تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

8 سنوات علي رحيل السندريلا ( سعاد حسني) نجمــة في الســماء.. ولغــز علي الأرض

أعد الملف: محمد التلاوي - محمد خضير

في اللحظات الأولي التي أطل فيها وجه الفتاة سعاد محمد حسني البابا، علي شاشة السينما المصرية كانت أبواب النجومية تفتح علي مصراعيها أمامها. صعدت كالفراشة واستقرت علي عرش الفن في سنوات قليلة ومن فيلمها الأول »حسن ونعيمة« تحولت نعيمة إلي زوزو في »خلي بالك من زوزو« ليصبح الفيلم الأنجح في تاريخ السينما المصرية. وتوجها الجمهور والنقاد بحب لاينتهي وبلقب السندريلا ولكن دائما الحياة لاتستقر علي حال حتي لو كانت حياة النجوم فتعرضت لصدمات فشل في آخر فيلمين لها »الدرجة التالتة« و»الراعي والنساء« وزاد من آلام الفشل آلام المرض التي لا ترحم فقررت السندريلا الابتعاد والانزواء في عاصمة الضباب وانقطعت أخبارها التي كانت تملأ السمع والبصر.

وفجأة عادت السندريلا لتتصدر أخبارها كل وسائل الإعلام ولكن هذه المرة كانت السندريلا أصبحت جثة أمام عمارات ستيوارت تاور وسط لندن. ولأن الأضواء لم تتركها طوال حياتها فظلت وراءها حتي بعد وفاتها التي تحولت إلي لغز. مرت 8 سنوات علي هذا الرحيل المفاجيء والمأساوي ولكن ظلت السندريلا نجمة في السماء وظل لغز وفاتها علي الأرض لم يحل.

النهاية المأساوية للسندريلا جاءت بعد معاناة مع المرض استمرت أكثر من 9 سنوات حيث عانت أوجاعا في الظهر في نهاية الثمانينات وبدأت الآلام تتزايد عليها و طلب منها زوجها السابق علي بدرخان أن تعمل معه فيلم »الراعي والنساء« فلم تخذله ووافقت برغم تعبها الشديد، وبعد الانتهاء من الفيلم سافرت إلي مرسيليا بفرنسا عام 1992 وأجريت لها عملية علي يد الجراح الفرنسي البروفسير »رينيه لوي« في مستشفي دي لاكو نسيبسيون وكانت العملية تثبيت الفقرتين بصفيحة معدنية وعدة مسامير ، وفي عام 1995 أصيبت بالتهاب في الوجه يسمي شلل فيروسي في العصب السابع وأصيبت به عندما كانت نائمة . كانت هذه الإصابة علي الوجه مفاجأة وكانت تتعالج بالكورتيزون الذي أدي إلي زيادة في الوزن و تزايد في آلام الظهر بسبب تزايد الالتواء في الصفيحة المعدنية في العمود الفقري فقررت السفر للعلاج علي حسابها الخاص، لكن ظل المرض يصارع السندريلا وتضاربت جميع أخبارها إلي أن تم العثور علي جثتها مساء يوم الخميس الموافق 21يونيو من عام 2001 ملقاة أسفل مجمع عمارات ستيوارت تاور وسط العاصمة البريطانية لندن، وأثبتت التحقيقات وقتها أنها سقطت من شرفة شقة بالطابق السادس كانت تقيم فيها قبل أيام من مصرعها لدي صديقتها البريطانية من أصل مصري نادية يسري.
مشهد النهاية كان أشبه بكثير بلحظة الميلاد ففي 26  من يناير عام 1944وولدت سعاد حسني في القاهرة لأم مصرية وأب مصري من أصل سوري. وكان لها ستة عشر أخًا وأختًا، وترتيبها العاشر بين أخواتها، ولها شقيقتان فقط هما كوثر وصباح، وثماني إخوة لأبيها منهم أربعة ذكور وأربع إناث، وست أخوات لأمها منهم ثلاثة ذكور وثلاث من البنات، ومن أشهر أخواتها غير الشقيقات المطربة نجاة الصغيرة، وقد انفصلت والدتها جوهرة محمد حسن عن أبيها محمد حسني البابا فنان الخط المعروف عندما كانت سعاد في الخامسة من العمر، واقترنت الأم بالزوج الثاني عبد المنعم حافظ مفتش التربية والتعليم، وفي حضانتها بناتها الثلاث كوثر وسعاد وصباح. لم تدخل سعاد حسني مدارس نظامية واقتصر تعليمها علي البيت وهو الأمر الذي طاردها وأشعرها بالنقص الشديد وارادت ان تبحث عن شيء يميزها وسط أشقائها فكانت بوابة السينما هي أقرب طريق لها وكان صاحب الفضل في اكتشاف موهبتها الفنية هو الشاعر (عبدالرحمن الخميسي)، وأشركها في مسرحيته هاملت لشكسبير في دور أوليفيا، ثم ضمها المخرج هنري بركات عام 1958 لطاقم فيلمه حسن ونعيمة في دور نعيمة، ثم توالي بعدها تقديم الكثير من الأفلام والمسلسلات الإذاعية إلي أن وصل رصيدها السينمائي إلي91 فيلمًا منهم أربعة أفلام خارج مصر، ومعظم أفلامها صورتها في الفترة من 1960إلي 1970بالإضافة إلي مسلسل تلفزيوني واحد هو مسلسل هو وهي، وثماني مسلسلات إذاعية.

