على نحو عبثى، فقد العالم يوم الثلاثاء الماضى ٢٤ يناير أحد كبار
مفكريه، وهو فنان السينما اليونانى ثيو أنجلوبولوس، عندما صدمته دراجة
نارية وهو يعبر الشارع فى أثينا.
وصف أنجلوبولوس بأنه أحد مفكرى العالم الكبار ليس غريباً فى كثير من
ثقافات العالم، خاصة فى الإنجليزية والفرنسية، ولكنه يبدو غريباً فى اللغة
العربية، فالنظرة الغالبة للفنون فى الثقافة العربية، خاصة السينما، أنها
كماليات من الممكن الاستغناء عنها، ومن الممكن بالفعل الحياة من دون
الفنون، ولكنها تكون حياة بائسة بالغة التعاسة.
لغة السينما مثل أى لغة للتعبير يمكن أن تكتب بها روايات وقصص وأبحاث
وقصائد، كما أنها لغة للترجمة مثل أى لغة فى الأفلام التى تترجم الأدب
الروائى أو المسرحى، ولغة للفلسفة أيضاً. وينتمى أنجلوبولوس إلى سلالة
فنانى السينما المفكرين الذين ساهموا فى تشكيل الثقافة العالمية الحديثة
مثل الراحلين كورو ساوا فى اليابان وبرجمان فى السويد وتاركوفسكى فى روسيا،
ومثل جودار فى فرنسا وماديك فى أمريكا وهيرزوج فى ألمانيا ومايك لى فى
بريطانيا وبيرتولوتشى فى إيطاليا وغيرهم من السينمائيين الذين ينتمون إلى
تلك السلالة وقد شاهدت كل أفلامه منذ عام ١٩٧٠ فى مهرجانات السينما الدولية
فى كان وفينسيا، حيث عرضت وفازت بأكثر من جائزة كبرى، وتوجت بالسعفة
الذهبية فى مهرجان كان عام ١٩٩٨ عن فيلمه «الأبدية ويوم واحد».
عرفته عن قرب منذ بدأت حضور مهرجان سالونيك فى اليونان عام ١٩٩٩، وكان
رئيس المهرجان، وعندما كنت عضواً فى لجنة تحكيم المهرجان عام ٢٠٠٣ وجه دعوة
للعشاء مع أعضاء اللجنة، وكانت ليلة لا تنسى، وكان من المقرر أن تعرض مكتبة
الإسكندرية كل أفلامه بحضوره العام الماضى، بعد أن قبل دعوة الدكتور
إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة، وعبر عن سروره بها، لكنه طلب أن تكون فى
«ربيع» العام الحالى ـ على حد تعبيره.
ولد أنجلوبولوس عام ١٩٣٥، وتخرج فى كلية الحقوق جامعة أثينا، وفى معهد
إيديك للسينما فى باريس، وبدأ ناقداً للأفلام عام ١٩٦٤، وأخرج فيلمين
قصيرين: «إذاعة» ١٩٦٨، و«قرية، فلاح» ١٩٨١، وأفلامه الطويلة هى:
١- إعادة بناء ١٩٧٠
٢- أيام ١٩٣٦ ١٩٧٢
٣- الممثلون المتجولون ١٩٧٤
٤- الصيادون ١٩٧٦
٥- الإسكندر الأكبر ١٩٨٠
٦- رحلة إلى ثيترى ١٩٨٤
٧- حارس النحل ١٩٨٦
٨- منظر فى الضباب ١٩٨٨
٩- خطوة البجعة المعلقة ١٩٩١
١٠- نظرة أوليس ١٩٩٥
١١- الأبدية ويوم واحد ١٩٩٨
١٢- ثلاثية حقول النحيب (من ٢٠٠٤)
وفى عام ٢٠٠٩ أصدر عنه الكاتب البحرينى أمين صالح كتاباً فى ٣٩٠ صفحة،
كما ترجم الكاتب المصرى محمد هاشم عبدالسلام كتاباً عنه، لكنه لم يجد من
ينشره حتى الآن.
