الواقع حاضر أبداً في أعمال المخرج الذي يعدّ من أبرز وجوه الموجة الجديدة.
لكنّ الحياة تقتحم هذه المرّة الشاشة، فيختلط التسجيلي بالروائي في «ريم
ومحمود وفاطمة» الذي يستعيد لحظات استثنائيّة من ميدان التحرير
بعد عام كامل على «25 يناير»، ينجز يسري نصر الله شريطاً روائياً طويلاً
يحكي «عن الناس... عن البني آدمين، وكيف تغيّروا بعد الثورة». في فيلم «ريم
ومحمود وفاطمة»، يؤرّخ صاحب «باب الشمس» للثورة المصرية، جامعاً بين
التوثيق والدراما. العمل من تأليفه بمساعدة الكاتب الشاب عمر شامة، وبطولة
باسم سمرة، ومنّة شلبي، وناهد السباعي. يعتمد الفيلم نبرةً واقعيّة، متخذاً
من التظاهرات والاعتصامات التي نظّمها الثوّار مادةً أساسيّة للسرد.
زجّ السينمائي بأبطاله في التظاهرات الحقيقيّة، وكان يصعب جداً عليه التقاط
حراك الشارع في العام الماضي، وحَصره في بعض المشاهد. لكنّه آثر تسجيل كلّ
تلك اللحظات الحيّة، ومنها مؤتمرات حزبيّة، وتظاهرات شعبيّة حاشدة، ليأتي
عمله جامعاً بين التسجيلي والروائي، يحكي قصصاً مختلفة، تلتقي كلّ خيوطها
في ميدان واحد.
يحاول نصر الله البحث عن مستقبل مصر، متنقلاً بالصورة والسيناريو، بين
ميدان التحرير، ومنطقة الهرم، وعدد من شوارع القاهرة والجيزة في تجربة
وصفها نقّاد بـ«المجنونة»، وخصوصاً أنّه لا يعتمد على حوار مكتوب، وسيناريو
محدّد. الأحداث اليومية للثورة كتبت سطور الفيلم الذي يحاول الإجابة عن
أسئلة: كيف تغيّر المصريون بعد الثورة؟ وما هو حلم الشباب المصري اليوم؟
يرصد نصر الله بعدسته المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر الآن منذ تظاهرات
يناير 2011، وحتى نهاية الانتخابات البرلمانية، ودور الجيش فيها، وكان يطمح
إلى المواصلة إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد. «ندمان إني مقدرتش أصوّر أحداث
ماسبيرو» يقول. «كنت مشغولاً حينها بتصوير بعض المشاهد، بين الزمالك
والهرم، ولم أتوقّع أن تتطوّر الأحداث بهذه السرعة»، لكنّه يؤكّد أنّه يبحث
عن الطريقة الأفضل لإدخالها في سياق الشريط الذي دخل الآن مرحلة المونتاج.
أبطال الفيلم ناشطة سياسيّة، وجمّال. الناشطة السياسية ريم (منة شلبي) تعمل
في شركة إعلانات. وأثناء تنفيذها لإحدى حملات التوعية لمصلحة الشركة، تقف
وتسأل نفسها: «إلى متى سنظلّ بعيدين عن الشارع الحقيقي؟ إلى متى سنلقن
الكومبارس جملاً معينة، ونجعلهم يظهرون على الشاشة، كأنهم الشعب؟». حينها
تقرّر النزول إلى الشارع، وإلى ميدان التحرير. هناك تلتقي الشابة
الأرستقراطية «شعباً جديداً»، لم تكن تعرفه. الجمّال محمود (باسم سمرة)،
شاب فقير، يعاني كغيره من التهميش، والاستغلال. يتحوّل إلى أداة في يد رجال
نظام مبارك، دفع به ليكون أحد منفّذي الاعتداء الذي عرف في الإعلام
بـ«موقعة الجمل». المخرج صاحب الخلفية اليسارية، يرصد تلك الواقعة بعين
مختلفة: «استخدم رجال مبارك أولئك المساكين، واستغلوا فقرهم وجهلهم»، يقول
نصر الله. ويضيف: «لا أريد المشاركة في الهجوم على هؤلاء البشر. قصّة
الفيلم عن شخص يعاني التجاهل والازدراء ويحاول استعادة عزة نفسه».
