ساركوزى، الرئيس الفرنسى، وجّه فى بيان رسمى من قصر الإليزيه، تهنئة
حارة، لطاقم فيلم «الفنان»، الذى انتزع عدة جوائز أوسكار.. من ناحيته، قدم
أوباما، الرئيس الأمريكى، دعوة رسمية، للكلب «يوجى»، أحد أبطال «الفنان»،
لتناول العشاء، فى البيت الأبيض. كل من الرئيسين، معه الحق فيما فعله،
ففرنسا، مهد السينما، تعبر عن سعادتها، لأن مبدعيها أثبتوا حضورهم الأثير،
فى عالم الأطياف. أما احتفاء أوباما بالكلب «يوجى»، فإنه يعبر، فى بُعد من
أبعاده، عن تقدير بلاد العم سام، للمبدعين، حتى لو كانوا «كلابا»، كما تشير
إلى أن «هوليوود»، ممثلة فى «الأكاديمية» المانحة للأوسكارات، تفتح ذراعيها
للموهوبين، من شتى أنحاء العالم.. إنها بلاد تحترم الفن، تنتج وتصنع وتنتشر
وتكسب، ولا تنزلق فى مهارات، سمجة ومتخلفة، عما إذا كانت السينما حلالا
بلالا، أم حراما وإثما.
«الفنان»، حالة فنية ساحرة، تنساب طوال الساعتين، يقف وراءها المخرج
الفرنسى، ميشيل هازانافيشيس، محققا أمنية انتابته منذ سنوات: تقديم فيلم
بالأبيض والأسود، عن زمن السينما الصامتة، وبأسلوبها، يتضمن الكثير من
الأحاسيس، يخاطب العواطف، يمس شغاف القلوب، ويؤكد، عقليا، فكرة التطور
الحتمى، الذى إن لم يستجب المرء له، ويتعايش معه بعد أن يعترف به، فإنه
حتما سيضيع.
بطل الفيلم، جورج فالنتاين، بأداء جان دوجان، نجم الأفلام الصامتة،
صاحب الوجه الصبوح بعينيه الواسعتين، الشفافتين، وشاربه الرفيع، الأنيق،
وابتسامته العذبة، يعيش أذهى سنوات حياته. الأضواء عليه لا تخبو، صوره فى
المجلات والجرائد وعلى الأفيشات، ومعه كلبه الذكى، الوفى، «يوجى» تنهمر على
الشاشة مشاهد سريعة من أفلامه، يبارز عدة أشرار، يقفز من صخرة لأخرى، يرقص
تانجو رومانسى مع جميلة، ويتعمد المونتاج أن يسير وفق أفلام العشرينيات من
القرن الماضى، فالنقلات تتم بالإعتام التدريجى من الجانبين، أو بالإخفاء عن
طريق دائرة الإظلام التى تضيق، وإلى جانب الأداء التمثيلى المعتمد على
تعبيرات الوجه، ثمة الموسيقى المصاحبة طوال العرض، فضلا عن كلام بعض جمل
الحوار المكتوبة على الشاشة.. النجم اللامع يلتقى بعاشقة التمثيل المغمورة،
الناشئة، بيبى ميللر، بأداء بيونس بيجو، الرقيقة، الموهوبة، يصر على
مشاركتها للبطولة، ويضطر المنتج المنزعج للإذعان.دوام الحال من المحال،
الصوت يدخل السينما. الأفلام تنطق. نجوم الصمت يتوارون. فالنتاين لا يصدق،
تنتابه الهستيريا، خاصة حين يتم الاستغناء عنه، وفى مشهد متعدد المعانى،
يلتقى الفنان الآفل بالصاعدة للمجد، بيبى ميللر، على سلالم إدارة
الاستوديو، بينهما عدة درجات، هى تقف بالأعلى، يتبادلان حديثا ودودا، حركة
الصعود والهبوط، على السلالم لا تتوقف، هو يودعها لينزل بينما هى تواصل
صعودها.. فالنتاين، المصر على البقاء فى الأمس، ينتج فيلما صامتا، بكل ما
يملك، وها هى صالة العرض خاوية، إلا من قلة، من بينها بيبى التى تتابع
بعينين مغرورقتين بالدموع.. فى نوبة غضب، عقب الإفلاس، يقوم فالنتاين بحرق
شرائط أفلامه، يسقط وسط الدخان. كلبه «يوجى» يقفز خارجا، يعدو نحو عسكرى
الشرطة، الغبى الشجاع، ينبح بشدة. امرأة عجوز تنبه الشرطى إلى أن الكلب
يستنجد به، يجرى وراء الكلب، يقحم مكان الحريق وينقذ النجم المهجور..
«يوجى»، فى أحد المشاهد، يرى صاحبه وقد كاد يطلق الرصاص على نفسه، يمسك
بأسنانه بنطال الرجل كما لو أنه يثنيه عن عزمه. إنه أحد الأبطال بحق..
