يحار المرء حقاً حين يتساءل عما حمل المخرج البرتغالي سيرجو تريفو، من
مدينته البرازيلية ساو باولو حيث ولد عام 1965 لأب برتغالي وأم فرنسية، إلى
منطقة قايتباي الواقعة على الحافة الشرقية لمدينة القاهرة، ذلك ليخرج
فيلماً تسجيلياً (62 ق) بعنوان «مدينة الموت» يصور فيه بشراً أحياء يعيشون
في أحواش المقابر برفقة الأموات يتنفسون هواءهم ويقاسمونهم أرضهم. الفيلم
من إنتاج المخرج بمشاركة الاتحاد الأوروبي ومركز سمات (مركز مصري يدعم
إنتاج الأفلام المستقلة). ولقد تم عرض الفيلم أخيراً – ومن دون إعلام – في
المركز الثقافي الإيطالي، بعد أن طاف بـ 30 دولة وحصد 13 جائزة. التقطت
الخبر مصادفة فعنيت بمشاهدة الفيلم بحضور جمع من مصريين وأجانب وغياب نشطاء
العمل الاجتماعي ومنظمات حقوق الإنسان.
قضية المخرج
تتضح فضيلة المخرج البرتغالي في أنه قدم فيلماً – على غير المتوقع –
شديد الإنسانية، تميز بأسلوب راق في طرح موضوعه بإيقاع متوازن. والأمر
اللافت أنه حافظ على كرامة أهالي المنطقة، إذ قدم صورة صادقة لا تسيء إليهم
أو تحط من إنسانيتهم – على رغم فقرهم –. صوّرهم كبشر راضين قانعين، لهم
أمانيهم وآلامهم ولهم أيضاً مخاوفهم. وهي الحال التي تثير تعاطف المشاهد
وتضع الأهالي في موضع جدير بحقوق كاملة أقرتها المنظمات الدولية. وما يدعو
للتقدير أيضاً عناية مديرة التصوير نانسي عبد الفتاح بجماليات الصورة، إذ
استعانت بلقطات عامة لإبراز الخصائص المعمارية للموقع وتأكيد مدى ارتباط
الأهالي بالمكان. وهكذا خلال السياق بدت المقابر في رحاب المآذن وقباب
المساجد كلوحات فنية تزامن عرضها مع حديث للأهالي عن ظروف لجوئهم للمقابر
وطابع حياتهم فيها.
لدى مشاهدة هذا الفيلم يرد على الخاطر بعض أفلام مصرية لمخرجين
معروفين عرضت لحياة البسطاء في العشوائيات فأساءت إليهم أكثر مما أثارت
التعاطف معهم بما يفعل الأداء الحكومي وأيضاً منظمات المجتمع المدني لتنمية
تلك المناطق والارتقاء بمستوى المعيشة لأهلها. مثل تلك الأفلام صوّرت
العشوائيات كبؤر للرذيلة والإدمان ومصدر للعنف والإرهاب بينما الأهالي من
هذا كله براء، او على الأقل هذا ما يمكن استنتاجه من الفيلم الذي نتحدث عنه
هنا.
حياة في المقابر
في السبعينات من القرن الماضي ضاقت سبل الحياة بالأهالي فنزحوا إلى
القاهرة المكتظة بأهلها والمتخمة بمشاكلها، فأقاموا على هامشها تجمعات
عشوائيات واحتلوا المقابر باتفاق مع أصحابها أو من دونه. ويحصى تقرير
التنمية البشرية أن 127 تجمعاً عشوائياً من هذا النوع موجود الآن في
القاهرة. ما يعني ان الظاهرة باتت معضلة اجتماعية وإنسانية تتطلب علاجاً
حاسماً.
