يستدعي فيلم The Divel's Double (شبيه
الشيطان) المعروض حالياً في دور العرض المحلية نصيحة ترويجية طالما أنه
يعرض لمشاهد عربي، تتمثل في أن يكون عنوانه «عدي صدام حسين»، كون الفيلم
متمركزاً حول شخصية ابن الرئيس العراقي السابق، وللدقة حول بديله أو شبيهه،
الذي لن يكون إلا الضابط في الجيش العراقي لطيف يحيى، ويلعب كلا الشخصيتين
الممثل البريطاني دومينك كوبر، فيكون عدي وشبيهه.
قبل المضي مع ما يقدمه هذا الفيلم، فإن هناك ما يستدعي المرور على مخرجه
النيوزيلندي لي تاماهوري، الذي على ما يبدو ينتقل من فيلم رديء إلى آخر أشد
رداءة، متتبعاً بوصلة تلك الأفلام التجارية التي تشاهدها وتنساها وأنت تهم
بمغادرة مقعدك في دار العرض، كما هو فيلم Next (التالي)
الذي كان آخر ما أخرجه قبل «شبيه الشيطان»، حيث البطولة كانت من نصيب
نيكولاس كيج الذي لا ينفصل عن الرداءة أيضاً، مع أن بداية تاماهوري مع «كنا
يوماً مقاتلين» 1994 أو «مولهولاند فولز» ،1996 لم تكن تشير إلى ما سيصل
إليه من انحياز مطلق لما يسمى «أفلام الوجبات السريعة»، التي لن يكون «شبيه
الشيطان» إلا واحداً منها، وليست بدايتنا بتوجيه نصيحة ترويجية إلا تأكيداً
على أن الأمر لا يتعدى فيلم حركة (أكشن) تجارياً يستند الى شخصية حقيقية،
وأحداث مستقاة من كتاب ألفه لطيف يحيى بنفسه عما عاشه وعايشه من خلال كونه
بديلاً لعدي صدام حسين.
طبعاً هناك جملة استفزازية تطالع المشاهد على الدوام مع مثل هذه الأفلام،
تقول «الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية»، وهي استفزازية ليست في هذا الفيلم
تحديداً، بل في كل فيلم روائي. وكلما رأيتها تطالعني في فيلم من الأفلام
ينتابني سؤال مفاده: إن كانت القصة حقيقية فلماذا لا يكون الفيلم وثائقياً،
وصولاً إلى أن القصة الحقيقية لن تكون كذلك متى كانت مروية في سياق روائي
له ما له من أدوات سردية تتناغم والخيال شرطاً رئيساً لأن يكون الفيلم
روائياً.
المادة التي في حوزة تاماهوري غنية جداً، بمعنى أن تتبع مصير من يجبر أن
يكون شبيها لأحد ما رغماً عنه أمر مملوء بالدراما، فكيف إن كان هذا الشبيه
مرتبطا بشخصية مثل عدي حسين. كما أن الصراع الداخلي عند مجابهة مثل هذا
المصير سيكون مثيراً للفضول إن قدّم وعين صانع الفيلم على هذا المسار، وليس
على تقديم فيلم «أكشن» في النهاية.
