تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

في سوق العرض الفضائي مصلحة المعلن فوق الجميع

دمشق - ماهر منصور

لا يختلف اثنان على أن مفاتيح اللعبة الإعلامية بالكامل، بشكل مباشر وغير مباشر، بيد شركات الإعلان. الأرقام والوقائع يثبتان ذلك على الأقل، ولعل الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم مؤخراً أكبر شاهد على صحة كلامنا.

وقد بدا تأثيرها واضحاً من خلال انخفاض حصيلة الإنتاج الدرامي السوري لهذا العام بنحو النصف، وبالمثل تأثر الإنتاج المصري بالأزمة المالية لجهة انخفاض إنتاجه، بينما مالت العديد من الفضائيات العربية الى الاقتصاد فيما تقدمه من إنتاج درامي وبرامجي.تأثير الأزمة المالية بدا مباشراً على الفضائيات كون معظمها غير حكومي يعتمد على التمويل الخاص، وهو تمويل غالباً ما يستمد طاقته الأساسية من سوق الإعلان الذي تراجع على نحو ملحوظ مع تراجع العديد من الشركات عن الإعلان عن منتجاتها، الأمر الذي سبب انخفاضاً في دخل الفضائيات قدره البعض بنسبة 20%، بينما يرجح البعض تجاوز الانخفاض هذا الرقم بكثير.

إن تقديراً مبدئياً لمقدار التراجع في دخل الفضائيات من سوق الإعلان، سيبدو فادحاً إذا ما علمنا أن تكلفة الإعلان عبر الفضائيات في أوقات الذروة وصل إلى نحو 3698 دولاراً أميركياً لمدة 30 ثانية.

وأن تقديرات لبعض شركات الإحصاء كشفت أن الشركات السعودية وحدها تنفق ما يقارب 400 مليون دولار أميركي على الإعلانات الفضائية خلال شهر رمضان فقط.. وفي سطوة الأرقام السابقة ما يبرر وضع القنوات الفضائية مصلحة المعلن أولاً، قبل أي مصلحة أخرى.

أما كيف تظهر تلك السطوة عملياً، فربما كان حشر الإنتاج الدرامي على مدار العام في شهر واحد هو رمضان، وعجز الكثير من الفضائيات عن كسر هذا الطوق هو المثال الأكثر وضوحاً على سطوة الإعلان.

وكلنا يعرف أن لا المشاهد ولا صناع الدراما يحبذون حشر الأعمال في شهر واحد، وأن أصوات كثيرة ارتفعت تطالب بعرض المسلسلات خارج شهر رمضان الفضيل، إلا أنه رغم ارتفاع كل تلك الأصوات بقي صوت المعلن هو الأعلى والمسموع عند الفضائيات، فشهر رمضان هو شهر تسويق كل المنتجات، وبالتالي لابد للشركات من الإعلان عن منتجاتها.

وهي بالضرورة تحتاج إنتاج برامجي ودرامي تعرض خلاله، وحاجتها هذه لا تعني تحكم هذا الأخير بها، بل على العكس فهي من تتحكم بشكل هذا الإنتاج، وتحكّمها به وصل حد فرض أسماء تمثيلية بعينها كشرط للإعلان في هذا المسلسل أو ذاك، وذلك استثماراً لنجوميته في خدمة منتجها.

وهو الأمر الذي انعكس على نحو مباشر على أجور الفنانين، على نحو لن يبدو غريباً القول ان بورصة أجور الفنانين تتحكم بها السوق الإعلانية، وأن طفرة ارتفاع الأجور التي حصلت مؤخراً في عقود عدد من نجوم الدراما السورية كان ورائها المعلن الذي يسعى الجميع لإرضائه.

