الناقد طارق الشناوي يعتبر "جدود
حبيبي" أقرب
إلى فيلم تلفزيوني؛ يذهب إليك في المنزل ولا تذهب إليه في السينما.
مر مرور الكرام فيلم "جدو
حبيبي"؛
لم ترحب به شركات التوزيع السينمائي في مصر، ولم يُثِرْ شهية الجمهور
لمتابعته، فكان نصيبه هو الأقل في عدد دُور العرض المتاحة أمامه.
ورغم إخفاقه في شباك التذاكر، فإنه فيلم جاد في بنائه الدرامي والفني؛
سلاحه هو الهمس في الرؤية الفنية حتى المواقف الكوميدية التي يقدمها؛ فإنه
يحرص على أن تصبح أقرب إلى المداعبات التي تفتح نفسك إلى ابتسامة، لكنها لا
تسمح بضحكة صاخبة بتاتًا.
هل الجمهور صار متعودًا على الصخب العالي في الضحك لهذا لا يقبل
بالابتسامة ولا يرضى سوى بالضحكة التي تملأ جنبات صالة العرض وتنتقل من
متفرج إلى آخر؟!
السيناريو الذي كتبته "زينب
عزيز" قائم
على تناقض الشخصيتين الرئيسيتين: شابة صغيرة "بشرى" تعيش
في لندن عاصمة الضباب، واختارت مهنة البورصة؛ حيث تصل الأسهم في لحظة إلى
عنان السماء، وفي أخرى تهبط إلى سابع أرض. والأحداث تبدأ ونحن في لندن؛
عندما نرى كيف أن أرباحها قد تهاوت في البورصة وتتلقى اتصالاً من القاهرة
يخبرها بمرض جدها وهي وريثته الوحيدة. وهذا بالطبع يثير شهيتها للعودة إلى
مصر.. إنها تفاصيل صغيرة تُسهم في رسم ملامح الشخصية.
الوجه الآخر للصورة هو الجد العجوز الذي يؤدي دوره "محمود
يسن"؛
يعيش وحيدًا في سنوات الشيخوخة. وهو -طبقًا
لما يقوله الأطباء- يقضي
ساعاته الأخيرة في المستشفى. والحفيدة "بشرى" يصير
الجد بالنسبة إليها مجرد فرصة لكي تحصل على أمواله لتعيش بعد ذلك حياتها،
أما هي بالنسبة إليه فضيف ثقيل يحتاج إليه عندما تأتي ساعته مودعًا الحياة؛
فلقد تعود أن يعيش معه أحد من أفراد أسرته يأتمنه على مبلغ من المال ليودع
بعدها الحياة ، وهو مطمئن على أن كل شيء تم تجهيزه.
كل منهما كان حتمًا أن يلتقي الآخر وفي ذهنه أنه لقاء عابر؛ هو يريد
من تساعده على قضاء أيامه الأخيرة، وهي تحلم بيوم أن تحصل على نصيبها من
الميراث لتواصل حياتها.. الرجل البخيل لديه صرامة في الحياة؛ فهو لا ينفق
شيء إلا من أرباح وديعة يرى فيها قوته؛ فهي تمنحه الحياة.. إنه ليس حريصًا
فقط في إنفاق أمواله، بل بخيل أيضًا في إظهار عواطفه؛ فهو لا يمنحها أحدًا
ببساطة.. إنه يضع حول نفسه سياجًا من القضبان الحديدية، ويضع غطاءً من "السوليفان" على
مشاعره، وكأنك ترى لافتة مكتوبًا عليها "ممنوع
الاقتراب واللمس".
مفارقة درامية
التقطت الكاتبة "زينب
عزيز" تلك
المفارقة لتدلل على تناقض الشخصيتين: موقفه في السوبر ماركت، وكيف أن
الحفيدة تملأ عربتها بكل شيء أما هو فلا يشتري شيئًا.. عندما تنزلق قدمها
في المنزل تلتقط عين المخرج "علي
إدريس" في
لقطة قريبة "محمود
يس" وهو
يرى الخسائر المادية التي حدثت في المنزل من جراء هذا الانزلاق؛ إذ تسقط
قطع نادرة على الأرض ولا يعنيه ماذا ألم بالحفيدة.. وفي لحظة فارقة تقرر أن
تعود إلى لندن، لكن حادثًا عابرًا تصاب به يعيدها مرة أخرى. في هذه اللحظة
يقرر الجد أن يتولى مسؤولية تمريضها.
