تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

"إيلاف" تفتح ملف الذاكرة المرئية في العراق، وتستجلي أسباب فقرها وقصورها(24)

سمير زيدان: ما زال الفيلم العراقي يحبو ولم يصل مرحلة الاحتراف

المخرج العراقي المحلي ما زال يعمل بذائقة فنية قديمة

حاوره عدنان حسين أحمد من لندن

تشكّل الذاكرة الثقافية رصيداً بالغ الأهمية لأي شعب من الشعوب، فكيف اذا كان الأمر يتعلق ببلد عريق ذي حضارات متعددة وموغلة في القدم مثل العراق. ولأن الذاكرة الثقافية مفردة واسعة وعميقة الدلالة، وتضم في طياتها الذاكرة المرئية والمسموعة والمكتوبة، إلا أن استفتاء "إيلاف" مكرّس للذاكرة المرئية فقط، والتي تقتصر على السينما والتلفزيون على وجه التحديد. ونتيجة للتدمير الشامل الذي  تعرضت له دار الإذاعة والتلفزيون، ومؤسسة السينما والمسرح، بحيث لم يبقَ للعراق، إلا ما ندر، أية وثيقة مرئية. فلقد تلاشى الأرشيف السينمائي العراقي بشقيه الروائي والوثائقي. وعلى الرغم من أن السينما العراقية لم تأخذ حقها الطبيعي على مر الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، كما لم يحضَ السينمائيون العراقيون بأدنى اهتمام من مختلف الحكومات العراقية التي كانت منشغلة بموازناتها السياسية، وبأرشفة أنشطتها المحدودة التي لا تخرج عن إطار الذات المرَضية المتضخمة. وقبل سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد كان السينمائيون العراقيون يعلِّقون الآمال على حكومة العراق الجديد التي تمترست خلف أطاريح الديمقراطية، والتعددية السياسية، والتناوب السلمي على السلطة من دون انقلابات أو ثورات يفجرها مغامرون عسكريون مصابون بعقدتي السجادة الحمراء والموكب الرئاسي، غير أن واقع الحال يكشف، خلافاً للتمنيات المعقودة، بأن نصيب الذاكرة المرئية من الرعاية والاهتمام يكاد يكون معدوماً، بل أن بعض السينمائيين العراقيين قد بات يخشى من تحريم هذا الفن الرفيع أو اقامة الحد عليه. لقد عنَّ لـ "لإيلاف" أن تثير خمسة محاور أساسية في محاولة منها لاستجلاء واقع السينما العراقية عبر تفكيك منجزها الروائي والوثائقي على قلته، ورصد حاضرها المأزوم، واستشراف مستقبلها الذي نتمنى له أن يكون مشرقاً وواعداً بحجم تمنيات العراقيين وتطلعاتهم نحو حياة حرة، آمنة، مستقرة، كريمة.

أسئلة الملف السينمائي

1-على الرغم من غنى العراق وثرائه الشديدين، مادياً وبشرياً، إلا أنه يفتقر إلى الذاكرة المرئية. ما السبب في ذلك من وجهة نظرك كمخرج "أو ناقد" سينمائي؟

2-أيستطيع المخرجون العراقيون المقيمون في الداخل أو المُوزَعون في المنافي العالمية أن يصنعوا ذاكرة مرئية؟ وهل وضعنا بعض الأسس الصحيحة لهذه الذاكرة المرئية التي بلغت بالكاد " 105 " أفلام روائية فقط، ونحو 500 فيلم من الأفلام الوثائقية الناجحة فنياً؟

3-فيما يتعلق بـ " الذاكرة البصرية " كان غودار يقول " إذا كانت السينما هي الذاكرة فالتلفزيون هو النسيان " كيف تتعاطى مع التلفزيون، ألا يوجد عمل تلفزيوني ممكن أن يصمد مدة عشر سنوات أو أكثر؟ وهل كل ما يُصْنَع للتلفاز يُهمل ويُلقى به في سلة المهملات؟

