إذا كانت السينما مرآة الواقع، تبقى الرقابة بوابة العبور إلى هذا
الواقع، تفتح الطريق إلى جزء منه تارة وتغلقه تماما تارة أخرى وفقا لطبيعة
النظام السياسى الحاكم الذى يسمح ويمنع وفق إشارات يبعث بها «الرقباء» أو
«حراس الباب».. ونحن على أعتاب الجمهورية الثانية يبقى السؤال المحير عن
مصير الرقابة على المصنفات الفنية فى النظام الجديد وكيف ستتعامل مع
التابوهات الثلاثة «الدين.. السياسة.. الجنس» التى ظلت الهاجس الأكبر
للرقباء. وإذا كان استشراق مشهد المستقبل لا يتأتى إلا بقراءة صورة الماضى،
تفتح «الشروق» ملف الرقابة ومصيرها من خلال سلسلة حوارات مع أشهر «الرقباء»
السابقين فى محاولة لرسم السيناريو المقبل من خلال ما مروا به من تجارب،
وهم على رأس بوابة عبور السينما للواقع.
6 أعوام أمضاها الدكتور مدكور ثابت على رأس جهاز الرقابة على المصنفات
الفنية.. لم يتلقَ خلالها أى مكالمة هاتفية تتدخل فى عمله من أى جهة كانت
حتى لو كانت جهة أمنية، بحسب قوله، لكنه يعود، ويضيف: «لا أعلم إذا كنت
محظوظا أم أن هذا هو الطبيعى»، وقال إنه أعلنها صراحة مساندته لحرية
الإبداع ودفع ثمن هذا الكثير والكثير، حيث تعرض لهجوم ضارى من قبل
الصحفيين.
فترة تولى مدكور ثابت للرقابة شهدت العديد من المعارك والجدل نتيجة
بعض القضايا الشائكة دينية كانت أم سياسية وربما امتدت أيضا للتابوه الثالث
«الجنس».. ففى تلك الفترة عرض فيلم «بحب السيما»، كما منع الفيلم الأمريكى
«فهرنهايت 11/9» الذى يهاجم سياسية الرئيس السابق جوج بوش، فضلا على فيلم «اللمبى»
الذى اتهمت الرقابة بسببه بالإسفاف.
شهادة
6 سنوات رقيبًا.. ولم يتصل بى مسئول ليعترض على مشهد أو فيلم
يعترف المخرج والرقيب السابق مدكور ثابت لأول مرة أنه حينما أبلغ
بتعيينه بمنصب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية انتابته حالة من «الغيظ
الشديد»، وتساءل: كيف يعينوننى فى هذا المنصب؟.. وقرر أن يرد على طريقته
بإطلاق الحرية بلا حدود وكانت المفاجأة أنه اكتشف أن أحدا «لا يوقفه عند
حده».. لا وزير الثقافة يتصل به، ويعترض ولا أى جهة تفعل هذا، وهنا أدرك
أنه من الممكن أن يلعب دور مبدع ومخرج سينمائى وكاتب وبدأت أحول موقفى
«الأهوج» إلى موقف منظم بمعنى أن أضع قواعد لهذه الحرية، ومن هنا كانت
تجربتى تتخذ هذا المنحى ومنذ أن توليت المسئولية حرصت أن يكون هناك نقاش
دائر بين الرقباء وأصحاب العمل الفنى سواء المخرج أو السيناريست وما يتفق
عليه الطرفان هو ما اعتمده فى النهاية، وهذا الأمر كان له صداه الرائع
للمبدعين والرقباء معا.
وأضاف: تطورت التجربة حين أصبحنا نضع لها تقنينا، ولم يكن هناك أى
اعتراضات من المجتمع ولا أى جهات سياسية ولا يتدخل أحد فى عملنا، باستنثاء
من يتاجر بهذه الأمور.. أحيانا صحفى أو من يحاول البروز باسم الأخلاق
والقواعد، وما إلى ذلك لكننا فى كل مرة نستخلص من التجربة قواعدها ويلتزم
بها الجميع ونسعد بها جميعا.
وتابع ثابت أنه من «خلال تجربتى لم تكن هناك أى تدخلات على الإطلاق بل
كانت هناك مناوشات صحفية أحيانا، وأشهرها ما يتعلق بالموقف الدينى لبعض
الأفلام والتى كانت تحل بشكل سريع ولا تنشأ عنها أى مشاكل على الإطلاق.
ولم يخف ثابت أن بعض الرقابة كانت لديهم توجهات دينية وسياسية مختلفة
قد تنعكس على آرائهم، ومن هنا قرر الاستعانة بلجنة فى حدود 3 رقباء أو 5
لمشاهدة العمل الواحد، وكل فرد منهم يضع تقريره، وبالتالى كان يخشى التناقض
مع تقرير زميله وحتى لو حدث خلاف فلا يصل للتناقض ثم يتم الاحتكام
بالأصوات، وكنت أتدخل فى حالة الخلاف بين الرقباء ومدى خلافهم مع صاحب
العمل، لكن إذا مر العمل بسلام فلا أتدخل وأشاهد العمل كغيرى من النقاد
والجمهور، وفى العادة أنصر المبدع والفنان.
اتهام
اتهموا «اللمبى» بالإسفاف.. فحصد أعلى إيرادات فى تاريخ السينما
أما أكثر فترات الهجوم التى تعرض لها ثابت فكانت بسبب فيلم «اللمبى»،
ويقول: من أشهر الجلسات التى عقدت فى إطار شورى النقاد كانت عن هذا الفيلم،
وحدث خلاف رهيب عليه.. فهناك من كان يرى ضرورة التدخل فى المحتوى، وهناك من
رفض هذا الأمر بشدة، ولعل هذا الفيلم هو سبب اتهامى بأننى أهرب من
المسئولية، وقد فوجئت للأسف أن هناك من يطالبون أن تتدخل الرقابة فى
المستوى الفنى وهذه جريمة كبرى بدليل أن الفيلم رغم وصف البعض له بأنه هابط
فنيا حقق أعلى إيرادات وقت عرضه.
وراى أن الحديث عن الدور الأخلاقى للرقابة مفهوم خاطيء.. فللأسف هناك
من وجهوا موقفهم من بعض الأفلام التى أجازتها الرقابة فى عهدى للرقباء بدلا
من توجيهه لصاحب العمل نفسه فهو ما يجب تقويمه، فكيف تلعب الرقابة دورا
أخلاقيا فلا يمكن أن تقف هذه المسألة عند حد وما الذى يضمن أن ما أراه
أخلاقى يراه غيرى غير أخلاقى، وللعلم فأنا أول مخرج يطالب بإلغاء الرقابة
بل وبدأت فى إعداد مشروع يشترك فيه بعض المفكرين على اعتبار أن الرقابة هى
للدفاع عن حقوق الملكية الفكرية للمبدع وليس للرقابة عليه وأن ينفصل هذا
الشق ويتم تحويله كالدول المتقدمة للمجتمعات الأهلية بعيدا عن قوانين، ولا
يكون للحكومة أى دور إلا بالشق المثبت بالقانون فى الحفاظ على الملكية
الفكرية.
