تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

سبايك لي على خطى رشيد بوشارب:

عن العنصريّة الأميركيّة... والذاكرة الجاحدة

زياد عبد الله

«معجزة في سانت آنا» يسلّط الضوء على عنصرية المجتمع الأميركي، من خلال دور الجندي الأسود في الحرب العالمية الثانية

جديد المخرج الأميركي سبايك لي Miracle at St Anna، يحيلنا إلى فيلم «بلديّون» للجزائري رشيد بوشارب، ويضعنا وجهاً لوجه أمام الحرب وموقع الأقليات العرقية في الجيوش المتحاربة.

وإن كان بوشارب قد عرض لدور الجنود المغاربيين في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، والفوقيّة التي عوملوا بها، وحرمانهم من رواتبهم التقاعدية رغم تضحياتهم، فسبايك لي يقدّم ما يتقاطع مع بوشارب، مسلّطاً الضوء على عنصرية المجتمع الأميركي عبر دور الجندي الأميركي الأسود في الحرب العالمية الثانية. إذ يركّز على دونية هذا الجندي أيضاً أمام الجندي الأبيض، وحالة التغييب التي يعاني منها في مجتمعه والذاكرة الجاحدة لمشاركته في تلك الحرب.

بداية «معجزة في سانت آنا» قادمة من سينما سبايك لي نفسها. نحن أمام عجوز زنجي يشاهد فيلماً عن الحرب العالمية الثانية حيث جميع الجنود بيض، ما يدفعه إلى التعليق على ما يشاهده بقوله: «لقد حاربنا أيضاً في تلك الحرب». تصلح العبارة لتكون الجملة الناظمة للفيلم، أو لرؤية سبايك لي السينمائية. إذ يُعَدّ هذا الأخير أنه يحمل «نعمة القدرة على التعبير عن رؤية السود المغيَّبة عن وسائل الإعلام» التي هيمنت على أغلب أعماله بدءاً من «حمى الأدغال» ورصده علاقة شائكة بين رجل أسود وامرأة بيضاء، مروراً بـ«مالكولم اكس» وصولاً إلى الوثائقي الذي صوره مباشرة بعد إعصار كاترينا مقدماً وثيقة عن تقاعس إدارة جورج بوش في نجدة سكّان نيو أورلينز. حينها، قال سبايك لي إنّه كان يعتقد أنّ العنصرية هي أصل كلّ المشاكل، لكنّه بات يرى أنّ المشكل هو الفقر الذي «لا يفرق بين عرق أو لون ويجتمع تحته كل من لا تبالي بهم إدارة بوش».

فيلم متشعّب وطويل وملحمي، حافل بالحب والمعجزات والعلاقات الإنسانية، ومتخم بمعارك كثيرة، وموضوعات عن التضحية والعنصرية وبلغات متعددة: إنكليزية وإيطالية وألمانية. يسعى الشريط إلى البحث عن الإنساني في الحروب، عن علاقات البشر تحت جحيم القذائف والمجازر، ويدفعنا إلى القول إنّه طويل جداً إلى درجة نشعر فيها بأنه لا ينتهي، ويؤدي بنا أحياناً إلى فتور هنا وحرارة هناك.

تبدأ قصة الفيلم في الثمانينيات. نحن أمام رجل عجوز اسمه هكتور نيغرون (لاز ألونسو) يعمل بائع طوابع ويشاهد فيلماً عن الحرب العالمية الثانية. ثم نراه في اليوم التالي في عمله، يطلق فجأة النار على رجل طلب منه طوابع بقيمة 25 سنتاً.

على جانب آخر، نتعرف إلى صحافي في أول يوم عمل له، يتولى متابعة الجريمة التي ستقوده إلى قصص بلا نهاية، تمضي به إلى قرية ايطالية إبان الحرب العالمية، حيث كان هذا الرجل العجوز يخدم.

هكذا، سيعود بنا الزمن إلى تلك الحرب، حيث نتابع فصيلاً من الجنود الزنوج ومصائرهم التي ستكون مأساوية إلا هكتور، بما يضيء علاقة هؤلاء بقادتهم والعنصريّة التي يعانون منها. كذلك نتعرف إلى علاقة هؤلاء الجنود بالجيش النازي الذي يمارس كل أنواع الحرب الإعلامية معهم، عبر التركيز على معاناتهم من العنصرية بهدف دفعهم إلى التخلي عن خدمة ظالميهم.

بعد أن نكون شهوداً على تعرّض الجنود الزنوج لمجزرة على أيدي الجنود الألمان، نقع على الناجين الأربعة الذي يفرّون إلى قرية إيطالية هي سانت آنا، ليكونوا لأول مرة قريبين إلى هذه الدرجة من البيض. وكذلك الأمر بالنسبة إلى سكان القرية الذين يتعرفون إلى البشرة السوداء من خلال الجنود.

تتأسّس معجزة الفيلم عبر طفل أبيض نجا من مجزرة أودت بحياة كلّ سكان قريته، فيتحول إلى فرحهم وأملهم، كذلك سيكون هكتور الناجي الوحيد بين رفاقه وسكّان القرية. هذا ملخّص لما يطول ويكون عرضة لاسترسال واستدراك دائم. كل ما نراه هو من ذاكرة هكتور العجوز الذي يروي ما عاشه في الحرب، وفي سرده حركية مستمرة في الأزمنة والشخصيات الثانوية الكثيرة التي تجتمع على تقديم ملحمة في الحب والحرب والمعجزات... لكن يا لها من ملحمة طويلة!

الأخبار اللبنانية في

13/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)