فيلم «شبيه الشيطان» مشغول تماماً في الاستثمار بما هو معروف عن شخصية عدي،
ومع هذا ستكون هناك أيضاً مناسبة للتعريج على صدام الأب، والعلاقة المأزومة
بين الأب والابن، تعلق الأخير بأمه كما كل ديكتاتور، مروراً بميول عدي
العنفية وقدرته على القتل دون أن يرف له جفن، إضافة لتتبعه كل أنواع
الشهوات، بما في ذلك اغتصابه بنات مدارس، والوصول بشهواته غير الخاضعة لشيء
إلى أبشع ما يمكن أن يقود إليه انفلات العقل وانتصار الغرائز البدائية
المترافقين بسلطة مطلقة تضع الضحايا على الدوام أمام خيارين لا ثالث لهما،
إما الموافقة على ما يطلبه عدي أو الموت، كما يتردد عن تلك الشخصية. كل ذلك
يظهر في الفيلم من خلال شخصية لطيف، الذي يقاوم بداية أن يكون عدي صدام
حسين، وينجرف رويداً للعب الدور بعد أن يخضع لعمليات جراحية وتجميلية ليكون
الشبيه تاماً، وليقول له صدام حسين (فيليب كواست) «لقد أصبح عندي ولدان
اسمهما عدي»، إضافة لدورات تدريبية ليبدو سلوكه على اتصال تام مع سلوك عدي،
اذ ينجرف بداية مع مغريات ما يوفره أن يكون عدي، لكن سرعان ما يعدل عن ذلك
حين يكتشف المزيد والمزيد من المآسي، ولعل أكثرها تأثيراً فيه انتحار
تلميذة مدرسة يعتدي عليها عدي جنسياً، إضافة لوقوعه في غرام إحدى عشيقات
عدي الأثيرات، والمقصود هنا سراب (لوديفيني ساغينير). كل ذلك في تتبع لحبكة
هوليوودية بامتياز، تتمثل بالتغيير الدرامي الذي يحدث في قفزة درامية يكون
كل ما سبقها عملية تهيئة لهذه القفزة، ولتكون في هذا الفيلم إيذاناً
بالمزيد من «الأكشن»، وتحول لطيف إلى متمرد، وعلى شيء من المنتقم من عدي في
العملية المسلحة التي تعرض لها الأخير ونجا فيها من موت محقق. يمتلك الفيلم
كل مقومات فيلم «الأكشن» أو «المافيا»، عدا كون تلك «المافيا» أو «الشخصية
المافياوية» التي يقدم لها تنتمي إلى سلطة حكمت بلداً. وهنا تماماً ما يشغل
الفيلم، أي تحويل كل ما نشاهده من أحداث إلى أعمال تشويقية بمنتهى التسطيح
وارتهان إلى الوصفات الدرامية الجاهزة، بل حتى صراعات لطيف يحيى التي عاشها
وهو يتحول إلى بديل يشبه في كل شيء عدي، تبدو سطحية، وعلى شيء من ردود
الفعل الانفعالية، والمواقف الملفقة التي تأخذه إلى البطولة بمعناها
السخيف، ولا شيء يفعله إلا الرفض، ودومينك كوبر الذي جسد الشخصيتين يرطن
بالإنجليزية، كونها لغة الفيلم مع ورود خمس أو ست كلمات عربية طوال الفيلم
«يلا» أو ما شابه، كما ليقول لنا الفيلم «يلا» لنشاهد مجموعة من المشاهد
الجنسية والمطاردات وتبادل إطلاق النار وفق أي فيلم «أكشن» من الدرجة
العاشرة، مصنوع بارتجال تجاري أيضاً.
الإمارات اليوم في
22/03/2012
فيلم نسمة هواء..
البهجة والاسترخاء والإحساس بالحرية
لندن/ عدنان حسين أحمد
تتسم التجربة الفنية للمخرجة رانية محمد توفيق، المقيمة في الدنمارك
حالياً، بالتنوّع والثراء من جهة، والمغايرة والاختلاف من جهة أخرى، ذلك
لأن مرجعيتها الإخراجية دنماركية قلباً وقالباً. وعلى الرغم من أنها عاشت
نحو اثني عشر عاماً في سوريا وتونس إلا أن المناخ الثقافي الدنماركي هو
الذي طبع حياتها اليومية والاجتماعية.