4-كيف نُشيع ظاهرة الفيلم الوثائقي إذاً، أليس التلفاز من وجهة نظرك مجاله الحيوي. هناك المئات من الأفلام الوثائقية التي لا تحتملها صالات السينما، ألا يمكن إستيعابها من خلال الشاشة الفضية؟

5- في السابق كانت الدكتاتورية هي الشمّاعة التي نعلّق عليها أخطاءنا. ما هو عذرنا كسينمائيين في ظل العراق الجديد؟ وهل هناك بصيص أمل في التأسيس الجدي لذاكرة بصرية عراقية ترضي الجميع؟

 

فيما يلي الحلقة الرابعة والعشرون التي يجيب فيها المخرج سمير زيدان على أسئلة ملف السينما العراقية.

سمير زيدان: المخرج العراقي المحلي ما زال يعمل بذائقة فنية قديمة

أعقد الفنون

1- السينما بشكل عام تحتاج الى رأس مال. وقد جازف الكثير من الطموحين منذ ظهورها وحتى الآن بأموالهم "التمويل الذاتي" لخلق فيلم وقد قصمت  ظهور أغلبيتهم ونجح القليل "وهم بعدد أصابع اليد" بإرجاع رأسماله، أو إستطاعو تحقيق انتصار بسيط "غالبا مايكون أن ينتبه اليهم ممول تجاري أو مؤسسة ثقافية في بلادهم". هناك قصص كثيرة في كل بلد عن هؤلاء المغامرين. والعراق لم ولن يخلو من الطموحين، ومن يعرف تاريخ السينما العراقية يجد الكثير من هؤلاء المغامرين الفاشلين والقليل الناجحين منهم. من بين الناجحين خليل شوقي في تجربة فيلم "الحارس" وعدي رشيد بتجربة فيلم "غير صالح للعرض" ومحمد الدراجي في فيلم "أحلام". والثلاثة المذكورين هنا على الرغم من تباين المستوى الفني لتلك الأفلام لم يحصلوا إلا على القليل من الـتألق المستحق "كأن تهتم بهم المؤسسات الثقافية العراقية وتمول أعمالهم" فالفنان الكبير خليل شوقي لم يمول له فيلم ثاني رغم نجوميته كممثل عملاق في المسرح والتلفزيون لإعتبارات سياسية معينة في العهد الماضي. والنجاح بفيلم واحد لا يعني بالضرورة نجاح الفيلم الثاني. لكن ان لم يعمل المخرج عدة أعمال فلن تتوفر له الخبرة التراكمية الفنية العالية التي هي بحاجة دائما الى التطور. الفشل والنجاح يعود الى ان الفيلم تركيبي يشمل كل الفنون "المسرح من تمثيل وإخراج، الرسم والنحت من ضوء وتكوين الخ، الفوتوغراف، الموسيقى والغناء، الأدب من قصة ورواية وشعر" إضافة الى تعقيده التكنولوجي لكي يحتوي بالتالي كل الفنون بشكله النهائي مارا من خلال آلات تسمح لها مجتمعة بالوصول الى حاستي السمع والبصر في نفس الوقت واللتين تؤثران على الذهن فيحدث التمويه بحقيقة جديدة وواقع جديد وهذا مايجعله أعقد الفنون. كل هذا يتطلب العنصر المادي الذي يغطي تكاليف الخبرات المختلفة المستخدمة لإنتاج الفيلم المحترف. وللأسف ما زال الفيلم العراقي يحبو ولم يصل مرحلة الاحتراف لعدم وجود التمويل من المؤسسات الضخمة.