الاستثمار الإعلاني لنجوم التمثيل بدا شديد الوضوح في استثمار نجوم مسلسل «باب الحارة» الذي حقق نجاحاً كبيراً في العالم العربي، وبالإضافة إلى زج عشرات الإعلانات أثناء بث المسلسل على نحو حصري على قناة «أم بي سي»، الجهة المنتجة للعمل، شهدنا جميعاً كيف دخل نجوم المسلسل دائرة الاستهلاك الإعلاني بدءاً من قناة «أم بي سي»، نفسها، التي بدت السباقة للاستثمار نجاح المسلسل الشامي، حين دعت مشاهديها على نحو مكثف لإرسال كلمة «باب» أو «ف» عبر ال«أس أم أس»، على أن ينال الفائز فرصة قضاء أسبوعين مع نجوم المسلسل الشهير في سوريا.

ومنحهم فرصة الظهور في جزء المسلسل الثالث. الإعلان السابق ترافق وبث إعلان ثان دعا لمشتركي الهاتف الخلوي في سوريا، للحصول على مقاطع صوتية وصور لأهم نجوم مسلسل «باب الحارة»، بمجرد الاتصال على أرقام معينة. ولعلنا لا نبالغ بالأمر بقولنا ان الأجزاء الجديدة المنتجة من مسلسل «باب الحارة» كانت في الغالب لأسباب إعلانية أكثر منها لأسباب درامية، حتى لو بدت تلبية رغبة الجمهور هو اليافطة المعلنة لإنتاج الأجزاء الجديدة.

مؤخراً كان في الانتشار السرطاني للمسلسلات التركية المدبلجة باللهجة الشامية المحكية، المثال على سطوة الإعلان على سوق العرض الفضائي.. فقد اندفعت الفضائيات العربية مدفوعة برغبة سوق الإعلان إلى عرض المزيد من الأعمال التركية المدبلجة، وفي هذه الأعمال راحت الفضائيات تزج بإعلاناتها التجارية.

وتعود لتكرر السيناريو ذاته التي مارسته ال«أم بي سي» مع مسلسل باب الحارة، وذلك بإعلانها عن منح فرصة لقاء نجوم هذه المسلسلات وقضاء يوم معهم مقابل اتصال هاتفي أو إرسال «أس أم أس» كما فعلت ال«أم بي سي» وبالمثل تروج اليوم قناة «الراي» لمسابقة ما على المتسابق فيها إلا أن يتابع حلقات المسلسل التركي وتسجيل الرقم الذي يظهر على الشاشة وإرساله عبر ال«أس أم أس» للفوز برحلة إلى تركيا.

سيعود سوق الإعلان ليستثمر نجوم المسلسلات التركية في الترويج لمنتجاتهم كما حصل مع الممثل التركي المعروف باسم مهند في مسلسل «نور» الذي شاهدناه يروج لأكثر من منتج إعلاني..

وترويجه لهذه المنتجات بلا شك ستتطلب استمرار ظهوره في مسلسلات تركية أخرى وهو الأمر الذي شهدناه في عودته من خلال مسلسل «ميرنا وخليل». والاستثمار الإعلاني ذاته سيظهر لاحقاً بقوة في استقطاب الممثلتين التركيتين المعروفتين بـ «لميس» و«نور» للمشاركة في بطولة مسلسل خليجي هو «بيني وبينك» المتوقع عرضه خلال رمضان المقبل.

الاستثمار الإعلاني ذاته سيبدو مجدداً في إقحام نجوم التمثيل في مجال التقديم البرامجي.. كما هو الحال في تولي الفنان أشرف عبدالباقي مهمة تقديم برنامج «دارك» وقيام هند صبري بتقديم برنامج «الشقة» وبالمثل تقديم الفنانين أيمن زيدان ونور الشريف على التتالي برنامج وزنك ذهب، والأمثلة كثيرة وجميعها لا يمكن النظر إليها إلا من باب التحفيز الإعلاني.

باختصار الصوت الأعلى في سوق العرض الفضائي هو للأقوى، والأقوى هو سوق الإعلان ما دامت التمويلات الحكومية تغيب عن دائرة التأثير في الفضائيات الخاصة..

وبالتالي لن يكتفي سوق الإعلان بسطوة الحضور وخسارة الغياب، وإنما هو سيأخذ دور المخطط، يرسم سياسات العرض الفضائي وتوجهاته. إلى أن يفقد سطوته بوصفه الأقوى.

البيان الإماراتية في

13/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)