جرأتها في أعمالها صادمة رصدت تاريخ مراحل مهمة في أعمالها الفنية بل إن
اغلبها كان يدق ناقوس خطر.. من عمل لعمل خلقت تاريخا فنيا حافلاً لا يستطيع
احد معه نسيان رابعة العدوية ولا ارجوك اعطني هذا الدواء او ايام في الحلال
ولم ننس قط الراقصة والسياسي والراقصة والطبال واغتيال مدرسة وانتحار صاحب
الشقة والكثير من الاعمال التي منحت من اجلها لقب نجمة مصر الأولي التي
كانت ومازالت معشوقة الجمهور انها النجمة الكبيرة نبيلة عبيد.
·
سألتها في البداية كيف ترين
الحالة السياسية في مصر وكيف تنظرين الي الاحداث الساسية؟
- بالتأكيد انتي شايفة وجهي باين عليه الحزن والاسي اعلم اننا منذ فترة نمر
باحداث ساخنة لكن ما يحدث الان زاد عن الحد واصبحت اشعر بوجود يد خفية تدفع
بالبلد في طريق مجهول .. لكن الثورة في حد ذاتها شيء عظيم فهي ثورة بيضاء
نقية ودائما ما أقول ذلك فقد كنت يوم 23 يناير الماضي في امريكا أستشير
طبيبي الخاص والثورة اندلعت يوم 25 يناير ولم اكن وقتها مصدقة ما يحدث
امامي وانا اشاهد ما يحدث في التليفزيون كنت اشاهد وانا مذهولة شاهدت ثورة
صادقة ثورة من القلب شباب يطلبون مطالب مشروعة في الحياة وكنت اشبه ميدان
التحرير برحم الام الذي خرج منه شباب صادق وكنت اقول من اين جاء هؤلاء..
كلمة سلمية سلمية كانت تؤثر في جدا وما يحدث الان طبيعي فلا توجد ثورة تمر
هكذا مرور الكرام لابد من مرحلة تخبط وازمات حتي يحدث الاستقرار ولابد أن
نتحمل ونكون اقوياء.
الفنانون والثورة
·
وما رأيك في موقف الفنانين من
الثورة؟
- كان زي الحلم طبعا وفنانون كثيرون لم يتخيلوا أن يحدث ذلك أبدًا كان في
احلامنا ربما أن نري ذلك لذا ربما كان موقف اغلبهم غريبا لكن لأنه لا يمكن
لأحد أن يتصور ما حدث كلنا تخيلنا انها مظاهرة عادية.
·
وماذا عن تجربة الانتخابات التي
خضتيها مؤخرا؟
- أول مرة أعملها وانزل وانتخب عمري ما عملتها كنت اتذكر الانتخابات
السابقة كنت باكون نايمة في البيت واكون منفصلة لكن الان حدث وعي كبير
وقالوا الكل لازم ينتخب عشان مصلحة بلدك والوعي والرغبة في المشاركة واصلاح
حال البلد هو ما دفع المصريين جميعهم للانتخاب لاختيار الاصلح.
·
ألم تخشين من اكتساح الإخوان
والسلفيين؟
- السلفيون انا ماليش دعوة بيهم لانهم ظهروا فجأة لكن يمكن الاخوان حسب ما
اسمع من كلامهم عايزين يكونوا عقلانيين واحنا كبلد بقالنا اكثر من مائة سنة
منعرفش الحاجات اللي بيتكلموا عليها وعايزنها تتعمل فلسنا مهيئين لذلك خالص
لكن هما بيقولوا وجهة نظرهم .
·
وكيف ترين الصدام بين آرائهم
والشعب والفن؟
- للاسف السلفيون متشددون في آرائهم اكتر من الاخوان ومرتبون جدا لكن لا
يمكن لأحد فرض شيئا علينا لا نرضاه ولا نحبه أبدا.
·
هل يمكن أن تتركي البلد كما قرر
البعض من زملائك في حال وصول الإخوان والسلفيين للحكم؟
- لن أترك بلدي أبدا اتربيت وكبرت فيها وخيرها علي اخواتي واهلي والجيل
القادم في المدارس والجامعات لن اتركهم وأغادر بلدي أبدا.
ضمير أمة
·
إذا طالبوا بإلغاء الفن فما
موقفك؟
- الفن لا يمكن إلغاؤه أبدًا لان السينما ضمير امة تعلمنا منها كثيرا وهي
تحاكي كل مشكلات الواقع وتقدم حلولا كثيرة وتدق ناقوس الخطر كثيرا فكيف
يطالبون بالغاء ضمير امة باكملها .
·
وهل الثورة عطلت أعمالا لك؟
- طبيعي لازم يحصل هل تتخيلي أن الدنيا تكون بالشكل ده والاحداث مشتعلة جدا
والدنيا مولعة وانزل اشتغل او افكر في شغل لا يمكن طبعا وانا ولا علي بالي
الشغل دلوقتي كل ما يشغل خاطري هو الامن والامان والاستقرار لبلدي الغالي.
شائعات
·
ترددت مؤخرا شائعة بزواجك من أحد
رجال السلطة ودارت الشائعات حول وزير الداخلية الاسبق؟
- شوفي الموضوع كله شائعات.....فقد كان هناك ارتباط باحد رجال السياسة من
المحترمين وتزوجنا وانفصلنا بعد فترة لكن لا ارغب في ذكر اسمه او الحديث في
الموضوع وما قيل عن رغبتي في الزواج من وزير الداخلية غير حقيقي علي
الاطلاق وما قالته مريم فخر الدين لوائل الابراشي في برنامجه الحقيقة كان
غريبا جدا لاننا كنا نتحدث عن حفيدها الذي اخبرها بان والدته تزوجت من رجل
اسماه الجنرال يعطيه اموالا ويؤمن لهم حراسة كبيرة فاخبرتها والدته وهي
طليقة ابنها بانها تزوجت من وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي عرفيا فرديت
رد طبيعي وقلتلها اين وجدته هذه فرد وائل عليها هل كانت ترغب نبيلة عبيد في
الزواج من حبيب العادلي فقالت له مريم دلوقتي هي بتبوس ايدها وش وضهر انها
لم تتزوجه هي عفوية جدا وما كنش في داعي أبدًا انها تقول كده.
