هند صبري في تصريحات خاصة لـmbc.net تكشف
عن خلفيات وجود اسمها في قائمة المؤيدين لـ"بن
علي"، وتدافع
عن الزعيم عادل إمام ضد اتهامه بازدراء الأديان.
انتقدت الفنانة التونسية هند صبري بشدة الحكم الغيابي بالسجن الذي صدر
بحق الفنان المصري عادل إمام الشهير بلقب "الزعيم" بتهمة
ازدراء الأديان، معتبرة أن القضية بحق ذاتها مجرد فرقعة إعلامية.
وقالت هند صبري -في تصريح خاص لـmbc.net-
"الحكم
الغيابي بالسجن ضد عادل إمام بتهمة ازدراء الأديان والقضية مجرد فرقعة
إعلامية ولا أسس منطقية لها؛ إذ لا يمكن محاسبة الممثل على توجهات العمل
السياسية أو معاقبته على أعمال فنية مر عليها أكثر من عشرين سنة".
وأوضحت الممثلة التونسية أن الشهرة التي يتمتع بها "الزعيم" جعلته "في
وجه المدفع"، رغم أن القضية المرفوعة لم تكن ضد عادل إمام وحده،
لكنها شملت أيضًا المؤلف وحيد حامد.
واعتبرت هند القضية "تصفية حسابات" من
قبل الجماعات الإسلامية التي كانت محظورة في السابق، خاصة وأن الزعيم
والمؤلف وحيد حامد قدما سلسلة من الأفلام الموجهة ضدهم، وخصوصًا إثر مجزرة
الأقصر (1994م)؛ ومن بينها طيور الظلام، واللعب مع الكبار،
والإرهابي.
وقالت هند صبري إن العمالقة على غرار أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد
الحليم وعادل إمام، هم من الأمور النادرة التي يتفق العرب في قيمتها، ولذلك
كان رد فعل القضية المرفوعة ضد عادل إمام -التي استأنفها- هو
الشعور بالصدمة؛ حيث لقي الزعيم مساندة عريضة من جمهوره المصري والعربي.
كما أوضحت للصحفيين مسألة وجود اسمها في القائمة المناشدة لـ"بن
علي" للاستمرار
في الحكم لفترة رابعة، وقالت في هذا الإطار: "وضع
اسمي في القائمة كان مفروضًا عليَّ وخفت على عائلتي، رغم أني أجبت صهر
الرئيس بلحسن الطرابلسي حين اتصل بي بأني أفضل الابتعاد عن السياسة، لكني
حين قامت الثورة وشاهدت أبناء بلدي يموتون بالرصاص عبرت عن موقفي بنشر
رسالتي الإلكترونية "لا
تطلقوا النار"، وذلك قبل هروب بن علي.
وبعيدًا عن السياسة، عبرت الممثلة التونسية التي حلت ضيفة شرف على
مهرجان سوسة لفيلم الطفولة والشباب حيث عرض فيلمها "أسماء" في
الافتتاح مساء الاثنين 26 مارس/آذار الجاري، عن سعادتها بتفاعل التونسيين مع فيلمها.
ومن الأفلام إلى الدراما؛ حيث قالت الفنانة إن مسلسلها "فيرتيجو" الذي
سيعرض في رمضان 2012م ليس وثائقيًّا ولا يوثق لأيام مبارك، رغم أنه
يتحدث عن مصر في فترة ما قبل الثورة، مشيرة إلى أنه ينتمي لنوعية الدراما
البوليسية السياسية، وأحداثه تتناول مظاهر الفساد السياسي والاقتصادي في
مصر وفي الوطن العربي.
تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن مسلسل "فيرتيجو" مقتبس
عن رواية أحمد مراد التي تحمل العنوان نفسه، ويروي حكاية مصورة فوتوجرافية
محترفة تصور مشاهد جريمة قتل تتسبب فيها عصابة مسلحة بمطعم "فيرتيجو" لتقع
بعد ذلك أحداث مروعة.
