حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حفيظ لم يسئ للطائفة المندائية واحتجاجاتها غير صحيحة

إياد الطائي: مشكلة النجم العراقي تكمن في غياب التسويق العربي

عبدالجبار العتابي

 

أكد الفنان العراقي إياد الطائي أن التسويق هو ما ينقص الدراما العراقية لكي يتخطى نجومها حاجز المحلية إلى العربية، مؤكدًا أن مشاركة اربعة فنانين عرب في مسلسل (حفيظ) كان من اجل تسويقه عربيًا.

بغدادأعرب الفنان اياد الطائي أن تجسيده شخصية (الشيخ راضي) في مسلسل (حفيظ)، كان متعبًا للغاية، لاسباب عديدة منها شخصية الشيخ (البركان الهادئ)، فضلًا عن حرارة الجو الصيفي وصعوبة اللهجة الجنوبية.

إلا انه استطاع أن يعطي للشخصية الكثير، مؤكدًا لـ"إيلاف" أن هذا العمل هو الوحيد الذي اشتغله هذا العام بسبب قلة الاعمال، بعد أن توقفت القنوات الفضائية العراقية عن انتاج الاعمال الدرامية بسبب توقف الدعم الاميركي الذي كان يقدم لها من اجل الانتاج الدرامي. واشار الطائي إلى أن احتجاجات الطائفة المندائية على المسلسل غير صحيحة، وأن العمل لم يسئ اليها مطلقًا بقدر ما أوضح علاقات اجتماعية عادية قائمة في مكان وزمان محددين.

في ما يأتي متن الحوار:

·        ما كان لديك على شاشة رمضان؟

ظهرت في مسلسلين، هما علي الوردي وحفيظ. قدمت في الاول شخصية علي الوردي في آخر خمس حلقات، يعني المرحلة الاخيرة من حياته، ثم مر العمل بمشاكل كثيرة، وكان من المفروض أن يعرض السنة الماضية، لكنه تأجل إلى هذه السنة بسبب الظروف.

وقد واجهت صعوبة في تجسيد الشخصية، لانك إن اخذت شخصية مقروءة ومعروفة وما زالت حاضرة عند الناس، وهناك عدد من اصدقائه ما زالوا على قيد الحياة، قد تخشى من مفردة كان يقولها ولم تقلها. والبعض يتصور أن التمثيل لا بد أن يأتي نسخة مطابقة للشخصية الممثلة، وهذا لا يمكن. لا بد للممثل أن يضفي عليها بعض الاشياء وبعض اللمسات. وانا حين قرأت بعض المصادر عنه لم تخبرنا كيف كان يتحرك، ولا كيف يتصرف في حياته. فتبقى كل المعلومات لديك ناقصة، الا اداءك للشخصية. وبما انني لم اشاهد الرجل عيانًا فقد اجتهدت في ادائي.

·        ما اعجبك في شخصية علي الوردي؟

هدوؤه وفهمه للمجتمع العراقي فهمًا اخر. فعندما يتعرض لمشكلة يحلها بطريقته وليس بالطريقة العراقية المعهودة التي هي سريعة جدًا واحيانًا تأتي من دون تفكير. اعجبني ايضا عمقه في تناول الاشياء، وبصراحة اعجبتني فيه اشياء كثيرة، فهو العلامة علي الوردي، وانا معجب به قبل أن أمثل شخصيته. وكانت المساحة الموكلة إلي قليلة، فعطائي كان في الحلقات الخمس الاخيرة، واحسست أن ما عندي اعطيته حقيقة، وبقي تقييم الجمهور والنقاد.

هدوء الدكتاتور

·        وماذا عن حفيظ؟

مسلسل حفيظ كتبه سعد هدابي واخرجه سامي جنادي، وكانت فيه مشاركة عربية لطيفة، وهو من الاعمال التي من المهم أن تأخذ حيزًا جيدًا، حالها حال الاعمال العربية. شخصيتي فيه كانت الشيخ راضي، شيخ عشيرة، هو ترميز لحفيظ الذي هو يشان، او مكان اثري فيه اثار سومرية وكنوز.

هذا الشيخ قام بتنصيب نفسه كوكيل على هذا المكان وبمثابة المشرف عليه، ومن خلال الاحداث يكتشف المشاهد أن حفيظ هو الشيخ راضي لأنه الذي يقوم بكل الاعمال التي تحدث هناك مثل اختفاء منقبين اثاريين، كما تحدث اختفاءات في القرية ولا احد يعرف سببها، فهو يتحكم بأمور كثيرة. والشيخ راضي يمثل نوعًا من الدكتاتورية المصغرة على تلك القرية، بمعنى انه رمز من رموز الدكتاتورية وعنده اساليبه المختلفة في التعاطي مع القرية.

·        كيف تعاملت مع قسوة الشيخ؟

الله سبحانه اعطاني موهبة التمثيل، فمن الممكن أن اريك شيئا من القسوة ومن الممكن أن اريك حنانا ورأفة. وعمومًا، الشخصية فيها قسوة ولكنني سميته البركان الهادئ، بمعنى أن قسوته ليست مفضوحة. فلا تسمع منه صوتًا عاليًا ولا ترى انفعالا شديدًا بل انفعاله محسوب، فتحس قسوته بهدوئه.

·        كانت اللهجة جنوبية، فكيف استطعت التمكن منها؟

كانت اللهجة مشكلة كبيرة، خصوصا بالنسبة لنا اهل بغداد. كان معنا الشاعر الشعبي الشاب مظهر الزبيدي، وكان يتابعنا باللهجة. والرجل تعب معي كثيرًا، فكان يراقبني بكل صغيرة وكبيرة، واحيانا اقول له تجاوزها لأن المشهد لا يحتمل أن يعاد مرتين، أو المشهد فيه حوارات طويلة، وهذا التجاوز لم يكن الا قليلًا جدًا.

واعترف أن الزبيدي ساعدني كثيرًا وانا اشكره كثيرًا. على العموم اجهدني العمل من ناحيتين. الاولى أن الوقت لم يكن كافيًا لأقرأ بشكل جيد، لكنني استطعت أن اسيطر على الشخصية، والثانية أن اللهجة كانت مشكلة واتعبتني لكن مظهر الزبيدي كان شديدا معي في تطبيق اللهجة باعتباري اجسد الشخصية الرئيسة، فكنت احيانا اوقف التصوير بسبب حرف او كلمة، وتصبح هنالك صعوبة مزدوجة ما بين الاداء وبين الحوار، وهذه مشكلة حقيقية.

·        هل اثرت البيئة في ادائك للشخصية؟

تم التصوير في اهوار المشرح في محافظة ميسان. في الايام الاولى كان الجو مريحًا، لكن في ما بعد بدأت تظهر قسوة المكان مع اشتداد الحرارة، وراحت تظهر انواعا من الحشرات لم ارها في حياتي، حتى في ايام الجيش الذي خدمناه في اماكن بعيدة لم اشاهد هكذا حشرات. هناك حشرة بحجم الكف وكلها تطير، وهي بالملايين. وفي احد المشاهد التي عرضت على الشاشة في رمضان كان البق والفراشات وانواع كثيرة تقف على الفنان مهند هادي، وكان صبورًا كي ينهي المشهد.

التسويق عربيًا

·        قدمت عملين فقط، هل يرضي ذلك طموحك؟

الصحيح عمل واحد، كما قلت لك إن مسلسل علي الوردي كان جاهزا منذ السنة الماضية، ولم تكتمل بعض المشاهد لوجود مشاكل. لكن هذا الموسم لدي عمل واحد فقط هو حفيظ. والطموح ليس أن أؤدي شخصية صغيرة لمجرد أن تمثل، باعتبار انك قد وصلت إلى مكانة معينة، فلا بد أن تنال حقك وتنال شخصيتك وتأخذ اجرك، وهذا من حقك. فالمطروح لدينا قليل.

