تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

تكريم يسرا سيدةً للإحساس والتعبير الهامس

القاهرة – فريال كامل

هي الوليدة التي ما أن أبصرتها جدتها حتى أطلقت عليها اسم (سيفين) ومعناه باللغة التركية وردة. وهي يسرا التي بدت من أول ظهور لها على الشاشة في عام 1977 ممتلكة مقومات النجمة من حيث القامة والوسامة بالإضافة الى الحضور، ما دعا الناقد والأديب خيري شلبي أن يطلق عليها، لقب «عود السنديان الوردي».

على امتداد مسيرتها الفنية، مثلت يسرا كل الأدوار: لاحقاً مثلت شخصية الخادمة والأجنبية المتمصرة، البائعة وسيدة الأعمال، الزوجة المحرومة والمرأة التي فاتها قطار الزواج. تقاسمت البطولة مع كبار النجوم: نور الشريف، محمود عبدالعزيز، محمود حميدة، رشدي أباظة. مثلت خمسة أفلام مع النجم الراحل أحمد زكي وكان لعادل إمام نصيب الأسد معها، إذ تقاسما البطولة في 13 فيلماً، بينما شاركت النجم العالمي عمر الشريف فيلماً واحداً.

وفي كتاب الناقد سمير فريد عن يسرا والذي صدر لمناسبة تكريمها في المهرجان القومي للسينما المصرية 2009 كتب فريد أن «مشاركة يسرا لكبار النجوم في الأفلام أضاف لها، وهو السر الذي حرك موهبتها للإبداع»، وأضاف: أتقنت يسرا التعبير عن انفعالاتها ببساطة وأن تقتصد في توظيف أدواتها. لقد عملت يسرا على الشخصية من الداخل وانتهجت نهج التعبير الهامس وفي سبيل ذلك تخلت عن المبالغة في الماكياج والأداء الحركي. وأضحت يسرا من أقدر الممثلات في مصر والوطن العربي».

اقترب رصيد يسرا من الثمانين فيلماً لـ 44 مخرجاً من كبار المخرجين منهم بركات ومحمد عبدالعزيز وأستاذ الفانتازيا رأفت الميهي، الذي أسند إليها في فيلمه «الأفوكاتو» دور زوجة محام فهلوي من زمن الانفتاح (عادل إمام في ذروة تألقه). ولا تنكر يسرا فضل عادل إمام عليها قائلة انه الذي جعل لها أجنحة للطيران في عالم السينما. من دون أن تنسى قائمة مخرجين منهم محمد خان ويسري نصر الله وخيري بشارة إضافة الى المخرجة الصديقة إيناس الدغيدي.

وتتحدث يسرا عن المخرج علي بدرخان قائلة: «أحببت السينما لأنه يعمل فيها وصدّقت معنى الفن من خلال العمل معه». في تحفة بدرخان «الجوع» الفيلم المقتبس عن بعض قصص ملحمة «الحرافيش» لنجيب محفوظ، أدت يسرا دور الفاتنة ملك السمري سليلة الأعيان والتي تهيم بعربجي الكارو (محمود عبدالعزيز) وتتحدى رجال العائلة لتتزوجه وتسلمه مفاتيح أموالها ولكنه يزهد فيها ويغوي ساقية في حانة.

وكانت تجربة خصبة ليسرا أن تشارك النجم الكبير أحمد زكي والفنانة البارزة سعاد حسني في «الراعي والنساء» للمخرج ذاته علي بدرخان، حيث جسدت دور امرأة تنوء بأحمال الرغبة وقد تأخر بها سن الزواج فتلتهب المنافسة بينها وبين المبدعة سعاد حسني على الوافد الى تلك البقعة المنسية (أحمد زكي)، وفي موقف بديع تشتبك معه كما الحيوان الشرس ولكن عاطفتها تحول بينها وبين طعنه بسكين.

«جو وأنا»

أما إن تحدثت يسرا عن المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين فلكي تؤكد انه «الأستاذ» وتوجز ما تحمله له من معنى الحب والتقدير. قائلة: «لقد تعرفت اليه عن قرب من خلال فيلم «حدوتة مصرية» وهو الجزء الثاني من رباعيته الذاتية، فكانت معرفتي به علامة فارقة في حياتي من الناحية الفنية والشخصية. أسند إليّ شخصية زوجة المخرج السينمائي يحيى شاهين فأديت دوراً ممتداً عبر مراحل ثلاث من حياتها، ولم أكن قد التقيت زوجة شاهين ولكن جمعت بعض المعلومات ممن يعرفونها، هي التي كانت تهدهده كطفل وتحتمل تقلباته كفنان. وبعد عرض الفيلم التقيتها فقالت لي: «كنت هايلة في الدور» فطرت من السعادة.

