رغم خصوصية بيئة صعيد مصر فإن الفنان السوري جمال سليمان يقول إنه
أصبح على دراية جيدة بعادات وتقاليد أهل الصعيد، بالإضافة إلى لهجتهم
الصعيدية التي كانت بمثابة تأشيرته للعبور إلى الجمهور المصري من خلال
مسلسل «حدائق الشيطان»، فيستعد سليمان بمسلسل «سيدنا السيد» للحاق بالسباق
الرمضاني هذا الموسم، ويدور حول شخصية رجل صعيدي تشكل مزيجا بين شخصيات
كثيرة، على حد وصف سليمان. وعلى الرغم من إقبال الجماهير العربية على
الدراما التركية بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، فإن سليمان يرى أن الوقت
ما زال مبكرا على هذه الأعمال حتى تنزع من الأعمال العربية مرتبتها الأولى
بين الجمهور العربي، إلا أنه مع ذلك يؤكد أن مسؤولية إقبال الجمهور العربي
على الدراما التركية تقع على العاملين بالدراما العربية. «الشرق الأوسط»
انفردت بحوار مطول مع سليمان، تحدث فيه عن أعماله وعن مشاركته في فيلم
إيراني سيعرض في وقت قريب بعدة لغات.. وهنا نص الحوار:
·
ماذا جذبك في سيناريو «سيدنا
السيد» لتعود من خلاله لأداء شخصية الرجل الصعيدي؟
- اخترت هذا السيناريو بالذات من ضمن الكثير من السيناريوهات للرجوع
به إلى الشخصية الصعيدية، فشخصية «فضلون الديناري» الملقب بسيدنا السيد
أعجبتني، فهي تمثل خليطا من الشخصيات في شخصية واحدة، فهو لديه مرجعيات
كثيرة، تارة يستخدم القوة، وتارة أخرى يستخدم الدين للتصديق على كلامه
وإرضاء ضميره، تلك الشخصية التي تتميز بالمتناقضات من العواطف والمشاعر
الحلوة والمرة في نفس الوقت. كما يبرز العمل علاقة الإنسان الضعيف والجاهل
بالحاكم القوي المسيطر، فهو لديه أدوات كثيرة للسيطرة على الإنسان، فيقرر
الثواب والعقاب. وأرى أن هذا ما يجري الآن في عالمنا العربي، فهذا العمل
يظهر الصراع الفكري بين الجيل القديم والجيل الحالي، ويناقش الكثير من
المعاني الإنسانية والدينية والرومانسية والقوة، والقصة تدور في مطلع
الأربعينات من القرن الماضي.
·
قدمت في العام الماضي أيضا عملا
عن فترة الثلاثينات، في حين أن حاضرنا به زخم من الأحداث.
- العمل ليس بقيمة الزمن ولكنه بقيمة الفكرة والموضوع، ويخطئ من يقول
إن هذا اليوم أتى بأسئلة جديدة، بل هي أسئلة قديمة ولكنها تتجدد مع مرور
الزمن، وهذه الفترة تبرز علاقة المواطن بالدولة، وحق الدولة عند المواطن،
وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وموقع الدين في كل ذلك، وعلاقة السياسة بالدين،
وهذا ما يناقشه العمل، فهو يناقش الماضي والحاضر معا.
·
فلماذا إذن لم تطرح الفكرة في
الوقت الحالي، خصوصا وأن القضايا متشابهة؟
- لأن مناخ العمل مناسب لهذه الفترة - فترة الأربعينات - وأيضا هذا
الرجل منعزل عن المدينة ويقطن في مكان بعيد في الصعيد، بالإضافة إلى أن
الجمهور لن يهتم بأي فترة تدور فيها الأحداث، ففي الحلقة الثالثة تقريبا لن
يشعر المشاهد بأي حقبة يدور المسلسل.