يظهر صاحب «جنينة الأسماك» التفاوت الطبقي في المجتمع المصري، وتأثيره في
أسلوب تفكير الشخصيات. محمود الخيال الفقير يبحث عن قوت لكفيله مع زوجته
فاطمة (ناهد السباعي)، وتتأثر حياته مع بداية الثورة بسبب غياب السيّاح،
وتوقّف مصدر رزقه. وينطبق الأمر على الشخصيات الأخرى، ومنها فيدار المهتمّة
بحقوق الحيوان، حين تنزل إلى الشارع، وتكتشف أنّ حقوق الإنسان مهدورة أيضاً
في مصر. في الخلاصة، إنّه عمل يؤرّخ للإنسان المصري، ويرصد تحوّلاته يوماً
بيوم منذ نزوله إلى الشارع في «25 يناير» من العام الماضي. في «ريم ومحمود
وفاطمة» يزيح يسري نصر الله السلطة عن مركز الأحداث، ويعطي البطولة المطلقة
للأبطال الحقيقيين... الشعب.
محطم القلوب
زيادة مشاهد الفيلم لا تشغل يسري نصر الله. «قدّمت سابقاً فيلم «صبيان
وبنات» الذي استغرق تصويره 75 ساعة لكنّي لخصته فى ساعة ونصف». لم يحدِّد
نصر الله موعداً لعرض الفيلم، إلّا أنّه أعلن أخيراً أنّ الشريط لن يشارك
في «مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية» الذي ينطلق في 21 الحالي. يأمل نصر
الله أن يكون العمل جاهزاً للعرض في آذار (مارس)، وهو يتابع حالياً عمليات
المكساج والصوت والموسيقى التصويرية. سيكون هذا العمل الروائي الأول الذي
يتناول الثورة المصريّة مباشرةً، بعدما شارك نصر الله في شريط «18 يوم» من
خلال عمل قصير بعنوان «داخلي/ خارجي»، على أن يشرع بعده في تصوير فيلمه
«محطم القلوب».
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012
السينما تعود دائماً إلى مارلين
يزن الأشقر
مرّة جديدة، تمثّل سيرة الـsex symbol
الأميركية محوراً لإنتاج سينمائي. المخرج البريطاني سايمون كورتيس يصوّر
هنا أسبوعاً قضته مارلين في الريف البريطاني بعيداً عن عالم التصوير
رغم مرور نصف قرن على وفاتها (1926 ـــ 1962)، لا تزال مارلين مونرو تشغل
العقول. الكثير من الكتب والأعمال السينمائية تناولت سيرتها، وها هو المخرج
الإنكليزي سايمون كورتيس يخوض التجربة بدوره. في شريطه «أسبوعي مع مارلين»،
يتناول جزءاً من حياة ساحرة الشاشة الشقراء. سيناريو العمل مقتبس عن كتابين
للمخرج الإنكليزي كولن كلارك، هما «الأمير وفتاة الاستعراض وأنا» و«أسبوع
مع مارلين». ويتطرّق الكتابان إلى أسبوع أمضاه كلارك مع مارلين نهاية
الخمسينيات، إذ يدّعي أنّه كان على علاقة عاطفية بها.
المشكلة الأساسية تمثّلت في الجديد الذي يمكن كورتيس تقديمه، بعد كل ما
أُنجز عن مارلين، خصوصاً أمام هوس الفنّ السابع بالعودة إلى تلك الحقبة.
هكذا قرر المخرج الإنكليزي التركيز على سفر مونرو (ميشيل ويليامز) إلى لندن
عام 1956، للعمل مع لورانس أوليفييه (كينيث برانا) على فيلم «الأمير وفتاة
الاستعراض» (1957). كان كولين كلارك (إيدي ريدماين) طالباً في ذلك الحين،
يطمح إلى الحصول على وظيفة في موقع تصوير الفيلم. ينجح في ذلك، ما يسمح له
بالتقرّب من مارلين التي كانت تقضي وقتها شهر العسل مع زوجها الكاتب آرثر
ميلر (دوغراي سكوت). بعد مغادرة ميلر إنكلترا، تتوثّق علاقة كلارك بمونرو،
خصوصاً أنّ الأخيرة بدأت تعاني من توجيهات أوليفييه القاسية. يقرر الاثنان
تمضية أسبوع معاً، تهرب خلاله مارلين من عالم التصوير الصاخب إلى الحياة
الإنكليزية الهادئة. حملت ميشيل ويليامز الفيلم الذي لم ينجح في الدخول إلى
عمق شخصيّة مونرو. رغم تذبذب آراء النقاد بشأن نوعيّة أدائها، تزداد حظوظ
الممثلة الأميركية الشابة لنيل أوسكار أفضل ممثلة، خصوصاً بعد حصولها على
«غولدن غلوب» أفضل ممثلة الشهر الماضي. لكنّ ضعف السيناريو، جعل حبكة
«الفيلم داخل الفيلم» غير مؤثرة. لا جديد في «أسبوعي مع مارلين»، إذاً، سوى
كونه محاولة للترفيه عن محبّي أسطورة الشاشة.