في فيلم «مدينة الموت» يستضيف المخرج نماذج من المقيمين في الموقع
كحفار القبور (التربي) والمقرئ الكفيف وبعض السيدات، ويصور المخرج حياتهم
اليومية ولا سيما حياة النساء، إذ يحملن أوعية مملوءة بالماء على رؤوسهن
ويجففن الملابس على أحبال معلقة بشواهد القبور، يعشن داخل الأحواش حياة
كاملة، ينجبن أولادهن ويطهون طعامهم ويشاهدن برامج التلفزيون. وفي الباحة
خارج الأحواش يلهو الصغار ويلعب الأولاد كرة القدم ويلاحق الفتيان الفتيات،
ولا يغيب الحيوان عن المنظر حيث تمرح بضع عنزات وتنطلق بضع دجاجات، ويقيم
أحدهم برجاً للحمام أعلى أحد الأحواش.
في كل صباح يعلو نداء بائع اللبن خلال مكبر للصوت وحين يسدل الليل
أستاره يستكين الأهالي داخل الأحواش وتهدأ الحركة ليعلو طرق المطارق في ورش
إصلاح السيارات. أما يوم الجمعة فله شأن آخر حين ينعقد السوق فيتغير وجه
المنطقة يزدحم المكان ويعلو الضجيج، إذ يقصده البسطاء لشراء حاجاتهم خاصة
الملابس المستعملة. غير أن الجميع هنا يحترمون التقاليد ويبجلون الأموات
فيفسحون الطريق حال مرور جنازة ويعم الصمت إذا قرأ القرآن.
اللجوء الى الميتين
خلال السياق تتحدث إحدى السيدات تقول إنها مقيمة في الحوش منذ سنوات
وفيه أنجبت أولادها ذلك بعد أن تم طردها وأسرتها من شقتها فلم تجد سوى
المقابر لتلجأ إليها، فزوجها عامل باليومية (أرزقي) ولكنها تدفع لصاحب
الحوش سبعين جنيهاً، ما يمثل عبئاً ثقيلاً عليها ومع ذلك فهم مجبرون على
إخلاء الحوش والانزواء في مكان قصي حال حضور أصحاب الحوش لزيارة موتاهم،
أما في حالة فتح المقبرة فلا يقوى أحد على تحمل الرائحة المنبعثة منها.
ولا يخلو السياق من المشاهد الإنسانية الطريفة، ففي أحد المشاهد تتوسط
إحدى الفتيات الأرض المتربة وتتصفح مجلة للموضة لتنتقي فستان الزفاف الذي
تحلم به. وتتحدث عن صفات العريس الذي يعجبها. وفي مشهد آخر تزور الموقع
فرقة فنية جوالة تقدم عرضاً فكاهياً للأراجوز فتفيض وجوه الصغار بالبهجة.
فيلم «مدينة الموت» لمخرجه سيرجيو تريفو عمل ذو قيمة فنية وإنسانية
استند إلى دراسة شاملة لأحوال الأهالي في ذلك الموقع على هامش العاصمة.
الفيلم يكشف إنسانية الأهالي ويقر بحقهم في حياة كريمة ويتضمن نداء للحكومة
والمنظمات المعنية لرعايتهم.