·
هل يعني ذلك أن شخصية «سيدنا
السيد» تعبر عما نعيشه حاليا؟
- المسلسل يناقش علاقة السلطة بالناس، فالإنسان مشغول دائما بفكرة
السلطة في كل المجالات، سواء في المدرسة أو الشركة أو أي مجال آخر،
فالإنسان لديه دائما مشكلة مع السلطة، ويسعى الإنسان جاهدا إلى أقصى حدود
الحرية.
·
هل يتناول الموضوع شخصا بعينه أو
قصة حقيقية لشخص في الصعيد؟
- هذا الرجل لا يوجد في الصعيد فقط، ولكنه موجود في قلب كل حزب، وأيضا
في كل بيت وفي كل دولة، سواء كان رئيس دولة أو رئيس وزراء، فما دام شعاره
هو الحديث عن السلطة فلدينا نماذج كثيرة من هذا الرجل.
·
ما الحديث الذي دار بينك وبين
شخصية «سيدنا السيد» عندما قرأت الشخصية لأول مرة؟
- كل الشخصيات التي قدمتها من قبل لم أبدأ العمل عليها عند قراءتها
أول مرة، بل أبدأ عليها منذ سنوات طويلة، فالتمثيل عملية تراكمية، بمعنى
أنه عندما مثلت دور ناظر مدرسة في أحد أعمالي لم أقتصر على الورق، بل رجعت
بالذاكرة إلى ناظر مدرستي وأنا طفل، فالممثل لا بد أن يكون لديه مخزون
ومستودع لكل الشخصيات الموجودة في الحياة ويخرجها في الوقت المناسب، وهذا
ما حدث مع شخصية مسلسل «سيدنا السيد»، خصوصا وأنه ليس العمل الأول لي عن
الرجل الصعيدي والاحتكاك بالمجتمع الصعيدي الذي أصبحت على دراية جيدة
بعاداته وتقاليده.
·
هل ذهبت إلى الصعيد في هذا
العمل؟
- نعم، ذهبت وتقابلت مع شخصية من الشخصيات المشهورة هناك، وهو رجل
معروف عنه القوة، وكنت أريد أن أعرف ملامح شخصية هذا الرجل القوي الذي يملك
الصفات القوية للشخصية التي أقدمها، وما شكل تعامله مع أسرته وزوجته
وأولاده، فرأيت أن هذا الرجل يتعامل بكثير من الحنان والمشاعر الطيبة
والهادئة. والناس هناك استقبلوني بشكل رائع، فهم أهل كرم ويحترمون من
يتعامل معهم باحترام، ويكونون حريصين جدا على الضيافة، خصوصا الغريب.
·
لماذا تسعى دائما إلى الشخصيات
التي تتصف بالسيطرة والقوة؟
- لا أهتم بصفات الشخصية التي أقدمها أن تكون شخصا ضعيفا أو شخصا
قويا، بل ما يشغلني هو الموضوع والقصة والهدف منها ومدى تأثيرها على
الجمهور، وأنا دائما أسعى إلى التنوع، والدليل على ذلك الشخصيات التي
قدمتها، وأبرزها ياسين في مسلسل «قصة حب»، لا يشبه شكري عبد العال في
«الشوارع الخلفية». ولا أنكر أن شخصية «سيدنا السيد» تتشابه في بعض الصفات
الإيجابية والسلبية مع باقي الشخصيات التي قدمتها من قبل، ويشرفني كفنان أن
أقدم أعمالا كهذه أفتخر بها وأحترمها ويحترمها الجمهور.
