لطالما شكّلت العنصرية التيمة المركزية في أعماله. الممثل البريطاني الذي
اشتهر بأسلوبه الكوميدي وروحه الاستفزازية يضيء في فيلمه الجديد على
الفوقية الأميركية تجاه شعوب العالم. مع ذلك، لم ينجُ الشريط من حملات
تتهمه بالإساءة إلى العرب
باريس | اعتاد
ساشا بارون كوهين (1971) إثارة الجدل عبر شخصيات إشكالية لا يكتفي بتقمصها
على الشاشة، بل يتماهى معها في الحياة الفعلية، ويستعير ملامحها وطباعها
المقيتة على مدى أشهر طويلة، أثناء الإعداد للفيلم والترويج له. عبر هذا
النوع من «البيرفورمنس»، يسعى الكوميدي البريطاني إلى منح شخصياته امتداداً
واقعياً، لمراوغة جمهوره وإيهامه بأنه أمام أعمال شبه توثيقية تروي سيرة
شخصيات ذات وجود فعلي في حياة كل يوم. من «علي ـ ج» (2002) إلى «الدكتاتور»
(2012)، مروراً بـ«بورات» (2006) و«برونو» (2009)، سعى بارون كوهين إلى
تسليط الضوء، بأسلوب كوميدي فاقع وروح استفزازية لاذعة، على الجوانب الأكثر
قتامة في الطبع البشري. شكلت العنصرية التيمة المركزية في أعماله، ما عرّضه
لهجمات متعددة من قبل الذين يقرأون مضامين أفلامه قراءات حرفية.
بعد الرّواج الذي حقّقه «بورات»، هدّدت كازاخستان برفع دعوى ضده بتهمة
الإساءة لسمعة البلاد! وحين قدّم «برونو»، اتُّهم بالترويج للنازية
الجديدة، هو المنحدر من عائلة يهودية أرثوذكسية! وحالما نزل جديده
«الدكتاتور» إلى الصالات، واجه حملة جديدة من بعض ممثلي الجاليات العربية
في أميركا (راجع المقال أدناه). لاحقته تهم العنصرية ومعاداة العرب، إثر
ظهوره في الأوسكار، ثم في «مهرجان كان» الأخير، في بزة «الدكتاتور»،
متحدثاً الإنكليزية بلكنة شرق أوسطية!
بخلاف شخصية «بورات» الآتية من دولة حقيقية (كازاخستان)، ابتكر بارون كوهين
لدكتاتوره الجنرال عمر علاء الدين دولة وهمية تدعى «واديا» تقع في القرن
الأفريقي، بجوار مصر والسودان. حين يصل الجنرال ـــ القائد إلى نيويورك،
للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يستقبله المسؤول الأمني
الأميركي المكلف بحمايته، قائلاً: «أهلاً بك في نيويورك. أقترح عليك أن
تزور الـ
Empire State Building،
قبل أن تقوم أنت أو أحد أبناء عمومتك العرب بتدميره». وإذا بالدكتاتور
يحتج، قائلاً: «لكنني لست عربياً. يرد عليه الضابط الأميركي: بالنسبة إليّ،
ما دمت أسود ومتخلفاً ودموياً، فأنت عربي». قبل ستة أعوام، استعمل بارون
كوهين شخصية «بورات» الصحافي الكازاخي الحاقد على الغرب والكاره لليهود
والمثليين، لتسليط الضوء على النفاق الاجتماعي والسياسي الذي يحيط
بالطهرانية المزعومة للمجتمع الأميركي. ها هو يتخذ من شخصية الدكتاتور علاء
الدين وسيلة لكشف عنصرية أميركا ونظرتها المتعالية تجاه بقية شعوب العالم.
حين يحط الرحال في نيويورك، يطلق الجنرال علاء الدين صيحة فرح: «يا
للسعادة، أخيراً أنا في أميركا، مهد الإيدز». وتتوالى قفشاته الساخرة من
السياسات الأميركية. حين يكتشف الجنرال أسعار المشروبات في ميني بار غرفته
في «لانكاستر أوتيل» في نيويورك، ينتفض محتجاً: «أبناء الزانية، ويقولون
عنّي إنّني مجرم دولي». وحين يتابع على التلفزيون صور «الانتفاضة
الديموقراطية» في بلاده، يحاول الانتحار، فيثنيه مستشاره النووي عن ذلك،
قائلاً: «يجب أن تدافع عن شرف المهنة. فأنت الآن الدكتاتور الوحيد الجدير
بهذا الاسم، بعد رحيل صدام حسين وكيم جونغ إيل والقذافي و... ديك تشيني».