·        شارك في حفيظ نجوم عرب، كيف دعموا العمل؟

عندما تختار فنانًا عربيًا ونجمًا معروفًا فبالتأكيد عندك هدف آخر وهو التسويق. وانا اعتقد أن وجود ايمن زيدان ومرح جبر ونادين قدور وسامح الصريطي قدم اضافة واعطى رسالة امنية للعالم بأنه من الممكن العمل في العراق. من الممكن أن تكون لدينا حركة فنية على المستوى العربي والعالمي.

فسامح الصريطي كان يمثل شخصية اجنبية، فيما كان ايمن زيدان يجسد شخصية زميل سامح في الجامعة في لندن، وجاء إلى العراق ليبحث عن اسرار هناك. اما مرح جبر فكانت تمثل شخصية زوجة الصريطي، ونادين قدور مساعدة ايمن زيدان. ومشاركتهم كانت لفتة انتاجية لتغيير الخارطة. وهناك هدف نحو تسويق العمل لعدم وجود نجم لدينا من الممكن أن نسوقه إلى الخليج مثلا، لذا تم استخدام وجوه عربية.

·        هل كانت اجورهم مثل اجوركم؟

بالطبع لا، كان هناك فارق. الممثل العراقي يتقاضى اجرًا حسب اللوائح الموجودة في العراق، بينما القادمون لا يخضعون لهذه اللوائح. لذلك كان الفارق كبيرًا في الاجور لصالح الفنانين العرب طبعًا.

·        نال مسلسل (حفيظ) اعتراضا من الطائفية المندائية، ماذا تقول عن هذا؟

صار فهم خاطئ من بعض الاخوان، والمسلسل لم يكن قد انتهى بعد. فهم خاطئ بنوعية العلاقات الموجودة وشكلها، لكن عندما انتهى المسلسل كانت النهايات واضحة وكل شيء في محله. وانا اتساءل: ألا توجد علاقات حب بين المسلمين والمسيحيين والصابئة؟ الاعتراض كان في هذا الاتجاه ونوع العلاقات. وهناك من يقول لماذا لا يظهر الصابئي طبيبًا او مهندسًا، هذا ليس منطقًا، فأنا عندما اتناول شريحة معينة من المسلمين، ليس من الضرورة أن أهمش الآخرين.

أعمال قديمة

·        كيف وجدت الدراما العراقية خلال رمضان الماضي؟

فيها الجيد وفيها المتوسط وفيها الرديء. هناك تنوع ما بين الكوميدي والسيرة الذاتية، والمستوى نوعًا ما جيد. لكن قناة العراقية هذا الموسم كانت سيدة الشاشات باعتبارها حصلت على اعلى نسبة مشاهدة، لأن القنوات الاخرى توقف عنها التمويل الاميركي فابتعدت عن الانتاج الدرامي.

كانت كل قناة تأخذ خمسة ملايين دولار لكي تنتج اعمالًا درامية، لذلك قدمت كل قناة خلال هذا الموسم عملا قديما من الموسم الماضي. فنحن لا نعمل إن لم نتقدم حتى ولو نصف خطوة، وهناك خطى واضحة ولكن هناك اعمال يجب أن نؤشر عليها بأنها ليست بالمستوى اللائق لا تأليفًا ولا اخراجًا ولا تمثيلًا، ولا استطيع أن اسميها احتراما لزملاء عملوا فيها.

·        أريد منك أن تخبرني عن الملاحظة السلبية التي سجلتها على الدراما العراقية.

اتمنى أن لا يتم تناول المواضيع بشكل سطحي، وكأن الناس مغفلون وبسطاء ولا يفقهون شيئًا. وبالمناسبة، العراقي أكثر شخص ينتقد، واكثر انسان عينه مدربة على معرفة السيئ والجيد. فعندما لا يعجبه يقول ذلك بصراحة، واحيانًا يعاتبنا على سوء العمل وكأنني مسؤول عن الموضوع.

وفي الحقيقة انني غير مسؤول عن العمل الذي اشتغل فيه بقدر ما انا مسؤول عن دوري ومحيطي، والمسؤولية تتوزع على الممثل والمخرج والمساعد ومهندس الديكور والاضاءة وغير ذلك، فأحيانا الناس تقابلنا وتحاكمنا وكأننا مسؤولون عن كل شيء يظهر على الشاشة وهذه مشكلة. ومشكلتنا أيضًا عدم وجود تسويق. سعى المنتج نبيل طاهر في مسلسل (حفيظ) إلى تسويقه من خلال مشاركة النجوم العرب، وهذه حقيقة لا نخجل بها.

إيلاف في

20/08/2013

 

الوزير لا يفهم إلا لغة البيض

تضامن مع السينمائي نصر الدين السهيلي

نور الدين بالطيب/ تونس 

تباينت ردود فعل الشارع التونسي على حادثة الاعتداء بالبيض التي تعرّض لها أخيراً وزير الثقافة المهدي مبروك (مستقل) على يد السينمائي الشاب والناشط اليساري ومنسق حملة «خنقتونا» نصر الدين السهيلي. إلى دار الثقافة «ابن خلدون» (وسط العاصمة)، جاء مبروك لمواكبة أربعينيّة المسرحي عزوز الشناوي من دون أن يتوقّع أن يستقبله سينمائي شاب بالبيض. وقد أكد الوزير أنّه تقدّم بدعوى قضائية ضد السهيلي الذي تبحث عنه القوى الأمنية، معتبراً أنّ المعتدي «لا يختلف في شيء عن كمال القضقاضي» الذي اغتال الزعيم اليساري شكري بلعيد قبل أشهر.

الحادثة التي تعدّ الأولى من نوعها في تونس، قسمت الوسط الثقافي. أدانت نقابات وزارة الثقافة هذا الفعل في حين دافعت «نقابة التقنيين السينمائيين» عن السهيلي، معتبرةً أنّ ما قام به «شكل من أشكال الاحتجاج». وفيما كذّبت النقابة في بيان ما «ادعاه الوزير من تعنيف»، أوضحت أنّ إلقاء البيض على وزير حضر أربعينية فنان لم يسانده يوماً وصمت عن الاعتداءات التي تعرّض لها المبدعون من السلفيين وأنصار «حركة النهضة» هو «شكل احتجاجي يحدث في البلدان الديمقراطية». وفي سياق ردود الفعل، قال الفنان المسرحي ورئيس «الاتحاد العام للفنانين التونسيين» حمادي الوهايبي لـ«الأخبار» إنّ نصر الدين السهيلي «الذي عرفناه مناضلاً شرساً ضد الدكتاتورية أخطأ هدفه هذه المرة. ما فعله غير مقبول لأنّه سلوك لا يليق بالفنانين المناصرين للحرية»، داعياً في المقابل وزير الثقافة إلى «الاستقالة من الحكومة التي أكدت فشلها، والالتحاق بالفنانين والمبدعين في معركتهم ضد الاستبداد الجديد».

