تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ليل ونهار

السفاح البارد!

بقلم: محمد صلاح الدين

صفحات الحوادث أحيانا تكون مادة خصبة لعمل دراما شيقة.. ولكن المهم ألا تتحول أفلامنا كلها إلي صفحات حوادث.. وهو ما جعل هذا الموسم كئيبا بسبب كمية الدماء الحارة التي نزفت في عز الحر.. ليبقي شبح السينما الهوليودية العنيفة يطل بشدة علي مشهدنا السينمائي المصري!!

فيلم "السفاح" للمخرج سعد هنداوي يعتبر نقلة نوعية لمخرج اشتهر باللقطة المتأنية المتأملة.. ومع ذلك لم يلهه الأكشن عن أسلوبه الذي عرفناه به من أفلامه القليلة وآخرها "ألوان السما السبعة".. فبدا فيلمه الجديد به شيء من التأمل أيضا.. كما كان سفاحه به الكثير من البرود الذي يجعله يقتل ضحاياه بدم بارد.. دون أن يهتز له جفن. أو يتأسي علي رحيلهم بهذه الصورة الوحشية!!

لذلك جاءت النقلة نوعية لممثليه أيضا الذين اختلفوا كثيرا.. وبدوا تحت إدارته أكثر توفيقا وامتلاكا لأدواتهم الفنية.. ولكن تبقي الاشكالية التي لم يوضحها لنا الفيلم بسبب أداء هاني سلامة البارد الأعصاب.. هل البيئة هي التي صنعت لنا هذا السفاح وهو ما يكرره علينا الفيلم.. أم أنه قاتل بالفطرة.. مهما كانت بيئته أو ظروفه؟! وهي النظريات التي طالما اختلف حولها العلماء.. وأشهرها نظرية "لومبروزو" في علم الإجرام. والتي يقول فيها إن درجة الإنسان يمكن أن تنحط لتصبح بدائية أو حيوانية فيظهر لنا "الإنسان المجرم".. وبذلك تركونا نزداد حيرة!!

في نص خالد الصاوي وعطية الدرديري نعيش في أولي مشاهد الفيلم مع مذبحة جماعية يرتكبها الشاب مراد "هاني سلامة" في شهر رمضان. حيث يقتل عائلة أحد المليونيرات الفاسدين وزوجته وابنه وبعض الجيران الذين شاهدوه بالصدفة.. وهي بداية هوليودية مؤثرة لجذب الانتباه.. ثم وبطريقة الفلاش باك يروي الفيلم قصة هذا الشاب من صغره. حيث تلقته الأحداث صبيا بعد أن انشغل أبوه رجل الأعمال "سامي العدل" عنه بصفقاته. وانشغلت أمه "سوسن بدر" بشاب يصغرها بسنوات "أشرف مصيلحي".. مما جعل الصبي يعيش وحيدا ومعقدا ويعتاد السرقة والقتل بلا هدف أو تمييز!!

ومن مواقف الفيلم التي تثير التأمل:

* التحاق الشاب للقتال ضمن صفوف القوات العراقية في حربها مع إيران في الثمانينيات. لا إيمانا بقضية. ولكن لإرواء ظمأه في إراقة الدماء. فيلتقي مع قاتل مأجور آخر "خالد الصاوي" يذهب به إلي لبنان لنفس الغرض.. وهو رأي سياسي واضح يهدف إلي اظهار عبثية الحروب ومقاتليها في منطقتنا السنية!!

* مشاهد علاقة السفاح بسيدة متزوجة "نيكول سابا" تترك زوجها ويتزوجها لاحقا. الغريب فيها أن ابنها يشاهد علاقة أمه كما كان السفاح يشاهد أمه سابقا. أي أن هناك سفاحا جديدا يولد ومع ذلك لا يرتدع أحد.. ويقولون لنا بعدها لم تكثر هذه النماذج في المجتمع؟ واحكي يا شهر زاد عن الأمومة لآخر مدي!!

* ثم يجيء مشهد القمة أو "الماستر سين" للعملية التي قام بها لسرقة عالم ذرة "نبيل الحلفاوي" وتهديده بقتله وقتل أسرته للحصول علي أبحاثه لحساب جهة أجنبية. ثم التراجع عن العملية أمام وطنية الرجل وفدائه.. وقد لا يعرف الكثير أن هذا الحادث وقع بالفعل لسفاح المهندسين. حيث اقتحم بيت الراحل د. أحمد شفيق وهدد زوجته وولديه الطبيبين بالقتل لسرقة أبحاثه عن الإيدز.. وبعد احتجازهم لساعات طويلة تراجع وانصرف.. وهذا يدل علي أن الواقع فعلا أغرب من خيال أي مؤلف!!

أحيانا الإعدام يكون أقل ما يجب لبتر العضو الفاسد.. ولكن هناك أعضاء تعبث بحرية دون الوقوع تحت طائلة القانون.. فمن يردعها؟!!

Salaheldin-g@hotmail.com

الجمهورية المصرية في

30/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)