وجاء ظهور سعاد حسني ليخلق نوعا من الصراع الفني عليها لتصبح بطلة تتصدر جميع أفيشات السينما المصرية وتزوجت سعاد حسني من المصور والمخرج صلاح كريم لمدة عام، ثم من علي بدرخان ابن المخرج أحمد بدرخان لمدة أحد عشر عامًا انتهت في 1980ثم تزوجت زكي فطين عبد الوهاب ابن ليلي مراد والمخرج فطين عبد الوهاب لعدة أشهر فقط أما آخر زيجاتها فكانت من كاتب السيناريو »ماهر عواد« الذي ماتت وهي علي ذمته

حصلت الفنانة سعاد حسني علي العديد من الجوائز منها أحسن ممثلة من المهرجان القومي الأول للأفلام الروائية عام 1971 عن دورها في فيلم »غروب وشروق« ثم جائزة من وزارة الثقافة المصرية خمس مرات عن أفلام الزوجة الثانية، وغروب وشروق، وأين عقلي، والكرنك، وشفيقة ومتولي.
وجائزة أحسن ممثلة من جمعية الفيلم المصري خمس مرات عن أفلام أين عقلي، والكرنك، وشفيقة ومتولي، وموعد مع العشاء، وحب في الزنزانة وجوائز من مهرجان الإسكندرية وغيره عن فيلم الراعي والنساء وجائزة وأحسن ممثلة من جمعية فن السينما عن فيلم الراعي والنساء وأحسن ممثلة من وزارة الإعلام عام 1987 في عيد التليفزيون عن دورها في مسلسل هو وهي وشهادة تقدير من الرئيس أنور السادات.

رغم أن ظهور سعاد حسني علي شاشة السينما المصرية كان علامة فارقة في تاريخ السينما إلا أنه بعد مرور ثماني سنوات علي رحيل السندريلا لم تتذكرها السينما بأي عمل درامي يخلد مشوارها. العمل الوحيد الذي تناول حياة سعاد حسني كان مسلسل »السندريلا« بطولة مني زكي، وحتي هذه اللحظة مازالت السينما وصانعوها بعيدين عن القيام بعمل يجسد حياة السندريلا رغم ثراء هذه الحياة إنسانيا وفنيا. فما هي الأسباب؟

< المنتج كامل ابوعلي  يقول دراما حياة الفنانة سعاد حسني كفيلة لصناعة أكثر من فيلم سينمائي فهناك الجوانب الإنسانية ونشأتها وسط عدد كبير من الإخوات بسبب تعدد زيجات والدها مما أثر عليها نفسيا فهذا الجانب يجب التركيز عليه لأنه دائما ما يكون سببا حقيقيا وراء إفراز الكثير من المواهب والتي تؤثر بشكل كبير في الحركة الفنية واتمني أن أجد السيناريو الجيد الذي يصيغ هذه الحالة الإنسانية بشكل درامي يؤثر في المشاهد العربي والمصري وحتي نجد هذا السيناريو يجب ان نجد أولا كل من كانوا قريبين منها في هذه الفترة ومازلواعلي قيد الحياة وللأسف ترددت كثير من الأقاويل المغلوطة التي من الصعب أن نستند إليها حتي لا يوخذ علينا إننا قدمنا شيئا بعيدا تماما عن المصداقية واتمني ان يكون لشركتي الإنتاجية دور في تخليد ذكري الراحلة في عمل سينمائي.