من جهته، قال السهيلي المختفي منذ مساء الجمعة الماضي في شريط فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي إنّه تعرّض لـ«اعتداء بدني ولفظي من قبل مرافقي الوزير ومن بعض زملائه الفنانين المساندين للحكومة»، مؤكداً أنّه احتج في البداية على حضور الوزير لأنّ «عائلة الفنان الراحل كانت تترجاه للمساعدة في تكاليف علاجه، لكن الوزارة لم تبالِ». وذكّر السهيلي بإدانة مبروك للفنانين في «معرض العبدلية» قبل عام، ومساندته السلفيين في دعواهم ضد الفنانين، فضلاً عن ملاحقة الوزارة قضائياً عدداً من المبدعين على خلفية آرائهم وتوجهاتهم الفنية، وصمته عن تعنيف الفنانين ومنع العروض الفنية والسينمائية وتخريب قاعات. يضاف إلى ذلك حصيلة حكومته من الاغتيالات والقتل والعنف ومطاردة الناشطين والتعذيب، الأمر الذي يجعله بحسب السهيلي «غير مرغوب فيه، واضطرني إلى الاستنجاد بالبيض بعدما عنّفت وطردت من القاعة ومنعت من التعبير في مناسبتين متتاليتين». ونفى السهيلي أن يكون قد اعتدى على الوزير باللكم خلافاً لما تم تداوله في الرواية الرسمية. يعتبر السهيلي من أبرز السينمائيين الشباب وأكثرهم نشاطاً في السياسة. قبل سقوط زين العابدين بن علي، واجه الرقابة في فيلمه القصير «بوتليس»، واشتهر بانتصاره للهامشيين وتنديده بالمجموعات الدينية المتطرفة إلى حد منع شريطه «شاق واق» الذي فضح مجموعات الإسلام السياسي والمتاجرين بالدين. الذين يعرفون نصر الدين السهيلي، لم يستغربوا طريقة احتجاجه. هو فنان منشقّ اختار العيش على هامش الحياة الثقافية والسياسية الرسمية والانخراط مع شبان الأحياء الشعبية الذين كبروا وسط مناخ الفقر والتهميش. عرف السينمائي التونسي السجن مبكراً في عهد بن علي على خلفية نشاطه ضمن منظمة شباب «حزب العمّال الشيوعي» المحظور يومها. هذه الحادثة التي أدانتها الحكومة تؤكّد أنّ إمكانيات التواصل بين السلطة التنفيذية والشارع الثقافي والسياسي أصبحت محدودة جداً، وأنّ الاحتقان كبير ولا أحد يمكن أن يتنبأ بنتيجته.

الأخبار اللبنانية في

20/08/2013

 

محمد رمضان:

«قلب الأسد» لا يخدش الحياء

القاهرة ـــــ عمر محمد  

رغم الانتقادات التي لاحقته بسبب احتواء فيلمه «قلب الأسد» على مشاهد مثيرة وخادشة للحياء، وتأكيد البعض أن الفيلم نسخة مكررة من أفلامه السابقة، فإن الفنان محمد رمضان أكد رفضه للانتقادات التي لاحقت الفيلم، موضحاً أن كل المشاهد التي قدمها بعيدة عن الإثارة، كما كشف ان النجاح الذي حققه من خلال هذا الفيلم فاق كل توقعاته

من خلال هذا الحوار يتحدث محمد رمضان عن ردود الأفعال، التي وصلته بعد الأيام الأولى من عرض الفيلم، والصعوبات التي واجهها اثناء التصوير، وأهم الاستعدادات التي قام بها وغيرها من الاعترافات.

·        كيف كانت ردود الأفعال التي وصلتك حول فيلمك الجديد «قلب الأسد»؟

ــــ النجاح الذي حققه فيلم «قلب الأسد» فاق كل توقعاتي، ولا يمكن أن أصف مدى سعادتي بردود الأفعال التي وصلتني بعد الأيام الأولى من عرضه، والحمد لله الفيلم نجح في تحقيق المعادلة الصعبة وحقق إيرادات ضخمة، كما ان الفيلم حصل على إشادة العديد من النقاد، والتي تصف اداء ابطاله بالرائع والمتميز، بالإضافة إلى مئات التعليقات التي وصلتني من جمهوري من خلال حسابي الشخصي على موقع الفيسبوك، حيث عبروا عن إعجابهم الشديد بالفيلم.

·        هل تعتقد أن توقيت عرض الفيلم مناسب في ظل الأحداث السياسية المتوترة في مصر؟

ــــ أولاً، صاحب القرار الأول حول عرض الفيلم هو منتج العمل، ومن المؤكد أنه لا يريد أن يخسر أمواله، أنا قمت بدوري في الفيلم بجدية وخرج بصورة جيدة، فضلاً عن أن الأحداث السياسية الحالية ربما تستمر لفترة، لذا لابد للحياة أن تسير بصورة طبيعية ولا تتوقف على أمر لا نعرف متى ينتهي، بالإضافة إلى أن المشاهد بحاجة إلى الخروج من حالة الملل والتشاؤم التي سيطرت عليه لمعايشة شيء مختلف يعينه على الاستمرار في الحياة وسط هذه الأحداث، والدليل على ذلك أن هناك أفلاما عديدة عرضت في الوقت الحالي واستطاعت أن تحقق نجاحاً كبيراً.

استغلال خاطئ

·        ما الذي دفعك للموافقة على بطولة هذا العمل؟

ـــ أكثر ما حمسني للموافقة على هذا العمل هو الفكرة الرئيسية التي يناقشها، فانا احاول من خلال هذا الفيلم توصيل رسالة مهمة، وهي عدم الاستهزاء بعقلية المواطن المصري، كما اننا نرصد من خلاله كيفية الاستغلال الخاطئ للسلطة

·        ما تعليقك على اتهام الفيلم بالاثارة واحتوائه على مشاهد خادشة للحياء؟

ــــ اتهامات باطلة، لأن جميع المشاهد التي جمعتني بالفنانة حورية فرغلي لم تكن مثيرة، بل كانت مشاهد عادية جداً، لكن هناك من أطلق الحكم على العمل بعد مشاهدة البرومو الخاص بالفيلم، الذي لا تتعدى مدته ثلاث دقائق، فالفيلم لا يحتوي على أي مشهد خادش للحياء ولا قبلة واحدة، وذلك لأن الفيلم إنساني تدور أحداثه في إطار اجتماعي تشوقي

·        هل هناك صعوبات واجهتك اثناء التصوير؟

ــــ الفيلم يحوي العديد من المشاهد الصعبة، إلا انني اعتقد ان مشاهد الأكشن تعد من أصعب المشاهد التي تطلبت مني تركيزا شديدا ومجهودا خاصا، فهناك مشهد قمت من خلاله بالقفز من أعلى الكوبري، فهذا المشهد كان صعبا وخطيرا للغاية، ولا يمكن ان انساه، خاصة أنه تطلب مني التدرب كثيرا حتى أقدمه بشكل صحيح، وبصراحة المخرج عرض علي الاستعانة بدوبيلر، إلا أنني رفضت وقررت تقديمه بنفسي، فأنا أعشق التحدي وتقديم كل ما هو صعب

اتهام مرفوض

·     البعض وجد أن فيلمك الجديد «قلب الأسد» نسخة مكررة من أفلامك السابقة مثل «عبده موته» والألماني». فما تعليقك؟

ــــ اتهام مرفوض، فأنا في البداية أبحث عن تقديم عمل جديد ولا أكرر نفسي، فشخصية «فارس الجن» التي اقدمها تختلف تماماً عن الشخصيات التي قدمتها من قبل، فهو شاب طموح لديه رغبة ان يكون له دور إيجابي، كما ان لديه مبادئ يريد الحفاظ عليها والتمسك بها مهما كانت الضغوط التي يتعرض لها، فهذا الانتقاد طاردني بعد مشاهدة الدعاية الخاصة بالعمل وقبل عرضه في السينما، فهم أطلقوا الحكم بعد مشاهدة إعلان لا تتجاوز مدته ثلاث دقائق، وبالتالي هذ النقد ليس مبنياً على أسس واضحة

·        كيف وجدت العمل مع الفنانة حورية فرغلي وفريق الفيلم؟

ــــ سعدت جداً بالتعاون مع حورية فرغلي، فهي لم تكن المرة الاولى التي اتعاون معها، فقد سبق ان تعاونا من قبل من خلال مسلسل «دوران شبرا» وفيلم «عبده موته»، وهي واحدة من أفضل الفنانات اللاتي تعاونت معهن، اما عن علاقتي بكل الفنانين الذين شاركوا في بطولة الفيلم فكانت جيدة للغاية، واستمتعت بالعمل وبروح المنافسة التي سيطرت علينا.