كما أن دراستها للإخراج السينمائي في مرحلتي
البكالوريوس والماجستير قد عززت لديها هذا النزوع الثقافي الغربي على وجه
العموم. لابد من التنويه إلى أن الجيل الثاني من المهاجرين أو المُقتلعين
من جذورهم بطريقة أو بأخرى يحاولون العمل دائماً في المنطقة الوسطى بين
البلد الطارد للأبناء وبين البلد المُستقبِل لهم والذي يمنحهم غالباً
حقوقاً وامتيازات لم يحلموا بها في بلدانهم الأصلية، فلا غرابة أن تركّز
رانية محمد توفيق على موضوعات عراقية أو عربية كما هو الحال في فيلميها
السابقين (نوال) و (خالد) أو حتى في فيلمها الثالث (نسمة هواء) الذي نحن
بصدد تحليله وقراءته قراءة نقدية متأنية. لابد من الإشارة إلى أن رانية
محمد قد حصلت على شهادة الماجستير من أكاديمية (الفيلم والإعلام) في
كوبنهاغن، فلا غرابة أن تكون تقنياتها غربية بالكامل، بل أن رؤيتها
الإخراجية هي رؤية أوروبية صرف سواء في التعاطي مع موضوعات حرة أو اختيار
ثيمات قد تبدو جريئة بالنسبة للمتلقي العربي، لكنها طبيعية ومألوفة بالنسبة
للمُشاهِد الغربي. لا تنطوي أفلام رانية محمد على أي شكل من أشكال الترهل
السينمائي أو الثرثرة البصرية، ذلك لأن كل شيء فيها محسوب بدقة متناهية.
ففي فيلم (نسمة هواء) ثمة فكرة واحدة لا غير هي التي شغلت بال المخرجة
وعملت عليها على مدار الفيلم الذي يبلغ طوله (25) دقيقة. وجوهر الفكرة أن
الفتاة الشابة (سحر) التي تبدو منهمكة في مظهرها الخارجي من جهة، ومنغمسة
في عالمها الداخلي من جهة أخرى، تريد أن تتعلم الرقص، وأن تشارك زميلاتها
الاثنتي عشرة فتاة في الرقص، فمن غير المعقول أنهن جميعاً يرقصن ويغنين
ويفرحن، فيما تظل هي منعزلة وحدها، ومنطوية على عالمها الخاص. فسحر حينما
ترقص تشعر بالسعادة حقاً، وهذه المشاعر الداخلية العميقة كانت بداية
للفيلم، كما أن الشعور بالحرية كان نهاية له. أما التفاصيل التي تؤثث متن
الفلم فقد انطوت على الكثير من المفارقات التي تضع هذا الفيلم في سياقه
المبهج الذي رسمته هيكليته المخرجة المبدعة رانية محمد. يقوم بعض المواقف
في الفيلم على المفارقة اللغوية، فحينما يتحدثن عن كلمة (الفيس بوك) التي
صادفتهن في لعبة (من غير كلام)، أي الوصول إلى معنى الكلمة بواسطة التعبير
الإيمائي (البانتومايمي) قالت شقيقة الفتاة المشاركة في اللعبة: أتقرأين
القرآن؟ أتغسلين وجهكِ؟ أترتدينَ الحجاب؟ إذ تصورّت أنها تعني (وجه وكتاب)،
وأخيراً وبعد جهد جهيد تذكرت كلمة (فيس بوك) الإنكليزية التي يعرفها معظم
الناس الذين يتعاطون مع الإنترنيت في الأقل. تشعر سحر بأن الهواء نقي على
سطح المنزل، وهو كذلك في معظم الدول الأوروبية تقريباً، لكن الأكثر أهمية
أن هذه النقاوة في الهواء العليل يُشعِرها بالحرية والاسترخاء. أما جدران
الغرفة أو المنزل على سعته فإنه يسبب لها الكدر والضيق والاختناق. فتيات
الجيل الأول يتحدثن الدنماركية بطلاقة، ويتقنَّ حتماً عدداً آخر من اللغات
الأوروبية الحيّة. كما أنهنّ متفحتات، يدخنّ النارجيلة على غرار الفتيات
الشاميات واللبنانيات، لأنهن يحملن جزءاً من ذلك الموروث العربي المتفتح