«بلانيت أبراج» (01/292192)
فتاة الاستعراض
يتمحور «أسبوعي مع مارلين» حول فترة تصوير شريط «الأمير وفتاة الاستعراض»
عام 1956 في بريطانيا. أدّت مارلين مونرو دور راقصة تبدو في مطلع الفيلم
ساذجة، وغبيّة، لتنقذ لاحقاً ملك كارباتشيا من مؤامرة. العمل كان السادس
والعشرين في مسيرة مارلين، شاركت في إنتاجه إلى جانب «وارنر بروس». أدّت
مونرو بطولة العمل إلى جانب الممثل البريطاني الأسطوري لورانس أوليفييه.
الحبكة كوميديّة، حيث يؤدي أوليفييه دور ملك وسيم ووحيد، على رأس مملكة
صغيرة تتنازع على ضمّها أمم أوروبا الكبرى. ومارلين، فتاة استعراض
أميركيّة، اسمها إلسي مارينا، يقع الملك في حبّها. أهم ما في الفيلم أنّ
مونرو تبقى حاضرةً في كلّ مشاهده تقريباً، لتستعرض مفاتنها في أزياء تعود
إلى مطلع القرن العشرين، إذ تدور الأحداث في لندن عام 1911.
«شقراء»
وسط العودة المحمومة التي تشهدها هوليوود إلى الأعمال القديمة، يبدو أنّ
شخصيّة مارلين مونرو ستحتلّ مساحة كبيرة من الإنتاجات الهوليوودية
المرتقبة. بعد ميشيل ويليامز، من المتوقّع أن تؤدي شقراء أخرى دور أيقونة
السينما الأميركيّة. الممثلة الأوستراليّة نعومي واتس ستؤدي دور الـ
sex
symbol في شريط
Blonde أو «شقراء». الفرق أنّ هذا العمل لن يكون سيرةً موثّقة، ولا يرتكز
على أحداث حقيقيّة، بل على متخيّلة كتبتها الروائية الأميركية الشهيرة جويس
كارول أوتس عام 2000. حقق الكتاب عند نشره نسبة مبيعات عالية، لما احتواه
من كتابة جنسيّة جريئة... موعد طرح الشريط ليس أكيداً، وإن كان ذلك مرتقباً
في الصيف تزامناً مع الذكرى الخمسين لرحيل مونرو، لكنّ الأكيد حتى الآن أنّ
واتس هي النجمة التي ستتقمّص دور مارلين، وأنّ السينمائي النيوزيلندي أندرو
دومينيك هو من سيتولّى إخراجه.
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012
رحلة البحث عن «شهرزاد» المصريّة
محمد خير / القاهرة
لم يعد مقبولاً وهو يدخل عامه الستين أن نسمّيه تلميذاً، ولو كان أستاذه
يوسف شاهين. في 2012، يعود يسري نصر الله إلى التأليف السينمائي، يكتب نص
فيلمه «ريم ومحمود وفاطمة» بالاشتراك مع عمر شامة. الأخير كتب سيناريو
وحيداً قبلاً هو «شارع 18» للمخرج حسام الجوهري (2007). أما يسري فقد عبر
سريعاً العام الماضي من خلال «داخلي/ خارجي» أحد فصول فيلم «18 يوم» الذي
اشترك فيه عشرة مخرجين ليصنعوا شريطاً عن الثورة المصرية لم يعرض بعد في
مصر.