قالت إنها تشاهد معها برامج الأطفال
هند صبري: كثرة اللعب مع ابنتي تشعرني بصغر عقلي
أرجعت الفنانة التونسية هند صبري شعورها بصغر سنها إلى حملها
وولادتها، مشيرةً إلى أنها تشاهد برامج الأطفال مع ابنتها.
(دبي -
mbc.net) قالت الفنانة التونسية هند صبري إن حملها
وولادتها جعلاها تشعر بأنها صغيرة في السن، مشيرةً إلى أنها تشاهد برامج
الأطفال مع ابنتها.
وكشفت هند صبري عن أنها لا ترى جمالاً في النساء اللاتي أجريت لهن
عمليات تجميل.
وقالت الفنانة التونسية: "الحمل والولادة يجعلان المرأة تصغر؛ لأن روحها
تصير مثل روح الطفل؛ فأنا طوال وقتي مع ابنتي أغني وأشاهد الرسوم المتحركة،
ومخي لا يكون في الشغل، بل معها؛ فأشعر بأن مخي صغير مثلها".بحسب
ما ذكرت مجلة اليقظة الصادرة هذا الأسبوع.
وأضافت: "المرأة تعرف كيف تتأقلم مع الظروف والمراحل التي
تمر بها. ويجب أن تكون متصالحة مع نفسها ومع هذه المراحل، فيجب ألا تتصابى
وتكون أصغر من عمرها، وألا تكون أكبر من سنها.. كل مرحلة جديدة، وفيها
أحاسيس جديدة، كالأمومة مثلاً".
وأشارت هند إلى اعتنائها بنفسها بعد الإنجاب قائلةً: "أنا
الآن أعتني بنفسي أكثر؛ لأنه صارت لدي ابنة مسؤولة عنها. سر الجمال الحقيقي
هو المرأة المتصالحة مع نفسها، وأجمل النساء اللاتي رأيتهن في حياتي لم يكن
من أولئك اللاتي خضعن لعمليات تجميل، وكل شيء فيهن على المسطرة، بل كن
سيدات لديهن ثقة بالنفس ومتصالحات مع أنفسهن وعمرهن وظروفهن وحياتهن".
ولم تَنْفَ هند خوفها من عبء الأمومة قائلةً: "كنت
خائفة من الأمومة؛ لأنها قد تحرمني من أمور أحبها، إلا أنني اكتشفت أنها
تغذي أشياء أخرى، فتصير حاجتنا إلى الأمور والمشاريع الأخرى أقل".
وأضافت: "الأمومة مشروع صعب؛ لا يقتصر على الاعتناء بطفل
فقط، بل إنك تربي "بني آدم" حتى
صحيًّا ومسؤولاً ولديه ضمير.. وهذا أكبر مشروع في الحياة".
الـ
mbc.net في
30/03/2012
ربيع سينمائي على حواف المحظور
تطوان (المغرب) - فجر يعقوب
يجمع كثر، مع انطلاق فاعليات الدورة الثامنة عشرة من مهرجان تطوان
الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، على أن هذه الدورة تكتسي أهمية
خاصة من بعد تكريس المهرجان ونيله صدقية متوسطية لجهة انعقاده في ظل حكومة
مغربية جديدة لم تقل رأياً قاطعاً، بعد، في نوعية المهرجانات الفنية
والسينمائية التي تريدها. أو لجهة أهمية الأفلام التي ترده للمشاركة
السنوية فيه من دول متوسطية بدأت تنتعش فيها صناعة السينما على رغم وجود
معظم هذه البلدان على حواف أزمات اقتصادية خانقة، بعضها دخل في طور المحظور
منها وبعضها ما زال ينتظر، أو هو مرشح للدخول فيها.
وهذا ما تشكله «ثيمات» كثير من أفلام هذا المهرجان لهذا العام أيضاً.