وحول مطالب البعض بسن قانون لمنح سلطات أقوى للرقابة ومنها حذف
المشاهد الإباحية من الأعمال القديمة، أوضح: حذف المشاهد الإباحية «كارثة»
لأن هذا المصطلح قد يتسع ليتضمن أشياء كثيرة للغاية، وأعتقد أن ما يمكن
تسميته بالمشهد الإباحى لابد أن يكون منفصلا عن التوجه الدرامى، وأن يكون
عرضه بهدف إثارة الغرائز، وهو موجود بالفعل فى شريحة معينة من الأفلام لابد
من منعها فلا يمكن أن يتم السماح بأفلام البورنو مثلا، لكن المشهد الساخن
الذى يأتى فى سياق الدرامى فهو أمر عادى أما فيما يتعلق بالقوانين، فهذه
كارثة أخرى فقوانين الرقابة المعمول بها حاليا بها مزايا وعيوب خطيرة فى
نفس الوقت، وهى أنها قابلة للتفسير الحر، لكن المشكلة فيمن يفسرونها على
المنحى الذى يريدونه وهو فرض القيود فإذا أتاحنا لهؤلاء المزيد من القوانين
المكبلة للمبدعين فكيف نتوقع إبداعا؟
رقابة دينية
قوة القانون تمنح الأزهر والكنيسة حق التدخل.. و«بحب السيما» تعرض
للظلم
يعترف المخرج والرقيب السابق مدكور ثابت لأول مرة أنه حينما أبلغ
بتعيينه بمنصب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية انتابته حالة من «الغيظ
الشديد»، وتساءل: كيف يعينوننى فى هذا المنصب؟.. وقرر أن يرد على طريقته
بإطلاق الحرية بلا حدود وكانت المفاجأة أنه اكتشف أن أحدا «لا يوقفه عند
حده».. لا وزير الثقافة يتصل به، ويعترض ولا أى جهة تفعل هذا، وهنا أدرك
أنه من الممكن أن يلعب دور مبدع ومخرج سينمائى وكاتب وبدأت أحول موقفى
«الأهوج» إلى موقف منظم بمعنى أن أضع قواعد لهذه الحرية، ومن هنا كانت
تجربتى تتخذ هذا المنحى ومنذ أن توليت المسئولية حرصت أن يكون هناك نقاش
دائر بين الرقباء وأصحاب العمل الفنى سواء المخرج أو السيناريست وما يتفق
عليه الطرفان هو ما اعتمده فى النهاية، وهذا الأمر كان له صداه الرائع
للمبدعين والرقباء معا.
وأضاف: تطورت التجربة حين أصبحنا نضع لها تقنينا، ولم يكن هناك أى
اعتراضات من المجتمع ولا أى جهات سياسية ولا يتدخل أحد فى عملنا، باستنثاء
من يتاجر بهذه الأمور.. أحيانا صحفى أو من يحاول البروز باسم الأخلاق
والقواعد، وما إلى ذلك لكننا فى كل مرة نستخلص من التجربة قواعدها ويلتزم
بها الجميع ونسعد بها جميعا.
وتابع ثابت أنه من «خلال تجربتى لم تكن هناك أى تدخلات على الإطلاق بل
كانت هناك مناوشات صحفية أحيانا، وأشهرها ما يتعلق بالموقف الدينى لبعض
الأفلام والتى كانت تحل بشكل سريع ولا تنشأ عنها أى مشاكل على الإطلاق.
ولم يخف ثابت أن بعض الرقابة كانت لديهم توجهات دينية وسياسية مختلفة
قد تنعكس على آرائهم، ومن هنا قرر الاستعانة بلجنة فى حدود 3 رقباء أو 5
لمشاهدة العمل الواحد، وكل فرد منهم يضع تقريره، وبالتالى كان يخشى التناقض
مع تقرير زميله وحتى لو حدث خلاف فلا يصل للتناقض ثم يتم الاحتكام
بالأصوات، وكنت أتدخل فى حالة الخلاف بين الرقباء ومدى خلافهم مع صاحب
العمل، لكن إذا مر العمل بسلام فلا أتدخل وأشاهد العمل كغيرى من النقاد
والجمهور، وفى العادة أنصر المبدع والفنان.
جهات سيادية
«عايز حقى» لم يعرض على جهات سيادية.. وسفارة أمريكا لم تمنع «فهرنهايت
11/9»
فيلم «عايز حقى» للمخرج خالد يوسف وبطولة هانى رمزى وهند صبرى كان
كذلك محور جدل واسع، ورغم ما قيل حينها أن جهة سيادية شاهدت العمل وأجازته
لكن مدكور ثابت يقول: هذا كذب وافتراء لا أقبله.. فقد أجزت الفيلم منذ
اللحظة الأولى والمشكلة التى نشبت كانت حول أحقية الفكرة بين طرفين لا أذكر
اسم أى منهما، لكن لم يحدث أى تدخلات سيادية أو غيرها وإذا قيل غير هذا
فربما تكون دعاية كاذبة فقد انتهت المشكلة وتم عرض الفيلم، وكانت تجربة
رائعة، وهذا الفيلم من ضمن محاولاتى المختلفة لمساندة حرية الإبداع بنوع من
الجرأة، واعتمدت فيها على مواقف المثقفين والمبدعين فى شورى النقاد التى
توقفت برحيلى عن المنصب لأنها كانت مرتبطة باسمى وتحملت كل الهجوم اللاذاع
الذى تعرضت له.
ونفى ثابت كذلك تدخل السفارة الأمريكية لمنع عرض فيلم «فهرنهايت11 /9»
الذى كان يهاجم السياسة الأمريكية، وقال: لم يحدث ولم أكن لأقبل أن تتدخل
السفارة الامريكية أو أى جهة فى عملى.. وما حدث أنه تم عرض الفيلم على
مجموعة شورى النقاد، وهم الذين رفضوا عرضه، وكثيرا كنت أمنع افلاما أمريكية
من العرض ولا يحدث أى ردود أفعال غير طبيعية ولا أعرف حقا هل كنت محظوظا أم
أن هذا يعد امرا طبيعيا.
وعن حملة الهجوم التى تعرض لها بسبب مجموعة شورى النقاد واتهامه
بالهروب من المسئولية، أوضح: بمنتهى الصراحة من تبنوا هذا الرأى كانوا
يدافعون عن وجودهم وحدهم فى الساحة بالحركة النقدية بمعنى أن يكونوا هم
أصحاب الحق فى أن يقولوا هذا عمل ردئ أو عمل جيد، ولا يسبقهم أحد فى لعب
هذا الدور بالرغم أن بعضهم كان عضوا فى شورى النقاد، لكنهم كانوا يريدون
الانفراد بالحكم على العمل الابداعى وأن يلعبوا الدور وحدهم، وهناك من يؤمن
بضرورة أن تلعب الرقابة دورا أخلاقيا، واحترت بين من يطالب بالحرية ومن
يتمسك بالرقابة، ويطالبونها بالمحافظة على الأخلاق.
الشروق المصرية في
06/07/2012
الرقباء وتابوهات السينماالدين .. السياسة ..و الجنس ( 2 )
درية شرف الدين: معاركى كلها كانت ضد أعمال أساءت للمصريين
إيناس عبدالله
د.درية شرف الدين رئيس جهاز الرقابة خلال الفترة بين عامى 1995 و1996،
وهى الفترة التى شهدت صداما عنيفا مع صناع السينما، ومواجهات مع ما يعرف
بموجات الإسفاف والعرى وتشويه صورة المجتمع المصرى، وعن تلك الفترة قالت
إنها كانت ترى نفسها فى معركة ضد الفن الهابط، وحماية المجتمع من التعرض
لأعمال فنية رديئة تسىء لسمعة الفن المصرى فى محيطه العربى، واعترفت بتلقى
الرقابة اعتراضات على عرض أعمال مصرية فى الكويت والإمارات، ومنها مسرحية
لراقصة شهيرة قالت فيها الرقابة الكويتية «إنها عار على الفن المصرى».