·        ما سر ابتعادك عن شاشة التلفزيون بعد مسلسل «دوران شبرا»؟

ــــ هناك العديد من السيناريوهات التي عرضت عليّ في الفترة الأخيرة، إلا أنني لم اتخذ أي قرار بشأنها، ولا أنكر أنني اشتقت لدخول بيوت المشاهدين مرة أخرى منذ تقديمي مسلسل «دوران شبرا»، لكن لابد أن تكون تلك الخطوة مدروسة بعناية فائقة، وأجد انها ستضيف إلى رصيدي الفني وليس لمجرد التواجد فقط، وهو ما جعلني أرفض العديد من الاعمال التي عرضت عليّ خلال العامين الماضيين.

القبس الكويتية في

19/08/2013

 

باقة من الأفلام العربية في مهرجان سراييفو

عدنان حسين أحمد  

انطلقت فعاليات مهرجان سراييفو السينمائي في السادس عشر من أغسطس / آب الجاري وسوف تستمر لغاية الرابع والعشرين منه حيث شاهد القائمون على المهرجان (750) فيلماً بينها (200) فلم روائي و (150) وثائقي و (400) فلم قصير تتوزع على محاور المهرجان السبعة عشر من بينها برامج المسابقة، تحت المجهر، تيارات جديدة، الهواء الطلق، أفلام قصيرة، شريط سينمائي، تكريم، ليالي لاسكو الصيفية، برنامج الأطفال وسواها من المحاور الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقاتها. وقد سجّلت الدول العربية مشاركة جيدة بأحد عشر فلماً شملت مصر ولبنان وفلسطين والمغرب وتونس والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية. أما الأفلام المشاركة فهي "الخروج للنهار" لهالة لطفي، و "مع  إنني أعرف أن النهر قد جفّ" لعمر روبرت هميلتون، "لما شفتك" لآن ماري جاسر، "عالم ليس لنا" لمهدي فيلفل، "المتسللون" لخالد جرّار، "اللعنة" لفيصل بوليفة، "بناية الأمة" للاريسا سانسور، "عمر" لهاني أبو أسعد، "حرمة" لعهد كامل، "يا من عاش" لهند بو جمعة و "رجل خطير جداً" لخالد مازن،.

الفجائع الأسرية

بقيَ فلم "الخروج للنهار" لهالة لطفي في إطار الدراما البيتية التي قيّدت حركة الممثلين في إطار المنزل لمدة طويلة من الزمن، ولولا أن الفلم كان يتوفر على خطاب سينمائي ينطوي على تحديات عديدة لما نفع معه خروج المرأة العانس التي بلغت منتصف الثلاثينات من منزلها لتستمتع بضوء النهار في الأقل. يمكن القول بأن الفلم يرتكز على ثلاث شخصيات وهي الأب المشلول الذي أصيب بجلطة في المخ فأصبح طريح الفراش وزوجته الممرضة، والبنت التي تشرف على رعاية والدها المريض الذي لا يفقه ما يدور حوله وكأنه فاقد للذاكرة. تتكشف العلاقة الإنسانية بإيجابياتها وسلبياتها بين هذا الثلاثي من خلال قيامهم بأفعال رتيبة مثل إطعام الأب المريض وتنظيفه بين أوان وآخر، وطبيعة العلاقة التي يبدو متوترة بين الأم وابنتها العانس التي تهتز في أثناء الزيارة المفاجئة التي يقوم بها شخص غريب. أنجزت المخرجة هالة لطفي عدداً من الأفلام الوثائقية أبرزها "كل ذلك الصوت الجميل"، "رجاء عدم الانتظار"،  "نموذج تهاني"، "صور من الماء والتراب" و"عن الشعور بالبرودة".
يعالج فلم "مع أني أعرف أن النهر قد جفّ" للمخرج الفلسطيني عمر روبرت هاميلتون موضوعة حساسة جداً حيث تبدأ القصة حين يعود إلى فلسطين ليحيا من جديد صدمة الماضي والخيار الذي أرسله إلى أميركا، إذ كان عليه أن يختار بين جواز سفر لطفله الذي لم يولد بعد أو بين الملاذ الآمن لأخيه الناشط السياسي فتتشوّش حساباته بين ماضي أخيه ومستقبل ولده وأن تشبّثه بأحد الخيارين يسبّب لا محالة كارثة للعائلة برمتها. سبق لعمر روبرت أن أخرج العديد من الأفلام نذكر منها "الشعب يريد إسقاط النظام"، "مجموعة مُصرِّين" و "حين أمدّ يدي".

يدور فلم "حرمة" للسعودية عهد كامل في إطار المعضلات الأسرية. فأريج أرملة حامل في أول طفل لها، يبتزها عبدالله، شقيق زوجها الذي يعتبر ولي أمرها، ويطالبها بتسديد دَين زوجها الراحل وإلاّ فأنه سيضع يده المنزل. تحاول أريج أن تجد عملاً، لكن هذه الفرصة لن تتحقق في السعودية بسهولة بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية البالية، ثم تلتقي بعلي مصادفة وهو شاب يمني لا مأوى له فتأخذ الأحداث منحىً آخر. في رصيد عهد كامل عدد من الأفلام المثيرة للجدل بينها "القندرجي" و "ثلاث ملكات".

لا يخرج فلم "اللعنة" للمغربي فيصل بوليفه عن إطار المشاكل الأسرية والعاطفية حيث تغامر "فاتن" بالذهاب من قريتها النائية للقاء حبيبها القديم، لكن صبياً صغيراً يضبطها، ومع ذلك فلم يشغل ذهنها شيئ. كانت تفكر فقط بالعودة إلى منزلها.

الوطن السليب

تحتل الهواجس الفلسطينية بعضاً من الأفلام العربية المشاركة في مهرجان سراييفو السينمائي حتى وإن أخذ بعضها طابعاً فنتازياً مثل فلم "بناية الدولة" للمخرجة لاريسا سانسور التي تقدّم حلاً للمشكلة الفلسطينية المستعصية حيث تقترح إقامة دولة فلسطينية في ناطحة سحاب ضخمة جداً تضم الشعب الفلسطيني برمته كي يعيشوا حياة مترفة ورغيدة بعيداً عن نقاط التفتيش والجدران العازلة. من أبرز أفلامها "بيت لحم"، "أيام سعيدة" و "أركضي يا لارا أركضي". 


تتكرر فكرة الجدار العازل في فلم "عمر" لهاني أبو أسعد، صاحب أفلام "الجنة الآن"، "عرس رنا" و "القدس في يوم آخر" حيث يسرد الفلم قصة الخبّاز عمر، الشاب المتيّم بفتاة فلسطينية تقيم في الجانب الآخر من الجدار العازل الذي يضطر لتسلقة بغية رؤية حبيبته، ولكن عليه أن يتفادى رصاص الجنود الإسرائيليين الذي لا يتورعون عن فتح النار في أية لحظة. يتحرّق عمر شوقاً لفكرة الزواج من حبيبته غير أن خطته تنحرف عن مسارها المرسوم غبّ تورطه في الهجوم على الجنود الإسرائيليين. تتصاعد الأحداث حين يطلبون منه أن يتحول إلى مخبر فيبدأ لعبة القط والفأر كي لا يقع في الفخ المنصوب له خصوصاً وأنه كان يريد أن يفنّد فكرة "الخيانة" التي ألصقها به الشارع الفلسطيني بعد أن حامت حوله الشكوك والشبهات.