وحين تسعى الدول الغربية إلى استدراجه نحو التوقيع على دستور لتحويل
«واديا» إلى بلد ديموقراطي، يفاجئ المسؤولين الأميركيين بدعوته إياهم من
منصة الأمم المتحدة إلى تبني الدكتاتورية، شارحاً أنّها ذات مزايا متعددة
تسمح بتطبيق السياسات الأميركية على الوجه الأمثل: الانفراد بالسلطة،
مراكمة الثروات بأيدي أقلية متنفذة، تصفية الخصوم والإعدام، لجم الحريات
والتجسس على المواطنين من دون رادع ... من خلال شخصية الدكتاتور، يستدرج
بارون كوهين جمهوره نحو لعبة مرايا تضيء على الرؤى العنصرية المتجذرة في
السياسات الأميركية. وفي مشهد فاقع يلخّص خطاب الفيلم، يتم اختطاف الجنرال
علاء الدين من ضابط «سي. آي. إيه» مكلّف بحمايته. يحاول هذا الأخير
استنطاقه في جلسة تعذيب سريالية، سرعان ما تتحول إلى مسابقة يتبارى خلالها
الجنرال ـــ القائد والضابط الأميركي لمعرفة أيهما الأكثر عبقرية في ابتكار
فنون التعذيب!
لكنّ كل هذا لم يمنع بعضهم من مهاجمة الفيلم واتهامه بالترويج لخطاب عنصري
معاد للعرب، رغم أنّه يتصدى لفضح العنصرية الغربية ضد العرب. ولعل تفسير
هذه المفارقة سببه القراءات الحرفية التي تفتش في ثنايا الكوميديا العبثية
الفاقعة التي يشتهر بها بارون كوهين، عن الشطط اللفظي الظاهري الذي قد
يؤوّل عنصرياً. واللافت أن هذا الأمر لا يقتصر على «الدكتاتور»، بل ينطبق
على كل أعمال كوهين، وخصوصاً أنّه يواصل استخدام شخصياته لاستفزازات
كوميدية إضافية خارج أفلامه.
«الدكتاتور»:
ابتداءً من 7 حزيران (يونيو) في صالات «أمبير» (01/616600) و21 في «غراند
سينما» (01/209109)
الجنرال وSarko
خلال الحملة الرئاسية الفرنسية، أصدر بارون كوهين على موقع
republicofwadiya، شريط فيديو ظهر فيه ببزة الجنرال علاء
الدين تذكّر ببزة القذافي، قائلاً: «أسوة بزميلي الدكتاتور الليبي، أعلن
أنّ جمهورية «واديا» ستموّل حملة ساركوزي». بعد هزيمة الأخير، أصدر شريطاً
ثانياً للجنرال علاء الدين جاء فيه: «أهنئ فرنسوا هولاند، وأقول للفرنسيين
إذا أردتم إعدام الرئيس المخلوع، فنحن جاهزون لإمدادكم بمقصلة تشتغل جيداً».
الأخبار اللبنانية في
05/06/2012
صهيوني حاقد أم معادٍ للساميّة؟
عثمان
تزغارت
منذ انطلاق عرضه في الصالات الأميركية، يواجه «الدكتاتور» (إخراج لاري
تشارلز) انتقادات واسعة من قبل بعض ممثلي الجاليات العربية في أميركا.
الباحث جاك شاهين، مؤلف كتاب «مذنبون: حكم هوليوود على العرب بعد اعتداءات
11 سبتمبر»، انتقد فيلم «الدكتاتور»، قائلاً: «مرة أخرى، يُصوَّر العرب على
أنهم مسخرة. هذا الأمر مستمر منذ قرن، ولا مؤشر إلى أنّه سيتوقف قريباً. من
خلال فيلمه، يدافع ساشا بارون كوهين عن فكرة أن من الشرعي والمقبول السخرية
من العرب».
من جهتها، قالت ناديا تونوفا، مديرة «الشبكة الوطنية للجاليات الأميركية
العربية» إنّ «الحضارة العربية هي الوحيدة التي تجرؤ هوليوود على الاستهزاء
بها». ومضى عمر بدّار، مسؤول الإعلام الجديد في «المعهد العربي الأميركي»
في المنحى ذاته، قائلاً: «لا يمكن أن نتصوّر أنّ فيلماً يحمل مضموناً
عنصرياً معادياً لليهود، مثلاً، يمكن أن يرى النور في هوليوود».