·
بمناسبة الحديث عن مسلسل
«الشوارع الخلفية»، هل ترى أن هذا العمل أخذ حقه في النجاح الجماهيري؟
- ردود الأفعال التي وصلتني كانت قوية جدا وتدل على أنه حصل على نسبة
مشاهدة جيدة، وكذلك لا يوجد أي قضايا تم رفعها على المسلسل كما يحدث مع بعض
الروايات، ويشرفني أنني قمت بعمل بهذا الحجم، وأتذكر مكالمة عبد الرحمن
الشرقاوي وإشادته بالعمل، وأعتقد أن «الشوارع الخلفية» من الأعمال التي لن
تعيش شهرا وتنتهي، بل ستدوم طويلا ولن ينساها الجمهور، وستعيش في ذاكرة
التاريخ مثل مسلسل «ليالي الحلمية» و«الضوء الشارد» و«المال والبنون»، فنحن
نحتاج إلى سنوات حتى نستطيع أن نحكم على الأعمال الجادة، بالإضافة إلى
أعمال أخرى أرى أنها ستحصل على حقها في الفترة القادمة مثل «قصة حب»
و«ذاكرة الجسد» و«الحارة» و«أهل كايرو» و«المواطن إكس»، فهذه أعمال ستبقى
في ذاكرة الناس بعيدا عما نشاهده من أعمال تهتم فقط بملابس الفنانة وزينتها
الصارخة.
·
لماذا أيضا لم يحظَ مسلسل «ذاكرة
الجسد» بنسبة مشاهدة عالية؟
- مسلسل «ذاكرة الجسد» حقق فكري كفنان، ولكن الظروف هي التي جعلته لم
يحظَ بالنجاح الجماهيري المطلوب، وأبرز هذه الأسباب عدم الدعاية الجيدة
للمسلسل، وكذلك الإعلام مسؤول مسؤولية كبيرة عن ذلك، لأنه لم يسلط الضوء
على الأعمال الهادفة ويتطرق إلى أشياء تافهة كفستان الفنانة وعينيها
الملونتين وتفاصيل أخرى، ولا يهتم بالدراما والقصة داخل العمل، فنحن في
معركة حقيقية، فالجمهور العربي الآن يهرب إلى الأعمال التركية التي هي
بعيدة تماما عن عاداتنا وتقاليدنا.
·
على من تقع مسؤولية استحسان
الجمهور العربي وتفضيله للأعمال التركية؟
- كلنا مسؤولون، فنانين ومنتجين ومؤلفين وموزعين، فالفنان لم ينظر إلى
الموضوعات التي تخص المجتمع المليئة بالأحاسيس والمشاعر والحب، والمنتج
يتنوع في التصوير وأماكنه الجذابة للعمل، والموزع الذي لا يسعى إلى توزيع
الأعمال الدرامية إلى كل البلدان كما يفعلون هم ذلك.
·
هل ترى أنه من الممكن أن تسيطر
الدراما التركية على الموسم الرمضاني؟
- من الصعب حدوث ذلك في الوقت الحالي، فالمسلسل العربي ما زال يحتل
المرتبة الأولى في رمضان، لكن في الفترة القادمة لو لم نهتم بموضوعاتنا
ونركز على الدراما اليومية للمشاهد العربي وقصص الحب ونعمق الإنسانيات في
الموضوعات، سيهرب المشاهد إلى هذه النوعية من الأعمال، كما أننا ليس لدينا
الجراءة التي يقدمها الأتراك في موضوعاتهم، وعلى الرغم من أن الموضوعات
التي تتناولها الأعمال التركية تافهة ولم ترتقِ إلى المستوى الجاد من
المشاهدة، بمعنى كيف نتابع على مدار مائتي حلقة سيدة تخون زوجها ونضع
أيدينا على قلوبنا حتى لا تظهر هذه الخيانة في النهاية؟ ولكنهم ينجحون
بعوامل كثيرة، منها التصوير واللعب على وتر النساء. وأستغرب الإقبال على
مسلسل «حريم السلطان»! وهو مسلسل ليس بالجيد وينصب تركيزه على حريم السلطان
ولا يتطرق إلى مشكلات الخلافة العثمانية إلا قليلا، وبالنسبة لي فقد قدمت
أعمالا تاريخية أفتخر بها ولم تحظَ بهذه النسب من المشاهدة، وأعترف أن
الجانب الإنساني كان لا بد أن يتعمق أكثر في هذه الأعمال، حيث تم التركيز
على الجانب السياسي، وسوف أركز على هذا الجانب في أعمالي القادمة.
