تمثل السينما الوثائقية منهجاً يذهب بعيداً في طروحاته، حيث التوثيق
والتسجيل، ولكنها هنا في فيلم «المرتبة الاولى» تذهب الى منطقة قصية،
بعيدة، عامرة بمفردات التميز، حيث السينما الوثائقية حينما تسحرنا..
تدهشنا.. تأسرنا.. تأخذنا الى عوالم الحدث، حيث الجائزة الكبرى لشباب
اميركا، والتي تمثل المسابقة الاهم في عالم «البالية» حيث تزدحم الاحلام
والتحديات، الذين يشاركون في تلك المسابقة من انحاء الولايات المتحدة،
حاملين معهم احلامهم بالشهرة والنجومية والتألق، معتمدين على تلك المنصة
المتمثلة بالمسابقة، التي يرصدها الاميركان والعالم.
الفيلم يتصدى لانتاجه واخراجه باس كارجمان، معتمداً على عدد من الوجوه
التي وصلت التصفيات النهائية لمسابقة الجائزة الكبرى لشباب أميركا في
البالية.
ومنهم آران بيل وميكايلا دي برينس وخوان سباستيان زامورا، وربيكا
هاوسكنش وغاب بومر وعدداً اخر من الاسماء والمواهب التي تمتلك بالموهبة
وايضاً الطموح العالي.
والحوار يتداعى وبلياقة عالية، متعمداً على عدة لغات ولهجات، ومنها
الانكليزية والاسبانية والفرنسية والعبرية.. حيث رحلة تلك الوجوه والسحنات
والشخصيات التي جاء وهي مشحونة بالحلم.. وايضاً المقدرة والتحدي للذات.
فيلم «المرتبة الأولى» يوثق الارادة والتحدي والاصرار والتضحيات
الكبرى، وايضاً التنافس الشريف واللغة الاحترافية العالية المستوى، التي
ساهمت في تحويل تلك الشخصيات الى ابطال حقيقيين، يعرفون جيداً، ان بلوغ
«المرتبة الاولى» هو التحدي الاكبر.. التحدي الذي يتصوره البعض قريباً..
وسهلا.. ولكنه في حقيقة الامر.. شبه مستحيل.. وليس مستحيلاً.
ستة طلاب تظل الكاميرا تلهث وراءها، لبلوغ المرحلة النهائية، متجاوزين
الكثير من الظروف والعقبات والمصاعب مع دراسة تحليلية لكل متسابق وظروفه
الاجتماعية والاقتصادية والعرقية.
رحلة الى عوالم البالية، ومن قبلها
التحليل الدقيق للمجتمع وقضايا وارهاصاته، والامال الكبير
للاهل قبل المتسابق لان النجاح يعني «الثراء» والنجومية.. والقمة.
متسابقون لم يأتوا من الشارع، بل هم نتاجات اهم المدارس والشركات التي
اشتغلت كثيراً واحتاجت زمناً طويلاً لاكتشاف تلك المواهب وصقلها والاخذ
بيدها الى تلك اللحظة الحاسمة.
قد تكون فرصة مشاهدة، هكذا فيلم في الكويت او دول المنطقة من الامور
النادرة والصعبة، ولكن حينها يفوز الفيلم بأكبر عدد من الجوائز في مهرجانات
«ساندارض» و«تورنتو».
وغيرها من المهرجانات، نجد انفسنا كمتابعين ومهتمين بالشأن السينمائي،
مطالبين ان تقدم مثل هذه الاعمال الكبرى والمهمة للجمهور حتى لو كانت ذلك
عن طريق الصحافة.. من اجل فتح الابواب ونوافذ للتواصل مع السينما، مذكرين
بان السينما ليست دائماً انتاج «هوليودي».
رصد لادق التفاصيل، اعتباراً من التمرينات الى المسابقات ومراحلها..
