حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينمائي العراقي عامر علوان يعود بالشيطان الرجيم

ضـاويـة خـلـيـفـة – الجـزائـر

 

كانت إطلالة السينمائي العراقي ''عامر علوان'' في فيلم ''المغني'' للمخرج ''قاسم حول'' جد مميزة، فكفاءة علوان الذي كلف في البداية بإدارة الإنتاج جعلت المخرج ينتقيه لأداء دور المغني الذي جسده بكثير من الاحترافية و المصداقية، ابن مدينة بابل العراقية متحصل على شهادة الدكتوراه في السينما من جامعة السوربون، في رصيده كمخرج و ممثل العديد من الأعمال السينمائية منها الانتقام، الضفاف، و هي أفلام قصيرة، و وثائقي أطفال الحصار، كركوك القلعة المنسية، الحضر مدينة الآلهة، وداعا بابل، العراق بين الواقع و الخيال، زمان رجل القصب، المغني و قريبا الشيطان الرجيم.

ومن خلال هذا الحوار سنتوقف للحديث مع السينمائي العراقي ''عامر علوان'' عن تجربته في فيلم ''المغني'' و عن واقع السينما العراقية بعد الحرب و عن أخر أفلامه الروائية.

**************

·        المخرج ''قاسم حول'' يعيدك للسينما بعد طول غياب بفيلم ''المغني'' كيف كانت العودة ؟

أنا بصراحة كُلفت من قبل قناة ''أرت'' الفرنسية بإدارة الإنتاج في فيلم ''المغني'' و لم تكن في نيتي التمثيل، إلى أن اقترح علي المخرج ''قاسم حول'' ذلك، صحيح أنا أحب التمثيل فقد درست في معهد الفنون الجميلة قسم المسرح، لما أتيت إلى فرنسا و درست السينما مثلت في بعض الأفلام الفرنسية كفيلم ''بنت القطار السريع'' لاندريه دشينه، أديت بعض الأدوار الصغيرة للرغبة الخاصة، أما بالنسبة لفيلم ''المغني'' فقد منحني الأستاذ ''قاسم حول'' البطولة الرئيسية، و حينها اقتنعت كثيرا بالدور وبالعمل ككل، فبدأنا العمل و ذهبنا للبصرة للتصوير، في الأول قمت بإدارة الإنتاج ولما لاحظنا أن الممثل الذي اختاره المخرج كان من الصعب أن يتبنى شخصية المغني، شاءت الصدف أن أكون أنا من يؤدي الدور وبصراحة المسألة لم تكن سهلة خاصة بالنسبة لظروف العمل في جنوب العراق بالبصرة، التصوير قمنا به سنة 2009 و بقينا هناك 60 يوما، ترين طبيعة الاحتلال الأمريكي بالبلد موجود، و الفريق الذي أتى من أوروبا من تقنيين، ممثلين و الكادر من العراق كنا ننام في المعسكرات، الجنود الأمريكيون على اليمين والجنود الانجليز على اليسار وأحد قصور صدام السابقة مهجورة، فقمنا بإصلاحها وتهيئتها بمساعدة بعض الإخوة من العراق الذين كان لهم فضل كبير في نجاح الفيلم.

·        هل تم التصوير فعلا في أحد القصور التي كان يملكها الرئيس الراحل صدام حسين ؟

نعم القصر الذي صورنا فيه هو في الأصل لصدام حسين، فقد بنى خمسة قصور على شط العرب جنوب العراق بالبصرة، فلما قامت الحرب في العراق ودخل الاحتلال الأمريكي -وأنا أؤكد على كلمة الاحتلال- أخذ الجيش الأمريكي قصرا سكن فيه لأنه كان معزولا و الجيش البريطاني أخذ قصرا والجيش العراقي أخذ قصرا به الوحدات العسكرية محصنا، و بقي قصر من قصور صدام مهجورا قمنا بتنظيفه، وهو فعلا قصر من القصور التي كان يسكنها صدام حسين كان مخصصا له وبالتالي الشيء الذي أنجح الفيلم هو اقترابه من الواقع، فضلا عن كونه عملا دراميا مكتوبا، فيه حوارات و دلالات ولمسات واقعية فنية جيدة أنا شخصيا أحبها، فالمكان كان فيه طاقة، كان فيه نَفس للماضي الذي عاشه المكان، فالرهبة موجودة وهذا يقرب الممثل أكثر للدور، خاصة بالنسبة لشخصية المغني و أنا بصراحة من عشاق الممثلين الذين يعيشون الشخصية و لا يمثلها يعني التمثيل المبالغ فيه لا أحبه، مثلا طول الفيلم ما تركت ماكياج أردت أن أكون على طبيعتي وحتى بأدائي أحاول أن أكون طبيعيا عندما أنتمي للخوف في بعض اللحظات والترقب والقلق يعني أحاول ترجمته بشكل انسيابي وليس بشكل مبالغ فيه.. يقال إن الجمهور العربي متعود على هذا لكن أعتقد أنه لا بد من تنمية قابلية وذوق المتفرج العربي في انتمائنا في أعمالنا السينمائية والدرامية، وفي انتمائنا للحقيقة والواقع.

·     من خلال المواجهة التي حصلت بين الدكتاتور و الفنان تتجلى مقولة ''الفنان يبقى والدكتاتور يسقط'' هل هذا اعتراف بدور الفن في المجتمعات ؟؟

طبعا، باعتقادي كل بلد يعطي قيمة لكاتب الكلمة و للشاعر وللفنان فانه يؤكد بذلك على أنه مجتمع واع و متوازن سواء بنسبة قليلة أو كبيرة هذا شيء يقدره الزمن، أما البلد الذي يتجاهل دور الفنان وحقه ويُسيسه أو ينفيه فإنه بلد مريض، و نلاحظ أن دور الفنان ومكانته ألغيت تماما، لكن مع هذا الفنان يبقى خالدا. أما الدكتاتور فالكرسي الذي يجلس عليه ككرسي الحلاق اليوم يجلس عليه هو وغدا يأتي غيره، فكراسيهم لا تدوم لأحد، بينما الفنان يبقى خالدا بأعماله و بإبداعه ، تعلمين الحكام الذين جلسوا على كرسي الحكم و امتلكوا الخلود هم ''غاندي''، و''مانديلا''، هذه الشخصيات يذكرها التاريخ لأنها صدقت مع نفسها و مع الواقع أما من يغلف وجهه بقناع و ينسى الواقع هو من يدفع الثمن و الثمن سيكون غاليا..

