كان لقاء نابل الدولي للسينما العربية فرصة كي نلتقي المخرج والناقد
العراقي قاسم حوّل، صاحب التجربة المسرحية السينمائية الطويلة والهامّة
كتابة ونقدا وإخراجا وتمثيلا...
في هذا الحوار تحدث حوّل لموقع الوثائقية عن بداياته وشغفه المبكر بالشاشة
وهوسه بالفنّ، حيث انطلقت تجربته مبكرا جدا مقارنة بعمره، أسس فرقة مسرحية
وشركة إنتاج سينمائي وأصدر مجلة متخصصة بالنقد السينمائي في عمر 26 سنة
فقط، بل وأنتج أول أفلاكه وقتها...
في الحوار أيضا نقف عند علاقة المخرج بالرئيس الراحل صدام حسين والنظام
العراقي السابق وحياته في المهجر وعن جديده...
·
انطلقت في سن مبكرة جدا مسرحيا
وهو ما تزامن مع انطلاق مشاكلك مع السلطة؟
كنت أتابع المسرحيات التي يتمّ عرضها في مدينتي وهو ما قادني إلى هذا
العالم المدهش.. أن ترى جمهورا ينظر ومبدعا يقدم مشهدا من الحياة، كما أنني
كنت مهووسا بالقراءة منذ صغري والحركة السياسية في العراق وقتها كانت تساعد
على ذلك، كان هناك نضج سياسي في العهد الملكي والقوى اليسارية والليبرالية
كانت لديها اهتمامات بالثقافة بل وتشكل الثقافة جانبا من تصوراتها،
والتعليمات التي تصدر لوسائل الإعلام والقوى الديمقراطية قادتنا إلى أن
ننحو منحى ثقافيا في حياتنا ومنحى تقدميا في تصوراتنا والفن بطبيعته ظاهرة
تقدمية في الحياة.
وأنا لي قناعة وأقول دائما "حينما تسقط السياسة يسقط النظام ولكن حينما
تسقط الثقافة يسقط الوطن" بما أن الثقافة هي هوية الوطن، وذلك كان اهتمامي
الوطني والثقافي وفي ذلك الوقت كانت الحركة السينمائية في بدايتها في
العراق، وأنا كنت أحب الشاشة السينمائية وكنت مهووسا بالمشاهدة ولا أظنّ أن
فيلما عرض في العراق في تلك الفترة ولفترة طويلة من حياتي لم أشاهده، وحتى
لما توجهت لكتابة النقد السينمائي في الصحف العراقية ومن يرجع لتاريخ تلك
الحقبة يجد أنني كتبت عن أغلب الأفلام بشكل أسبوعي حتى تعود الجمهور على
كتاباتي لاحقا وصار كثيرون لا يشاهدون فيلما إلاّ عندما يقرؤون رأيي عنه.
إذن كانت هناك حركة ووهج ثقافي، لكنّ التحولات السياسية الدرامية التي حصلت
في العراق قادت إلى ارتباك في الثقافة العراقية. الثقافة العراقية هي عطاء
فردي في أغلبه في الرسم في الشعر في القصة في الرواية عدا السينما التي
تتطلب عملا جماعيا، ولذلك تأثرت السينما بالأحداث الدرامية السياسية وكانت
النتائج سلبية.
المثقف يمكن أن ينزوي ويرسم لوحة أو يكتب قصة، لكن السينمائي لديه كاميرا
تظهر في الشارع وعنده أجهزة إنارة وتراخيص ويحتاج إلى قاعات سينما، وهو ما
جعل السينما عملية صعبة سيّما أنني بعد تخرجي من معهد الفنون الجميلة
وأنشأت فرقتي المسرحية "مسرح اليوم" وشركتي السينمائية "أفلام اليوم"
وأصدرت مجلة "السينما اليوم" وأنتجنا أول أفلامنا الذي حمل عنوان "الحارس"
والذي نال التانيت الفضي لأول دورة لأيام قرطاج السينمائي ووقتها حجب
التانيت الذهبي ما يعني أن الفيلم تحصل على الجائزة الأولى.
·
أول أفلامك وعمرك 26 سنة وصاحب
شركة إنتاج مسرحي وأخرى سينمائية، فضلا عن أنك أصبحت مرجعا لمشاهدة الأفلام
لدى الجمهور من خلال كتاباتك النقدية، هذا يعني أنك تحملت مسؤولية تاريخية
في سنّ مبكرة؟
فيلم "الحارس" أنجزته وعمري 26 سنة وتعرضت فيما بعد إلى مضايقات مع وصول
سلطة فاشية للحكم في العراق، حيث تمّ سحب ترخيص الشركة وإغلاقها وتمّ
اعتقالي أيضا، إبّان الانقلاب العسكري وبداية الحكم البعثي، وأنا اليوم آسف
على سقوط النظام الملكي في العراق، لأنه كان نظاما هادئا وكان التطور
الاجتماعي والاقتصادي سلميّا وطبيعيّا وتلقائيّا، لكنّ الحركات الثورية
كانت دائما تريد أن تنجز تغييرات قسرية، ونحن اليوم أمام أشكال منها في
العالم العربي.
وحينما تحررت من هذه الورطة التي تمّ زجّي فيها سافرت إلى بيروت وتعرفت على
غسان كنفاني وصرنا أصدقاء وعرض عليّ العمل في مجلة الهدف وتسلمت القسم
الثقافي، ومارست الكتابة الصحفية ولم أبتعد عن السينما، وسرعان ما رتبت
أوضاعي في لبنان وأنشأت قسم سينما للفلسطينيين وأنتجت عددا من الأفلام
الوثائقية وأحرزت على أول جائزة للسينما الفلسطينية وهي جائزة فضية، ثمّ
أنتجت فيلم "عائد إلى حيفا" عن رواية غسان كنفاني وكان أول فيلم روائي في
سينما المقاومة، ثمّ أرخت للسينما الفلسطينية من خلال كتاب أصبح فيما بعد
مرجعا لكثير من الدارسين وأصحاب الأطروحات. وعموما قدمتُ أكثر من عشرين
عملا جلها وثائقية...