تحضر فلسطين مرة ثالثة في فلم "لما شفتك" للمخرجة آن ماري جاسر التي يتمحور فلمها حول ولد وأمه يرحلان في حقبة الستينات من فلسطين إلى الأردن. ويحاول هذا الصبي أن يفهم معنى وجوده في المخيّم، ولماذا أصبحوا لاجئين؟ فهو يريد العودة إلى بلده السليب لكنه لم يحصل على إجابة مقنعة من أحد. حصدت جاسر العديد من الجوائز عن فلمها ذائع الصيت "ملح البحر". أما الحضور الرابع لفسطين فسيكون في فلم "متسللون" لخالد جرّار حيث يسلّط المخرج الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني بمختلف طبقاته الاجتماعية حيث يبحث سائقوا السيارات عن منفذ لهم كي يجتازوا متاهات نقاط التفتيش والحواجز المحيّرة ولكثرة دورانهم في الشوارع فقد وُصف "متسللون" بأنه من أفلام الطريق التي ترصد متاعب الفلسطينيين وآلامهم اليومية الكبيرة. تحضر فلسطين مرة خامسة في فلم "عالم ليس لنا" للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل، لكن الأحداث تدور هذه المرة في مخيم "عين الحلوة" في جنوب لبنان حيث يرصد الفلم ثلاثة أجيال مستذكراً العديد من المَشاهد واللقطات القديمة التي تعود لهذه العائلة فالفلم يأخذ شكل البورتريت وطبيعته، لكنه يتجاوز حدود العائلة ليعبِّر عن الوطن. هذا الفلم هو دراسة حساسة، كما يقول فليفل، ومحاولة جدية لإلقاء الضوء على فكرة الانتماء والعائلة والصداقة. وربما تكون علاقته الحميمة بصديقه القديم "أبو إياد" هي محاولة أخرى لتجسيد شغهما بالسياسة الفلسطينية من جهة، وحبهما للموسيقى الحزينة من جهة ثانية، وولعهما اللامحدود بكرة القدم ومتابعة مبارياتها في المقاهي الشعبية من جهة ثالثة. يختصر فليفل فلمه حينما يصفه بأنه "محاولة لتسجيل ما تمّ تناسيه". أخرج فليفل عدداً من الأفلام نذكر منها "شادي في البئر الجميل"، "عرفات وأنا" و "أربعة أسابيع".

هموم عربية 


يرصد فلم "يا من عاش" للتونسية هند بوجمعة حياة "عايدة"، وهي امرأة تونسية تنتمي إلى الطبقة الفقيرة التي كان النظام السابق ينفي وجودها. تحاول عايدة من خلال هذه اليوميات أن تسجل سيرة كفاحها المتوالي بغية تحقيق شروط العيش الكريمة. فهذه السيدة لا تريد أن تنظر للوراء، فقد أمضت جلّ حياتها وهي تنتقل من حي فقير إلى آخر أكثر فقراً، وكل ما كانت تنشده هو سقف يغطي رؤوس أطفالها لا غير. كما أنها مقتنعة بالثورة التي تسمّيها "نعمة" علّها تضع حداً للفوارق الطبقية وتقلل من مساحة الهوة الكبيرة التي تفصل بين الفقراء والأغنياء. الفلم الحادي عشر والأخير يرصد صيف بيروت عام 2012 حيث تبدو الحياة طبيعية فيما تستطيع أن تقدِّمه هذه المدينة، لكن هناك شيئاً ما يتوارى خلف المشهد. شيئ يغلي تحت السطح وقد ينفجر في أية لحظة. فبينما ينهمك الناس في أعمالهم وهمومهم الخاصة ثمة ناشط سياسي يُلاحق في شارع الحمرا ليعيد إلى الأذهان فكرة قمع الحريات الخاصة والعامة.

لابد من الإشارة في خاتمة المطاف إلى أن مهرجان سراييفو السينمائي قد انطلق بعد حصار سراييفو الذي انتهى عام 1995 ليعيد للمدينة نفسها الكوزموبوليتاني. يركز هذا المهرجان على القسم الشرقي والجنوبي من أوروبا. ويمنح المهرجان عدداً من الجوائز أهمها جائزة قلب سراييفو لأحسن فلم قيمتها (16.000) يورو، جائزة التحكيم الخاصة وقيمتها (10.000) يورو، وجائزة قلب سراييو لأحسن فلم قصير وقيمتها (2.500) يورو، وجائزة قلب سراييفو لأحسن فلم وثائقي وقيمتها (2.500)، ونفس قيمة الجائزة لأحسن ممثلة وممثلة.

الجزيرة الوثائقية في

20/08/2013

 

"الشقة 22"

أحمد بوغابة / المغرب 

قد يعتقد القارئ للوهلة الأولى أن عنوان النص الذي أمامكم ـ "الشقة 22" ـ هو لفيلم سينمائي وبالتالي سيعتقد بأنه سيقرأ تعريفا عنه أو تحليلا أو قراءة فيه. ربما هو عنوان سينمائي جميل لفيلم بوليسي من الأفلام السوداء الشهيرة خاصة إذا كان القارئ على إطلاع على بعض عناوين الأفلام المغربية التي تذهب في هذا المنحى في السنوات الثلاث الأخيرة بظهور موجة يعتقد أصحابها بأنهم ينجزون أفلاما بوليسية حيث كانت قد بدأت في القناتين الرسميتين وهذا موضوع آخر مستقل ربما نعود إليه في مناسبة أخرى. ولكن هذه "الشقة" التي تحمل رقم "22" ليست بعيدة عن السينما بل يشكل هذا الفن جزء منها وتوجد بالضبط في الطابق الثاني فوق القاعة السينمائية "كوليزي" المُغلقة منذ سنوات حيث يجمعهما نفس الولوج/الممر عن الشارع الرئيسي الشهير بالعاصمة الرباط وهو شارع محمد الخامس. وتستحق هذه "الشقة" بالتأكيد فيلما وثائقيا عنها. فقد تعثرت بعض المشاريع التي كانت في طور الإنجاز بسبب غياب التمويل. لأن صاحب المشروع الوثائقي حول الشقة، ليس هو إلا كاتب هذا النص، لا يريد إنجاز روبورتاجا تلفزيونيا أو فيلما سطحيا بقدر ما أراد أن يكون الفيلم يعكس حقا فلسفة الشقة نفسها.

فإذا لم أكن أتحدث في هذه الحالة عن "الشقة 22" كفيلم سينمائي فينبغي أن نعلم أن السينما هي جزء من محتوياتها لكن بطريقة مختلفة عما هو سائد. لقد مر منها سينمائيون لهم مكانتهم المتميزة من بينهم فوزي بن السعيدي، يطو برادة، تودة البوعناني، مارسيل برودتار وغيرهم... ولآلة العرض وظائف فنية متعددة في هذه "الشقة" الساحرة باستثنائيتها. كما تم تصوير أفلام فيها وأيضا انطلاقا من نافذتها تؤرخ للحظات معينة لحياة الشارع الرئيسي المذكور الذي تطل عليه. سنتحدث عن هذا في مشاهد أسفله. وأول نشاط بها كان جزءا منه حضرت فيه السينما من خلال التصوير المباشر لاحتجاجات العاطلين في الشارع المذكور وعرضها مباشرة على الجدار المقابل في الشقة، وكان ذلك يوم افتتاحها في 10 أكتوبر 2002

لنبدأ الحكاية من أولها، ولو باختصار شديد، لأنها حكاية طويلة تمتد لأكثر من عقد كامل. وعناصر السيناريو كثيرة إلى حد أنه ينبغي تقطيعا صارما بالتركيز على أهم الصور/المشاهد ونترك التفاصيل خارج الكادر يبحث عنها القارئ بذكائه وفطنته. وكما يعرف أهل السينما المحترفون أن ما هو كائن خارج الإطار يكون أوسع وأشمل وبلا نهاية نظرا لتعدد مكوناته ومساحته بينما محتوى الإطار يؤطرنا بوجهة نظر المخرج رغم العلاقة التي قد تجمعهما حيث يكون كل مرة واحد منهما يشكل مرجعا للآخر ويحيلنا نحن المشاهدون لاستحضار ما هو غائب لفهم المنظور والعكس أيضا لأنهما العمود الفقري في تشكيل الفيلم، وبلعبتهما نتمتع بالفرجة خاصة إذا كان المونتير هو أيضا فنان ذكي في التشكيلة السينمائية. لندخل إذن إلى داخل الإطار ونكتفي به وما سجله التاريخ بالصور والمكتوب والصوت.