·     المخرج قاسم حول يقول إن النظام الأسبق للرئيس الراحل صدام حسين سيّس السينما هل توافقه الرأي ؟

صحيح فالسينما العراقية قبل وصول حزب البعث للسلطة أو حتى السنوات الأولى من وصوله للسلطة كانت سينما ذات نوعية رائعة، قليلة الإنتاج لكن صادقة وواقعية، مثلا فيلم ''الحارس'' لسعيد أفندي، فيلم ''المنعطف'' ، ''بيوت في ذلك الزقاق'' لقاسم حول، وأفلام أخرى بالأسود والأبيض، أفلام جميلة ومميزة توجت بجوائز دولية عدة، لكن بعد فيلم '' بيوت في ذلك الزقاق'' بدأت السينما في العراق تُسيّس، وأخذ الإنتاج السينمائي يسير في اتجاه آخر، فأصبحوا ينتجون أفلاما عن الحروب تحرض على القتل والصراع، و بالتالي ابتعدت عن المواضيع الحياتية و الاجتماعية و الطرح الفني البسيط. أنا شخصيا من عشاق السينما الواقعية، درست في فرنسا وأول فيلم رأيته بحياتي كان بمدينة بابل وأنا طفل، كانت أول مرة أدخل فيها للسينما رفعت رأسي ورأيت شاشة كبيرة والفيلم عنوانه '' سارق الدراجات '' لفيكتوريا ديسيكا، فيلم من أروع الأفلام الكلاسيكية التي أنتجتها السينما الايطالية، رأسي كان مرفوعا طيلة العرض احتراما للعمل يعني تربينا على الواقعية أما أن تسيس الأفلام و تدفع الناس للموت فهذا حرام وأعتقد أن هذا من مظاهر الأمراض في المجتمع لأن السينما فن راق تكتمل فيه كل جماليات الصوت و دلالات الصورة.

·     القطاع السينمائي في العراق أصيب في عموده الفقري بخسارته لقاعات السينما فبعض منها أغلق والبعض الآخر هدم و العديد من الأفلام التي تعد مرجعية سينمائية تم إتلافها، ما تعليقك على الموضوع؟

صحيح، لكن صالات العرض لم تغلق بل لم يهتموا بإعادة فتحها أو ترميمها، أنا شخصيا عرضت واقترحت عليهم مساعدة أوروبية تأتي لإصلاح وترميم الصالات، مثلما قامت به فرنسا في أفغانستان مجانا، شرط أن تعرض فيها الأفلام الواعية التي تنتجها قناة ''أرتي الفرنسية''، في البداية وافقوا وكان معنا حينها مساعد وزير الإعلام العراقي الذي أبدى موافقته بعدما عرضنا عليه المشروع وبعد أسبوعين قال إن الوضع الأمني لا يسمح بذلك في الوقت الحالي، و من هنا أتساءل لماذا يهتمون بالعزاء و المواكب الدينية و إعطاءها الزمن والعطل الرسمية والتحضيرات والأمان، ولا يهتمون بالثقافة، كيف تريد من شعب أن يكون مثقفا و يؤمن بك و يحميك إذا بنيت فكره على طريقة من الجهل الثقافي مع كل احترامي أنا لست ضد الدين، أنا مسلم أحترم الدين، أحترم كل قيم الدين الإسلامي، لكن الانتماء للدين بالجهل مرفوض، لو كان الانتماء للدين بطريقة واعية لما حصل هذا.

·     السينما العراقية في وقت مضى اتجهت إلى توثيق مرحلة صدام هل انتقل اليوم صناع العرض السينمائي إلى توثيق مرحلة ما بعد صدام حسين أي مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق ؟

هناك توثيق لحقائق لكن بإنتاجات محدودة لأوضاع العراق، فيلم ''المغني'' مثلا كان يتحدث عن مرحلة صدام حسين، و أنا اخر عمل لي كان فيلما تسجيليا ''وداعا بابل'' يتحدث عن جندي أمريكي كان ضد الحرب عاش بمدينة بابل - مسقط رأسي - عاد إلى نيويورك و خلال فترة تواجده بالعراق و أداءه للخدمة العسكرية هناك -أثناء الغزو الأمريكي- اكتشف أن الأسباب التي دعت لقيام الحرب ليست حقيقة و لا أساس لها من الصحة و شعر بالإذلال، فالمواضيع التي يتبناها سينمائيو العراق اليوم أو الحركة التي هي الآن في طريقها للولادة لم تكن حركة سينمائية مكتملة، هناك الأستاذ ''قاسم حول''، ''محمد الدراجي''، ''عدي رشيد''، و المتحدث والكثير من الشباب الذين اتجهوا لإنجاز أفلام تسجيلية وقصص واقعية، لكن يجب أن نتحدث عن واقع اليوم، عن عراق اليوم وغدا، أنا لا أقول أن ننسى الماضي طبعا لكن يجب علينا أن نلتفت و نهتم بأفلام تتحدث عن حال العراق اليوم دون إغفال الماضي وعدم تناوله لكن بوعي أكبر حتى تصل تلك الوقائع إلى ذهن الجمهور وتعرفه بالحقائق التي عاشها الشعب العراقي حتى تكون لديه قوة الاختيار، طبعا ضروري أن تتحدث أفلام اليوم عن الواقع وعراق اليوم، فأنا أشتغل على فيلم جديد يتحدث عن الواقع العراقي الحالي أحداثه تدور في مدرسة أطفال وهناك قصة جميلة بالفيلم. فالحديث عن واقعنا هو ضرورة و إن أردنا أن ننسى الماضي فذلك خير لنا.ا