الذي قد لا تجده في دول عربية أخرى. لم تخرج النكات التي يتبادلنها عن
الإطار اللغوي أيضاً مثل نكتة (أبو عبد) التي شاعت على الإنترنيت. إذ خاض
هذا الرجل امتحان اللغة الإنكليزية وهو لا يتقن منها سوى عبارة (تعال هنا)،
وحينما سأله الأستاذ: كيف تقول لشخص تعال هنا بالإنكليزية؟ فأجاب: أقول له:
(كوم هير). وإذا كان هناك، بعيداً عنك قليلاً، فماذا تقول تقول: أذهَبْ إلى
هناك وأقول له (كوم هير)! تحاول سحر أن تتعلم معظم الرقصات العربية التي
تبعث على الفرح والمسرّة مثل الدبكة العربية، والرقصات الشامية التي يشترك
فيها النساء والرجال، خصوصاً وأنها تتصف بالخفة والحيوية والحركات السريعة
المبهجة. ثمة فتيات كثيرات في هذا الفيلم نذكر منهن ديانا، ميسون، فاطمة،
عصمت، آية، كارولين، أمينة وأخريات يأتين على الموعد، لكن هناك اثنتين منهن
يتأخرن دائماً عن مثل هذه الحفلات البيتية الجميلة وهنّ دعاء وسيرين اللتين
يتمترسن وراء أعذارهنّ القوية أو الواهية على حد سواء. تنهمك الفتيات
جميعاً بالرقص، فيما تظل سحر مترددة، خائفة من بعض الأخطاء التي قد ترتكبها
في هذه الرقصة أو تلك، لكن ديانا تتبرع بتعلميها الدبكة، مثلما تعلمها
الأخريات أنواعاً أخرى من الرقصات العربية الشائعة والمألوفة في أوساط
الجاليات العربية. تتقدم سحر رويداً رويداً في أدائها لعدد من الرقصات
الشعبية الجميلة التي تمنحها إحساساً عميقاً وراسخاً بالحرية، فهي حينما
ترقص لا تفكر بشيء، وإنما تشعر بالتحليق والبهجة والاسترخاء. عالجت المخرجة
رانية محمد فكرة النص بطريقة ذكية، كما استطاعت أن تدير لنا هذه المجموعة
الكبيرة من الفتيات اللواتي بلغ عددهن ثلاث عشرة شخصية، كما نجحت في
التعاطي مع الشخصية الرئيسية سحر، وكشفت لنا الكثير من جوانب شخصيتها
الخارجية والداخلية بلقطات ومشاهد سينمائية شديدة البلاغة والتعبير.
المدى العراقية في
22/03/2012
"طريقة
خطِرة"..
من ملفات عالم التحليل النفسي
ترجمة/ عادل العامل
سيُعرض قريباً في دور السينما الأميركية فيلم ( طريقة خطِرة )، وهو فيلم
تاريخي أُعدت أحداث قصته عشية الحرب العالمية الأولى. وتدور القصة حول
العلاقات المضطربة بين الأخصائي في علم النفس كارل يونغ، ومستشاره الناضج
سيغموند فرويد، وسابينا سبيلرين، المرأة الشابة المُقلقة والجميلة التي
دخلت بينهما. وقد أخرج الفيلم ديفيد كرونينبيرغ، ومثّل
فيه فيغو مورتينسين ( سيغموند فرويد )، ومايكل فاسبيندر ( كارل يونغ )،
وكيرا نايتلي ( سابينا سبيلرين، إضافةً لفنسنت كاسل، وسارة غادون وغيرهم.
وقام بتكييف مادة الفيلم الكاتب الفائز بجائزة الأكاديمية كريستوفر هامبتون
عن مسرحيته لعام 2002 ( The Talking Cure)
المستندة نفسها إلى كتاب (أخطر طريقة : قصة يونغ، و فرويد، وسابينا
سبيلرين) 1993 للكاتب جون كير.
ويؤشر الفيلم للتعاون الثالث بين كرونينبيرغ وفيغو مورتينسين (بعد فيلمي
تاريخ العنف و وعود شرقية). كما أن هذا هو الفيلم الثالث الذي أنجزه المنتج
السينمائي البريطاني جيرمي توماس مع كرونينبيرغ. وهو إنتاج ألماني / كندي
مشترك.