·
فيلم كشف المستور يعكس احداثه
حقيقة لغز مقتل سعاد حسني خاصة بعدما عرفت قصة الشرائط التي هددها بها صفوت
الشريف؟
- هذا الفيلم من تأليف وحيد حامد والهامه الكبير فهو عبقري كتابة وانتي
تعلمين ذلك هو من كتب قصة هذا الفيلم وكأنه تنبأ بما حدث فهو من اعظم كتاب
السينما في رأيي.
·
ولماذا قيل انك كنت في مهمة
عاجلة بارسالك رسالة لسعاد حسني من صفوت الشريف؟
- أنا التقيت بها في المصحة اللي بقالي 20 سنة باروحها وبتعالج فيها
اخبروني اثناء وجود سعاد حسني هناك بوجود فنانة مصرية في نفس المصحة وعندما
سألت عرفت انها سعاد حسني سلمت عليها وتاني يوم قالتلي رايحة اعمل اسناني
كنت اراها وهي تعمل رياضة في المصحة لم نتحدث كثيرا وما قيل عن انني توجهت
برسالة لسعاد من صفوت الشريف لم يحدث ذلك مطلقا فما شأني وصفوت الشريف وما
يقال عن ذلك الكلام.
أعمال رائعة
·
أفلامك لها بعد سياسي مثل امراة
تحت المراقبة وكشف المستور فهل قصدت ذلك؟
- أنا اختياراتي كان وراءها دائما إحسان عبدالقدوس ربما يكون هو لديه بعد
نظر ولديه بعد سياسي كبير لانه كان يختار لي افلاما تركت بصمة كبيرة مثل
الراقصة والسياسي وايام في الحلال وارجوك اعطني هذا الدواء ولذلك فانا ربما
اكون اكثر فنانة قدمت أعمالا للرائع احسان عبد القدوس.
·
أجدت في دور الراقصة في افلامك
مثل الراقصة والسياسي والراقصة والطبال فكيف ذلك ؟
- طبعا انا باحب الرقص انا من صغري وانا باحب الرقص ثم وانا صغيرة كنت اذهب
مع امي في حفلاتها مع اصدقائها وكانوا دائما يطلبون مني الرقص لانه كان
يعجبهم وعلي فكرة اجادتي في الرقص بنفس درجة إجادتي للتمثيل ودائما كلما
تطلب دور فيه تمثيل ورقص كان الترشيح الاول لنبيلة عبيد لانه عادة تكون
الممثلة ممثلة ولا تجيد الرقص والعكس فالراقصة قد لا تجيد التمثيل.
·
وما علاقتك بنادية الجندي الآن؟
- دائمة الاتصال بها والسؤال عليها خاصة في تلك الظروف الصعبة رغم انها غير
حريصة علي السؤال عني فالمبادرة دائما مني انا اسأل عنهم دائما. نجمة مصر
·
وما قصة الألقاب في حياتك؟
- نادية كانت تلقب بنجمة الجماهير وانا لقبني ابراهيم شوقي بنجمة مصر
الاولي لاني عملت عددا كبيرا من الافلام لديه كانت تطلب جميعا من الموزعين
وهو من اقترحه علي وترددت في البداية بقبول هذا اللقب لكن صديقي فتحي
انطونيان شجعني علي قبول اللقب واصبح لقب نجمة مصر الأولي مصاحبا لي.
·
وهل صحيح أن السيدة سوزان مبارك
كانت تغار من هذا اللقب وكانت تغار منك انت شخصيا؟
- غير صحيح علي الاطلاق لم يحدث ذلك لم يكن هناك شئ من الغيرة اطلاقا وما
يقال الان افتراء وانا اكذب ذلك واقول لم يحدث.
·
ولماذا في رأيك لا نجد نجمة شباك
الآن؟
- لاننا احببنا الفن بجد انا عشقت الفن وضحيت من اجله بالراحة والاستقرار
والانجاب والامومة اعلم اني كنت خاطئة لاني لم احقق حلم الامومة لكن عشقي
للفن جعلني اضحي بكل شيء وربما كنت مخطئة اما الان فلا توجد فنانة يمكنها
أن تضحي من أجل فنها.
أعمال تليفزيونية
·
ولكن لماذا كانت خطواتك في
الفيديو قليلة جدا فاعمالك لم تتعد ثلاثة اعمال للتلفزيون؟
- لأني لا أقبل باي عمل لابد أن يكون عملا جيدا ومن العيار الثقيل فتاريخي
في السينما لا يسمح لي بالتقصير واختيار اعمال في الفيديو دون المستوي وهذا
كان سبب اختياري لمسلسل البوابة الثانية كان عملا مهما عن القضية
الفلسطينية ودور مصر في انهاء القضية الفلسطينية وكان وقتها موضوع الساعة
واعتقد انه من افضل الاعمال التي قدمت برأي الجمهور والنقاد ومسلسل العمة
نور فلم يقدم مثله في الدراما وهناك مسلسل قديم قدمته من سنوات طويلة وهو
مسلسل صاحب الجلالة.
·
وماذا عن مسرحية من يخاف فرجينيا
وولف التي رشحت لها منذ 4 سنوات؟
- فعلا كنت مرشحة لبطولة مسرحية علي المسرح القومي بعنوان من يخاف فرجينا
ولف علي المسرح القومي وكانت من اخراج د. سناء شافع وهو حدثني عنها وعن
الدور وهي من الاعمال الرائعة لكن للاسف لا اعلم مصيرها يسأل المخرج عنها
كما أن هناك مسرحية ايفيتا ايضا من العروض التي رشحت لها مؤخرا وتوقفت أيضا
ولا أعلم أيضا مصيرها.
وجوه جديدة
·
عرف عنك تشجيعك للوجوه الجديدة
وحرصك للظهور معك في أعمالك مثلما حدث في العمة نور وفيلمك الاخير؟
- طبعا في مسلسل العمة نور ظهرت معي بشري لاول مرة وظهر احمد الفيشاوي
وكريم ابو زيد واميرة هاني واكون مبسوطة جدا بيهم وسعيدة بهم جدا اشعر
وكأنهم اولادي ونجحوا واحرص دائما علي وجودهم في اعمالي جدا مثلما قدمت
صابرين في فيلم اغتيال مدرسة وفي فيلم مفيش غير كده كانت أروي جودة وفي كل
عمل ستجدين وجوها جديدة.