رغم أنّ هذه الانتقادات توجّه إلى الاستبلشمنت الهوليوودي منذ عقود، وهي
صائبة في أحيان كثيرة، إلا أنّ إسقاطها على «الدكتاتور» ينم عن قراءة حرفية
لا تخلو من التحامل، وخصوصاً أنّ بعض وسائل الإعلام العربية تلقفت الضجة
الأميركية، وسارعت إلى انتقاد الفيلم من دون مشاهدته، ووصف مخرجه بأنه
«إسرائيلي» و«صهيوني حاقد»! والمفارقة أنّ ساشا بارون كوهين الذي ينحدر من
عائلة من اليهود الأرثوذكس البريطانيين، واجه تهماً معاكسة تماماً، حين
قدّم «بورات». فقد اتهم بـ«معاداة السامية» بسبب تماهيه مع شخصية فيلمه «بورات»
الصحافي الكازاخي الكاره لليهود والمثليين. وتعرض لهجوم عنيف في الإعلام
الإسرائيلي، وخصوصاً بعد «الخرجة» الاستفزازية التي ردّ بها على قرار
الحكومة الكازاخية برفع دعوى قضائية ضده. حينها، أصدر فيديو ظهر فيه بملامح
«بورات» قائلاً: «أؤيد قرار دولة كازاخستان المجيدة، وأشجعها على القصاص من
هذا اليهودي الكلب بارون كوهين». ثم واجه بارون كوهين تهمة أكثر غرابة، حين
قدّم فيلمه «برونو»، فاتُّهم بالتعاطف مع «النازية الجديدة» ومحاولة
الترويج لأفكارها المقيتة عبر شخصية محببة هي «برونو»، المذيع المِثلي
النمساوي المتخصص في شؤون الموضة! بخلاف بقية شخصيات أفلام بارون كوهين
التي تتسم بالفظاظة والشطط اللفظي، ظهر «برونو» في صورة شاب وسيم وأنيق، ما
سمح له بأن يستدرج الكثير من الشخصيات التي حاورها، في عالم الفن والموضة،
نحو منزلقات فكرية تكشف أن الوحش النازي لم يمت، بل ما زال كامناً في عقلية
الرجل الأوروبي، وقد يتخذ أشكالاً أكثر خطورة حين يتخفى وراء لبوس التحضر
والأناقة والرقي الثقافي.
الأخبار اللبنانية في
05/06/2012
وثائقي ذاتي: الرفيقة «يامو»
روي
ديب
مرة ثالثة، تقدّم برمجة «دفاتر يومية: شهر السينما اللبنانية» عملاً
سينمائياً «عائلياً». بعدما تعرفنا إلى والد سيمون الهبر في «الحوض
الخامس»، ووالدة أحمد غصين في «أبي ما زال شيوعياً»، تنضم نوال، والدة
المخرج رامي نيحاوي إلى عائلة التظاهرة التي تعرضها «متروبوليس أمبير صوفيل».
«يامو» هو الوثائقي الطويل الأول في تجربة نيحاوي. قرر المخرج الشاب أن
يثبت كاميرته أمام والدته نوال، لتحكي له عن الماضي. عودة إلى سنوات لا
يذكر منها نيحاوي سوى صور مبعثرة، تتكفل أمه بجمعها وترتيبها.
هكذا، ستخبرنا نوال اللبنانية المسيحية عن زواجها بمصطفى النيحاوي، السوري
المسلم، عندما كانت في الـ 27 من عمرها. تسرد علينا بجرأة وشفافية، سنوات
زواجها الأولى، وكيفية تطوّر العلاقة بينها وبين وزوجها، لينجبا ريما ورامي
وريان، قبل أن ينفصلا. إنها استعادة لذاكرة تنامت في ظل الحرب الأهلية، حيث
الزوج مناضل بعثي قلّما يحضر الى البيت، لكنّه لن يبارحه بعد انتهاء الحرب،
ليتحول من علماني إلى متديّن، ويفسخ زواجاً «كنسياً باطلاً» ويعود إلى
سوريا. ستخبرنا نوال التي كانت مناضلة في صفوف «الحزب الشيوعي اللبناني»
أنّها انفصلت عن الحزب، بعدما خاب أملها بسياسته. بين هذين الاتجاهين،
سيتشكل وعي نيحاوي الذي كان يؤمن بأفكار «حزب البعث» في طفولته، لكنه سيميل
صوب شيوعية أمه لاحقاً، قبل أن يتخلّى عن التوجهين نهائياً. كل يوم، تصحو
نوال عند الخامسة والنصف صباحاً. تحتسي قهوتها وهي تستمع إلى الأخبار. تقل