وفي رأي Publishers Weekly ) )
فأن الكتاب الذي استند إليه الفيلم "دراسة مثيرة تلقي الكثير من الضوء
الجديد على شراكة يونغ ــ فرويد المتكدرة وعلى الوضع الحالي للتحليل
النفسي. وتشكل محوره سابينا سبيلرين ( 1886 ــ 1941 )، وهي واحدة من أوائل
المحلّلات النفسيات، والتي عالجها يونغ من الهستيريا حين كانت في سن 18
عاماً. وقد وقعت كما هو واضح في حب يونغ، واضطر هو لفسخ علاقتهما العاطفية
ليتجنب فضيحةً عامة. و وجدت هي في فرويد صديقاً ومستشاراً، وائتمنته على
تفاصيل ارتباطها بيونغ. ويؤكد كير ( المؤلف )، وهو عالم نفسي ومؤرخ، أن
فرويد حاول استخدام ما عرفه عن حياة يونغ الشخصية ليمارس سيطرة إيديولوجية
على حركة العلاج بالتحليل النفسي. وفي سيناريو كير، أن يونغ كان عارفاً كما
يظهر بعلاقة فرويد السرية مع أخت زوجته مينا بيرنَيز ... وأن تعاونهما
تفكّك بعد تهديد يونغ بكشف تلك العلاقة. ويؤكد كير أنه كانت لدى الرجلين
فرصة لجعل التحليل النفسي نظاماً منفتحاً ومؤسساً على نحوٍ علمي، لكنهما
استسلما بدلاً من ذلك للطموح، والدوغما، والعداء الشخصي. كما يتهم يونغ
وفرويد بأنهما طمسا نظرية سابينا الخصبة حول اللاشعور، والتي كانت تصوّر
النشاط الجنسي اندماجاً fusion
أكثر من كونه متعة".
المدى العراقية في
22/03/2012
السينما العراقية ودائرة السينما والمسرح
عبد العليم البناء
لقد كانت السينما وما زالت أفضل ناقل للعادات والتقاليد، فضلا عن
تأثيراتها الثقافية المتنوعة مجتمعيا وإذا كانت السينما هي فن وثقافة
وصناعة فإنها تقتضي آليات تحوز في الأقل على الشروط الدنيا للإنتاج الذي
يستدعي التوزيع وهذا يستدعي البحث عن المستهلك..
وبالنسبة للسينما العراقية لتي شهدت انطلاقتها الأولى
على أيدي القطاع الخاص عام 1946 بإنتاج فيلم (ابن الشرق) فإنها شهدت تحولات
مختلفة وعلى مراحل عدة تمخضت عن إنتاج سلسلة من الأفلام الروائية
والوثائقية المتباينة في مضامينها ومستوياتها وتأثيراتها وحتى في أشكال
دعمها.
وكان من بين مراحل تطور العمل السينمائي، ضمور وانحسار دور القطاع الخاص
واستحداث (مصلحة السينما والمسرح) في مطلع الستينيات من القرن الماضي وصولا
إلى عام 1975 الذي شرع فيه القانون رقم (146) الخاص بالمؤسسة العامة
للسينما والمسرح، التي شهدت هي الأخرى تحولات إدارية اخرى انعطفت بها نحو
مسارات الضعف والوهن بسبب توجهات النظام المعروفة .ولعل اخطر وأصعب مرحلة
مرت بها السينما العراقية هي تحويل دائرة السينما والمسرح وشمولها بقانون
الشركات وخضوعها لنظام التمويل الذاتي في النصف الثاني من تسعينيات القرن
الماضي، الأمر الذي ادى الى انتكاسة حقيقية وشاملة للسينما العراقية لم
تشهدها من قبل وقد فاقم في هذه الانتكاسة ظروف الحصار الشامل المفروض على
العراق آنذاك، فكان ان توقفت عجلة الإنتاج السينمائي بانتهاء إنتاج الفيلم
الروائي الطويل (الملك غازي) للمخرج القدير محمد شكري جميل الذي بقي منذ
تلك اللحظة، يحاول الشروع برائعة جديدة ولكنه لم يفلح وقد لن يفلح، حتى وان
حصلت الموافقة على فيلمه الروائي الجديد (المسرات والأوجاع) الذي كتب
السيناريو له الكاتب ثامر مهدي عن رواية بالاسم ذاته للأديب الراحل فؤاد
التكرلي ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013 لأسباب سنأتي على
ذكرها لاحقا.