لكن آخر أفلامه الطويلة «احكي يا شهرزاد» (2009) ابتعد فيه عن التأليف
لمصلحة السيناريست البارز وحيد حامد. أنتج ذلك التعاون فيلماً لم يكن يشبه
كثيراً أفلام صاحب «مرسيدس» (1993)، اللهم إلا من خلال الموضوع الذي يناقش
حياة مجموعة من النساء في مجتمع ضاغط وعنيف. لكنّ الشريط الذي أدت بطولته
منى زكي حقّق إيرادات لا تشبه أيضاً الإيرادات التي اعتادها يسري، إذ تخطى
حاجز مليوني دولار، وعرض في معظم الصالات. يمكن مقارنة ذلك بفيلمه الأسبق
مباشرة «جنينة الأسماك» (2008) من بطولة هند صبري وعمرو واكد. الشريط الذي
كتبه يسري بالاشتراك مع ناصر عبد الرحمن عُرض في صالات لم تتعدّ أصابع اليد
الواحدة. الفيلم التأملي غير التقليدي والأقرب إلى الفلسفة لم يحقق إيرادات
تذكر. ناقش الوحدة والخوف والذاكرة بما هو أقرب إلى الشعر منه إلى السينما،
الأمر الذي لم يستهو كثيراً حتى الجمهور «الخاص»، لكن الشريط بقي في نظر
آخرين تجربة مهمة في سينما مصر ما بعد
الألفية.
بعد هند صبري ومنى زكي، يكمل يسري عقد النجمات الشابات بمنح بطولة فيلمه
الجديد لمنة شلبي. ويبدو أنّ تجربته التي قد تكون الأهم أي «باب الشمس» (
2005) ستبقى فريدة من نوعها، لجهة خروجها عن الإطار المصري تأليفاً
وتمثيلاً وحتى تقسيماً للفيلم إلى جزءين. الفيلم الذي قدمه المخرج المصري
عن رواية اللبناني إلياس خوري عكس النكبة الفلسطينية في أحد أفضل تجلياتها
السينمائية. وقد اختارته «التايم» أحد أفضل عشرة أفلام في سنة إنتاجه. لا
تنقص الجوائز صاحب «المدينة» (1999) لكنها جوائز لم تتخطَّ بعد الإطار
العام للسينما المصرية، معظمها جوائز عربية أو تكريمات لم تقترب من الجوائز
الرئيسية في «برلين» أو «البندقية»، وإن ظل يعرض بسهولة في تلك المهرجانات.
حتى إنّ باكورته «سرقات صيفية» (1988) عرض في «أسبوعي المخرجين» في مهرجان
«كان» الشهير. ويبقى هو الفيلم الذي يعد أفضل وسيلة للتعرف إلى بدايات يسري
ومفاتيح روحه؛ إذ اقتبسه من حياته ونشأته وسفره الباكر إلى بيروت. أما
«صبيان وبنات» (1995) فكان مغامرة عدّت من بين الأبرز في تاريخ السينما
التسجيلية المصرية، تلمّس فيها مظاهر أسلمة المجتمع المصري، وهو لذلك يصلح
للمشاهدة اليوم أكثر من أي وقت.
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012
«سينما القدس» تحتفي بالحريّة
رشا حلوة / عكّا
في مناسبة افتتاح «سينما القدس»، ينظم «مركز يبوس الثقافي» (شارع
الزهراء/القدس) «أسبوع أفلام الحرية». تنطلق التظاهرة الخميس المقبل
وتستمرّ حتى 16 شباط (فبراير) الحالي. تشمل العروض أفلاماً وثائقية قصيرة
وطويلة وروائية طويلة، يفتتحها الفيلم التونسي «فلاقة» (2011) للمخرج رفيق
العمراني. يتحدّث العمل الوثائقي عن الثورة التونسية، وصور المعتصمين
التونسيين في القرى والمدن.
لا يخرج الفيلم الثاني عن إطار الثورات الشعبية؛ إذ سنشاهد وثائقي «الأيام
الخضراء» (2009) للمخرجة هانا مخملباف الذي مُنع عرضه العام الماضي في إطار
«مهرجان بيروت الدوليّ للسينما»، ويتناول الثورة الخضراء في إيران. من
الجزائر، سيعرض الفيلم الروائي الطويل «حراقة» (2009) لمرزاق علواش الذي
يتناول قصة شباب يحرقون هوياتهم الجزائرية، قبل أن يركبوا زوارق الهرب إلى
أوروبا بحثاً عن حياة أفضل. للقدس حصة في هذا الأسبوع مع الفيلم الفلسطيني
الوحيد «لن نرحل» (2010) للمخرج رائد دزدار. يغوص «لن نرحل» في معاناة
المقدسيين في ظل الاحتلال الذي يقتلعهم من بيوتهم ويستولي عليها ثمّ
يهدمها.