إضافة إلى موضوعات أخرى مثل ثورات ما يسمى بـ «الربيع العربي» وعلاقته
بالسينما إذ أفردت له طاولة مستديرة شارك فيها نقاد ومخرجون مصريون وتوانسة
– وكاتب هذه السطور - أجمعوا على «ضبايبة» اللحظة التاريخية التي يقف
العالم العربي عندها، وبخاصة أن توصيف هذه اللحظة يجيء من مشاركة بلدين
عاشا في ميادين هذه الثورات، مع ما يعنيه ذلك من التباس في عمق هذه اللحظة.
فهو، وإن انعكس في أفلام وثائقية كثيرة، فإن أهمها جاء من قبل هواة بالدرجة
الأولى وجدوا أنفسهم صناعاً لها، ويعايشون اللحظات المفصلية المهمة
والخطيرة بتقنيات وتكنولوجيات خفيفة تعكس انقلاباً أيضاً في طريقة فهم
السينما الجديدة، بعكس حال الصناع المحترفين الذين تعللوا بالرؤيا ومفردات
التعمق في فهم آلية هذه الثورات.
ومهما يكن فإن بعض هذه الأفلام الوثائقية كان من الواضح أن أصحابها لم
يبحثوا عن جماليات خاصة بها بحكم السرعة والخفة في إنجازها، إلا أن
المشاركين أجمعوا على أنها تستند إلى لحظات فارقة في التاريخ العربي،
باعتبار أن هذه الثورات تعيش أيضاً على وقع غموض التحديات الاجتماعية التي
يفرضها نوع الحراك العربي في «ميادين» التحرير المختلفة.
الاجتماعيات من المغرب
وبالطبع لم تغب مسائل أخرى مهمة عن أفلام المهرجان، فتوزع بعضها على
المشاكل الأسرية وهي ذات طابع اجتماعي بحت، وإن جاءت من المغرب بالتحديد،
ومرد ذلك أيضاً إلى أن البلد المضيف لديه ما يقوله في هذا المجال بعد أن
هبّت عليه رياح تغيير من نوع خاص به دفعت بمدير المهرجان أحمد الحسني في
كلمة الافتتاح إلى تأكيد أهمية الانفتاح على موضوعات اجتماعية صرفة تتناول
الهوية والتعددية ظلت حتى وقت قريب مجهولة.
وأتى هذا في وقت التفت فيه السينمائيون في هذا البلد إلى مناقشة
موضوعات مختلفة بدا أن بعضها يدور في محيط خارجي معزول ومعقد. وقد نبّه
الحسني في كلمته - التي اعتبرت رسالة أيضاً إلى بعض الأصوات التي بدأت
ترتفع مشككة بالفن السابع وضرورة الالتفات إلى معالجة القضايا الاجتماعية و
«الزهد في الإنتاج الثقافي والسينمائي» - إلى أن السينما ستظل لها أولوية
قائمة على فلسفة التشارك التي تفرضها طبيعة الحوض المتوسطي نفسه، مع ما
يعني ذلك من أن السينما هنا لن تكون عامل تخريب أو إفساد أخلاقي كما بات
يحلو للبعض التنظير له من هذه البوابات بالذات كما ذهب الحسني. ولهذا ربما
تكتسي هذه الدورة تلك الأهمية الخاصة، لأن رسائل مختلفة وصلت على أكثر من
عنوان تشي بأن ربيع السينما المتوسطية مهدّد هو الآخر بمآلات ليست إيجابية
في مطلق الأحوال.