واقع حال البنى التحتية لدائرة السينما والمسرح:
ما تمتلكه الدائرة الآن من أجهزة ومعدات إضافة الى الكاميرا السينمائية
الوحيدة
(R1 535
فلكس) أربع كاميرات ديجيتال وهي كاميرات غير سينمائية، إضافة الى
منظومة صوت وإنارة وسيت مونتاج وكلها لا تضاهي ما موجود لدى القطاع الخاص،
فضلا عن تقادم أجهزة العرض السينمائي في المسرح الوطني ومسرح المنصور
والاحتفالات وهي لم تعد صالحة لعرض الأفلام السينمائية ذات الطبيعة
الإنتاجية الحديثة، مما يتطلب شراء اجهزة عرض حديثة بنظام (دولبي) التي
تبلغ كلفة الواحد منها أكثر من (30) ألف دولار وتمتاز بوجود خاصية العرض
الشريط السينمائي 35 ملم وللشريط الكاسيت الفديوي.
وقد برزت هذه المشكلة عند محاولة عرض أفلام (احلام) و (ابن بابل) لمحمد
الدراجي و (كرنتينة) لعدي رشيد إذ لم يتمكن مخرجوها من عرض هذه الأفلام
المهمة التي مثلت نواة الانطلاقة الجديدة للسينما العراقية بما يتفق
وأسلوب ونوعية تصويرها، الامر الذي ادى الى حصول تشويه وعدم وضوح عرضها،
وستظل هذه المشكلة قائمة لحين استيراد اجهزة العرض الحديثة التي اشرنا لها
والتي ستوفر الفرصة لعرض جميع الافلام العراقية الحديثة على الشاشة العريضة.
ويعلم جميع المعنيين أن جميع ما أنتج من قبل هذه الدائرة وباقي الجهات
المعنية بالإنتاج السينمائي داخل العراق من أفلام كانت جميعها بكاميرات
الديجيتال باستثناء الفيلم الروائي الطويل (كرنتينة) للمخرج عدي رشيد الذي
أنتجه وفق عقد خاص مع دائرة السينما والمسرح وتم تصويره بالكاميرا
السينمائية الوحيدة لها
(R1
فلكس 535) التي اشرنا لها آنفا.
وهذا يشير إلى حقيقة أخرى مفادها أن التصوير بهذه الكاميرا وحده ليس بكاف
إذ يتطلب إجراء عملية المونتاج والطبع والتحميض والمكس والمؤثرات الصورية
والصوتية خارج العراق لعدم وجود ستوديوهات سينمائية داخل العراق كما ذكرنا.
لقد جاء مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013 ليكون بادرة أمل نحو
استكمال الانطلاقة الجديدة للسينما العراقية بعد ربيع بغداد عام 2003، إذ
تمت المصادقة على إجازة وإنتاج مجموعة من الأفلام السينمائية الجديدة التي
توفر لرواد وشباب السينما العراقية فرصة خوض غمار تجربة جديدة بآفاق
إبداعية جديدة بعيدة عن قيود الادلجة والقمع والكبت لحرية التعبير التي لا
يمكن من دونها خلق نهضة سينمائية حقيقية، لاسيما أن المبلغ المخصص هو خمسة
مليارات دينار عراقي وهو ما لم يحصل في تاريخ السينما العراقية.
وعلى هذا الأساس تشكلت لجنة فحص وإجازة للنصوص المقدمة، وفي هذا السياق فإن
المبالغ المخصصة من قبل الوزارة التي بلغت خمسة مليارات دينار عراقي لم
يصرف منها سوى مبلغ قدره (178) مليوناً بموجب عقد خاص مع دائرة السينما
والمسرح باعتبارها منتجا منفذا لأربعة أفلام من جميع الأفلام المشار إليها
آنفا ، ومجموع مبالغها (178) مليون دينار وتعادل نصف الميزانيات المقرة
لهذه الأفلام، على أمل ان يتم تسليم النصف الثاني بعد الانتهاء من انجاز
هذه الأفلام.