من العراق، سيُعرض فيلم «الأنفال ـــــ شظايا من الحياة والموت» (العراق)،
وهو الشريط الوثائقي الثالث من سلسلة «الأنفال» للمخرج مانو خليل التي
تتناول عمليات النظام العراقي السابق على كردستان في أواخر الثمانينيات.
يحتوي الشريط على شهادات الناجين بالمصادفة، ومَن فقد عائلته وما زال يبحث
عنها في المقابر الجماعية. كذلك سيُعرض فيلم «حي الفزاعات» (العراق/ 2010)
للمخرج حسن علي محمود، الحاصل على جوائز عربية وعالمية عديدة. يتناول
الشريط الحرب العراقية/ الإيرانية من خلال قصة رمزية عن هجوم للغربان على
حقل يملكه إقطاعي، واستخدام الأخير أبناء القرية كفزاعات حيّة. من مصر
سيعرض فيلم «678» (2010) للمخرج محمد دياب. إنّه أول عمل سينمائي مصري
تناول قضية التحرش الجنسي في باصات النقل العام. كذلك يعرض شريط «في انتظار
أبو زيد» (سوريا/ لبنان 2010) للمخرج السوري محمد علي الأتاسي. علماً بأنّه
عُرض للمرة الأولى بعد رحيل المفكر والباحث المصري نصر حامد أبو زيد. يروي
الشريط الوثائقي سيرة صاحب «نقد الخطاب الديني»، متطرقاً إلى أفكاره
الجدليّة ومنفاه.
الفيلم الأخير ضمن «أسبوع أفلام الحرية» يأتي من لبنان، هو «كلّ يوم عيد»
(لبنان/ فرنسا/ ألمانيا 2009) للمخرجة ديما الحرّ. يعرض العمل الروائي
الطويل قصة ثلاث نساء في طريقهن لزيارة السجن في يوم ذكرى الاستقلال. في
«أسبوع أفلام الحرية»، لا ينفصل الهمّ الفردي عن الجماعي، فكلاهما واحد
يتشابكان في البلدان العربيّة المختلفة.
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012
في الصالات: شكسبير معاصرنا
يزن
الأشقر
ليس اقتباس شكسبير سينمائياً بالمهمّة السهلة، خصوصاً إذا أراد صنّاع
الفيلم نقل الأحداث إلى زمننا. يحتاج ذلك إلى كاتب سيناريو بارع، ينفخ
روحاً حديثة في النص الشكسبيري، وإلى مخرجٍ قادر على وضعك في أجواء النص
الأصلي من دون خيانة. لكنّ زمن اليوم يبدو مغرياً لسياقات شكسبيريّة،
وخصوصاً في أوروبا حيث تدور أحداث شريط «كوريولانوس» لرالف فينيس.
الاضطرابات السياسية، والأزمة الرأسمالية العميقة، تحبطان الناس وتقلقان
السياسيين. وفي انتظار من يملك حلاًّ لكل هذه المشاكل، تزداد الحملات
الانتخابيّة سخونة، وتبرع في تقديم الوعود. ويبقى الحلّ في كيفية مخاطبة
الجماهير... لكن ماذا لو كان المرشح يمقت الجماهير؟
قرّر رالف فينيس خوض هذه المغامرة بعدما وجد تشابهاً بين الأحداث التي وقعت
في القرن الخامس قبل الميلاد وما يحدث الآن... في أوّل تجاربه الإخراجيّة،
يقتبس الممثل الإنكليزي تراجيديا شكسبير «كوريولانوس» بالتعاون مع كاتب
السيناريو جون لوغن. عرض العمل للمرة الأولى في النسخة الأخيرة من «مهرجان
برلين السينمائي»، وهذه المرة الأولى التي يقتبس فيها هذا النصّ في الفنّ
السابع.
بنيت التراجيديا الشيكسبيرية على قصة حياة القائد الروماني غايوس مارشوس.