بسيارتها المرسيدس القديمة بعض التلاميذ إلى المدرسة التي تعلمهم فيها. بعد
الظهر، تمر على بيوت طلاب لتقدم الدروس الخصوصية، قبل أن تتوجه إلى دكانها
حيث تبيع الكحول في منطقة محافظة. وفي أوقات الفراغ، تدقق نصوصاً باللغة
العربية لإحدى دور النشر. تعود إلى بيتها عند الثانية بعد منتصف الليل،
لتنام على الكنبة بضع ساعات قبل طلوع صباح جديد. يشكل رامي نيحاوي في «يامو»
بورتريه لوالدته عبر المقابلات التي يجريها معها، إضافة إلى مشاهد يلتقطها
من حياتها اليومية، ومشاهد أخرى من بيتهم، ولقطات من أرشيف الحرب وخطابات
السياسيين. «يامو» يتخطى بيئته العائلية، ليقدّم صورة عن فئة اجتماعية خاضت
حروبها وما زالت. تمثل نوال جميع النساء، والرجال أيضاً الذين آمنوا بقضية
سياسية واجتماعية، وعملوا من خلالها على إحداث تغيير في المجتمع. نجحوا في
جزء من مهمتهم، لكنهم خابوا في تحقيق الجزء الأكبر. هي حالة شريحة كبيرة من
مجتمع عاشت زمن الإيديولوجيات، وحاربت من أجلها، ثم خضعت لعفو عام أصدره
مجرمو الحرب ماحين به جرائمهم، قبل أن يعودوا ويحكموا الدولة.
«يامو»:
ابتداء من 14 حزيران ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل»
الأخبار اللبنانية في
05/06/2012
«طيب
خلص يلّا» أمل السينما اللبنانية
صورة
وإيقاع جميلان ... وقصص تشبهنا
روي ديب
بعد انتظار، وصل فيلم «طيّب، خلص، يلّا» إلى «متروبوليس أمبير صوفيل».
الشريط الروائي الطويل الأول للمخرجة اللبنانية رانيا عطية (١٩٧٧) والمخرج
الأميركي دانيال غارسيا (١٩٧٨)، يعود إلى بيروت، بعدما جال في المهرجانات،
وحاز الجوائز. ورغم أهمية «طيّب، خلص، يلّا»، إلا أنه لم ينل رضى موزعي
الأفلام والمسؤولين عن الصالات في بيروت، وفي طرابلس حيث تدور أحداث العمل.
هكذا، قررت جمعية «متروبوليس» تكريم الشريط، ومخرجيه ضمن تظاهرة «دفاتر
يومية: شهر السينما اللبنانية»، ليكون العمل الروائي الطويل الوحيد في
التظاهرة التي تطغى عليها أفلام التجريب والوثائقيات.
ليس غريباً عدم نيل «طيّب، خلص، يلّا» إعجاب الموزعين في لبنان، إذ لا
علاقة له بموجة الأفلام اللبنانية التي نشهدها أخيراً، فلا قرية منسية في
جرود لبنان، ولا تعايش أو انقسام طائفي، ولا حرب أهلية في هذا الشريط...
على العكس، يخوض العمل تحدياً مع تلك الصورة المزركشة بألوانها وقصصها
المشبعة بالنمطية التي يلعب على وترها الكثير من المخرجين اللبنانيين
الشباب.
يحكي الشريط قصة رجل يسكن مع والدته المسنة في منزل متواضع في طرابلس (شمال
لبنان). في أحد الأيام، يكتشف الابن الأربعيني (دانيال أرزروني) الأعزب أنّ
أمه (نديمة عطيّة، جدّة المخرجة) التي تتحكم بحياته، غادرت إلى بيروت، ليجد
نفسه وحيداً. بحثاً عن ملء الفراغ الذي خلفه غياب أمه، يواعد بائعة هوى،
وتتطور علاقته بابن الجيران الصغير، ثم يستقدم خادمة إثيوبية لن يدوم
بقاؤها طويلاً. هكذا، سنجد الابن وحيداً مرة أخرى، لا يؤنسه سوى عصفوره في
مشاهد لن تنزلق إلى الميلودراما التي اعتدناها في هذه الحالات. مع محاولة
الابن التقرب من بائعة الهوى، سيتطور الشريط بسلاسة، رغم ابتعاده عن مشاهد
الإغراء والأسلبة الكاريكاتورية لشخصية «العاهرة».