ولكن ظهرت عقبة أخرى لم تكن بالحسبان وهي تتعلق بالإجراءات الإدارية
الروتينية التي ربما ستقضي على هذا المشروع الموعود بأكمله تتمثل بان وزارة
الثقافة وقبل انتهاء السنة المالية لعام 2011 أعادت مبلغ (الخمسة مليارات
دينار) الى وزارة المالية باستثناء مبلغ الـ (178) مليون دينار المصروفة
كنصف ميزانية للأفلام الأربعة المشار إليها، اذ لم تقم باتخاذ إجراء إداري
ومالي حاسم بكيفية صرف هذه المبالغ بما يضمن عدم تسرب الفساد المالي
والإداري إليها.
الخلاصة:
وخلاصة الأمر أن السينما العراقية عامة ودائرة السينما والمسرح لا يمكن أن
تحقق القفزة النوعية المطلوبة وتغيير المسار على أسس علمية صحيحة إلا وفق
خيارات وخطط إجرائية نوعية وجذرية شاملة تأخذ بنظر الاعتبار المشهد
السينمائي برمته سواء في جانبه الرسمي وشبه الرسمي أم في جانبه المتعلق
بالمنظمات والجمعيات والمراكز السينمائية المستقلة داخل العراق والذي نرى
أنه لا بد أن يرتكز على الإجراءات والعوامل والمقترحات والتوصيات الآتية:
1-العمل
على إلغاء شمول دائرة السينما والمسرح بنظام التمويل الذاتي وإعادتها الى
نظام التمويل المركزي الذي يوفر لها فرصة العمل وفق خطة سنوية متكاملة.
2-العمل
على إعادة تعمير وتأهيل جميع البنى التحتية الحديثة للسينما العراقية كما
هو حاصل في العالم بما فيها المرافق السينمائية في الدائرة وغيرها.
3-الأخذ
بمقترح الفصل بين السينما والمسرح إلى دائرتين وبأسرع وقت ممكن وبما يتماشى
مع التطورات الميدانية لعالم السينما ومناقشة المسودة المرفوعة في هذا
الشأن من لدن مجموعة من السينمائيين العراقيين وعدم شخصنة هذا المقترح بأي
شكل من الأشكال.
4-دعم
جميع المراكز والهيئات والجمعيات والمنظمات السينمائية وفق أساليب بعيدة عن
الوصاية أو التدخل في صياغة منجزها الإبداعي الهادف لخدمة السينما العراقية
عامة وتقديم المنح المطلوبة لها .
5-العمل
على تفعيل جميع الاتفاقيات الثنائية الثقافية مع البلدان الشقيقة والصديقة
على غرار ما تم في الاتفاق السينمائي العراقي - الإيراني الذي شمل إنتاج
فيلم مشترك وإعادة إعمار وتأهيل مجموعة من دور العرض السينمائي وإقامة ورش
تدريبية مختلفة لجميع الاختصاصات السينمائية العراقية.
6-العمل
على إعادة النظر بجميع الأنظمة والقوانين التي تخص تطور ونهضة السينما
العراقية وباقي فنون الإبداع لتأخذ طريقها في النهوض الثقافي والحضاري
الشامل.
7-العمل
الجدي على إعادة إعمار بناية دائرة السينما والمسرح بما يتيح للدائرة
إعادة العمل لستوديوهاتها ومنظوماتها في المونتاج والمؤثرات والصوت
والإنارة وغيرها.
8-الاستفادة
من الخبرات والطاقات والكفاءات العاملة خارج العراق في توسيع دائرة التطور
النوعي للسينما العراقية بكل مفاهيمها.
9-
المشاركة الفاعلة في جميع المهرجانات السينمائية العربية والدولية وتوسيع
دائرة المهرجانات المحلية وغيرها داخل العراق وإشاعة الثقافة السينمائية
بكل إشكالها.
أخيراً كان هذا عرض عام لحال السينما العراقية عبر مسيرة متواترة ومتباينة
ومتعثرة لدائرة السينما والمسرح التي عاشت تداعيات المشهد السياسي العراقي
بكل ايجابياته وسلبياته المعروفة وغير المعروفة
..
المدى العراقية في
22/03/2012
"من
أجل جميلة" يتطرق
لجهاد جميلة بوباشة ورفيقاتها
فرنسا تعرض فيلما يفضح جرائم اغتصاب قواتها لمناضلات
الجزائر
قنوات فرنسية تبدأ عرض فيلم "من
أجل جميلة" الذي
يحكي نضال الجزائريات ضد الاحتلال الفرنسي، ويتعرض لعمليات التعذيب
والاغتصاب بحقهن من جانب القوات الفرنسية إبان حقبة الاستعمار.