·
ثمّ عدت للعراق وانطلقت في أعمال
أخرى؟
في تلك الفترة تراجعت السلطة في موقفها مني وأرسلت لي وفدا إلى بيروت
وطلبوا منّي الرجوع، فعدت ولكن بضمانات فلسطينية، وطلبوا مني أن أخرج
فيلما، وأسست اتحاد السينمائيين الفلسطينيين العرب وكنت رئيسه وكنت قبلها
أسست السينما البديلة مع عدد من السينمائيين العرب، وفي العراق أخرجت سنة
1975 فيلم "الأهوار" ثم طُلب مني أن أخرج فيلما روائيا وكان شريط "بيوت في
ذلك الزقاق" سنة 1978 وعرض في قرطاج والفيلم عن فكرة للكويتي جاسم المطير،
ولكني لم أحضر افتتاح الفيلم لأنني كنت هربت حينها لإيطاليا بعد أن رفضت
مقابلة صدام حسين، وقيل لي وقتها أنّ عشرات الألوف حضروا العرض وأن قاعة
العرض تكسرت من فرط الزحام وأنّ الجمهور كان يهتف باسمين ولقي تجاوبا نقديا
هاما.
سينما المهجر
·
هل يمكن الحديث عن سينما عربية
في المهجر؟
لا يمكن صناعة سينما عراقية خارج العراق، كما لا يمكن إنجاز سينما أمريكية
خارج أمريكا أو سينما تونسية خارج تونس، لأنني لو احتجت إلى فضاء للتصوير
أن أغيّر شارع الرشيد مثلا بشارع آخر في بلاد أخرى أو منطقة الأهوار
المائية بمنطقة أخرى، والسينما دائما هي فن الواقع حتى في مجالها السريالي
أو التجريبي هي دائما الواقع، وحتى لو كان نمط التفكير أو أسلوب التفكير
مغايرا للواقع لابد أن يكون الواقع هو مادة السينما. ولذلك كلما أردت أن
تصنع سينما عن بلدك تذهب لبلدك، فإذا ابتعدت عنه تبحث عن حلول ولكنها تبقى
عرجاء.
·
إذن لم تخرج أي عمل عراقي في
المهجر؟
طبعا لا، لم أخرج أفلاما عراقية خارج العراق، أنجزت فيلما في هولندا وهو
فيلم هولندي، كما أنجزت ستّة أفلام حول التراث الليبي فهي أفلام ليبية. إلى
أن خطر لي إنجاز فيلم المغنّي الذي وجدت له تمويلا فرنسيا وذهبت للبصر
مدينتي سنة 2099 لإنجازه.
·
إذن عدت للبلد أخيرا وفتّحت
أبواب العراق من جديد؟
نعم ولكن هي مفتوحة للدخول للبلد فقط، وأسأل هل أنني لو فكرت في صناعة فيلم
حول الأيديولوجيات الدينية في العراق، هل يمكنني ذلك؟ بالطبع لا يكون ذلك
مسموحا، إذن فالمسألة ليست الدخول للوطن أو الخروج منه، أنا كان يمكن أن
أدخل زمن الديكتاتور وبالعكس كان يمكن أن أعود معززا مكرما وأن يفتحوا لي
الآفاق التي أريدها، لأن صدام طلب أن يراني حتى يكرمني ولكني رفضت، إذن
المسألة مرتبطة بحرية التفكير، كان يمكن أن أتنازل عن أفكاري تجاه
الديكتاتورية، وكان أمامي بلد غني يمكنني أن آخذ ما أريد، ولكن الفكرة هي
كيف تكون أمينا للواقع لأنك إزاء مسؤولية تاريخية أمام نفسك أولا ثم أمام
شعبك. لأن أخطر شيء هو سقوط المثل، لو كان هناك ممثل في عقول الناس سياسي
أو ثقافي إذا سقط ستسقط أمور كثيرة في الوطن... أنا دائما أقول إنّ الإيمان
والتمسك بالموقف إزاء الحياة وليس كي يقال فلان عنده موقف بل من أجل
الحقيقة التي تقتنع بها مسألة أساسية في الثقافة فضلا عن القيمة الإبداعية
والشكل الفنّي.
المغنّــــي
·
بالعودة إلى فيلم المغنّي، كيف
انطلقت الفكرة؟
كنت أعمل وقتها في قناة تلفزيونية صغيرة في إسبانيا وقرأت خبرا أن ابن
الديكتاتور العراقي أراد أن يهين أحد المغنّيين لأنه تأخر عن موعده، فقام
بنزع كل ثيابه إلاّ الملابس الداخلية وأمره أن يغنّي عاريا ثم يقبّل قدميه،
فقال له المغنّي ألاّ يتركه يفعل ذلك أمام الناس والنساء، فأمره أن يغنّي
ووجه للحائط. وكنت أفكر في فيلم عن الديكتاتورية فجاءتني الفكرة بدون أن
أذكر الأسماء لأنني لست بصدد تصفية الحسابات مع أحد وهذا ليس دور الثقافة
أيضا، أنا اشتغلت على فكرة الديكتاتور وليس عن شخص بعينه، وحين عرض الفيلم
في المغرب العربي تصورت أن يجد استياء لأن الناس هنا يتعاملون مع صدام على
أنّه محرر ومنقذ وهناك تعاطف كبير معه، ولكن لحسن الحظ وجد الفيلم صدى
طيّبا والجميع فهم أن الفيلم يتحدث عن الديكتاتورية بشكل عام.
·
ما جديدك الآن؟
لديّ عمل تاريخي أشتغل عليه منذ سنوات عن الإمام الحسين، وسأسافر قريبا
للعراق من أجل التفاوض حول الفيلم، والثاني معاصر.