المصري اليوم في
28/01/2012
اليوم إعلان ترشيحات الأوسكار
بقلم
سمير فريد
٢٤/
١/
٢٠١٢
تعلن اليوم ترشيحات جوائز الأوسكار الأمريكية لعام ٢٠١٢ عن سينما
٢٠١١، وهى أعرق جوائز السينما فى العالم، وأكثرها شهرة، وأكثرها أهمية مع
جوائز مهرجان «كان» ومهرجان «فينيسيا» ومهرجان «برلين»، وقد بدأت جوائز
الأوسكار عام ١٩٢٧ فى نفس عام عرض أول فيلم روائى طويل ناطق (مغنى الجاز)،
واسمها الرسمى جوائز الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما، وإن عرفت
باسم «التمثال الذهبى»، رمز هذه الجوائز.
يقوم نظام الأوسكار على التصويت بين أعضاء الأكاديمية الذين بلغ عددهم
فى دورة العام الحالى ٥٧٨٣ عضواً. وهناك اليوم فى دول كثيرة أكاديميات
مماثلة تمنح جوائزها بالنظام نفسه، مثل جوائز سيزار فى فرنسا وجويا فى
إسبانيا وبافتا فى بريطانيا ودافيد دوناتيللو فى إيطاليا. وسوف تعلن جوائز
الأوسكار ٢٦ فبراير المقبل، وهى للأفلام الأمريكية أساساً أى مسابقة محلية،
وإن كانت تتسع لكل الأفلام الناطقة بالإنجليزية، وكذلك لكل أفلام العالم،
من خلال جائزة أحسن فيلم أجنبى.
أحسن فيلم أمريكى شاهدته العام الماضى فيلم «شجرة الحياة» إخراج
تيرانس ماليك، الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» وفاز بالسعفة الذهبية،
ولكنى عندما شاهدت «الأحفاد» إخراج ألكسندر بايينى فى افتتاح مهرجان
سالونيك فى اليونان، كان عنوان رسالتى من هناك إلى «المصرى اليوم» (عدد ١٩
نوفمبر): «الأحفاد».. فيلم أوسكار ٢٠١٢ وكان ذلك التوقع قائماً على أن نظام
التصويت أو الانتخابات يختلف جذرياً عن نظام المسابقات التى تقرر جوائزها
لجان تحكيم، فالجوائز التى تقررها لجنة تعبر عن أغلبية آراء أعضائها، أما
الجوائز التى يأتى بها التصويت، فهى مثل الانتخابات السياسية تعبر عن
التوجه السائد بين أغلبية الناخبين فى زمان ومكان محددين، و«الأحفاد» يروق
للأغلبية، بينما يروق «شجرة الحياة» للأقلية، وكلاهما من روائع سينما
العام، بغض النظر عن الجوائز.
ومع بداية كل عام فى يناير تبدأ جمعيات نقاد السينما وروابط ونقابات
صناع السينما فى الإعلان عن جوائزها، وتصل فى أمريكا إلى ذروتها الأولى مع
إعلان جوائز جمعية نقاد السينما الأجانب فى هووليود المعروفة باسم «جولدن
جلوب» ثم تصل إلى ذروتها الثانية مع إعلان ترشيحات الأوسكار التى أصبحت
عشرة أفلام لأحسن فيلم بعد أن كانت خمسة، ثم تصل إلى ذروتها الكبرى، أو
التصفيات النهائية مع إعلان جوائز الأوسكار فى نهاية فبراير ليتم إغلاق قوس
العام الذى مضى.
وقد فاز «الأحفاد» بجائزة أحسن فيلم فى «جولدن جلوب»، والأرجح أن يحصل
اليوم على أكبر عدد من ترشيحات الأوسكار.
الدور على الحرية والعدالة
والتنوير
بقلم
سمير فريد
١٦/
١/
٢٠١٢
لم تطالب ثورة ٢٥ يناير سوى بالحرية والعدالة، ولم يطالب المثقفون
المصريون منذ ٢٠٠ سنة سوى بالتنوير والخروج من ظلمات الحكم الدينى العثمانى،
كما تنورت أوروبا وخرجت من ظلمات الحكم الدينى فى العصور الوسطى.
واعتبار الحكم الدينى - سواء المسيحى أو الإسلامى- حكماً ظلامياً لا
علاقة له بالدين الإسلامى أو المسيحى، وإنما بمن اعتبروا أنفسهم يحكمون
باسم هذا الدين أو ذاك. فليس من المسيحية فى شىء إبادة سكان القارة التى
أطلقوا عليها اسم أمريكا باسم الكنيسة، وليس من الإسلام فى شىء استخدام
العنف لنشر الدعوة الإسلامية، والقرآن الكريم صريح وواضح فى قوله -تعالى:
«إن عليك إلا البلاغ».