في مرحلة يشارك بها اكثر من «500» متسابق ومتسابقة.. تتراوح اعمارهم بين
«9-19» عاماً.
صراع من اجل الحصول على المنحة الدراسية والشهرة وعقود العمل.. ويتم
الفرز النهائي من «300» متسابق في مدينة نيويورك، ولنا ان نتصور عذابات
ومصاعب تلك المسابقة.
شخصيات متعددة الجنسيات والهويات واللغات، فهذا من عائلة يهودية وذاك
قادم من سيراليون وثالث من اميركا اللاتينية وغيرها.
وتمضي الرحلة.. ولا نريد هنا ان ننشغل بمن هو الفائز.. لاننا كنا
وللحقيقة امام شخصيات كل منها يمتلك الشجاعة.. واللياقة.. والحرفة.. ليحتل
المرتبة الاولى..
تداخل بين الشخصيات، وحوارات انسانية عالية الجودة.. تجعل تلك
الشخصيات تذهب الى عقولنا وقلوبنا عبر عمل سينمائي وثائقي بالغ الحرفية
والتفرد..
ويبقى ان نقول..
رائعة هي السينما الوثائقية حينما تذهب إلى قضايا الإنسان.. لتدهشنا.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
27/04/2012
'من
وراء الستار' و'جوه البحر':
لماذا ننشد الخلاص إذا
كان مأساويا؟
بقلم: محمود
عبدالرحيم
فيلمان مصريان يعالجان أزمة 'الاختيار الصعب' التي يقع فيها المرء في لحظات
مصيرية وتحيل حياته إلى جحيم.
ثمة ما يربط بين الفيلمين القصيرين 'من وراء الستار' للمخرجة المصرية
إيناس عمر، و'جوه البحر' للمخرج المصري روماني سعد، فالإثنان يعالجان قضية
أزمة الاختيار الصعب التي يقع فيها المرء في لحظات مصيرية من حياته، وتحيل
حياته إلى جحيم إن عجز عن حسم الصراع.
ويحسب للإثنين معا الحرص على البناء الدرامي المتماسك، والإيقاع
السريع، وتوظيف الإضاءة والألوان بكفاءة لتصدير إيحاءات سيكولوجية تخدم
المسار الدرامي.
وإن كانت ايناس عمر قد أعطت لفيلمها أبعادا متعددة، تتجاوز مسألة
التعاسة الزوجية، إلى توجيه ضربات في العمق لثقافة التحريم والتدين الشكلي،
الذي يخفي عقد النقص والازداوجية والعجز، واستخدام الدين وتأويلاته
المتشددة كأداة قمع، فضلا عن فتح أفق لإمكانية مقاومة هذا المناخ المتشدد
والانتصار عليه بالموسيقى التي لم تكن سوى رمزا لحرية الفكر والابداع
والارادة الحرة، والطريق الآمن لتلمس طريقنا للحضارة واستشعار انسانيتنا،
التي لن تتحقق سوى برفض الانصياع لمبدأ السمع والطاعة العمياء، والقهر الذي
يدخلنا في حالة غيبوبة تشل الجسد والروح معا،فعلى الجانب الآخر.
فيما بدا فيلم روماني يميل إلى التركيز على منظور أحادي ينحاز لنزعة
أخلاقية مثالية تتجاوز الواقع بشكل مبالغ فيه، تدفع الاخت الكبرى إلى عدم
التخلي عن أختها المعاقة ذهنيا، حتى لو وصل الأمر إلى الموت سويا، دون بحث
عن بدائل أخرى تحقق التوازن بين واجبنا تجاه أنفسنا ومسؤوليتنا تجاه الآخر،
واللجوء إلى منحى هروبي.
وإذا ما توقفنا عند كل فيلم على حدة نجد أن 'من وراء الستار' يجسد
الصراع الداخلي بين ما نرغبه ونحلم به، وما يتم فرضه علينا بحجة الأمر
الواقع، والتفاعلات المرهقة ماديا ومعنويا بين الأمرين، على خلفية من القمع
باسم الدين ومنطق الحلال والحرام المقيد لحرية الانسان بتأويلاته الضيقة
الأفق والمتشددة.