·
فيلم حول الإمام الحسين في هذه
الفترة بالذات؟
بالعكس أرى أن الفيلم يمكن أنْ يمثّل عامل توحيد ووحدة للثقافة الإسلامية
لأنه سيعتمد على كشف الحقيقة الموضوعية وليس على الزيف المتداول، لأننا منذ
أكثر من ألف عام ثمّة فرقتان تكتبان عن بعضهما البعض وكلاهما على خطأ،
لأنهما لم يكشفا الحقيقة الموضوعية التي يشتغل عليها الفيلم.
·
يعني هو فيلم يكشف الحقيقة بين
السنّة والشيعة؟
لا سنّة ولا شيعة في الفيلم أصلا، الإمام الحسين هو حفيد الرسول، من قتله؟
مجموعة من المجرمين في المجتمع الإسلامي، وهؤلاء لا من السنّة ووقتها لا
وجود للفرقتين. هذه الحقيقة الموضوعية التي يجب كشفها وإذا انكشفت سوف ترمي
كل الدجالين الذين يكتبون من هذا الطرف أو ذاك ليزجّوا بالإسلام في خلافات
لا أساس لها، أنا لا أتحدث عن الدين بل عن الحقيقة، ثم الحسين لم يحارب ولم
يستعمل سيفه ليقتل أحدا كما يقولون إنه واجه الأعداء.
·
إذن أنت ترى أن هذا الفيلم يأتي
في سياق ما يسمّى بالربيع العربي وما أحدثه من إرباكات في المجتمعات
العربية؟
عني أتحدث وأرجو أن ينشر ما أقول، أنا أعتقد أن الثورة الوحيدة الحقيقية هي
التي حدثت في تونس، تونس الربيع العربي والحالة التونسية نضجت والبوعزيزي
كان الشرارة التي فجرت هذه الحالة الموضوعية، وتونس فاجأت العالم سواء في
ثورتها أو في سرعة إعادة ترتيب البيت بحيث تمّ تجاوز الخسائر المتوقعة،
وهنا شعر العالم أنّ هذه الثورة ستمتد إلى المنطقة العربية، فتحركت القوات
الأجنبية أصحاب المصالح في المنطقة العربية ليخلقوا أكثر من ربيع، لكن كلها
لم تفلح باستثناء الربيع التونسي. أبناء تونس أثبتوا أنهم يمتلكون وعيا
سياسيّا وثقافيا عاليا جدا وهذا لم يأتِ اعتباطا بل هو حصيلة تركة ثقافية
وسياسية كبيرة قادها رجل جدير بالاحترام وهو الحبيب بورقيبة الذي قادها
باقتدار لتأسيس مفاهيم الحرية والديمقراطية والتحضر وهو بناء ليس من السهل
أن يتهدم، والشعب كان له دور كبير في ذلك.
الجزيرة الوثائقية في
12/06/2012
وثائق سينمائية فلسطينية.. لم تتحوّل أفلاماً
بشار إبراهيم
عندما وقف القائد الفلسطيني فؤاد زيدان (أبو العمرين)، ليقول: «أيها الرفاق
أرجو الموافقة على البدء ببرنامجنا لتنفيذ العمليات ذات الطبيعة العسكرية
الخاصة؛ العمليات الانتحارية»، لم يكن يدري أنه سيلقى حتفه، خلال أقل من
شهر، بحادث سير لازال يثير شيئاً من الغموض، ولكنه بالتأكيد كان يدرك أنه
يرمي حجراً ثقيلاً في بئر الكفاح الفلسطيني.
كان ذلك في الاجتماع الدوري للجنة المركزية للجبهة الشعبية/ القيادة
العامة، الذي انعقد بتاريخ 14 شباط/ فبراير 1974، حيث طلب حقَّ الكلام،
وقال: «لقد انتهينا من تشكيلات «فرق الرواد» الانتحارية، وأريد أن أسجل
أننا لم نلجأ إلى ذلك عن يأس، فنحن نؤمن بأن النصر لن يكون إلا حليف شعبنا
وقضيتنا وأمتنا العربية، ونحن نؤمن بأن النضال ما هو إلا شعلة تُسلَّم من
جيل إلى جيل».
إذاً، في بداية آذار/ مارس 1974 سقط الرجل؛ القائد العسكري الفلسطيني،
بحادث سير، ولكن ليس قبل أن يميط اللثام عن إنجاز كل الترتيبات لتجهيز «فرق
الرواد»، إذ كانت القيادة العسكرية في الجبهة، قد أعدَّت برامج خاصة
للتدريب، وأنجزت ابتكار «الحزام الناسف»، وطوَّرته عدة مرات، بحيث يصبح
«جاهزاً للعمل بلمسة صغيرة، لا تسمح للمباغتة، ولا تفسح مجالاً للعدو
للاقتناص».
يومها، لم يكن أحد أبداً على اهتمام بتسمية تلك العمليات، هل هي
«انتحارية»، أم «استشهادية»؟!.. بل سيبدو من الواضح، وكما تفصح الوثائق
المكتوبة، أو المُصوَّرة، أن تسميتها بعمليات «انتحارية»، كان هو السائد
الاستعمال، دونما أيّ تردّد، وكان من الشائع أن ذاك الطراز من العمليات
إنما تنفذها «فرق الروّاد الانتحارية». وما انتبه أحد حينها إلا إلى
التأكيد إنها «ليست تعبيراً عن يأس»، وبالتالي فهي أسلوب كفاحي، كان على
الفلسطينيين الاضطرار إلى انتهاجه، كلما ضاقت بهم السبل.