·
كيف جاءك العرض للمشاركة في
الفيلم الإيراني الذي انتهيت من تصويره مؤخرا؟
- ليست هذه المرة الأولى التي أشارك فيها في الدراما الإيرانية، فقد
شاركت بعمل من قبل ويعرض بشكل مستمر في إيران، وأنا فنان عربي مشهور في
إيران، أما بالنسبة للفيلم الذي انتهيت من تصويره منذ أيام فقد تم عرضه علي
منذ ثلاث سنوات ثم تم تأجيله نظرا للأحداث السياسية والانتخابات هناك، ثم
انشغلت في مسلسل «الشوارع الخلفية» العام الماضي فاعتذرت عن المشاركة فيه،
ولكن المنتج والمخرج أصرّا على مشاركتي في هذا العمل، وتم استبدال دوري
بدور أصغر، ومن المقرر أن يتم عرضه في الأيام المقبلة بعدة لغات، الألمانية
والفرنسية والمالوية ولغات أخرى، ولا أستطيع الإفصاح عن تفاصيل دوري.
·
لكن الشخصية التي تقدمها تشبه
إلى حد كبير في الشكل «محمد علي»، هل ممكن أن تفكر في تجسيد هذه الشخصية؟
- إطلاقا، فهذه الشخصية ملك لفنان واحد فقط وهو «يحيى الفخراني»،
ولكني أوافق على مشاركته، وذلك بتجسيد شخصية ابنه إبراهيم باشا، وقد
تقابلنا أنا والفنان يحيى الفخراني منذ أسبوع تقريبا وتحدثنا في هذا
الموضوع ورحب بهذا التعاون.
·
أين ذهبت الدراما السورية في
الخريطة التلفزيونية العربية؟
- للأسف منذ خمس سنوات والدراما السورية غارقة في موضوعات ليست لها
قيمة، والتي كان يشكلها العمل الفني الجيد وموضوعاتها، ولو أخذنا كل طرف
بشكل منفصل سواء الشكل الفني أو الموضوع فقط فسنصل إلى نفس النتيجة، وهي
عدم وجود الدراما بقوة على الساحة العربية.
·
لماذا أنت مقاطع للسينما
المصرية؟
- السينما المصرية هي التي تقاطعني، وأنا ليس لدي هذه العقدة،
فالدراما بالنسبة لي جيدة جدا وتؤرخ للفنان، وأنا قدمت الكثير من الأعمال
التاريخية والدرامية التي تضيف لتاريخي، وأنا سعيد في التلفزيون ولم أشعر
بفارق أنني موجود في الدراما وغير موجود في السينما، فلو كنت أسعى إلى
الشهرة فالدراما صنعت نجوميتي وشهرتي أكثر من السينما، وأنا سعيد بذلك.
·
لكن السينما تصنع تاريخا؟
- قد يكون تاريخا سيئا، وأعرف الكثير من الفنانين لديهم تاريخ في
السينما يتمنون أن يحرقوه، ولكن الاختيارات سواء سينما أو دراما هي التي
تفرض نفسها، والفكر الدرامي اختلف عما كان في الماضي، فعلي سبيل المثال
عندما يذكر الفنان يحيى الفخراني كفنان نتذكر الأعمال التلفزيونية مثل
«ليالي الحلمية»، ونتذكر دائما للفنان نور الشريف مسلسل «لن أعيش في جلباب
أبي»، وللفنان صلاح السعدني نتذكر دور العمدة في «ليالي الحلمية»، ولا أنكر
أن الفيلم يعرض في مهرجانات عالمية أكثر من المسلسل الذي لم يسعَ موزعوه
إلى أن يقدموا هذه الأعمال في كل العالم.