«بيبى»، التى غدت «سوبر ستار»، تصر أن يشاركها فالنتاين البطولة. ذات
المنتج الرافض يذعن لإرادتها، مضطرا.. الفيلم ينجح. «الفنان»، عمل إنسانى
كبير بحق.
جى. إدجار
كمال رمزي
24
مارس 2012
جودى دينشى، الممثلة البريطانية الكبيرة، فنا وسنا ــ رشحت ونالت عشرات
الجوائز وولدت عام 1934 ــ تظهر فى هذا الفيلم مرات قليلة، لكن حضورها أقوى
وأعمق من الجميع، بما فى ذلك صاحب البطولة التى تكاد تكون مطلقة، ليوناردو
دى كابريو، فهى، بعينيها الواسعتين ولفتاتها، وحركة رأسها وذراعيها،
وتجاعيد وجهها ورقبتها، تعطى للمواقف معانيها، وتلقى ضوءا ساطعا على شريكها
فى المشهد، وهو غالبا ابنها، الرجل الخطير، واسع النفوذ، جى. إدجار هوفر
«1895 ــ 1972» رئيس مكتب التحقيقات الأمريكى، طوال «36 عاما» عاصر 9
رؤساء، وتباينت الآراء فيه إلى حد التناقض، فالبعض يرى أنه كان درعا صلبا
ضد أعداء الولايات المتحدة، ونهض بمؤسسة الـ«F.B.I»
على أحدث طراز، ومن الناحية الشخصية، وجد من يصفه بالنزاهة، وطهارة اليد
والأخلاق.. لكن على الجانب الآخر، وصفت مؤسسته أنها من مخالب النظام
القذرة، وقفت ضد حقوق المواطنين، ولفقت الاتهامات والإدانات ضد الشرفاء.
أما من الناحية الشخصية، فقيل إنه مهووس بالسلطة، لم يتزوج لأنه على علاقة
شاذة بنائبه الأثير، كلايد تولسون، بأداء إيرنى هامر، الأنيق، المفعم
بالنشاط أيام شبابه الدميم، الكسول، بعد أن هده المرض.
جودى دينشى، تتكفل، على نحو إيحائى، بكشف جوانب ابنها الخفية. تحنو وتهيمن
عليه، تؤنبه فيتلعثم فى الكلام، كما الطفل الصغير. هل هو «أوديبى» النزعة؟
ربما.. ولعل المشهد الأهم، وهى جالسة فى المقعد الأمامى فى سيارة يجلس
ابنها مع نائبه على المقعد الخلفى، يمد أصابعه لتتشابك مع أصابع جاره.
وبنصف التفاتة من دينشى تشعرنا أنها تدرك ما يجرى، تبتسم ابتسامة تعيسة
ميتة، ويمتزج فى عينيها ثلاثة انفعالات فى آن: الأسى، الشفقة، الألم.. إنه
من أقوى مشاهد الفيلم، فالمخرج، كلينت إيستوود، يديره على نحو مرهف، يبتعد
فيه عن المباشرة الغليظة، معتمدا على الأداء المتفهم، البارع، لدينشى.
وربما كان هذا المشهد «الكاشف» سببا فى إثارة غضب بعض النقاد الأمريكيين،
حتى أن أحدهم هاجم كاتب السيناريو، دستن لانس بلاك، وزعم أن ميوله
«المثلية» أسقطها على جى.إدجار هوفر.
أما عن دور هوفر، فى السياسة والقانون والمؤسسة، فإن الفيلم ينحاز له، فمنذ
البداية، تتوالى الحكاية، برواية صاحبها، حيث يملى مذكراته على سكرتيره
الجديد. يعرف الشيوعية بأنها ليست مبادئ وأفكارا ولكنها مرض، ومع المشاهد
الأولى، يباغتنا انفجار فى فيللا النائب العام «بالمر»، صاحب الغازات
الشهيرة ضد اليساريين، التى لن نراها أبدا، ولكن يطالعنا ذعر «بالمر» على
أطفاله. يأتى الموظف الشاب، هوفر، للمكان، يبدأ فى تجميع الأدلة، بطريقة
علمية، ويخطو خطواته الأولى، الواسعة، لإقامة المؤسسة التى تحتفظ ببصمات
الملايين، وتنشئ الملفات، وتستحدث طرق تجميع الأدلة الجنائية. ويكاد الفيلم
يقع فى دائرة الإملال، كما يبدو دى كابريو الذى يقال إنه تحرر من كاريزمته،
كما لو أنه وقع فى التأثر الشديد بجاك نيكلسون، خاصة فى نظرته الجانبية،
والاقتصاد فى التعبيرات المباشرة.. لكن الأهم، بل الأخطر، أن الفيلم يضع
النشطاء السياسيين، والعصابات المنظمة، والمجرمين، فى سلة واحدة، يطاردها
الرجل العنيد، جى.إدجار، ومؤسسته، التى وإن كان ينتقدها، فى بعض ممارستها،
إلا أنه يتحاشى، بإصرار، إدانتها.