تدور الأحداث في روما، حيث تمنع الحبوب عن الناس. يصبّ هؤلاء جام غضبهم على
مارشوس (رالف فينيس)، المسؤول عن حماية المخازن الذي يمقت العامة أصلاً. في
تلك الأثناء، يقترب جيش العدو من روما، بقيادة تولوس أوفيديوس (جيرارد
بتلر). يخرج مارشوس من الحرب منتصراً، ليمنح بعدها لقب «كوريولانوس»، ويقرر
خوض الانتخابات مستفيداً من الشعبية الجديدة التي حصل عليها، بتشجيع من
والدته فولومنيا (فانيسا ردغرايف) ومعلّمه مينينيوس (براين كوكس). لكنّ
أموره تتعثّر... فهو متحدث سيئ، وصادق مع نفسه ويهين العامة بعد نزوله إلى
الشارع لضمان الأصوات، ويتسبب ذلك في طرده من روما. حينها، يلتقي بعدوّه
أوفيديوس الذي يعرض عليه خدماته، ويقرر الاثنان الهجوم على روما وتدميرها
انتقاماً.
قد تكون اللغة الكلاسيكية المستخدمة عائقاً أمام المشاهد. كما أنّ توظيف
«الأكشن» جاء في خدمة الدراما، ما أفقد الفيلم بعض السلاسة... إلا أنّ رالف
فينيس نجح في الحفاظ على روح النص المسرحي، من دون السقوط في الترفيه
الأجوف... والأهم أنّه أظهر أنّ عمل شكسبير راهن أكثر من أي وقت آخر.
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012
«التاكسي» الذي أعاد دانيال جوزيف إلى البلد!
باسم
الحكيم
ما زال دانيال جوزيف (1979) اسماً مجهولاً بالنسبة إلى كثيرين في لبنان
والعالم العربي، ولا يكاد النقاد يعرفونه إلّا من خلال إعلان فيلمه «تاكسي
البلد» الذي يُطرح في 8 آذار (مارس) المقبل في الصالات اللبنانية. جوزيف
مخرج لبناني ـــــ أميركي، نفّذ فيلماً بعنوان
Blood Taxi،
وصوّر مشاهده في بيروت مع طلال الجردي، وعايدة صبرا، وليلى حكيم، وشوقي
متى، لكن عدوان تموز 2006 منعه من إكماله. هكذا عاد إلى أميركا، وبدأ عملية
المونتاج. لكنّه فجأة تراجع عن فكرة استكماله، وبدأ بكتابة سيناريو
Taxi Ballad الذي يراهن عليه اليوم.
الشريط الذي شارك في مسابقة الأفلام العربيّة الطويلة في «مهرجان دبي
السينمائي» (2011)، لم يحصد الجوائز، غير أنه حظي باحتفاء ملموس من
النقّاد، فوصف بـ«مفاجأة المهرجان الحقيقيّة». كذلك أُشيد بالرؤية
الإخراجيّة لجوزيف «البعيدة عن المبالغات البصريّة».
يروي دانيال جوزيف، وهو ابن قرية بنهران في قضاء الكورة (شمال لبنان)،
حكايته مع الهجرة إلى بلاد العم سام طمعاً بالجنسيّة. قرر والده أن يغادر
لبنان بسبب الحرب مطلع الثمانينيات، فحطّت العائلة رحالها في السعوديّة، ثم
سافرت إلى أميركا قبل العودة مجدداً إلى لبنان.
لا يخفي الشاب الذي حَمَله حُلمه السينمائي إلى بيروت لتنفيذ أول أفلامه
أنّه كان يخطط لمستقبل مختلف في أميركا. هناك درس الرسم والتصوير، «عند
تخرجي من هيوستن، حلمت بالانتقال إلى نيويورك، وهو ما حصل». درس دانيال في
Art Center College of Design وأسهم في تنفيذ أفلام طلاب الجامعة المنافسة
University of southern California،
هناك تعرف إلى مدير التصوير تشارلز دي روزا.
أما في لبنان، فكان الممثل طلال الجردي بوابته لدخول عالم السينما. يقول:
«عند مشاهدتي فيلم «لما حكيت مريم»، لفتني أداء الجردي». هكذا، اقتنع
المخرج الشاب بأنّ طلال «صاحب الكاريزما» سيكون سائق «تاكسي البلد».