< ويقول الفنان سامي العدل فكرة الخوض سينمائيا في دراما السير الشخصية أصبحت تمثل لشركات الانتاج عائقا حقيقيا أمام الابداع فدائما ما نواجه برفض حاد من الأسر بشأن تحويل قصة حياة فنان لعمل فني فهناك كثير من الكتابات والتنازلات من جميع الورثة وهو ما حدث معنا في مسلسل السندريلا حتي لايتم التحريف أو تشويه الصورة علي الشاشة ويعرضنا لساحات المحاكم وانا لست ضد إنتاج أي عمل يتناول مشوار السندريلا بشكل جديد يرضي جميع الأطراف سواء الورثة أو الجهة الإنتاجية والجمهور وهو المتلقي الأول والحكم علي العمل.

< ويري السينارست يسري الجندي أن الراحلة سعاد حسني مازالت تمثل ظاهرة فنية من الصعب تكرارها أو حتي استحضار شخصيتها في أي عمل فني والدليل علي ذلك أننا حتي الآن لم نسمع أي تصريحات لشركات الإنتاج من أجل التحضير لعمل فني يتناول مشوارها وبالنسبة لي كسينارست لم أفكر في استحضار روحها لأن فيه قدرا كبيرا من الصعوبة فهي من الشخصيات النادرة وتركت بصمة قوية لدي المشاهد وأثرت في وجدانه من خلال أعمالها المميزة التي قدمتها حتي أغنياتها ارتبطت ببعض المواقف أو المناسبات مثل أغنية الدنيا ربيع ، ومع احترامي الشديد للفنانة مني زكي عندما جسدت الشخصية في مسلسل تليفزيوني فاعتقد ان التحدي كان بالنسبة لها صعبا فهناك فجوة بين المشاهد وعلاقته بدراما السير الشخصية، وفيما يخص خلافات الورثة اثناء الإعلان عن قيام إحدي الشركات بالتحضير لفيلم سينمائي يتناول مثل هذه الشخصيات يقول: السيناريست يسري الجندي أي عمل فني له مراجع تاريخية من خلال مؤرخين سواء في الناحية الفنية أو التاريخية إلي جانب مسئولية وضمير الكاتب نفسه وفي حالة الخطأ هناك من يرشده بالإضافة إلي أن قانون الملكية الفكرية وهو معتمد حاليا من مجلس الشعب يحدد طبيعة هذه العلاقة وهو ضمان للورثة حتي لاتتم المصادرة علي أي عمل فني إبداعي وقبل دخولي أي عمل فني تدور احداثه حول السير الشخصية فلابد من مراجعة الجانب الأسري وهو ماحصل معي مؤخرا في مسلسل عبدالناصر لكن للأسف يوجد عندنا ما يسمي بفوبيا الورثة التي تجعلنا نجمل في الشخصيات حتي نرضيهم وهو منطق مرفوض وغير حضاري لايتناسب مع منطق الإبداع الموجود فالعمل أساسه إظهار كل سلبيات وإيجابيات الشخصية كنوع من المصداقية والغرب عندما يتناول هذه النوعية من الأعمال يقدمه بشكل ملئ بالانتقادات العنيفة فهي شخصيات ليست معصومة من الخطأ ومن وجهة نظري تحكمات الورثة نوع من الخلل ناتج ثقافة مدنية يجب أن نتخلص منها.

< بعد مرور 8 سنوات علي رحيل السندريلا، ماذا تبقي؟

ـ إلي هذه اللحظة أذكر كل شيء فأنا مازلت متأثرة بوفاتها فهي كانت بمثابة الأخت والأم التي قامت بتربيتي ورعايتي وكنت أعتبرها قدوتي في الحياة وعندما افتقدتها أصبحت أشعر بعدم الأمان وسعاد كانت إنسانة بسيطة جدا ومتواضعة وكانت تهتم بكل من حولها وكانت مختلفة عن غيرها من الفنانات فهي كانت لا تحب السهرات والحفلات، لا تقبل هدايا من أي شخص وكان بداخلها طفولة بريئة جدا وكان ذلك يظهر علي وجهها وبداخلها أيضا أمومة قوية.

وقد حضرني موقف الآن لأبين مدي تواضعها وبساطتها ففي فترة الراحة »البريك« أثناء التصوير كانت تجلس مع العمال علي الأرض أو علي »طبلية« وتأكل معهم فهي كانت لا تفرق بين غني وفقير في المعاملة.

< ما هي آخر أخبار القضية في انجلترا؟

ـ هذا النوع من القضايا يكلف كثيرا لذلك شرطة لندن قامت بحفظ القضية لأنهم لا يريدون أن يكلفوا أنفسهم وأنا فعلت كل ما في وسعي من أجل عدم حفظ القضية ومعرفة الحقيقة واستطعت أن أحصل علي أوراق هامة تخص القضية وقدمتها للنائب العام.. وأنا ـ ما حييت ـ لن أدخر جهدا وسأقاتل من أجل فتح القضية مرة أخري وهذا واجبي نحو أختي.