·        هل لنا أن نتعرف على تفاصيل هذا العمل ؟

عنوان الفيلم ''الشيطان الرجيم'' و هو فيلم روائي طويل يتحدث عن قصة أطفال يعيشون في ريف عراقي و طبيعة المعتقدات الدينية، المعتقدات التي تربى عليها الطفل من الأب بالدرجة الأولى و دور المدرسة والدين في توعية الطفل، أنا أخذت الفكرة من تجربة مررت بها و أنا تلميذ عندما كان يأتي دور مدرس الدين، يخرج الطالب المسيحي من الصف، فيه أيضا قصة حب بين مُدرسة مسيحية و معلم مسلم، فالموضوع به مجال للإبداع و التصوير أردناه أن يكون بالجنوب وسط النخيل والطبيعة الرائعة وسط الناس البسطاء، الممثلين أكثرهم واقعيين، هناك ممثلين اثنين أو ثلاثة يؤدون الأدوار الرئيسية و الناس البقية كلهم أهل البلد و المدرسة، و هذا يجعل العمل أقرب للمشاهد و يكون أكثر مصداقية، شخصيا أحب المزج بين الواقعي و الروائي.

·     إلى أي درجة تأثر الإنتاج السينمائي العراقي خاصة في السنوات الأولى للاحتلال و هل هناك صحوة سينمائية اليوم؟

الإنتاج عموما تأثر كثيرا، الآن لو تكلمين أي مسؤول عراقي عن السينما خاصة الفاعلين في هذا المجال تلمسين رغبتهم الكبيرة في الإبداع و خلق أشياء جميلة، فهم فعلا يعملون لأجل النهوض بالقطاع، لكن لو تقارنين بين الميزانية التي تدعم بها الحكومة الإنتاج السينمائي و ميزانية الاحتفالات الدينية لمدينتي كربلاء المقدسة والنجف ترين الفرق، و هذا يعني أن السينما الآن ليست من أولويات الحكومة العراقية الحالية، رغم أن الفنان المثقف و السينمائي العراقي لا زال يناضل للبقاء و تقديم الأفضل للارتقاء بالفعل السينمائي و الثقافي، نحن مثلا وجودنا في أوروبا يساعد كفنانين عراقيين للتعريف بأنفسنا وبفننا هناك ''محمد الدراجي'' من لندن أنا من باريس والأستاذ 'قاسم حول'' من هولندا، يعني هي فرص سمحت للفنانين العراقيين أن يظهروا في مهرجانات دولية وعالمية، ووجودنا بهذه المهرجانات هو تمثيل للعراق وللسينما العراقية، لكن بالمقابل هناك بوادر طيبة لبعض الفنانين بدأت تحرك المشهد السينمائي العراقي، لكن إذا لم تدعم الحكومة العراقية السينما فستبقى هذه الأخيرة في ظلام، فالإرادة وحدها لا تكفي.

·        إذن أنت متشائم من مستقبل المشهد الثقافي و السينمائي بشكل خاص بالعراق ؟

لا على العكس... نحن متفائلون بمستقبل السينما في العراق لأن هناك نواة صلبة من المبدعين والنواة الأثمن التي لا يقف في وجهها ولا يصدها شيء هي إرادة الفنان، لأن الفنان لو عشق فنه وامتلك الرغبة في الإبداع وخلق الحركية يبدع بالشيء الممكن والمتوفر و بالتالي بإرادته التي لا ثمن لها تصنع الفيلم، حتى وزارة الإعلام و الحكومة العراقية لا تستطيع أن تعوض إرادة الفنان صحيح أنهم ساعدونا في فيلم 'المغني'' مثلا لكن نتمنى أن تستمر هذه الحركة والدعم، حبذا لو وزير الإعلام والثقافة يسألونا عن الحركة السينمائية والمسرحية أين وصلت، و يحثونا على ضرورة ترميم قاعات العرض، و لهذا يجب أن تتكاثف الجهود ليعود الجمهور للقاعات، فالشعب يعاني من نقص الصالات و الفعاليات الثقافية صالونات الكتاب معارض وما إلى ذلك من نشاطات، إذن اليوم و أكثر من أي وقت مضى لا بد أن نوفر مساحات ثقافية للناس، فالاهتمام زاد بمسائل أخرى زاد بينما قل الاهتمام بالمسرح، السينما، الشعر، الكتاب، والموسيقى.

الجزيرة الوثائقية في

04/10/2012

 

 

مهرجان طهران السينمائي للأفلام القصيرة

أمير العمري- طهران 

هذه هي المرة الثانية التي أشارك فيها في عضوية لجنة التحكيم بمهرجان طهران السينمائي للأفلام القصيرة الذي يقام سنويا ويعرض أكثر من 400 فيلم من الأفلام القصيرة والتسجيلية وأفلام الرسوم (التحريك) وما يسمى بـ"الأفلام التجريبية."

افتتح المهرجان يوم الإثنين الأول من أكتوبر ويستمر حتى 8 أكتوبر ويعرض أيضا من خلال المسابقات الوطنية للأفلام الإيرانية عددا كبيرا من الأفلام تصل إلى حوالي مائتي فيلم إيراني من إنتاج مختلف الجمعيات والشركات التي تكونت خصيصا لتشجيع الشباب على تصوير الأفلام والتعبير من خلال السينما.

يدير المهرجان السيد هاشم مزرخاني، وتنظم المهرجان جمعية سينما الشباب في إيران ولها نحو 16 فرعا في مدن إيرانية مختلفة، و تنتج سنويا نحو 1200 فيلم قصير وتجريبي وتسجيلي، وهو عدد كبير حتى بمقاييس الدول الكبرى في السينما.

إضافة إلى المسابقات العالمية ومسابقات الفيلم الإيراني، هناك قسم خاص لعرض عدد من أحدث الأفلام القصيرة من البرازيل، ومسابقة خاصة لأفلام دول آسيا الإسلامية تضم 26 فيلما وتشكلت لها لجنة تحكيم دولية (يشارك فيها كاتب هذه السطور أيضا) لمنح جائزة أفضل فيلم يعكس القيم الإسلامية.