وسعت المخرجة من اللقطات الأولى لدفع المشاهد للانحياز إلى صف بطلتها
والتعاطف معها، ونحن نراها تتزوج مضطرة من رجل عجوز، بعد إصابة أمها
بالسرطان وغياب عائلهما.. رجل يدعي التدين ويفرض شتى أنواع القيود عليها،
بما في ذلك إجبارها على ارتداء النقاب، وهو يري الصور بدعة والموسيقى حرام،
ويحرمها من متعتها البسيطة وهي العزف على الكمان، وحين تحاول أن تمارس
هوايتها خلسة، يضربها حتى يغشي عليها وتدخل المستشفى في غيبوبة.
وحاولت المخرجة ابراز الصراع المحتدم داخل البطلة.. بين واقعها المرير
وأحلامها المكبوتة عبر لقطات متداخلة في ذات الوقت، على نحو يحدث قدرا من
الالتباس في ذهن المتفرج في البداية، لكن سرعان ما يستوعبها، فبينما كان
زوجها يسئ اليها وتحرض عليها ضرتها، أو بينما هي على سرير الغيبوبة، نراها
مع زوج متخيل يبدو قريبا منها في العمر، فنان متفهم يعاملها بحب ورفق،
ويحضر لها الزهور ويرسمها، بينما ينصت لعزفها الموسيقى باهتمام واعجاب، أو
نراها تلعب فيها مع أطفالها بحنو، رغم أنها محرومة من الانجاب.
وقد أحسنت المخرجة بالمزج بين لقطات للبطلة وهي بالنقاب الأسود وسط
إضاءة خافتة تكاد تكون منعدمة، وبين البطلة وهي ترتدي ازياء زاهية بدون
نقاب، والاضاءة كثيفة لإظهار التباين والتناقض بين الواقع المأساوي والحلم
الوردي الغائب.
ومثلما كان الحرمان من الكمان الذي يأخذ بعدا رمزيا للتحرر والانطلاق
والتحقق الإنساني، وراء انهيارها، يكون استعادة الشيء نفسه هو الباعث لها
من حالة الموت، إذ يعود أخوها الذي كان مسجونا بالعراق، ليعيد إليها الأمل،
بأن يحضر لها كمان ويضعه فوق صدرها، حتى تفيق، وتقرر أن تنتصر لنفسها،
وأكدت على ذلك بالتخلص من النقاب الذي له دلالة رمزية كذلك على الكبت
والخضوع، علاوة على إكمال التمرد بعدم الالتفات لتهديد الزوج وتركه،
والاشتراك في حفل موسيقى أعاد إليها روحها، وجعل أحلام يقظتها واقع يستحق
أن يعاش.
وبعد أن كانت تعزف في الظلام متوجسة، صارت تعزف تحت الاضواء، وتتلقى
إشارات الاعجاب والتقدير من جمهور يصفق لها.
وتنهي المخرجة فيلمها بأغنية تؤكد رسالتها، وقيمة اختيار ما نحب، وأن
على المرء ألا يستسلم وعليه أن يقف موقف الاختيار، بين الرضوخ للقهر الذي
قد يودي بحياته، أو الرفض والسعى للتحقق الإنساني مهما كان القرار صعبا
وباهظا.