< لماذا تم تكذيب خبر زواجها من عبدالحليم ثم تأكيده بعد ذلك علي الموقع الإلكتروني الخاص بها؟

ـ لم أتحدث بشيء إلا الذي قالته لي وأكدته هي للكاتب مفيد فوزي الذي نشرة في مقاله ووضعت المقال كما هو علي الموقع.

< آخر أزواجها ماهر عواد هل مازال يتصل بكم؟

ـ من حين لآخر نتصل ببعض وهو أحد الورثة أيضا.

< ما حقيقة ما قاله جمعة الشوان بأن سعاد حسني كانت زوجته؟

ـ هذا تهريج وكلام فارغ ولا يمت للحقيقة بأي صلة وهو ليس لديه أي مستندات يواجهنا بها ولا أعرف ما هو هدفه من هذا الكلام والفترة التي قال فيها إنها زوجته كانت وقتها متزوجة من علي بدرخان فكيف تكون متزوجة من اثنين في وقت واحد وأيضا هي من وسط غير وسط الشوان.

< كان هناك مشروع متحف توضع فيه مقتنيات سعاد حسني، لماذا لم يتم هذا المشروع إلي الآن؟

ـ هذا المشروع يحتاج إلي تكلفة مرتفعة جدا ودعم مادي وأنا عرضت هذا الموضوع علي المختصين في وزارة الثقافة ويبحثون في الموضوع.

< اعتبر البعض أن مزاد بيع مقتنيات سعاد حسني تفريط في تاريخها؟

ـ أريد أن أوضح شيئا، نحن لا نستطيع أن نفرط في أي شيء يخص سعاد ولكن كل ما في الأمر أننا قررنا عمل مزاد علي بعض مقتنياتها للتبرع بالعائد لصالح مستشفي سرطان الأطفال لتكون صدقة جارية علي روحها.

< شقيقها عز الدين حسني قال إنه سوف يقوم بعمل كتاب عن سعاد حسني وأوصي بالنشر بعد وفاته؟

ـ عز الدين عاش 30 عاماً في السعودية وأعتقد أنه لايعرف عن سعاد الكثير وأنا لم أسمع بهذا الكلام من قبل ولكن إذا كان سوف يعمل ذلك فعلاً فلابد من نشر الحقائق.

< وأين ذهبت شقة الزمالك التي كانت تسكن فيها سعاد والمكتب التي كانت تدير منه شئونها؟

ـ شقة الزمالك كانت إيجارا وأخذها صاحبها أماالمكتب كان لوالدتي وكانت سعاد تحتفظ في هذا المكتب بملابس تصوير أفلامها وكانت تقوم أيضاً بعمل الماكياچ هناك قبل بدء التصوير وإذا كان هناك استعراض في فيلم ما تقوم بالتدريب عليه في المكتب.

< مارأيك في المسلسل الذي عرض قصة حياة السندريلا؟

ـ المسلسل لم يعرض الحياة الحقيقية لسعاد حسني وتمت الاساءة لكل الشخصيات الموجودة في المسلسل وهذا المسلسل تم رفع 63 دعوي قضائية ضده.

استطاعت السندريلا الوصول إلي قمة النجومية وتربعت علي عرش السينما لسنوات، ورغم هذا النجاح ظل يلازمها وسواس الفشل وزاد هذا الوسواس بعد فشل فيلمها »الدرجة التالتة« وعندما عادت للسينما مرة أخري مع فيلم »الراعي والنساء«، لم يكن استقبال الجمهور والنقاد لها كما توقعت فدخلت في مرحلة اكتئاب وسيطر عليها وسواس الفشل حتي النهاية.

والاكتئاب الذي يراه الناقد رفيق الصبان من وجهة نظره أنه ناتج من ثقافتها البسيطة والتي لم تستطع أن تميز ما هو أفضل وما هو وسواس جماهيري بمعني أن الفنانة الراحلة كانت تعاني بالفعل من وسواس الفشل خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته في تجربتها التي لاتنسي " خلي بالك من زوزو " لدرجة ان الوسط الفني في هذه الفترة لم يكن يناديها إلا باسم "زوزو"، وفي فترة تألقها الفني كانت تختار أعمالها بعناية ودقة شديدة وتعود إلي مرجعها الأول ومستشارها سواء من الناحية الفنية او الشخصية "صلاح جاهين"، وبعد رحيل جاهين تشتتت أفكارها ولم تحسن اختياراتها.