تكريمات بالجملة
إلى هذا، شهد حفل الافتتاح تكريم المخرجة الإسبانية إيسيار بوايين
والمخرج المغربي محمد إسماعيل والممثل والمخرج الإيطالي دانييل لوشيتي على
أن يكرم في حفل الختام، النجمة الفرنسية ساندرين بونير والممثل المغربي
محمد مجد والممثل التونسي هشام رستم والممثل المصري كريم عبدالعزيز. وقد
عرض في الحفل الافتتاحي فيلم «الزمان العاقر» للمخرج المغربي المكرم محمد
إسماعيل، وهو فيلم شاء مؤلفه عبد الإله بنهدار في حوار شخصي معه، الافتراق
عن مقاصد المخرج على ما يبدو، وذلك بأن يشرح معنى الزمان هنا في اللهجة
المغربية الدارجة والتي تعني الرجل، وليس «الزمان» بالمعنى الكوني، ما يعني
أن الفيلم يستمد مشروعية هنا، من ذلك الرجل الريفي المغربي الذي يصرّ على
عقم زوجته حتى مع تأكيد الأطباء أن العقم يجيء منه ظناً منه بأن الرجال لا
يصابون بهذه الآفة.
ومهما يكن قد جاء في تعليل الكلمة، فإن الفيلم، والحديث لبنهدار، كان
قد أعدّ أساساً للتلفزيون، على أن يصور بين الرباط وإحدى قرى الجنوب
المغربي البعيدة، ولكن المخرج إسماعيل آثر أن يصوره في الشمال المغربي، وفي
تطوان بالتـحديـد، كـونـه يـتـحدّر من هذه المدينة الجميـلة التي تحتل
موقعاً جغرافياً مهماً في الخريطة المغربية، لا بل إنه دعا في كلمته
الترحيبية في الافتتاح، زملاءه المخرجين المغاربة للتصوير فيها واكتشاف
أسرار فيها لم تكتشف بعد كما قال.
ضمّت قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة والتي يرأسها الأميركي
بيتر سكارليت هذا العام، 12 فيلماً مثل «جنة البهائم» للمخرجة الإسبانية
إيستيل لاريفاز و «أنا هنا» للمخرج الإيطالي أندريا سيكري و «تنورة ماكسي»
للمخرج اللبناني جو بوعيد و «العدو» للمخرج الصربي ديجان زيفييش و «أيادٍ
خشنة» للمخرج المغربي محمد العسلي و «الخروج من القاهرة» للمخرج المصري
هشام عيساوي و «موت للبيع» للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي و «عادي» للمخرج
الجزائري مرزاق علواش.
كذلك، جاء في قائمة المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة ويرأسها المخرج
المغربي نور الدين لخماري 14 فيلماً. أما المسابقة الرسمية للفيلم الوثائقي
ويرأسها المخرج الإسباني أنطونيو ديلغادو فقد ضـمـت فـي قائـمـتها (للفيلم
الطويل والقصير)، 17 فيلماً جاء بعضها على سوية عالية مثل «أرضي» للمخرج
المغربي نبيل عيوش و «سينما شيوعية» للمخرجة الكرواتية ميلا توراجليك و «من
أجل إشبيلية» جديدة للمخرجة المغربية كاتيا الوزاني.
كذلك، ضم المهرجان في دورته هذه بعض العروض الاستعادية الخاصة لأفلام
جديدة الإنتاج مثل «الأندلس مونامور» للمخرج المغربي محمد نظيف و «أشياء من
عالم آخر» للمخرج الإيطالي فانسيسكو بتييرنو و «هلأ لوين» للمخرجة
اللبنانية نادين لبكي و «ذات مرة في الأناضول» للمخرج التركي نوري بيليج
جيلان.
أما برنامج 14,4 الذي جاء ثمرة لتعاون حثيث بين إدارة المهرجان في
تطوان والخزانة السينمائية في طنجة ومعهد سيرفانتس في كلا المدينتين
البحريتـــين بغــــية تقوية الحوار الثقافي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط
فقد ضم برنامجه أفــــلاماً مثل «كل يوم عيد» للمخرجة اللبنانية ديما الحر
و «قداش اتحبني» (كم تحبني) للمخرجة الجزائرية فاطمة الزهراء زعموم.