·
ما الدور الذي كنت تحب أن تقدمه
ولم تقدمه حتى الآن؟
- كنت أتمنى أن أقوم بدور «حاتم»، الشاذ جنسيا، الذي قدمه الفنان خالد
الصاوي في فيلم «عمارة يعقوبيان»، فخالد الصاوي يستحق على هذا الدور وسام
الإبداع والتميز، وأيضا الفنان باسم السمرة، فدوره صعب، وكنت أتمنى أن أقوم
به، ولا أخشى من رد فعل الجمهور، فلا أنسى كلمة فاتن حمامة عندما عرض فيلم
«الحرام» في المعهد العالمي وقالت: «أنا أخذت حقي بعد 25 عاما بعد هذا
العمل»، فبالتأكيد يوجد أعمال ستأخذ حقها على مدار سنوات، ولو رجعنا إلى
ذاكرة السينما المصرية فسأتذكر بالطبع «عمارة يعقوبيان» كعلامة.
الشرق الأوسط في
06/04/2012
محمود عبد المغني نجم محتمل مع إيقاف التنفيذ
«رد
فعل» بلا «رد فعل».. وكأن فيلما لم يكن
القاهرة: طارق الشناوي
كما تشهد الحياة السياسية في مصر تعبير رئيس محتمل، فإن الحياة الفنية
صارت تطرح أيضا تعبيرا مماثلا، وهو نجم محتمل، لا يزال يبحث عن تهافت وترقب
جماهيري، وأكثر فنان ينطبق عليه هذا التوصيف الآن هو محمود عبد المغني.
قبل 13 عاما شارك ثلاثة من الممثلين الجدد في فيلم «عبود ع الحدود»،
دفع بهم المخرج شريف عرفة إلى عالم السينما في أدوار رئيسية تحت مظلة علاء
ولي الدين، بطل الفيلم الذي كان يتحمل وقتها بمفرده مسؤولية الجذب
الجماهيري.. الثلاثة هم أحمد حلمي وكريم عبد العزيز ومحمود عبد المغني، لم
تمض سوى سنوات قلائل حتى وصل كل من حلمي وكريم إلى نجومية شباك التذاكر،
وأصبح كل منهما قادرا بمفرده على تصدر «الأفيش» ويأتي اسمه سابقا الجميع في
«التترات»، بينما ظل عبد المغني ممثلا موهوبا، ولكن دائما ما يسند إليه
الدور الثاني.. البطولة بعيدة عنه رغم أن البعض كان يترقب عبد المغني في
مكانة تشبه ما حققه أحمد زكي، وبالفعل تستطيع أن تجد أن عبد المغني أحد
الفنانين الذين يسيرون على خطى النجم الأسمر الراحل، إلا أن النجومية تظل
شيئا آخر لا تستطيع أن تعتبر أنها تساوي الإبداع لأن هناك بالفعل عشرات من
النجوم تتضاءل مواهبهم، إلا أن الجمهور ينحاز إليهم ويقطع التذكرة من
أجلهم.. مثلا أحمد السقا نجم له حضور طاغ ولكن عطاءه محدود في فن الأداء،
ولهذا فإن أي ممثل يقف بجوار السقا في أي عمل فني يخرج منتصرا عليه فنيا
بشهادة الجمهور والنقاد، لو كان هناك «ترمومتر» لفن أداء الممثل سيحظى بأقل
المعدلات إلا أن الناس تقطع التذكرة من أجله.
على الجانب الآخر تماما، من الممكن أن ترى عبد المغني، فلقد شاهدته في
الكثير من الأعمال سينمائيا وتلفزيونيا ودائما ما تلمح وميض الموهبة يشع في
أدائه، ولكنه لم يستطع تحقيق النجومية.. كانت له محاولة قبل ثلاث سنوات في
فيلم «مقلب حرامية»، حيث لعب دور البطولة وتصدر اسمه الأفيش وشربنا المقلب
كان الفيلم متواضعا فنيا، وكان عبد المغني أيضا غير قادر على جذب المتفرج
إلى دار العرض.. لم ينجح عبد المغني في العبور إلى الجمهور وهذه هي
المحاولة الثانية التي يتصدر فيها الأفيش باعتباره النجم الجماهيري، ولكن
لا يزال هناك مسافة مع الناس، والدليل أن عددا من دور العرض ألغت حفلات
الفيلم بعد ثلاثة أيام فقط حيث لم يقبل الجمهور على الفيلم كان رد الفعل هو
أن الفيلم بلا رد فعل جماهيري!!.