·
ومن الممثلة التي ترينها امتدادا
لك او تشبهك بعض الشيء؟
- شوفي مش عارفة اقولك مين ولكن وانا في مهرجان دبي وكان معي الفنان محمود
يس وعاصي الحلاني وزوجته وجاءت هيفاء وهبي وقالتلي انا نبيلة عبيد الصغيرة
وضحكت بطريقتها الطفولية وبصراحة عجبني اسلوبها فحضنتها رغم طبعا هناك
اختلاف بيننا لكن هي كأنثي قمر ولكني انصحها تركز في التمثيل شوية.
·
تردد مؤخرا بأن هناك مسلسل سيرة
ذاتية عن حياتك فمن تختارين لتجسيد شخصيتك في المسلسل؟
- ولا أي حد لاني من الاساس رافضة عمل مسلسل سيرة ذاتية عن حياتي لان
مسلسلات السيرة الذاتية فشلت فشلا ذريعا فيما عدا مسلسل ام كلثوم ومسلسل
اسمهان لذلك لا احب أبدًا عمل سيرة ذاتية حتي لا يكون هناك معلومات مغلوطة
عني... افضل عمل برنامج واروي فيه قصة حياتي بنفسي منذ طفولتي وحتي الان.
·
بمناسبة الحديث عن مسلسل السيرة
الذاتية هناك عمل يحمل عنوان رابعة العدوية تنتجه شركة فرح ميديا كيف ترين
ذلك العمل؟
- لا أعرف أية تفاصيل عنه لكن فيلم رابعة العدوية الذي قدمته كان من أجمل
الأعمال بل واروعها وهو محفور في اذهان الجيل الجديد كما أنني أتمني
لإسماعيل كتكت التوفيق لان طبعا مناخ الوقت الحالي مختلف عن وقت فيلم رابعة
العدوية من أين سيأتون بفريد شوقي وعماد حمدي وحسين رياض ده انا فضلت اتعلم
كيف اتكلم وانطق واقول الآيات القرآنية 3 شهور كاملة تحضير وكان الفيلم
علامة في تاريخ السينما.
جريدة القاهرة في
05/06/2012
«المصلحة»..
إمكانيات كبيرة وسينما صغيرة
بقلم : أسامة عبدالفتاح
أثناء مشاهدة فيلم "المصلحة"، للمخرجة ساندرا نشأت، ظل سؤال قديم يلح علي:
لماذا لا نصنع سينما جيدة عندما تتوفر الإمكانيات التقنية والمادية ويتواجد
الممثلون البارعون؟ سؤال قديم طرحته من قبل عدة مرات، لكنه يعود دائما
ليفرض نفسه لأنه لا يجد الإجابة الشافية، لا من صناع السينما المصرية ولا
من المسئولين عنها، ولأن قضيته تحولت إلي حقيقة مؤسفة لا نستطيع الفكاك
منها ولا نسعي لتغييرها لأسباب فنية واجتماعية كثيرة، معظمها مادي وتجاري
للأسف. توفر لساندرا كل شيء عن طريق إنتاج سخي لو كانت طلبت منه لبن
العصفور للبي الطلب، فقد سخّر لها الهليكوبتر واللنشات و"البيتش باجي"
وجميع أنواع السيارات والمواصلات، وجعلها تصور في أي مكان تريد داخل وخارج
مصر، وتستعمل ما شاءت من أحدث الكاميرات والمعدات والخدع والمؤثرات،
وتتعاون مع مجموعة من الفنيين الأكفاء في التصوير والمونتاج والمكساج
والموسيقي والديكور. مبادرة مشكورة والأهم أنه توفر لها وللفيلم مجموعة من
الممثلين الجيدين في مقدمتهم نجما الشباك أحمد عز وأحمد السقا.. وفي هذا
الصدد لابد من الإشادة بتلك الخطوة أو المبادرة التي جمعت بين نجمين كان كل
منهما حريصا علي أن يكون البطل المطلق لأفلامه، وكانت آليات الصناعة تسمح
لهما - بل تشجعهما - علي ذلك.. أما الآن، فإن تجمع النجوم في أفلام قوية
يسهل تسويقها وجني أرباحها، يعد من أهم الحلول لمواجهة الأزمة الحادة التي
تضرب السينما المصرية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في سبتمبر 2008،
والتي ما إن بدأت تنفرج حتي قامت ثورة 25 يناير 2011، بكل ما تبعها من
أحداث وهزات عمقت من جراح وخسائر السينما المصرية.. أي أن ما قدمته الشركة
المنتجة لـ"المصلحة"، يستحق التحية من حيث الشكل والتركيبة، لكن المستوي
الفني للفيلم شيء آخر. وأعود إلي السؤال: لماذا لم تصنع ساندرا نشأت فيلما
متميزا رغم توفر كل الإمكانيات والظروف المناسبة؟ الإجابة المباشرة في رأيي
هي: ضعف السيناريو الذي كتبه وائل عبد الله، لكنه لا يتحمل مسئوليته وحده،
بل تتحملها معه المخرجة التي وافقت علي تنفيذ الفيلم بهذا السيناريو غير
المتماسك، ولم تعمل بجدية علي تحسينه، ولم تطلب تعديلات ليصبح أكثر تماسكا
ومصداقية.. وتلك هي دائما مشكلة هذه النوعية من الأفلام، فقد كانت الدراما
هي مشكلة فيلم "الجزيرة"، الذي يتشابه كثيرا مع فيلمنا، حيث يدور الاثنان
حول المواجهة بين قوات الداخلية وأباطرة المخدرات والسلاح، ويتمتع الاثنان
بضخامة الإنتاج، وفي كليهما اهتم المخرجان - شريف عرفة وساندرا - بالإبهار
البصري، من دون أي مناسبة أحيانا، علي حساب الدراما. ما لم يره أحد وكما
فعل عرفة في "الجزيرة"، انشغلت ساندرا في "المصلحة" بمحاولة تقديم الـ"جاميه
فو"، أو ما لم يره أحد من قبل (في مصر بالطبع)، علي حساب مصداقية الدراما..