تمويل الأفلام

2- الفيلم فن وصناعة. في أوروبا نستطيع الجزم، بأن تمويل الافلام الجادة "الفنية" تقوم به وزارات الثقافة، أو المؤسسات السينمائية التي أنشأتها تلك الوزارات، ولا حاجة للدخول بالتفاصيل، فهناك آليات في كل دولة اوربية تختلف كثيرا أو قليلا فيما بينها من حيث المسؤولية. الدول العربية في شمال أفريقيا والتي تسمى بالفرانكفونية "الناطقة بالفرنسية" تعتمد أغلب أفلامها على تمويل المؤسسات الفرنسية الثقافية المختلفة. وفي سوريا مؤسسة سينما تمول الأفلام رغم قلتها. العراق بحاجة لتمويل الافلام السينمائية، حاله كحال الدول الاخرى وهذه من مسؤولية وزارة الثقافة ولا يمكن للوزارة أن تتملص منها. ومن الممكن لوزارة الثقافة أن تضع خطة لتمويل الإنتاج السينمائي الروائي والوثائقي إضافة الى الإنتاج التلفزيوني الدرامي. لأن ما يُنتج الآن هي جهود بسيطة لمخرجين أو فضائيات لا تملك كلفة الإنتاج الضخم على صعيديه الوثائقي والروائي.

مليون دولار وثلاث جوائز

3- إذا اردنا أن ننتج أفلاما أو مسلسلات تخلد في الذاكرة البصرية العراقية وتبقى فخر ثقافي لهذا الجيل والأجيال اللاحقة يجب أن نفهم ميكانيكية صناعة الفيلم، فكل ما تصنعه يجب تسويقه. صالات السينما في العراق أعدادها قليلة وهي قديمة وقد تحولت معظمها لأغراض أخرى غير عرض الافلام. لو دخلت الآن الى الصالات الحديثة لوجدت أن بناية السينما تحتوي على عدة صالات منها الكبيرة والصغيرة وفيها المقاهي "وبما ان رأس المال الخاص جبان" نحن  بحاجة الى أن تتشكل لجنة في وزارة الثقافة لشراء أبنية السينمات القديمة لغرض هدمها وبناء أبنية حديثة تحتوي على عدة صالات في كل مراكز المحافظات متبنية أمر تسويق الفيلم العراقي والاجنبي.

نحن بحاجة الى أن تتبنى وزارة الثقافة تمويل إنتاج المسلسلات العراقية فلنأخذ مثلا مسلسل "الباشا" ألا يستحق هكذا موضوع تاريخي أن يمول من أموال الوطن ويصبح عملاً يرتقي الى الأعمال الخالدة لو توافرت له امكانية التمويل أو مسلسل "أمطار النار" أو "سارة خاتون" وغيرها. فلو خصصت وزارة الثقافة مليون دولار وقسمته كثلاث جوائز انتاجية لثلاث مسلسلات سنويا وشملت الجوائز هذه الأعمال المذكوره أعلاه، لرأيت الفرق وعلى كل الأصعدة الفنية ولأصبحت أعمال خالدة بحق. ومليون دولار وليس دينار هو مبلغ زهيد جدا لإثبات الانتاج التلفزيوني وتطويره واستقطاب مخرجين ومصورين عراقيين مغتربين وأجانب يملكون الموهبة والتقنية العالية على القليل في هذه الفترة لتنشأ كوادر تواكب العصر. مليون دولار سنويا لتمويل ثلاث مسلسلات "لثلاث قنوات فضائية مختلفة" هو لا شيء قياسا لما يمكننا خلقه من ذاكرة جمعية في وطننا الذي هو في أمس الحاجة لها الآن ومليون دولار لخمسة أفلام أو ما قارب ذلك. ونصف مليون دولار للأفلام الوثائقية لنمول ما لايقل عن 50 فيلما عراقياً وثائقيا. شرط التمويل يجب أن يتوافر. لا يمكننا أن نقول بأن فيلم الرسالة أو عمر المختار تم برأس مال بسيط، أو حتى انتاج مسلسل تاريخي منتج في سوريا. الشاشة الفضية لها سوقها المباشر الذي يدخل كل البيوت العراقية ومن خلالها نستطيع رفع الذوق الفني الجماهيري بدل الاعتماد كليا على انتاج المسلسلات العراقية المرتجلة وغير المتكاملة فنيا أو عرض المسلسلات التركية المدبلجة.

