبير القرار.

كانت زيارة الرئيس الليبى أول زيارة رسمية يقوم بها إلى إيطاليا بعد ٤٠ سنة من حكم ليبيا، وأول زيارة لحاكم ليبى منذ أن احتلت إيطاليا ليبيا عام ١٩١١، وهو الاحتلال الذى استمر حتى استقلال ليبيا عام ١٩٥١، وقد اصطحب القذافى معه حفيد قائد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإيطالى عمر المختار الذى أعدمته قوات الاحتلال شنقًا عام ١٩٣١، ووضع القذافى على صدره صورة صغير لعمر المختار، وهو يتجه إلى المشنقة فى تعبير واضح أننا يمكن أن نغفر، ولكننا لن ننسى.

عرض الفيلم فى إيطاليا ينهى عار منعه، والجنرال جرازيانى هو الذى لطخ شرف إيطاليا العسكرى عندما كلفه موسولينى زعيم الحزب الفاشى بعد تولى الحكم عام ١٩٢٢ بقمع المقاومة الوطنية، وبلغ عدد ضحاياه فى ثلاث سنوات أكثر من مائتى ألف ليبى فى حرب إبادة جماعية، وكان يحيط «الأسرى» بأسلاك شائكة فى الصحراء ويتركهم يموتون من العطش والجوع والأوبئة، ولبث الرعب فى القلوب كان يلقى ببعضهم أحياء من الطائرات.

وكانت مصر السند الوحيد للمقاومة الليبية سياسيًا وعسكريًا، وعندما أعدم عمر المختار وهو يناهز التسعين من عمره شهدت مصر غضبة عارمة، وتألفت لجنة لإقامة حفل لتمجيده، ومنعت حكومة صدقى الحفل استرضاء لإيطاليا التى اهتزت بسبب الحملة المصرية ضد فظائعها، ولكن الحفل أقيم فى بيت آل الباسل، الذين اشتهر منهم حمد الباسل أحد قيادات ثورة ١٩١٩، وفيه ألقى أمير الشعراء أحمد شوقى رائعته عن الشهيد، التى يقول فيها:

وأتى الأسير يجر ثقل حديده                أسد يجر حية رقطاء  

عضت بساقيه القيود فلم ينأ                ومشت بهيكله السنون فناء  

تسعون لو ركبت مناكب شاهق           لترجلت هضباته إعياء             

الآن، وبعد عرض الفيلم فى إيطاليا، تهنأ روح مخرجه مصطفى العقاد «١٩٣٠- ٢٠٠٥»، الذى لم يخرج فى حياته سوى فيلمين: «الرسالة» ١٩٧٦، و«عمر المختار» ١٩٨٠ واللذين يحملان الجنسية الأمريكية، ولكنهما يعبران عن الهوية الثقافية العربية الإسلامية أعمق من مئات الأفلام العربية، ومن نكد الدنيا أن يموت العقاد ضحية العملية الإرهابية التى وقعت فى الأردن عام ٢٠٠٥ باسم الدفاع عن العروبة والإسلام.

المصري اليوم في

14/07/2009

 

 

نكتة موقع الأهرامات فى الجزء الثانى من فيلم «المتحولون»

بقلم   سمير فريد

نقد الأفلام فى مصر والعالم لا يقتصر فقط على النقاد الذين يكتبون بلغة البلاد، وإنما يشمل أيضاً الذين يكتبون باللغات الأجنبية، ويلمع من بين نقاد الصحف المصرية الصادرة باللغات الأجنبية هانى مصطفى ومحمد الأسيوطى فى «الأهرام ويكلى» الإنجليزية، وياسر محب وأمينة حسن فى «الأهرام إبدو» الفرنسية، وجوزيف فهيم وفراس الأطرش فى «دايلى نيوز إيجيبت» الإنجليزية المستقلة، التى توزع مع «هيرالد تريبيون»، وهى الطبعة الدولية لجريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

وقد نشرت «دايلى نيوز إيجيبت» فى عدد الاثنين الماضى مقالاً عن الفيلم الأمريكى «المتحولون ـ٢» إخراج مايكل باى، الذى يعرض الآن فى مصر للناقد فراس الأطرش، جاء فيه أنه ضحك ضحكاً هستيرياً عندما وجد المخرج «باى» فى الفيلم الذى أنتجه سبيلبيرج يصور أهرامات الجيزة على أنها تقع بالقرب من العقبة.

 وقال: يبدو أن أحد الطلبة الأمريكيين المعروفين بفقر معلوماتهم الجغرافية قد كتب سيناريو هذا الفيلم، وأن المتحول الوحيد فيه نجمته ميجان فوكس.

ومن المعروف أن مشاهد الأهرامات قد صورت فى الموقع الحقيقى فى مصر، ولكن من الغريب حقاً أن أحداً فى الرقابة التى قرأت السيناريو، ولا من الشركة التى قدمت خدمات الإنتاج، لم ينتبه إلى هذا الخطأ فى السيناريو، ولم يتطوع بأن يشرح للمخرج كم تبعد المسافة بين أهرامات الجيزة والعقبة فى الأردن.

تذكرت أحد الأفلام المصرية الإيطالية المشتركة التى كانت تنتجها شركة «كوبرو فيلم»، إحدى شركات القطاع العام فى الستينيات، وكان عنوان مقالى عنه «أهرامات الجيزة فى الإسكندرية» حيث صور الأهرامات على شاطئ البحر الأبيض، ولا تقتصر الأخطاء من هذا النوع على الأفلام التجارية الاستهلاكية.

 ففى فيلم سكورسيزى «الإغواء الأخير للمسيح» كانت العمارة على النمط العربى الأندلسى لأن الفيلم صور فى المغرب، وليس على النمط العربى الفلسطينى، والأدهى من ذلك أننى عندما سألت المخرج فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب عرضه فى مهرجان فينسيا كان رده: كلها على أى حال عمارة شرقية وعلى شريط الصوت فى الفيلم نفسه كانت بعض الأغانى فى مدح الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ولما قلت له هذا فى المؤتمر، كان رده أيضاً: كلها على أى حال أغنيات من الشرق!!

من المهم أن نفتح أبواب مصر لتصوير الأفلام الأجنبية من دون قيد ولا شرط، ولكن هذا لا علاقة له بقبول أن تكون الأهرامات فى العقبة.

المصري اليوم في

02/07/2009

 

 

الفرح .. الجميع يكذبون على الجميع وعلى أنفسهم فى دراما واقعية ذات آفاق إنسانية رحبة

بقلم   سمير فريد

يأتى فيلم «الفرح» إخراج سامح عبدالعزيز من داخل السينما التجارية السائدة، ولكنه مثل أفلام كثيرة مماثلة فى مصر والعالم، يتجاوز السينما التى جاء منها، ويرتفع إلى مصاف الأعمال الفنية الأصيلة، ويعتبر من أهم وأحسن الأفلام المصرية هذا العام.

إنه من الأفلام الواقعية التى تعبر عن الحياة فى الأحياء العشوائية حول وداخل القاهرة، ويدفع جمهوره إلى رفض هذا العار الذى تنوء به مصر، ولكنه كما يتجاوز السينما التى جاء منها، يتجاوز الواقعية إلى آفاق إنسانية رحبة بتوغله الدرامى داخل شخصياته حتى يصل إلى المشترك بين البشر جميعاً.

الجميع هنا يكذبون على الجميع وعلى أنفسهم حتى إن الكذب يبدو ثقافة كاملة هى نتاج الحياة فى تلك الأحياء، التى تمتد خارجها، وتهدد بأن تصبح ثقافة المجتمع كله.

ومن ناحية أخرى يثير الفيلم التأمل حول مدى قدرة الإنسان على الحياة فى عالم من الأكاذيب، والكوارث التى تؤدى إليها الحياة فى ذلك العالم حيث الضياع الأخلاقى رغم التمسك بالشكليات الفارغة. وأجمل ما فى هذا الفيلم أنه بقدر القسوة على شخصياته وهى تمارس الكذب كما تتنفس، بقدر عدم إدانته لها، وحنوه عليها، وكشف مواطن القوة الإنسانية فيها مقابل نقاط الضعف على نحو يذكر بأدب تشيكوف، الذى كان يقول «قدس الأقداس عندى هو الإنسان».

تتمثل قوة الفيلم الدرامية فى نص كاتبه أحمد عبدالله من حيث نجاحه فى العثور على المعادل الموضوعى الذى يعبر عن المعنى، والالتحام العضوى بين المبنى والمعنى.

وفى إدراك مخرجه سامح عبدالعزيز لأبعاد النص، وقدرته على صياغة الأسلوب الملائم للتعبير عنه، خاصة من حيث اختيار الممثلين والممثلات المناسبين تماماً، وقدرته على إدارتهم، واستخدام كل مفردات لغة السينما للتأكيد على المعنى، ومن دون الابتعاد عن ذوق عامة الجمهور، ومن دون الاستسلام لكل متطلباته فى نفس الوقت.

فى تلك الأحياء العشوائية يتبارى ضيوف حفلات الزفاف فى دفع أموال كهدايا للعروسين كل حسب مقدرته، كما يسعدون بقضاء ليلة يحتسون فيها البيرة، ويدخنون الحشيش، ويستمعون إلى أغانيهم، ويشاهدون راقصاتهم، ولا مانع من ممارسات جنسية فى زوايا الأطلال المهجورة.

ومع توحش الفقر أصبحت هناك حفلات زفاف حقيقية، وأخرى مصطنعة لمجرد جمع الأموال. والمعادل الدرامى الموضوعى فى الفيلم إحدى هذه الحفلات المصطنعة حيث يعلم الجميع منذ أول لقطة أنهم يكذبون على أنفسهم وعلى بعضهم البعض، ويعلم المتفرج بدوره.