انشغلت بالطائرات الهليكوبتر واللنشات ومطاردات السيارات وقوة التفجيرات،
وقدمت ما لم نشاهده بالفعل من قبل، لكنه للأسف يثير الشفقة والضحك وليس
الإعجاب.. فقد ضحكت من قلبي عندما شق بطل الفيلم الضابط "حمزة" (أحمد
السقا) صفحة مياه النيل ممتطيا "البيتش باجي" في محاولة فاشلة لضبط شحنة
مخدرات، فلم أكن أعرف أن الشرطة المصرية تستخدم ما يستخدمه الشباب علي
الشواطئ لمطاردة المجرمين.. ولم أكن أعرف أيضا أن في مصر من يربون الأسود
ويقدمون أعداءهم ومن يخرجون علي طاعتهم طعاما لها، وقد كان مشهد الأسد وهو
يلتهم أحد هؤلاء (محمود البزاوي) مثيرا للضحك بدوره رغم انه صنع بغرض بث
الر عب، وذلك لأنه ليس صادقا، وضعيف تقنيا. وبدلا من ذلك كله، كان علي صناع
الفيلم أن يهتموا أكثر بالدراما ورسم الشخصيات، التي بدت - فيما عدا
استثناءات قليلة - كأنها قطفت من فوق الأشجار، دون محاولة لتعميقها
وإعطائها الخلفيات الدرامية المطلوبة وما تستحقه من اعتناء برسم الملامح..
وعلي سبيل المثال، كانت شخصية "شادية" (زينة) لغزا يستعصي علي الحل طوال
الفيلم، حيث تم وضعها في ثالوث درامي مع إمبراطور المخدرات "سالم" (أحمد
عز) وشقيقه "سليمان" (محمد فراج)، لكن بطريقة ملتبسة للغاية لا تمكنك من
معرفة المشاعر الحقيقية لأي منهم طوال الفيلم.. وشخصية الأخ نفسها جاءت
مليئة بالتناقضات، حيث تم تقديمه لنا في البداية في صورة المعارض لشقيقه
الساعي للخلاص من سيطرته عليه، وبمرور الوقت تحول إلي شخصية هشة تعتمد
بالكامل علي هذا الشقيق ولا تخطو خطوة واحدة إلا بأمره. ورغم ذلك، كان هذا
الأخ أكثر حظا من شخصيات أخري اختفت في ظروف غامضة في منتصف الفيلم، وبمعني
آخر: خرجت ولم تعد، مثل شخصية "نجوي" (ياسمين رئيس) زوجة الضابط الشهيد
"يحيي" (أحمد السعدني)، والتي كان آخر عهدنا بها جنازته، حيث لم يعد لها
الفيلم مطلقا، لا ليبين لنا مصيرها ولا لاستغلالها فيما تبقي من دراما، رغم
أن وفاة زوجها كانت نقطة التحول في الفيلم. أين نحن؟ وعن المصداقية حدث ولا
حرج، فقد ظللت - طوال فترة العرض - أسأل نفسي ما إذا كانت الأحداث تدور في
مصر فعلا، فعندما تتابع المعارك ومطاردات السيارات وأنواع المواصلات الأخري
تظن نفسك في شيكاغو، وعندما تري الأسود تقطع بأنك في أدغال أفريقيا.. وإزاء
إصرار صناع الفيلم علي أننا في مصر، ينتقل المشاهد إلي سؤال آخر: أي مكان
في مصر بالضبط؟ فالفيلم يتنقل بسرعة "الفيمتو ثانية" بين جنوب سيناء
والقاهرة ومدن أخري.. وقد يكون ذلك مقبولا فيما يخص الأحداث، لكنه غريب بعض
الشيء بالنسبة للشخصيات، فالشخصية التي تطمئن إلي وجودها في مدينة بعينها،
تفاجأ بها - دون أي مبرر أو تمهيد أو سبب - في مدينة أخري تفعل شيئا يمكن
الاستغناء عنه بكل سهولة في دراما الفيلم.. ولإتمام تلك الأحداث غير
المنطقية، يحفل "المصلحة" بكم غير طبيعي من الصدف والتلفيق الدرامي غير
المسبوق، ولا مشكلة، طالما أن الإبهار البصري موجود! وليس الفيلم غريبا في
أحداثه وبنائه فقط، بل فيما أثاره من جدل وردود فعل أيضا، فقد اختطف مسلحون
مجهولون الأسبوع الماضي سائحين أمريكيين من مدينة نويبع في جنوب سيناء، حيث
أجبروهما علي النزول من سيارة سياحية كانت تقلهما من مدينة دهب إلي منطقة
رأس شيطان بوادي وتير بين نويبع وطابا.. والعجيب أن مطالب الخاطفين، والتي
تمثلت في الإفراج عن أقارب لهم في قضية مخدرات، أضيف لها مطلب وقف عرض فيلم
"المصلحة"، الذي رأي الخاطفون أنه يسيء إساءة بالغة إلي أهالي سيناء،
ويلخصهم في أنهم تجار مخدرات، وكذلك الإفراج الفوري عن السجناء من أبناء
سيناء في السجون المصرية، خاصة السجينات وعددهن 12 .. صحيح أن القوات
المسلحة نجحت في إطلاق سراح السائحين، دون أي شروط، إلا أن الموسوعات ستسجل
للفيلم أنه الأول في تاريخ السينما الذي يختطف سائحون أجانب لوقف عرضه. كما
عقدت 18 من قبائل سيناء اجتماعا حضره مشايخ وعواقل البدو بمدينة نويبع
لاستنكار ما ظهر في الفيلم من "تشويه" لصورة البدوي ووصفه بتاجر المخدرات..