ويقدم المخرج مشهدًا يدعوك للابتسام.. إنه الطبيب الذي أدى دوره "يوسف
داود"، وكان
يعتقد أن "محمود
يس" لديه
أيام قليلة في رصيده من الحياة، ونكتشف أنه هو الذي رحل.. وهكذا يغلف
المخرج الرحيل بابتسامة؛ حيث إننا لم نشعر بتعاطف مسبق مع"يوسف
داود".
وتنمو المشاعر بين الجد وحفيدته؛ يعيش الرجل على الماضي، وكعادة
الكبار يبدؤون يومهم بقراءة صفحة الوفيات، وهذا ما يفعله"محمود
يس" أيضًا،
ويقرأ خبر رحيل حبيبة قلبه التي عشقها في شبابه وحالت الظروف دون الزواج ،
وينتهي الأمر بأن ظلت تحتل مساحة في قلبه، ويختلط عليه الأمر عندما يذهب
إلى العزاء، وهناك يكتشف أن هناك خطأً؛ فليست هي الحبيبة المقصودة. وأمام
إحساس الحفيدة بمشاعر الجد بعد أن ملأت عينيه الدموع؛ تقرر مساعدته في
البحث عن مصير حبه القديم والوحيد حتى تكتشف أنها تعيش في مدينة الفيوم
الخلابة.
والحقيقة أن المخرج استطاع أن يقفز بعيدًا إلى تلك المدينة الساحرة
التي نادرًا ما تجدها على قائمة مخرجي الدراما في مصر.. شاهدناها من قبل
في فيلم "الراعي
والنساء "لعلي
بدرخان الذي لعبت بطولته "سعاد
حسني"؛
وذلك قبل نحو 20 عامًا.
أما المخرج "وائل
إحسان" فقدم
مشاهد في الفيوم تخللت فيلم "ظرف
طارق" قبل
خمس سنوات.. إنها تظل في كل الأحوال مرات قليلة لا تتناسب مع سحر هذا
المكان.
كل من "محمود
يس" و"لبنى
عبد العزيز" التي
تؤدي دور الحبيبة السابقة ذهب إلى طريق، لكن من الممكن أن يستطيع الأولاد
استئناف الحب مرة أخرى فيتواصل في جيل آخر، وهكذا تتجدد المشاعر وكالعادة
هناك عائق؛ هو ارتباط ابن "لبنى
عبد العزيز"الذي
أدى دوره "أحمد
فهمي" بفتاة
أخرى "نجلاء
بدر". وهي
جميلة ومثيرة، لكنها لا تحمل مشاعر حقيقية.
فهي ترى أن زوج المستقبل عليه أن يدفع الثمن.. هكذا رسم السيناريو
ملامحها حتى يصبح هناك مبرر لكي تنتقل مشاعر "أحمد
فهمي" إلى "بشرى"، وما
فشل الجد والأم في تحقيقه أيام الشباب نراه في المشاعر التي توهجت بين "بشرى" و"أحمد
فهمي"وانتهت
الأحداث بموت "محمود
يس" وبتعبير
مُوحٍ سينمائيًّا: نستمع إلى صوته وهو يوصي حفيدته كيف تعيش الحياة التي هي
عطاء للآخر قبل أن تحسب ماذا أخذت.. عليك أن تعرف أولاً كيف تمنح.
إنه فيلم به قدر لا ينكر من البساطة في التعبير ، لكن يفتقد الحميمية
التي ينبغي توافرها في العمل الفني.. شيء من البرودة افتقدها الفيلم،
فافتقد تواصله مع الجمهور.
ألق فني
والحقيقة أن "محمود
يس" أدى
دوره بحالة من الألق والتفهم للتفاصيل الدقيقة. ولدينا "بشرى" أيضًا
التي اجتهدت في الدور، ولم تكن "لبنى" موفقة
في عودتها إلى السينما؛ فقد بدت على الشاشة كأنها تؤدي بلا مزاج فني.
أكيد أن الفيلم افتقد نجم شباك يذهب إليه الجمهور.. "بشرى" هي
البطلة، وهي التي تتحمل مسؤولية الشباك.. الجمهور لم يذهب إليها. وهذه هي
التجربة الرابعة لها باعتبارها بطلةً واسمها يتصدر الأفيش، إلا أنها حتى
الآن لا تزال تعوزها القدرة على الجذب الجماهيري، وهذه بالتأكيد قضية أخرى.