تدور عجلة الفيلم مرة أخرى مع علاقة الابن بالخادمة الإثيوبية التي جلبها
لتؤنس وحدته، بينما هي ترفض التجاوب معه. سيقنعنا مخرجا العمل بأن العاملة
بدأت بالاطمئنان لصفاء نية الابن، وراحت تسكن معه وتتقبل اهتمامه بها، ما
يعني أن علاقتهما ستتطور... لكن فجأة، تهرب من البيت. كل أحداث الفيلم
تتوالى وتنتهي من دون خواتم عظيمة، ضمن صورة وإيقاع جميلين يضبطهما
المخرجان، من دون جهد في استعراض مهاراتهما الفنية لإبهار المشاهد، بل تظل
الكاميرا موظفة في خدمة الرؤية الإخراجية والحبكة الدرامية للفيلم. تتقاطع
شخصيات الشريط على الكاميرا، لتقول سرها في لحظة اعتراف؛ فالأم تخبرنا عن
علاقتها بالخياطة، والابن يحكي عن هوايته في تجميع السيارات الصغيرة،
والخادمة الإثيوبية تأخذنا إلى قصة وصولها إلى لبنان. قد تكون الميزة الأهم
لـ«طيّب، خلص، يلّا» قربه الوثيق من حياة كل إنسان. الممثلون ليسوا عارضي
أزياء، بل كأي إنسان قد نلتقيه في الشارع من دون أن ندرك أن حياته قد تصلح
مادةً للشاشة الكبيرة. حتى الممثل دانيال أرزروني الذي يلعب بطولة الفيلم،
لا ينطوي دوره تحت خانة الحضور «الكاريزماتيكي». الشريط مبني بأسره على
منطق «البطل المضاد». المشاهد الوحيدة التي تبدو نافرة في الشريط، وغير
مبررة، هي تلك التي تترافق مع صوت الرواي حين يحكي لنا عن طرابلس،
ومينائها، ومعرضها الدولي العريق. لا نهاية أمثولية للفيلم. ستعتم الشاشة
على مشهد للبطل مع عصفوره، كأنّ يوماً آخر يمضي، ليظلّ الانتظار معلقاً على
اليوم التالي. ليس مبالغة القول إن «طيّب، خلص، يلّا» يعيد الأمل إلى سينما
روائية لبنانية تُعنى بشخصيات وبقصص تشبهنا ونشبهها ضمن لغة سينمائية متقنة
وصادقة، بعيدة عن نتاجات عالم الفيديو كليب، والصورة ذات الجماليات
اليوتيوبية.
«طيّب،
خلص، يلّا»: ابتداءً من 14 حزيران (يونيو) ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل» ــ
للاستعلام:
01/204080
الأخبار اللبنانية في
05/06/2012
جوني ديب الـ
Vampire
الظريف
يزن
الأشقر/ عمّان
قد يكون اسما الثنائي السينمائي تيم بورتون وجوني ديب كافيين لجذب
الانتباه. خلال تعاونهما لعقدين من الزمن، أنجزا ثمانية أفلام حقق أغلبها
نجاحاً لا بأس به، مثل
Edward Scissorhands (1990)،
و«إد وود» (1994)، و«تشارلي ومصنع الشوكولا» (2005) و «سويني تود» (2007)،
و«أليس في بلاد العجائب» (2010)، لكن عملهما الأخير، «ظلال قاتمة»، لم يرق
إلى المستوى المتوقع، حتى إنه لم يستعد تكاليف صناعته من شباك التذاكر حتى
الآن.
في هذا الشريط ذي المناخات القوطية، ينطلق بورتون من الرعب إلى الكوميديا،
ليروي حكاية مقتبسة من مسلسل تلفزيوني أميركي عن مصاص دماء عمره 200 عام.
هكذا، يدخل الفيلم الموجةَ التي تجتاح هوليوود حالياً، متوسلاً تحويل
حكايات خرافية وقصص مصاصي دماء إلى أعمال تغلفها السوداوية، مثل سلسلة «توايلايت»
وغيرها من الاقتباسات الجديدة لبعض الحكايات الأسطورية.
حاول بورتون المعروف بحبه لأفلام الخيال، أن يعتمد على الرصيد الشعبي
الثابت لحكايا مصاصي الدماء، مع معالجة جديدة: مسحة من الكوميديا تخلقها
تصرفات مصاص دماء خرج فجأة إلى العصر الحديث. هنا، يحاول المخرج الأميركي
اللعب على وتر المزج بين متناقضين، بهدف خلق توازن بين المرعب والمضحك.
تهاجر عائلة كولينز من ليفربول إلى ولاية ماين في أميركا في منتصف القرن
الثامن عشر، لتبدأ عملها في صيد الأسماك وتعليبها، قبل أن تحقق ثروة كبيرة.