ويقول الناقد نادر عدلي: سعاد حسني بدأت مشوارها السينمائي بشكل تقليدي ونجحت خلال فترة قصيرة لتصبح واحدة من نجوم الشباك، ولكن بعد أن قدمت السندريلا مجموعة ليست قليلة من الأفلام المتميزة مع مخرجين كبار وجدت أنه لم يعد ممكنا أن تشارك في أي أعمال إلا بعد كثير من التدقيق الذي وصل إلي حد الوسوسة.

ويري الناقد محمد عبد الفتاح أن هذه الوساوس ليست عند الراحلة سعاد حسني فقط بل هي عند كثير من النجوم نتيجة ضغوط النجاح والخوف من الفشل، وسعاد حسني بعد الزيادة المفرطة في وزنها بسبب مرضها شعرت أن نهايتها اقتربت ورأت أن هذه الزيادة سوف تقضي علي الصورة المرسومة في أذهان جمهورها خاصة من الشباب وهو ما أثر عليها بشكل كبير علي تكوينها مما جعلها تختفي.

ويشير الناقد فتحي العشري إلي أن الفنانة الراحلة سعاد حسني بدأت كبطلة منذ أول أفلامها " حسن ونعيمة " وحافظت علي صورتها حتي آخر أفلامها الراعي والنساء لكنه قوبل بالرفض الشديد والذي كان من أهم أسباب تدهور حالتها الصحية وانعكس بشكل رئيسي علي حالتها النفسية.

وتري الناقدة ماجدة موريس أن هذه الفترة شهدت تخبطا حادا في نوعية الاعمال المقدمة ولم يستطع أحد أن يدرك إلي أي مدي ستصل إليه السينما المصرية فوجدنا صعود جيل جديد تدريجيا واختفاء جيل بأكمله مرة واحدة إلي جانب تعدد شركات الإنتاج.

الصداقة القوية التي ربطت بين سعاد حسني والفنان سمير صبري كانت هي أكبر دافع لسمير صبري من أجل معرفة حقيقة وفاة سعاد حسني في لندن. فقدم ثماني حلقات تليفزيونية بعنوان »لغز رحيل السندريلا« وكشفت هذه الحلقات بعض النقاط الهامة حول وفاة السندريلا. وبين الصداقة ومحاولته كشف حقيقة وفاتها يتحدث.

< ما مدي صداقتك بالسندريلا؟

ـ علاقتي بالسندريلا كانت علاقة صداقة قوية وزمالة وهي رشحتني لثلاثة أفلام معها، وكانت سيدة بسيطة ومتواضعة جدا لكنها كانت قلقة ومتوترة ولاتستطيع أن تأخذ قرارا في حياتها أو عملها ولم يكن لها أصدقاء كثيرون، ودائما تعيش في حالة شك من الناس.. ويبتسم سمير صبري: عندما كنا نحضر سويا مهرجان التليفزيون عام 1966 علمتها قيادة السيارات.

< لماذا قمت بعمل التحقيق التليفزيوني حول وفاتها؟

ـ حبي الشديد لها، فعندما علمت بالحادث سارعت بحجز كاميرا التليفزيون حتي أستطيع تصوير وصول جثمانها في المطار. وبالفعل ذهبت وظللت أترقب نزول الصندوق الذي يحمل جثمانها من مخزن الطائرة.

وبعد نزول جثمان السندريلا تعرفت علي السيدة »نادية يسري« صديقتها وأخذت رقم تليفونها ثم ذهبت بعد ذلك إلي مستشفي الشرطة مع الجثمان وكان تقرير الطبيب الشرعي المصري هو نفس تقرير الطب الشرعي الإنجليزي الذي أوضح فيه أنها »خبطة علي الرأس وكدمات زرقاء في وجهها«، وذلك يؤكد وجود مشاجرة ومقاومة من الراحلة وهناك سؤال يطرح نفسه. كيف لشخص ينتحر ويلقي نفسه من الطابق السادس ولايوجد كسور واحد في جسمه. ومن هنا بدأت أصر علي معرفة الحقيقة وأن آتحقق ولا أحقق. وهذه هي الكلمة التي كنت أرددها في حلقاتي التليفزيونية، وبعد الجنازة بيوم اتصلت بالسيدة نادية يسري وطلبت منها أن تحكي لي عن الأيام التي قضتها مع سعاد في الفترة الأخيرة وطلبت منها أيضا الذهاب لشقتها في لندن والتي أقامت فيها السندريلا أيامها الأخيرة وذهبت فعلا إلي هناك وقمت بتصوير البلكونة التي قيل إنها انتحرت منها، وعندما عدت إلي مصر كان معي حصيلة كبيرة من التسجيلات التي استعان بها عاصم قنديل المحامي وكان يتابع القضية وترجمها وبناء عليه حاول أن يصل عن طريق الحلقات إلي القضاء الإنجليزي ويطلب منهم إعادة التحقيق في القضية علي أساس وجود شبهة جنائية لأنه كان معها 4500 استرليني ولم يتم العثور عليها.