اختار عبد المغني فكرة «سيكولوجية» عن مريض بالانفصام، يموت والده وهو
طفل، ويعتقد خطأ أن هناك من قتله وتتعدد جرائمه، فهو يبدأ بمطربة قديمة
كانت على علاقة بوالده وبعدها تبدأ سلسلة الجرائم، وفي نفس العمارة هو تصور
بسبب المرض العقلي أن هؤلاء هم قتلة والده، ولم يكن ذلك صحيحا وأبوه لم
يقتل.. الفيلم كتبه إيهاب فتحي وأخرجه حسام الجوهري، ومنذ الجريمة الثانية
اكتشف المتفرج بسهولة أن القاتل هو عبد المغني، الذي يؤدي دور الطبيب
الشرعي الذي تصب عنده كل هذه الجرائم كما أنه صديق الضابط عمرو يوسف، الذي
يروي لصديقه كل التفاصيل.
بناء السيناريو المفروض أنه قائم على التشويق، حيث إن الكل من المفترض
ألا يعرف من هو الجاني، ولكن لأن الحبكة الدرامية مفتعلة فلقد اكتشف
المتفرج الجاني ولهذا اضطر المخرج في النصف الثاني إلى الانتقال دراميا من
المفاجأة، حيث التشويق القائم على خداع المتفرج حيث يلجأ إلى حيلة درامية
مغايرة، وهي المفارقة التي تعني أن المتفرج يعرف اسم القاتل بينما الأبطال
لا يعرفون.
حرص السيناريو على أن يمنح مساحة للوجه الجديد حورية فرغلي، التي تؤدي
دور ابنة خالة عبد المغني، وهي طبيبة نفسية تتعاطف معه وترى أنه مريض، وليس
قاتلا، رغم أنه ومن أجل الوصول إلى الذروة الدرامية كان يخطط لقتلها، فإنه
في اللحظات الأخيرة يتراجع أمام استعطافها ودموعها. وتنتهي الأحداث بعد أن
تم احتجاز عبد المغني في مستشفى للعلاج النفسي وهو يحتضن دمية كانت قد
أهدتها له حورية فرغلي ونشاهدها وهي في زيارة له.
الفيلم لم يستطع أن يشكل أي إضافة لكل من شارك فيه، بل أتصوره على
العكس خصم من أبطاله المحتملين أي نجومية محتملة.. مثلا حورية فرغلي كان
هناك ترقب لها بالنجومية بعد أن قدمها المخرج خالد يوسف في فيلم «كلمني
شكرا» قبل عامين، ثم شاهدناها مجددا في «كف القمر» وحققت نجاحا لافتا في
رمضان الماضي في مسلسلي «الشوارع الخلفية» و«دوران شبرا»، إلا أنها هذه
المرة لا شيء فلا تتذكر حتى أنها كانت في الفيلم.
المخرج قدم في العمارة نماذج شاهدنا خلالها فسادا في المجتمع مثل
الصحافية، وتاجر الذهب، والطبيب، والمحامي، والممثلة الناشئة.
كاتب السيناريو أراد أن يحاكي رائعة علاء الأسواني «عمارة يعقوبيان»،
ولكن في «يعقوبيان» كان هناك تحليل اجتماعي واقتصادي وسياسي ونفسي للشخصيات
التي نشاهدها، ولكن ما حدث في هذه العمارة مجرد تجميع لعدد من السكان ولا
يوجد لدى الكاتب أو المخرج أي لمحة خاصة يضيفها للشخصيات، كما أنه يقدم
فيلمه معزولا فكريا وسياسيا عما يعيشه الناس الآن في مصر، الفيلم يتناول
زمنيا تلك الأيام، ولكنه في الحقيقة لا يشعرنا بأن هناك تأثيرا للزمن بل
مجرد حكايات للسكان في العمارة وأغلبها لم تكتمل دراميا.