الحياة اللندنية في
16/03/2012
«فرش وغطا» ممنوع من دخول المساجد
القاهرة - نيرمين سامي
رفضت وزارة الأوقاف المصرية التأشير على تصريح الرقابة بتصوير بعض
مشاهد فيلم «فرش وغطا» داخل مسجد «السيدة نفيسة» في القاهرة بحجة مخالفته
الشريعة. والفيلم يتناول أحداثاً تمر على سجين يخرج على أثر الانفلات
الأمني يوم الغضب في 28 كانون الثاني (يناير) 2011. ويجسد الشخصية آسر
ياسين، في الفيلم الذي كتبه ويخرجه أحمد عبد الله من إنتاج شركة «فيلم
كلينيك» مع شركة «مشروع». في الفيلم إذاً يلجأ السجين بعد هروبه إلى مسجد
السيدة نفيسة ليختبئ فيه. أما الإطار العام للفيلم فيرصد أجواء الثمانية
عشرة يوماً التي عصفت فيها الثورة وكيف كان المصريون الذين لم يخرجوا إلى
الميدان في الأحياء النائية يعيشون حياتهم. وأوضح المخرج أحمد عبد الله
صاحب فيلمي «هليوبوليس» و»ميكروفون» أنه فوجئ بموقف مدير مكتب وزير
الأوقاف، إذ إن هذه الوزارة كانت تمنح الموافقة بطريقة عادية. ولكن الآن ها
هو مدير مكتب الوزير يصرّ على الرفض حتى مع محاولة أسرة العمل توضيح أن
المشهد «لا يوجد فيه ما يخالف شرع الله ولن يعطل الشعائر». وفي اليوم
التالي حضر المفاوضات بين الوزارة وأسرة الفيلم أحد أعضاء مجلس الشعب
التابعين لحزب الحرية والعدالة، فلم يتحدث طوال الجلسة وإن كانت الوزارة
أصرت على موقفها ورفضت إعطاء التصريح أو حتى الرفض مكتوباً.
وأصدرت جبهة «الإبداع الفني» بياناً دانت فيه موقف الوزارة، مؤكدة أنه
«لا جدال ولا تعارض بين الدين والفن». وقال البيان: «الجبهة تلقت بانزعاج
بالغ ودهشة، قرار منع تصوير مشاهد من فيلم «فرش وغطا» للمخرج أحمد عبد الله
في مسجد السيدة نفيسة، بالرغم من حصول الفيلم على كل التصاريح الرقابية
والأمنية، وتصاريح وزارة الثقافة التي تسمح بتصوير الفيلم ومشاهده. إن هذا
الموقف يثير أسئلة كثيرة حول موقف وزارة الأوقاف من فن السينما ومن الفنون
بعامة. إن كانوا يرون خطأ في تصوير مشاهد سينمائية أو أعمال فنية في دار
عبادة لها قيمتها الدينية والأثرية، فنود أن نلفت نظرهم لنقاط عدة...» وهذه
النقاط اجملها البيان قائلاً: «كان الفن دائماً حليفاً للأديان على مر
التاريخ، وشاهداً على عظمتها. ذهبت معالم الحضارة الإسلامية في الأندلس،
بعد انهيار دولة الخلافة هناك، ولكن النقوش والكتابات الإسلامية على جدران
الحمرا، وغرناطة تبقى شاهدة على ذلك العصر. لذا علينا ألا ننكر دور
الخطاطين والمعماريين أنفسهم في تأسيس المساجد والنقوش والأعمدة ليشاركوا
في التعبير عن العظمة الروحية لتلك المساجد». وأكد البيان أنه «على مر
التاريخ الحديث انكبّ الكثير من المخرجين التسجيليين والروائيين على
التصوير في مساجدنا الأثرية، مؤرخين لقيمتها الدينية والتاريخية في أعمال
أدخلت تلك المساجد إلى بيوت المصريين والعالم اجمع من خلال الوسيط البصري»،
ولفت البيان أخيراً إلى أن «الجبهة ليست في حاجة لكي تعدد المشاهد التي لا
تنسى في تاريخنا، والمصورة داخل مساجد شهيرة، مثل الأزهر، والسلطان حسن
وابن طولون وغيرها، وتأثير تلك المشاهد على قلوب المصريين بمختلف ديانتهم،
ولو كان الفن حراماً لما رتلنا القرآن الكريم».
الحياة اللندنية في
16/03/2012
بطولة النجم أدريان برودي الحاصل على الأوسكار
«انفصال»
فيلم يعري النظام التعليمي في أميركا
عبدالستار ناجي
يذهب فيلم «انفصال» بعيداً في تعرية وتحليل النظام التعليمي في
الولايات المتحدة، عبر شخصية مدرس يخوض كماً من التجارب، التي تجعله يغوص
في التفاصيل الدقيقة للعملية التربوية والتعليمية في أميركا، مع مساحات من
النقد والتحليل التربوي المعمق.