الدين والجنس والسياسة ثلاثة تابوهات يحاول المبدعون كسرها، بل ويقيس
البعض جودة العمل بمقدار تجرؤه على هذا الثالوث الذى يقدسه الرقيب، فكيف
تعاملت درية شرف الدين مع هذا الثالوث؟ تجيب: بالنسبة للفكر سواء كان
سياسيا أو دينيا أو غيره فلم يكن للرقابة أى تدخل طالما كان فى سياق عمل
فنى محترم، و نفت أن تكون فترة توليها للرقابة قد شهدت أى محاذير سياسية
على الأعمال الفنية.
وأشارت إلى أنها لم تقف إطلاقا ضد أى فكر احتوته الأعمال الفنية التى
تمت إجازتها، وأكدت أن الاعتراضات فى هذا الاتجاه كانت محدودة للغاية، ولم
تتجاوز بعض المشاهد أو الكلمات التى فيها شىء من الخروج على الآداب العامة،
أما فيما يخص مشاهد الجنس فكان الفيصل فيها هو المعالجة، وكيفية تناولها فى
إطار الموضوع، وقالت إن دورها كان حماية المجتمع من الابتذال، والاعتداء
على ثوابت المجتمع معتقدات، والقيم الراسخة فيه مثل احترام الوالدين وكيان
الأسرة.
للكبار فقط
فرضت لافتة «ممنوع لأقل من 16 عامًا» على «النوم فى العسل»
فى فترة إدارة د.درية شرف الدين للرقابة أثيرت أقاويل حول وجود شبهة
مجاملة لعادل إمام، والذى عرض له فى تلك الفترة فيلمين تناولا موضوع
الإرهاب والإسلام السياسى، بينما أجيز نص آخر كتبه السيناريست وحيد حامد
ليلعب بطولته الزعيم، وهو فيلم «النوم فى العسل»، وهنا تؤكد د.درية أنها من
البداية سارت على معايير ثابته مع الجميع، ولم يكن هناك أية امتيازات
لأشخاص أو جهات فيما يخص منح تصاريح الأعمال الفنية، وأن كل الأعمال كانت
تخضع لنفس القاعدة، والمعيار الأهم كان ضمير الرقيب ورؤيته الخاصة لما يمكن
أن يجاز للعرض على الشاشة، واستشهدت بسيناريو «النوم فى العسل» الذى أصرت
على وضع لافتة ممنوع لأقل من 16 سنة على شباك التذاكر، وذلك بعد أن وجدت أن
موضوع الفيلم فى ذاك الوقت لا يناسب مع الأعمار الصغيرة، وأنه يجب منع
المراهقين من مشاهدته، فيما أشارت إلى أن فيلمى «الإرهابى» و«الإرهاب
والكباب» كانا قد أجيزا فى فترة سابقة، وأن عرضهما فى فترة رئاستها
للرقابة، وأنه لم تعلم بأى تدخل من أى جهة لتمرير أفلام لخدمة غرض سياسى
ما، ولكن الفيصل فيما كانت تجيزه الرقابة من أعمال هو المعالجة الفنية.
وعن رؤيتها لعرض افلام حملت لافتة للكبار فقط على القنوات الفضائية،
قالت: «طبيعة العرض اختلفت بعد انتشار القنوات الفضائية، وما لم يكن يقبله
المجتمع على شاشة السينما، ويهاجم الرقابة إذا أجازته فى سياق عمل فنى،
أصبح الآن يدخل كل بيت عبر الفضائيات، ونحن كنا فى تلك الفترة نجيز الأفلام
العرض السينمائى، وكانت رقابة التليفزيون هى التى تقرر ما يمكن أن يتم عرضه
على الشاشة الصغيرة، ولكن يظل قرار عرض الأفلام هو مسئولية من يصدره،
ويختار الوقت المناسب لعرضه، فالأعراف الإعلامية فى العالم كله تلزم
القنوات بلافتة تحدد السن المناسبة للأفلام والبرامج التى تعرضها، كما
تختار مواعيد متأخرة من الليل لعرضها».
قرار الأزهر
يوسف شاهين كتب بالفرنسية أنه يقدم قصة يوسف.. فاشتعلت أزمة «المهاجر»
ترى د.درية شرف الدين أن لقانون رقم 430 الذى يحكم عمل الرقابة،
والصادر فى 1955، والتعليمات الرقابية الصادرة فى السبعينيات من القرن
الماضى، تحمل عبارات مطاطية، من نوعية الحفاظ على الآداب العامة، والحفاظ
على الامن القومى والمصلحة العليا للبلاد، ومن هنا تكون رؤية الرقيب الذى
يتابع العمل وثقافته هى التى تحدد ما يجاز وما يتم حجبه. وعن المشكلة التى
أثارها فيلم «المهاجر» للمخرج الراحل يوسف شاهين، قالت إنها لم تكن مشكلة
رقابية بقدر ما هى مخالفة، وكان شاهين قد أضاف جملة باللغة الفرنسية على
تترات الفيلم تفيد بأنه يقدم قصة النبى يوسف، وهو ما يتعارض مع تعليمات
الازهر بعدم تصوير الانبياء والصحابة والعشرة والمبشرين بالجنة، بينما كان
الفيلم قد أجيز رقابيا باعتباره يقدم قصة مستوحاة من التاريخ البشرى.
وأضافت أن عدم ظهور الأنبياء هو قرار خاص بعلماء الأزهر، مشيرة إلى
دول إسلامية أخرى لا يمنع علماء الدين فيها تجسيد الأنبياء على الشاشة،
ومنها إيران التى صدرت للعالم العربى أعمال درامية من هذه النوعية التى ظهر
فيها أنبياء ومبشرون بالجنة، ووجدت نسبة مشاهدة جيدة على القنوات الفضائية،
بينما وقف قرار الأزهر، أما خروج كثير من الأعمال الدينية. وعن رأيها
الشخصى فى تجسيد الرسل تقول إن الأنبياء فى النهاية بشر، وأن المهم هو وصول
الدعوة التى جاءوا بها، وأن الدراما أصبحت فى وسيط مهم يمكن أن تصل من
خلالها القيم الدينية، خاصة أن هناك كثيرين يستقون معلوماتهم وثقافتهم عبر
مشاهداتهم، وتراجع حجم محبى القراءة والكتب فى العالم العربى.
وحول الاعتراضات والانتقادات التى لاحقت ظهور الشخصيات القبطية، أو
الرجل المتدين الملتحى على الشاشة، قالت: لم أقف عند هذه الاعتراضات، وفى
تلك الفترة كنت أبحث عن نص جيد يقدم تلك النماذج بعمل فنى»، وتستشهد
بتصديها لمحاولات الضغط على فيلم «فيلم هندى» والذى كان قد تقدم به المخرج
داود عبدالسيد، وبعد أن كان هناك 13 اعتراضا على النص قامت بالموافقة علية
دون أى حذف، لكنها فى نفس الوقت لفتت إلى أن الفيلم الذى تم عرض فى دور
السينما كان مختلفا عن النص الذى أجازته.