ابن العائلة بارناباس كولينز (جوني ديب)، يغوي خادمتهم الساحرة أنجيليك
بوشار (إيفا غرين)، ثم يكسر قلبها، فتلعنه هو وعائلته، وتسحر حبيبته جوزيت
التي تلقى حتفها قفزاً من فوق جُرف. تستمر الخادمة في الثأر، فتحوّل
بارناباس إلى مصاص دماء يلقى حتفه، لتحبسه في تابوت وتدفنه تحت الأرض مدة
قرنين من الزمن، قبل أن يخرج عام 1972جراء أعمال حفريات، وتبدأ الأحداث
مجدداً مع بقايا عائلة كولينز: إليزابيث (ميشيل فايفر)، والمراهقة المتمردة
كارولين، والطفل ديفيد، إضافة إلى فيكتوريا وينترز، التي تأتي إلى قصر
العائلة بحثاً عن عمل. هكذا، ستتطور الحبكة مع محاولة بارناباس استعادة
ثروة العائلة بافتتاح مصنع تعليب الأسماك مجدداً، ليلتقي منافستها
الأساسية، الخادمة/ الساحرة أنجيليك. كل هذا يبدو مثيراً، لكن النتيجة ليست
كذلك أبداً. يبدو الشريط متسرعاً، يضيع بين محاولات الرعب والكوميديا
المستلهمة من العمل التلفزيوني الأصلي الذي عُرض في ستينيات القرن الماضي
وحقق نجاحاً كبيراً. هكذا، سيخرج
Dark Shadows
خاسراً من اللعبة التي قرر بورتون خوضها، يُضاف إلى ذلك تصنّع
الممثلين في أداء أدوارهم. تكمن مشكلة الفيلم في ضياع الحبكة جراء القفز من
شخصية إلى أخرى من دون الاعتناء بالحدث الرئيس، لتبدو المشاهد متقطعة
ومنفصلة على مدار ساعتين من الزمن.
Dark Shadows: «سينما
سيتي» (01/899993)، «أمبير غالاكسي» (1269)، «غراند كونكورد» (01/343143).
الأخبار اللبنانية في
05/06/2012
فيفيان أنطونيوس:
الإبداع الفنِّي لا يتوقَّف عند سن الثلاثين
فيفيان عقيقي
رأت الفنانة اللبنانيَّة، فيفيان أنطونيوس، أنَّ العطاء والإبداع الفني لا
يتوقف عن سن الثلاثين، وأنَّ ما لا يعرض عليها من أدوار تكتبه لنفسها.
بيروت: تشارك
الفنانة اللبنانيَّة، فيفيان أنطونيوس، خلال الموسم الدرامي الحالي بمسلسل
"الغالبون 2" المتوقَّع عرضه خلال رمضان المقبل، وذلك من خلال شخصيَّة
"ناهد" الَّتي تعتبر إحدى الشَّخصيَّات الرَّئيسيَّة في المسلسل، معربةً عن
سعادتها بهذا الدور الجديد والمختلف عمَّا قدَّمته سابقًا.
وعن دورها في "الغالبون" تقول أنطونيوس في حديثها لـ"إيلاف" أنَّها تعلب
دور عملية إسرائيليَّة، تكتشف لاحقًا أنَّ ولدها خطف على يد الإسرائيليين
وتتعرَّض للإستغلال الجنسي من قبل السفير.
وترى فيفيان أنَّ النَّاس قد لا تتقبَّل دورها لأنَّهم إعتادوا عليها في
الأدوار الخيِّرة، وتقول: "رأى المخرج رضوان شاهين فيَّ هذا الشِّق الجديد
عليَّ، وسألعب هذا الدور لأقدِّم نموذجًا عمَّا قد يحصل بأي عميل، كما
سيتمُّ التَّركيز على الصِّراع الدَّاخلي الذي يعيشه".
وتضيف أنطونيوس: "العمل فيه إحترافيَّة عالية، ويضمُّ الكثير من نجوم
لبنان، والإنتاج ضخم، وجو التَّصوير يسوده الإحترام في التَّعامل".
أكتب لنفسي ما لا يعرض عليَّ وأتمناه
وعن جمعها بين التَّمثيل والكتابة وتكاثر هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة،
أكَّدت فيفيان لـ"إيلاف" أنَّ التَّمثيل يندرج ضمن أولى إهتماماتها، مشيرةً
إلى أنَّها لا تطرح نفسها ككاتبة وأنَّ ما تقوم به وتقدِّمه يندرج ضمن إطار
التَّجربة، خصوصًا بعد تصوير وعرض مسلسل "إلى يارا".