لجنة التحكيم الدولية تكونت هذا العام من أحمد نجفي (مخرج وممثل من إيران)، ومحمد رضا إسلام (مخرج إيراني) وجوليان بليسييه (أكاديمي فرنسي)، وفرنشيسكو لوبو دي أفيلا مدير مهرجان بورتو 7 للأفلام القصيرة في البرتغال، وسوراف سارانجي وهو مخرج تسجيلي من الهند، واميليو ديلا شيسا وهو مخرج تسجيلي ومدير مهرجان نهر بورتيللو في ايطاليا، وكاتب هذه السطور.

أما لجنة تحكيم أفضل فيلم من دولة إسلامية في آسيا فتتكون من محمد رضا إسلام وأمير العمري وسفيتلانا يونوسوفا من تاترستان، وهي مديرة مهرجان سينمائي في تلك الجمهورية الصغيرة التي استقلت عن موسكو.

أفلام كثيرة

تكتظ المسابقات الدولية الأربع بعدد كبير من الأفلام، فمسابقة الأفلام التسجيلية تضم 40 فيلما من الصين واسبانيا وألمانيا وغانا والفليبين وبريطانيا والبرازيل وبولندا وكيرغستان وجمهورية التشيك والمجر وإيطاليا وأمريكا وإيران وسويسرا وفرنسا وتايوان والنرويج وفلسطين وهولندا والعراق.

الملاحظة الأساسية على هذه المسابقة بل وباقي المسابقات أنها تضم أفلاما من إنتاج السنوات الثلاث الماضية، أي أن هناك أفلاما تعود إلى عام 2009، وهو ما يعني أن المهرجان لا يبحث بالضرورة عن أحدث الأفلام بل يسعى لضم أكبر عدد ممكن من هذه الأفلام، وهي نقطة لا أظن أنها تعمل لصالحه.

هذه الملحوظة تتضح أكثر إذا ما علمنا أن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة تضم وحدها 122 فيلما بالتمام والكمال وهو ما يلقي عبئا مضاعفا على لجنة التحكيم. وتضم مسابقة أفلام التحريك 61 فيلما ومسابقة الافلام التجريبية 33 فيلما، أي أن مجموع الأفلام المتسابقة في المسابقات الأربع يبلغ 256 فيلما.

أما مسابقة الأفلام الآسيوية فتضم 45 فيلما من إيران ومصر وماليزيا والأردن وتركيا وفلسطين وكيرغستان والمغرب وسورية والعراق.

وبطبيعة الحال يأتي أكبر عدد على الإطلاق من الأفلام في كل المسابقات من الدولة المضيفة إيران. وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة وحدها هناك 25 فيلما.

خلال حفل الافتتاح تم تكريم عدد ممن قدموا الكثير للسينما الايرانية من شخصيات ايرانية وأجنبية، واكتفى المنظمون بالقاء الكلمات وتقديم عرض موسيقي غنائي ولكن دون عرض أي أفلام وهو أمر مستغرب في مهرجان سينمائي.

جدران سراييفو

من أفضل أفلام مسابقة الفيلم الروائي القصير فيلم "4 جدران سراييفو" للمخرج نديم جوش من تركيا. ويقع في 24 دقيقة، ويدور في أجواء سراييفو الواقعية تماما من حيث الصورة.. الشوارع.. أطلال البنايات.. ولكنه عبارة عن حكاية خيالية مؤثرة عن التأثير المدمر للحرب على الوعي الفردي وعلى العقل البشري. والقصة تدور حول علاقة إبن بأبيه المقعد الذي فقد زوجته وابنته في حادث انفجار قنبلة في ساحة سوق سراييفو أثناء الحرب التي دارت هناك في منتصف التسعينيات، ونتجت عاهته بعد إصابته إصابة مباشرة جراء انفجار قنبلة السوق التي قضت على عدد كبير من الأبرياء.

الأب (سميل) يرقد الآن عاجزا، يعتمد في تدبير أمور حياته على ابنه الذي نجا من الموت "ميرزا"، وهو يقوم على خدمته، ويحمله لقضاء حاجته ثم يخرج للحصول على بعض الطعام لهما لنراه وهو يسير بين الأطلال والخرائب في حذر، يرتعد من فكرة التعرض لرصاصة من رصاصات القناصة وعندما يعود بمشقة إلى الغرفة الأرضية الرطبة التي يقيم فيها مع والده يخشى أن يفتح لرجل يأتي فجأة يطرق على الباب، ويؤكد على والده مرارا ألا يفتح الباب لأي إنسان فربما يكون القادم الغريب من الأعداء. لكن ميرزا يغادر ذات يوم متحسسا طريقه في رعب كعادته، ويأتي الرجل يطرق الباب بإصرار فيلقي له العجوز بالمفتاح من أسفل الباب لكي يدخل ونعرف أنه صديق قديم لسميل يدعى "معمر"و يتعانق الرجلان، ويقول له الرجل بأنه أتى من قبل حاملا معه بعض الطعام لكنه لم ينجح في الوصول إليه، وعندما يتطرق سميل إلى القول بأنه وابنه انتقلا للإقامة في هذه الغرفة بعد أن تهدم منزلهما في القتال، وإنها أفضل مكان للاحتماء من سقوط القنابل يقول معمر في دهشة: عن أي قنابل تتحدث وقد انتهت الحرب منذ سنتين.

لا يصدقه سميل ويعتقد أنه يمزح. لكن معمر يسأله كم مضى عليه دون أن يغادر هذه الغرفة إلى الخارج؟ فيقول له إنه لم يخرج منذ عامين ونصف العام يحمله صديقه ويخرج به إلى سراييفو حيث تسير الحياة الطبيعية، في حين نرى ابنه وهو يعود متلمسا طريقه في حرص بالغ كعادته، محتميا بالأشجار بين كل خطوة وأخرى.

لقد فقد الإبن عقله تماما، وأصبح أسيرا لفكرة الخوف من القناصة، ومن الموت العبثي على قارعة الطريق.