خروج عن النص
مسئولون ضغطوا لإجازة أعمال رغم خروجها عن النص
عن أسباب تقدمها باستقالتها تقول إنه عندما تم اختيارها لشغل المنصب
بعد أن ظل مقعد رئيس الرقابة شاغرا لمدة عام كامل، وكان الكلام الذى دار
بينها وبين المسئولين فى وزارة الثقافة بأنها صاحبة القرار وأن ضميرها
ورؤيتها هما الفيصل فيما قد تتعرض له الرقابة من خلاف حول أى قضية أو عمل
معروض أمامها، ولكنها فوجئت خلال العام الذى قضته على رأس الرقابة بتدخلات
كثيرة من جانب مسئولين كبار كان من بينهم وزير الثقافة وأمين المجلس الأعلى
للثقافة، لصالح أعمال مسرحية لم تلتزم بالنص المجاز لها، وكان قرار الرقابة
وقتها هو وقف عرض هذه الأعمال المخالفة، وعندما زادت الضغوط من جانب
الوزارة، والحملات الإعلامية التى تم تنظيمها ضد جهاز الرقابة قررت التقدم
باستقالتها.
وتضيف أنها كانت مؤمنة بان الفن فى النهاية هو إعلاء قيمة الجمال،
وحتى فى معالجته للقبح والرزيلة يجب أن تكون المعالجة بشكل فنى يحقق الهدف
من طرح هذا القبح من خلال العمل، أما الابتذال فى ضده وبكل قوة، وقالت: «فى
تلك الفترة كانت التيارات الدينية المتشددة تتخذ مثل هذه الأعمال المُسِفة
والمشاهد الخارجة للهجوم على الفن باسم الدين، ومن هنا كان مواقى ضد
الابتذال بمثابة دفاع عن الفن الجاد وتعاملت مع الرقابة باعتبارها حائط صد
ضد الهجوم على حرية الإبداع.
وأوضحت درية شرف الدين بأن المعارك تركزت فى مجال المسرح وسوق
الكاسيت، فكان الاستعانة بالرقص فى العروض المسرحية موضة فى تلك الفترة،
واستعان المسرح الخاص بالراقصات كبطلات، وكان موقف الرقابة هو الاعتراض على
تحول المسارح إلى كباريهات، خاصة وأن النصوص التى كانت تقدم للرقابة هزيلة
جدا، ولا يقوم عليها عمل فنى، فضلا على قيام أصحاب هذه المسرحيات كانوا
يضفون على خشبة المسرح مشاهد كاملة، وفواصل من الإفيهات المسفة والحركات
والإيحاءات التى تقع تحت طائلة قانون الآداب العامة، وتتذكر أن أحد النصوص
الذى رفضته الرقابة كان لمسرحية قال فيها الزوج لزوجته يا جاموسة ويا بقرة
باعتبار أن هذا نوع من الكوميديا، وعندما رفضت الرقابة إجازة هذا النص
اشتعلت ضدها حملات الانتقاد، كذلك مسرحية «دستور يا سيادنا» التى كان فيها
مشهد كامل عن أحد المرشحين للرئاسة بينما يدور الحوار كاملا عن ليلة
الدخلة، وهو ما يخالف النص الذى أجازته الرقابة.
الشروق المصرية في
07/07/2012
الرقباء وتابوهات السينماالدين .. السياسة ..و الجنس ( 3 )
مصطفى درويش: اعتمدت مبدأ «الأصل هو الإباحة والمنع الگل
يحسنه»
أحمد خليفة
إذا كانت السينما مرآة الواقع، تبقى الرقابة بوابة العبور إلى هذا
الواقع، تفتح الطريق إلى جزء منه تارة وتغلقه تماما تارة أخرى وفقا لطبيعة
النظام السياسى الحاكم الذى يسمح ويمنع وفق إشارات يبعث بها «الرقباء» أو
«حراس الباب».. ونحن على أعتاب الجمهورية الثانية يبقى السؤال المحير عن
مصير الرقابة على المصنفات الفنية فى النظام الجديد وكيف ستتعامل مع
التابوهات الثلاثة (الدين .. السياسة.. الجنس) التى ظلت الهاجس الأكبر
للرقباء.
وإذا كان استشراف مشهد المستقبل لا يتأتى إلا بقراءة صورة الماضى،
تفتح «الشروق» ملف الرقابة ومصيرها من خلال سلسلة حوارات مع أشهر «الرقباء»
السابقين فى محاولة لرسم السيناريو المقبل من خلال ما مروا به من تجارب وهم
على رأس بوابة عبور السينما للواقع.
يبقى الناقد مصطفى درويش الوحيد الذى تولى رئاسة جهاز الرقابة على
المصنفات الفنية مرتين، الأولى سنة 1962 لمدة خمسة أشهر والثانية بين عامى
1966 و1968، وخلال تلك المدة تعامل، كما يقول، بهدى مقولة الإمام «أبى
حنيفة النعمان»: (الأصل عندنا هو الرخصة عن ثقة أما المنع فكل واحد
يحسنه).. غير أن تلك الحكمة فتحت عليه النار فى كثير من الأحيان بداية من
مجلس الأمة ونهاية بوزير الثقافة وفى المرتين أطيح به من المنصب بعد كيل
الاتهامات له.. تارة بأنه عميل أمريكى، وتارة بأنه يسعى لنشر الفجور
بالمجتمع.. وثالثة بتهمة الكفر والزندقة
انحياز
رفضت أفلاما تمجد الجيش خشية أن يحرق الجمهور دور العرض
نكسة يونيو 67 كانت من أكثر اللحظات التاريخية الحساسة التى عاشها
درويش بحكم وجوده على رأس الرقابة، حينها نشرت صحيفة «الأهرام» خبرا مفاده
منع عرض الأفلام الأمريكية فى مصر ردا على انحيازها لاسرائيل، وهنا سادت
حالة من الفزع فى أوساط الموزعين الذين اعتبروا القرار بمثابة «خراب بيوت»
لهم، فسارعوا للحديث إلى درويش للاستفسار عن الأمر.
يقول درويش: حينها فوجئت بالأمر مثلهم وعلمت الخبر من «الأهرام»،
فأبلغتهم أن هذا الخبر غير صحيح على الإطلاق لأن قرار المنع ياتى من
الرقابة نفسها، وأنا لم أتخذ هذا القرار، ويومها احتفل الموزعون بالخبر
بحفل ضخم فى منزل أحدهم، ووصلت أخبار لحفل لوزير الثقافة ثروت عكاشة
فاستدعانى ووبخنى بشدة ولم أجده غاضبا على هذا النحو أبدا حتى أنه اتهمنى
ب«العميل الأمريكى»، وكانت التهمة كفيلة بزجى فى السجن فى تلك اللحظات
العصيبة التى تعيشها البلاد، وتراجعت عن قرارى وبالفعل وتم منع الفيلم
الأمريكى لنحو 3 أشهر وحينها حمدت الله أننى خرجت من مكتبه إلى منزلى وليس
إلى المعتقل.
لم تكن تلك هى المواجهة الوحيدة لدرويش مع المسئولين، فقد كانت هناك
مواجهة أكثر حدة لكنه خرج منها بنجاح هذه المرة.. يتحدث عنها قائلا: عقب
النكسة كانت الشئون المعنوية للقوات المسلحة تقوم بانتاج أفلام وثائقة
وتسجيلة تمجد فى قوات الجيش والبطولات التى قام بها فى معاركه مع إسرائيل،
وحينها وجدت لزاما على منعها من العرض بدور السينما خوفا أن يقوم الجمهور
بتحطيم دور العرض تماما.