فيلم «انفصال» من توقيع المخرج توني كاي، وبطولة النجم المتميز ادريان
برودي، الذي تمتاز اعماله بلغة رفيعة المستوى من الاختيارات السينمائية
الجادة والتي تتطلب لياقة خاصة في المعايشة والتقمص ساهمت في حصوله على
الاوسكار عن دوره في فيلم «عازف البيانو» مع روحان بولانسكي.
وقبل ان نذهب الى المخرج، نتعرف على كاتب السيناريو كارل لاند الذي
يخوض تجربته الأولى ككاتب وايضاً كمنتج، بعد ان عاش تجارب في عالم التدريس
قبل ان ينتقل الى عالم السينما، وهو يخوض تجربة الانتاج بالتعاون مع المنتج
الذي أنتج فيلم «خزانة الألم». وننوه الى ان المخرج قدم للسينما فيلم
«التاريخ السري لأميركا»، وهو عمل سينمائي مثير للجدل.
أما فريق الفيلم فهم عدد من النجوم الذين يجدون المتعة في تلك
النتاجات السينمائية، والتي تتطلب البحث والتحليل والعمق.
ونشير هنا الى ان هوليوود، لطالما قدمت تلك النتاجات السينمائية، التي
تتصدى لموضوع التعليم في أميركا، حيث تضم تلك الأعمال نتاجات منها،
«لاستاذي مع التحية»، ولكن هوليوود، ابتعدت شيئاً ما عن ذلك النهج، لتعود
وبقوة من خلال هذا الفيلم، الذي حصد دفعة واحدة جوائز مهرجانات دوفيل
وطوكيو وتروبيكا، وهذا بحد ذاته انجاز فني رفيع المستوى.
فيلم يرصد التجارب التي عاشها مدرس، من تلك النوعية التي تسمى بالمدرس
(البديل) الذي يحل مكان مدرس آخر عند غياب المدرس الأصلي، ولهذا تظل
علاقاته مع الطلبة، علاقة مبتورة لا تكاد تتطور.
«انفصال» يروي وقائع ثلاثة أسابيع من حياة معلمي المدارس الثانوية
والاداريين والطلاب، من خلال عيون معلم بديل، حيث يجسد ادريان برودي شخصية
المدرس البديل «هنري رولان بارت)، الذي يقوم بالطواف بين المدارس، فهو
يتنقل من مدرسة الى أخرى، وكأنه عين ترصد المكان.. والشخصيات.. والظروف..
وأيضاً الممارسات التي تتم في عدد من المدارس الثانوية في الولايات المتحدة
الأميركية. فيلم يعري الشخصيات، ونظام التعليم، وأساليب التعامل والتعاطي
بين الادارة والطالب وبين المعلم والطالب والادارة والمعلم وبين هذا
وذاك... وتلك وسط ظروف تتفجر بالوجوه والشخصيات.
شخصية لا تمتلك أي مقدار من التعلق بالآخرين، تبقى دائماً في حالة من
الانفصال.. حتى العلاقات التي يقيمها سرعان ما تنتهي وتضحمل.
علاقات مع ثلاث نساء، فتاة تدعى ميريديث في ولايته الأولى، زميله في
المهنة وهي السيدة ماديسون... واخيرا عاهرة في الشارع اسمها «ايريكا»..
ولكن ضمن حياتها مع ذاتها ومع هذا المدرس، الذي يعيش ألم الانفصال مع ذاته
وطلبته.. والادارات المدرسية التي يلتحق بها صراع في البحث عن الحياة..
والحب.. في مهنة وتجربة بلا حب.
بحث في أدق التفاصيل، وذهاب الى معادلات تتحكم في العملية التربوية،
حيث المدرسة التي تهدد بالطرد، لأن علامات طلبتها دون المستوى.. وأيضاً
الفعل الوظيفي لدى عدد من المدرسين، حيث المهنة بلا متعة.. وبلا تجديد.. أو
تميز.