(دبي - mbc.net) بدأت قنوات فرنسية عرض فيلم "من
أجل جميلة" الذي
يحكي نضال الجزائريات ضد الاحتلال الفرنسي، ويتعرض لعمليات التعذيب
والاغتصاب بحق المناضلات الجزائريات من جانب القوات الفرنسية إبان حقبة
الاستعمار.
ويأتي عرض الفيلم بمناسبة مرور 50 سنة
على توقيع اتفاقيات "إيفيان" بين
الجزائر وفرنسا.
ويناقش فيلم "من
أجل جميلة"، وهو
من إخراج كارولين هوبير موضوع المحكوم عليهن بالإعدام من خلال التطرق إلى
المسار الثوري والنضالي للمجاهدة جميلة بوباشة، إحدى اللواتي أطلق عليهن
اسم "واضعات
القنابل"، كما
يكشف تورط القضاء الفرنسي إلى حد بعيد في التعذيب الوحشي للجزائريات بصفة
خاصة. بحسب صحيفة "الخبر" الجزائرية
الخميس 22 مارس/آذار2012.
ويُعد فيلم "من
أجل جميلة" وهو
من إنتاج لورانس باشمان، بمساهمة "فرانس 3" و"آرتي" والذي
عرضته الثلاثاء 20مارس/آذار القناة الفرنسية (فرانس 3)، خطوة
جريئة لكسر أحد تابوهات السينما والإعلام الفرنسي، الذي أطلق اسم "واضعات
القنابل" على
جميلة ورفيقاتها.
ويستعرض الفيلم أهم مراحل القبض على المجاهدة "جميلة
بوباشة" ابنة 22 ربيعا،
وإحدى جميلات الجزائر اللائي خضن المعركة ببسالة في 1957 إبان
حرب التحرير، إلى جانب مجريات المحاكمة التي قادتها المحامية الفرنسية
جيزيل حليمي، كما يقدم لأول مرّة مشاهد تصويرية لعملية الاغتصاب التي تعرضت
لها جميلة، والتعذيب الذي تعرضت له في أغلب مراحل التحقيق.
وتدور أحداث الفيلم المقتبس من كتاب "جميلة
بوباشة" للمحامية
جيزيل حليمي، في بداية الستينيات في الجزائر المحتلة، بين شوارع القصبة
والسجون، إلى المحكمة المدنية في فرنسا، ويقدم "في
ساعة و43 دقيقة
مجريات القبض والتعذيب والمحاكمة، وأهم الخطوات التي قامت بها المحامية،
لإبعاد شبح الإعدام بالمقصلة عن رقبة المناضلة الجزائرية الشهيرة جميلة
بوحيرد، إضافة إلى الحملة التي قادتها وسط المثقفين الفرنسيين من أجل ذلك.
ويظهر الفيلم صورا مروّعة عن التعذيب الوحشي الذي تعرضت له، ويكشف
تورط القضاء الفرنسي إلى حد بعيد في التعذيب الوحشي للجزائريات بصفة خاصة،
بشكل مستفز ومؤلم للمشاعر.
ورغم أن الصحيفة وصفت الفيلم بأنه بمثابة شهادة فرنسية على جرائم
التعذيب التي ارتكبتها ولا يمكن أن تزول بالتقادم، فإنها أشارت إلى أنه
تناسى عن عمد أو عن جهل أن هذه العمليات الفدائية قامت كرد فعل على
التفجيرات الإرهابية المروعة التي قامت بها المنظمة الإرهابية الفرنسية "اليد
الحمراء"، عندما
وضعت متفجرات في حي القصبة وتسببت في مقتل الكثير من المسلمين الجزائريين،
من بينهم أطفال ونساء وعجزة، في حين يحاول الفيلم تبرير التعذيب، وكأنه جاء
كرد فعل على العمليات الفدائية التي قامت بها مجاهدات الجزائر في العاصمة.
الـ
mbc.net في
22/03/2012 |