الكلاسيكية والحداثة

يجمع البناء الدرامى بين الكلاسيكية بامتياز، والحداثة بامتياز أيضاً. إنه كلاسيكى من حيث محافظته على الوحدات الأرسطية الثلاث «الزمان والمكان والموضوع»، ومحافظته على التطور الدرامى «بداية ووسط-ذروة ونهاية»، وحداثى من حيث وجود العديد من الخطوط الدرامية التى يربط بينها الفرح، إلى جانب الخط الدرامى الرئيسى، وهو صاحب الفرح وأسرته الصغيرة.

تتحقق وحدة الزمان فى الأحداث التى تدور فى أقل من يوم (دورة شمس على حد تعبير أرسطو فى كتابه العمدة «فن الشعر») من الصباح إلى ما قبل منتصف الليل، وتتحقق وحدة المكان فى الساحة التى يقام فيها الفرح، والتى لا نخرج منها إلا للتأكيد على ما يحدث فيها، أما وحدة الموضوع فهى الفرح ذاته، الذى يعبر عن المعنى بدقة.

الأخلاق والشكليات

صاحب الفرح هو زينهم «خالد الصاوى»، الذى يعيش مع والدته نفيسة «كريمة مختار» وزوجته صفية «روجينا» وأولاده الثلاثة منها. وهو يقيم الفرح المزعوم لأخت له تدعى أنها كانت فى «الخارج» لجمع ما يمكن جمعه من أموال لشراء سيارة «ميكروباص» يعمل عليها. ومنذ المشهد الأول حيث تبدأ الاستعدادات للفرح نعرف أنه مصطنع، ويعرف الجميع أنه كذلك، ومع ذلك ينهمكون فى إعداده وكأنه حقيقى، ويمارسون كل «الطقوس» المعتادة فى القرى وأحياء الفقراء، وأولها استعراض أثاث العروسة أمام الجيران.

مشاهد الأثاث تعبر عن أول تصادم بين الأخلاق والشكليات الفارغة. فالأثاث يأتى فى سيارة نقل، ثم يعود إلى تاجر الأثاث، وندرك أنه مؤجر لمدة ساعتين. ولا نلبث أن نرى أن حفلات الزفاف الوهمية «عملية» كبيرة، يقودها المعلم حبشى «محمود الجندى»، الذى يدير الاتفاق مع العروسين، ومقدم ومغنى الحفل، والراقصة، و«المونولوجيست»، وحتى بائعة البيرة ومصور الفيديو.

ويبرر حبشى الكذب بأن هذه الأفراح نوع من أنواع «التكافل الاجتماعى» بين الفقراء، وأنها مثل «الجمعيات» التى يشترك فيها الموظفون عادة، حيث يدفع كل عضو مبلغاً معيناً كل شهر لمدة معينة، ويحصل كل عضو على الحصيلة كاملة أول كل شهر.

فى الجزء الأول، أو الفصل الأول «البداية» نرى الأستاذ شوقى «حسن حسنى» أحد جيران زينهم، وزوجته نسرين «مى كساب» التى تصغره بنصف قرن يستعدان لممارسة الجنس ليلة الجمعة، حيث تقام الأفراح عادة مساء الخميس، وهو خط درامى يؤكد عالم الأكاذيب.

فهو يستخدم العقاقير ليوهم نفسه بأنه يستطيع استعادة عمر الشباب، وهى توهم نفسها بأن المشكلة مكبر الصوت الذى علق على شرفة الشقة. كما نرى فى البداية العروسين اللذين سيمثلان دور أخت زينهم المزعومة وزوجها، وهو خط درامى آخر يؤكد بدوره عالم الأكاذيب.

يتم تقديم هذا الخط من خلال معركة من معارك نساء العشوائيات والأحياء الفقيرة عموماً بملاسنات كلامية تتحول إلى معركة بين الرجال بالسيوف والسكاكين. وموضوع الملاسنات العلاقة بين جميلة «جومانا مراد» وعبدالله «ياسر جلال» اللذين تم عقد قرانهما منذ سبع سنوات، ولا يتمكنان من الحياة معاً لعدم القدرة على إيجاد مسكن، ويشك الجيران أنهما يمارسان الجنس فى الخفاء.

ومن الحوار بينهما ندرك أن هذا ما يحدث بينهما بالفعل، وبعد المعركة يقرر والد جميلة «سعيد طرابيك» أن يتم الزفاف غداً، وأن تكون الدخلة «بلدى» لقطع الألسنة، أى أن يفض العريس بكارة العروس علناً. ويتفق عبدالله مع جميلة على أن تقوم بعملية «ترقيع» غشاء البكارة بمائتى جنيه، وهو المبلغ الذى سيحصلان عليه مقابل تمثيل دور العروسين فى الفرح. فضلاً عن أن ممارسة الجنس بعد عقد القران لا تخالف شرائع الدين الإسلامى الذى ينتميان إليه، فالوالد هنا يكذب على نفسه، وهما يكذبان بترقيع غشاء البكارة.

وفى البداية ثالثاً نرى المونولوجيست وردة «صلاح عبدالله» القادم من عالم تشيكوف مباشرة. فقد انتهى عصره، ولم يعد مطلوباً فى الأفراح كما كان فى شبابه، ولكنه يدعى أمام أسرته كل خميس أنه ذاهب للعمل فى أحد الأفراح كما كان فى شبابه، وعندما تتم دعوته للاشتراك فى فرح أخت زينهم، ينتهز الفرصة، ويوجه الدعوة إلى ابنه حاتم عازف الموسيقى الذى يدرس فى الكونسرفتوار لحضور الفرح، ليثبت أمامه وأمام نفسه أنه لا يزال مطلوباً، فهو يكذب بدوره، ولا يملك سوى الكذب فى مواجهة واقعه الأليم.

وفى البداية رابعاً سميرة «دنيا سمير غانم» بائعة البيرة التى ترعى والدتها وإخوتها فى غياب والدها، وتقوم بدور «رجل البيت»، وترتدى ملابس الرجال حتى تخفى أنوثتها وتتجنب معاكسات الرجال، وهى بهذا تكذب بدورها حتى تتمكن من الحياة فى الغابة التى وجدت نفسها فيها.

مواجهة الحقيقة الوحيدة

ومع بداية الفرح يبدأ الفصل الثانى من الفيلم، أو الوسط- الذروة حيث تتبلور العلاقة المعقدة بين مقدم الفرح ومغنيه الرئيسى العسلى «ماجد الكدوانى» ووالده «محمد متولى». ففى صباه قام الوالد بضربه وجرحه جرحاً شوه وجهه، وأدى إلى انفصام العلاقة بينهما.

ويحاول الأب فى هذه الليلة، كما فى ليال سابقة، استعادة حب ابنه له. وتأتى الراقصة نوجة «سوسن بدر» لتغيير ملابسها فى منزل زينهم، فتناشدها والدته اعتزال الرقص، بل تدفع لها المائة والخمسين جنيهاً التى كانت ستحصل عليها مقابل عدم الرقص. وأثناء الفرح يبدى المعلم حسن الحشاش «باسم سمرة» إعجابه بسميرة، ويوقظ بذلك أنوثتها التى طالما قامت بكبتها عن عمد.

ويصل الفيلم إلى ذروته بموت والدة زينهم فجأة أثناء الفرح. وفى مشهد مواجهة الحقيقة الوحيدة فى الفيلم، وفى الحياة، يجتمع فى صالة المنزل وجثة الأم مغطاة على الأريكة التى توفيت عليها، زينهم وصفية من ناحية، ونوجة وحبشى ووردة وعبدالله والعسلى من ناحية أخرى، ويتناقشون هل يعلن خبر الوفاة ويتوقف الفرح، أم يتم إخفاؤه حتى يستمر بمنطق «الحى أبقى من الميت».

لا تتردد صفية فى رفض الاستمرار، كما لا تتردد نوجة، ولكن كل الرجال بمن فيهم زينهم يقررون استمرار الفرح، بل إن زينهم يقوم بضرب نوجة بعنف حتى ترقص.

اللعنة الإلهية

ويبدأ الفصل الثالث، أو النهاية، بعد هذا المشهد الرئيسى، حيث تنصب اللعنة الإلهية على الجميع.

تقرر صفية طلب الطلاق من زينهم، وكذلك نسرين زوجة شوقى، ويرفض العسلى توسلات والده، ويفشل وردة فى الغناء، وعندما يحاول حسن اغتصاب سميرة فى زاوية مهجورة تقتله، وفى العيادة «السرية» التى تتم فيها عمليات ترقيع غشاء البكارة، يحاول «الطبيب» اغتصاب جميلة، فيضربه عبد الله، ويخرج معها إلى الشارع، ويصرخ فى الناس وقد فقد رشده بأن جميلة زوجته «على سنة الله ورسوله». وتصل اللعنة الإلهية إلى ذروتها بسرقة ما تم جمعه من أموال لشراء السيارة التى يحلم بها زينهم.

ينتهى الفرح، وينتهى الفيلم مع قول حبشى لعمال السرادقات التى تقام فيها الأفراح والمآتم أن يبقوا سرادق الفرح كما هو، ويستبدلوا اللمبات الملونة بأخرى غير ملونة، وذلك لتحويله إلى سرادق للعزاء فى والدة زينهم.

الخوف من الجمهور

ينتهى الفيلم بهذا المشهد من الناحية الدرامية بعد وصول كل الخطوط الدرامية إلى نهاياتها، كما ينتهى من الناحية الفكرية كفيلم يعبر عن وجهة نظر دينية محافظة. ولكن، ورغم أن العقاب الإلهى واضح تماماً، يستمر الفيلم على نحو شديد الارتباك فى الدقائق الأخيرة، وفى تقاطع مع عناوين عن صناعه، ويعود إلى المشهد الرئيسى، ويفترض أن القرار كان توقف الفرح بعد وفاة والدة زينهم، وليس استمراره.

مع هذه النهاية الثانية يحصل زينهم على ما كان قد تم جمعه من الأموال، ولا تطلب زوجته الطلاق، ولا يضرب نوجة التى تعتزل الرقص استجابة لنصيحة الأم المتوفاة، ويتم زفاف عبد الله وجميلة، ويسامح العسلى والده، ولا يحاول حسن اغتصاب سميرة، وبالتالى لا تقتله، ويقول حاتم لوالده وردة إنه يحبه ويحترم فنه، ولا تطلب نسرين الطلاق من شوقى.