المرأة الحديدية
كمال رمزي
21 مارس 2012
جاء الفيلم بنكهة شكسبيرية، فكما نشهد، بدرجات متفاوتة من الأسى، المصائر
الفاجعة لأبطال الكاتب البريطانى العظيم، حيث ضياع سلطة الملك لير، وهذيان
الليدى مكبث، تطالعنا مارجريت تاتشر، بأداء خلاب من ميريل ستريب، وقد أصبحت
سيدة بدينة، مسنة، دب فيها الوهن، وزحفت التجاعيد حول عنقها، وغدت جفونها
منتفخة. لكن الأهم، وربما الأشد قسوة، ذلك التدهور الواضح فى قدراتها
العقلية، فستائر النسيان تسدل على ذاكرتها، وحضور من غيبهم الموت، أو
السفر، يتجسد أمامها، حتى إنها تتناول إفطارها، مع زوجها «دنيس تاتشر»،
الذى غيبه الموت، منذ العام 2003، بل تنبهه إلى ضرورة عدم الإفراط فى تناول
الزبدة.. وهى، تندمج فى اختيار لون رابطة العنق التى تناسب لون البذلة.
تضطر ابنتها إلى تنبيهها، المرة تلو المرة، أن والدها توفى.. فى مواقف
أخرى، تظن تاتشر أنها لا تزال رئيسة وزراء. الفيلم، بهذه البداية، وبتلك
اللمسات، يضمن تعاطفا مبدئيا، مع المرأة التى كانت، فى يوم ما، حديدية.
عن طريق العودة للماضى، وبسيناريو ذكى ومراوغ، كتبته آبى مورجان، وأخرجته
بإحكام، وانحياز، ميلدا لويد، نتابع، تبلور شخصية «مارجريت»، فى مقتبل
العمر، إبان دوامة الحرب العالمية الثانية، أيام الدم والدمار والدموع
والعزيمة، حين كانت تعمل فى بقالة صغيرة تملكها أسرتها. هنا، وفى المشاهد
التالية، تعبر مريت ستريب، الجميلة، ذات الابتسامة الدائمة، عن طموح يعززه
قوة الإرادة، فتدخل فى تحديات متوالية، تثبت فيها أحقيتها فى أن تغدو أول
رئيسة بريطانية، فى التاريخ، وحتى الآن.. الفيلم، فى بعد من أبعاده، يعتبر
عملا «نسويا»، إلى حد كبير، ليس بسبب كاتبته ومخرجته وحسب، بل لأن رؤيته،
أصلا، على قدر كبير من الانحياز، فالرجال، أقل شأنا من النساء، بما فى ذلك
زوج الحديدية الرخو، الباهت، وخصومها الذين نستمع، عدة مرات، لجعجعاتهم
الجوفاء، فى مراكز صنع القرار، وتنتهى بقدرتها، على إقحامهم جميعا.. وتتجلى
قوة شكيمتها، عندما يُقدم المجلس العسكرى الأرجنتينى الحاكم، التافه،
باحتلال جزء الفوكلاند التابعة للتاج البريطانى، فتبدو «تاتشر»، كما لو
أنها الصقر الهادئ، الجارح، الواثق، وسط جنرالاتها الأقل شأنا. تأمر،
باستعادة الجزر، وتشن حربا تنتهى بنصر مظفر، فتح لها الطريق نحو توليها
لفترة رئاسية جديدة عام 1983، وعزز شعبيتها تجاه المعترضين على سياستها
التى تجنح نحو اليمين، وتعمل لمصلحة الرأسمالية، ذات الطابع الوحشى.. فى
فترة حكمها «1979 ــ 1990»، قضت على نفوذ نقابات العمال، وقلصت حقوقهم، مما
أدى إلى اندلاع مظاهرات حاشدة، ترصدها المخرجة بطريقة بارعة، فتبدو كما لو
أنها مشاهد تسجيلية، وعلى يسار اللقطات المتوالية، تقبع «تاتشر» فى المقعد
الخلفى لعربتها، وتتعمد «ميريل ستريب» عدم الالتفات إلى قبضات العمال وهى
تطرق زجاج السيارة، وأن تشمخ بأنفها، كأن الأمر لا يعنيها.. الفيلم، يتجنب
الخوض فى أسباب المظاهرات، وطوال الساعتين، لم نسمع وجهة نظر العاطلين عن
العمل، أو الذين ضاقت بهم سبل الحياة.