فيلم مصنوع ببراعة وفي بساطة آثرة، ودون استطرادات كثيرة

أداء تمثلي واثق ومعبر من الممثلين الثلاثة الرئيسيين. موسيقى كلها ترقب وحذر وقلق وخوف. تصوير حساس يعرف كيف يتعامل و الأحجام المختلفة للقطات، ومونتاج ينتقل بين اللقطات في اللحظة المناسبة ومخرج يسيطر على مادته بحيث يوصل للمتفرج الحالة النفسية التي يريد أن يعكسها من خلال تلك الحكاية الرمزية عن أثر الحرب على العقل البشري، دون ثرثرة أو استغرق طويل في الوصف والشروح.

وهذه هي طبيعة بل وجوهر الفيلم الروائي القصير، تماما مثل القصة القصيرة الناجحة الناجعة.

الحب من أول نظرة

يعرض المهرجان أيضا فيلما روائيا قصيرا آخر يدور في أجواء سراييفو ولكن في الوقت الراهن بعد أن انتهت الحرب: هنا نرى من خلال هذا الفيلم "الحب من أول نظرة" (14 دقيقة) للمخرج البريطاني مارك بلاين، شوارع سراييفو الضيقة المرصوفة بالأحجار. المنازل المتلاصقة، نساء عجائز يذرعن الطرقات الصغيرة. شاب أسمر غريب يهبط إلى المدينة، يتجه إلى مسكن استأجره، يلمح جارته الحسناء في شرفة المنزل المقابل، يقع في غرامها على الفور.

يحاول الشاب أن يلفت نظر الفتاة الجميلة، لكنها لا تنتبه إلى وجوده. يبتكر حيلة بعد أخرى لكي يلفت نظرها لكنها ليست هنا، إلى أن يرى ذات يوم رجلا يدخل إلى الشرفة حيث تقف الفتاة ويجذبها للداخل في حب.

صدمة الشاب تدفعه للهرب إلى الخيال.. إلى أحلام اليقظة في المقهى بينما يتناول قهوته. يغمض عينيه ويتخيل الفتاة تدخل للمقهى وتسير ببطء في اتجاهه وتجلس إلى جواره. تمد يدها في بطء شديد وتلمس يده. لكن الواقع أقوى من الخيال، تنتقل الكاميرا إلى مسكن الشاب حيث الورقة التي رسم فيها صورة تعبر عن اعجابه بالفتاة وأراد إرسالها إليها في الماضي القريب غير أنه لم يفعل.

الورقة تطير وتسقط من النافذة، تلتقطها امرأة عجوز تقوم بتنظيف الشارع في أسفل. تتطلع المرأة إلى الصورة المعبرة، تبتسم وتتطلع إلى شرفة في الأعلى، تلمح رجلا يراها ويرى الصورة ويبتسم. تعتقد أنه هو مرسلها. هو أيضا لا يمانع من أن تفهم هي إعجابه بها. يبتسم الإثنان لبعضهما البعض. ربما يكون هذا هو الحب من أول نظرة، وينتهي فيلم آثر في خياله وفي قدرة مخرجه على التعبير من دون كلمة حوار واحدة.

هذا فيلم يعتمد أساسا، على التعبير بالصورة، من خلال حجم اللقطات، الانتقال السلس من لقطة إلى أخرى، الموسيقى الناعمة التي تصاحب الصورة، وتعكس القلق والرغبة في التواصل مع التردد، والحب الفياض العاجز عن التحقق، التكوينات التشكيلية المعبرة والاهتمام الكبير بالخلفية وبعمق المجال، والانتقال بين الحركة العادية والحركة الناعمة البطيئة، ومن اللقطات القريبة (كلوز أب) التي تعكس فوران المشاعر، إلى اللقطات البعيدة أو المتوسطة العامة التي توضح التناقض بين موقفي كل من الشاب والفتاة، وحركة الكاميرا التي تهبط تدريجيا وببطء لكي تتوقف على وجه المرأة وهي تلتقط الرسالة السحرية.

الفيلم أيضا من الأفلام تلك التي سبق لها الحصول على عدد من الجوائز وربما يحصل أيضا على جائزة في مهرجان طهران السينمائي للأفلام القصيرة.

الجزيرة الوثائقية في

04/10/2012

 

جماليات الإنسان الأرضي في السينما التسجيلية

عدنان مدانات

"جماليات الإنسان الأرضي- دراسات في السينما الوثائقية" هو الإصدار الجديد للمخرج والناقد السينمائي فجر يعقوب، وهو صدر من سلسة" الفن السابع" ضمن منشورات المؤسسة العامة للسينما بدمشق وتتراوح مواضيع الكتاب ما بين القديم والجديد في السينما الوثائقية، حيث يبدأ الكتاب بفصلين هامين يعرفان باثنين من مؤسسي أهم تيارين رئيسيين في تاريخ السينما الوثائقية( أو التسجيلية)، وهما دزيغا فيرتوف( الذي يصفه المؤلف بأنه الملهم الأول، وهو صاحب الفيلم الشهير" الرجل والكاميرا السينمائية" والنظرية المؤسسة حول " العين السينمائية" و" الحقيقة السينمائية")، و روبرت فلاهرتي( مخرج الفيلم الوثائقي الطويل الرائد الشهير" نانوك من الشمال")، حيث قامت نظرية وممارسة الأول الإخراجية، على بناء الفيلم من خلال الحلول المونتاجية لمواد الواقع التي جرى تصويرها، في حين قامت ممارسة الثاني، على بناء الفيلم عبر تصوير مادة الواقع من خلال المراقبة الدقيقة لتفاصيله والتقليل ما أمكن من الحلول المونتاجية.

هذان التياران هما ما اعتبرهما لاحقا الناقد الفرنسي أندريه بازان طبعا تطور السينما بعامة، وليس فقط السينما الوثائقية، بطابعهما، حيث قسّم تاريخ السينما إلى تيار يؤمن بالصورة( المونتاج)، وتيار يؤمن بالواقع.