الحياة اللندنية في
30/03/2012
أفلام استثنائية في ولادات قيصرية معقدة
دمشق - بندر عبدالحميد
ترصد الناقدة السينمائية ندى الأزهري، عن قرب، الشبكة المعقدة لعلاقات
العمل في السينما الإيرانية، من زوايا مختلفة ومرايا متعاكسة. وعلى مدى نحو
أربعة أعوام كانت ندى تبحث في طهران عن الأفلام الإيرانية الجديدة والقديمة
والممنوعة، وتلتقي المخرجين والممثلين والنقاد وموظفي الرقابة وضحاياهم،
وتبحث عن الخيوط التي تربط بين أزمة السينما وأزمات المجتمع نفسه، بما فيه
من تقاليد وطبائع موروثة ونزعات نحو التجديد، في السينما والفنون ونمط
الحياة معاً.
ومن الغريب أن الصحافة العربية اعتادت أن تقدّم وجهاً واحداً للسينما
الإيرانية يتمثل في جمالياتها أو نجاحاتها العالمية، وتتجاهل أن الأفلام
الجيدة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في الإنتاج السنوي، كما تتجاهل ما
تنشره الصحافة الإيرانية من النقد اللاذع الموجه إلى الرقابة على السينما
والفنون التي أجهضت مشروعات أفلام واعدة وشوّهت أفلاماً منجزة غير عادية،
وأغرقت صالات العرض بأفلام التسلية الفجة والميلودراما التي تذرف الدموع.
ولم تكن حال السينما، في هذا، بعيدة عن حال الفنون التشكيلية التي
تلبست بدعة الحروفية المتخلفة في شكلها ومضمونها. بينما ظلت السينما
العربية في موقعها المحلي المتخلف عن التواصل مع العالم.
حالة خاصة
وتعيش السينما الإيرانية «حالة خاصة» في السينما العالمية بعدما أضافت
اسمها إلى السينمات الشرقية التي أخذت مواقعها في خريطة السينما العالمية
الجديدة، إلى جانب السينما الهندية واليابانية الصينية والكورية الجنوبية
والتركية. أما الحالة الخاصة فهي حالة حصار داخلي، يتمثل في شبه انغلاق،
وشبه انفتاح، على الداخل والخارج. وبين هاتين الحالتين «يتسرب» عدد محدود
من الأفلام الجيدة، وأعداد مضاعفة من الأفلام العادية، التي تأخذ طريقها
إلى جمهور الصالات الشعبية، الذي يبحث عن التسلية، وهي بضاعة رائجة في
الداخل، ويظهر حجم السينما الإيرانية بالأرقام من خلال الإنتاج السنوي الذي
يصل إلى ثمانين فيلماً، وعدد المخرجين الذي يتجاوز الخمسمئة، وعدد الصالات
الذي يبلغ ثلاثمئة وخمسين صالة، مئة وعشرون منها في طهران التي يعيش فيها
اثنا عشر مليون نسمة.
أصدرت ندى الأزهري حصاد رحلتها مع السينما الإيرانية في كتاب شامل
بعنوان «السينما الإيرانية الراهنة» (دار المدى - بيروت 206 صفحات)، وحمل
الكتاب العنوان الفرعي «إضاءة على المجتمع الإيراني»، ولم يكن إنجاز هذا
الكتاب ممكناً، لو لم تكن ندى مدعمة بحبها للسينما، منذ طفولتها في مدينة
حمص، حيث كانت أمها ترافقها إلى الصالات لمشاهدة الأفلام الجديدة.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من التركيز – في بحث ميداني من الداخل - على
الظروف التي تحيط بصناعة الأفلام، والمخرجين والممثلين والجمهور، ويشير
الناقد السينمائي إبراهيم العريس إلى أهمية هذا العمل، من خلال اقتحامه
الفجوة الـفاصلة بين الجمهور العربي والسينما الإيرانية، فيقول في تقـديـمه
للكتاب: «في وقت كانـت وسـائل الإعـلام العربية، مكتوبة ومرئية، تهتم في
شكل مكثف بالسينما الإيرانية التي قد صار لها أعلام وأسـماء وتـراث، على
رغـم كل ضروب الحظر والمضايقة، كان واضحاً أن مـعظم هذا الاهتمام العربي
يتم من طريق «الريموت كونترول»، أي من بعيد، عبر الترجمة... وفي أحيان
قليلة عبر معاينة مهرجانية لبعـض الأفـلام، ومـتابـعة فـضـولـيـة لبـعض
الأسماء».