وقدم محمد فراج، نائب الشعب عن حزب النور، بيانًا عاجلا في مجلس الشعب
لإهانة الفيلم بدو سيناء، علي حد قوله. تلميع ودعاية وأشار الشيخ أحمد حسين
قريش، أحد مشايخ البدو المشاركين في اجتماع القبائل، إلي أن الفيلم شوه
صورة البدوي، وقام بتلميع ضباط الشرطة والدعاية لهم بعد ثورة 25 يناير،
وشوه أيضا عادات وتقاليد البدو ولم يظهرهم بصورة حقيقية معتمدًا علي ملفات
وزارة الداخلية! وتنظر محكمة الأمور المستعجلة في 23 يونيو الجاري الدعوي
المقامة من محمد سيد أبوزيد المحامي ضد الشركة المنتجة ومؤلف الفيلم ومدير
عام هيئة الرقابة علي المصنفات الفنية ووزير الثقافة، ويطالب فيها بمنع عرض
"المصلحة" والتحفظ علي أشرطته ومنع نسخها أو تصديرها إلي خارج البلاد
لخطورة الفيلم علي المجتمع المصري! وأرفض بالطبع مقاضاة أي عمل إبداعي أو
المطالبة بوقف عرضه، فحرية التعبير والإبداع عندي مقدسة، لكن ذلك لا يمنع
أن الفيلم ضعيف وخاو فنيا، وأهدر فرصة ذهبية لاستغلال الإمكانيات الهائلة
المتاحة، وانتهاز فرصة الجمع بين عز والسقا في عمل واحد.. خسارة.
جريدة القاهرة في
05/06/2012
المصلحة.. السقا وعز في معالجة درامية للواقع
بقلم : د. رانيا يحيي
مع حلول فصل الصيف وما يتوقع ظهوره من أفلام للموسم السينمائي الجديد يولد
للسينما المصرية ابن شرعي جديد، وهو الفيلم الذي يلمع فيه اثنان من نجوم
السينما المصرية المعاصرة في حالة تنافسية شريفة تتأجج فيها الموهبة
الرفيعة المستوي للأداء التمثيلي تحت مظلة المخرجة الشابة ساندرا نشأت
والتي تبرز موهبتها الحقيقية كمخرجة، هذا بالإضافة لإثارة موضوع في غاية
الحساسية وخصوصاً في ظل ما نعانيه من ترد للأوضاع الأمنية في الشارع المصري
بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من سيطرة بعض الأفكار التي تدين
جهاز الشرطة بشكل أو بآخر. ففاجأتنا المخرجة ساندرا بقصة تخدم الوطن وتعالج
ما نعانيه من أفكار سلبية تسيطر علي البعض، وأظهرت جهاز الداخلية في شكله
الايجابي، وحقيقة ما يعانيه العاملون في هذا القطاع وما قد يتعرضون إليه من
مخاطر هم وذويهم، وبذلك يعتبر هذا الفيلم انعكاسا حقيقيا للواقع بشكل مبسط
للمواطن العادي. حفل زفاف وقصة الفيلم لــ (وائل عبد الله) وتدور حول أخوين
ضباط شرطة الكبير هو الرائد حمزة أبو العزم (احمد السقا) وأخيه النقيب يحيي
(أحمد السعدني) وأثناء عمليات تدريب حمزة في المعسكرات يتذكر موعد زواج
أخيه في ذات اليوم ويعود مسرعاً لأسرته لحضور ما تبقي من حفل الزفاف، وتكون
زوجة حمزة حنان (حنان ترك) والأم روحية (نهال عنبر) في انتظار ابنها، وتتضح
أثناء المشاهد معاناة زوجة الضابط نتيجة غيابه لفترات طويلة، وبعد انقضاء
أجازة يحيي عاد للعمل وأثناء وجوده في كمين تصدمه سيارة هاربة من الكمين
حاملة كمية من المخدرات في سيناء يقودها سليمان أخو سالم المسلمي (أحمد عز)
تاجر المخدرات البدوي وتسفر الأحداث عن مقتل يحيي ومدي تأثر أخيه وأسرته من
هذا الحادث ومحاولات حمزة العديدة لمطاردة العصابة من خلال كثير من المشاهد
واللقطات "الأكشن" في الفيلم وخاصة بعد أن يتم تهريب سليمان من سيارة
الترحيلات وإخفائه في صحراء سيناء، وتتوالي الأحداث إلي أن يستطيع حمزة
القبض علي المتهمين وأخذ ثأر أخيه بإطلاق النار علي سليمان القاتل، وينتهي
الفيلم بوضع حمزة وسالم في قفص الاتهام وانتظار الحكم عليهما. ورغم إشادتنا
بالفيلم ومستواه الفني والجماهيري إلا أن هناك بعض المآخذ الفنية علي
المخرجة في المعالجة الدرامية لبعض المشاهد ؛حيث كانت بداية الفيلم لطائرات
الهليكوبتر أثناء عملية "إنزال" للقوات وهي غير خاضعة في الأساس لضباط
الأمن المركزي إلا في حالات نادرة يتعذر إمكانية وصول السيارات إليها،
أيضاً عمليات إطلاق النار المتبادل مع المجموعات المسلحة ووجود الأسلحة
فجأة والتي لم تكن موجودة مع القوات أثناء عمليات الإنزال. وبالنسبة لهجوم
الجماعة المسلحة علي سيارة الترحيلات لتهريب سليمان ؛فقد كان هذا المشهد
سلبياً للغاية حيث يسيء إلي جهاز الداخلية ويصوره في حالة من التخاذل
والضعف مما يشجع علي تكرار مثل هذه العمليات في حال توافر أسلحة -وهو ما
نحن بصدده- وبذلك يكون مصير رجال الأمن هو اندفاع الطلقات صوبهم وتهريب أي