وهذه النهاية أضعفت الفيلم من دون مبرر، وهى من آثار السينما التجارية السائدة التى جاءت منها، وتستهدف إرضاء النزعة المحافظة الغالبة على جمهور السينما هذه السنوات. ولكن المشكلة أنها تحصيل حاصل، فما دامت اللعنة الإلهية قد حلت بسبب ارتكاب الخطأ، يصبح من البدهى أنها لم تكن لتحل لو لم يرتكب. كما أنها لا تصنع نهاية سعيدة، ولا تغير طبيعة الفيلم القاتمة والجميلة فى آن واحد.

جيل الصور

يبدو سامح عبدالعزيز فى فيلمه نموذجاً للمخرجين الجدد فى العقد الأول من القرن الميلادى الجديد الذين يمكن أن نطلق عليهم «جيل الصور»، فهو يأتى إلى السينما فى عصر تتدفق فيه ملايين الصور كل يوم على أربع شاشات: السينما والتليفزيون والكمبيوتر والموبايل.

ومثل أغلب أبناء جيله يتخرجون فى معاهد وأقسام السينما ويعملون فى البرامج التليفزيونية والإعلانات وأفلام الديجيتال القصيرة قبل أن يخرجوا أفلامهم الروائية الطويلة. إنه جيل يأتى إلى السينما من عالم تتكاثر فيه الصور ويتعاظم دورها، ولذلك يتعامل مع لغة السينما بسهولة، وبقدر كاف من التمكن الحرفى، وعندما تتوفر له ثقافة درامية عميقة وفكر مركب يمكن أن يصنع سينما عظيمة.

وفى فيلم «الفرح» يتعاون المخرج مع أبناء جيله مثل مدير التصوير جلال زكى، ومصمم الديكور والأزياء إسلام يوسف، والمونتير عمرو عاصم، إلى جانب بعض من أبناء الجيل السابق عليه مثل كاتب السيناريو أحمد عبدالله، ومؤلف الموسيقى خالد حماد، ومهندس الصوت أحمد جاسر.

ويجمع بينهم المنتج كريم السبكى الذى يمثل الجيل الثانى من شركة «السبكية» الشهيرة بإنتاج الأفلام التجارية الزاعقة، ويبدو من الفيلم طموحه إلى المساهمة فى تطور فن السينما أيضاً. ويقود سامح عبدالعزيز فريق فيلمه وراء وأمام الكاميرا بمهارة، ويبرز مواهبهم وقدراتهم، وخاصة جلال الزكى، وكان التحدى الذى نجح فيه كيف يصنع إضاءة فرح هو فى حقيقته الدرامية مأتم.

ومن الأمثلة على مهارة المخرج تعبيره عن شخصية سميرة بائعة البيرة، والعلاقة التى تنشأ بينها وبين حسن، والتى تنتهى بأن تقتله، أكبر الكبائر فى الدراما والحياة. لقد سبق أن شاهدها وشاهدته فى أفراح سابقة، ولكنه فى هذه الليلة يراهن أصدقاءه عليها، بينما تتصور أنه يحبها من شدة حاجتها إلى الحب. ويتم التعبير عن ردود أفعالها بلغة سينمائية صافية يقوم فيها الصمت بدور رئيسى.

ويكشف هذا الدور عن مولد ممثلة موهوبة هى دنيا سمير غانم التى أدركت أبعاد الدور، ووصلت إلى الذروة عندما تكتشف أنه لا يحبها وإنما يتعامل معها كفتاة سهلة للمتعة العابرة، وتشرع المطواة التى تحملها، وتقتله دفاعاً عن حلمها الذى ضاع وليس فقط دفاعاً عن نفسها.

فى المقابل، ومن أمثلة الحاجة إلى ثقافة درامية أعمق، وفكر أكثر تركيباً، التعبير عن المشهد الرئيسى الذى تجرى فيه المناقشات حول استمرار الفرح من عدمه بعد وفاة الأم، وجثتها مغطاة على الأريكة التى ماتت عليها.

فلم يختلف هذا المشهد فى تقطيعه وإضاءته وإيقاعه عن مشاهد الفيلم الأخرى، وكان فى حاجة إلى مزيد من التفاصيل وقدر من البطء، والإيقاع البطىء من سمات التركيب الموسيقى، ولا يعنى إثارة الملل بالطبع. كما لم يكن المشهد فى حاجة إلى موسيقى على شريط الصوت لأهمية الحوار الفائقة، ونجاح الممثلين فى الأداء والإلقاء، فهم يتناقشون فى خجل إنسانى فطرى، مما يفكرون فيه، وعندما يتخذون القرار باستمرار الفرح يبدون وكأن أصواتهم ليست أصواتهم الحقيقية. إنه مشهد أبيض وأسود فى فيلم بالألوان.

استعراض لفن التمثيل

وهذا الفيلم استعراض لفن التمثيل، وهو من فنون مصر العريقة التى يثبت مستواها للمقارنة مع المستويات العالمية بجدارة، ورغم أنه يخلو من أى من نجوم «الشباك»، أى الذين يذهب الجمهور إلى السينما لمشاهدتهم أولاً وأخيراً، وقبل كل شىء.

هنا خالد الصاوى فى دور محورى يؤكد تألقه على الشاشة، وإن كان لا يستطيع أن يتخلص تماماً من خبرته المسرحية، التى تتمثل فى إخفاء وجهه بيديه فى بعض لحظات الألم، وتضع كريمة مختار خلاصة مسيرتها الإبداعية الطويلة، وكذلك حسن حسنى ومحمود الجندى وصلاح عبدالله الذى بدا ساحراً ويستوعب دوره التشيكوفى استيعاباً كاملاً، وسوسن بدر التى لخصت فى نظراتها كل القهر والضياع والحيرة فى صمت أبلغ من كل كلام.

ماجد الكدوانى يربط أجزاء الفرح وأجزاء الفيلم بتلقائية مصنوعة جيداً، ويبدع فى حديث الحب-الكراهية مع والده، ويساعده أداء محمد متولى المتميز فى دور الوالد. وتكشف روجينا بقوة عندما تطلب الطلاق قدرة الإنسان على أن يكون نفسه مهما كانت الظروف: إنها تعيش فى مستنقع، ولكن لها صلابة أميرة من أسرة ملكية.

والممثلة السورية جومانا مراد فى دور العروس عاشت التناقض بين الزفاف الوهمى والزفاف الحقيقى الذى تنتظره منذ سنوات رغم ثقل الماكياج فى عدة مشاهد، كما عبر ياسر جلال عن التناقض بين قوته البدنية وضعفه الاجتماعى الذى يدفعه إلى اليأس والجنون، وعبر باسم سمرة عن القسوة الناتجة من الفراغ الروحى، ويتكامل التمثيل، وتتكامل العناصر السينمائية عموماً فى هذا الفيلم الجميل، وما أقل الأفلام الجميلة.

المصري اليوم في

01/07/2009

 

 

أخطاء الكبار فادحة الثمن دائمًا:

مهرجان «كان» والآن «أوسكار ٢٠١٠»

بقلم   سمير فريد

أعلن سيد جانيس، رئيس الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية أن مجلس إدارة الأكاديمية التى تنظم المسابقة السنوية للأفلام المعروفة باسم «الأوسكار» رمز جوائزها، قرر مضاعفة عدد الأفلام التى ترشح لأوسكار أحسن فيلم من خمسة إلى عشرة، وذلك اعتبارًا من هذه السنة للمسابقة الـ٨٢ التى تعلن جوائزها يوم ٧ مارس القادم.

قال جانيس إن المسابقة بذلك تعود إلى «بعض جذورها» حيث كان عدد الترشيحات لأحسن فيلم يصل إلى عشرة قبل أن يستقر على خمسة منذ عام ١٩٤٤. وأن هذا العدد سوف يتيح الفرصة لمزيد من الأفلام لتتنافس على الجائزة الأكبر، ومنها أفلام التحريك والأفلام التسجيلية والأفلام الأجنبية، وقال إنه لا يستطيع أن ينكر أن «مسألة» فيلم «الفارس الأسود» طرحت فى مناقشات المجلس قبل اتخاذ القرار، ويقصد عدم وصول هذا الفيلم إلى الترشح لأوسكار أحسن فيلم.

ومن المعروف أن مسابقة الأوسكار تتم بالتصويت بين أعضاء الأكاديمية، والذين يتم اختيارهم من بين أعضاء نقابات وروابط المهن السينمائية المختلفة بشروط معينة، وأن نظام الأكاديمية الأمريكية ونظام مسابقتها أصبح دوليًا باتباعهما فى فرنسا «مسابقة سيزار» وفى إسبانيا «مسابقة جويا» وفى دول أخرى عديدة، وبالتالى ربما يحذو الجميع حذو الأكاديمية الأم، ومسابقتها الأعرق والأشهر فى العالم.

قرار مجلس الأكاديمية خاطئ، مثل قرار إدارة مهرجان كان عدم تحديد جنسيات الأفلام، وأخطاء الكبار فادحة الثمن دائمًا وربما يسأل قارئ ومعه الحق ولماذا تقول أخطاء ولا تقول وجهات نظر، ولكن هناك قواعد علمية تم الاستقرار عليها بعد تجارب طويلة، وبما يشبه الإجماع من العلماء والخبراء، وتجاوزت بذلك أن تصبح موضعًا لوجهات النظر، ومنها التكافؤ فى المنافسة والذى أدى إلى وجود أوسكار لأحسن فيلم روائى وآخر لأحسن فيلم تسجيلى.

 وثالث لأحسن فيلم تحريك، ورابع لأحسن فيلم أجنبى، وخلطهما معًا يعنى أيضًا أن النظام لم يكن منصفًا منذ ١٩٤٤، أما القول بأن ذلك التغيير عودة إلى الجذور فهو أقرب إلى النكتة، وإنما هو عودة إلى مرحلة التجارب قبل أن تستقر القواعد وتستمر ستة عقود كاملة من الزمن.