«المرأة
الحديدية»، المصنوع بمهارة، تعوزه النزاهة، ويهمل ما هو جدير بالاهتمام،
وكان من الممكن أن ينكشف أمره، ولولا فطنة كاتبته التى لجأت إلى عبقرية
شكسبير الذى يجعلنا نأسى، حتى للطغاة، حين انهيارهم.. هنا، بين الحين
والحين، نرى الخفوت المتوالى فى عقل السيدة الصعبة، مما أدى إلى أن تعلق
سيدة أرجنتينية قائلة: صورة العزلة الهائلة لتاتشر جعلتنى حزينة.
فؤاد الجزايرلى
كمال رمزي
18 مارس 2012
عرفته، فى العقد الأخير من حياته «1910 ــ 1979»: جسم نحيل، رشيق، مرن،
كأنه مدرب ملاكمة من الوزن الخفيف، أو من قدامى أبطال ألعاب القوى. صاحب
وجه تلتمع فيه عيون منتبهة، راصدة، يمتزج فيها الشقاوة مع المحبة. شاربه
الكثيف يغلب عليه اللون الفضى، شأنه شأن شعر رأسه، مما يمنحه نوعا من
المهابة، تتحول إلى ألفة حين يروى ذكرياته، وما أغناها. تدور حول المسرح
حيث ولد أثناء أحد العروض التى تقدمها فرقة والده «فوزى الجزايرلى». عاش
حياته كلها، ما بين خشبات المسارح واستوديوهات السينما وبلاتوهات
التليفزيون.. لم تكن لقاءاتنا عابرة، أو لعدة ساعات، ذلك أنها كانت تمتد
لعدة أيام، حين نذهب إلى المحافظات، لتحكيم مسابقات فنية، تنظمها وزارة
الشباب.. لجان التحكيم، آنذاك، جمعت إلى جانب فؤاد الجزايرلى، عددا من
الكبار، مثل مبدع الألحان العذبة، الشرقية بامتياز، أحمد صدقى، والمؤرخ
الموسيقى المرهف، محمود كامل والناقد النزيه، فؤاد دوارة.. يضاف لهم من
كانوا شبابا، فى ذلك الزمان: على أبوشادى، حسن عطية، والعبدلله.. فى كل
رحلة عمل، نقرر تسجيل ذكريات الرجل، لكن تأخذنا نشوة أحاديثه بعيدا، فنؤجل
إلى لقاء آخر. كنا نظن أننا نملك الزمن، لكن أدركنا، بعد فوات الأوان، أن
الزمن هو الذى يملكنا، ولا يمهلنا طويلا، ورحل الفنان قبل أن ننفذ قرارنا
المؤجل.
فؤاد الجزايرلى، كاتب سيناريوهات، أخرج أربعة عشر فيلما، والكثير من
المسرحيات الاستعراضية. عمل مع على الكسار ويوسف وهبى ونجيب الريحانى.. وهو
حكاء من طراز رفيع، ينقل لك رائحة الألوان، وملمس الغبار وصوت الأحاسيس. فى
تصرفاته تتجلى خبرة الحياة. حدث فى إحدى المرات، أثناء زيارتنا إلى إحدى
محافظات الجنوب، أنه بدا متكدرا. تضاعف كدره بذلك الاستقبال الفاتر لسكرتير
المحافظة السخيف، الذى أهملنا متظاهرا بانشغاله الشديد. وبعد نصف ساعة من
تجاهلنا، قام الجزايرلى من جانبنا، فى نهاية القاعة، متوجها، بخطوات
عسكرية. وقف «انتباه» أمام المكتب. رفع يده فى تعظيم سلام، مما أربك
السكرتير، وبابتسامة تحمل أكثر من معنى، ركز نظره فى عينى المغرور وطلب منه
أن يأمر بإحضار كوب من الماء، لأن القيظ لا يحتمل، فوقع الرجل فى حرج
بالغ.. فى المساء، حين جلسنا فى شرفة تطل على النيل، أخذ يفسر سبب الكدر
الذى اعتراه منذ بداية الرحلة، فروى هذه الوقائع الأقرب لفيلم سينمائى فريد
من نوعه. قال: حين كنت صبيا، صاحبت فرقة والدى الجوالة، التى تسافر، كاملة،
بأبطالها، ديكوراتها، ملابسها، من مديرية لأخرى. وسيلة الانتقال، مركب
شراعى كبير. يتعمد رجال الفرقة ارتداء زى العساكر والإمساك بالبنادق
الخشبية، إرهابا لقراصنة النيل.. محافظة تلو أخرى وصلت الفرقة إلى ذات
المديرية، التى نحن فيها الآن. اقيم الشادر على ضفة النهر، وأرسلت دفاتر
التذاكر إلى سكرتير المديرية الذى طالب بالمزيد، والذى فيما يبدو ــ أجبر
العمد على شراء التذاكر، بدليل حضور جماهير كثيفة. فى الصباح، طلب فوزى
الجزايرلى بثمن التذاكر. أخطره سكرتير السكرتير أن النقود ستصله، كاملة،
غدا وفى اليوم الثالث والأخير، لاحظ الصبى أن «غرزة» اقيمت بالقرب من
الشادر. وقبل بدء العرض ووصول مدير المديرية، والمأمور، داهم المخبرون
الغرزة. قبضوا على المتعاطين ومن بينهم بعض أفراد الفرقة التى وقع صاحبها
فى «حيص بيص». بدت المؤامرة واضحة، لقد تعمد السكرتير زرع هذه الغرزة وهو
يعلم مسار الأمور، فبعد مفاوضات مجحفة، تم الاتفاق على عدم تجريس الفرقة،
فى مقابل أن تغادر، بملابس العرض، فور الانتهاء منه، مع عدم الحديث عن
النقود.. وفعلا، نفذ المطلوب، وتابع الصبى، مسيرة أعضاء الفرقة، نحو
المركب، بمن فيهم والده، بعباءة «عطيل»، ومعه جنوده، وحراس القصر.. ولكن ما
عصر قلبه، منظر شقيقته الكبيرة، البدينة، إحسان الجزايرلى، بقميص النوم
وخشب «السقالة» المؤدية للمركب يئن تحتها، وهى تمسح عيونها وأنفها بمنديل
ديزدمونة.