متهم حيث ظهر بالأمر اليسير، فكان لزاماً علي المخرجة وضع رادع لهؤلاء
البلطجية نتيجة هذه الفعلة المشينة. أيضاً وجود الكثير من الأحداث الدرامية
المفتعلة داخل الفيلم بحيث وجودها أو حذفها لا يؤثر علي السياق الدرامي
للقصة إطلاقاً. نهاية مغايرة كما كانت نهاية الفيلم غير تقليدية وغير
متوقعة حيث ينتظر الجمهور القبض علي سليمان وسالم، ولكن المفاجأة للجمهور
حين انفعل حمزة بعد هذا الجهد والشقاء طوال الفيلم للقبض علي القاتل أن
يتهور ويتحول فجأة هو الآخر إلي قاتل رغم استطاعته السيطرة علي انفعالاته
في مواقف عدة طيلة أحداث الفيلم أن يصدر منه هذا التصرف الأهوج والذي تتحكم
فيه مشاعر الأخوة والدم بثأر أخيه دون السيطرة علي الانفعالات الداخلية
والنفسية وانتظار تنفيذ حكم القانون، فكان مشهد الختام بوضع الضابط مع اكبر
تاجر مخدرات في نفس قفص الاتهام غير موفق، ولا يجوز أن يهيأ المجال لتاجر
مخدرات أن يحصل علي سكين داخل القفص ليكون وسيلة للتخلص من الضابط وانتصار
الشر حتي النهاية ؛ وربما كان الدافع للمخرجة أن تضع الكل أمام القانون
سواء، وإذا كان هذا المقصد فكان ينبغي في هذه الحالة أن يتساويا في حجم
الإجرام طيلة أحداث الفيلم، ولكني أتصور أن الهدف الأقوي لها ليس درامياً
بقدر حرصها علي أن تختتم الفيلم بلقطة واحدة تربط بين البطلين ووضعهم في
ذات المكانة دون تفضيل أي منهما علي الآخر. ولا أدري لماذا وضعت ساندرا
نشأت الفتاة البدوية شادية "زينة" في وضع الانحلال الأخلاقي ؟؟ رغم مخالفة
ذلك لحقيقة المجتمعات البدوية في سيناء والتي ينتسب لها المحافظة علي
الأعراف والتقاليد وهو ما أظهر صورة مشوهة لواقع المجتمع السيناوي. قبل
الحديث عن أبطال الفيلم لابد أن نذكر أهمية البطولات الجماعية والتي تثير
الجمهور وتبعث إليه الرغبة والحافز في البحث عن الأفضل في ظل جو تنافسي صحي
بين أبطال العمل. وقد تميز الأبطال بشكل عام في الفيلم حيث ظهر السقا في
دور الأكشن متألقاً كما عودنا في جميع أفلامه التي تتسم بالحركة والنشاط
والحيوية بالإضافة إلي مشاعره المفعمة بالأحاسيس الفياضة كما حدث في مشهد
فراق أخيه الذي أبكانا حين تلألأت عيناه من الدمع والحزن، أما بالنسبة
للفنان احمد عز فكان أداؤه للدور علي مستوي جيد حيث يمتلك موهبة عالية في
أدائه التمثيلي ولكني اشعر أن اختياره في هذا الدور غير مناسب إلي حدٍ ما
حيث أن عامل الشكل أو المظهر لا يتفق مع عز كتاجر مخدرات، فهو شديد الوسامة
وتشع من عينيه الأحاسيس البراقة وبالتالي يبتعد عن الشر، أيضاً طريقة
الكلام البدوية والتي قد ينتابها بعض الأخطاء في عدد من المشاهد حيث يتحدث
"عز" باللهجة الطبيعية ثم تشعر أنه يتذكر انتماءه للمجتمع السيناوي فيتحول
فجأة إلي اللهجة البدوية والتي توضح عدم تحكمه في طلاقتها، ولكن أداءه في
المطلق كان تلقائياً، والأهم من ذلك أنه ظهر بشكل جديد يضيف إلي رصيده
الفني، أما بالنسبة للفنانة نهال عنبر فكانت مثالا للأم الحانية السعيدة
بأولادها، والفنانة حنان ترك كان دورها صغيرا مقارنة بالعديد من الأدوار
الأخري التي قامت ببطولتها في الكثير من الأفلام، ولكن تعبيرات وجهها كانت
مؤثرة بمصريتها وتلقائيتها في التمثيل وهو ما تعودنا عليه منها، والممثلة
السورية الشابة "كندة علوش" فكان دورها بسيطا وبه بعض المواقف الكوميدية
العفوية ذات التأثير الايجابي، والفنانة "زينة" قدمت دورها بأداء تمثيلي
رائع، أما الفنان صلاح عبد الله في دور "أبو الفضل" كان أداؤه التمثيلي
أيضاً علي درجة كبيرة من الحرفية والإتقان وحاز علي إعجاب الجمهور، وأخيراً
ضيف الشرف خالد صالح، وكان المشهد كوميديا يعبر عن ما نعانيه من بعض دعاة
الدين في الآونة الأخيرة. كوميدياالموقف السيناريو والحوار بأسلوب بسيط
وواقعي وبشكل يتناسب والأحداث الراهنة، أيضاً وجود حالة من كوميديا الموقف
بشكل تلقائي في بعض المشاهد كانت ذات تأثير إيجابي، ولكني أتحفظ بشدة علي
أحد الألفاظ النابية والذي تكرر بشكل مبالغ فيه في مشهد مواجهة سالم لشادية
عشيقة أخيه سليمان بوقوعها في الخطيئة ؛فلا أدري لماذا وجود هذا اللفظ
وتكراره ؟ هل لإظهار الواقعية وتأكيدها علي الجمهور ؟؟ فإن كان هكذا فأري
أن المبالغة قد تسيء الاستخدام وتعكس الحالة من الواقعية إلي اشمئزاز