وأضاف: الرأى العام فى ذلك الوقت كان ثائرا بشدة ضد الجيش بسبب
الهزيمة ويشعر أنه تعرض للخديعة وعاش فى وهم كبير تحطم خلال النكسة ولم يكن
ليقبل أبدا مشاهدة أفلام من شأنها الاستمرار فى خداعه وربما لجأ إلى العنف
بتحطيم السينما ومن هنا أقنعتهم برفع الأفلام لعدم مواءمة الظروف لعرضها.
استقلال
نسير فى اتجاه «المنع هو الحل».. والإجازة ستگون الاستثناء
يرفض الناقد مصطفى درويش رأى كل من يتحدث عن استقلال جهاز الرقابة على
المصنفات الفنية، ويقول: «كيف نتحدث عن استقلال الرقابة فى قراراتها وهى
لاتزال تتبع وزارة الثقافة»، فالجهاز لن يكون مستقلا أبدا بهذا الشكل
ويتعين علينا، فى حال التمسك بالرقابة، أن يكون الجهاز مستقلا تماما عن
الوزارة ويتمتع بصفة اعتبارية ويشرف عليه مجموعة من أصحاب الرأى والفكر من
السينمائيين، ويكونوا هم أوصياء على أنفسهم ويشعرون بالاستقلال الحقيقى.
ويحذر درويش من تزايد وتيرة الهجوم على الفن بدرجة وصلت حد المطالبة
بحذف مشاهد من الأفلام القديمة، موضحا أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو
فستجد الرقابة نفسها تعتمد مبدأ «المنع هو الحل» ويصبح رفض العمل هو الأساس
وإجازته هو الاستثناء. وعلى الرغم من إعجاب درويش الكبير بتجربة السينما
الإيرانية إلا أنه لا يخفى خشيته من استيراد نفس العوائق التى يعانى منها
صناع السينما بايران لأنه حينها «لن يستطيع سينمائيو مصر التعامل فى تلك
الظروف كما هو حال نظرائهم بإيران». ويضيف: صناع السينما الإيرانية فى
منتهى التحدى والعناد، فتجدهم يعانون من محاذير أخلاقية وسياسية شديدة ورغم
ذلك يقدمون سينما تبهر العالم وتنال العديد من الجوائز فى مهرجانات دولية
كما هو حال فيلم «انفصال» لكن السينما المصرية التى تتوافر لها ظروف أفضل
لم تنجح فى الوصول إلى المكانة نفسها بكل أسف. الغاء الرقابة فى مصر يبدو
حلما بعيد المنال ولذلك لا يتطرق إليه الناقد مصطفى درويش، لكنه يذكر
بالتجربة الغربية فى هذا الصدد ويقول إن سبب إلغاء الرقابة فى أوروبا كان
فيلم «الراهبة» الذى اعترضت الكنيسة عليه وتسببت فى منع عرضه وهنا توحد
مثقفو فرنسا مع السينمائيين وأطاحوا بوزير الثقافة حينها وانتهى الأمر
بالغاء الرقابة فى فرنسا قبل أن يمتد الالغاء إلى أوروبا بأكملها واقترت
الرقابة فقط على أفلام الأطفال.
انفجار
وقفت ضد غلق دور السينما والمسارح عقب 67 واستشهدت بإنجلترا
نشر العرى والفجور كانت التهمة التى لاحقت درويش كثيرا خلال فترة
توليه الرقابة لاسيما مع كل فيلم تضمن مشاهد ساخنة وأثار الجدل.. فقليلا ما
لجأ درويش إلى مقص الرقيب وهو ما أوقعه فى مثل تلك المشاكل.. يتذكر الناقد
مصطفى درويش أحد تلك المشكلات التى وقع فيها بإجازة فيلم «خذنى بعارى» الذى
يصفه هو نفسه ب«التجارى والردىء».. لكنه فضل إجازته للعرض باعتباره ينتمى
إلى تلك النوعية من السينما الموجودة فى كل دول العالم.
الفيلم كان بطولة الفنانة سميرة أحمد للمخرج السيد زيادة، وأنتجه صاحب
مخبز ليشارك فى التمثيل، وأثار الفيلم جدلا واسعا نتيجة مشهد قيام صاحب
المخبز باغتصاب الفنانة سميرة أحمد ووصفه البعض بأنه «شديد الفجاجة»..
وبمجرد طرحه اتصل بى ثروت عكاشة وعنفنى كذلك وطلب منى سحب الفيلم من دور
العرض تماما، لكننى وجدت الحل الوسط فى حذف المشهد وهذا ما حدث بالفعل.
كما تعرض درويش كذلك لحملة ضارية من نواب مجلس الأمة عقب عرض الفيلم
الايطالى «انفجار» بدعوى أنه يحوى مشاهد عرى فجة، ولن أنسى ذلك اليوم عندما
استدعونى إلى مجلس الأمة للحديث أمام النواب وحينها وقف أحدهم وقال لى:
«للأسف اسمك مصطفى درويش لكنك.. لا مصطفى ولا درويش».. ولم أملك حينها سوى
الابتسام.
هذا اليوم احتشد نواب المجلس وكالوا الاتهامات للرقابة باعتبارها تروج
للفجور، وحاولت ان أشرح لهم وجهة نظرى لكن بلا جدوى ولم أجد سوى رفع الفيلم
من دور العرض خاصة بعد أن تعرض لاتهامات بأنه تقاضى رشوة من الشركة الموزعة
لإجازة الفيلم.
لكن الهجوم الأكثر شراسة على الرجل كان عقب النكسة مباشرة حيث واجه
اتهامات بأنه يتعمد إجازة المشاهد الساخنة بالأفلام ليلهى المواطنين عن
مرارة الهزيمة، وتعرض لحملة ضارية فى الصحف والبرلمان ولم يجد من يسانده فى
ذلك الوقت لأن الكل كان مشغولا بحاله.
معركة عنيفة خاضها كذلك درويش مع نواب البرلمان عندما طالبوا بغلق دور
السينما والمسارح، لكنه رفض بشدة واستشهد بأن بريطانيا التى كانت تتعرض
لقصف الألمان فى الحرب العالمية الثانية وكانت على أبواب الهزيمة لكنها لم
تغلق دور السينما والمسارح ولم يقدم أحد هذا الطرح.
ورغم أن درويش كان يتوقع حملة هجوم ضارية ضد فيلم «أبى فوق الشجرة»
نتيجة جرأته الاجتماعية لكنه لم يتردد فى إجازة السيناريو، لكن الفيلم لم
يعرض إلا بعد أن خرج من الرقابة، وتعرض الفيلم حينها لهجوم كبير لأنه كان
أجرأ من قدرة المجتمع على التحمل بعلاقة تجمع أب وابنه بغانية فضلا عن
القبلات الساخنة التى تضمنها الفيلم.
كارثة
مؤسسة السينما أوصت برفض «المومياء» لأنه «مش هيجيب تمنه»
يشعر درويش بزهو كبير أنه الرقيب الذى أجاز عرض فيلم «المومياء»
للمخرج شادى عبدالسلام ويعتبره العمل الأهم فى تاريخ السينما، ويستشهد
درويش بالفيلم باعتباره نموذجا لما يمكن أن تلعبه الرقابة فى التنوير إذا
اقتعنت بعمل.