وبغض النظر عن حكاية «الفارس الأسود» فوراء هذا التغيير ادعاء بأن الأفلام التى ترشح لأوسكار أحسن فيلم هى أحسن الأفلام دون غيرها، وهذا غير صحيح على الإطلاق بكل وأى المقاييس العلمية: إنما هى انتخابات، ونظام الانتخابات كما قال تشرشل يومًا هو الأحسن إذا استبعدنا كل النظم الأخرى.

المصري اليوم في

30/06/2009

 

 

وكان جوبادى على حق عندما قال «لا أحد يعرف القطط الفارسية»

بقلم   سمير فريد

شاهدت على شاشات التليفزيون من بين ما تسرب من لقطات مظاهرات الغضب ضد السلطة فى إيران لقطة للقبض على شاب طويل الشعر، وأحد رجال الأمن يضغط على قداحته ويبدأ فى حرق رأس الشاب، وتنتهى اللقطة المصورة بالموبايل عند هذا الحد، أو ينتهى بثها احتراماً لمشاعر المشاهدين.

فزعت من قدرة الإنسان المستمرة على الابتكار فى ممارسة القسوة، وفزعت أكثر من الهدف الذى يؤمن به الجلاد فى هذه الحالة، أو يقنع به نفسه ليتحول إلى وحش آدمى، وهو الدفاع عن جمهورية «إسلامية»، وكم من الجرائم ارتكبت وترتكب باسم الإسلام وباسم كل الأديان وهى منها براء.

وتذكرت الفيلم الإيرانى «لا أحد يعرف القطط الفارسية» إخراج باهمان جوبادى، والذى عرض فى افتتاح برنامج «نظرة خاصة» فى مهرجان «كان» الشهر الماضى، وخصصت له رسالة من رسائل «المصرى اليوم»، فالفيلم الذى كان أول فيلم يصور سراً فى ظل الجمهورية الإسلامية بعد ٣٠ سنة من قيامها عام ١٩٧٩ عن الشباب الإيرانى الذى يمارس الموسيقى الممنوعة فى هذه الجمهورية ضمن ممنوعات كثيرة،

وقد اعتقل مخرجه عند عودته إلى بلاده من المهرجان، وأفرج عنه بعد دفع غرامة مالية كبيرة، وتمكن من السفر إلى باريس يوم الثلاثاء الماضى أثناء المظاهرات، وبثت وكالة الأنباء الفرنسية حواراً معه يوم الأربعاء، وقرأته فى «دالى نيوز» المصرية بالإنجليزية يوم الخميس.

قال جوبادى «لقد صرخت فى هذا الفيلم، وكنت أمثل الشباب الذين يصرخون من أجل حقوقهم فى الشوارع اليوم، ولن يعودوا إلى الوراء أبداً، وعلى العالم أن يساندهم».

وقال «هناك فجوة بين الجيل الذى صنع ثورة ١٩٧٩ من ٣٠ سنة، والجيل الذى ولد بعد الثورة، وليس لديه أى حريات، وأدرك أن عليه الكفاح من أجل الحصول عليها لا أعتقد أن هناك دولة أخرى فى العالم يعانى فيها الشباب على هذا النحو. إنهم محبطون ومتشائمون وتتزايد بينهم حالات الانتماء، الشىء الإيجابى الآن أن الناس لم تعد تخاف، وأصبحت لديهم الجرأة على الخروج إلى الشارع».

وأختتم جوبادى تصريحاته قائلاً: «أنا متشائم وأملى قليل فى التغيير، لماذا علىَّ الحياة خارج بلادى، هذه الحكومة طاردة لكل الفنانين». ومن ناحية أخرى أصدر محسن ماخمالباف ومارجان ساترابى بياناً طالبوا فيه قادة العالم بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات.

وقالت ساترابى «ماحدث ليس تزويراً، وإنما انقلاب. ساندوا الحركة الديمقراطية للشعب الإيرانى من أجل أن يعيش فى سلام، وتأخذ إيران مكانها فى العالم كأمة عظيمة الآن وليس غداً، غداً وقت متأخر جداً».

المصري اليوم في

29/06/2009

 

 

حدود التأويل فى نقد «دكان شحاتة» والحدود بين داخل العمل الفنى وخارجه

بقلم   سمير فريد

لا أحب نقد النقاد، فكل ناقد حر فى رأيه، ولكن هناك قضايا موضوعية فى النقد، يحق لكل ناقد أن يناقشها، ويبدى وجهة نظره، لا علاقة لها بأشخاص النقاد، أو العلاقات الشخصية بينهم.

وقد قرأت مقالات نقاد السينما فى مصر حول فيلم «دكان شحاتة» إخراج خالد يوسف، ولاحظت أن العديد منهم يعتبرون الفيلم من وحى قصة النبى يوسف عليه السلام، وبتأثير عمل المخرج مع أستاذه وأحد أساتذة السينما المصرية والعالمية يوسف شاهين «١٩٢٦ - ٢٠٠٨» فى فيلمه «المهاجر» الذى استوحى هذه القصة فعلاً.

وفى اعتقادى أن هذا تجاوز لحدود التأويل، فليس كل فيلم عن أب يفضل أحد أولاده على إخوته يصبح من وحى قصة النبى يوسف عليه السلام، والعلاقة الوحيدة بين قصة النبى وقصة الفيلم هى أن والد شحاتة يفضله على ولديه الآخرين، وحتى سبب التفضيل يختلف تمامًا، فوالد النبى فضله لمزايا جعلت منه نبيًا من أنبياء الله، أما والد شحاتة فيفضله لأنه ابن زوجته الثانية الفاضلة التى توفيت إثر ولادته، بينما ولداه الآخران من زوجته الأولى التى خانته..

ثم ما أسس المقاربة بين والد النبى والجناينى الفقير والد شحاتة، أو بين النبى يوسف وشحاتة البائس الذى لا يجد غرفة يتزوج فيها حبيبته؟

والقضية الثانية هى قضية الحدود بين داخل العمل الفنى وخارجه، فهناك خلاف حول ما هو الداخلى وما هو الخارجى، ولكن ليس هناك خلاف حول أن النقد يجب أن يكون بين داخل العمل، يرى البعض مثلاً أن جنسية الفيلم، أى جنسية الشركة منشأ الإنتاج خارج العمل، ورأى أنها داخلة، ويرى البعض الآخر أن تاريخ انتهاء النسخة الأولى خارج العمل، ورأى أنها داخلة، ولكن هناك شبه اتفاق على أن ميزانية الفيلم وإيراداته خارج العمل الفنى، وهناك اتفاق كامل على أن العلاقات الشخصية مع أى من صناع الفيلم خارج العمل الفنى، وكذلك تصريحاتهم حول عملهم.

وخالد يوسف مخرج كثير الحوارات، وليس هذا عيبًا، وقد كان يوسف شاهين كثير الحوارات بدوره، ويبدو مخرج «دكان شحاتة» فى حواراته ناصريًا متحيزًا واستفزازيًا على نحو ما، وهذا لا يعيبه أيضًا، وإنما على العكس، ولكن الأهم ألا يقوم الناقد بتقييم الفيلم على ضوء تصريحات مخرجه، فالعمل الفنى ما أن ينتهى حتى يستقل عن صانعه.

المصري اليوم في

24/06/2009

 

 

السجادة «حمراء» فعلاً لأول مرة ولكن بلون الدم وليس لون الورد

بقلم   سمير فريد

قال أحد النقاد الأمريكيين عن أفلام مسابقة مهرجان كان هذا العام «السجادة حمراء فعلا، ولكن بلون الدم». وهو على حق. فاللون الأحمر للسجادة التى تفرش على سلالم القاعة الكبرى لقصر المهرجان فى المدينة الشهيرة يقصد به لون الورد الأحمر، رمز الحب، ولكن ولأول مرة فى تاريخ المهرجان العريق كان العدد الأكبر من أفلام المسابقة يتفجر بالدماء.

فى فيلم «المسيخ الدجال» إخراج لارس فون ترير تقوم الزوجة بقطع بظرها بالمقص فى لقطة مكبرة، وتقوم بعمل فتحة فى فخذ زوجها تضع فيها حجر طاحونة، وفى فيلم «عطش» إخراج بارك شان دوك تدرك بعد مشاهدته أن المقصود عطش راهب بوذى إلى سفك الدماء ومص الدماء، وفى فيلم «رسول» إخراج جان أوديارد يقوم السجين بذبح زميل له بالموس، وبالتفصيل فى لقطات مكبرة، وفى فيلم «مذبحة» إخراج بيرلانتى ميندوزا، وعنوانه دال على ما يحدث، إذ فيه يتم تقطيع امرأة بالسكين، وفى فيلم «كتيبة الأوغاد» إخراج كونتين تارانتينو يتم تقطع الرؤوس والأوصال بطرق شتى، وقد فازت كل هذه الأفلام بجوائز فى حفل ختام المهرجان.

منذ سنوات أصبحت بعيدة كان من الممنوع نهائياً عرض أى فيلم يتضمن ولو لقطة واحدة بها هذا القدر من الفن فى مسابقة أى مهرجان دولى، ولم يكن من الممكن عرض مثل هذه اللقطات فى الكثير من دول العالم، ورغم أن التعبير عن العنف لا يعنى بالضرورة تصوير التفاصيل الدموية، إلا أننى ضد منع أى فيلم لأى سبب فى أى مهرجان وفى أى بلد، فهذا اختيار الفنان الذى صنعه، ولنا أن نقبله أو نرفضه، ولكن لا يملك أحد الحق فى منعه والأفلام مثل أى أعمال فنية تبقى أو يطويها النسيان لأسباب تتعلق بالفكر والأسلوب، وليس لوجود أو عدم وجود مشاهد دموية.