المشهد الأول: بانوراما عامة جدا/ وجه عبد الله كروم 

حصل شاب مغربي إسمه عبد الله كروم على دكتوراه من جامعة بوردو بفرنسا سنة 2001 وهو في عمره حينها 30 سنة. صادف ذلك مع الحديث الرائج آنذاك في المغرب حول ما سموه ب "العهد الجديد". دخل هذا الشاب إلى المغرب وبالضبط إلى مدينة الرباط وهو في الأصل إبن الريف (منطقة الشمال المغربي الوعرة بتضاريسها والمعزولة عن المغرب رغم أنها تطل على بحر الأبيض المتوسط والتي يقولون عنها بالمغرب غير النافع). أراد هذا الشاب أن يستقر في البلد ويخدمه عارضا على المؤسسات الرسمية المغربية ـ الثقافية والتعليمية ـ خبرته ودبلوماته. قالوا له بأن المغرب لا يتوفر على ذلك الاختصاص ـ إدارة المعارض الفنية والبحث الفني المعاصرـ ولا حاجة لهم به. ومنهم من اعتذر بعدم وجود منصب فارغ وعليه الانتظار إلى أجل غير مسمى. ومنهم من اقترح عليه بأنه من الفضل له أن يدرس بإحدى اللغتين اللتين يتقنهما جيدا ـ الفرنسية والإنجليزية ـ أفضل له من الاستمرار في إقناع المسؤولين بتخصصه المجهول في المغرب. ومنهم طبعا من "ينصحه" بالعودة من أين أتى للعمل فيه أفضل له. ومنهم من قال له بقبول الوظيفة كيفما كانت وأن يمارس ما يريده بالموازاة مع الوظيفة. وطبعا هناك من بكى واشتكى له عن الحالة المزرية للموظف العمومي. وكَثُرت عليه الآراء والاقتراحات والنصائح ولا جهة ما احتضنته أو شجعته أو اعترفت له بقيمته العلمية.

المشهد الثاني: داخلي/ نهارا/ عبد الله وحده

عبد الله كروم وحده جالسا يفكر ويعيد شريط الأحداث وأصواته لتلك اللقاءات لعله يفهم ما ذا يجري في "العهد الجديد"!؟ وفي "أفضل بلد في العالم"!؟ ربما يرشده ذلك إلى مرفأ ما والله أعلم. لكن شاب مثله في أوج العمر وبثقافة متقدمة في الإبداع كعنصر أساسي في تكوينه لن يركع ولن يتنازل بسهولة خاصة حين عرف عن كثب ما يجري حوله وهو يعتقد بحسن النية أن "العهد الجديد" سيجد طريقه شيئا فشيئا لتتغير الأمور. فهو لا يمكنه أن يمكث ينتظر عاطلا سلبيا في انتظار معجزة التي قد لا تأتي أبدا في الوقت الذي هو في حاجة للعمل لكي يعيش بمؤهلاته وباقتناع بما سيقوم به على أرض الواقع المغربي. أسئلة وأفكار كثيرة طرحها على نفسه، في وحدته، في تلك الشقة التي اكتراها عوض أن يتنقل بين الفنادق وهو الذي كان عازما على العمل في الرباط

ثم نشاهده واقفا أو يدور في غرفة صغيرة الحجم تحت ضوء يدخل من النافذة الوحيدة الموجودة بها. إنه في حالة تفكير. يتوقف بين حين وآخر ليستأنف الدوران، وأحيانا يطلق صفيرا لأغنية ما تدور في ذهنه خلال تلك اللحظات أو ربما تخرج منه بشكل عفوي مما يدل أنه في تفكير عميق. يطل من النافذة فيملأ الضوء جسده المتوسط الطول.

المشهد الثالث: خارجي/ نهارا/ بداية البداية

فقد قرر أن يشرع في تنظيم أنشطة فنية ضمن تخصصه كمدير فني وباحث فيها مستعينا بأصدقائه الفنانين الذين يتقاسمون معه نفس الرؤية الفنية المعاصرة والحرة، سواء من المغاربة أو الأجانب الذين درسوا معه ووجدوا أمكنتهم بسهولة في بلدانهم. فهو له دراية بالجماليات عامة وكيفية توظيفها وإيجاد لها فضاءات للتعبير. وبما أنه معاصر في تكوينه ورؤيته وتفكيره وبالتالي فالفنون عنده مرتبطة بالحياة وباليومي وبالأفق البعيد، مؤمنا أن استقبال الفنون واستيعابها والوعي بها ثم التفاعل معها في بلد غارق في التقليدية الفنية يتطلب تربية تصاعدية وطويلة الأمد تبدأ من المهد وتستمر إلى غاية اللحد.

اختار أن يبدأ من الأسواق الشعبية الأسبوعية التي تُقام في البوادي أو على هامش المدن. وكذا المواسم الاحتفالية التقليدية السنوية لينظم فيها أنشطة فنية معاصرة تُقام فيها صحبة الناس والزوار والمتسوقين والباعة وغيرهم من العابرين. ولم ينس الأطفال طبعا. كانت التجربة مع الصورة الفوتوغرافية والتشكيل وصنع أعمال من مواد محلية صرفة. فهي رحلات فنية متنقلة من الوسط إلى الجنوب ثم الشمال والشرق من الخريطة المغربية. وكل هذا يؤرخه بالكتابة والصورة والصوت لأن هاته العمليات الأخيرة (التسجيل بكل الأشكال) هي نفسها جزء من العمل الفني الذي سيتم عرضه في ما بعد لينتج شكلا جديدا في الفن ذاته. وبالتالي فجميع الفنون بمختلف تجلياتها وخصوصياتها هي في نظره تشكل فسيفساء تكب في بعضها وتتكامل.

المشهد الرابع: داخلي/خارجي/ ليلا

سيكتشف عبد الله كروم في تجربة البداية أنه ليس من السهل ممارسة الفن بسهولة ومرونة على أرض الواقع مثلما هو ليس من السهل العثور على العمل في مجال تخصصه. لأن كل الأمور لها علاقة جدلية وتعبر عن "صورة" مغربية متكاملة الأطراف. وجد أمامه الممنوعات والحواجز والبيروقراطية والأمن العام وهلم جرا حيث تبين له صعوبة الخروج عند الناس بدون موافقة السلطات والترخيص والإخبار المسبق وبذلك يفقد العمل الفني بإنجازه وتصويره وتوثيقه جانب المفاجأة فيه لأن الناس تكون مشاركة في الأعمال وليست فقط متفرجة ومشاهدة على ما يجري أمامها من بعيد. فهو يريدهم بحمولاتهم الفكرية ولو بسذاجة أو عفوية لإغناء المنتوج. فهو لهم ومنهم. إلا أن السلطة كعادتها ترى في كل شيء "خطر محدق" و"يحتمل انعراجا" إذا لم يكن مضبوطا تحت إمرتها وتدري بدايتها ونهايتها، من الألف إلى الياء، من طاق طاق إلى السلام عليكم.

يعود عبد الله إلى نفس الغرفة/الشقة ولم يشعل الضوء تاركا إياها مظلمة. يجلس هو في ركن النافذة التي هي في نفس الوقت بابا ينفتح على بَالْكُونْ صغير يتسع لشخصين فقط وينظر في اتجاه الخارجي وهو يرشف القهوة. تضيئه إضاءة آتية من الخارج، فربما هي مصابيح الشارع، وبين فنية وأخرى أضواء ملونة بالأزرق تضرب جسده نفهم أنها أضواء إشهار أو إسم مؤسسة ما.