وعمَّا إذا كانت تكتب الأدوار الَّتي تحبُّ تجسيدها، لم تنكر أنطونيوس
الأمر مشيرةً إلى أنَّ كل الأدوار الَّتي لعبتها سابقًا أو عرضت عليها كانت
تطغى عليها صفة الرومانسيَّة وتتمحوَّر حول قصص الحب، وقالت: "عندما أكتب
أحبُّ أنّْ أضع نصب عيني تأدية أدوار لم تعرض عليَّ من قبل، تتمحوَّر حول
قضايا إجتماعية بعيدة عن الرومانسيَّة".
وأضافت: "عندما لا يعرض عليَّ دور أرغب بتأديته أكتبه بنفسي وأؤديه، خصوصًا
أن سوقنا المحلي ضيق والإنتاج محصور بأشخاصٍ معدودين، ولكن هذا لا يعني
أنّْ أشارك في كل الأعمال الَّتي أكتبها، فمثلاً هناك مسلسل سباعي الحلقات
بعنوان "آية" لن أشارك فيه تمثيلاً".
الإبداع في التمثيل لا يتوقف عند عمر الثلاثين ونجوم اليوم يتعاملون
بفوقيَّة
وعمَّا تغيَّر عليها بعد إبتعادها لفترةٍ نسبيَّةٍ عن السَّاحة عندما كانت
في قمة نجوميتها وعطائها بسبب زواجها وولادتها، أشارت الممثِّلة
اللبنانيَّة لـ"إيلاف" إلى أنَّ التَّمثيل لا يكمن فقط بالنجومية وإنَّما
بمحبَّة النَّاس أيضًا، وقالت: "غبت وعدت مازال النَّاس يتذكَّروني وهذا
أمرٌ مشجِّعٌ، فالنجوميَّة لها وقتها وتنتهي بينما محبَّة النَّاس باقية،
الكثيرون يقولون لي تزوجتي وأنت في عز عطائك، إلَّا أنَّني مقتنعة أنَّ
التمثيل والعطاء لا ينحصر في مرحلةٍ عمريَّةٍ معيَّنة أي بين العشرين
والثلاثين عامًا، فالممثلة تقلا شمعون مثلاً أبدعت في مسلسل "روبي"، لذلك
التَّمثيل لا عمر له".
وعن الفرق بين نجوم اليوم ونجوم الأمس، تقول فيفيان: "نحن كنَّا أكثر
تواضعًا، بيد أنَّ الممثلين اليوم لديهم نوعًا من التعالي والفوقيَّة على
النَّاس بعد قيامهم بدورين أو ثلاثة، فالعولمة كان لها أثرٌّ كبيرٌ حتَّى
على هذا الموضوع، غير أنَّ مواهبهم بارزة وموجودة وهم يأخذون حقَّهم".
لا مشاكل مع نقابة الممثلين ... ولا إتصال
وعن العلاقة مع نقابة الممثلين خصوصًا بعد الإشكال الذي حصل بينها وبين
مجموعة من الفنانات على خلفيَّة تصريحات مجتزأة لها عن علاقة الفنانات
بالمنتجين، أكَّدت أنطونيوس أنَّ لا مشاكل لها مع النقابة أو النقيب جان
قسيس، ولكن لا يوجد حوار أو إتصالات بين الطرفين، لأنَّه وبنظرها كان على
النقابة أنّْ تبدي رأيها بما حصل وأنّْ تحسم الأمر.
إلى ذلك، تحضِّر أنطونيوس لمسلسل جديد من كتابتها والممثِّلة لورا خبَّاز
في ثاني تعاونٍ بينهما بعد مسلسل "إلى يارا"، ويحمل عنوان "شوارع الذل"
يتطرَّق إلى قصص أولاد الشوارع، وتشاركان ببطولته إلى جانب الممثلين بديع
أبو شقرا، ونيكول طعمة، وغيرهم، وعدد كبير من الأطفال من بينهم إبنها،
والمسلسل من إخراج وإنتاج إيلي معلوف، على أنّْ يبدأ تصويره بعد الإنتهاء
من "الغالبون".
كما تستعد لبدء كتابة مسلسل آخر مع خبَّاز يتمحور حول بعض الأمور
السِّياسيَّة من خلال طرح قصَّة سياسي يقع في حب فنانة، حيث ترى أنَّ كل ما
تكتبه ولورا يشكل نوعًا من التنفيس عمَّا بداخلهما من أفكار وهموم
وآراء حيال أي مشكلة مجتمعيَّة.