المتلقي من التكرار المتعمد والذي يخرج بالمشاهد من إطار الواقعية إلي إطار
آخر متدن. أما بالنسبة لمدير التصوير (إيهاب محمد علي) فقد كان تصوير
المشاهد وخاصة الخارجية علي درجة تقنية عالية وساعدت علي إبراز الجو النفسي
والسيطرة التامة علي سيكولوجية الجمهور، أيضاً الإضاءة والديكور والمونتاج
وجميع العناصر المشتركة والمتداخلة لنجاح الفيلم كان لها دور كبير في
التفاعل بين الجمهور والتأثير علي انفعالاته ؛حيث كانت الإضاءة والألوان
وان كانت في بعض الأحيان قاتمة حزينة ولا تبعث علي الأمل أو التفاؤل علي
الإطلاق أثناء مشاهد المطاردات وتعاقب الأحداث، وأنا أعتقد أنه متعمد من
قبل المخرجة للوصول بنا إلي النهاية المأساوية التي ينتظرها بطلا الفيلم
وإن كانت نهاية أحدهما متوقعة بالنسبة للجمهور "تاجر المخدرات" ولكن
بالنسبة لضابط الشرطة فكانت نهايته المأساوية والتراجيدية غير متوقعة علي
الإطلاق. موسيقي الفيلم كتبها "عمرو إسماعيل" المؤلف الموسيقي الشاب واتسمت
الموسيقي بوجود بعض التيمات اللحنية القصيرة والتي عبرت عن الجو العام
للفيلم، كما استخدمت المخرجة أغنيات مبهجة للتعبير عن مشهد عرس يحيي، أيضاً
استخدام العود الشرقي عند دولة الأردن "عمان" لزيادة البعد الدرامي للمشهد،
ومشهد الجنازة العسكرية لتأبين الضابط بأصوات آلات النفخ النحاسية، ثم غناء
السيدة فيروز عند الانتقال من مصر إلي بيروت لتوحي للمشاهد بهذه النقلة
النفسية سمعياً وبصرياً فكانت موفقة، كما استخدم المؤلف فكرة "اللحن الدال"
والتي ابتدعها المؤلف الموسيقي الألماني فاجنر في الأوبرا وانتقلت منها إلي
السينما والمسرح ؛وهي عبارة عن التدليل بالموسيقي علي شخص أو حدث أو مكان
ترتبط الموسيقي به في حالة وجوده علي الشاشة، وقد تكرر هذا عدة مرات فكان
مثلاً تكرار بعض النغمات المتقطعة من آلة البيانو عند ظهور الفتاة
اللبنانية، أيضاً نغمات متصلة تشبه (الباص المتصل) من التشيللو والكنترباص
مع وجود تريمولو من آلة التيمباني الإيقاعية أثناء مشاهد الاتفاق علي بيع
المخدرات، يوجد لحن حزين وكأنه يرثي الضابط المتوفي وتتكرر نفس التيمة
اللحنية أثناء التوجه للمحاكمة وفيها شجن في الطبقة العالية، كما يتكرر
اللحن المعبر عن سالم من الآلات الوترية مع وجود بعض التنويع عليه ووجود
ضربات إيقاعية، وتتكرر تيمة لحنية للعديد من المرات أثناء المطاردات،
والألحان جميعها متشابهة حيث اعتمد المؤلف علي وضع ألحان بسيطة وظفها تبعاً
للأحداث الدرامية دون كثافة في الألحان أو تنويع في الآلات أو الإيقاعات
بشكل ملحوظ، كما يتخلل الصمت بعض المشاهد أو قد تكتفي المخرجة بالحوار دون
الموسيقي، ولكن الموسيقي لم تترك انطباعاً مستقلاً أو كعلامة من علامات
الفيلم، بل كانت منطقية مع الأحداث دون تميز، وليس بالضرورة أن تترك
الموسيقي بصمة مستقلة أو ترتبط بالفيلم ولكن هذا أصبح متعارف عليه في
الفترات القليلة الماضية حيث أصبحت الموسيقي تحدث أثراً جلياً لبعض الأفلام
وعلامة مؤثرة لها، كما ينتظرها البعض بشكل خاص بعد أن باتت موسيقي الأفلام
تحصل علي كثير من الاهتمام والجوائز عكس ما كانت عليه في عهود سابقة.
وخلاصة القول إننا نأمل في وجود مزيد من الأفلام الهادفة والتي يستنير بها
رجل الشارع وتفتح آفاقا جديدة يستبشر بها الشعب وتعمل علي إعادة الثقة بين
فئات الشعب المختلفة، ولنكف عن ذكر السلبيات ونبحث عن الجانب الايجابي
والمشرق، فإن كانت السينما انعكاس للواقع ومن واجبها إلقاء الضوء علي
السلبيات لمعالجتها فكفي بنا إلي هذا الحد الذي أصبحنا نحاط بها من كل جانب
حتي عم التشاؤم وسيطر علينا جميعاً، فقد حان الوقت أن تكون السينما والفنون
جمعاء هي الوسيط الذي يلتف حوله الجميع ويرتقي بالأمة ويعمل علي إعادة
الثقة وبناء المجتمع بكل تياراته وطوائفه المختلفة.
جريدة القاهرة في
05/06/2012
المصلحة ليس دفاعاً عن الداخلية
بقلم : رانيا يوسف
عندما يجتمع اسمان من نجوم الصف الأول يخيل لنا أننا علي موعد مع مباراة
فنية غير عادية يحاول فيها كل طرف ابراز موهبته اكثر واكثر للتفوق علي
الطرف الثاني واكتساب شعبيه اوسع بين جمهور النجم الآخر، وان هبط اداء
احدهما قد يعلو اداء الآخر متفوقا عليه، او يهبط بالمثل ويتساوي كل منهما.