يغادر المكان ثم يعود إليه بعد ثوان قليلة وهو يحمل مذكرة وهاتفه النقال. يبحث في المذكرة عن الأرقام ثم يبدأ بالاتصالات حيث يتحدث مع أناس نفهم من كلامه أنهم فنانون. تحدث بالفرنسية والعربية الفصحى واللهجة المغربية المحلية والأمازيغية والإنجليزية. وهو يتحدث في الهاتف يكون مرة صارما أو جديا أو مبتسما بل أحيانا يضحك بصوت مرتفع كما يكون في لحظات معينة غارقا في الاستماع. قد نسمعه بوضوح مرة ولكن تهرب منا كثير من جمله مرات عديدة بسبب منبهات المرتفعة للسيارات الكثيرة التي نسمعها ولا نراها. ولا تنسوا أن الشقة تطل على أحد أكبر شوارع وأكثرها حركة وضجيجا، وأحيانا نسمع أيضا صفارات القطار بمعنى أننا لسنا بعيدين عن محطة القطار أو يعبر المنطقة. كما تصلنا أصواتا بشرية غير واضحة. لقد طال الأحاديث بالهاتف وبدأ أيضا زخم الأصوات ينخفض من الخارج. لماذا أطال عبد الله في الحديث بالهاتف عن الفنون والسينما والفوتوغرافيا و.. و...مع متحدثيه؟؟؟

المشهد الخامس: داخلي/ ليلا/ الانطلاق

بعد شهور. في مساء ما. تستقبل تلك الغرفة الصغيرة جدا بالشقة مجموعة من الفنانين من مختلف المشارب والاهتمامات ومعهم بعض الصحفيين كلهم من الصحافة المكتوبة بالعربية أو الفرنسية. الكل واقف ولا مكان للجلوس إلا كرسي واحد صغير الحجم في البالكون الصغير الذي لا يستوعب أكثر من شخصين كما أسلفنا أعلاه. يناقش هذا الجمع الصغير في ما بينه الفنون في المغرب حيث تختلط اللغة العربية بالفرنسية لأن بعض من الحضور من جنسيات أوروبية. لقد اقتصرت الدعوة لهذا اللقاء فقط على أصدقاء عبد الله كروم نظرا للمساحة الضيقة (لا تتجاوز الغرفة 17 متر مربع). فهذا اللقاء يتضمن أعمالا فنية لبعض الفنانين المغاربة والأجانب المثبتة على جدران الغرفة. بعد ساعة وبضع دقائق، سيرحب صاحب الشقة بالمدعوين ويخبرهم بتحويل شقته أو بالأحرى غرفته إلى فضاء ثقافي فني إبداعي للعرض واللقاءات. وأيضا لإقامة فنية كمختبر حقيقي للبحث في الفنون المعاصرة. وأن هذه الشقة ستشرف كذلك على إصدارات فكرية في مجال الإبداع المكتوب شعرا كان أو نثرا أو مقالات التي يمكن الاحتفاء بها جماعيا في هذا الفضاء الجديد. وأنه سيكون مفتوحا طيلة خمسة أيام في الأسبوع لعموم الناس أيضا وانه يكفي الاتصال برقم الهاتف المخصص لذلك لتحديد مواعيد الزيارة فردية أو جماعية، للمعاهد المتخصصة أو المدارس أو المؤسسات الثقافية. وسيكون لهذا الفضاء إذاعته الثقافية المحضة التي ستبث أنشطتها عبر الأنترينت مباشرة. وإعادة الاستماع إليها لمن يرغب في ذلك لأن جميع تسجيلات ستبقى رهن المتتبع بالدخول إلى موقعها الإلكتروني والذي يحمل إسم "الشقة 22". دون إغفال توفير مكتبة في الفنون.

لقد حوّل شقته التي يقطنها منذ مجيئه إلى الرباط إلى فضاء مستقل للفنون. وهو يرفض وصفه برواق لأنه ليس بذلك. هو فضاء للتعبير المستقل لذلك كان أول نشاط فني يقوم به كما ذكرنا سابقا هو تثبيت كاميرا في النافذة التي تنقل مباشرة احتجاجات العاطلين وبثها على جدار الغرفة.

المشهد السادس: خارجي/ نهارا/ حقوق المواطن في المعرفة

تعرفنا في المشهد السابق أن بطلنا عبد الله كروم الذي هو الشخصية المركزية في الشقة 22 أسس أيضا دارا للنشر باسم hors champs (خارج الإطار) وتلاحظون بأنه مصطلح سينمائي أساسي في اللغة السينمائية. ومن خلال الدار/ والشقة أصدر منشورات وكتبا إلا أن النشر عنده يتطلب هو أيضا استحضار فن الإخراج بجمالية تواكب خصوصية كل إصدار لذلك تنوعت بأشكال ومضامين مختلفة غير قارة وكأنها هي بدورها لوحات تشكيلية في حجمها الكبير أو الصغير أو المتوسط، من كتاب في حجم كف اليد ـ ولا أقصد هنا ما يٌعرف بكتاب الجيب ـ إلى كتاب في شكل أنبوب مرورا بمنشور كأنه ملصقا بصفحات متعددة وغيرها من التجارب التي تستفز القارئ ليقرأ محتوياتها وإنما تُحَبِّبُ له القراءة بالمتعة البصرية. ويمكن أن يتحول كتاب شعري إلى معرض مفتوح في شوارع المدينة تقرأه وأنت تتجول من خلال متابعتك لصفحاته المعلقة على الجدران والمتباعدة على بعضها بمسافات متفاوتة، وبذلك تكتشف المدينة والأمكنة التي ربما لم تلجْها من قبل بقصيدة لا علاقة لها بالسياحة أو تاريخ المدينة بل برحلة الإنسان داخل ذاته واحتكاكه بالذوات الأخرى، وفي نفس الوقت الحديث عن الفن المعاصر وعن إيصال الثقافة إلى المجتمعات عوض المكوث في الأبراج. وقد تتشكل حلقات القراءة والتقييم بين ناس لا يعرفون بعضهم جلوسا أو وقوفا أو مشيا يقتفون صفحات الكتاب دون تنظيم في أخذ الكلمة أو اقتصارها بين البعض دون آخرين، كبارا أو أطفالا، متعلم أو أمي، فهي لا تخضع لمُسير ينظمها. إنها خاضعة فقط للتفاعل الجماهيري والمجتمعي. إنها تجربة منفتحة على الحوار وتعتمد عليه وبالتالي ترفض أن تكون متعالية على محيطها بل منه تستقي تطورها ومعه تتطور أيضا.

قد تعرف تغيرا في مسارها فتعطي نتائج مختلفة بخلقها لنقاش عميق لا يُكرر نفسه دائما كالعثور مثلا على صفحة قد تم اقتلاعها أو الكتابة فيها تعاليق من شخص مجهول مر من هناك. أو قد تتدخل السلطة لإيقافها...خاصة حين يبدأ الناس يرافقون الناشط/الشاعر/الفنان مشيا على الأقدام وبصحبة الأطفال وشغبهم الجميل ببراءته وعنفوانه (هنا يتم استحضار "القانون" كلما إلتقى أكثر من ثلاثة أفراد مع بعضهم يصبح "تجمعا" يتطلب "الترخيص"؟!؟! وهلم جرا من وسائل وأساليب خنق الأنفاس)

المشهد السابع: داخلي/نهارا + ليلا/ غرفة/ رواق/ بحث

رغم دخول عبد الله كروم للعمل داخل شقة 22 إلا أنه لم يتخل عن المجتمع بالذهاب إليه كلما توفرت الشروط ليلتقي به. فهو داخل "الشقة" وخارجها، فقد يكون في الليل داخلها أو خارجها بالنهار. وبذلك فإن "الشقة 22" هي فضاء للبحث وبمثابة ورشة مفتوحة تمتد إلى خارج أسوارها. فقد نظم أنشطة في غاية الأهمية مع أطراف أخرى من المؤسسات التي تقاسمه نفس الهموم المعرفية وتطويرها حيث تم نقل ما يُقام في "الشقة 22" إليها أو بإبداع جديد مختلف يتماشى مع الفضاءات الأخرى. فقد حضرت "الشقة" بعدد من الأنشطة في الخزانة السينمائية بطنجة مازالت موشومة هناك. وبالمدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش الشهيرة بإنجازاتها السينمائية مع طلبتها الشباب من الذكور والإناث.