تعتمد السينما الإيرانية في مجموعها على الكمّ، وليس على النوع.
فالأفلام الجيدة هي الاستثناء من قاعدة عريضة من نحو ثمانين فيلماً في كل
عام، يبرز منها نحو خمسة أفلام تشق طريقها إلى العالم الخارجي ومهرجاناته
الاحتفالية. وكانت بداية نجاحات السينما الإيرانية حين فاز فيلم عباس
كيارستمي «طعم الكرز» بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1997،
وحينذاك قال كيارستمي: «إن إيران التي كانت تصدّر النفط والسجاد والفستق
صارت تصدّر الأفلام اليوم». ومنذ ذلك الحين ظل كيارستمي حاضراً في أهم
المهرجانات السينمائية، عضواً في لجنة التحكيم أو رئيساً لها، أو حين يعرض
له فيلم جديد أو قديم من أفلامه التي تتميز بلمسات شعرية. فعلاقة كيارستمي
بالشعر واضحة من خلال ما نشره من لقطات شعرية في أكثر من مجموعة، وأعاد صوغ
غزليات وخمريات الشاعرين الشيرازيين الكبيرين سعدي وحافظ. ويبدو كيارستمي
في إجاباته عن أسئلة الأزهري في حوار الكتاب معه، متحفظاً وصريحاً معاً،
فيجيب عن سؤال عن تأثير الثورة في أفلامه قائلاً إن الإجابة تكمن في أفلامه
التي لم تختلف في مرحلتي الثورة وما قبلها. وهو يؤكد علاقته الحميمة ببيته
وليس ببلده، حيث يقول: «لست مفتخراً ببلدي، ولا أظن أنه المكان الأنسب
للعيش، إنما لديّ عاداتي وذكرياتي في هذا المنزل... هنا مكاني الذي أتحدث
فيه بلغة أصدقائي والآخرين نفسها، وحين أفكر بالمكان وأذكره فإن البيت هو
ما يحضر في مخيلتي وليس إيران». ويعترف كيارستمي بأنه مولع بأفلام الواقعية
الإيطالية الجديدة وأفلام كوروساوا وأوزو وباستر كيتون وأفلام الويسترن
الأميركية.
مقيمون ومهاجرون
وإلى جانب كيارستمي ثمة في الكتاب عدد لا بأس به من المخرجين المجددين
اللامعين، مثل أصغر فرهادي وجعفر بناهي وكمال تبريزي وأبو الفضل جليلي
ومزيار ميري وبهمن قبادي، إضافة إلى بعض الأسماء اللامعة من المخرجين
المخضرمين مثل دريوش مهرجوي وبهرام بيضائي، وهم يعملون عادة في إيران بينما
هاجر أمير نادري ومحسن مخملباف (وعائلته السينمائية) ورفيع بيتز والممثلة
الشابة غلشفته فرهاني إلى الخارج.
ويبرز النشاط النسوي في السينما الإيرانية بقوة من خلال عدد متزايد من
المخرجات والممثلات الجريئات والموهوبات، اللواتي يحملن ثقافة واسعة وقدرة
فاعلة على التحليل والابتكار والتجديد، وهن يعملن في ظروف سيزيفية غائمة،
ولكل منهن حكاياتها الغريبة مع السينما ومع كل فيلم.