وأيضاً في المقابل ممارسات عدد من الطلاب وانعكاس ظروفهم الأسرية
والاجتماعية.. والاقتصادية.
ونعود لفريق الفيلم بقيادة النجم ادريان برودي، وايضاً لوسي ليو (بدور
المستشارة) وبيتي كاي ابنة المخرج بدور (ميريديث) والمعلمة التي جسدتها
مارسيا غاي هاردن.
من يشاهد ادريان برودي في الفيلم يستطيع التأكيد بانه يعود لأول مرة
الى التمثيل وبشكل حقيقي بعد النجاح الذي حققه من ذي قبل في فيلم «عازف
البيانو» ونحن هنا امام أداء شديد الحساسية رفيع المستوى عامر بالتفاعلات
والنقلات الدرامية العالية الجودة.
ويبقى ان نقول..
انفصال.. عنوان حقيقي للألم في مهنة التدريس لربما ليس في الولايات
المتحدة.. بل العالم.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
16/03/2012
يرصد صراع المجتمع القبلي وجرائم الثأر والشرف
فيلم «إنسان شريف» سينما لبنانية جديدة
تنشغل الصحافة الفنية فى لبنان هذه الايام باحدث نتاجات السينما
اللبنانية الذى يحمل عنوان «انسان شريف» والذي تدور احداثه حول «إبراهيم»
الذي يلتقي مصادفة بـ«ليلى»، المرأة التي ارتكب جريمة بسببها، منذ 20 عاماً
في الأردن، ما اضطره إلى لعب دور «الميت» والهرب متخفياً إلى لبنان، تاركاً
وراءه زوجته وابنه اللذين يظنان أنه «توفي بطلاً». ولقاؤه هذا بـ«ليلى»
يجعله يعود إلى الأردن لمواجهة ماضيه وأهله.. هذه قصة فيلم «إنسان شريف»
والذي تدور أحداثه حول مسيرة رجل يتصارع مع مجتمعه القبليّ التقليدي، حيث
تفوق مصلحة المجموعة على كل شيء، وكيف يمكن الدفاع عن الحقوق الفردية خاصة
حين يكون الفرد هذا امرأة؟
يقول الفنان شادي حداد فيلم «إنسان شريف» تم تصويره منذ عامين للمخرج
جان كلود قدسي، ويجسد فيه شخصية «فريد» الذي كان معتقداً أن والده بطل
وتوفي في قضية شرف عائلية. وهو شهيد العائلة؛ لأنه أخذ بثأرها، وبعد عشرين
عاماً اكتشف أي «فريد» أن والده ليس شهيداً ومازال على قيد الحياة.
ويضيف حداد: عودة الوالد «الميت» خلقت نوعاً من الصراع النفسي، إلى
جانب الصراع مع الوالدة، حيث شعر بالذنب والألم. في مواجهته للعار والثأر
وجرائم الشرف، كما في مجابهته للأساطير المختلقة، إلى أي مدى سيذهب إبراهيم
لاستعادة كرامته؟
ويوضح أن «إنسان شريف» يلقي ضوء على قضية إنسانية، وهذه القضية في
معظم الدول العربية يمنع التحدث عنها ولو تحدثنا عنها تأتي الحوارات قليلة
ومحدودة، المرأة أو الجنس اللطيف هي نوع من المحرمات، فالمخرج جان كلود
قدسي أراد كسر هذا الحاجز. وعن توقعاته لفيلم «إنسان شريف» يقول شادي:
أتمنى أن يتعاطف الناس مع هذا الفيلم؛ لأن الموضوع دقيق جداً، وتسليط الضوء
على هذه الأنواع من القضايا نادر جداً، وهذه القصة لا تحدث فقط في الأردن
بل في جميع دول العالم، كما أتمنى التطور والنجاح الدائم للسينما اللبنانية.