وإذا جئنا لفيلم 'جوه البحر'، يمكن القول إن مخرجه تعاطى معه بحساسية
نسوية رغم أنه رجل، بدءا من معالجة قضية الاختيار من منظور المرأة، ووصولا
لسرد وقائع تقدم كل الرجال بصورة سلبية، على نحو يبدو كما لو كان طوال
الوقت في حالة إدانة للرجل الذي يقدمه تارة كمنعدم الضمير مثل الجار الذي
تأتمنه الأخت على أختها المريضة ذهنيا، فيسعى لاغتصابها رغم انه يدعى
التدين بالإمساك المستمر بالمسبحة والمصحف، أو الآخر المستغل كرئيسها في
العمل التي ترفض أن تتنازل معه لترضي نزواته، فيقوم بطردها من العمل،
مستغلا اصطحابها لأختها التي أحدثت جلبة، والثالث حبيبها المنزوع المشاعر
الذي يخيرها بينه وبين أختها، ويتخلى عنها في الوقت الذي تحتاج لدعمه.
وحتي زميلها في العمل يبدو لا مباليا بما يحدث حوله، عكس زميلتها التي
تبدي تعاطفا معها.
ويضع المخرج بطلته طوال الوقت في حالة اختيار صعب بين التزاماتها
وأدوارها المتعددة، على النحو الذي يدفع إلى أجواء أزمة وجودية، حال
التصارع بين حرية الاختيار والمسؤولية المولدة للقلق بمفهوم الفيلسوف
الفرنسي سارتر.
وجوهر الصراع إحساسها بالمسئولية عن رعاية أختها التي مات والديها،
وبقت وحيدة ومريضة ذهنيا، والتي لا تستطيع ان تتخلى عنها، وفي ذات الوقت لا
تستطيع أن تكمل حياتها بشكل طبيعي، سواء ما يخص الالتزام تجاه عملها، أو
تجاه حبيبها، الأمر الذي يفجر من طرف خفي قضية رعاية المعاقين ذهنيا،
والمسؤولية المجتمعية عنهم، فإذا كانت هذه الشابة قد اتصفت بالنبل
الإنساني، ولم تتخلّ عن أختها.. فماذا لو لم تقم بهذا الدور..كيف سيكون
مصير هذه الفتاة المعاقة العاجزة عن رعاية نفسها؟!
ويبدو مشهد النهاية تجسيدا لقمة المأساة التي تعيشها هذه الشابة، وسعى
المخرج من خلاله إلى استدرار تعاطف المتفرج مع البطلة، وتأكيد صعوبة
الاختيار الذي قد يكون ثمنه التضحية، ليس فقط بفرصة عمل أو بسعادة مع حبيب،
وإنما بالحياة ذاتها، حيث تهرول الشابة وراء أختها التي اندفعت إلى البحر
يطاردها هوس أن أبيها وأمها بالداخل "جوه البحر".
ورغم أن النهاية مفتوحة، إلا أنه إذا سلمنا بأن الشابة تريد أن تلحق
بأختها إينما كانت، فسنصل إلى استنتاج أنهما ذهبا معا إلى والديهما، حيث
الموت، لأنهما لا تستطيعان أن تواجها الحياة لوحدهما.
وقد لجأ المخرج إلى استخدام مؤشرات تجسد بقوة حالة الحصار الذي تعانيه
ليس فقط الفتاة المعاقة ذهنيا، وإنما أيضا أختها التي تقوم برعايتها مثل
باب الغرفة التي يسكنان بها، والذي حين تتوقف عنده الكاميرا نلاحظ أنه يشبه
السجن المحاط بأسوار حديدية، فضلا عن تجسيد حالة القلق على مصير أختها
بوقوع الكوب من يديها وانكساره وهي بالعمل، في الوقت الذي كانت فيه اختها
تتعرض لمحاولة اغتصاب من جارها.
إلى جانب اللجوء إلى استخدام الإضاءة والملابس لتوصيل حالة الصراع
والكآبة والمعاناة التي تعانيها تلك الفتاة بافتتاح الفيلم بإضاءة خافتة،
ثم مشهد عزاء، وارتداء الشابة طوال الوقت لزي أسود، حتى وهي مع حبيبها علي
البحر.