لم تكن المرة الاولي التي يقدم فيها الفنان احمد السقا بطولة مشتركة مع نجم
شباك اخر، فقد سبق وقدم فيلم «الديلر» مع الفنان خالد النبوي الذي فاجأ
الجميع بأدائه، وفيلم «إبراهيم الأبيض» مع محمود عبدالعزيز وعمرو واكد وهند
صبري، والآن يقدم السقا ثنائية جديدة مع أحمد عز في فيلم «المصلحة»، والحق
يقال الفيلم ليس ثنائية بين عز والسقا ولكنه مثلث يكمل ضلعه الثالث المخرجة
ساندرا نشأت وهي من المخرجات القليلات في السينما المصرية التي تمتلك
اسلوبا فنيا خاصا بصرف النظر عن تقييمنا لمستواه أو شكله او حتي تكراره في
اكثر من عمل. طاقة تمثيلية المثير في هذه التجربة السينمائية أن "عز
والسقا" يتميز كل منهما بتقديمه لنوعية افلام الاكشن مما يجعل المقارنة
بينهما أسهل، والاختلاف الذي قد يفصل بينهما هو عدد التجارب التي قدمتها
ساندرا نشأت مع أحمد عز، بخلاف السقا الذي تتعاون معه ساندرا لأول مره في
«المصلحة»، فهي استهلكت في اعمالها السابقة موهبة أحمد عز وجمدت أدائه عند
حدود قدرتها في استخراج طاقته التمثيلية، وقد يشترك معها عز في انحصار
موهبته، فهو لم يعط الفرصة لنفسه او لأي مخرج آخر أن يعيد اكتشافه من جديد،
اما مع السقا فلم تبذل ساندرا أي جهد في تمكينه من الشخصية وهي لا تختلف
كثيراً عما قدمه في أفلامه السابقة، بل ارتفعت نبرته العدوانية وتضاعف
انفعاله بالشخصية وبالأحداث وأغلق أي منفذ لاعادة استثمار موهبته كفنان
يمكن أن يقدم نفس الشخصية ولكن برؤي متعددة، فعندما تشاهد اداء السقا في
المصلحة في شخصية ضابط الشرطة لن تشعر باختلاف عندما تشاهد نفس الانفعال في
فيلم ابراهيم الابيض مثلاً وهو يجسد دور البلطجي. «المصلحة» فيلم سينما
بالمعني المتعارف عليه بين الجمهور، او فيلم شبابي او جماهيري او أي كانت
المصطلحات التي تطلق علي هذه النوعية من افلام "الازازه" ،التي تحوي اسم
نجم وشوية أكشن علي كام "افيه"، لكنه علي أي حال قد يضيف روحا أكثر حيويه
إلي الاعمال المعروضه حالياً في دور العرض التي تململ منها الجمهور علي
مدار الشهور الماضية. قصة واقعية الفيلم صورت معظم احداثه قبل الثورة، أو
هكذا يمكننا أن نستنتج من صور المخلوع المعلقة خلف مكتب كل الضباط، وحتي لا
يتهم البعض الفيلم أنه يغازل جهاز الشرطة بشكل واضح من اول جملة في حوار
أحمد عز تاجر المخدرات، حيث يدبر مذبحة لقوات الشرطة عندما تهاجم أرضه
"لتقف الداخلية عند حدها" ،يكشف لنا الفيلم أن الأحداث مستوحاة من قصة
واقعية يخرج بها الفيلم من دائرة الشبهات التي وصلت إلي حد سخرية البعض منه
أنه فيلم من إنتاج وزارة الداخلية. ورغم أن الأحداث لا تحمل أي تهمة
للداخلية علي العكس فهو يقدم ضباط الشرطة من منظور قد يكون موجودا فعلا عند
البعض منهم او عند قطاع محدد يستحق الاحترام ولكن ما أسقط هذا الاحتمال هو
تزايد نبرة المغالاة في تهذيب صورة الداخلية التي قدمها الفيلم بشكل
"مفضوح"، خصوصاً في مشهد الصلاة الجماعية التي اقامتها قوات الشرطة قبل أن
تتوجه إلي مواجهة عصابة "سالم" تاجر المخدرات، بالاضافة إلي صورة عمد
الفيلم علي بروزتها لحياة الضابط الاجتماعية والتضحيات التي يقدمها من اجل
عمله والثمن الذي يدفعه وقد يكون من دمه في سبيل هذا الواجب، حتي يشعر
المشاهد بواجب نحو رجل الشرطة الذي يطوقه بجميل في عنقه، كل هذا في الثلث
الاول من الفيلم والذي لا يصمد مع تتابع الاحداث التي تتحول "كما هي عادت
الافلام المصرية" من العام إلي الخاص، ويتراجع الصراع بين الابطال إلي نزاع
شخصي ضاعف من توتر المشاهد وتعاطفه مع شخصية الضابط، الذي فقد أخيه الاصغر
علي يد اخو تاجر المخدرات، فتحول الصراع من أجل الواجب العام إلي صراع شخصي
من أجل الثأر، فيما تبدأ الاحداث بمهاجمة الشرطة لأرض سالم تاجر المخدرات
"أحمد عز" ومحاولتها المستمرة في القبض عليه، تنجرف الاحداث إلي قتل اخو
سالم لاحد ضباط الشرطة في كمين علي طريق جنوب سيناء عندما كان يحاول الهرب
وبحوزته مخدرات، ويحكم عليه بالإعدام إلا أن سطوة اخيه الوحيد تنقض علي
حراسة الشرطة ويقوم بتهريبه واخفائه،فيلجأ "حمزة" الضابط الآخر أخو القتيل
إلي البحث عنه للثأر منه بنفسه، ويبدأ بملاحقة سالم اخو القاتل، لينتصر
عليه الضابط حمزة "كما تعودنا في الافلام المصرية " ولا يكتفي بالقبض عليه
وعلي اخيه بل يقوم بقتله قبل تنفيذ حكم الاعدام فيه. نغمة واحدة إيقاع
الفيلم يعزف منذ البداية علي نغمة واحدة وهي العنف مقابل العنف، ولم يكتف
السيناريو بتعنيف ملامح الشخصيات، لكن المخرجة نقلته لنا في سباق اللقطات
المتتالية التي تخطف المشاهد من حدث إلي آخر دون أن يلتقط انفاسه ودون أن
يدرك دلالة الحديث السريع لابطال الفيلم وكأنهم يسكبون الحوار علينا من
الشاشة للتخلص منه،ثم نعود ليهبط بنا الايقاع مره اخري في الثلث الأخير من
الفيلم ،مع تسطيح دور الشخصيات النسائية، التي لا تشتبك في الصراع الا بشكل
هزلي، ثلاث شخصيات نسائية كل واحدة منهن تسير في اتجاه يقودنا للا شيء،
شخصية شادية " زينه" التي يحبها "سالم" لكنه يحاول أن ينساها بسبب علاقتها
بأخيه الصغير،ثم يأخذها إلي منزله بعد حادثه أخيه وعندما يكتشف علاقتها غير
الشرعية بأخيه يطردها، فهي مجرد سحابة تمر علي الحدث وتختفي دون أن ندرك
مدي اهميتها الحقيقية في حياة سالم الذي يستغل أيضا زوجته اللبنانية "كنده
علوش" في الايقاع بزوجة الضابط "حنان ترك" ودس المخدرات لها، ولكنها تنجو
من المكيدة، ولا نعرف لماذا أحيكت لها غير أن تبقي مجرد عقبه امام وصول
"حمزة" إلي مبتغاه. فيلم "المصلحة" قد ينعش إيرادات شباك التذاكر بعد أن
شهد انخفاض كبير خلال الأشهر الماضية، وسواء اختلفنا او اتفقنا حول نوايا
صناعه، لن نختلف حول ضرورة تواجد مثل هذه النوعية من الاعمال التي تحفظ
ميزان صناعة السينما الذي اختل في الفترة الاخيرة مع سيادة افلام
"المقاولات" علي سوق السينما في مصر.
جريدة القاهرة في
05/06/2012 |