"علي إدريس" يقدم
فيلمه بنعومة إخراجية، لكنه هو أيضًا مسؤول عن افتقاد السخونة؛ فهو يبدو
أقرب إلى فيلم تلفزيوني يذهب إليك في المنزل ولا تذهب إليه في السينما..
أتوقع أن يحقق هذا الفيلم رواجًا بين مشاهدي التلفزيون عند عرضه فضائيًّا
بعد أن خذله جمهور السينما!!.
الـ
mbc.net في
12/03/2012
رحلة البحث عن أصول موسيقى "الاسطمبالي" الإفريقية
تونس - صالح سويسي
يبدو أنّ شريط "وايا رايي" لعصام السعيدي قد وجد قبولا طيبا لدى
النقاد والإعلاميين في عرضه الأول، وربما كان لفكرة الفيلم دورها في ذلك،
حيث عرض لتاريخ موسيقى "السطمبالي" في تونس من خلال شخصية عم الحبيب
الجويني آخر حبة في عنقود هذا الفنّ ذي الأصول الإفريقية.
الصورة كانت أبرز ما ميّز العمل، وبدا واضحا أن عصام السعيدي قد
استنفذ جهودا كبيرا ليقدم صورة سينمائية ممتازة في جمالية وإتقان رغم
محدودية الميزانية.
السطمبالي... الموسيقى والجذور
يستعرض الشريط حكاية الحبيب الجويني أحد أهمّ وآخر رواد موسيقى
"السطمبالي" في تونس وأحد آخر ورثة هذا الفنّ الإثني ذي الأصول الممتدة في
عمق إفريقيا السوداء وأحد آخر عازفي آلة "القمبري"، ولو أنّ حكاية الجويني
جاوتها أو تفرعت عنها حكايات أخرى ربما أخذ بعضها حيّزا أكبر من الحكاية
الأصلية للعمل. وفي ذلك حكمة لا يعلمها إلاّ مخرج الشريط.
ينطلق الفيلم بإطلالة عازف "القمبري" الحبيب الجويني مصحوبا بابنه
محمد ليتحدث عن هذه الآلة وعن موسيقى "السطمبالي" متدرجا في حديثه وصولا
إلى تاريخ هذه الآلة وأصولها ومن خلال جذور موسيقى "السطمبالي"، وهو حديث
يحيل المشاهد بالضرورة إلى أصول الجويني نفسه. حيث إنه من أم تونسية وأم
تعود أصوله لإفريقيا السوداء وربما كانت مالي موطنه الأصلي. يقول الجويني
أنّ جدوده الأولين جاؤوا إلى تونس في القرن الثامن عشر كعبيد، أتى بهم
الأوربيون في قوافل، ويصر على انتمائه للجذور الإفريقية بل ولم يخف حلمه
بزيارة موطن أجداده أو حتى رؤية تراب أرضهم رغم حبه الكبير لتونس.
عصام السعيدي في رحلته مع الحبيب الجويني تجول بالمشاهد في تفاصيل
تونسية افريقية يعايشها بطل الشريط يوميا بين أفراد عائلته وأصدقائه الذين
ينحدرون من نفس الجذور، وأثناء الرحلة يتابع المشاهد تفاصيل علاقة الجويني
بكل المحيطين به في أجواء موسيقية مخصوصة بين أضرحة الأولياء الصالحين وما
يقام فيها من "زردات" وما توفره تلك الاحتفالات التي تجمع الآلاف وأحيانا
عشرات الآلاف من مريدي هذا الوليّ أو ذاك من أجواء روحية تجمع الموسيقى
بالرقص والإنشاد.
سينما مختلفة
من خلال رحلة الحبيب الجويني مع موسيقى السطمبالي، سعى السعيدي في هذا
العمل التوثيقي إلى تقديم عمل سينمائيّ مغاير جمع فيه عددا هامّا من
الشبّان على مستوى العمل التقني، وربما كان ذلك ممّا جعل العمل استثنائيا
على جميع الأصعدة. فالسعيدي نأى عن المواضيع التي تضافر أغلب المخرجين
التونسيين لتقديمها بعد الثورة، لم يسع هذا المخرج الشاب إلى القطع مع
السائد وتكريس رؤية فنيّة جذابة ومثيرة في عمله الذي يغوص في عمق فكرة
جميلة نسج خيوطه فريق كامل من المبدعين كلّ في اختصاصه، وتجندت لها جهود
كبيرة ليخرج هذا العمل في صورة بهيّة تستفزّ المشاهد وتجعله يتابع كل ردهات
العمل دون ملل، فالصورة في "وايا رايي" كانت نقطة القوة التي جعلت من
الشريط ملحمة من المشاهد والصور بعيدا عن التكرار، وفي حركة متتالية لا
تتعب الناظر أو المتابع لكل تفاصيل العرض رغم طوله (64 دقيقة).