وبالعودة إلى التفاصيل الأولى، نجد أنه في يوم 11/4/1974، اقتحمت مجموعة من
مقاتلي الجبهة الشعبية/ القيادة العامة، مستعمرة «كريات شمونا»، القائمة
على أراضي قرية «الخالصة»، شمالي فلسطين، وسيطرت على مدرسة وبناية، واحتجزت
عدداً من الرهائن. عندها تقدّم الفدائيون بطلب الإفراج عن مائة من الأسرى
الفدائيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية. رفضت سلطات الاحتلال مطالب
الفدائيين، ثم شنّت هجوماً على المبنى، الذي يُحتجز فيه الرهائن. وجرت
معركة عنيفة بين مقاتلي «الوحدة الانتحارية»، وقوات العدو. وقد نفذّ
الفدائيون إنذارهم، وقاموا بتفجير المبنى.. فكانت تلك أول عملية من نوعها،
يقوم بها الفلسطينيون!..
مع نمو «سينما الثورة الفلسطينية»، واتساعها، بادرت فصيل من فصائل الثورة
إلى تشكيل قسم للإنتاج السينمائي، خاص به. وهو القسم الذي كان من المفترض
به العمل على إنجاز بعض الأفلام التسجيلية والوثائقية، التي تدور غالباً
حول العمليات الفدائية، والأحداث التي كانت الثورة تمرّ بها.. وهكذا فقد
تمّ تصوير بعض الوثائق السينمائية حول «عملية الخالصة».
وعلى الرغم من أنه كان من المنطقي أن يقوم أحد المخرجين السينمائيين،
بالاشتغال على هذه الوثائق، وتحويلها إلى فيلم سينمائي، إلا أن الأحداث
المتسارعة، عقب ذاك، لم تفسح المجال لذلك. فبقيت «وثائق سينمائية».
أهمية هذه الوثائق السينمائية أنها تتضمن وصايا «شهداء الخالصة»، التي
تلوها قبل المضي في عمليتهم، وهم يعلمون أن لا عودة ممكنة لهم.
نتأمل في تلك الوثائق، فنجد وصية الشهيد الفلسطيني «منير المغربي»، وكان
مما قاله: «الآن أعيش قمة سعادتي، لأنني سأفتدي بعد قليل وطني.. لأنني
سأدكُّ إسفيناً في الكيان الصهيوني.. أمضي الآن، ولن أعود.. يا رفاقي، ما
ألذَّ طعم الموت حين يمتزج بتراب بلادي.. نموت اليوم، ليس هرباً من الحياة،
ولا لأننا يائسون.. الموت في سبيل الهدف، حياة جديدة رائعة.. لنناضل في
سبيل شعبنا، وفي سبيل الوطن».
بينما كان مما قاله الشهيد السوري «أحمد الشيخ محمود»: «بعد ساعات، سأمضي
في طريقي.. طريق الشهادة.. الطريق إلى حياة جديدة، تحتضن طموحي، في وطن
محرر.. أمضي الآن في الطريق الذي اخترته بكل فخر وسعادة، لأنني من خلاله
سأحقق أمنياتي.. ليس الموت هو النهاية أبداً. إنه البداية؛ بداية لحياة
جديدة زاخرة في السعادة لكل شعبي، ونهاية لأعدائه».
أما الشهيد العراقي «ياسين موسى الموزاني»، فكان مما قاله: «لسوف أقوم
بعملي هذا من أجل تغيير الوضع السياسي في المنطقة، ورفع الروح المعنوية
للمقاتل العربي. نحن ماضون في هذا الطريق، لأننا سوف نقوم، ونستمر بنضالنا».
أهمية «عملية الخالصة» تتمثل أولاً: في أنها أول عملية «انتحارية» تقوم بها
المقاومة الفلسطينية، فكانت غير مسبوقة في مجالها، ولكنها أطلقت العشرات
العمليات من طرازها على طريقها. وفي هذا الصدد يذكر بيان الجبهة الشعبية/
القيادة العامة، في الذكرى السنوية الأولى للعملية، بتاريخ 11/4/1975: «لقد
كانت عملية الخالصة الانتحارية ليس فقط تصعيداً للعمل العسكري والنضالي
للمقاومة الفلسطينية، بل كانت أيضاً نهجاً جديداً في النضال رسمت في تاريخ
مسيرتنا الفلسطينية والعربية. شعلة لا يمكن أن تنطفئ. شعلة التضحية بالذات،
وتعميد النضال بالدم، بحيث فرضت حقيقة موضوعية، على نهجها ثارت قواعد
المقاومة لكي تقوم بعدد من العمليات الانتحارية. وهكذا جاءت عملية أم
العقارب، وبيسان، وترشيحا، وتل أبيب، وسينما حن.. وسوف يستمر هذا النهج
الذي حفر في التاريخ طريقاً تحريضياً استقطب ثقة الملايين في الأمة بالقدرة
الكفاحية العالية في مواجهة الأعداء والتي تصل حدّ استعمال الأحزمة
الناسفة، والتضحية بالذات».
كما تتمثل أهميتها، ثانياً: في أنها فتحت الطريق، منذ البدء، أمام الجدل
حول طبيعة هذه العمليات. وفي هذا المجال نلتفت إلى حديث أمين عام الجبهة،
حين يقول: «بعد العملية بشهر، أو يزيد، جاءنا بشكل سرّي وفد من العلماء
اليابانيين. جاؤوا ليدرسوا الظاهرة، ليفسروها ويسبروا أغوارها. قالوا:
بالنسبة لنا، كيابانيين، عمليات الانتحار ليست بدعة. إنها من أصول
معتقداتنا الدينية، وتربيتنا الاجتماعية، وبالتالي ليست بدعة. نحن نؤمن
بالتقمص وبالحلول، ولهذا كانت فرق بكاملها، إبان الحروب، تقوم بعمليات، ضد
أعداء بلادنا، ذات طبيعة اتنحارية. وغير ذلك قد يكون الانتحار لدينا
تعبيراً عن موقف أو احتجاجاً، أو مجرد عودة لأصول معتقداتنا الدينية، أما
أنتم فدينكم يمنع الانتحار. يمنع قتل النفس، إذن هل الانتحار وسيلة، أم
ظاهرة تعبر عن اليأس؟.. نرجوكم ضعوا بين يدينا كلماتهم. رسائلهم. خطوطهم.