شكرى سرحان
كمال رمزي
14
مارس 2012
فنيا، ولد نجم الأيام الخوالى، عدة مرات.. صحيح، تقول صفحته إنه جاء للدنيا
فى 12 مارس 1925، ورحل عنها فى 29 مارس 1997، بعد أن قدّم أكثر من «150»
فيلما، بدا فيها نموذجا لـ«فتى الشاشة الأول»: وجه متسق الملامح، بعينين
غائرتين واسعتين، تعبران بدقة وشفافية عما يعتمل بداخل صاحبهما، فوقهما
حاجبان كثيفان، يتماشيان مع الأهداب الطويلة وشعر الرأس الغزير، الفاحم
السواد، اللامع، فضلا عن قوام ممشوق، دافق بالحيوية.. إنه الشاب المهيأ
للحب منذ النظرة الأولى، يوحى بالثقة ورقة العواطف، يطالعنا، فى عشرات
الأفلام، فى دور الفتى المحبوب، المتأنق «الجنتل»، مرتديا أفخم الثياب،
يجيد الإمساك الساحر بالكأس. يسحب أنفاس «البايب» برقة ومهارة. يهيم
بنظراته فى عينى الحبيبة، يصر على الاقتران بها، مهما كانت العوائق.. هذه
الأدوار، فى جوهرها، هى دور واحد، بأداء مكرر، من فيلم لآخر، وبذات
«الكليشيهات» المحفوظة. لكن موهبة شكرى سرحان، التى صقلها له زكى طليمات،
إبان دراسته فى المعهد العالى للتمثيل، كانت أكبر من الاستسلام داخل
الشرنقة التى فرضتها عليه السينما المصرية، فاستطاع أن يحطم جدارها، بفضل
كبار مخرجينا، فأسندوا له أدوارا لا علاقة لها بأبعاد نجومية «الفتى
الأول»، فبدأ، مع كل عمل مختلف، وكأنه، يولد من جديد.. والمفارقة تكمن فى
أن مجد شكرى سرحان، يتجلى فى أدائه البارع لتلك الشخصيات التى تحرر فيها من
أغلال وقناع النجم.
على يد يوسف شاهين، صلاح أبوسيف، توفيق صالح، ولد شكرى سرحان ثلات مرات، فى
أقل من أربعة أعوام. شاهين، الجرىء، نزع بذلة النجم ومنحه جلبابا متواضعا
وأخفى شعره الطويل تحت طاقية متربة، واستبدل «البايب» بالفأس، فجعله
«حميدة»، «ابن النيل» 1951، المفعم بالأشواق تجاه العاصمة.. أما صلاح
أبوسيف، فإنه قرر، بمعاييره التى لا تخيب، تحطيم صورة النجم الشهم، طوق
نجاة البطلة المغلوبة على أمرها، وأن يسند له شخصية موظف حسابات تافه،
تكوينه النفسانى مهلهلا، مثل ملابسه، يستدرج ضحايا لوكر «ريا وسكينة»
1953.. ومن إخراج توفيق صالح، يقدم، بصدق ومهارة، دور «عجلاتى»، فى «درب
المهابيل» 1955، يتصارع مع سكان زقاق من أجل انتزاع ورقة «الياناصيب» من يد
المعتوه الذى حصل عليها عن طريق المصادفة. شكرى سرحان هنا، بقميصه
الكاروهات، وبنطاله القديم، وبطريقته العفوية فى تعليق الدراجة على هلب
مثبت فى الجدار، يعطى مذاق الحقيقة.. والملاحظ، على طول مسيرة فناننا أنه
كلما اقترب من الواقع، انطلقت طاقته على نحو أكثر إبداعا.. وربما من الممكن
اعتبار العشرات من بطولاته كنجم مجرد ــ دورا واحدا، يتضاءل إذا قورن
بمواقف يعبر فيها عن عناء قطاعات واسعة من الناس. فى «الزوجة الثانية»
لصلاح أبوسيف ١٩٦٧، يجبره العمدة، وبطانته، على طلاق زوجته، وبأداء مرهف،
وبينما هو محاصر بمجموعة بشرية أقرب للوحوش، لا يستطيع أن يلقى بيمين
الطلاق، فيتوقف، ويجفل، لكن المصيدة تحكم الخناق عليه.. وأظن أن مشهده فى
نهاية «البوسطجى» لحسين كمال 1968، يرتفع بقامته، بل بقامة الأداء التمثيلى
المصرى. يعبر فيه عن مأساة التخلف التى طالته، يرتدى جلبابا مهلهلا، تماما
مثل شخصيته وقد ترك شعر ذقنه نابتا، مشعثا، وأخذ يمزق خطابات القرية،
تذروها الريح.. إن لمعان الفنان، يتألق، خلف قناع النجم.