يبدو السؤال عن كيفيّة تنفيذ مخرج عاش معظم حياته في أميركا، فيلماً
بمواصفات لبنانيّة بديهياً. «الفيلم يحمل الروح اللبنانية عكس شريطي الأول،
Blood Taxi
الذي يعدّ أميركيّاً تجري أحداثه في بيروت». وهنا يشير إلى أنه أصرّ على
عدم استكمال
Blood
Taxi «لأنني لم أشأ دخول السينما بعمل لا يرضيني». يقدّر جوزيف المبلغ
الذي خسره بسبب تخليه عن هذا الفيلم بـ120 ألف دولار. ضحى بهذا المبلغ من
أجل سيناريو آخر بدا أفضل، غير أنه لم يعد قادراً على تمويله بالكامل. بحث
عن شريك في الإنتاج، فوجده في شركة
Production 4
التي كان يملكها طلال الجردي مع المخرجين وليد فخر الدين ولينا خوري...
يعتبر جوزيف فيلمه «شعبياً فنياً يحمل أبعاداً أخرى»، نفّذه بأيادٍ
أميركيّة وبسيناريو باللغة الإنكليزيّة، إذ تعاقد مع مدير التصوير الأميركي
تشارلز دي روزا، وأسند البطولة النسائيّة إلى كارينا لوغ. ثم بحث عن بقيّة
الشخصيات في الأفلام والمسلسلات اللبنانيّة (راجع الكادر). إذاً، كتب
دانيال السيناريو باللغة الإنكليزية، وتُرجم خلال جلسات التمرين مع
الممثلين ومع طلال الجردي الحاضر في معظم المشاهد، لافتاً إلى أنه طلب «من
الممثلين أن يتكلموا بطريقتهم في الحياة، كي يأتي الكلام منسجماً مع
الروحية اللبنانية، وأعتقد أنّ الممثل حين يشارك في كتابة دوره، يأتي أداؤه
طبيعيّاً».
إذاً، الشهر المقبل سيكون الجمهور اللبناني على موعد مع «تاكسي البلد»
لدانيال جوزيف. وتدور أحداث الشريط حول شخص يدعى يوسف. هكذا نشاهده وهو طفل
يعشق الغناء والفنّ، قبل أن يتحوّل إلى سائق أجرة في بيروت. ويوضح جوزيف
قائلاً إن «القصة تصوّر «البلد» من وجهة نظر الطفل لأنه صفحة بيضاء لا يزال
يكتشف ما يحيط به». يوسف طفل الحرب مسيحي بالمصادفة «لأننا وجدنا بلدة
حصرون (شمال لبنان) مناسِبة للتصوير. انتماؤه الطائفي ليس مهماً، لكنّني
أكره فكرة عدم الانتماء في الدراما». ثلاث نساء يؤثرن في طفولة يوسف هن
والدته (هيام أبو شديد) وخالته (عايدة صبرا) وعروسة الضيعة ياسمين (ليندا
مهدي). وإلى جانب التأثير النسائي في حياته، يحاول يوسف الطفل البحث عن
نموذج لوالده المسافر، في الصور وبين رجال الضيعة ومنهم «القبضاي» كارلو
الضبع (باخوس صافي). تنطلق الأحداث مع يوسف الشاب الذي ينتقل إلى الضيعة
لحضور الذكرى السنويّة لوفاة والدته، فيخبر قصته منذ الطفولة. بعد «تاكسي
البلد»، باشر جوزيف كتابة فيلمه التالي الذي تدور أحداثه في قرية لبنانية
خلال الحرب العالميّة الثانية.
نجوم العمل
يشارك في فيلم «تاكسي البلد» أكثر من ثمانين ممثلاً. يشير دانيال جوزيف إلى
أنه لم يكن يعرف منهم «سوى فهمان (الممثل الراحل محمود مبسوط)». هكذا بدأ
رحلة البحث عن أبطال عمله في الأفلام والمسلسلات اللبنانيّة. وبحكم طبيعة
السيناريو، يقتصر ظهور معظم الممثلين على مشهدَين أو ثلاثة فقط. تطل في
العمل ليلى حكيم في شخصيّة المسنّة التي تتحكم بالسائق بمبلغ زهيد أعطته
له، ومنال ملاط في دور موسيقيّة تطلب إيصالها إلى الجميزة، وطارق تميم
الشاب الذي نسي أين ركن سيارته، وبديع أبو شقرا في دور صديق يوسف. كذلك
يشارك كل من عمر ميقاتي، وزياد مكوك، ونغم أبو شديد، وميشال أبو سليمان،
وخالد السيّد وسحر عسّاف.
الأخبار اللبنانية في
06/02/2012 |