< ما تفسيرك لهذه الواقعة؟

ـ حدوث مشادة مع بعض الأشخاص كانوا قد أتوا إلي الشقة يطالبون نادية يسري بأموال وتدخلت سعاد فقام أحدهم »بخبطها« علي رأسها وماتت في الحال ثم تم حملها إلي الشارع أمام العمارة وتركت، والسيدة نادية يسري تعرف ذلك ولكنها خائفة لأنهم ربما هددوها ووقعت في حيرة من أمرها بين الصديقة التي قتلت وبين خوفها علي نفسها وحياتها. وعندما تحدثت لنادية قالت لي إنها صديقة سعاد منذ 30 عاما وإن سعاد عندما كانت تأتي إلي لندن تقيم في شقتها وهي متزوجة برجل مصري يحمل الجنسية الإنجليزية وهي أيضا مصرية وحصلت علي الجنسية الإنجليزية.

< ما أغرب ما وجدته في حياة سعاد حسني؟

ـ السندريلا توفيت يوم 21 يونيو وهو يوم ميلاد عبد الحليم حافظ.. شيء أسطوري أن الاثنين جمعهما اليتم وعدم الشعور بالأمان والأسرة وأيضا الاثنان كانا يعشقان الموسيقي والرومانسية وعيد ميلاده ووفاتها هو يوم عيد الموسيقي العالمي والخسارة كلها أنه لايوجد سوي فيلم واحد فقط جمع بين عبد الحليم وسعاد وهو البنات والصيف. وكانت قد قدمت في هذا الفيلم دور أخته عام 1960.

الكاتبة والناقدة إيريس نظمي تقول: كنت آخر صحفية أجرت معها حوارا صحفيا من لندن وقالت لها »أنا تعبانة وسلموا لي علي مصر« وكانت تشعر دائما إنها لن تعود لطبيعتها مرة أخري لدرجة إنها كانت تنظر لنفسها في المرآة وتقول »دي سعاد حسني معقولة« كانت علي الشاشة ملكة إنما في الحياة الطبيعية كانت جارية لسعاد جسني. شخصيتها كانت ضعيفة لكن عندما تقف أمام الكاميرا تشعر إنها قوية جدا ولم يكن في حياتها نوع من الاستقرار ولم تكن سعيدة. أما بالنسبة لبيتها فلم تكن تهتم به مطلقا لأنها لم تكن سعيدة وإذا كان الشخص سعيدا فينعكس ذلك علي بيته وكانت حياتها كئيبة والوحيد الذي استطاع أن ينتشلها من هذا الأكتئاب هو »صلاح جاهين« حيث كان من أعز أصدقائها وكان صديقهم الثالث هو الراحل »أحمد زكي« لدرجة إنه عندما توفي صلاح جاهين كانت سعاد مليئة بالحزن الشديد علي فراقه لأنه كان يعد بمثابة صمام الأمان والسند لها وبالرغم من تدهور حالتها المادية في آخر أيامها لانفاقها علي العلاج عرض عليها أمير عربي علاجها علي نفقته الخاصة ولكنها رفضت كان لديها عزة نفس رهيبة ومن سماتها الشخصية إنها كانت حنونة ورقيقة وتتميز بالطيبة.

وأذكر عند عودة جثمانها في المطار كنا نستقل سيارة أنا ونادية يسري صديقتها التي كانت معها في لندن والسيد راضي وفاجأت نادية يسري بسؤال هل سعاد انتحرت ولا قتلت فأجابت انتحرت فغضب منها السيد راضي وحدثت مشادة كلامية بينهما.

أما عن آخر جائزة حصلت عليها عن فيلم الراعي والنساء هي جائزة النقاد فقد أقنعتها يسرا التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة عن نفس الفيلم في مهرجان الإسكندرية بأن الجائزتين مثل بعض تماما عندما شعرت إنها تضايقت.