ويقول درويش: جاءنى سيناريو الفيلم حينها من مؤسسة السينما والغريب
أنهم طلبوا منى رفضه من المنبع بدعوى أنه «ضعيف ولن يحقق ثمنه»، لكننى وجدت
فيه سيناريو رائعا وقررت إجازته.. وهنا فتحوا على النار بدعوى أننى سأتسبب
فى إهدار المال العام، وبكل أسف كان المخرج الراحل يوسف شاهين ومقربون منه
وراء تلك الحملة لمحاربة المخرج شادى عبدالسلام، بحسب قول درويش، خشية بزوغ
نجمه فى السينما.
تمسك درويش بموقفه حتى خرج الفيلم إلى النور ليصبح أحد أهم أعمال
السينما المصرية، وحتى ما قيل عن أنه لن يحقق ثمنه مردود عليه.. فحتى الآن
تليفزيونات فرنسا وألمانيا تعرض فيلم «المومياء» مقابل 30 ألف دولار فى
المرة الواحدة، وهو ما لا يحدث مع أى فيلم عربى آخر.
الفيلم الآخر الذى يزهو درويش بأنه أجازه للسينما هو «المتمردون»،
وتلقى سيناريو الفيلم قبيل ختام فترة رئاسته الثانية للرقابة، ويقول: أجزت
الفيلم للعرض لأنه كان صادقا فى التنبؤ بالكارثة المحتملة، وحينها ألغى
انتدابى وعدت إلى منصبى فى مجلس الدولة، لكن جاءت الرقابة الجديدة لتعمل
مقصها بالحذف والتشويه فى الفيلم.
ولا ينسى درويش الأزمة التى تعرض لها عقب إجازة فيلم «على ضفاف النيل»
للفنانة شادية وحلمى رفلة، حيث اتهم العمل بأنه يحمل جو المؤامرة على
النظام السياسى ولم يجدوا سوى الرقابة لصب جم غضبهم على.
فيلم «ليلة الجنرالات»، الذى شارك فى بطولته عمر الشريف وبيتر أوتول،
ودارت أحداثه قرب نهاية النازية فى بولندا أثناء الحرب العالمية الثانية،
وضع درويش كذلك فى حرج بالغ ليس فقط على المستوى السياسى بإظهار نهاية
الجنرالات والحكم العسكرى مما جعل آخرين يظنون أن هناك إسقاطا على الوضع
السياسى فى مصر آنذاك وأيام النكسة، لكن أيضا لتوقيت عرض الفيلم.
فقد طرح فى موسم عيد الأضحى وهو أحد المواسم المهمة للأفلام المصرية،
مما جعل بعضهم يتهم الرقابة أنها متواطئة مع الموزع الأجنبى لمحاربة الفيلم
المصرى.
عقب تولى الدكتور عبدالقادر حاتم المسئولية طلب من درويش تقديم
استقالته، لكنه رفض وقال: هو يقيلنى لكن لن أستقيل من موقعى كرئيس للرقابة»
وأخير صدر قرار بانتهاء مدة انتدابى بالرقابة وعدت مرة ثانية إلى مجلس
الدولة.
الشروق المصرية في
08/07/2012
الرقباء وتابوهات السينماالدين .. السياسة ..و الجنس ( 4 )
على أبوشادى: معاركى كانت مع التيارات الدينية والمبدعين..
والمزايدات لا مبرر لها
حاتم جمال الدين
إذا كانت السينما مرآة الواقع، تبقى الرقابة بوابة العبور إلى هذا
الواقع، تفتح الطريق إلى جزء منه تارة وتغلقه تماما تارة أخرى وفقا لطبيعة
النظام السياسى الحاكم الذى يسمح ويمنع وفق إشارات يبعث بها «الرقباء» أو
«حراس الباب».. ونحن على أعتاب الجمهورية الثانية يبقى السؤال المحير عن
مصير الرقابة على المصنفات الفنية فى النظام الجديد وكيف ستتعامل مع
التابوهات الثلاثة (الدين.. السياسة.. الجنس) التى ظلت الهاجس الأكبر
للرقباء.
وإذا كان استشراق مشهد المستقبل لا يتأتى إلا بقراءة صورة الماضى،
تفتح «الشروق» ملف الرقابة ومصيرها من خلال سلسلة حوارات مع أشهر «الرقباء»
السابقين فى محاولة لرسم السيناريو المقبل من خلال ما مروا به من تجارب وهم
على رأس بوابة عبور السينما للواقع.
لم أرفض فيلمًا واحدًا خلال رئاستى للرقابة.. والرقيب يمكنه المواءمة
بين جميع الأفكارالناقد السينمائى على أبوشادى كان له حظ تولى منصب رئيس
الرقابة مرتين، الأولى بين عامى 1994 و1999، وهى الفترة التى يطلق عليها
مرحلة «اقتحام المحظورات»، ويرى أن أهم إنجازاته فى جهاز الرقابة قد تحققت
فى تلك الفترة، أما الثانية فهى بين عامى 2004 و2009، ويسميها فترة «ملاحقة
الحرية المتاحة»، والتى وقعت فيها الرقابة فى مأزق ملاحقة الفضائيات التى
رفعت سقف الحرية إلى آفاق واسعة، وجعلت ما يجيزه الرقيب لا يتناسب مع مساحة
الحرية المتاحة فى القنوات الخاصة، وفى هذه الحلقة يروى لنا أبوشادى خلاصة
تجربته كرقيب لفترة، شهدت حراك جماهيرى نحو الحرية والتغيير، كما شهدت أيضا
ظهور نفوذ قوى لتيارات تناهض الفن وحرية الإبداع.
شالبداية
الرقيب أصبح عاجزا عن ملاحقة انفتاح المجتمع بعد انتشار الفضائيات
ينطلق أبوشادى فى حديثه معنا من البداية، وعندما تم اختياره لشغل
المنصب، وكيف جاء بعد فترة سيطرت عليها معايير أخلاقية فى الحكم على
الأعمال الفنية، وهو ما جعل قراراته المنحازة لحرية الإبداع تلقى صدى
كبيرا، وأن مجرد تمرير مشهد أو جملة فى حوار يحدث حالة من الاهتمام
الإعلامى، وضرب مثلا بمشاهد حرق العلم الإسرائيلى، والذى رآه الناس إنجازا
كبيرا.
ويعلق بأنه لا يرى فيما قدمه بتلك المرحلة ليس بطولة أو خروجا على
حدود عمله كرقيب، لكنه كان يرى أن دوره هو تطبيق القانون، وأن الرقابة
يحكمها قانون مرن يمكن التعامل معه لتمرير أشياء كانت قبل ذلك ممنوعه
لأسباب هى فى حقيقة الأمر غير منطقية، وفى تلك الفترة تم التصريح لأعمال لم
يكن ممكنا التصريح بها من قبل، وذكر منها «المصير» و«صعيدى فى الجامعة
الأمريكية»، و«أرض الخوف».
ويشير أبوشادى إلى خوضه للعديد من المعارك فى تلك المرحلة، وقال إن
معاركه لم تكن فقط من التيارات الدينية، التى طاردتنا بالدعاوى القضائية،
وطلبات الإحاطة فى مجلس الشعب، ولكنها أيضا كانت من المبدعين أنفسهم،
والذين وجهوا اتهامات باطلة لجهاز الرقابة بسبب بعض الاعتراضات، رغم علمهم
بأنهم يقدمون أعمالا دون المستوى، ومزايدات لا مبرر لها.