وتوظيف لقطة المركب الخاوي الذي يتم القطع عليه من وقت لآخر وهو
يتأرجح في قلب البحر المتلاطم الاجواء، كمعادل بصري لحالة الشابة النفسية،
وشعورها بأنها وحيدة في الحياة تقاوم أمواجها العاتية وحدها.
وبدا ان المخرج أحسن في اختيار ممثليه، خاصة الفتاتين اللتين قامتا
بدور الأختين، سواء المعاقة أو الاخرى واللتين أدت كل واحدة منهما دورها
بتقمص وإقناع جيدين.
ورغم الجهد المبذول في هذا العمل إلا أن ما يؤخذ على المخرج في
معالجته أنه يتحرك في دائرة ضيقة تغلب عليها النظرة الأحادية التي وإن
غلفتها المثالية فإنها تحمل قدرا من المبالغة، واللعب بقوة على الوتر
العاطفي الذي لا يصلح وحده للتأثير على المشاهد، وإقناعه بصدق الأحداث.
محمود عبدالرحيم: ناقد سينمائي مصري
mabdelreheem@hotmail.com
ميدل إيست أنلاين في
27/04/2012
رؤية خاصة
أيام العسل.. والدم
رفيق الصبان
غريب أمر هذه الممثلة الحسناء..
التي لا تريد أن تكتفي بكونها واحدة من أجمل جميلات السينما..
وزوجة لواحد من أكثر نجوم أمريكا وسامة وحضورا هو براد بيت.. وأم لمجموعة
من الأطفال..
اختارت أن تتبناهم من جهات العالم الأربعة وأن تكون لهم أما
نموذجية وسيدة ترعي بشكل رسمي الكثير من الأعمال الخيرية والمعونات
الانسانية لكثير من الشعوب التي تحتاج إليها.
لم تكتف انجلينا جولي ..
بهذا كله..
بالإضافة إلي أفلامها الحركية ذات الطابع التجاري أو الأفلام ذات الاتجاه
الدرامي والانساني الشديد التأثير..
بل أنها حدّثت نشاطها أيضا لتقف خلف الكاميرا مخرجة وكاتبة
للسيناريو ومنتجة مشاركة لآخر أفلامها »أيام
العسل والدم« والذي يروي صفحات دامية من حرب البوسنة الأخير والذي سبب عرضه
انقساما حادا بين الجماهير الاوروبية..
لأن الممثلة الحسناء تبنت بشكل ظاهر وعلني جانب النساء
البوسنيات اللاتي كن أكبر الضحايا في تلك الحرب الدموية التي حزنت
البلقان وقسمت يوغسلافيا الموحدة وأظهرت كمية التوحش والعنف واللا انسانية
الكامنة وراء المظاهر الأوروبية الخادعة.
أيام العسل والدم..
تروي قصة حب ملتهبة في اطار حرب دموية لا
ترحم أحدا..
بين رسامة بوسينية وبين ضابط صربي كبير..
كانت تربطهما قبل الحرب علاقة حب عابرة..
ولكن بعد انطلاق الحرب المتوحشة..
التي بان فيها الوجه الحقيقي المرعب للشعب الصربي تتخذ هذه العلاقة بعدا
آخر.. اذ تجد البوسنية الحسناء نفسها أسيرة مع الكثير من النساء
غيرها.. في معتقل صربي قاسي ..
يكون حبيبها القديم أحد حراسه وضباطه الكبار.
وبما أن الحب لا يعرف أية عوائق..
فإنه يعود مرة أخري ملتهبا جارفا..
تتخلله لحظات من الحنان..
من الصعب نسيانها ولحظات من القسوة والعنف يصعب تحملها.
يساعدها الضابط علي الهرب من المعتقل..
ولكنها سرعان ما يقبض عليها مرة أخري ويتوسط هو أيضا مرة أخري.. ليجنبها
الويلات التي تقاسيها
غيرها من النسوة ويريد منها أن تجسده في لوحاتها،
لذلك يخصص لها جناحا خاصا
بها تلقي فيه رعاية خاصة.