روز اليوسف المصرية في

01/07/2009

 

زهرة الصبار

بقلم : إيريس نظمي 

فكرت بعد أن قدمت مذكرات كثير من رموز الفن.. أن أقدم مذكراتها.. فأنا أحب هذه الفنانة وأقدرها.. إنها سناء جميل.

وتصادف أن التقينا معا علي مائدة واحدة.. المائدة الرئيسية للفنانين والشخصيات العامة في حفل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي أقمناه في الشيراتون.. جلست بجانبها.. وجلس زوجها الكاتب المعروف لويس جريس علي الكرسي المقابل لها علي المائدة.. وجاءت إحدي الفتيات لتقاسم لويس جريس نفس الكرسي الذي كان يجلس عليه.. لم تكن الفتاة تعرف أن سناء زوجته.. وانفجرت سناء كالصاروخ لدرجة كادت تفسد الحفل »إنتي إيه اللي مقعدك جنب جوزي.. يا.. يا....« وهات ياشتيمة في البنت التي أصيبت بالذعر.. فسناء حين تنفجر في الكلام لا تعرف ماذا تقول وماذا يصدر عنها من ألفاظ.إنها تحب زوجها لدرجة العبادة.. فليس في الدنيا أحد يحبها ويحتويها سوي زوجها لويس جريس الذي ظل صامتا حتي انتهت سناء.. وكأنه مشهد من مشاهد السينما.

وافقت سناء في نفس اليوم الذي التقينا فيه علي كتابة مذكراتها ولقائها في منزلها في منيل الروضة.. وكنت أذهب إليها يوميا في الصباح بعد أن يخرج لويس إلي عمله في »روزاليوسف« وأغادر المنزل قبل أن يجئ.. وهو ما أعطاها ثقة فيّ لكي تتكلم بصراحة.

< < <

بيتها متواضع جدا.. وبلا مصعد ينقلك إلي الدور الأعلي.. ولكن عندما تدخل تحس أنها ست بيت من الطراز الأول.. فهي مشغولة بالمطبخ وإعداد الطعام.. لا يوجد عندها شغالة.. أيضا غسيل وإعداد ملابس زوجها وهي سعيدة.. بل قالت لي وهي تنشر الغسيل.. البدلة الصيفي دي أنا فصلتها للويس وكانت تنطق لويس كالخواجات.

وكانت سناء تقتني كلبين من أنواع كلاب الزينة إذا صح هذا القول.. وأنا أخشي الكلاب جدا.. حينما جلست التفا حولي وبدآ يلحسان رجلي ولأنني أعرف أنها تحب كلابها مثلما يكونون أبناءها كتمت صرختي ولم أتكلم بغضب.

ـ »مدام سناء إن جسمي يقشعر حينما يفعلون ذلك« فصاحت سناء بصوتها المعهود وعصبيتها الزائدة قائلة لهما بنفس الطريقة التي تمثل بها »ابعدوا عن المدام لأن جسمها بيقشعر« وكأنها تسخر مني.

< < <

إن رحلة سناء جميل ليست رحلة عادية.. فقد اختارت الطريق الصعب الذي قطعته إلي القمة بالجهد والإصرار والدموع والأحزان.. اسمها ثريا يوسف عطالله جاءت من الصعيد من مدينة »ملوي« بعد أن فقدت أبويها وألحقها شقيقها بالميرددييه القسم الداخلي.. واكتشفت في نفسها موهبة التمثيل فالتحقت سرا بمعهد التمثيل خوفا من العائلة »المحافظة«.. واكتشف شقيقها »الفضيحة« وكان عليها إما أن تترك المنزل لكي لا تجلب لهم العار أو تكمل دراستها بالمعهد.. واختارت سناء التمثيل لتخرج من بيت شقيقها إلي الشارع في ليلة مشؤومة.. ليلة حريق القاهرة.. بلا أمل أو مأوي.

كانت سناء تندمج في الحديث لدرجة البكاء ثم تضحك وتمسح دموعها. وقد أطلقت عليها اسم »زهرة الصبار« وهي من أشهر مسرحياتها.. فهي في حياتها تشبه زهرة الصبار في صبرها ومعاناتها وقوة تحملها..

الحديث لا ينتهي فحكايتها ميلودراما مليئة بالأحداث المثيرة..