وكانت ثورة ٢٥ يناير ثورة كل الشعب المصرى، ولذلك رحب الثوار باشتراك
الإخوان المسلمين فيها، خاصة الشباب منهم، ولكن من المفارقات التاريخية أن
تؤدى الثورة إلى قيام حزب باسم الحرية والعدالة يمثل الإخوان المسلمين
الذين انضموا إلى الثورة، ولا يكون هذا الحزب هو حزب شباب الثورة التى لم
تطالب سوى بالحرية والعدالة. ومن المفارقات التاريخية أيضاً أن تؤدى الثورة
إلى قيام حزب باسم الثورة يمثل السلفيين، الذين انضموا إلى الثورة بدورهم
وكانوا ضدها، ولا يكون هذا الحزب هو حزب المثقفين الذين عانوا منهم ما
عانوا لدعوتهم إلى التنوير.
والمقصود بالمثقفين هنا ليس الأدباء والفنانين، كما هو شائع، وإنما
طليعة الأمة المصرية من العلماء فى الطب والهندسة والسياسة والفلسفة، إلى
جانب الأدباء والفنانين. وقد حان الوقت بعد الثورة لتغيير هذا المفهوم
الخاطئ الشائع، والبداية تغيير اسم وزارة الثقافة إلى وزارة الفنون أو
الآداب والفنون، رغم أن الآداب بدورها فنون، أو هى فنون الأدب.
وهكذا وصلت محاولة سرقة ثورة الشعب وسرقة كفاح المثقفين المصريين طوال
مائتى عام، إلى سرقة شعارات الثورة والمثقفين بواسطة الإسلاميين الذين
استخدموا الخلط بينهم وبين المسلمين وفازوا فى الانتخابات، بينما المسلم هو
من يؤمن بالدين الإسلامى، والإسلامى هو من يريد الحكم السياسى باسم
الإسلام.
وهكذا وصل تشويه أعظم المفاهيم والقيم الإنسانية إلى الحرية والعدالة
والنور، بعد أن شوهنا منذ نصف قرن ويزيد مفاهيم الاشتراكية لتصبح
بيروقراطية، والانفتاح ليصبح لصوصية، والسلام ليصبح الاستسلام!
تصحيح:
سقط سهواً من «صوت وصورة» عدد السبت ١٤ يناير عدة كلمات من الفقرة
الأخيرة أخلت بالمعنى، ولذلك نعيد نشر الفقرة كاملة، وهى:
«قام عالم النفس جان لاكان بتقطيع مطلع المونولوج الأشهر فى تاريخ
المسرح، فلم يصبح (أكون أو لا أكون: هذا هو السؤال)، وإنما (أكون أو لا
أكون هو السؤال)، وذلك من دون حذف ولا حرف من النص الأصلى أى أن السؤال:
(كيف نكون).
حول عام السينما التسجيلية
العربية
بقلم
سمير فريد
١٥/
١/
٢٠١٢
وصلتنى من الصديق والزميل العزيز انتشال التميمى، الخبير السينمائى
العراقى المقيم فى هولندا الرسالة التالية:
«أتفق معك تماماً بأن سنة ٢٠١١ كانت سنة السينما
التسجيلية العربية كما جاء فى (صوت وصورة) عدد الأحد ٨ يناير، ولكنك سهوت
عن ذكر فيلم (الجوستو) إخراج الجزائرية صافيناز بوصايا، رغم أنك عبرت عن
إعجابك الكبير به عندما شاهدته فى مهرجان أبوظبى، وكان مقالكم أول مقال
ينشر عنه أثناء المهرجان، وقبل فوزه بجائزة أحسن فيلم تسجيلى عربى. وهو
الفيلم العربى الوحيد الذى عرض فى مسابقة مهرجان أمستردام للأفلام
التسجيلية، والذى يعتبر الآن أهم مهرجانات السينما التسجيلية فى العالم،
وفى نفس الدورة عرض خارج المسابقة الفيلم المصرى (تحرير ٢٠١١) إخراج تامر
عزت وأيتن أمين وعمرو سلامة، والفيلم العراقى (فى أحضان أمى) إخراج عطية
ومحمد الدراجى.