إضافة إلى فصل نظري التوجه تحت عنوان مركّب:" الفيلم الوثائقي الجديد: مراقبة المجال العمومي" وفيه يبحث عن التطورات الجديدة في حقل السينما الوثائقية والتي أدت إلى"عولمة الصورة والمشهد" ومقالات أخرى متنوعة، تبحث بعض الفصول في تجارب وثائقية لمخرجين سينمائيين عرب معاصرين، ومنهم المصرية ناديا كامل مخرجة الفيلم المثير للجدل" سلطة بلدي" و المخرجة المصرية تهاني راشد( مخرجة الفيلمين" البنات دول" و جيران") و اللبناني جان شمعون مع شريكته و زوجته المخرجة الفلسطينية مي المصري واللذان اخرجا مجموعة أفلام هامة حول لبنان وفلسطين، وكذلك المخرج السينمائي السوري الراحل عمر اميرلاي مخرج فيلم" الحياة اليومية في قرية سورية."

ما أثار انتباهي بشكل خاص في هذا الكتاب الفصل المعنون" الانفجار الرقمي والاتجاهات الجديدة: رهانات الكاميرا" الرقمية" الخفية"، والذي يبحث فيه تأثير التطورات الرقمية في حركة النقد السينمائي بخاصة باعتبار أن هذه التطورات التي بدأت تخلق واقعا جديدا في السينما باتت تلغي، أو تقلل من، دور الخبرات النظرية النقدية القديمة التي اعتمدت على، أو انطلقت من، دراسة السينما وفق تقنياتها القديمة.

يكتب فجر يعقوب:"... الطقس الرقمي الجديد سيفرض قوالب جديدة في الكتابة لم تكن معروفة" . ويضيف لاحقا:" لذلك فإنه من المشكوك به وجود نظرية جمالية خاصة في الأمداء المنظورة ذلك أن التكيف مع الواقع الافتراضي يقود بالضرورة إلى الانشغال المضني بمعرفة أوجه التشابه والافتراق ودرجات الاقتراب باعتبار أنه يغير من زاوية النظر إلى الواقع الحقيقي و يعيد إنتاجه بحسب مقتضيات الخاصية الرقمية والآثار المترتبة عنها". و يعتبر تاليا أن القول النقدي الجديد لن يعود مهتما كثيرا بالمسائل الأخلاقية والجمالية، وإنما" بالمسائل التقنية الصرفة ودرجة قياس المشاعر والانفعالات الناشئة عنها".

ويعتبر المؤلف تبعا لذلك أن ما سيميز الناقد الجديد في عمله أنه سيتخلى طائعا عن شبكة المعارف القديمة لحساب شبكة من المحددات والمثيرات الافتراضية التي لا تنفع معها الحسابات القديمة التي سبقت مرحلة فيلم( أفاتار) والتي ترافقت، حسب قوله، مع انعطافة جذرية في طقس المشاهدة السينمائية.

من المفيد هنا أن نلاحظ أن هذه الإشكالية المرتبطة بمستجدات النقد السينمائي بالعلاقة مع التقنيات الرقمية المعاصرة أمر مقتصر على المجال السينمائي وحده ولا يطال مجالات النقد في الفروع الأدبية والفنية الأخرى، لأن السينما وحدها، دون بقية الفنون والآداب، مرتهنة لما يستجد فيها من تطورات تقنية، وأن التطورات التقنية الرقمية المتسارعة الواسعة القفزات خرقت الأساس الذي كانت تقوم عليه السينما التقليدية، وهو الإمكانية غير المسبوقة التي كانت تتمتع بها لعكس صور الواقع الحي مباشرة، باتجاه قيامها على الاعتماد على الواقع الافتراضي الذي يتشكل عبر البرمجية الرقمية.

ومع أن هذه البرمجة الرقمية والتي تنشأ أساسا من فكرة وتخيل في عقل المبرمج لتتحقق عبر واقع افتراضي لا تزال حتى الآن تعتمد على مرجعية واقعية، إذ أن المبرمج هو في النهاية مجرد إنسان محكوم بالواقع الذي يعيش فيه( فلا ننسى هنا أن أبطال" آفاتار" ورغم أنهم كائنات فضائية إلا أن أشكالهم ذات مرجعية أرضية واقعية، فلهم عيون وآذان وأيد وأرجل ويتصلون فيما بينهم عبر اللغة المحكية، كما أن الصورة ثلاثية الأبعاد بحد ذاتها ذات مرجعية واقعية)، إلا أن المستقبل قد يحمل مفاجآت في حقل مرجعية الخيال والتفكير البشريين تتلاءم مع الإمكانيات الرقمية في خلق وتعميم الواقع الافتراضي والأشكال التي تعبر عنه ويتجسد من خلالها والتي قد لا يمكن التنبؤ بها في الوقت الراهن( وهذا الانفصال عن المرجعية الواقعية هو ما يمكن ملاحظته جزئيا في الفيلم الأمريكي الحديث" شجرة الحياة" للمخرج تيرانس مالك، والذي يعبر في أحد فصوله عن نشأة الكون من خلال تكوينات لونية بصرية تجريدية.)

على كل حال، لا تقتصر الإشكالية المطروحة على المجال النقدي السينمائي فهي تشمل أيضا المجال المتعلق بطبيعة وسيلة التعبير السينمائية حيث تقترح التقنيات الرقمية أشكالا جديدة وحلولا جديدة لتركيب وتوليف( مونتاج) الصورة السينمائية وبالتالي لطرق الإخراج السينمائي وعلاقته بصور الواقع والتعبير عنه ، والذي بات ممكن التحقيق، وبالتالي معبرا عن الواقع، لا من خلال صوره المباشرة، بل تحديدا من خلال صور الواقع الافتراضي القابلة للتطور إلى درجة الانفصال النهائي عن المرجعية الواقعية.