وأكد شادي حداد أنه ليس بعيداً عن الساحة اللبنانية والأعمال
اللبنانية، ويقول: ستكون لي مشاركة في فيلم سينمائي جديد بعنوان «39 ثانية»
للمخرجة لارا سابا، وكان قد شارك في مسلسل «روبي» للكاتبة كلوديا مرشيليان،
وعن المشاركة العربية في مسلسل روبي يجيب: الخلطة العربية جميلة جداً وهي
نوع من الإبداع والتواصل الاجتماعي، ويؤكد: الفكرة فقط مأخوذة من مسلسل
«مكسيكي» ولكن الكاتبة كلوديا مرشيليان كتبت النص بطريقة مختلفة جداً، وهذه
المرة الأولى التي يكتب بها نص طويل من 90 حلقة، وآمل أن ينال إعجاب الجميع.
كما شكر شادي المهرجانات العربية قائلاً: المهرجانات العربية شكلت
دعماً كبيراً للسينما اللبنانية، ولولا تلك المهرجانات لكانت الأعمال
السينمائية اللبنانية أقل من ذلك فهم الدعم الأساسي، فشكراً لأبوظبي، ودبي
وقطر حالياً، يحضر شادي عملاً سينمائياً «عربي - فرنسي» مشتركاً يتحدث عن
تفاصيله في الوقت المناسب.
أما مجدي مشموشي، فيقول: أقوم بدور «إبراهيم» رجل الشرف، في فيلم
«إنسان شريف» والذي يتحدث عن رجل بنظر عائلته وعشيرته هو رجل الشرف، وفجأة
تكتشف عائلته أنه هو رجل العار وليس رجل الشرف، ولكن في نظر نفسه وفي نظر
المشاهد سيبقى «إنسان شريف»، وهذا من خلال الأحداث التي تجري في الفيلم.
ويؤكد مجدي: أنه تم اختيار الأردن مكاناً للتصوير؛ لأن الأردن يقاوم جرائم
الشرف ويعمل على الحد من هذه الجرائم البشعة وفي أغلب الأوقات، تكون تافهة
ولا أساس لها.
ويضيف: «إنسان شريف» عرض في مهرجان «الدوحة ترايبيكا - قطر» ولقي
قبولاً وحباً من الأجانب، كما نال الإعجاب أيضاً عندما عرض في مهرجان
نيويورك، ومهرجان نيو دلهي - الهند.
ومن جانبه، يؤكد الفنان محمود سعيد، من المشاركين في الفيلم، أن مشكلة
الشرف هي مشكلة كبيرة في مجتمعنا العربي، ويجب أن نجد لها حلاً، وتحدّث عن
دوره في الفيلم، قائلاً إنه يجسد شخصية «كامل» الذي يكتشف رجوع إبراهيم
«مجدي مشموشي» ويحاول أن يساعده ما يؤدي إلى تلقّي الطعنة عنه. ويضيف سعيد
أنه تتلقى عروضاً كثيرة ولكنه يتأنى في دراسة هذه الأعمال؛ لأنه يُشارك في
مجموعة من الأعمال العربية. ويضيف: «لست غائباً عن العالم العربي، ولكن
الفضائيات العربية أصبح عددها كبيراً جداً» ويؤكد: عملي موزع على جميع
الدول العربية بالقنوات المختلفة في الأردن، مصر، الجزائر، المغرب.. وأتمنى
أن يشاهدني الجمهور العربي. يقول الفنان مجدي مشموشي عن السينما اللبنانية:
دائماً في السينما هناك الأعمال التجارية وهناك الأعمال الإبداعية، ففي
لبنان هناك أعمال مبدعة وأخرى تجارية، ولكن في الحقيقة لا يمكن تقييم
السينما اللبنانية لأن الأعمال ضئيلة جداً. وعن أعماله الجديدة يوضح: اليوم
يعرض لي «صرخة عز»، وبدأت في تصوير مسلسل «الغالبون» الجزء الثاني، كما
سنبدأ قريباً في تصوير الجزء الثاني من مسلسل «أجيال».