المواكبة الفنية

4- من المؤسف أن أعترف بأن الكثير من المخرجين يبالغون بقدراتهم ويتفاخرون بما هم غير مؤهلين به، يتبعهم الكثير من النقاد يجملون صور عنهم، ومؤسسات انتاجية تمنحهم جوائز، لكن حين أراها أفاجأ برداءة مستواها الفني والتقني. بالطبع هي لا تخلو من نية حسنة القصد في الطرح أي فيها موضوع جيد. ولا أستطيع القول بأنهم لايبذلون جهدهم وابداعهم ومواهبهم لكن نتاجهم لا يصل بحدوده القصوى المرحلة البدائية من الناحية التقنية والفنية، قياسا بمستوى الفيلم أو المسلسلات التي تنتج حتى في أقرب الدول جغرافيا لنا. المسلسلات التلفزيونية العراقية بسيطة تنقصها المواكبة الفنية المعاصرة وعلى كل  الأصعدة فالمخرج العراقي المحلي ما زال يعمل بذائقة فنية قديمة "سبعينية" والمصور المحلي يفتقر الى تراكم الخبرة الحديثة بالإنارة. بينما الممثل العراقي يبقى شامخا بقدرته. لتراكم خبرته في التمثيل. وهو متعود على منح ثقته لمخرجي العراق المسرحيين المحترفين "الذين استطاعوا رغم كل الظروف التي أحاطت بالوطن أن يواكبوا العصر ويخلقوا أساليب مبدعة" لذا منح ثقته لمخرج التلفزيون الذي خذله، للنقص الكامل بالخبرة الاخراجية المعاصرة التي تستعمل الكاميرا ,"أنا هنا لا ألقي اللوم على أي مخرج لأن فترة الحصار منعتهم عن التطور كذلك النظام السابق الذي لم يهتم بالمواهب بعد انشغاله بحروبه الهوجاء" فتشوهت معايشات الممثل الانفعالية لتتسطح شخوصه التي حاول تركيبها. الممثل العراقي بعد رؤيته للعمل وهو يبث من الشاشة على الجمهور يصاب بالخيبة دون أن يفهم سبب تسطح معايشاته "لأن التصوير والاخراج التلفزيوني ليس من إختصاصه". في المسلسل العراقي تظهر هزالة المشهد بديكوره الفقير أو المبالغ به، فلا تنسجم الإناره بطريقة التصوير ولا إختيار تكوين الصورة أو زوايا العدسة تلائم التمثيل ولا التقطيع يحاول مساندة الممثل أو يطابق ميكانيكية التقبل السيكولوجي عند المتفرج، لذا يضيع الممثل المبدع ويظهر هاوياً لا محترفا. نحن بحاجة فعلية لمخرجين يوازون قدرة ممثلينا الفنية متمكنين من تقنية الكاميرا التي تساند موهبة الممثل العراقي ومواكبين لرؤى الاخراج المعاصر، لا أن تسطح انفعالاته بأساليب اخراجية بدائية أو قديمة. كذلك المؤلف العراقي مغبون وهو عملاق بكتاباته التلفزيونية كالأستاذ صباح عطوان فهل من الممكن معرفة أجوره وهو الذي يستحق أعلاها على الاطلاق "وأنا على علاقة ببعض الفنانين السوريين بحكم دراستي مع المخرج