الجزيرة الوثائقية في

04/10/2012

 

 

"أطفال تشناكليه" السلم العالمي من بوابة معركة

عاصم الجرادات - اسطنبول

لم يعتقد أي تركي أن معركة "تشناكليه" بالتركية "Çanakkale Sava??" أو معركة مضيق الدردنيل أو جاليبولي ستتحول بهذه الطريقة في فيلم "أطفال تشناكليه" حيث تعتبر هذه المعركة أحد رموز الفخر للشعب التركي حيث استطاعت قوات العثمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك أن ترد حملة لاحتلال اسطنبول من قبل قوات التحالف المشكلة من بريطانيا وفرنسا واستراليا ونيوزيلاندا. حيث عرض المخرج " سنان تشيتين" قصة الأم الأسترالية المُتزوجة من تركي ، وهي تحاول إنقاذ ولديها عثمان "الذي يحارب في الطرف العثماني" وجيمس " الذي يحارب في الطرف الأسترالي" من الحرب وإعادتهم الى المنزل حيث أراد المخرج أن يقدم فكرة "أن في الحرب القاتل هو الأخ والمقتول هو الأخ الآخر، ولابد أن يحل السلام العالمي في النهاية عندما يواجه الأخ أخاه في المعركة" فالفيلم حمل شعار" Evlatlar Da sa?olsun" وتعني هذه الجملة كذلك من أجل الأولاد في إشارة ربما لا تلق إعجاب الكثيرين حيث يستعمل في تركيا عباة "vatan sa?olsun" وهي تعني من أجل الوطن أو فداءً للوطن. وبذلك فالمخرج يتحدى الثقافة المجتمعية السائدة ليضم لها جملة من أجل الأولاد حيث يريد أن يقول ليس من أجل أو فداءً للوطن فقط بل لابد أن نضحي من أجل سلامة الأولاد. ويعج الفيلم بالإشارات الإنسانية اللامنطقية منها خروج قائد إحدى الكتائب العثمانية من وراء المتاريس لانقاذ جريح بريطاني، ومن ثم استرداد الأسير عثمان وبرضى قائد القوات البريطانية.

وبالعودة إلى بداية الفيلم حيث كان الجزء الأول منه عبارة عن مشاهد مسرحية شاعرية تقترب من المدرسة الفرنسية حيث اللامنطقية، والإسهاب في المشهد الإنساني الخيالي إلى حد ما مع إبراز الكره للدم والقتل، حيث انتظرنا نصف ساعة لنستطيع القول أن اليفلم قد بدأ وبعد استمرار المخرج في تصوير الأم التائهة في تلك الحديقة، تبحث عن أولادها لتصل أخيراً إلى زوجها الذي يفاخر في وطنيته، ويتحدى ويقدم أحد أولاده قرباناً للوطن في إشارة جادة أن الرجال من يصنعون الحرب، والأمهات من يحصدن المآسي لكن أم عثمان وجيمس أرادت غير ذلك فأجبرت زوجها إلى التوجه نحو الجبهة للبحث عن عثمان الذي من المؤكد أنه في صفوف القوات العثمانية، ولكنها تصر كذلك أن جيمس موجود في الحرب من خلال رسائل ربانية وأحاسيس الأمومة، وليس هذا وحسب إنما تخيلت الأم أن جيمس قتل عثمان وعثمان قتل جيمس في المعركة وأثناء بحثها بين الجثث لا تجد عثمان ولم تجد جيمس إلا أن بعض المشاهد تصور أن جيمس وعثمان قُتلا لكن زخات مطر خفيفة تعيدهما إلى الحياة من بين ركام الجثث فيتخذون قراراً بالتوجه نو المعسكر البريطاني.

وفي الجزء الثاني من الفيلم أراد المخرج أن يخرج من وقع الخيال اللامنطقي فبعد استرداد عثمان من المعسكر البريطاني تطلب الأم من عثمان الرجوع معها لكنه يرفض ويريد أن يبقى مع زملائه من أجل الوطن فيسأله أحد قادته الذي يُمثل دور الراوي في الفيلم هل تريد أن تصبح بطلاً من خلال استشهادك؟ ويتابع بالقول تستطيع أن تكون بطلاً من دون أن تموت لكن عثمان يرفض الفكرة ليرد عليه الراوي أمك لا تحتاج لبطل بل تحتاج لك لكن ينتهي الحوار بقرار عثمان بالبقاء في ساحة المعركة، ويخبر أمه أن جيمس هناك في الطرف الثاني، فيقرر الأب أن يذهب إلى الطرف المقابل لاسترداد جيمس، وفي حوار بين جيمس والأب تبرز رسالة واضحة من المخرج مفادها أن الحرية الفكرية تخفض النزعة العدوانية للحرب، وقدم المخرج مشهد يعد من أروع المشاهد عندما قُتِلَ الأب فاجتمعت العائلة في منتصف الميدان ليشاهدون الأنفاس الأخيرة للوالد.

وبعدها ويتم دفن الأب مع كلمات الله أكبر ويضعون على القبر شارة بيضاء في دلالة على السلم لكن سرعان ما تبدأ المعركة من جديد في عودة إلى الواقع لكن في خضم المعركة يتساقط الثلج ويحتضن الاخ أخاه ويعم الصلح العالمي في لقطة أعتقد أن تشكل خاتمة خيالية من الصعب تقبلها من قبل المجتمع التركي الذي يعتبر معركة تشناكليه الذي قادها مؤسس دولتهم الحديث مصطفى كمال أتاتورك، والذي راح ضحيتها 90 ألف جندي تركي ويعتبرونها رمز لإعادته هيبتهم العالمية، فأعتقد أن المجتمع التركي بما يحمله من تعصب قومي يحتاج إلى فيلم يغازل مشاعره القومية وكبرياءه العسكري، أما في الطرف المقابل من الممكن أن يتلاقى قبولاً عالمياً في الغرب حيث أن يغازل الجانب الإنساني ويهاجم الجانب الانتقامي والقتل والمعارك التي راح ضحيتها مئات الألوف من الأرواح البشرية وربما كان يستطيع كسب الرأي التركي من خلال هذا الفيلم إذا عرضه بغير معركة أو غير زمن.

ومن الناحية الفنية نستطيع القول أن المخرج اعتمد على الصورة الخافته في ألوانها واعتمد عدم ظهور الشمس وبهذه الآلية كان المخرج ناجحاً إلى حد بعيد، وزاد من نجاحه ذاك الثوب الأبيض الذي ارتدته الأم في اشارة واضحة إلى أنها رمز إنقاذ البشرية من الحروب، ولكن في بعض الاحيان أفرط في المشاهد المؤذية للعين التي تدلل على نتائج المعارك.