وعن المرحلة الثانية قال إنه بعد الانتشار الواسع للقنوات الفضائية
والخاصة أصبحت الرقابة عاجزة عن ملاحقة حالة الانفتاح الذى شهده المجتمع،
وأصبح ما يُقال على شاشة التليفزيون وفى الصحف أكثر بكثير مما تستطيع
الرقابة التصريح، به الرقابة التى تعمل من خلال قانون لا يمكن تجاوزه.
ويشير أبوشادى إلى أن تلك الفترة شهدت معارك ضارية، كان أهمها إجازة
فيلم «هى فوضى» للمخرج الكبير يوسف شاهين، والذى واجه اعتراضات ممن رأوا أن
اسم الفيلم يعد تقرير واقع وأنه يصف حال مصر فى تلك الفترة من حكم الرئيس
السابق بالفوضى، ورغم قناعتى بأن هذا الكلام صحيح وأن هذا ما يقصده شاهين،
لكننا تفاوضنا لتمرير الفيلم، وقلت ساعتها بأن عنوان الفيلم استفهامى،
وطلبت بوضع علامة استفهام فقط فى إفيشات الفيلم، وكل ما تم حذفه من الفيلم
هو 30 ثانية فقط.
ويعلق أبوشادى بقوله: «تلك المواقف ليست تمردا على القوانين، لا ادعاء
للطولة فى مثل هذه القرارات سواء فى عهدى أو أى عهد آخر، ولكن كل رقيب
يتصرف وفق اجتهاده وثقافته، وفكرة أنه يستطيع تمرير ما يرد هى فكرة غير
صحيحة، لأن الرقيب نفسه مراقب 24 ساعة، ولكن يمكنه المواءمة بين الأشياء».
وأضاف: «أزعم أننى لم أرفض فيلما واحدا خلال فترة رئاستى للرقابة،
وفكرة مناقشة نقاط الخلاف مع المبدعين هى إجراء قديم، وهى الأصل فى
المسألة، التى ترتبط بالثقافة وليس بالرقابة حتى نتوصل إلى تمرير الرؤية
بما لا يخالف القانون».
لجان الشورى
شورى النقاد فكرة نبيلة شابها فتح الباب للجميع
يجيب أبوشادى عن سبب عدم اعتماده على لجان شورى النقاد بقوله إنها
مظهر من مظاهر الزخم إلاعلامى أكثر منه إجراء قانونى، ورغم أنها شكل حضارى
جميل فإنها كانت ضد القانون، فتنفيذها شابه لفظ «الباب مفتوح لمشاركة
الجميع، خاصة وأن تلك اللجان كانت تستعين بأعداد كبيرة، دون وجود تقارير
تُحَمّل المشاركين فى التصويت مسئولية إجازة أو منع العمل الفنى، وكان يمكن
للمنتجين توجيه القرار بحشد أصوات لصالح العمل الذى يخضع للتصويت، وكان
الأولى هو تفعيل لجان شورى المنصوص عليها فى قانون الرقابة إذا لزم الأمر،
والتى كانت تشكل بقرار وزارى، وكانت تضم مجموعة من المفكرين والمبدعين
والنقاد ممن يتمتعون بثقل فى المجتمع والأوساط الثقافية».
وأشار إلى تجربته مع فيلم جمال عبدالناصر، والذى تشكلت لجنة لاتخاذ
قرار بشأنه، بعد أن عجزت الرقابة فى البت فى أمره بسبب حالة اللغط التى
أثيرت حول المناطق الخلافية فيه، وتوثقها تاريخيا، وضمت اللجنة قامات
ثقافية من بينهم يونان لبيب رزق وعبدالعظيم رمضان، صلاح عيسى وسمير فريد
وسيد ياسين وأمينة الجندى، وتلك اللجنة هى التى أجازت الفيلم.
اتهامات
«ابن الرئيس» سيناريو لم يعرض على الرقابة.. واعتراضات
«سقوط بغداد» لم تكن سياسيةفى رده عما تردد حول مشكلات مع فيلم «ليلة
سقوط بغداد» بسبب تصوير وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس كفتاة ليل، قال
أبوشادى إن الاعتراضات كانت على مشاهد تجاوزت حدود الكوميديا، وسعت لإضحاك
المشاهد بأمتهان للإنسان المصرى والجيش المصرى، ورأت الرقابة أنها مشاهد لا
تليق بعمل فنى، فالمسألة كانت بشأن حس عام وليس خلاف سياسى.
وعن فيلم ابن الرئيس الذى قيل إنه تم رفضه، أكد أبوشادى أنه لا يوجد
فيلم بهذا الاسم، لكن كان هناك سيناريو كتبه يوسف معاطى ليلعب بطولته عادل
إمام مع ابنه محمد إمام، وهذا السيناريو لم يقدم للرقابة، ولكن كل من قرأ
السيناريو قال إنه لا يرقى لاسم يوسف معاطى أو عادل إمام، ومن هنا توقف
المشروع من تلقاء نفسه.
انحياز
شجاعة الكتابة هى التى مررت أفلام شاهين ووحيد وخان وداود
نفى على أبوشادى بقوة ما تردد عن انحياز الرقابة فى عهده لبعض
المبدعين، وأنها مررت أعمال لعادل إمام ووحيد حامد لم تكن لتمر لو قدمت من
آخرين، وقال أبوشادى إن أعمال كاتب مثل وحيد حامد تدافع عن نفسها بنفسها،
فشجاعة الكتابة هى التى مررت هذه الأعمال وليس الرقيب أو أمن الدولة كما
يُقال، أضاف أن النص الذى يقدمه الكاتب هو الذى يعطى مادة تمكن من الدفاع
عنها، ومنها أعمال يوسف شاهين وحيد حامد التى أصبحت نبوءة تحققت فى الواقع،
أما المزايدات التى يقدمها البعض فلا يمكننا الدفاع عنها كعمل فنى، والعجز
هو الذى يولد مثل هذه الاتهامات.
ويقول أبوشادى إنه لو هناك انحياز من جانب الرقابة فهو انحياز للعمل
الفنى الجاد، مشيرا إلى إجازة الرقابة لأعمال يُقال عنها ساخنة لمحمد خان
وداود عبدالسيد، ونص حوار فى فيلم «حورجادا» لرأفت الميهى الذى لم يصور
بعد، وكانت الإجازة من منطلق إيماننا بأن تلك الأفلام تمثل قيمة فنية،
وأنها ليست مزايدات من نوعية تحية رئيسة جمهورية. وأشار الى إجازة فيلم
«بحب السيما» من خلال الدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلى للثقافة
آنذاك، وذلك من خلال لجنة حكماء، وكان تمرير اللجنة للفيلم من منطلق «إذا
كان الرجل يملك شجاعة الكتابة فنحن لسنا أقل منه شجاعة».