نحن نريد أن ندرس أبطال «الخالصة»؛ نفسياتهم، ونجتمع إلى رفاقهم إن أمكن،
وإلى بعض من سوف يقوم بعمليات مماثلة.. وكان لهم ما أرادوا.. سمحنا لهم
لنؤكد أن اليأس ليس هو الدافع..
وحين انتهى وفد العلماء من دراسته التي استمرت وقتاً ليس بقصير قالوا:
-
إن أبطال الخالصة ظاهرة جديدة لا يمكن احتواؤها تحت عنوان، كما يحدث في
اليابان، أو لدى بعض أتباع ديانات معينة.
-
لا يمكن القول إن الدافع كان يأس «فتيان الخالصة»، فالأبطال في سن الشباب،
ومهما كان الوضع فإن سن الشباب هو سن الأمل في الوقت ذاته.
-
الحالة الاجتماعية، بشكل عام، لعائلات الأبطال ليست سيئة، ولكنها بالقياس
لا تقل عن غيرها من العائلات.
-
إن «الوسامة» التي يتمتع بها شباب الخالصة، تؤكد أن ما قاموا به هو لجعل
الحياة حرة للآخرين، وليس عن عدم حب للحياة».
ولم يكد يمر شهر واحد على وقوع «عملية الخالصة»، حتى ضجّ العالم بأنباء عن
عملية انتحارية أخرى، قام بها هذه المرة فصيل فلسطيني آخر، ينتمي إلى طراز
مختلف تماماً من حيث الأيديولوجية، والفكر، والسياسة. ففي يوم 15/5/1974،
نجحت مجموعة فلسطينية تابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، مكونة من
ثلاثة فدائيين، في التسلل، ودخول منطقة معالوت/ ترشيحا، شمالي فلسطين، في
تأكيد على أن هذا السبيل من الكفاح، سيتكاثر رواده، ويتتابعون على دربه، من
مختلف فصائل الثورة!..
وتذكر رواية الجبهة الديمقراطية لوقائع العملية، أن فدائييها دخلوا مدرسة «نتيف
مئير»، واحتجزوا 105 تلميذاً، و10 مدرسين، رهائن. وكان غالبيتهم من مدرسة
صفد الثانوية، الذين حضروا الى مدرسة معالوت، في إطار نشاطات الشبيبة
الإسرائيلية. ولقد طالب الفدائيون باطلاق سراح 20 أسيراً فلسطينياً محتجزين
في السجون الإسرائيلية، وإلا فإنهم سيقومون بتفجير أنفسهم مع الرهائن.
وتؤكد الجبهة أن القوات الإسرائيلية لم تستجب لمطالب المقاتلين، واقتحموا
البناية، فما كان من المقاتلين إلا تفجير المبنى، وقتل العشرات.
فيلم «أيار.. الفلسطينيون»، الذي أخرجه اللبناني رفيق حجار، عام 1974، وهو
فيلم وثائقي متوسط الطول (مدته 41 دقيقة)، شاء أن ينطلق من مقولة إن شهر
أيار يرتبط بالنكبة التي حاقت بالفلسطينيين، كما يرتبط بنضالات الطبقة
العاملة، وفي ذاك القول محاولة للربط بين النضال الطبقي والكفاح الوطني،
بما يتوافق مع الفكر الماركسي اللينيني الذي كانت الجبهة الديمقراطية قد
تبنته بوضوح. دون أن يغفل الفيلم عن حقيقة أن شهر أيار/ مايو 1973، شهد
مناوشات فلسطينية لبنانية مبكرة. وفي خضم ذلك كله يمرّ الفيلم على عملية
(ترشيحا/ معالوت) الفدائية نموذجاً للكفاح، وتأكيد على دور الجبهة في هذه
المسيرة. وبالتالي فما احتواه هذا الفيلم عن العملية كان بضعة لقطات
أرشيفية أو وثائق سينمائية، لم تتحوَّل إلى سياق فيلم عن العملية.
ولم يكد يمرّ شهر آخر على عملية ترشيحا/ معالوت، حتى عادت الجبهة الشعبية/
القيادة العامة لتنفيذ عملية انتحارية جديدة، في مكان آخر، ففي يوم
14/6/1974، قامت مجموعة فدائية بتنفيذ عملية ضد كيبوتز «كفار شامير»،
الواقع شمال شرق فلسطين في موقع «أم العقارب»، في سهل الحولة. وتقول الجبهة
إن مجموعة الهجوم، المكونة من فدائيين، اقتحمت الكيبوتز، وتمكنت من احتجاز
32 رهينة من سكانه في المطعم، وعندما حاول العدو اقتحام المطعم، نفذّ
المقاتلان إنذارهما، وفجّرا نفسيهما مع الرهائن.
ولم تتخلف حركة فتح، كبرى الفصائل الفلسطينية، عن الانغماس في هذا السياق،
إذ جاءت العملية التي قادتها «دلال المغربي»، عنواناً بارزاً في مجالها.
مصادر حركة فتح تذكر أن العملية كانت انتحارية الطابع، ومع ذلك تسابق
الشباب على الاشتراك فيها، وكان على رأسهم دلال المغربي، التي تم اختيارها
رئيسة للمجموعة. في يوم 11 آذار/ مارس 1978، نجحت دلال المغربي وفرقتها
الانتحارية بعملية الإنزال، والوصول إلى الشاطئ، والسيطرة على باص والتوجه
إلى تل أبيب. قامت وحدات من الجيش الإسرائيلي بملاحقة الباص إلى أن تم
إيقافه وتعطيله. وهناك اندلعت مواجهة انتهت بأن فجّرت دلال الباص بركابه
الجنود، قبل أن تلقى مصرعها. وبقيت في الذاكرة وصية دلال المغربي: «أنا
دلال، ومستعدة للموت من أجل وطني فلسطين».