انتقلت تهمينة ميلاني من الهندسة المعمارية إلى الإخراج السينمائي،
وأنجزت أفلاماً مثيرة عدة، حظيت بالنجاح محلياً وعالمياً، حيث عرض فيلمها
«امرأتان» في ثمانية وثلاثين مهرجاناً عالمياً. وكانت تطمح إلى الحصول على
جائزة مرموقة عن فيلمها «النصف المخفي»، فتلقت حكماً بالإعدام، هي التي
كانت علاقتها بالرقابة سيئة منذ فيلمها الأول الذي أعادت كتابته ثماني
مرات، وجاءها العفو الذي ألغى حكم الإعدام متأخراً.
وتحولت نيكي كريمي من التمثيل إلى الإخراج، بعد أن قدمت أدواراً بارزة
في ثلاثين فيلماً، وبدأت متاعبها مع الرقابة في الفيلم الأول الذي أخرجته،
ولم تحصل على موافقة الرقابة على عرضه، إلا بعد أن حذفت منه ربع ساعة.
وعندما تغيرت الحكومة، أحيل الفيلم إلى الرقابة الجديدة التي حذفت منه
حوارات مفصلية، ولكنها لم تسمح بعرضه، وحدث ما يشبه ذلك مع فيلمها الثاني.
وهذا ما يعني أن الرقباء على السينما من مستويين: رقيب متشدد ورقيب أكثر
تشدداً، وليس هناك رقيب معتدل. وتمثل كريمي خطاً واضحاً بين المخرجات
الإيرانيات، ولكنها تفضل الحديث عن حقوق الإنسان، بدلاً من الحديث عن حقوق
المرأة.
وفي حالة خاصة ولدت الممثلة ليلى حاتمي في عائلة سينمائية، فهي بنت
المخرج علي حاتمي والممثلة السابقة زاري خـوش، وزوجها المخرج علي مصطفى
الذي يـشاركـها في إدارة صـالة سـينمائية في وسط العاصمة، تعرضت لحريق
متعمد، ربما لأنها تستقطب عدداً كبيراً من المـثقـفين البارزين. وترى ليلى
أن السينما تـشـكـل هـويتها الخاصة. وجاء أفضل أدوارها في الفيلم الأخـير
لأصـغر فرهـادي «انـفصال نـادر وسيمـين». أما الممـثلة النـجـمة فاطـمـة
مـعتمد آريـا فـترى أن الـوضـع الـحالـي للسينما الإيرانية مرحلة عبور من
جيل إلى آخر، وتقول: «إذا لم نعد إلى الوراء فسننجز أفلاماً جيدة». وتطرح
المخرجة والممثلة مانيا أكبري أفكاراً ساخنة عن تجربتها في الحياة وفي
السينما، وترى أن التصوير الرقمي فتح المجال أمام المخرجين من الجيل الجديد
لتصوير أفلامهم من دون الخضوع للشروط السوريالية للرقابة.
جاء أصغر فرهادي (أربعون عاماً)، إلى السينما من المسرح والتلفزيون،
كاتباً ومخرجاً بارعاً في أسلوب القص، وصعد إلى الشهرة بأفلامه الخمسة:
«الرقص في الغبار»، «المدينة الجميلة»، «أحاديث الأربعاء»، «عن إلي»
و«انفصال نادر وسيمين»، وهي التي أنجزها منذ عام 2003، وحصدت خمساً وعشرين
جائزة محلية وعالمية، وانفرد فيلمه الأخير بالجوائز الثلاث الأكثر أهمية
وهي: الدب الذهبي في مهرجان برلين والكرة الذهبية والأوسكار لأفضل فيلم
أجنبي. ويبدو فرهادي وزميلته رخشان بني اعتماد من أقل المخرجين تضرراً من
سـطـوة الـرقـابـة، لأن تـجـربـة الـعـمل في التـلـفـزيـون أعطتهما خبرة في
التعامل مع متاهة خطوط الرقابة، أو الالتفاف عليها. ومع ذلك يرى فرهادي أن
العلاقة «الأبوية» بين السينما والرقابة هي المشكلة الكبرى، فالأب يريد
تربية ابنه على طريقته، وتبعاً لأفكاره، بينما يتمرد الأبناء ويصرخون ضد
رغبات النظام الأبوي، وهذا ما يشبه حالة السينما السوفياتية، حيث كان
«الأب» يعطي ابنه ما يحتاجه من المال، ولكنه يعاقبه بالضرب، وبين الضارب
والمضروب ضاعت أفلام وأحلام رائعة، بينما كان ستالين شخصياً يراقب في مكتبه
بعض الأفلام «المشبوهة» وهو يدخن الغليون.