النهار الكويتية في
16/03/2012
يروي قصة جريمة شرف تجري في إطار يخرج عن المألوف
«إنسان
شريف» فيلم لبناني.. إنجليزي الإيقاع وأردني الهوية
بيروت: فيفيان حداد
استطاع المخرج اللبناني جان كلود قدسي، من خلال فيلمه «إنسان شريف»،
أن يجذب انتباه المشاهد منذ اللحظات الأولى لمجرياته، كون جمالية الصورة
ورقي الحوار وأداء الممثلين شكلت عناصر مشوقة تفرض أهميتها على متلقيها لا
شعوريا، فتدفعه لالتقاط أنفاسه والالتزام بالصمت للتمكن من استيعاب الكم
الكبير من جرعات اللعبة السينمائية المحترفة الموجودة فيه.
وعلى الرغم من ارتسام علامات استفهام كثيرة من قبل المشاهد أمام عدد
من الرموز الاجتماعية والرومانسية التي يطرحها الفيلم في قالب غامض، فإن
الحبكة الإجمالية للفيلم تبقى على نفس المستوى الدرامي وتذكرنا بالإيقاع
الإنجليزي البطيء (إلا في مشاهد قليلة)، فتخرج منه وأنت ما زلت تفكر بحل
الألغاز التي تتخلله، كونه يتضمن مجموعة منها تنكشف تباعا في حلقات متتالية
يفرج عنها المخرج بأسلوب متميز بالتشويق والإثارة الباردة. كما تطرق إلى
مواضيع أساسية في المجتمعات العربية التي تشكل هاجسا لدى البعض ومحرمات لدى
البعض الآخر، كالوحدة والحرية والشعور بالندم، وغيرها من المواضيع التي
تحاكي الإنسان من خلال المبادئ التي يتربى عليها.
يحكي فيلم «إنسان شريف» قصة رجل انتهك قانون الشرف الذي يحكم مجتمعه،
مما أجبره على الهروب لمدة عشرين سنة يعود بعدها إلى بلده لمواجهة أهله
الذين كانوا يعتقدون أنه ميت.
يلعب دور البطولة الممثل اللبناني مجدي مشموشي (إبراهيم)، الذي يلتقي
صدفة في بيروت بـ(ليلى) وتلعب دورها الممثلة كارولين حاتم. إبراهيم هو من
ارتكب جريمة شرف في الأردن، مما دفعه فيما بعد إلى التخفي والهروب إلى
العاصمة اللبنانية، فيما أشيع في بلدته أنه مات بحادث سيارة أثناء هروبه
تاركا وراءه ابنا (الممثل شادي حداد) وزوجة (أسمى) التي تجسد دورها الممثلة
برناديت حديب، وتكون شقيقة (ليلى) التي من أجلها ارتكب جريمته.
وما إن يلمحها حتى يسترجع ذاكرته، فيعود ماضيه ليتراءى له أمام عينيه
من جديد، فتمر صور ومشاهد حيثيات جريمته التي قتل فيها (رياض شقيق ليلى)،
لأنه لم يستطع أن يقتل شقيقته، كما تتطلب التقاليد في هذه الحالات، عندما
فاجأها مع صديقها البريطاني.
وفي لقائه مع ليلى تقول له: «أخي رياض مات جبانا وأنت مت بطلا وأنا
أيضا، وأقفل الملف». فهكذا تقفل ملفات جرائم الشرف عادة، فيحاكم القاتل
وتكون له أسباب تخفيفية سنّها القانون خصيصا للأب والأخ والزوج، في حال
غسلهم العار، لكن في حالة ليلى فإن إبراهيم هو زوج شقيقتها، لذلك يبدأ
المشاهد في طرح الأسئلة على نفسه عن علاقة الصهر بجريمة الشرف هذه، ولماذا
هو الذي غسل العار.