ومن ناحية الأداء الفني للممثلين فقد ظهر بشكل جلي القوة في الأداء من قبل الممثل "هالوك بيلغينر" الذي أدى دور الأب كاظم، وكذلك قدمت الممثلة "ريبيكا هاس تشيتين" أداء يُشهد لها عندما أدت دور الأم ، لكن ظهر الأخوين جيمس وعثمان وهما كذلك هما في الحقيقة الأخوين أورفيو وجيمو وهما أولاد المخرج أداء متواضع قياساً لحجم أداء بقية الممثلين حيث ساهموا في تخفيض من قيمة بعض المشاهد.

الجزيرة الوثائقية في

04/10/2012

 

ردا على وثيقة تزعم تجسس نظام الأسد على الفنانين المقيمين في الخارج

فنانون سوريون معارضون لـ «الشرق الأوسط»: «هذا إفلاس».. ونتوقع أكثر من ذلك

القاهرة: سها الشرقاوي  

ردا على وثيقة متداولة تزعم قيام المخابرات السورية بالتجسس على الفنانين المعارضين للنظام والمقيمين خارج سوريا، قال فنانون سوريون مقيمون في مصر لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا أمر متوقع من نظام بشار الأسد، الذي يحارب معارضيه بكل قوة»، واصفين مثل هذه التصرفات بأنها «نوع من الإفلاس»، وأن هدفها «الترهيب المعنوي وإخافة المعارضين للنظام».

وكانت وثيقة قد تسربت منذ شهرين تزعم تورط فنانة سورية، موالية لنظام الأسد، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات في التجسس على الفنانين المقيمين في مصر. وكشفت هذه الوثيقة، الموقعة بتاريخ 29 أغسطس (آب) 2011 عن أن «المخابرات السورية طلبت من هذه الفنانة إمدادها بمعلومات سلبية عن المعارضين السوريين في القاهرة لتقوم بنشرها في وسائل الإعلام التي يملكها المصريون المؤيدون لمواقف النظام السوري».

وجاء هذا الكشف بعد وثيقة أخرى نشرت بتاريخ 27 مايو (أيار) 2011 وتحوي على معلومات بشأن عدد من الفنانين المعارضين منهم الفنانة أصالة نصري وكندة علوش ومي سكاف المطلوبة للمحكمة باتهامها بالعمالة ضد سوريا، وكانت تشير إلى صورة لغياث مطر المدون السوري الذي مات خلال فترة اعتقاله.

وردا على هذه المعلومات، قال الفنان جمال سليمان «هذا متوقع من هذا النظام، هم يحصون علينا أنفاسنا ويحاربوننا بكل ما أوتوا من قوة، لدرجة أننا غير قادرين أن نستخرج ورقة رسمية كشهادة ميلاد». واعتبر سليمان أن ما يفعله النظام هو «نوع من الإفلاس في المواجهة التي يجب أن يكون فيها الفكر بالفكر»، مبديا استياءه من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحروب المشينة. وذكر سليمان بعضا منها قائلا «منذ يومين تم نشر صورة لي على موقع (فيس بوك) وأنا أرقص مع راقصة بإحدى السهرات وكتبوا تحتها أنه تم التقاطها من يومين، لكن في الحقيقة هذه الصورة التقطت منذ خمس سنوات في حفل أقيم على شرف الفنان محمود عبد العزيز وليلى علوي بسوريا، وكانت راقصة موجودة هناك وقامت بشدي وجاملتها بالرقص، وتم تسريب هذه الصورة وأنا في نفس الوقت أرافق والدي المريض بأبوظبي».

وشدد على أن «الفنانين السوريين ليسوا مسلحين وغير منتمين لأي حزب سياسي، ولكنهم يدعون إلى دولة سورية تعددية يحكمها صندوق الانتخابات، ومع ذلك يلاحقوننا ويعملون على تشويه صورتنا في الإعلام»، مؤكدا أنه «يستند على تاريخه الذي يعرفه ويعلمه جيدا جمهوره وكل من يعرفه واتجاهاته الواضحة للجميع التي تعني الالتزام بالأخلاق والأعراف العامة».

وحول منعه من دخول سوريا، قال «لا أعرف أنني ممنوع أم لا، لكن سمعت بعض الأخبار شفهيا تؤكد أنني من الممنوعين من الدخول، بل من الموضعين على قائمة المطلوبين للاعتقال بمجرد محاولة الوصول للحدود»، لكنه نفى ما تردد عن استدعائه من قبل السفارة السورية بمصر. وأضاف أنه «يشعر بالأمان في مصر حيث يعمل منذ سبع سنوات».

من جانبه، قال الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان، المقيم بمصر، إنه «تم اطلاعه على هذه الوثيقة المسربة، ويرى أنه تعمد تسريبها كنوع من الترهيب المعنوي والخوف للمعارضين»، مؤكدا أن «هذا هو الأسلوب المتوقع من نظام الأسد»، مؤكدا أن «هاتفه الجوال مراقب بشكل مستمر ورسائل التهديد تتزايد يوما بعد يوم، آخرها بعد ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي بمصر عندما تلقى رسالة نصية كتب فيها عبارة (انتظرونا)».

وعن مزاعم تورط فنانة سورية قال قطيفان: «تداولت بعض الأخبار التي تؤكد أنها متورطة في هذه العمليات ولا أستبعد ذلك»، معتبرا أن هذه وثيقة «هزيلة» مقارنة بما يحدث في سوريا الآن من قتل وذبح للأطفال. وعقبت الفنانة لويز عبد الكريم بالقول «النظام السوري يراقب كل موطن قبل وبعد اندلاع الثورة»، معتبرة أن «تسرب هذه الوثيقة ليس بالأهمية، فهذا النظام معتاد على أن يلاحق كل مواطني سوريا حتى داخل منازلهم».

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالفنانة السورية للرد عن هذه المعلومات، لكن الذي أجاب على هاتفها شخص يدعي أنه مدير أعمالها، وقال «إنها ترفض الرد على وسائل الإعلام.. قبل أن يغلق الهاتف».

الشرق الأوسط في

05/10/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)