لكن الأمور تتفشي..
ويضطر والد ضابطنا وهو مسئول كبير للتدخل
وإجبار ابنه علي قطع علاقته بحبيسته..
بل أنه يدفع أحد الجنود لاغتصابها وتنتهي قصة الحب..
بشكل دموي..
أو تفجج النزاعات الوطنية في خلق هوة من عدم الثقة بين العاشقين تؤدي إلي
مصرعهما التراجيدي.
انجلينا جولي ..
اثبتت مقدرة مدهشة في خلق جو حرب البوسنة
والدمار النفسي والجسدي الذي احدثته..
واعطت كاميرا هي المعارك التي اخرجتها..
نفحة رائعة من الحقيقة والهلول ساعدها في ذلك ديكور متميز..
عرف كيف يعيد للأذهان بواقعية خاصة تلك الاجواء المأساوية التي يصعب علي
التاريخ نسيانها.
كما برعت في تقديم مشاهد الحب..
والجسد ضمن هذا الاطار المرعب..
لتبدو هذه المشاهد وكأنها باقة ياسمين أبيض فوق
كومة من الفحم المحترق الأسود.
وركز الفيلم علي مأساة النساء البوسنيات..
اغتصابا واذلالا..
واهانة..
وربما كانت هذه الجرعة زائدة إلي حد ما..
ينظر البعض ولكن كما تروي احداث التاريخ..
فأنها تظل جزء من الحقيقة البشعة الكابوسية
التي عاشتها تلك المنطقة خلال سنوات الحرب واحالت تلك الجنة الخضراء..
إلي جحيم ملتهب..
حافل بالمآسي والفظائع.
أيام العسل والدم..
فيلم مهم..
رغم ميلودراميته ورغم قسوته ورغم مبالغاته أحيانا.. لأنه يكشف عن نفس حساسة..
اصابها سهم في ضميرها..
فصرخت.. وعبرت.. وقالت بحماس.. ما لم يجرؤ أحد غيرها ان يقوله.
ليس هناك إلا كلمة واحدة نقولها لنجمتنا
الحسناء المتألقة ذات
الضمير الحي نلخص في رأينا كل شيء..
وهي »برافو«.
rafikelsabban@Gmail.com
أخبار النجوم المصرية في
26/04/2012
سينمائيات
كباريه.. اربعون عاما
مصطفى درويش
وبكباريه لا أقصد الفيلم المصري الذي انتجه الأخوة السبكي بنفس الاسم،
قبل بضعة أعوام، فمثله لايطول عمره في ذاكرة التاريخ السينمائي
اربعون عاما.
دائما أقصد به الفيلم الامريكي الفائز صاحبه
»بوب فوس« بجائزة اوسكار افضل مخرج (1973)،
فضلا عن فوز الفيلم بسبع جوائز أخري.
وبطلة »كباريه«،
بوب فوس.. وباسمها »سالي باولز«، وهي في »حكايات برلين« لصاحبها المؤلف
الانجليزي »كريستوفر ابشروود«
فتاة انجليزية غريبة الاطوار، ولكن سيناريو الفيلم المستوحي من مسرحية موسيقية،
حققت نجاحا كبيرا في برودواي بنيويورك، غير هويتها،
فجعلها فتاة امريكية، أمل حياتها، ان
يكتشف أحد موهبتها، فيرتفع بها إلي مصاف نجوم السينما وسواء اكانت »سالي«
انجليزية ام امريكية، فهي حسب احداث الفيلم تعيش في برلين،
وقت صعود النازية، وتحديدا عام 1931.
وهي لاتعيش في العاصمة الالمانية،
حياة عادية بل حياة صاخبة كلها لهو ولعب، تعمل مغنية وراقصة في ملهي ماجن اسمه
»الكيت كات«.