ويبقى النص مشدودا ومجريات أحداث الفيلم مقبولة إلى حين تنكسر معا في
مشهد أعده المخرج أمام قبر رياض، الذي استعيدت ظروف مقتله في ذاكرة والده
عندما كان وأهل البلدة وأقرباؤه يدفنون ابنته (أسمى) شقيقة كل من (رياض
وليلى) التي ماتت بسبب المرض، عندما يظهر إبراهيم حيا ويفاجئ الجميع،
فينتظر المشاهد رد فعل انتقامية مرتقبة من قبل الأب المفجوع بمقتل ابنه من
قبل الصهر الذي اكتشف في لحظتها أنه ما زال حيا يرزق. لم يجسدها المخرج إلا
لدقائق قصيرة لينتقل فيما بعد إلى جلسة في مقهى تجمع كلا من ليلى وابنتها
من زوجها البريطاني ريك التي لا تتكلم سوى الإنجليزية، وإبراهيم وابنه
يتسامرون. نشاهد إبراهيم يقول لليلى: «غالبية جرائم الشرف وراءها خبايا
عائلية». وتسكت ليلى لأنها تعرف تماما ماذا فعل شقيقها رياض. بينما كانت
الابنة الأجنبية تسأل قريبها الشاب: ماذا تعني كلمة «عار»؟
وعلى الرغم من أن مجريات القصة حصلت في الأردن وصورت ما بين لبنان
والأردن، فإن فريق العمل بأجمعه كان لبنانيا، وقد اعتمدت اللهجة الأردنية
في حوار الممثلين لأن الواقعة (من محض الخيال) حصلت في الأردن. وبرع الممثل
محمود سعيد في تجسيد دور (كامل) عم ليلى وإجادة اللهجة الأردنية، كونه من
أصل فلسطيني. لماذا اختيرت الأردن كمسرح لوقوع الجريمة؟ يرد المخرج جان
كلود قدسي: «لأن الأردن هو البلد العربي الذي ما زال يشهد أعلى نسبة جرائم
شرف في العالم العربي، ولا سيما لدى القبائل، إذ إن العرف لديها يقيد
المرأة بالزواج فقط من رجل من قبيلتها، وفي حال خرجت عن هذا العرف واختارت
رجلا غريبا أو من قبيلة أخرى، فهي تعتبر لطخت شرف العائلة، ويكون مصيرها
القتل من قبل أهلها».
ويؤكد المخرج أنه اختار بنية روائية كلاسيكية تتبنى السرد التدريجي،
فيها مزيج من الدراما العنيفة والدراما البدوية، وأنه اعتمد في آخر المطاف،
مع مدير التصوير ميكايل لاجروي، هيمنة المناظر الطبيعية في الصورة -
وكلاهما (البنية الكلاسيكية والمناظر الطبيعية) ميزتان من مميزات الوسترن
الأميركي، وقد عززت موسيقى توفيق فروخ هذا الخيار أكثر وأكثر. وأشار المخرج
الذي كتب سيناريو الفيلم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه أراد إرساء
بعض الغموض على مجريات الفيلم ككل، ليفسح المجال أمام المشاهد للتفكير
بحلها، وليبقى عالقا في ذهنه حتى بعد انتهاء العرض، موضحا أنه تعمد تناول
قصة جريمة شرف غير بسيطة تتشعب فيها أحداث عدة، من أجل الارتقاء بالقصة إلى
الأفضل، وأن أي علامة استفهام ترتسم في فكر المشاهد تخدم الفيلم وتخرجه من
إطار الأفلام العادية.
يذكر أن الفيلم هو من إنتاج لبناني (ميشال غصن - أفلام فيلم) - فرنسي
(أنطوان دي كليرمون - ماكت بروداكشن) - قطري (مؤسسة الدوحة للأفلام)، بدأ
عرضه في الصالات اللبنانية وشارك في تمثيله في أدوار ثانوية: ليلى حكيم
وعايدة صبرا ورنا خليل وكلودين صفير.
الشرق الأوسط في
16/03/2012 |