المخرج حسام الجوهري لم يستطع أن يضيف شيئا إلى نجومه، بل إن بعضهم
مثل محمود الجندي شاهدناه في الفيلم وهو يعيد تقديم نفس البضاعة الدرامية
التي قدمها من قبل، حيث إنه كان يقدم «لزمة» في شهر رمضان الماضي في
الشخصية التي يؤديها كموظف في مسلسل «الشوارع الخلفية»، أعادها مرة أخرى في
الفيلم رغم أنه يؤدي دور محام عُقر واللزمة هي «ولا أنا غلطان»، ولا أدري
كيف يقع الممثل في هذا الخطأ ويعيد «لزمة» ارتبطت بشخصية أخرى، وكيف تغفل
عنه عين المخرج الذي لم يستطع توجيهه أو حتى مراجعته حتى لا يكرر التعبير.
ويبقى الحديث عن النجم الذي باءت كل محاولات تدشينه كنجم قادم بفشل
ذريع، ورغم ذلك فإن عبد المغني لا شك سوف يتماسك ويهرب من السقوط في هذه
المصيدة.. سبق مثلا أن حاولوا مع ماجد الكدواني أن يصنعوا منه بطلا وقدم
قبل 6 سنوات بطولة فيلم عنوانه «جاي في السريع»، ولكن الفيلم لاقى هزيمة
سينمائية فادحة وفاضحة، ورغم ذلك فإن الكدواني استطاع أن يتماسك ويشارك في
أدوار رئيسية في الكثير من الأفلام، وفي النهاية زاد رصيده من التكريمات
والجوائز التي حصل عليها عن جدارة، وبينها جائزة أفضل ممثل منحت له من أكثر
من مهرجان بينما الكثير من النجوم الأبطال لا يحصلون أبدا هذه الجوائز
واكتفوا بما حققوه من نجومية.
عبد المغني هل عليه أن ينسى طموحه الدائم بأن يصبح نجما؟ أقول مع
الأسف إن هذا صحيح، وإذا أراد أن يواصل الوجود عليه أن يعود مرة أخرى للدور
الرئيسي الذي يرحب به وهو يمنحه ألقا وحضورا، أما نجومية شباك التذاكر فلقد
كانت وسوف تظل سرا لا أحد يملك أن يعرف «شفرة» تلك الكيمائية التي تنتقل
بين النجم والجمهور، وأتصور أن هذه الشفرة الخاصة يفتقدها عبد المغني!!.
الشرق الأوسط في
06/04/2012
عرض مؤخرا في مهرجان «هيومان رايتس ووتش» في لندن
فيلم يروي قصة فريق كرة السلة للفتيات بالجامعة الأميركية
في السليمانية
لندن: شيماء بو علي
حالف العالم العربي الحظ في الاحتفاء بالكثير من الرياضيات الناجحات،
فكانت العداءة المغربية نوال المتوكل، الفائزة بميدالية ذهبية في بطولة
الألعاب الأولمبية، اسما ملهما في ثمانينات القرن العشرين، وحاليا تشتهر
حنان أحمد خالد من مصر بوصفها أفضل لاعبة ألعاب قوى، أما رقية الغسرة،
العداءة البحرينية التي شاركت في أولمبياد بكين 2008، فقد شجعت النساء في
دول الخليج على الاهتمام بالرياضة، وفي هذا العام سوف تحمل السعودية ريما
عبد الله الشعلة الأولمبية في أولمبياد لندن. إذن ما الذي يجعل قصة فريق
كرة السلة للفتيات بالجامعة الأميركية في منطقة السليمانية بالعراق مختلفة؟
«سلام دانك»، الذي عرض مؤخرا في المهرجان
السينمائي الذي تقيمه منظمة «هيومان رايتش ووتش» في لندن، هو فيلم وثائقي
يعرض لتلك القصة.