وعما يطلق عليه مشاهد الفراش أو «المناظر» قال أبوشادى: «لست ضد هذه
المشاهد طالما كانت فى سياق العمل الفنى، ولا أراها إباحية، أو مشاهد
ساخنة، ولكن يرها المراهق جنسيا، أو ذهنيا من وجهة نظره مشاهد جنسية، أو
مشاهد ساخنة، وهى فى حقيقة الأمر ليست كذلك ولكن مصدر السخونة هو عقل هذا
المشاهد، وهذا أمر يخصه وحده، وللأسف بعض الفنانين كانوا يبالغون فى تضمين
أعمالهم مشاهد من هذا النوع، حتى يقوم الرقيب بحذفه، ويدخلون فى نقاش حولها
مع الرقابة لتمرير أشياء أخرى، لكننا تعاملنا مع هذا بمنطق واحد، وهو أن ما
لا ضرورة له لا ضرورة، ويجب حذفه.
وأشار إلى فيلم «دانتيلا» للمخرجة إيناس الدغيدى، والذى عرض فى مهرجان
الإسكندرية، متضمنا مشهد فراش فى سياق الدراما، ولكنه كان مشهدا طويلا
يتضمن 9 شوتات، بما يجعله مشهد مزعج، وعند العرض التجارى رأت الرقابة بأنه
كان يكفى الإشارة للحدث فى مشهد لا يتعدى الـ 3 شوتات، واعترضت إيناس،
وثارت ضجة حول الفيلم، وتمسكت الرقابة بموقفها، وفى العرض الخاص بسينما
راديو وقفت المخرجة لتشكر الرقابة، وقالت إنها ساعدتها فى تقديم فيلم على
أفضل ما يكون.
وذكر أبوشادى أنه أجاز عرض أفلام تتضمن مشاهد جنسية فى مهرجان القاهرة
السينمائى، لأن أفلام المهرجان يجب أن تشاهد كما هى، وخرجنا من هذا المأزق
بأن جعلناها عروضا خاصة للنقاد والصحفيين وعرض لمرة واحدة، وكانت هذه
الافلام تحظى بإقبال كبير جدا، ولا يغادر إحدى صالات العروض، وبعدها تتعرض
الرقابة للهجوم ممن يريدون الظهور بمظهر أخلاقى أمام الناس.
تدخلات خارجية
أمن الدولة گان يشعر بحساسية تجاه تناول ضباط الشرطة فى أعمال فنية
ينفى بشدة على أبوشادى تعرضه لأى ضغوط من جانب المسئولين فى وزارة
الثقافة، مؤكدا أن الوزير فاروق حسنى كان دائما ظهيرا لحرية الإبداع، رغم
تعرضه للحرج أحيانا بسبب ما تجيزه الرقابة من أعمال، وأشار إلى اعتراض
أبداه الوزير كمال الشاذلى على ظهور شخصية كمال الفولى فى فيلم عمارة
يعقوبيان، والتى رآها العامة أنها تجسيد لشخصيته.
وكشف أبوشادى عن خطاب لوم وجهه وزير الداخلية حبيب العدل لفاروق حسنى
بسبب إجازته لفيلم «هى فوضى»، لكن كل ما قام به وزير الثقافة الأسبق أن
حوله لرئيس الرقابة للعلم، ولم يبدِ أى توجيه أو اعتراض أو ملاحظة.
وعن الجهات التى كانت تحيل لها الرقابة بعض الاعمال قال أبوشادى: «وفق
القانون تتم الإحالة للمخابرات العامة فيما يخص الأمن القومى، وتُحال إلى
الأزهر الأمور المتعلقة بالأمور الدينية».
وأضاف: «أحلت أمورا للأزهر للاسترشاد، خاصة فى الأعمال التى تتضمن
آيات قرآنية أو أمورا فقهية لأن الرقيب ليس فقيها فى الدين، وقلت إننى لن
أبصم خلف شيخ الأزهر، لكن هناك من المبدعين من تطوع بالحصول على استشارة من
تلك الجهات فى أعمالهم، قبل أن تحيل الرقابة لها العمل».
وأشار إلى مشكلة فيلم «أولاد العم» الذى عرضه أصحابه على الأجهزة
الأمنية بعيدا عن الرقابة، وبعد أن تم تصوير مشاهد له فى الخارج اعترضت
المخابرات على تصوير الفيلم بدون تصريح رسمى، وهى مشكلة لم يكن للرقابة شأن
بها.
وأكد أن القانون لا يعطى جهاز زمن الدولة حق ابداء الرأى أو الاعتراض
على عمل فنى، والمخابرات العامة هى الجهة صاحبة القرار فيما يتعلق بشأن
الأمن القومى، لكن فى الفترة الأخيرة كان الجهاز يتدخل ويمارس ضغوط ليتدخل
فى بعض القرارات، وكان فيلم «هيه فوضى» أحد هذه الممارسات، لكننا أحزنا
الفيلم وعملنا على تمريره دون المساس به، ويشهد على ذلك المخرج خالد يوسف
والمنتج جابى خورى الذين حضرا تلك المداولات كاملة.
وأشار إلى أنه كان هناك حساسية من جانب أمن الدولة تجاه الأفلام التى
تتناول ضباط الشرطة، وأشار إلى الضغوط التى مارسوها لتغيير أسم فيلم «عريس
أمن دولة» إلى «عريس من جهة أمنية»، رغم أن هذا التغيير لم يؤثر على الفيلم
فى شىء، وأن كل من يشاهد الفيلم يعرف أن بطل الفيلم شريف منير يعمل فى جهاز
أمن الدولة، فضلا على أن الفيلم لم يكن فيه شىء مسىء أو ما يستدعى الاعتراض
عليه، ولكن ما أثير فى الصحف عن الفيلم قبل عرضه هو ما حرك أمن الدولة
لتغيير الاسم.
ونفى أبوشادى بشدة مما تردد فى تلك الفترة عن قيام الرقابة بتحويل
الأفلام لأمن الدولة، وقال إن هذا الكلام غير صحيح، وأنه شعر بالاستياء مما
تم ترديده بهذا الشأن خاصة أنه صدر وقتها من البعض داخل الوسط، وأشار إلى
أنه هو من أجاز عرض فيلم «قضية أمن دولة» بطولة أشرف عبدالباقى.
وعن معارك الرقابة فى عهده مع التيارات الدينية قال إنه بدأ عمله فى
الرقابة بقضية ضد فيلم أبوالدهب، يتهم صاحبها معالى زايد وممدوح وافى
بارتكاب فعل فاضح على الشاشة، وكان نتيجة تداخلت الرقابة فى القضية أن حكمت
المحكمة بتبرأتهما من التهمة، وتغريم المنتج الذى أضاف مشاهد للفيلم دون
الحصول على موافقة الرقابة.
واضاف: «الرقابة فى عهدى شهدت كثير من القضايا، وكان علىّ أن أقف فى
المحكمة أكثر من مرة، للدفاع عن حرية الإبداع أمام تلك الهجمات».
كذلك أشار إلى مثوله أمام لجان مجلس الشعب للدفاع عن فيلم «عمارة
يعقوبيان»، بعد هجوم نواب جماعة الإخوان على الرقابة لإجازتها مشهد وحوار
عن الشذوذ الجنسى فى الفيلم، وقال إن الرقابة كانت قد رأت عدم حذف المشهد
لأنه ضرورة درامية، لكنها استشعرت خطرا من عرضه على الأعمار الصغيرة، حيث
جاء الكلام على لسان شخصية جسدها خالد الصاوى بالفيلم لتبرير الشذوذ فيه
خطر، ولذلك منعت مشاهدة الفيلم لأقل من 18 سنة.
الشروق المصرية في
10/07/2012 |