أناشيد
كمال رمزي
11
مارس 2012
كأن بنات الخليج، بحماس يجمع بين الموهبة والعزيمة، أردن إثبات حضورهن على
شاشة السينما، بل تفوقهن فى هذا المجال، وبالضرورة، انتزعن جوائز مرموقة فى
«المهرجان السينمائى الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» الذى أقيم
بالدوحة فى الأسبوع الأخير فى شهر فبراير، المخصص للأفلام التسجيلية
والروائية القصيرة، حيث فاز «حمامة» من إخراج نجوم الغانم ــ هكذا اسمها ــ
بجائزة أفضل تصوير، بينما حصلت زميلتها شروق شاهين، على جائزة أفضل فيلم
تسجيلى، بعنوان «السيدة الوردية».
«حمامة»،
يستغرق عرضه الساعة والربع الساعة، ويبدو كما لو أنه مجرد عدة دقائق، ولعل
السر فى سحره الأخاذ يكمن فى بطلته، السيدة التسعينية التى تعالج المرضى
بالأعشاب فيما يعرف بالطب الشعبى، فضلا عن مساعدة النساء فى الولادة، لذا
فهى تمثل «الأم» عند عدة أجيال تفتحت عيونها على يديها، ولاحقا، ارتشفوا
الشفاء من أدويتها التى قلما تخيب، وبرغم أن وجهها لا يظهر طوال الفيلم،
بسبب ما تسدله على أنفها وفمها، فإن حضورها الخلاب لا يفتر أبدا، فهى هنا
أقرب إلى الروح، رقيقة وراسخة، صوتها يتسلل إلى القلب والعقل، بسيطة
وحكيمة، يتعامل الجميع معها بتبجيل تستحقه، فها هو أحد الرجال، ولد على
يديها، وعالجته حين داهمه المرض، يقبل رأسها معتذرا عن طول غيابه، وها هى
تتسامح معه، من دون كلمة تأنيب واحدة.. وهى أيضا ساخرة، فبعد أن يتم
تكريمها فى مهرجان مهيب، تضع شهادة التقدير تحت كنبة.. ابنها يخرج الشهادة
وينظر لها بإعجاب تقول له «مزقها أو اشطب اسمى وضع اسمك مكانه».. «حمامة»
ــ وهذا اسمها ــ انشودة جميلة لامرأة لا تعرف إلا المساهمة فى صنع الحياة،
تعمل بلا كلل، تربى الدواجن والأبقار تطهو الطعام الذى يكفى لأولادها
وأحفادها، بل لكل من يريد أو يحتاج. إنها قبس من نور، ترصده الكاميرا بمحبة
وتوقير، وبالتالى استحق الفيلم جائزة أفضل تصوير.
ثمة أواصر، قد تكون غير مرئية بين «حمامة» و«السيدة الوردية»، والمقصود
بالسيدة الوردية هو «السيدة مريم»، وبينما يقدم «حمامة» انشودة لكائن بشرى
يستحق الاحتفاء، فإن «السيدة الوردية»،، بدوره، يعزف انشودة عذبة، لا تخلو
من مشاكسة، لكنيسة «السيدة مريم»، ذات المعمار البديع، التى تم بناؤها فى
الدوحة.. المخرجة، نجوم الغانم، لا تتغنى بضخامة المبنى، وجمال تصميمه،
وروحانية لوحة السيدة مريم فحسب، بل تحتفى بالمعنى الكامن وراء ذلك المبنى
الحديث، فهو، عندها، يمثل دليل نضج إنسانى وحضارى. صحيح، ثمة متشدد، منزعج
من هذا البناء يرفع شعار «لا كنائس فى شبه الجزيرة»، لكن المسار العام
للفيلم وأصوات أخرى، بوجوه من أبناء الخليج، وأبناء جاليات من خارجها،
تتناغم فى الاحتفاء بقبول الآخر، وحقه فى الحياة، وممارسة معتقداته
الروحية، فى مكان معلن، بدلا من الحجرات والشقق المغلقة، كما تقول إحدى
الوافدات بوجه مترع بالبهجة والامتنان والأمل.. إنه فيلم يرنو، بصدق، إلى
المثل العليا، وينبئ، مع «حمامة»، أن المستقبل مشرق، ببنات الخليج الواعدات.