سنوات قليلة إثر ذلك، وكانت المياه التي تجري في نهر الثورة الفلسطينية قد
غيّرت الكثير من ملامحها العامة، وإن لم تختلف في التفاصيل. تغيرت الأقوال
والتعابير، وإن لم يتغير الكثير في جوهر الفعل. ستذكر الوثائق: «إن الجبهة
الشعبية/ القيادة العامة قد قصَّت شريط العمليات الإستشهادية في الخالصة
عام 1974، حين ذهب ثلاثة من الأبطال وصنعوا ملحمة في الخالصة، ثم فجروا
أنفسهم بالأحزمة الناسفة بعد نفاذ ذخيرتهم، ورفضوا أن يرفعوا أيديهم
ويستسلموا للعدو».
وهكذا ما بين العام 1974 والعام 1987 اختفى تعبير «العمليات الانتحارية»
تماماً، وغدا مرفوضاً ومرذولاً، من ناحية، كما غدا بمثابة الشتيمة، من
ناحية أخرى!.. صار الذين يؤيدون هذا الطراز من العمليات يسمونها
«استشهادية»، وصار الذين يرفضونها يسمونها «انتحارية».
ربما يجد البعض ذلك نتاج التحولات الفكرية العميقة التي حصلت، على الأقل في
الساحة الفلسطينية، وربما يكون ذلك بسبب طبيعة الاصطفافات الجديدة التي
نشأت وكان أبرزها صعود القوى الإسلامية، التي بدأت تأخذ موقع الصدارة. فمن
قام بعملية «الخالصة» معتداً بطبيعتها الانتحارية، عام 1974، لن يتوانى في
العام 1987، عن القول: «عملية قبية الإستشهادية أعطت ماكان يُراد لها
كاملاً, وهذه العملية البطولية الفريدة, تشجع المجاهدين من الفصائل الأخرى
والأحزاب الإسلامية والوطنية اللبنانية والفلسطينية على تصعيد الكفاح
المسلح.. نحن نعتقد أن عملية قبية البطولية, التي ساهمت ولو بشكل متواضع
بانطلاقة الانتفاضة الشعبية المباركة, ستبقى في ذاكرة شعبنا وأمتنا وكل
الأحرار في العالم, مشعلاً مضيئاً سيظل مدى الأيام والسنين, وإن الشهداء
الذين سقطوا في هذه العملية سيكون مكانهم جنات الله وفردوسه وسيبقون خالدين
بيننا».
تغير منطق الكلام، ولكن لم يتغيّر جوهر الفعل، فما فعله «خالد أكر» هو أنه
اقتحم موقعاً للجيش الإسرائيلي، وخاض حرب مواجهة، كان من العبث مناقشة إن
كان سينجو منها. بل إنه قبل العملية كان قد سجل وصيته ورسائله، في وثائق
سينمائية مصورة، كعادة ما يفعل الذاهبون إلى حتفهم، دون أدنى شك.. بل وكما
سيفعل من سيأتون بعده، وإن لم يعودوا يرتدون مثله زيّ الفدائيين، ولم
يتدربوا في المعسكرات على حمل السلاح وخوض المواجهات.
الجزيرة الوثائقية في
12/06/2012
أحمــــد عيـــد :
فيلمي القادم عن المرشحين للرئاسة
بقلم :- أســـــــامة صـفـــــــار
أثار عرض فيلمه الأخير "حظ سعيد" كثيرا من الجدل بسبب السخرية من تصريحات
بعض الفنانين الذين كانوا ضد الثورة ووصفوا الثوار بالبلطجية، كذلك جاء
العمل كأنه غزل لجماعة الإخوان المسلمين.
·
سألته في البداية ماذا جذبك في فيلم حظ سعيد؟
ـ العمل ككل كان ممتعا وعندما قرأت السيناريو أعجبتني الفكرة ووجدتها
مناسبة لما نمر به الآن من أحداث خاصة أن الفيلم لايوجد به إقحام للسياسة
بشكل مباشر أو مفتعل، وشاركني في بطولته عدة نجوم
مثل مي كساب وأحمد صفوت والمؤلف أشرف توفيق والمخرج طارق
عبدالمعطي.
·
حدثنا عن شخصية سعيد في فيلمك وإلي أي مدي تتشابه
معك ؟
ـ »سعيد« شخصية مصرية تواجدت أثناء ثورة يناير دون أن يعرف لماذا قامت هذه
الثورة من الأساس ولكنه غير مقتنع بها ولم يشعر "سعيد"
بخطورة ما يحدث إلا عندما يعلم أن شقيقته في ميدان التحرير بمفردها ويسمع
عن وجود قتل وسفك دماء وبلطجية، عندها يشعر بأن هناك أزمة وينزل إلي
الميدان ويتعرف علي أحد الثوار الذي يحكي له عن تفاصيل الثورة ولكنه لم
يقتنع أيضا بكل ما قيل وهذه العقلية كانت عند أغلب الشعب المصري البسيط
الذي يعشق الاستقرار،
وأنا اختلف تماما عن هذه الشخصية لأن الثورة كانت
لي حياة أو موت وتواجدي في ميدان التحرير أجمل لحظات حياتي
.
·
هل شعرت بالتوتر من توقيت عرض الفيلم لأنه قد يكون
مغامرة ليست محسوبة ؟
ـ أنا أؤمن بنظرية أن العمل الجيد يخلق له جمهورا ويظهر علي الساحة
السينمائية منفردا وأنا لا أتدخل أساسا بالنسبة لموعد العرض، لأن هذا القرار ليس من اختصاصي أما احتمالات
المغامرة فلا أفكر فيها ولا يمكن التكهن أو التوقع بما سيحدث
غدا.