إيلاف في
05/06/2012
السينما ماتت في عراق الاحزاب الدينية
ميدل ايست أونلاين/ بغداد
محمد شكري جميل يرثي حال السينما العراقية بعد مغادرة نجومها وحرفيوها
البلد، وغلق الصالات وتحويلها الى متاجر.
قال المخرج السينمائي العراقي الشهير محمد شكري جميل ان قطاع السينما
في العراق الذي يواجه تراجعا كبيرا منذ سنوات طويلة يوازيه شح في
الاستثمارات، يفتقر بشكل اساسي اليوم إلى الحرفيين المحليين.
وأضاف جميل (75 عاما) الذي قدم إلى السينما العراقية على مدى حوالى
نصف قرن من العمل السينمائي عشرة افلام اشهرها "الظامئون"و "المسالة
الكبرى" و"الملك غازي"، ان "الامة التي لا تصنع ولا تلبس ما تصنعه متخلفة".
واضاف في ملتقى الحوار الثقافي الذي تقيمه وزارة الثقافة العراقية في
مقرها في بغداد انه "في استوديوهات العالم تجد الان النجار الماهر والسباك
الحرفي والخياط الماهر".
وتابع جميل الذي يعد لتحويل رواية الكاتب الراحل فؤاد التكرلي
"المسرات والاوجاع" الى فيلم "قبل سنوات وفي احد الافلام التي اخرجتها،
احتجت الى ملابس تعود الى العصر الحجري فذهبت حينها الى ثلاثة حرفيين
مسيحيين وانجزوا ما طلبت منهم، اما الان فليس هناك من حرفيين في الصناعة
السينمائية".
ويواجه قطاع السينما في العراق تراجعا كبيرا منذ تسعينات القرن الماضي
بعدما شهد صناعة اكثر من 100 فيلم عراقي بخبرات فنية عراقية خالصة، في
الوقت الذي كانت فيه صالات العرض تمر بفترات ذهبية قبل ان تنحسر وتندثر
تدريجيا بعد سيطرة الاحزاب الدينية والطائفية على الحكم.
وراى جميل ان "الركائز الاجتماعية لدى العائلة العراقية سابقا كانت
تمثل تراكما لصور تبنى على اساسها تصورات من الممكن ان تصنع منها عملا
وفيلما"، مضيفا "في السابق كنا نرى في بيوت العراقين صورا لاجدادهم تحكي
مآثرهم، اما الان فيضعون صورا بليدة ليست لها علاقة بالعائلة".
واقترن اسم جميل بافلام عراقية روائية شهيرة ابرزها الفيلم الروائي "الضامئون"
للروائي عبد الرزاق المطلبي عام 1972، ثم قام باخراج فيلم "المسالة الكبرى"
عام 1983 الذي شارك فيه 56 فنانا وتقنيا انكليزيا من بينهم الممثل الراحل
اوليفير ريد الذي قام بدور البطولة مع النجم العراقي الراحل غازي التكريتي.
وبرع جميل أيضا في اخراج عدد من الاعمال التلفزيونية التي لا تزال
راسخة في ذاكرة المشاهد العراقي، ومنها مسلسل "حكايات المدن الثلاث" في
بداية التسعينيات الذي كتبه عادل كاظم.
وراى جميل من جهته ان "السينما يصنعها الاغنياء والبرجوازيون وليس
الفقراء.انها تتطلب اموالا للاستثمار وقطاعا خاصا ينهض بها ويعيد الحياة
لهذا الارث الفني".
وفيما تشير الافلام لدى عرضها في كان وهوليوود الى الاحلام والنجومية،
يبدو الامر مختلفا في العراق لان صالات السينما تعيش احتضارا مرده قلة
المشاهدين الذين يتابعون داخل الصالات افلاما قديمة تعرض معظمها بصور مهتزة
لان النسخة المعروضة لا تكون الا قرصا مدمجا يتم شراؤه من الباعة
المتجولين.
ويشكل العنف احد ابرز اسباب غياب المشاهدين عن صالات السينما، إذ إن
البلاد تشهد منذ اجتياحها قبل حوالى تسع سنوات تفجيرات وهجمات مسلحة، منها
هجمات انتحارية، قتل فيها عشرات الآلاف.
وتحولت معظم صالات السينما الاشهر في بغداد، ومن بينها "اطلس"
و"بابل"، الى مخازن او الى مجمعات تجارية، ولم يتبق منها سوى ثلاث صالات.
ميدل إيست أنلاين في
06/06/2012 |