ويقدم الشريط حكاية الحبيب الجويني وهو موسيقي وعازف "اسطمبالي" ذلك
النوع من الموسيقى الأثنية التي تعود أصولها إلى إفريقيا السوداء، الجويني
رجل جاوز الخامسة والستين من العمر من أم تونسية ووالد أصوله افريقية
سوداء. قدم جدوده الأوائل عبر الرحلات التي كانت قامت بها قوافل الأوروبيين
خلا القرن الثامن عشر ليتمّ بيعهم كعبيد في تونس.
فكرة الفيلم
فكرة الفيلم راودت المخرج وهو يشاهد عرضا موسيقيا جمع بين الإيقاع
والجانب الروحي فلاحظ لأول مرة أصالة وتميز هذه الموسيقي الآتية من بعيد
كما لفت انتباهه الشخص الذي يعزف هذه الموسيقى التي بقيت راسخة في ذهنه ما
دفعه للبحث عن ذلك العازف كي يحاول فهم خصوصية تلك الموسيقى وسحرها الغامض
الذي جذبه إليها.
والتقى المخرج الموسيقي الحبيب الجويني عديد المرات فحدثه انه لم يكن
فقط وريث والده بل وريث أحد أكبر رواد موسيقى "الاسطمبالي". حيث كان والده
يعلمه العزف على آلة القمبري ويحببه فيها وفي الآن نفسه كان يحدثه عن تاريخ
الطائفة السوداء التي تم نفيها وبيعها بتونس،كما أن عراب مجموعة السود
واسمه برناوي طمبوكتاوي أكد له أنّ أصولهم تعود الى "كابار". و"كابار" ما
هي في الحقيقة سوى " كابارا" مدينة مالية قرب نهر يعبر طمبوكتو
والطمبوكتاوي هو الشخص الذي تنحدر أصوله منها.
وحسب هذه الروايات عن الحبيب الجويني ووالده، فضلا عن الاستماع إلى
كلمات الأغاني ذات الإيقاعات الإفريقية رأى المخرج ضرورة الإسراع بالبحث في
أرشيف تاريخ تونس في الماضي والحاضر، وبصبر كبير ومتابعة حثيثة واصل المخرج
بحثه وحاول الوصول إلى إيجاد صلة بين المعلومات التي توصل إليها والروايات
التي حدثه عنها الجويني.
إذن كانت فكرة الفيلم رحلة في البحث عن تلك الأصول لعازف يشده الحنين
إلى أصول عائلته وموسيقى طائفته، لكن الفيلم بالمقابل أخذ منحى أخر أثناء
التصوير من خلال إضافة شخصية الابن الأصغر للحبيب الجويني من إحدى زوجاته
الثمانية، والذي يمثل تواصلا بين الماضي والحاضر والمستقبل بحمله لنفس رغبة
والده ومشروعه الفني.
الجزيرة الوثائقية في
12/03/2012
فيلم الفتح 1453 ... نقلة نوعية في السينما التركية
عاصم الجرادات – اسطنبول
بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل من قبل المخرج التركي فاروق أقصوي
خرج فيلم "الفاتح 1453" إلى العلن تحت عنوان
" “ya istanbul’u alaca??m ya da istanbul beni
وهي مقولة قالها السلطان محمد الفاتح باللغة التركية، وتعني
بالعربية"إما آخذ اسطنبول أو اسطنبول تأخذني"، ووصلت ميزانية الفيلم إلى
17 مليون دولار أمريكي وهي تعتبر الأضخم في تاريخ السينما التركية.