وتؤدي دورها »ليزا مينيللي«،
ابنة النجمة »جودي جارلاند« و»ڤينسنت مينيللي«
المخرج ذائع الصيت،
وصاحب اكثر من ملهاة موسيقية ناجحة في تاريخ هوليوود.
ووقت ادائها للدور، لم
يكن لها من العمر سوي خمسة وعشرين عاما.
وقد ادته علي نحو ليس في وسع أية ممثلة أخري ان تضارعها فيه.
وعن ادائها البارع له،
فازت بجائزة اوسكار أفضل ممثلة رئيسية.
والفيلم ليس كغيره
من افلام ذلك النوع المسمي »بالملهاة الموسيقية«.
فعلي
غير المعتاد في الافلام الموسيقية،
ليس له نهاية سعيدة.
فقصة الحب الثلاثي بينها وبين
»بريان« مدرس اللغة الانجليزية ويؤدي دوره الممثل الانجليزي »مايكل بورك«
والبارون الالماني الوجيه،
ويؤدي دوره الممثل
»هلموت جريم« وتنتهي بتفكك العلاقة بين الثلاثة،
و»بسالي«
حامل، علي غير رغبتها.
فضلا عن ان الفيلم لايشع موسيقي في كل احزانه فباستثناء اغنية وطنية
في حب المانيا فوق الجميع
ينشدها صبي نازي، في حديقة بيرة، وسرعان ما يردد كلمات الاغنية جمهور الحديقة،
وقوفا، رافعا الذراع اليمني، بالتحية النازية.
باستثنائها، فلا أحد
يغني في الفيلم سوي »سالي«، وأين؟
داخل ملهي »الكيت الكات«،
وعلي خشبة مسرحه، حيث
يقوم مقدم العروض،
ويؤدي دوره »جوويل جربي«، الفائز، هو الآخر، بجائزة اوسكار لافضل ممثل
مساعد، عن حسن ادائه لهذا الدور.
يقوم بتقديم الاغاني والرقصات لزبائن الملهي مصحوبة بتعليقات موجه،
مدغدغة للحواس
ولئن كانت اغاني »سالي«
محصورة داخل الملهي، لاتخرج ابدا عن مجاله،
الا انها غير منفصلة بمعانيها عما يحث خارجه، في شوارع برلين،
من احداث جسام فالميليشيات التابعة للحزب النازي،
تحت زعامة »ادولف هتلر«: تنشر الارهاب ضد خصوم النازية بالقتل، وتدمير الممتلكات،
ممهدة بذلك الطريق لاستيلاء رجال ذلك الحزب علي الحكم، والقضاء علي
الديمقراطية، بالغاء دستور »ڤايمر«
الذي كان يعتبر، وقتذاك، واحدا من أفضل دساتير العالم،
ان لم
يكن افضلها جميعا.
فهذه الفوضي العارمة، خارج ملهي
»الكيت كات« كانت تجد صدي لها في أغاني »سالي«
داخل الملهي،
بفضل توليف »مونتاج« أحكم الوصل بين ما يحدث خارج الملهي، وما تنطوي عليه اغاني
»سالي« من معان وبفضل ذلك الوصل بين ما يحدث خارج الملهي وداخل كان في وسع صاحب الفيلم
ان يبدع عملا وحيد نوعه بين الاعمال السينمائية الموسيقية.
كشف من خلاله، كم كانت الامة الالمانية،
في بداية ثلاثينات القرن الماضي مريضة بالعنصرية،
وكراهية الآخر، والثأر لهزيمتها في الحرب العالمية الاولي.
وكم كان الكثير لاه، غير مبال بنذر العاصفة المميتة القادمة في مستقبل
الايام، غافل عما سيعقبها من دمار.
ولقد كان من نتائج اللامبالاة والتهوين من شأن خطر النازية،
ان أصبحت العاصفة المميتة امرا محتوما، فهبت،
ولم تنحسر عن أرض المانيا، الا وكانت ارضا خرابا.
أخبار النجوم المصرية في
26/04/2012 |