واحد على 14
أنجز المخرج أبو الفضل جليلي أربعة عشر فيلماً، على مدى ثلاثين عاماً،
لم ير منها الجمهور المحلي سوى فيلم واحد، وهو الذي فاز مرتين بالجائزة
الذهبية في مهرجان نانت للقارات الثلاث، كانت الأولى عن فيلمه الأول «قصة
حقيقية» عام 1996، والثانية عن فيلمه «دلبران» عام 2001. وعندما انتهى من
كتابة سيناريو فيلمه الأول راح يبحث عن صبي مناسب لتمثيل دور البطولة فيه،
وحينما وجده اكتشف أن قصة حياته أفضل من قصة الفيلم، فترك السيناريو
المتخيل الجاهز وصور القصة الحقيقية لحياة الصبي، ومع منع أفلامه الثلاثة
عشر لم يتوقف جليلي عن أحلامه السينمائية، وهو دائماً مشغول بكتابة أفلام
جديدة لا يعرف مصيرها.
حرصت ندى الأزهري على تدعيم بحثها بمقتطفات من تصريحات نقاد ومدراء
فاعليات مختلفة في حركة السينما، تؤكد الشرخ الكبير بين طموحات المبدعين
وآراء الأجهزة الرسمية، مما تنشره الصحافة الإيرانية، ومنها ما قاله أمير
اسفندياري مدير الشؤون الخارجية في مؤسسة الفارابي: «إن الأفلام المشاركة
في مهرجان فجر يجب أن تتوافق مع ثقافتنا وديننا، وما نرفضه واضح وبسيط:
الجنس والعري والعنف»، ونسي أن يضيف «الحب والأحلام والخيال...». وقال مهدي
مسعود شاهي، مدير مهرجان فجر لعام 2010: «إن السينما الإيرانية شأن عظيم
نابع من عظمة ثقافتنا القديمة ومن الإسلام، لدينا مختصون في السينما
وفنانون قيّمون هم رأس مال كبير للبلد، إنهم ينقلون ثقافتنا وديننا».
ويعتقد المدراء والرقباء أن مهمتهم تتطلب توعية السينمائيين وإرشادهم
ليحملوا أيديولوجيا النظام إلى العالم، وهذا يصب في «المصلحة الأخلاقية
للمخرج»، وقد لا يصب في المصلحة الأخلاقية للباحثين والكتاب الذين يطرحون
الأسئلة الساخنة عن علاقة السينما بالحياة.
كانت مهمة ندى الأزهري صعبة في قراءة السينما الإيرانية، وعلاقتها
بالمجتمع، من الداخل، والكتابة عنها بحب ونقد حر متوازن، مع أن الباحثين في
هذه السينما المتفردة يعانون ما يعانيه السينمائيون الإيرانيون في التواصل
مع السينما العالمية الجديدة، وهم يعبرون الحواجز والدروب الملتوية
الشائكة، وأول هذه الحواجز متاهة الرقابة المتخلفة التي تشكك بالنوايا، قبل
التشكيك بالكلمات والصور.
الحياة اللندنية في
30/03/2012 |