عند خروجك من الفيلم ربما تبدأ برسم بعض الخطوط النقدية له لكن هذا
الفيلم كان مختلفاً بالنسبة لي، فقد حضرت الفيلم في اسطنبول بالقرب من مسرح
الأحداث الأساسية للفيلم في منطقة "أديرنا كابيه" أي باب أديرنا وعند خروجي
من صالة السينما، ووجدت نفسي أبحث عن إجابة لمصدر تلك القوة والكبرياء الذي
تمتع به محمد الفاتح وكذلك عن تلك النقطة المفصلية في تاريخ البشرية التي
صنعها ذاك السلطان من بوابة اسطنبول فقد غير خارطة الانتماء العالمي، لذلك
استغربت عندما بحثت عن مكان حضور أسرة الفيلم لعملهم الضخم فقد كان مدينة
كولن الألمانية أليس بجدير بهم حضور الفيلم في صالة سينمائية في اسطنبول
فلا أروع من هذا الشعور فأنت تحضر فيلم من العيار الثقيل وتعيش في حقبة
بداية اسطنبول الاسلامية وبعد دقائق معدودة تجد نفسك في اسطنبول الحديثة
التي تصارع الدول الكبرى اقتصادياً وعمرانياً.
من ناحية المضمون:
بدأ الفيلم بمقولة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم "لتفتحن
القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"، وتعد بداية
موفقة، وختم الفيلم بمشهد يعد الأقوى من حيث التأثير الإيجابي والمحاولة
إلى رسم صورة صحيحة للإسلام والمشهد هو عندما دخل محمد الفاتح إلى
القسطنطينية توجه إلى كنيسة آية صوفيا حيث تجمع هناك شعب بيزنطة المسيحي
حيث منحهم الآمان، وسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية، أما ما تبقى من مضمون
فكان عادياً ومتداولاً ، ولم يضف شيء إلا أنه ارتكب بعض الأخطاء الشكلية
في المضمون حيث كان الاتجاه في الحوار يصب أن السلطان محمد الفاتح سيؤسس
سلطنة تركية، ولم يتم التركيز على أن السلطان العثماني هو خليفة المسلمين
بالقدر الذي تم التركيز على تُركية الفتح.
قدم المخرج جوانب بسيطة من حياة محمد الفاتح العائلية، لكن بلقطات
قليلة لم تؤدي الغرض المعرفي حيث تم ملاحظتها على أنها كسر لروتين العسكري
والاستعراضي للفيلم حيث بين الفيلم مفاتن زوجة محمد الفاتح "أمينة گلبهار"
أي "أمينة وردة الربيع" دون تقديم أي معلومة عنها حيث تعود في أصولها إلى
الروم الارثدوكس أي يونانية الجذر من إحدى قرى مدينة طرابزون التركية،
وربما يرد أحدهم على ما سبق أن الفيلم يتحدث عن الفتح ليس عن محمد الفاتح
لذلك لا يوجد مبرر لمرور على حياته الشخصية، لكن في ذات الوقت عرض المخرج
قصة حب وُضع عليها نقاط تعجب تاريخية بين "أولوباتلي حسن" الجندي الأقوى في
الجيش العثماني، الذي رفع راية النصر وبين شخصية اسمها " ايرا" المأسورة من
قبل البيزنطينين عندما كانت صغيرة قبل أن يشتريها و يتبناها المهندس الذي
صنع المدفع الأضخم الذي ساهم في فتح اسطنبول "أوربان"، وهنا نقطة الاستفهام
لماذا جلب المخرج تلك الشخصية هل من أجل تضخيم دور أولاباتلي حسن أم لضخ
قصة حب فضلها على صنع قصة حب بين السلطان وزوجته ليُبقي هيبة السلطان القوي
الذي لا يوجد في حياته ما يُضعفه.