لقد اهتمت سناء بفنها في المسرح والسينما لدرجة أنها نسيت نفسها كامرأة تتزوج وتنجب أبناء. قالت لي سناء »لو كنت تزوجت وأنا صغيرة لكان الآن عندي ابنة ترعاني وتكون صديقة لي«

< < <

في إحدي الأمسيات أقامت سناء صالونا أدبيا في منزلها اجتمع فيه الكثير من الكتاب والنقاد: والكلام علي لسانها »لفت نظري شاب.. إنه الوحيد الذي لا يتكلم.. عيناه مليئتان بالحنان قلت في نفسي »هوده« أنا إنسانة عصبية جدا وهو إنسان هادئ رزين. ما سر صمته؟ سألته: اسمك إيه؟ قال اسمي لويس جريس. ولماذا لا تتكلم؟ قال مبتسما: »الحقيقة مش عارف.. لكن أنا باسمع« قلت: لا مش معقول تفضل تسمع طول الليل.. لازم تتكلم كمان. وضحكنا.. وبدأ يتكلم دون أن يتخلي عن طريقته الهادئة الوقور.

قال لي: للأسف لم أشاهدك علي خشبة المسرح.. وهذا طبعا من سوء حظي.. ولكن حينما قالت لي الزميلة الصحفية أن اللقاء سيكون في بيت سناء جميل انتهزت عرض فيلم »بداية ونهاية« وذهبت لمشاهدته حتي أستطيع أن أتكلم وأتناقش مع حضرتك.. والحقيقة أن الفيلم ممتاز جدا.

لم يستمر الحوار بيننا كثيرا فقد كنت أقوم بين فترة وأخري لكي أطمئن علي راحة ومطالب الضيوف.. ثم عدت لأسأله:

ـ إنت قلت لي اسمك إيه؟

قال مرة أخري: اسمي لويس..

ثم قمت مرة ثانية لتقديم بعض المشروبات والمأكولات للضيوف وعدت إليه: إنت قلت لي اسمك إيه؟

فقال مرة أخري:

»اسمي لويس.. »لويس جريس«.. وانشغلت بالأحاديث الجانبية. وفي نهاية الحفل سألته: إنت بتشتغل إيه؟

قال: »أنا باشتغل في »روز اليوسف« صحفي صغير«. قلت له هتتكلم في التليفون مش كده؟ قال: طبعا

قلت: هل معاك ثلاثة تعريفة؟ وبدت علي وجهه الدهشة: ليه طبعا معي.. ثم مد يده في جيبه وأخرج فعلا »ثلاثة تعريفة«. قلت له خليهم معاك علشان تبقي تطلبني في التليفون..

ولا أخفي عليك أنني أنا التي بادرته بالحب والزواج.

وجاء اليوم التالي ولم يدق التليفون.. ومر يوم آخر دون أن أسمع صوته كما وعدني.. ووجدت نفسي أدير قرص التليفون وأسأل عنه.. وحينما سمعت صوته الهادئ أحسست براحة تغمرني.. وقلت له أرجوك إذا وجدت لديك وقتا أن نلتقي أريد أن أتحدث معك في مشكلة تؤرقني.. والتقينا في كازينو بالجيزة. ومرت شهور أربعة كالساعات.. أصبحت عادة من عاداتي الحبيبة أن اسأل عنه.. واتصلت:

ـ سأكون في انتظارك عند باب »روزاليوسف« وحددت له الساعة.. لم تكن عنده سيارة في ذلك الوقت.. فجلس بجانبي وانطلقنا إلي أقرب كازينو. والكلام لا ينتهي.. وشعوري بالراحة يزداد كلما رأيته.. وتستمر اللقاءات.
وذات مرة ذهبنا إلي كازينو في المعادي علي النيل.. وكانت جلسة شاعرية لا أنساها إنه قليل الكلام.. كثير الحنان.. مشاعره أقوي من الكلمات.. قال.. ما رأيك.. نتزوج؟

وأردت أن أتحقق من الكلمة التي رددها والتي أنتظرها.. »الحقيقة أن مرتبي ليس كبيرا ومازلت في بداية الطريق«.. فقاطعته: المادة ليست كل شيء.. فمتي يكون موعد الزواج؟ قال في أغسطس.. قلت لا.. في يوليو.. قال »أغسطس أحسن«.. قلت لماذا؟

قال بصراحة »لأني أخذت« »سلفة« من المؤسسة وهم يخصموها كل شهر من مرتبي.. وهذه السلفة ستنتهي في أغسطس«

< < <

رحلت سناء جميل بعد عناء مع المرض الخبيث.. وظل لويس بجانبها طوال الوقت.. وخسرنا واحدة من رموز الفن.. وكانت وصيتها الأخيرة أن يدفنها زوجها.      

روز اليوسف المصرية في

01/07/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)