ويقال دائماً إن هذه المشاهد «تشجع» على العنف، وفى رأيى أن الأفلام التى تعبر عن الحب لا تشجع عليه، وكذلك التى تعبر عن العنف، فالأفلام تؤثر على الحياة، ولكنها لا تجعل من الأشرار أخياراً، ولا العكس، وما شجع صناع الأفلام على تصوير المشاهد الدموية فى أفلام مسابقة كان هذا العام العنف السائد فى العالم، والمتصاعد منذ بداية الحرب العالمية التى نعيشها منذ ١١ سبتمبر، وما شجع مروان حامد على تصوير المشاهد الدموية فى «إبراهيم الأبيض» العنف المتنامى فى مصر حيث يبدو الفيلم رومانتيكياً بالمقارنة مع ما ينشر فى صفحات الحوادث كل يوم.

المصري اليوم في

22/06/2009

 

 

اليوم مكتبة الإسكندرية تحتفل بمئوية ميلاد الرائد أحمد بدرخان

بقلم   سمير فريد

اليوم ٢١ يونيو، هو اليوم الذى اختارته مكتبة الإسكندرية ليكون «يوم السينما المصرية» السنوى.

ففى هذا اليوم، وكما كشف أحمد الحضرى فى كتابه «تاريخ السينما فى مصر»، نشرت الأهرام خبر تصوير أول فيلم مصرى، وهو الفيلم التسجيلى القصير «زيارة الخديو عباس حلمى الثانى للمعهد العلمى فى مسجد المرسى أبوالعباس فى الإسكندرية»، وليس معروفاً حتى الآن تاريخ تصوير الفيلم، أو ما هو اليوم الذى تمت فيه هذه الزيارة، ولا تاريخ يوم عرضه الأول، فقد جاء فى خبر «الأهرام» أنه سيعرض «فى معرض الصور المتحركة الأسبوع القادم».

وفى «يوم السينما المصرية» هذه السنة تحتفل المكتبة بمئوية ميلاد أحمد بدرخان «١٩٠٩ - ١٩٦٩» الذى يعتبر من جيل رواد السينما الناطقة فى الثلاثينيات من القرن الميلادى الماضى، بعد جيل رواد السينما الصامتة فى العشرينيات والعقدين الأولين،

ومن المفترض أن الاحتفال بمئوية ميلاد سينمائى مثل أحمد بدرخان يكون كبيراً بمقدار ما كان دوره كبيراً، وتشترك فيه كل مؤسسات السينما الحكومية والشعبية بإصدار كتاب تذكارى عنه، وترميم مختارات من أفلامه على الأقل، إن لم يكن كل أفلامه، وعرضها فى برنامج خاص، ولايزال من الممكن أن تقوم هذه المؤسسات بواجبها على أى حال، فالاحتفال بأى مئوية يستمر طوال السنة، والنصف الثانى من هذه السنة يبدأ أول يوليو، ويوم ميلاد بدرخان ١٨ أكتوبر القادم.

بدأ بدرخان مسيرته السينمائية ناقداً وصحفياً، وكان من أعضاء البعثة التى أرسلها طلعت حرب لدراسة السينما فى باريس عام ١٩٣٤، تمهيداً لافتتاحا ستوديو مصر عام ١٩٣٥، وفى عام ١٩٣٦ أصدر كتابه «السينما»، الذى صدر عن مطبوعات «مجلتى» لناشرها ورئيس تحريرها أحمد الصاوى محمد، وقد أخرج بدرخان ٤١ فيلماً روائياً طويلاً من ١٩٣٧ إلى ١٩٦٩، وانتخب نقيباً للسينمائيين، ورئيساً لاتحاد النقابات الفنية، وعين عميداً لمعهد السينما بالجيزة، وعند وفاته كان مستشاراً فى المؤسسة العامة للسينما ورئيس لجنة السينما فى الاتحاد الاشتراكى، فهو لم يكتف بدوره كفنان، وإنما أعطى الكثير للعمل العام من أجل زملائه ومن أجل السينما فى مصر.

ومن أهم أفلام بدرخان، أفلامه الأربعة لأم كلثوم من بين ستة أفلام صورتها كوكب الشرق، ومنها أول أفلامه «نشيد الأمل» ١٩٣٧، وفيلمه الخامس «انتصار الشباب» ١٩٤١، الذى قدم فيه فريد الأطرش وأسمهان لأول مرة، و«قبلة فى لبنان» ١٩٤٥، الذى صوره فى لبنان، و«القاهرة - بغداد» ١٩٤٧، الذى صوره فى العراق، وهو مخرج أول فيلم عن ثورة يوليو «الله معنا» ١٩٥٥، وفيلم «سيد درويش» ١٩٦٦، و«مصطفى كامل» ١٩٥٢، الذى يعرض اليوم فى مكتبة الإسكندرية.

المصري اليوم في

21/06/2009

 

 

مهرجان السينما الأوروبية فى مايو ولماذا لم يصبح حدثاً ثقافياً؟

بقلم   سمير فريد

فترة الجمود التى شهدتها الصحافة الحكومية المسماة قومية فى مصر كانت مرعبة على الصعيد المهنى، ومن بين مظاهر هذا الرعب استمرار رئيس تحرير عشر سنوات وعشرين سنة فى موقعه، فقد أدى ذلك إلى تغيير مفهوم رئيس التحرير فى الصحافة منذ اختراع المطبعة.

لم يعد مديراً للعمل الصحفى، وإنما صار إمبراطوراً من الذين يدعون الحكم بتفويض إلهى. وصار مليونيراً أو مليارديراً، بينما هناك سقف لكل مهنة فى العالم، ولا يمكن بحكم المهنة أن يوجد صحفى من أثرياء أى بلد من عمله فى الصحافة فقط.

ولذلك كنت وما زلت أرى أن تجديد رؤساء تحرير هذه الصحف والمجلات الحكومية هو فى ذاته أمر إيجابى، وكانت سعادتى كبيرة كصحفى مخضرم بالتغييرات الجديدة التى جاءت بالزميل حمدى رزق إلى «المصور» والزميل محمد عبدالنور إلى «صباح الخير»، وغيرهما من الزملاء.

وفى فترة محدودة وضع كل منهم بصمته، وكقارئ قديم من قراء «صباح الخير» وكتابها الكبار مثل أحمد هاشم الشريف ورشاد كامل ورشدى أبوالحسن وغيرهم، أراها بدأت مرحلة جديدة بالفعل شكلاً وموضوعاً.

وفى عدد الثلاثاء الماضى قرأت فى مقال رشدى أبوالحسن عن مهرجان السينما الأوروبية الذى عقد فى مايو الماضى، وعرض ٢٣ فيلماً طويلاً من ٢٣ بلداً من بلدان الاتحاد الأوروبى الـ٢٥ فى المراكز الثقافية لكل من الجمهورية التشيكية وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمجر، الذى حظى بجمهور وافر، ولكنه- كما قال- لم يحظ بالاهتمام الإعلامى الذى يستحقه.

ويلوم أبوالحسن الإعلاميين، كما أصبح يطلق على الصحفيين والنقاد والمذيعين.. ويذكر أن المسؤولة عن الإعلام فى المركز الإيطالى قالت إن عدم المتابعة أصبح ظاهرة تمتد إلى كل الأنشطة، وإنه لهذا أوقفت مديرة المركز إرسال البرنامج الشهرى إلى الصحفيين.

وقد لفت نظرى هذا العقاب المثير للسخرية للصحافة المصرية، الذى يدل على قصور مهنى وتعال ممجوج. وفى تقديرى أن سبب عدم الاهتمام الإعلامى إقامة المهرجان أثناء مهرجان «كان» الذى يحضره أغلب الصحفيين والنقاد والكتاب المهتمين بالسينما فى مصر، وتركيز وسائل الإعلام المنطقى مهنياً على مهرجان «كان».

ويشير أبوالحسن إلى أن القاهرة والإسكندرية شهدتا منذ سنوات أول مهرجان للسينما الأوروبية بمبادرة من كاتب هذه السطور، ورغم أنها كانت ناجحة يتساءل: لماذا توقفت ولماذا لا تتراكم الجهود، ومتى وكيف نتعلم فن البناء والمتابعة؟

وقد سبق أن أوضحت لماذا توقف المهرجان بعد دورته الثانية، والسؤال يجب أن يوجه إلى الاتحاد الأوروبى الغارق فى البيروقراطية والشللية.

المصري اليوم في

16/06/2009

 

 

«دكان شحاتة»..ملحمة شعبية عن واقع مصر منذ اغتيال السادات إلى ما بعد ٢٠١١

بقلم   سمير فريد

بعد رائعة «حين ميسرة» عام ٢٠٠٧، يعود الثلاثى المبدع خالد يوسف مخرجاً وناصر عبدالرحمن كاتباً وكامل أبوعلى منتجاً ليقدموا عام ٢٠٠٩ «دكان شحاتة»، أحد أهم الأفلام فى السينما المصرية المعاصرة، الذى يعبر عن رؤية شاملة لواقع مصر منذ اغتيال الرئيس السادات وتولّى الرئيس مبارك عام ١٩٨١ إلى عام ٢٠٠٥، حيث جرت أول انتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح، ويتجاوز الحاضر إلى المستقبل عام ٢٠١٣ بعد انتخابات الرئاسة القادمة عام ٢٠١١.

يأخذ الفيلم شكل الملحمة الشعبية مثل ملحمة أبوزيد الهلالى، وغيرها من الملاحم التى ترددها الشعوب على مر العصور، وليس شكل الفيلم الواقعى، كما هو معتاد فى الأفلام التى تعبر عن الواقع الاجتماعى والسياسى. وفيه يؤكد خالد يوسف على موقفه الأيديولوجى الناصرى، حيث يرى أن ما أدى إلى اغتيال السادات تخليه عن مبادئ ثورة يوليو ١٩٥٢ ورمزها الرئيس عبدالناصر، وأن ما أدى إلى سلبيات عصر مبارك استمرار سياسات السادات، وأن هذه السلبيات سوف تصل إلى ذروتها عام ٢٠١٣، حيث يقتل الأخ أخاه فى الصراع على الثروة كمصدر للسلطة، ويصل التفاوت الطبقى إلى حد الاقتتال فى الشوارع بالسكاكين.