من ناحية الشكل:
نستطيع أن نقف احتراماً للمخرج من حيث تقديمه صورة رائعة، فوجدنا
ديكورات عالية الجودة تقارب إلى حد بعيد ملامح اسطنبول التاريخية، وقد أدار
المخرج المشاهد القتالية بحرفية عالية حيث تجد نفسك أمام مشهد قتالي ينافس
مشاهد هيوليود القتالية، ومن ناحية تصميم الملابس نجح كذلك، و قدم الممثل
ديفريم إيفين (محمد الفاتح) عرضاً رائعاً وكان بجانبه الممثل ابراهيم
شيليكول (ألوباتلي حسن) لكن حسب متابعتي تم ملاحظة التفوق في الأداء للمثل
شيليكول على إيفين وهذا ما يجعل الفيلم من ناحية يكون متوازن لعدم انفراد
شخص واحد في جذب الانظار لكنه من ناحية آخرى يشتت انتباه المشاهد، ويجعله
ينجذب للمثل صاحب الدور المساعد من حيث حكاية الفيلم، وهذا ما حدث عندما
وجد المشاهد نفسه امام قصة ثانية غير الفتح وهي قصة حب "أولاباتلي" و"إيرا"
التي وقفت جنباً إلى جنب مع قصة الفتح. ونستطيع القول أن الشكل الفني في
الفيلم تجاوز إلى حد بعيد المضمون فقد شاهدنا إعطاء مساحات لاستعراض معارك
وأساليب قتالية وتفجيرات حربية في حين بعض أساسيات المضمون تم التعريج
عليها سريعاً لذلك نصل إلى نتيجة أن الفيلم كان فيه استعراض حربي لكن
السيناريو كان بسيطاً لايقارن بالإبداعات التقنية.
وربما يشكل هذا الفيلم نقلة نوعية في تاريخ السينما التركية من حيث
الميزانية التي كما ذكرنا هي الأعلى في تاريخ السينما التركية، وكذلك من
حيث عالمية الفيلم حيث عُرض في 850 صالة عرض منتشرة في جميع أنحاء العالم،
وكذلك حسب شباك التذاكر وقبل دخوله العرض احتله المركز الخامس من حيث بيع
التذاكر ليؤسس الفيلم لمدرسة تركية عالمية تبعد عن موسمية العرض حيث من
الملاحظ سابقاً أن الأفلام التركية التي تلقى حضور وجماهيرية هي تلك
المشاركة والحائزة على جوائز وبالتحديد جائزة الدب الذهبي وهنا يبقى السؤال
هل يصبح فيلم الفتح هو بوابة السينما التركية نحو العرض العالمي الدائم
والدخول في منافسة مع كبار المدارس السينمائية من هيوليود والمدرسة
البريطانية والفرنسية والايطالية والروسية أم يبقى الفيلم في إطار الطفرة
السينمائية التركية.
لقطات:
- افتتح عرض الفيلم يوم 16 شباط في الساعة 14.53 كنايةً عن
تاريخ الفتح.
- عُرض
الفيلم في 850 صالة عرض في كل من الدول التالية : تركيا والمانيا وهولندا
وبلجيكا والنمسا وفرنسا وانجلترا وسويسرا والجمهورية التركية القبرصية
الشمالية واندونيسيا وماليزيا وروسيا وألبانيا والبوسنة والهرسك وكوريا
الجنوبية وتايلاند واليابان والولايات المتحدة الامريكية.
- تابع
مخرج الفيلم و ممثلوه العرض مع المشاهدين في دار سينما " سيندوم" بمدينة
كولن.
- وصل عدد مشاهدي الفليم في تركيا حوالي مليون مشاهد.
الجزيرة الوثائقية في
12/03/2012
سينمائيون: الثورة نجحت بـ"القومى للسينما" بعد
نتائج مسابقة دعم الأفلام
كتب عمرو صحصاح - العباس السكرى
رصد المركز القومى للسينما ميزانية قدرها 20 مليون جنيه دعما لاثنى
عشر فيلما روائيا طويلا، بعد إجراء مسابقة أشرفت عليها وزارة الثقافة
برئاسة المخرج مجدى أحمد على، وعضوية خالد عبدالجليل ومحمد العدل، حسبما
أكد مجدى أحمد على مدير المركز القومى للسينما.
وأضاف مجدى لـ«اليوم السابع» أن قيمة الدعم تتمثل فى مليونى جنيه كحد
أقصى لكل فيلم، مؤكدا أن الدعم مادى فقط والمركز القومى غير ملتزم بتوفير
الأجهزة والاستوديوهات، حيث أعطى الحرية لصناع هذه الأفلام فى اختيار جهة
مشاركة للإنتاج، لافتا إلى أنه سيتم إبرام العقود بشكل فعلى مع المدعمين
ابتداء من 25 مارس الجارى، حتى يتمكن كل مخرج من التحضير لفيلمه.
وحول المشاكل التى كانت تواجه الدعم فى السنوات الماضية أوضح مدير
المركز القومى أن هناك لجنة خاصة سيشرف عليها بنفسه لمتابعة جميع الأفلام،
إضافة إلى الزيارات المستمرة لمواقع التصوير لتفادى أى مشاكل قد تحدث.