التجريب.. فى الخليج
كمال رمزي
09
مارس 2012
أفهم أن يتمرد المبدع على مواصفات الفن السائد، خاصة حين يكون الإنتاج
الفنى يسير وفق مواصفات متشابهة، جامدة، مكررة.. وليس بالضرورة أن يفرز
«التمرد» فنا جديدا، لكن حسبه فتح نوافذ تأتى بأنفاس منعشة، تبدد شيئا من
ركود السائد والمألوف. هكذا كان الحال فى السينما المصرية، عندما حقق محمد
شبل «أنياب» 1981، معتمدا على حكاية «دراكيولا»، محطما أساليب السرد
المعهودة، مستعينا بالرسوم الكاريكاتورية، مازجا بين الواقع والكابوس،
متعمدا الكتابة المباشرة على الشاشة. وبينما رحب النقاد بالفيلم، واعتبروه
عملا تجريبيا مهما، لم ينجح الفيلم الغرائبى جماهيريا. لكن الأهم أنه أطلق
خيال العديد من المخرجين، فقدم رأفت الميهى «سمك لبن تمر هندى»، وجاء داود
عبدالسيد بـ«البحث عن سيد مرزوق»، وحتى صلاح أبوسيف، سيد الواقعية، انطلق
بعيدا فى فانتازيا «البداية».
التجريب، مطلب ملح فى السينما المصرية، يتواءم تماما مع أوضاعها، لكن يبدو
غريبا، وربما ممجوحا، حين يأتى من سينما وليدة، تتلمس طريق البدايات، كما
فى بعض الأفلام الروائية القصيرة، التى قدمها عدد من المشاركين فى مسابقة
«مجلس التعاون لدول الخليج». فعلى سبيل المثال، من الصعب تخمين المقصود من
فيلم «وينك» ٩ق، للسعودى عبدالعزيز النجيم. صحيح مكتوب فى تلخيصه بكتالوج
المهرجان «شاب يبحث عن صديقه الذى اعتزل الناس والحياة». وعبثا تحاول معرفة
معنى أو ابعاد هذه الجملة، فمشاهد الفيلم المفككة تتراكم متنقلة بين شاب
يطلب آخر، تليفونيا، بينما الآخر لا يرد، وينغمس فى متابعة ما يعرضه
التلفاز، ثمة صور فوتوغرافية ثابتة، للصديقين، ولا يفوته أن تتوالى اللقطات
بمونتاج حاد، مزعج.. وفى تجربة تجريبية سقيمة، فى «أم الصبيان» ١٠ق للقطرى
وفاء صفاء ــ لا أعرف هل الاسم لذكر أم أنثى ــ يصفه الكتالوج كالتالى
«فيلم تشويق تجرى أحداثه فى السبعينيات حول فتى ممسوس منذ ولادته بجنية
مؤذية تسبب له كثيرا من الأذى والإزعاج». ولك أن تتخيل عملا سينمائيا يلتزم
بخزعبلات من هذا القبيل. «أم الصبيان» ينغمس فى نوبات عصبية وصرخات.. إن
غير المفهوم، وغير المنطقى، أن تتجه سينما وليدة إلى التجريب الذى يأتى،
عادة، كتمرد على السائد والمألوف، بينما لا
يوجد سائد ولا مألوف.
فى المقابل، تأتى أعمال جديرة بالاهتمام، تبعث الأمل، قدرتها لجنة التحكيم،
بنزاهة، فمنحت ــ على سبيل المثال ــ جائزتها الكبرى، لفيلم «سبيل» 20ق
للإماراتى خالد المحمود، الذى يتابع، بشفافية روحية، رحلة أخوين فى الحياة.
لا يحكى قصة طويلة ولكن يقدم، عدة مشاهد مكثفة، بلا زيادة أو نقصان، تعبر
عن ماضيهما، وتشير، على نحو ما، إلى مستقبلهما. فى البداية، يطالعانا،
يزرعان خضراوات، بعناء، فى بقعة أرض قاسية. ثم، بحنو، فى حجرة متواضعة،
يسقيان الدواء لجدتهما.. على جانب الطريق، يبيعان الخضراوات التى تذبل
سريعا، تحت أشعة الشمس الملتهبة. وتتوالى لقطات المشهد من زوايا مختلفة،
مما يعنى مرور الأيام. وبعد تناول الجدة لآخر قطرات الدواء تسلم الروح..