وهذه الرؤية بالطبع من داخل الفيلم، ولا علاقة لها بتصريحات المخرج، أو أى شىء من خارج الفيلم. وعمل الناقد أن يحلل الفيلم كما صنعه أصحابه، وليس كما يريد.

مولد شحاتة

يتكون البناء الدرامى للفيلم من مقدمة وثلاثة فصول. فى المقدمة، ومع عناوين الفيلم، يخرج شحاتة (عمرو سعد) من السجن عام ٢٠١٣ ليرى الناس يهجمون على قطار محمل بأجولة القمح، وقوات الشرطة تطاردهم، مع أغنية على شريط الصوت مطلعها «لم يبق منى غير بعض الضوء فى عيونى». وعبر عناوين الصحف، ومع كتابة تواريخ الأعوام على الشاشة، نقرأ عن أهم الأحداث التى وقعت فى مصر تنازلياً من ٢٠١٣ إلى ١٩٨١.

ونتوقف عند ١٩٨١ حيث تم اعتقال نحو ألفين من «النخبة» المصرية فيما أطلق عليه البعض «ثورة سبتمبر»، واغتيال السادات فى ٦ أكتوبر. وفى قرية بالصعيد يولد شحاتة، وتموت والدته إثر الولادة، ويحمله والده حجاج (محمود حميدة) فى قطار يتوجه به إلى القاهرة.

عناوين الصحف المختارة لا تهتم بالأحداث السياسية فقط، وإنما أيضاً بكل الحوادث التى روّعت مصر فى العقد الأول من القرن الميلادى الجديد مثل غرق العبارة، وحريق قطار الصعيد، وحريق مسرح بنى سويف، وحريق مجلس الشورى.

ولا ينسى خالد يوسف موت أستاذه يوسف شاهين عام ٢٠٠٨. وفى هذا الفيلم يبدو تأثر التلميذ المشروع بأستاذه، وخاصة فى فيلمى «عودة الابن الضال» ١٩٧٦، حيث يقوم أفراد العائلة فى النهاية بقتل بعضهم البعض، و»هى فوضى» ٢٠٠٧ الذى اشترك فى إخراجه، وعن سيناريو ناصر عبدالرحمن أيضاً.

ويقصد بـ»المشروع» هنا التأثر الذى لا يلغى شخصية التلميذ وأسلوبه ووجهة نظره المختلفة. والتماهى بين الأستاذ والتلميذ فى «هى فوضى» لا ينفى بأى حال أن لكل منهما عالمه الخاص وموقفه الفكرى، وإن اتفقا على التحذير من فوضى تعمُّ المجتمع المصرى مع استمرار الأوضاع التى يتفاقم فيها الفساد، وتتسع المسافة بين القانون والعدل.

شحاتة الدكان

فى الفصل الأول، الذى تدور أحداثه عام ١٩٨١، يصل حجاج إلى فيلا الدكتور مؤنس (عبدالعزيز مخيون) فى ضاحية المعادى بالقاهرة، حيث يعمل جناينياً فى حديقة الفيلا مثل والده، ويعيش فيها مع ولديه «طلب» و«فسالم» وابنته نجاح من زوجته الأولى التى خانته، وتصل هذه المعلومة من خلال حوار بين مؤنس وحجاج فى مشهد «عودة إلى الماضى»، هو الوحيد من نوعه فى الفيلم.

خرج مؤنس لتوّه من المعتقل، حيث كان من بين المعتقلين فى سبتمبر، وهو من اليسار الاشتراكى رغم أصوله الأرستقراطية. وبمناسبة مولد شحاتة يقوم مؤنس بمنح حجاج قطعة من أرض الحديقة يقيم عليها دكاناً لبيع الفاكهة، ويطلق حجاج على الدكان اسم «دكان شحاتة» حباً فى الطفل الذى «شحته» من الله بعد أن تجاوز عمر الشباب، على حد تعبيره. ولكن مؤنس يحذره من تفضيل شحاتة على أخويه من زوجته الأولى.

يضع حجاج على أحد الجدران صورة جمال عبدالناصر، مثله مثل الملايين من الفقراء الذين أصبح عبدالناصر رمزاً للحكام الذين عاشوا وعملوا وماتوا من أجلهم، ومن دون أن يكونوا أعضاءً فى الاتحاد «الاشتراكى»، ولا فى الحزب «الناصرى» بعد ذلك، أو فى أى حزب.

يقول حجاج لمؤنس عندما يسجل قطعة الأرض باسمه: «ولدك محمود لما يرجع من أمريكا حيعمل عمايل»، ولكن مؤنس لا يبالى. وعبر الراديو نسمع أحداث تمرد قوات الأمن المركزى عام ١٩٨٦ والتى كانت سابقة لا مثيل لها فى تاريخ مصر الحديث.

وتمر السنوات، ويكبر «طلب» (صبرى فواز) و»سالم» (محمد كريم) و»نجاح» (غادة عبدالرازق) التى تزوجت وأنجبت من «على» (طارق عبدالعزيز)، ونرى شحاتة الشاب (عمرو سعد).

شحاتة الإنسان

وفى الفصل الثانى، الذى تدور أحداثه عام ٢٠٠٥، تتضح أبعاد شخصية شحاتة المركّبة والعميقة. فهو قوى البنية، يستطيع الانتصار على عدة أشخاص بضربات متلاحقة، ولكنه شديد الطيبة فى نفس الوقت.

إنه يعرف متى يكون عنيفاً ومتى يكون متسامحاً. والطيبة فى مصر كلمة تعادلها فى الإنجليزية الصلاح، ولكن ظلالها المصرية تتجاوز معنى الصلاح، وتشمل أيضاً النبل والقدرة على الاحتمال والتمسك بالأخلاقيات الإنسانية الفطرية.

وقد شغلت «الطيبة» يوسف شاهين كثيراً، وكان رحمه الله يقول دائماً: لا أريد لنفسى إلا أن أكون طيباً، ولا أريد من الآخرين إلا أن يكونوا طيبين معى.

شحاتة إنسان طيب، ولذلك يتسامح مع أخويه «طلب» و»سالم» اللذين يشعران بالغيرة منه منذ الطفولة لتفضيل والدهم له عليهما. وهى الغيرة التى حكمت العلاقة بينهما وبين أخيهم الأصغر.

أما نجاح فهى تحب الثلاثة، وتتعاطف مع شحاتة لأنها تدرك قيمة طيبته، بقدر ما تنفر من زوجها لضعفه وقلة حيلته أمام الصراع بين شحاتة وأخويه.

إنها المرأة المصرية «الجدعة» رغم أنها مغلوبة على أمرها، والتى لا تسكت عن قول الحق، ولكنها لا تملك سوى القول. وتلك من سمات أغلب نساء يوسف شاهين.

شحاتة العاشق

يتبادل شحاتة الحب مع «بيسة» (هيفاء وهبى) شقيقة «كرم» (عمرو عبدالجليل) التى تعيش معه فى غرفة فوق سطح عمارة قريبة من دكان شحاتة، يؤجرها خلسة حارس العمارة «كرار» (أحمد وفيق)، والذى جاء من الصعيد مثلهم جميعاً.

«كرم» لا يعيش فى العشوائيات، ولكنه نموذج لشخصية العشوائى التى أنتجتها عشوائيات القاهرة فى العقدين الماضيين. كان هناك دائماً «البلطجية» فى كل مدن الدنيا، مثل قطاع الطرق فى القرى والصحارى والبحار، ولكن «بلطجى» زمن العشوائيات التى لم تعرفها القاهرة طوال تاريخها الممتد ألف عام ويزيد، له سمات خاصة تتمثل فى «كرم»، وفى مساعده «البرص» (رامى غيط).

بلطجى زمن العشوائيات فى القاهرة لا يعى أى شىء ولا حتى أنه بلطجى. إنه كائن يحمل مطواة أو سكينًا طوال الوقت، وإسالة الدماء عنده أمر عادى، وليست جرماً تحرّمه كل قوانين السماء والأرض التى لا يعرفها. إنها طريقته الوحيدة للبقاء. يردد الأمثال الشعبية، وهى كل ثقافته التى يسمعها هنا وهناك، مع الخلط بينها على نحو صارخ، متصوراً أنها الحكمة بعينها. إنه لا يعرف معنى ما يقول، وحديثه مثل همهمات الإنسان الأول قبل أن ينطق.

يتزوج «كرم» من الطالبة «إنجى» (ريهام عادل) بطريقة عشوائية أيضاً، فهو يتقدم لطلب يدها من أمها الضريرة بائعة الحلوى على الرصيف، ويقول لها هيا نكتب الكتاب بسرعة لأننى تركت موتور السيارة يعمل فى موقف سيارات الأجرة، وهو الموقف الذى يمارس فيه البلطجة مع مساعده البرص.

وفى مشهد- ذروة، ومن أجرأ المشاهد السياسية فى السينما المصرية، تتم الاستعانة بـ»كرم» فى انتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٥، ونراه يمزق الأوراق النقدية إلى نصفين يعطى للناخب نصفاً قبل دخول موقع صناديق الانتخاب، ويعطيه النصف الثانى بعد أن يدلى بصوته، فضلاً عن توزيع الدجاج المجمد، وغير ذلك من وسائل شراء الإرادة.

ومن هذا المشهد ننتقل إلى حجاج وهو يطلب من شحاتة أن يدارى شرخاً فى الجدار بصورة عبدالناصر. يقول شحاتة إن الصورة لن تدارى الشرخ، ويرد والده: داريه على قدر المستطاع. وهنا يبدو تحيز خالد يوسف الأيديولوجى إلى عصر عبدالناصر وثورة يوليو، فتزوير الإرادة وتزوير الانتخابات ارتبط بأغلب الانتخابات والاستفتاءات، وخاصة بعد ثورة يوليو، وفى كل الأنظمة غير الديمقراطية.

يطلب سالم من حجاج أن يتزوج بيسة رغم علمه بالحب المتبادل بينها وبين شحاتة، ويرفض حجاج، ويقرر زواج شحاتة وبيسة. ويوافق كرم، ولكنه يشترط ضمان حق شحاتة فى الدكان، والذى يشك فى حصوله عليه من أخويه بسبب تسامحه معهما.