شوقي الماجري والمخرج ثائر موسى في مدرسة السينما البولندية" لا يمكن لنا أن نمنح أجرا زهيدا لعظمائنا ونتباكى عليهم حين يمرضون، ونتوسل بوزير أو رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو صاحب فضائية، ليكرمهم بعلاج بعد أن وصلو فراش الموت، ومن ثم نفتخر بهم بعد فقدانهم. "لو منحوا الأجور التي تناسب أتعابهم ومواهبهم، لما تكاثرت رسائل التوسل الى المتمكنين ماديا أو سياسيا لإنقاذ كتابنا ومبدعينا العظام ولما فقدناهم وهم بقمة عطاءاتهم. نحن بحاجة الى نقابة فنانين واحدة تحدد أخفض الأجور لممثليها، مخرجيها، كتابها وعمالها التقنيين. فلنحدد مثلا خمسة بالمئة من ميزانية الانتاج كأجر للمؤلف ونسبة معينة بعد أن تتوازى الميزانية أي بعد أن يرجع رأس مال الشركة المنتجة لكل من المخرج والمؤلف والممثل على كل عرض بعد ذلك. لرأيت أن مبدعينا قد اكتفوا ماديا بجهودهم ومواهبهم ولن ترى احد منهم يحتضر لعدم تمكنه من توفير دواء لنفسه. من يدفع الآن للممثلين والمؤلفين والمخرجين التي ما زالت الشاشات الفضية تعيد عرض مسلسلاتهم! أين هي نقابة الفنانين ولماذا لا تنشط في أروقة وزارة الثقافة لتبني قرارات تواكب العصر. لو حصل هذا لرأيت ممثلين عظام وكتاب ومخرجين عظام يقطفون ما جنته مواهبهم في فترات عطائهم كما يحصل مع فناني أغلب الدول الأوروبية، وهناك نماذج مختلفة لضمان حقوق العاملين في المجال الفني تستخدمها نقابات الفنانين في هذه الدول." بصراحة هناك أجور بخسة لفنانين عمالقة كما أن حقوقهم مهدورة سواء كان المبدع مخرجا، كاتبا، او ممثلا أو منتجا.
باختصار نحن بحاجة الى تمويل رسمي من وزارة الثقافة. نحن بحاجة الى مخرجين متمكنين من تقنياتهم الحديثة ورؤاهم المعاصرة ولن نستطيع جلب هؤلاء المخرجين بدون توفر ميزانيات حقيقية وواقعية تكفل النوعية العالية فنيا. الهجرة تضع المرء في ظروف أخرى وارتباطات متشابكة ببلده الثاني منها عائلية ومنها اقتصادية أو فنية. مؤسسات العراق الحالية لا تعمل على تأسيس عودة مبدعيها وبكل مجالاتهم سواء الانسانية منها او العلمية. المصور أو المخرج العراقي السينمائي اللذان يعملان في حقل الدراما في الخارج قليلون جدا جدا، وهم عملة نادرة بحق وعلى المؤسسات الثقافية والقنوات الفضائية المنتجة للدراما "المسلسلات" التنافس على استدعائهم للمشاركة من أجل رفع مستوى أعمالها لتواكب وتعاصر التقدم الحاصل في عالم السينما والتلفزيون من خلال قدرات عراقية هي مغيبة تماما.