وأكد مجدى أحمد على أن اللجنة رفعت أسماء مؤلفى ومخرجى الأعمال لعدم
الانحياز لأحد صناع تلك الأعمال بغض النظر عن تاريخه الفنى.
ووصف المخرج داوود عبدالسيد صاحب مشروع «رسائل حب» الحائز على دعم
المركز، هذا الدعم بالخطوة الجيدة التى استشعر بعدها السينمائيون بعض
التغييرات التى طرأت على المؤسسات الحكومية فى مصر عقب الثورة، معربا عن
سعادته بفوز 12 فيلما روائيا طويلا بدعم وزارة الثقافة، وأشار إلى أنه يعد
حدثا تاريخيا لكونه لم يحدث من قبل.
وحول استعداداته لبدء تصوير الفيلم أوضح المخرج أنه لم يستقر على فريق
العمل حتى الآن، لافتا إلى أنه يجرى مفاوضات مع بعض الفنانين للقيام ببطولة
الفيلم.
وعبر المخرج عمرو بيومى عن سعادته باختيار فيلمه «ليلى والمجنون»، ضمن
الـ12فيلما التى تم دعمها من قبل المركز القومى للسينما، موضحا أن الدعم
تلك المرة مختلف بكل المعايير عن باقى الأعوام السابقة، حيث تتفق اللائحة
مع مفهوم الدعم بشكل حقيقى، خاصة أن وزارة الثقافة كانت تشترط فى المرات
السابقة عدم البحث عن جهة إنتاج مشارك، حتى لو كانت ميزانية الدعم لا تكفى
تكلفة الفيلم، وهو ما خالفته تلك المرة حيث تركت الأمر للمخرج حسبما يشاء
ليخرج العمل بشكل لائق فنيا.
وأضاف بيومى أن أهم ما يميز الدعم تلك المرة هو التوليفة الجيدة فى
الاختيار، فقد جمعت بين مخرجين كبار بحجم داوود عبدالسيد ومحمد خان وإفراز
مخرجين جدد لديهم مواهب حقيقية أمثال فوزى صالح ونادين خان وغيرهم.
وأشار المخرج إلى أنه يجرى حاليا ترشيحات لبعض الفنانين لكى يستقر
بشكل نهائى على فريق العمل عقب تحديد الميزانية نهاية الشهر الجارى.
فيما اعتبر المخرج أحمد ماهر فوز فيلمه «بأى أرض تموت» بالجائزة
الأولى تحديا كبيرا له ليخرج الفيلم بصورة جيدة للمشاهد، قائلا «لم أكن
أتوقع حصول الفيلم على الجائزة الأولى ضمن السيناريوهات المقدمة، خاصة أن
هناك أفلاما مقدمة من قبل مخرجين لهم تاريخ فى عالم السينما وعلى دراية
كاملة بعناصرها»، مضيفا أن هذا الدعم خطوة جيدة للارتقاء بصناعة السينما
المصرية بعد حالة الكساد التى مرت بها السينما خلال الفترة الحالية.
وأوضح أحمد ماهر أنه سيبدأ تصوير فيلمه «بأى أرض تموت» نهاية الصيف
المقبل عقب الاستقرار على فريق عمل الفيلم الذى تدور جميع أحداثه فى أوروبا
وإنجلترا وفرنسا، وذلك بمشاركة مجموعة كبيرة من النجوم العالميين إضافة
لفنانين مصريين منهم عمرو واكد وتشاركه البطولة نجمة مصرية شابة جار
ترشيحها، حيث ينطق الفيلم بأربع لغات هى العربية والإنجليزية والفرنسية
والإيطالية.
وأشار ماهر إلى أن هذا الدعم يعتبر الدعم الثانى له من الدولة بعد
حصوله على دعم فيلمه «المسافر» من قبل.
ومن الأفلام التى فازت بدعم المركز القومى للسينما أفلام «رسائل الحب»
للمخرج داوود عبدالسيد، و«فتاة المصنع» للمخرج محمد خان، و«بأى أرض تموت»
للمخرج أحمد ماهر، و«ليلى والمجنون» للمخرج عمرو بيومى، و«قبل الربيع»
للمخرج أحمد عاطف، و«على معزة» للمخرج إبراهيم بطوط، و«ورد مسموم» للمخرج
فوزى صالح.
اليوم السابع المصرية في
12/03/2012 |