شحاتة المظلوم

يموت حجاج، ويحمل أولاده الجثمان فى سيارة إلى مقابر القرية فى الصعيد، وفى الطريق نرى أهالى بنى سويف فى مظاهرة بعد حريق المسرح.

وفى مشهد- ذروة آخر، ومن أكثر مشاهد الفيلم براعة فى الإخراج والتمثيل، يبدأ الصراع بين شحاتة وأخويه بعد دفن الجثمان مباشرة، ويضطر شحاتة إلى مواجهة إهانة أخويه لاسم والده بضربهما ضرباً مبرحاً بينما تصرخ نجاح، وتدوّى صرخاتها فى البرية. وينتهى المشهد بترك شحاتة وحده فى المقابر يبكى ويناجى والده.

يذهب مؤنس إلى أمريكا للعلاج، ويأتى ابنه محمود إلى القاهرة، ويقرر بيع الفيلا لتكون منزلاً لسفير أجنبى، ويعطى مليون جنيه لأولاد حجاج فى غياب شحاتة حتى يغادروا الفيلا.

وفى مشهد مونتاج يتذكر شحاتة والده وهو يساعده على الاستحمام، وفجأة، يتم القبض على شحاتة بتهمة تزوير عقد يبيع فيه والده الدكان له وحده، ويحكم عليه بالسجن ظلماً. وتتزوج بيسة من سالم تحت ضغط كرم، ورغم محاولتها الانتحار أكثر من مرة تخلصاً من ذلك الزواج، فإنها تظل على حبها لشحاتة، وتزوره فى السجن، ولا تستطيع أن تنساه.

شحاتة الطيب

وفى الفصل الثالث والأخير نعود إلى عام ٢٠١٣ زمن المقدمة، وذلك عن طريق إعادة مشاهد خروج شحاتة من السجن، وسرقة قطار القمح، ومرة ثانية نرى شحاتة يتذكر والده فى مشهد مونتاج، وعندما يتوجه إلى الفيلا لا يجد الدكان، ولا يجد إخوته، ويجد الفيلا وقد تحولت إلى منزل سفير إسرائيل فى القاهرة.

وهنا مرة أخرى يبدو تحيز خالد يوسف الأيديولوجى من حيث الإيحاء بأن الفيلا هى مصر، وأنها تحولت إلى منزل سفير إسرائيل، ومن حيث التأكيد على أن من باع مصرى، ولكنه جاء من أمريكا.

فإسرائيل لم تستول على مصر، وسفيرها يعانى العزلة بسبب تأييد مصر لحقوق الشعب الفلسطينى التى ترفضها إسرائيل، والذى باع الفيلا كان من الممكن أن يأتى من باريس أو طوكيو، وليس بالضرورة من أمريكا.

يبحث شحاتة الطيب عن أخويه وأخته لسبب واحد وهو أنه يفتقدهم بعد ثمانى سنوات طوال فى السجن، ولا يعنيه قط بكم بيع الدكان وما نصيبه، بل لا يعنيه من كان وراء سجنه ظلماً ولماذا، كما يبحث عن حبيبته بيسه، ويتذكر اللحظات الجميلة بينهما فى مشهد مونتاج ثالث.

إنه لا يفكر فى الماضى، وإنما فى الحاضر، ولا يعرف ما هو المستقبل. تشده عواطفه وتحركه، ويذهله الصراع على الخبز والمياه فى الشوارع، ويتطوع للدخول فى معركة بين البلطجية لإنقاذ البرص لأنه يعرفه، ورأى كثرة تهجم عليه وهو وحده.

نرى طلب وسالم وقد أصبحا من سماسرة العقارات الأثرياء، وبيسة تعيش مع سالم وقد أنجبا طفلاً، إلا أن الحياة بينهما تخلو من الحب، وتخلو حتى من التفاهم، ويستغل كرم من ناحية، وكرار من ناحية أخرى، رغبة طلب وسالم فى عدم توصل شحاتة إليهما على أساس أنه يريد الانتقام منهما. وتسعى نجاح للالتقاء مع شحاتة عندما تعرف مكانه، وفى منزلها يرى صورة عبدالناصر القديمة التى كانت فى الدكان، ويتذكر والده، ويقول وهو يتطلع إلى الصورة «الله يرحمك يا با».

تحلم بيسة أنها مع شحاتة فى الفراش فى مشهد حلم يقظة عندما تعرف أنه خرج من السجن، ويعرف شحاتة أنها تزوجت سالم، ورغم الصدمة الكبيرة يغفر لهما. ويعرف الطريق إلى طلب وسالم، ويتوجه إليهما يوم زفاف ابن طلب الكبير، وكل الجيل الثالث لا يعرف عمه شحاتة سواء من أبناء نجاح أو طلب أو سالم، وكذلك ابن كرم وإنجى المصاب بالسرطان.

شحاتة الضحية

يذهب شحاتة إلى أخويه لمجرد رؤيتهما، فهو يقول دائماً، وبعفوية فطرية، إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده، ولكنهما يتصوران أنه جاء للانتقام، وبينما يدرك طلب الحقيقة فى الحديقة، حيث يقام حفل الزفاف، يأتى سالم من داخل المنزل مسرعاً وقد طاش صوابه ويطلق الرصاص على شحاتة دون تردد، ويسقط شحاتة، وتدوى صرخات نجاح وبيسة، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يأتيه البرص ومعه جماعته من البلطجية، ويعاهده على الانتقام، ولكن شحاتة يرفض، وتكون آخر كلماته «دول إخواتى».

تبدأ جماعة البرص تدمير كل شىء، وننتقل من الفرح الذى تحول إلى مأتم إلى المشهد الأخير لشوارع وميادين مدينة القاهرة، حيث نرى المطاوى والسكاكين تشهر فى لقطات كبيرة، والناس يتزاحمون فى لقطات عامة، ورجال الشرطة يستعدون لإطلاق الرصاص فى لقطات متوسطة، وفى الجدل بين هذه اللقطات يبدو وكأننا فى «آخرة» الأيام.

المنطق الداخلى

أسلوب خالد يوسف فى إخراج الفيلم يتناسب مع طبيعة البناء الدرامى الذى شيده ناصر عبدالرحمن، وذلك من حيث تجاوز الواقعية إلى الملحمة الشعبية وإطلاق العنان للخيال، وإن كان يعبر عن الواقع. ويتوقف نجاح هذا الأسلوب، مثل أى أسلوب، على مدى التمكن من صنع منطق داخلى لتلقى الفيلم لكى يصدق المتفرج ما يراه درامياً حتى لو لم يكن يحدث عادة فى الواقع.

وقد نجح خالد يوسف فى صنع ذلك المنطق الداخلى، وذلك بالانتقال الحر بين الأزمنة من ٢٠١٣ فى المستقبل القريب، إلى ١٩٨١ فى الماضى القريب، و٢٠٠٥ فى الماضى الأقرب.

وبالخروج الحر من الحاضر إلى الماضى فى مشهد الإخبار عن خيانة الزوجة الأولى لحجاج، ومن الواقع إلى الحلم فى مشهد حلم بيسة بشحاتة، وفى مشاهد المونتاج الثلاثة التى يتذكر فيها شحاتة والده وحبيبته.

ويتأكد المنطق الداخلى لعالم الفيلم بالجمع بين الروائى والتسجيلى فى المشاهد الأولى والأخيرة، والجمع بين الحوار والأغانى والمواويل على شريط الصوت من البداية إلى النهاية، فضلاً عن سلوك الشخصيات وأسلوب توجيه الممثلين والممثلات.

إننا لا نرى أحداً يمارس الحياة اليومية العادية، وإنما الجميع فى لحظات الذرى الدرامية التى تدفع الأحداث، وعلى سبيل المثال نحن لا نرى فى «دكان شحاتة» فردا واحدا يدخل لشراء الفاكهة.

وبموازاة غياب الحياة اليومية العادية، نرى فى أول مشهد من المقدمة العلاقة بين السجان والسجين، وبين السجناء فيما بينهم، وكأنهم أسرة واحدة، وتربط بينهم أخوة أعمق من التى تربط بين الإخوة من أب واحد فى الفيلم.

ومن هنا نتقبل ما لا يحدث فى الواقع عادة وكأنه يحدث كل يوم. مثل تنازل صاحب الفيلا عن جزء من الحديقة للجناينى، والحوار الذى يدور بينهما كصديقين، بل يتجاوز فيه الجناينى عندما يقول له إنك لمجنون.

فى هذا العالم نتقبل مثالية شحاتة المفرطة، وجشع طلب المفرط، وحماقة سالم المفرطة، وعجز نجاح المفرط، وبساطة والدهم المفرطة، وحب بيسة المفرط، وعدوانية كرم المفرطة، وضعف على المفرط.

وهذا الإفراط فى الطبائع من سمات لا واقعية الملاحم والسير والحكايات الشعبية، وهل هناك من يفكر كيف يقتل أبوزيد عشرة رجال بضربة سيف واحدة، أو كيف يطير البساط السحرى فى ألف ليلة وليلة.

وفى إطار هذا العالم نتقبل أيضاً أن يقوم كرم بدعوة بيسة للرقص أمام شحاتة، وفجأة ينقلب عليه ويصارعه بالعصا حتى يكاد يقتله ليتأكد أنه قوى وجدير بالزواج من شقيقته.

ونتقبل محاولات بيسة المتكررة للانتحار، ونجاتها بعد أن اشتعلت فيها النيران فى إحدى هذه المحاولات، بل نجاتها بعد أن ألقت بنفسها من الدور السابع فى محاولة أخرى.