الفيلم لا يتناول فقط الصعوبات التي تواجه النساء في مجال الرياضة في
الشرق الأوسط، مثل «نساء في الملعب» الذي يدور حول النساء اللائي يلعبن كرة
القدم في فلسطين، و«أوف سايد» الذي يتناول نساء يمارسن رياضة كرة القدم في
إيران. فبحسب «سلام دانك»، يوجد في العراق مجموعة من فرق كرة السلة
النسائية، وهي رياضة شائعة في أميركا، تمول بشكل أساسي من قبل الحكومة.
وعلى الرغم من أن فكرة النساء والرياضة لا يتم التعبير عنها من خلال
تعليقات الناس في الشارع باعتبارها فكرة جديدة، فإن هذا الفيلم يتناول
بالفعل فكرة تعلم المثابرة من خلال الرياضة، ويروي قصة هؤلاء الفتيات من
خلال ملاحظة الألعاب التي يمارسنها ومذكراتهن الشخصية المسجلة بالفيديو
والعلاقة المدعمة التي تربطهن بمدربهن الأميركي، ريان.
يتألف الفريق من مجموعة نساء من مناطق مختلفة من العراق، يشكلن معا
مجموعات عرقية متعددة من العرب والأكراد والتركمان وغير ذلك من الأعراق.
وفي ظل وجود قضايا التوترات الطائفية والعرقية يتحدث أفراد الفريق عن العمل
معا كفريق، وتعلم تجاوز الاختلافات والتوحد بهدف تحقيق الفوز في كل مباراة.
ومن خلال هذا الفيلم المفعم بالحياة، خصوصا بفضل الموسيقى التصويرية
الكردية الرائعة النابضة بالحيوية، يتعرف الجمهور على الصعوبات التي قد
واجهتها تلك الفتيات في حياتهن أثناء الحرب والغزو الأميركي اللاحق.
عدد كبير من الفتيات اللاتي يصورهن الفيلم من بغداد، حيث تتسم الحياة
بالعنف والفوضوية. فتتحدث صفاء، كابتن الفريق، عن فقدان أخيها وأبيها في
الحرب «بسبب الموقف الأمني». وبعدها تركت والدتها عيادة الأسنان التي
تملكها للعمل في مجال السياسة. والآن تدرك صفاء، التي تعيش مع أمها في
السليمانية، أنها يجب أن تكون الابنة الكبرى القوية التي تدعم أمها.
يعترض مسار الفيلم بشكل متقطع تعليقات من أفراد في الشارع يتحدثون
فيها عن فكرة النساء والرياضة بشكل عام. ويتذكر رجل أكبر سنا أنه في فترة
الستينات لم يكن هناك نساء في مجال الرياضة، ولم تبدأ النساء في الانضمام
إلى الأندية الرياضية إلا بعد السبعينات. وتشرح صفا أنه قد تكون الرياضة هي
الوسيلة المثلى لإزالة الحواجز الثقافية.
ويعتبر «سلام دانك» فيلما وثائقيا حافلا بالآمال ينحو بالمشاهدين
بعيدا عن العراق التي مزقت أوصالها الحرب إلى مكان يعتبر متقدما من قبل
النساء الشابات اللائي يعشن هناك. والفيلم الوثائقي «الذي يبث مشاعر
السعادة» يأخذ المشاهدين عبر مكاسب وخسائر الفريق وجهود الفتيات المتواصلة
من أجل الوصول إلى مستوى أداء أفضل، من أجل أنفسهن وبلدهن المنكوب. ومع أنه
من الواضح أنه لن تتحقق معجزة من خلال هذه الرياضة، فإن ثمة عنصر قوة في
رؤية مجموعة فتيات يتعلمن قيمة المثابرة من خلال العمل الجماعي والتحدي
البدني والمنافسة.
الشرق الأوسط في
06/04/2012 |