قنوات فضائية بدائية

5- الافلام الوثائقية لا ترجع لمنتجيها أو مخرجيها أي مقابل حتى لو عرضت في الفضائيات. ثم ما أن يسمح المخرج لهم بعرضها مرة واحدة دون مقابل، تصبح كأنها ملك لهم يعرضوها متى ما شاءوا. والأغرب يستـقطعون قسم منها ويبثوها في بعض برامجهم، حتى من دون ذكر اسم العمل ولو في التايتـل أو ماشابه. هذه الخروقات تبين مدى الجهل في حقوق التأليف والملكية الخاصة. وأن هذه القناة الفضائية أو غيرها هي أيضا ما زالت بدائية. وهذا نراه واضحا بمن يدير ندواتها. أو حتى مراسليها الذين يجهلون أبسط قواعد التصوير الخارجي أو الداخلي، والصوت تراه يصعد مرة فوق ما تتحمله الاذن أو مرة خافتا الى درجة عدم السماع أو مشوشا بشكل مزعج. وحين تتنقل من قناة عراقية الى أخرى عليك أن تغير مستوى الصوت وكأنهم جاهلين للستاندارد الذي تتبعه كل قنوات العالم. لايوجد تمويل للفيلم الوثائقي ولدينا الطاقات الاخراجية الكبيرة جدا والكثيرة جدا في هذا المجال على عكس مخرجي المسلسلات والأفلام الروائية. لكن هل من العدل أن نطلب منهم تمويل أفلامهم بأنفسهم ليتوسلوا بالتالي لعرضها في القنوات التلفزيونية دون مقابل؟ لماذا لا تشتري القناة العراقية هذه الافلام الوثائقية، أليست هي القناة المسؤولة عن ذلك؟ هل فيها قسم وثائقي ينتج ويشتري الافلام الوثائقية؟. لو تبنت قنواتنا الفضائية "العراقية" عرض الافلام الوثائقية بعد شرائها لَشارك السينماني ببناء المجتمع العراقي وثقافاته، ولساهمت هذه القنوات باتاحة الفرصة للكثيرين من الشباب المتخرجين الجدد داخل الوطن محفزة اياهم على للإبداع، وكما نعلم نحن في زمن يستطيع به الشباب تصوير افلامهم بكاميرات بسيطة ومَـنْتَجة هذه الافلام على كمبيوترات محمولة، لكي لا يبقى فقط الريبورتاج التلفزيوني المُسَطّح هو الوحيد الذي يوثق مجتمعنا وثقافاتنا، التي تحتاج الى عدسة مصور محترف وتمهل حكيم لعين مراقبة، وتأمل يستوفي مدى عمق تاريخ حضارات بلدنا وشعبنا. فلو خصصت نصف ساعة فقط في كل قناة فضائية عراقية لتأهلت كوادر شبابية كبيرة لبناء ثقافة بصرية عراقية على مدى الحاضر والمستقبل ولتطورت كوادر في كل المجالات من انتاج واخراج ومنتجة ومبدعي صوت الخ. كما أن الكثير من مخرجي الفيلم الروائي في العالم بداياتهم كانت مع إخراج الفيلم الوثائقي. أعود واكرر أن تمويل الثقافة يجب أن يكون من الجهات الرسمية وبالتحديد وزارة الثقافة. فلماذا لا تخصص ثلاثة ملايين دولار للانتاج الدرامي السينمائي والتلفزيوني وتمنحة لعشرات الشركات الخاصة الموجودة "أوالتي ستتوالد" أو الفضائيات المنتجة للمسلسلات أو شركات الشخص الواحد "لإنتاج الافلام الوثائقية" سدس هذا المبلغ لمؤسسة سينمائية جديدة بعيدة عن المسرح تقوم بتشكيل لجان من سينمائيين محترفين لتوزيع ميزانيات للأفلام الروائية والوثائقية والمسلسلات، وتشكل لجان لتسويق الأفلام داخل وخارج الوطن ولجان للإعتناء بالتراث الصوري السينمائي العراقي، ولجنة تساهم بنشر كتب عن السينما العراقية والعربية والعالمية، ولجنة توفر أرشيف سينمائي حديث للمخزون الهائل من الأفلام لعمالقة الاخراج والتصوير العالمي، الذي لا توفره محلات الافلام التجارية.

ستمائة وثلاثة مليون كرونة تخصص الحكومة النرويجية لعالم الفيلم بالنرويج، أي ما يقارب مائة مليون دولار أمريكي "هذا الرقم مأخوذ من ميزانية مملكة النرويج لسنة 2009" وعدد نفوس النرويج يقارب الخمسة مليون وهذا المبلغ لا يشمل التلفزيون الرسمي، إذ له قسم خاص به في ميزانية الدولة، كذلك لاتشمل المسرح، إذ له قسم خاص به في الميزانية.. شكرا لإتاحة الفرصة لي مع تحياتي.

*السيرة الذاتية للمخرج سمير زيدان

مدير قسم الفيلم في مدرسة الشمال في النرويج

استاذ بتدريس مادة الاخراج السينمائي والتلفزيوني الدرامي العملي.

جزء من فيلم الخرساء http://www.youtube.com/watch?v=d0x_ZlI3V3w

جزء من فيلم الهواء http://www.youtube.com/watch?v=E5oDyXXSkvI

جزء من فيلم اللغة http://www.youtube.com/watch?v=2p7h3HYG8ck

إيلاف في

31/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)