الأغانى والمواويل

يوظف خالد يوسف الإضاءة والألوان (مدير التصوير أيمن أبو المكارم)، والديكور (تصميم حامد حمدان)، والأزياء (تصميم منية فتح الباب)، توظيفاً صحيحاً للتعبير عن عالم الفيلم الخاص لكى نصدقه درامياً، ونتابعه باستمتاع مثل كل عمل فنى جميل. ويقوم المونتاج المتميز الذى قامت به غادة عزالدين بدور رئيسى فى التعبير عن ذلك العالم،

وقد كان امتحاناً صعباً اجتازته المونتيرة بمهارة، ولكن المخرج لا ينجح بنفس القدر فى استخدام الأغانى والمواويل رغم أنها العنصر الأساسى فى أسلوب الملحمة الشعبية، ورغم الكلمات المعبرة والألحان القوية، إلى جانب رداءة ميكساج الصوت.

مباراة فى التمثيل

يصل خالد يوسف فى هذا الفيلم إلى ذروة جديدة من التمكن فى اختيار الممثلين والممثلات فى الأدوار التى تناسبهم، وفى إدارتهم على نحو بارع حتى إن الفيلم يعتبر مباراة شائقة فى التمثيل فى كل الأدوار من أكبرها إلى أصغرها، ما عدا هيفاء وهبى فى دور بيسة، فهى ربما تملك موهبة الغناء، ولكنها لا تملك موهبة التمثيل.

يبرز فى مباراة التمثيل محمود حميدة فى دور حجاج وعبدالعزيز مخيون فى دور مؤنس، فكلاهما فى أوج النضج والتألق والسيطرة على كل حركة وكل كلمة، ويصل عمرو عبدالجليل فى دور كرم، وصبرى فواز فى دور طلب إلى درجة كبيرة من الإتقان.

وكذلك أحمد وفيق فى دور كرار، وطارق عبدالعزيز فى دور على فى حدود دوريهما القصيرين، وبدرجة أقل جاء أداء محمد كريم لدور سالم ربما بسبب لحيته التى لا مبرر لها، وعدم سيطرته على العصبية المفرطة التى يفرضها الدور.

لم يتح دور نجاح للممثلة الكبيرة غادة عبدالرازق أن تقدم دوراً كبيراً مثل دوريها مع خالد يوسف فى «حين ميسرة» و»الريس عمر حرب». أما عمرو سعد فى دور شحاتة، ورغم تأثره بأداء أحمد زكى لدور الصعيدى فى «الهروب» إخراج عاطف الطيب عام ١٩٩١، إلا أن أداءه لا يقل عن أداء أحمد زكى، ويثبت هذا الدور أصالة موهبته، وأنه نجم من نجوم المستقبل فى السينما المصرية.

وقد قدم فى الفيلم عدة مشاهد «ماستر سين» لم يتردد المخرج فى استخدام اللقطات الكبيرة لوجهه فيها، مثل مشهد مناجاة والده فى قبره، واكتشاف خيانة أخيه، وكلماته الأخيرة قبل أن يموت.

«دكان شحاتة» عمل فنى كبير لمجموعة من كبراء السينما فى مصر القادرين على إثراء حاضرها ومستقبلها.

المصري اليوم في

10/06/2009

 

 

«فارايتى»: «هليوبوليس» بداية محترمة للمخرج الجديد أحمد عبدالله

بقلم   سمير فريد

نشرت «فارايتى» على موقعها الإلكترونى النقد الوحيد، الذى نشر عن فيلم مصرى عرض فى سوق «كان» فى صحف السينما الدولية، وهو نقد فيلم «هليوبوليس»، أول فيلم طويل للمخرج أحمد عبدالله، الذى بدأ حياته الفنية مونتيرًا، وقام بمونتاج الفيلم إلى جانب كتابة السيناريو، واشترك فى تمثيله خالد أبوالنجا ويسرا اللوزى وحنان مطاوع والممثلة الكبيرة عايدة عبدالعزيز.

كتب النقد جى ويسبيرج، وهو ناقد أمريكى شاب، عهدت إليه «فارايتى» بنقد أفلام منطقة «الشرق الأوسط» منذ سنوات، وهى المهمة التى كانت تقوم بها ديبورا يونج سنوات طويلة قبل أن تنتقل للعمل فى «هوليوود ريبورتر» الصحيفة اليومية الأخرى التى تصدر عن السينما فى أمريكا، والمنافس العتيد لـ«فارايتى»، ويمكن القول بأن «جى» خير خلف لخير سلف كما نقول فى ثقافتنا العربية، فكلاهما من النقاد الذين يدرسون الثقافة التى ينتمى إليها الفيلم والسينما التى جاء منها، وكلاهما من الأصدقاء الذين أعتز بصداقتهم من نقاد السينما فى العالم.

شاهد جى «هليوبوليس» فى العرض الذى أقيم يوم ٢٠ مايو فى السوق الدولية التى تنعقد أثناء مهرجان «كان». وحسب تقاليد النقد فى «فارايتى» يذكر الناقد متى وأين عرضت نسخة الفيلم التى كتب على أساسها نقده، ومدة عرض النسخة، فالأفلام من نسخ، وقد تختلف لأسباب أو أخرى.

يقول ويسبيرج: «على نحو مفعم بالحب جدير بانتباه الجميع يبدأ أحمد عبدالله بداية محترمة فى فيلمه الطويل الأول الذى يعبر عن نظرة نقدية حادة للمجتمع المصرى، تمتزج مع حنين إلى الحياة قبل ثورة ١٩٥٢، يتأثر عبدالله بمؤلفى السينما الأوروبيين، مثل يسرى نصرالله، أكثر من أساليب الأفلام المصرية الشعبية، ويبدو مخلصًا لجذوره كمونتير من خلال المونتاج الجيد، وبصفة عامة تناوله البارع للقصة كورالية الطابع التى تعبر بصورة مؤثرة عن متاعب الطبقة الوسطى فى القاهرة.. الفيلم قد يواجه عراقيل رقابية عند عرضه فى مصر، ولكن يجب على المهرجانات أن تضعه فى حساباتها».

ويشير الناقد إلى أن منتج الفيلم شريف مندور هو ذاته منتج «عين شمس»، وأنه منتج مستقل لأفلام ذات ميزانيات محدودة، ولكن محدودية هذه الميزانيات لا تبدو فى الأفلام ذاتها على الشاشة..

ويقول إن التمثيل فى الفيلم متماسك، مع إشارة خاصة إلى عاطف يوسف وآية سليمان وخالد أبوالنجا، وقوة المشهد الأخير، ويذكر أن تصحيحات الألوان والصوت لم تتم بصفة نهائية فى النسخة التى شاهدها، ولكن هناك استخدامًا جيدًا لموسيقى أمير خلف التى تقطر حزنًا.

المصري اليوم في

09/06/2009

 

 

التبرعات لن تنقذ السينما فى أفريقيا وما هو دور مهرجان الجزائر المرتقب

بقلم   سمير فريد

مصر ليست فقط عربية وإن كانت لغتها هى العربية، وليست فقط إسلامية وإن كان دين الأغلبية هو الإسلام، وإنما مصر أيضًا أفريقية وآسيوية ومتوسطية نسبة إلى البحر المتوسط، ونيلية نسبة إلى حوض نهر النيل، وذلك فضلاً عن طبقاتها التاريخية المتراكمة من مصر القديمة (الفرعونية) إلى مصر اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وهى جماع تلك الجغرافيا وذلك التاريخ.

وطالما دعوت إلى مهرجان للسينما الأفريقية فى مصر، وثانٍ لدول حوض نهر النيل العشر، وآخر للسينما العربية، كما أن هناك مهرجانًا لدول البحر المتوسط فى الإسكندرية، ومن هنا اهتمامى الخاص بالسينما الأفريقية فى مهرجان «كان» وغيره من المهرجانات الدولية التى أحضرها. وقد تناولت أمس الفيلم الأفريقى الوحيد الذى عرض فى «كان» ٢٠٠٩، وهو الفيلم المالى الفرنسى «قل لى من أنت» إخراج سليمان سيسى، وكانت المعلومات المتداولة عنه أنه فرنسى مالى حتى شاهدت الفيلم وقرأت العناوين المطبوعة، وهى المصدر الأصلى لأى معلومات عن أى فيلم، ويعكس مستوى الفيلم المخيب للآمال الأزمة العنيفة التى تعانى منها السينما الأفريقية وأقصد هنا أفريقيا السوداء، وليس أفريقيا العربية وربما كان من أسباب ضعف الفيلم أن مخرجه رغم اسمه العالمى الكبير لم يقف وراء الكاميرا منذ عام ١٩٩٥، أى منذ ١٢ سنة كاملة.

والأزمة ليست أزمة إنتاج فقط، وإنما أزمة شاملة تتضمن التوزيع ودور العرض والاستديوهات والمعامل، ومن هنا فإن أغلب الإنتاج الأفريقى مدعوم بشكل أو آخر من البلاد الأوروبية التى كانت تحتل أغلب دول أفريقيا، خاصة فرنسا، وفى حوار منشور أجراه صحفى فرنسى مع سيسى يسأله عن رأيه فى قول ساركوزى رئيس فرنسا الحالى إن أفريقيا وضعت على هامش التاريخ، وكان رد سيسى البعض يعتقد أن ثقافته هى كل ثقافة العالم، وإذا لم تكن ثقافتنا معروفة لغيرنا فهذا ليس خطأنا، أفريقيا حقيقة، وقد مرت بكل العصور من الحضارات القديمة ومنها الفرعونية إلى العصر الحديث.

وشهد المهرجان حفلاً لجمع التبرعات لبناء دور عرض فى أفريقيا دعا إليه المخرج الموريتانى عبدالرحمن سيساكو، وتبرع فيه جيل جاكوب، رئيس المهرجان، والممثلة العالمية جولييت بينوش كل منهما بخمسة آلاف يورو، كما شهد الإعلان عن المهرجان الثقافى الأفريقى الثانى فى الجزائر من ٤ إلى ٢٠ يوليو المقبل بعد ٤٠ سنة من إقامة المهرجان الأول، ولكن التبرعات لن تنقذ السينما فى أفريقيا بالطبع، كما أن دور المهرجان المرتقب المساهمة فى الخروج من الأزمة بمبادرات جادة، وهذا ما نأمله وكل من يهمه الأمر.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

03/06/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)