الأخوان، فوق دراجة بخارية قديمة، يغادران، تودعهما الكاميرا إلى أن يصبحا
نقطة تذوب فى عمق المجال. الفيلم، الخالى من الحوار، الذى يلمس القلب، يثير
اسئلة ذات مغزى، تدور حول تلك النماذج المنسية فى بلد بالغ الثراء، وربما
يتغنى بشابين يواجهان الحياة بقدر كبير من الصبر والعزيمة.. «سبيل» يرسى
دعائم الطريق نحو سينما ناضجة، تقف على أرض راسخة، أكثر جدوى من تلك
التجريبية التى تقفز وتكاد تضيع فى الفراغ.
الشوارب
كمال رمزي
واقعيا، وعلى الشاشة، حظى الشارب بحضور قوى، فهو فى الكثير من الأحيان أقرب
للعلامة المميزة، شارة، بصمة، لا تنم عن شخصية متفردة وحسب، بل تأتى كتعبير
عن قطاع من الناس، وأحيانا، عن مرحلة تاريخية.. الشوارب، عادة، يأتى رسمها
تقليدا للمشاهير، زعماء أو ملوك أو نجوم. الألمان، فى الفترة النازية،
طبعوا شواربهم على طريقة أدولف هتلر: شعر كثيف فوق الشفة العليا، لا يتجازو
عرض المنخرين، إنه حاد، محدد على نحو حاسم، وتجاوز شارب هتلر حدود ألمانيا
ليستقر على وجوه المعجبين به، ووضعه يوسف شاهين فوق شفة المدرس القاسى،
عبدالعزيز مخيون، فى «اسكندرية ليه» الذى تدور أحداثه إبان الحرب العالمية
الثانية.. وفى الاتحاد السوفييتى، نسجت الشوارب على نمط ستالين: شعر ناعم،
غزير، يمتد على طول الشفة العليا ويكاد يغطيها، مما يعطى إحساسا، ولو
كاذبا، بالطيبة. وعلى طول سنوات حكم ستالين، التزم نجوم أفلام تلك الفترة،
بالشارب الستالينى، وتخصص بعضهم فى تجسيد شخصيته، على الشاشة.. أما فى
انجلترا، بلاد أفضل صناعة شفرات الحلاقة، فإن أبناءها، لم يكترثوا
بالشوارب، أسوة بالرؤساء، تشرشل، هارولد ويلسون، إدوارد هيث، جيمس كاليهان،
جون ميجور، تونى بلير، وطبعا، مارجريت تاتشر.. إنها أمة بلا شوارب.
أما فى مصر، فإن الملاحظ، ذلك التبدل الكبير فى وجه الملك فاروق.. فى بداية
حكمه، لم يكن له شارب، اللهم إلا ذلك الزغب الخفيف، بلا معالم، تحت الأنف.
وفيما بعد أخذ شاربه ينمو وينمو، وبدأ يبرمه من الحافتين إلى أعلى، تيمنا
وتقليدا لشارب والده، الملك فؤاد. وفى قرار غير مسبوق، ولا ملحوق، أمر
الملك فاروق بصرف علاوة قدرها نصف جنيه ــ أيام كان القرش صاغ صاغا بجد ــ
لكل عسكرى يبرم فردتى شاربه.
كانت مرحلة فخر بالشوارب، وخلالها انتشرت الأغنية المدائحية التى كتبها
بيرم التونسى ولحنها زكريا أحمد، عن «الزناتى خليفة» «أبا سعده، فارس
مغوار، على شنابه، يقفوا صقرين، يا صلاة الزين»، وترددت، فيما بعد، بأصوات
سيد مكاوى، حورية حسن، فهد بلان، شادية، بوشناق، الأمر الذى يثبت أن الفن
أطول بقاء من الشوارب المفتولة.
ذهب فاروق، وجاء محمد نجيب، بشارب خفيف، بسيط، يترك مسافة تحت الأنف، ثم
جمال عبدالناصر، بشارب متوازن، مهندم، يمتد فوق الشفة العليا، ويرتفع عند
المنتصف ليصل إلى ما بين المنخارين، وأصبح هذا الشكل هو المعتمد للشوارب
المصرية.. وكان من الصعب تقليد شارب أنور السادات، لأن شعره مفلفل، مشعث،
مفلق الكتلات.. وأخيرا، أتى حسنى مبارك، بلا شارب.
على شاشة السينما المصرية، يبدو لى شارب محمد أبوسويلم، بأداء محمود
المليجى، فى «الأرض» ليوسف شاهين، هو الأهم، فى أفلامنا جميعا، فلا أحد من
الممكن أن ينسى صوت الموسى حين يجز، فى لقطة كبيرة، شارب الفلاح الثائر،
إمعانا فى إهانته.. وها هو الرجل، مغرورق العينين، يعود إلى أرضه وقد غطى
نصف وجهه، فيما يشبه الخجل.. إن للشوارب، تواريخ وحكايات ومعانى.
الشروق المصرية في
01/03/2012 |