مثلت يسرا مع شاهين أربعة أفلام وعليها أعاد النقاد والجمهور تقييمها، قدروا أنها ممثلة تحمل طاقة لعمل شيء وأنها خرجت من قالب الفتاة الساذجة ولن تعود إليه. تتحدث يسرا عن منهج العمل مع شاهين، فتقول: «كنا نعمل كثيراً على السيناريو، وكان هو يتوغل داخل الممثل ويخرج من أعماقه أحاسيس غير متوقعة». وتضيف: «ترسخت صداقتنا في البندقية عام 1982، حين عرض فيلم «حدوتة مصرية» في المسابقة الرسمية، وفي 1990 اصطحب أبطاله إلى مهرجان كان حيث عرض فيلمه «اسكندرية كمان وكمان» في برنامج نصف شهر المخرجين، وتبعه بمهرجان لوكارنو عام 1994 حيث عرض فيلم «المهاجر» في عرض خاص، ثم رجعوا إلى مهرجان «كان» عام 2004 بفيلم «اسكندرية نيويورك» حيث عرض في برنامج نظرة خاصة.

بعد سنوات من العمل صارت يسرا تنتقي أدوارها وفق معيار جودة الدور وتباينه عن سابقيه، وعن ذلك تقول: «تجذبني الشخصيات المركبة ذات الأعماق، والشخصيات المحيرة التي تثير أكثر من احتمال، وفي سبيل ذلك أقبل دوراً في مشهد واحد طالما أنه حرك شيئاً في داخلي».

لقد أدت يسرا في «عمارة يعقوبيان» دور كريستين المغنية المتمصرة، ما يعد إضافة إلى رهافة الأداء. ارتبطت كريستين بصداقة جميلة منذ أيام الشباب بابن الأكابر (عادل إمام) الذي دارت عليه الدنيا حتى طردته شقيقته طمعاً في بيت العائلة، فيجد عند كريستين الحنو والأمان. وفي حفلة زفافه إلى فتاة شعبية (هند صبري) تغني له بالفرنسية على البيانو وبصوت دافئ أغنيته المفضلة.

زغاريد

وفي فيلم «المهاجر» لشاهين والذي يدور في أجواء فرعونية تغوي يسرا الفتى البديع رام وتتعذب بالرغبة إزاء عجز زوجها وحين يدور الهمس لدى نساء البلاط عن هيامها به وهو في مرتبة العبد من زوجها قائد الجيوش، تكيد لهن وتدعوهن إلى مجلسها حيث ما أن تدخله عليهن حتى تتعلق أبصارهن به ويجرحن أياديهن.

تعلمت يسرا أن تقبض على الشخصية وتعيش تحولاتها، ففي «طيور الظلام» (من مجموعة ضد الإرهاب مع عادل إمام) تطلق الزغاريد حين يحصل لها إمام على حكم البراءة في قضية آداب، فيدعوها لتغسل له ملابسه الداخلية فتبدي تآلفاً مع وعاء الغسيل ثم ترافق المحامي الانتهازي في صعوده إلى أن تضحى سيدة أعمال ونجمة مجتمع في زمن الفساد. ولكن دورها في «الأفوكاتو» يفيض بالسخرية من العملية التعليمية حين نشاهدها في الفصل وهي تقطف أوراق الملوخية بينما تردد التلميذات خلفها في ميكانيكية مثيرة للضحك عبارة «العمل شرف، العمل حياة» وهو الشعار الذي كان مفروضاً في تلك الأيام.

تضيق حجرة المعيشة في بيت يسرا الأنيق بالجوائز وشهادات التقدير وبراءات التكريم غير الصور التذكارية. لقد شرفت يسرا برئاسة لجان تحكيم الأفلام في المهرجانات وشاركت في عضويتها وتبقى صورتها لحظة تكريمها في الاحتفالية بمئوية السينما المصرية كأحد رموزها المضيئة – في الصدارة، وفي هذه الأيام يتم تكريمها في مهرجان وهران للفيلم العربي في الجزائر.

الحياة اللندنية في

10/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)