وحمل أيضا جهاز إذاعته لنقل أنشطة فنية وسينمائية مباشرة من مهرجانات كما مع إحدى دورات مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة ثم مع المهرجان الوطني للفيلم بنفس المدينة وكذا من الخزانة السينمائية بطنجة مرارا.

المشهد الثامن: كتاب/ نافذة

في سنة 2009، سيصدر بطلنا عبد الله كَرُّوم عن دار النشر التي يديرها السالفة الذكر hors champs كتابا متوسط الحجم يقع في 260 صفحة يحكي فيه قصة "الشقة 22" التي عاشتها من سنة 2002 إلى 2008 حيث جمع بين دفتيه نصوصا حولها وما راج فيها من أنشطة والأسماء التي شاركت فيها وحضرتها من المغاربة والأجانب. فهو يعطي صورة متكاملة بالوثائق المكتوبة والمصورة والنصوص الصحفية حيث القارئ ـ أو أنا شخصيا كما أفترض ذلك ـ سيحس بنوع من النقاش والمقابلة الذي حصل بين الفنان المثقف عبد الله كروم و"شقته" تنعكس في أسلوب صياغة الكتاب نفسه باستحضار الوثائق التي تركها على حالها الذي نُشرت به في أصلها وبين السرد الذي يعمقها ـ أي تلك الوثائق والصور ـ فالكتاب هو نوع من الزواج بين الحرف والصورة وأيضا بين الداخل والخارج يعني داخل الشقة وخارجها وهو ما استعرنه في نصنا هذا. إن المنزل الذي هو الشقة 22 أصبح هو بدوره فضاء خاصا كسنى وفي ذات الوقت مفتوحا كرواق وإقامة فنية للبحث فاختلط الذاتي الحميمي بما هو عمومي.

ومن المميزات الخاصة لهذا الكتاب المزدوج في كل شيء كما قلنا تمثل بوضوح في توظيف نافذة الشقة التي تطل على الشارع الرئيسي، شارع محمد الخامس، وفي مواجهة البرلمان، فتلك النافذة هي بمثابة صلة وصل بين الداخل والخارج من خلال الأصوات (منبهات السيارات، كلام الناس، صراخ المحتجين سواء العاطلين طيلة الأسبوع وما يتعرضون له من قمع وضرب وتعنيف نهارا أو المحتجين في قضايا أخرى سياسية أو مطلبية أو تضامنية مساء أو ليلا). نافذة الشقة هي الشاهدة على ما يجري أمامها في الشارع حول الواقع الاجتماعي والسياسي للمغرب فتتحول تلك الأحداث إلى مشاريع فنية داخلها فضلا عما تلعبه تلك النافذة من دور جمالي في الإضاءة تنعكس جليا على الأعمال داخلها. وهذه النافذة/ الشاهدة قد سجلت في الكتاب مفترق المراحل للفترة المذكورة إذ كانت عبارة عن فواصل وظفها صاحب الكتاب/الشقة من خلال الصور التي أخذها منها فلاحظنا التطورات التي عرفها المغرب. وهذا سيعبر عليه بجمالية في الإخراج إذ وضع على الغلاف الأمامي للكتاب صورة لمجموعة من الشباب الهارب في منتصف النهار من شيء ما ولن يكون إلا القمع بينما الصورة الأخيرة من الغلاف نرى الشارع نفسه في منتصف الليل فارغا لا تدب فيه الحياة إطلاقا. ولهذا فالكتاب هو انعكاس واضح وملموس لكل ما أشرنا إليه منذ بداية النص.

المشهد التاسع: الذات والمكان وحرية الإبداع

"الشقة 22" هي شقة تشبه جميع الشقق الموجودة في تلك العمارة الضخمة التي شيدها الاستعمار الفرنسي خارج أسوار مدينة الرباط العتيقة والتي تمتد تقريبا على جزء كبير من شارع محمد الخامس والتي تحتضن أيضا فندقا شهيرا له قصة أخرى على جانب وفي الجانب المقابل للضفة الأخرى من الشارع يوجد البرلمان المغربي بكل حمولته السياسية. فليس في "شقتنا" التي تتقاسم البطولة مع صاحبها عبد الله كروم جمالا هندسيا لكن تمكنت أن تتجمل بجمال داخلي رغم صغر حجمها، لا تتجاوز مساحتها 32 متر مربع، وبها غرفتين، واحدة كان يقطنها في البداية عبد الله كروم والتي كانت تصلح أيضا للإقامة الفنية للفنانين الذين يأتون من أقطار بعيدة (أوروبا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية، آسيا) والثانية التي توجد مباشرة على الباب الخارجي هي التي حولها إلى فضاء فني ثقافي لا تتجاوز مساحتها 17 متر مربع حيث جدرانها الأربعة وسقفها وأرضيتها عرفت كل الإبداعات وتغيرت أكثر من آلاف المرات. واحتضنت لقاءات شعرية ومواضيع نقدية وورشات لفنانين كبار.

وتطور عبد الله كروم مع "شقته" التي أصبحت شهيرة مثله في جميع القارات وأحد الأمكنة التي يزورها المهتمين بالفنون القادمين من مختلف البقاع. كما انتشرت الظاهرة حيث حول كثير من الأجانب المقيمين في المغرب شققهم إلى أروقة للمعارض لكن لا أحد تمكن أن يعطي لها ما أعطى عبد الله لشقته. وبفضل ذكائه وحيويته وثقافته الفنية المتقدمة وما يتمتع به من غنى في الأفكار وجديته وصرامته التي ورثها من أهل الريف فقد مثل المغرب في عدد من المنتديات ولجن التحكيم وتحمله مسؤولية إدارة المعارض الكبرى في العالم كفرد بعيدا عن المؤسسات الرسمية التي رفضته منذ البداية. وقد ترأس مؤخرا الدورة 45 للجائزة الدولية للفن المعاصر لمؤسسة الأمير بيير موناكو. كما كان عضوا في المؤسسة العربية للثقافة وغيرها من المسؤوليات كمعهد جورج بومبيدو وفي اليابان وهذا جزء بسيط مما يمكن ذكره إذ سيطول بي الحديث كثيرا. وآخر مهمة التي أُسندت له كانت في شهر يونيو الأخير بتعيينه مديرا للمتحف العربي للفن الحديث بقطر.

المشهد الأخير: الجنريك فوق جدار "الشقة 22"

إذا كنت في بداية النص قد أشرت إلى أن عنوانه قد يشبه لعنوان فيلم ما وتبين أن السينما جزء من محتويات تلك الشقة فإنني مضطر أيضا في نهاية النص أن أخبركم أيها  السادة والسيدات، القراء والقارئات، أن ما كتبته ليس سيناريو وإنما مشروع في طور الإنجاز قد يتحقق وربما لن يرى النور... إن حماسي أستمده من الشاب عبد الله كروم الذي يصغرني بعقود نظرا لإيمانه بالاستقلالية في الرأي والحرية في الإبداع والعزيمة في الوصول...  

الجزيرة الوثائقية في

20/08/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)