·
هل شعرت بالخوف من اتهامك بركوب الموجة وتقديم
فيلم عن الثورة يعتبر مجازفة واستغلال الثورة؟
ـ وهل الأفلام التي تناولت ثورة يوليو
٢٥
أو حرب
67 أو اكتوبر73 كانت استغلالا للثورة، وأنا لم أستغل الثورة وعندما قررت تقديم هذا العمل كان هدفي أن أقدم
فيلما محترماً يؤرخ لأيام هامة عاشتها مصر خاصة أن
»حظ سعيد« يأخذ طابعا كوميديا ولا يتعرض للسياسة بشكل عميق ولا يؤرخ للثورة
بقدر ما يرصد حكاية، بطلها مواطن بسيط.
·
تعرض العمل لعدة انتقادات مثل مشاهد النهاية
والبرومو وغيرها من أحداث داخل الفيلم ؟
ـ نهاية الفيلم كانت أفضل ما يكون لأننا لانعلم إلي أين ستصل بنا الأمور
وكل ما يدور حولنا غير واضح المعالم والمستقبل مصيره مجهول ولذلك كانت
المشاهد الأخيرة في »حظ سعيد« كاريكاتيرية، أما بخصوص البرومو فالمخرج هو
الذي اختار كلام الدعاية للفيلم ولم يقصد توجيه جمل وعبارات الإعلان لتيار
سياسي معين، وأنا لم أسخر من الإخوان في الفيلم لأني أحترمهم
وكان الحديث عنهم من منطلق أنهم الحزب المسيطر علي الأمور والأغلبية ولذلك
فانا
غير متفهم موقف الإخوان تجاه هذا العمل.
·
ما موقفك لما يحدث مع فنان بحجم الزعيم عادل إمام
واتهامه بالإساءة للإسلام ؟
ـ جرم وخطأ كبير ما تبعناه من وقائع حدثت مع نجم ذي شعبية وجماهيرية ضخمة،
فكيف نحاسبه علي الإبداع والأفلام التي اشترك فيها عناصر عديدة كمخرج ومؤلف
وفنانين مشاركين في العمل وأخيرا يمر علي الرقابة الفنية التي تحذف ما تراه
غير مناسب، فالزعيم له تراث وتاريخ فني ولايليق بنا أن نفعل به هكذا.
·
وجدنا فنانين يتجهون نحو العمل السياسي
. لماذا لم تنضم لأي حزب عقب الثورة ؟
ـ مشاركتي شباب ثورة يناير أثرت بشكل كبير علي أسلوبي سواء في المعيشة أو
علي المستوي الفني وأنا مواطن مصري وشاركت في الثورة منذ اندلاعها بعيدا عن
كوني فناناً ولم يكن لي أهداف أو اطماع
سياسية أو حتي رغبة في الانضمام لحزب سياسي ولكن كنت أشجع
الفنانين الذين انضموا لتلك الكيانات في ظل نظرة الجمهور للفنان بأنه لا
يهتم بالسياسة.
·
من وجهه نظرك
. هل هناك أمل في تحسن أوضاع الفن مستقبلا ؟
ـ ما يحدث داخل الوسط الفني أمر طبيعي فالإنتاج ضعيف والأوضاع مشوشة وهناك
حالة من التخبط واللخبطة.
·
دائما ما نجد في أعمالك السينمائية صبغة سياسية ؟
ـ أولا هناك أمور مسلم بها أهمها أنه لا يمكن فصل السياسة عن المجتمع
فحياتنا تتأثر بالقرارات الاقتصادية وأمورنا تخضع للسياسة، أما الأفلام التي قدمتها فمعظمها تأخذ شكلا ساخرا
وليست أعمالا أرشيفية توثق حدثا أو قرارات سياسية لأني أحرص دائما علي
الابتعاد عن طرح القضية بشكل مباشر ولا أقدم حلولا ولا أطرح قضايا بل أعبر
عن حالة إنسانية.
·
هل تري أن مستقبل الفن أصبح تحت سيطرة الإخوان
والسلفيين ؟
ـ الفن حائر بين التشدد والتعصب والإبداع ولكن لا أجد خطورة حقيقية علي
الفن من صعود التيارات الإسلامية سواء إخوان أو سلفيين وانا لا أعتقد أن
التيار الاسلامي سيجبر الفنانات علي ارتداء الحجاب أو سيمنعون الفن ولكن
أعتقد أنهم ضد الابتذال ومشاهد العري فقط فضلا عن الفنان الذي يسيء لهم، وعلي كل أنا أفضل الوسطية في الأمور الحياتية.
·
سمعنا عن تقديمك لعمل سينمائي يتناول فانتازيا
مرشحي الرئاسة ؟
ـ بالفعل خاصة إذا نظرت لمن رشح نفسه ستجد كوميديا حقيقية ومن هذا المنطلق
أجهز لمشروع فيلم سينمائي يقدم مرشحي الرئاسة.
آخر ساعة المصرية في
12/06/2012
معالجة جديدة لحدوتة سنو وايت
الملكة الشريرة .. تحطم شعبا بأكمله وتدمر اقتصــاده من أجل
جمالها !
ماجـدة
خـيرالله
قبل شهر فقط كنت أكتب عن فيلم "يامرايتي .. يامرايتي" المأخوذ عن حدوتة "سنو وايت"
التي عشنا معها صغارا وملأت حياتنا بالسحر والجمال وعلمتنا أن الحب فضيلة،
وأن الأشرار لايحبون ولكن يوزعون الكراهية علي القريب قبل البعيد، الفيلم
كان من بطولة جوليا روبرتس،
التي حاولت بهذا الفيلم أن تنقذ شعبيتها التي
فقدتها في السنوات الخمس السابقة، ولذلك قررت أن تنوع في أدوارها وتلعب دور
الملكة الشريرة،
ولكنها غلفت الأداء، بمسحة من سخرية تخفف وقع أفعالها الشريرة، ومحاولتها لقتل الأميرة الطيبة
سنو وايت لالشيء غير أنها أفضل واكثر منها جمالا.
كنت أظن وليس كل الظن إثم، أن السينما الأمريكية لن تقدم علي تقديم فيلم آخر عن نفس الحدوتة،
إلا بعد انقضاء سنوات طوال، ولكن صناع السينما في أمريكا يدركون ويعرفون ما عجزنا عن إفهامه
لجمهورنا الطيب، أن الأفلام ليست الحدوتة فقط،
ولكن فن السرد أو الحكي عن طريق الصورة المتحركة، يسمح بتقديم عشرات المعالجات عن نفس الحكاية،
لكل منها تميزه وتفرده، والدليل علي ذلك أن دور السينما في أمريكا تستعد خلال الأسبوع القادم
لعرض فيلم البؤساء بطولة راسل كرو، وهيو جاكمان
، ولو تعرف عدد مرات تحويل رواية الأديب الفرنسي فيكتور هوجو للسينما سوف
تصيبك الدهشة، فهناك علي الأقل خمسة عشر فيلما ومسلسلا بمعالجات مختلفة،
ظهرت خلال نصف قرن، ومشاهدتك لأحد تلك الأفلام،
لن يمنع أو يقلل من متعتك بمشاهدة فيلم آخر عن نفس الرواية.
وعلي هذا فإن متابعة ثاني فيلم يقدم معالجة مختلفة لحدوتة سنووايت يلقي عند
عشاق السينما، كل تقدير واهتمام النسخة الجديدة من بطولة النجمة الفاتنة
تشارليز ثيرون في دور الملكة الشريرة، أما دور الأميرة الجميلة البريئة
سنووايت فتلعب دورها "كريستين ستيوارت"
وهنا يتعامل الفيلم من خلال الخطوط العريضة للحدوتة، ولكن يضيف لها كثيرا من التفاصيل التي تجعل منها
عملا مختلفا تماما،
تشاهده باهتمام تحبه أو تكرهه فهذا شأنك وحدك،
فالحدوتة تبدأ بحرب يشنها ملك عادل لأحد البلدان القوية، علي أعدائه الذين
شنوا حملات هجوم علي بلاده، وكان الملك قد ودع زوجته الوفية منذ وقت قليل،
بعد أن تركت له ابنتهما الطفلة الجميلة سنووايت،
وينتصر الملك في حربه علي الأعداء ويأخد بعض الأسري، بينهم امرأة بالغة الجمال والحسن،
تفتنه بمجرد ان ينظر الي وجهها"تشارليز ثيرون"
وبعد مشهد أو اثنين علي الأكثر، يخبرنا الراوي أن الملك الأرمل،
الذي كان مصرا علي وفائه لزوجته الراحلة،
قد وقع دون أن يقصد في هوي أسيرته الفاتنة، فقرر أن يتزوجها في حفل عرس اسطوري،
ولكن يبدو أن جمال الزوجة الجديدة كان يخفي شرا لم يلحظه الملك المتعوس،
وكما تفعل إناث العقارب ، قررت الملكه الشريرة أن تقتل مليكها في ليلة العرس،
ولم تنس له أنه قتل من أهلها المئات،
وشرد آلافا
غيرهم، وبعد أن قتلته استعانت بشقيقها كي يحكم قبضته علي شعب المملكة، وفي
سنوات قصيرة تحولت البلاد من الرفاهية، والعزة إلي الحكم الظالم المستبد الذي لابد طبعاً
أن يتبعه الفقر الشديد، وتفرغت الملكة الشريرة لرعاية جمالها باعتباره سلاحها البتار،
ووجدت في الأميرة " سنووايت" خصما لدودا، ومنافسا لها علي عرش الجمال، هكذا أخبرتها مرآتها بصراحة ودون مواربة،
ولأنها كانت قد اعتادت أن تسلب كل فتاة جميلة ماتملكه من شباب وحسن،
باستخدام السحر الأسود، فكادت المملكة تخلو من الجميلات،
اللائي تحولن إلي فتيات دميمات بلاملامح، ولكنها لم تقتل سنووايت أو تفعل بها ما فعلته مع
غيرها لسبب آخر، أن مرآتها الشريرة أخبرتها أنها تستطيع ان تكتسب الجمال
والشباب الدائم، لو تمكنت من الاستيلاء علي قلب سنووايت وأخرجته من صدرها
وأكلته، ولما أحست الفتاة بنوايا الملكة، هربت إلي الغابة المسحورة وفضلت مواجهة مخاطر الوحوش الغريبة عن أن
تترك الملكة تنهش قلبها،
وكانت الملكة قد قررت أن ترسل أحد رجالها ليلحق
بالفتاة ويقتلها، ولكنه بدلا من ذلك يقع في حبها ولايفاتحها في ذلك طوال الفيلم،
ويكون هو صاحب النصيب في القبلة التي أعادتها للحياة مرة أخري، لتتصدي لشر
الملكة وتكون جيشا تستطيع به أن تنتصر عليها وتنصب نفسها ملكة علي البلاد
لتعيد الحقوق إلي أصحابها وتبدأ عصرا جديدا، المخرج روبرت ساندرز يقدم في أول أفلامه
السينمائية، فيلما شديد الإبهار مستخدما حرف الكمبيوتر جرافيك ومستحدثاتها،
ويحقق أعلي درجات التشويق والإبهار بمساعدة فريق كامل من المحترفين، ويلعب
دور الحارس الأمين الممثل الاسترالي الوسيم "كريس
هيمسوورث"! وهو أحد فتيان السينما الجدد الذي تراهن عليه هوليوود.
واضح أنها سوف تكسب الرهان!
آخر ساعة المصرية في
12/06/2012 |