ومن الأفلام التسجيلية العربية الطويلة التى تؤكد أن ٢٠١١ عام السينما
التسجيلية أيضاً الفيلم التونسى (كلمة حمراء) إخراج إلياس بكار عن ثورة
تونس، والفيلم المصرى (وسط البلد) إخراج شريف البندارى فى أول أفلامه
التسجيلية، وكلاهما عرض فى مهرجان الدوحة، وحازا إعجاب النقاد والمتابعين،
ومن الأفلام التى عرضت فى مهرجان دبى يمكن الإشارة إلى تميز الفيلمين
اللبنانيين (الحوض الخامس) إخراج سيمون الهبر، و(القطاع صفر) إخراج نديم
مشلاوى الذى فاز بجائزة أحسن فيلم تسجيلى عربى، والفيلم الدنماركى (٢/١
ثورة) إخراج المصريين عمر شرقاوى وكريم الحكيم عن الثورة المصرية، وهو
الفيلم العربى الوحيد الذى اختير للعرض فى مهرجان صاندانس هذا العام.
وأخيراً جاء فى المقال أن الفيلم المغربى (على الحافة) إخراج نادية كيلانى،
والصحيح ليلى كيلانى».
■
أتوجه بالشكر إلى انتشال التميمى، وأعتذر عن السهو والخطأ، وبالطبع فإن
تقييم أحسن الأفلام فى السنة بالنسبة إلى أى ناقد يكون من واقع ما شاهده من
أفلام، وليس من واقع كل ما عرض فى كل مكان، وللأسف لم أحضر مهرجان الدوحة
ولا مهرجان دبى اللذين تكتمل بهما صورة الأفلام العربية كل سنة.
وازدهار الأفلام التسجيلية العربية الطويلة لا يكتمل إلا بعرض هذه
الأفلام فى دور العرض وفى قنوات التليفزيون مثل الأفلام الروائية الطويلة،
ومن هنا اعتبرت عرض «تحرير ٢٠١١» فى دور العرض فى مصر أهم أحداث العام
السينمائية.. ولعل إنشاء سينما «الهناجر» التابعة لوزارة الثقافة فى منطقة
الأوبرا بالقاهرة يكون نافذة لعرض هذه الأفلام وغيرها من الأفلام التى لم
تكتسب بعد جمهوراً كبيراً، بل وإعادة عرض بعض الأفلام التى قهرتها السوق
مثل «عرق البلح» للراحل رضوان الكاشف، وإذا لم تقم وزارة الثقافة بهذا
الدور، فمن الذى يقوم به، خاصة مع وجود مثقف كبير على رأس الوزارة مثل
الدكتور شاكر عبدالحميد.
جودار وهاملت
بقلم
سمير فريد
١٤/
١/
٢٠١٢
جان لوك جودار (٨٠ سنة) من أعظم السينمائيين الأحياء فى العالم إن لم
يكن أعظمهم جميعاً، فالسينما معه منذ نصف قرن ويزيد لم تعد كما كانت قبله،
وذلك على الصعيد الجمالى الفلسفى.
ومثل كل جيل الستينيات الذى انتمى إليه يعتبر جودار «أيقونة» حقيقية،
وليس مثل الأجيال التالية التى تعتبره «مثيراً للجدل» أكثر من أى شىء آخر،
وعندما بلغ جودار الثمانين من عمره المديد، إن شاء الله، شعرت بأننى بلغت
المائة وهو الذى يصغرنى بأكثر من عشر سنوات.
كان صبحى شفيق، أطال الله عمره، هو أول من قدم جودار إلى القراء العرب
من عشاق السينما، كما قام شفيق بترجمة أكثر من سيناريو (ديكوباج) من تأليف
جودار فى مجلة «السينما» التى صدرت عامى ١٩٦٩ و١٩٧٠.. وكنت من أوائل النقاد
العرب الذين قدموا دراسات وافية عن عدد من أفلامه، نشرت فى نشرة نادى سينما
القاهرة، وهى أكبر وأشمل مراجع السينما فى اللغة العربية (٢٥ ألف صفحة
بمثابة موسوعة كاملة عن فن السينما فى العالم).
ويعرف جودار بصياغاته الفذة لأفكاره، مثل نجيب محفوظ، وهى الصياغات
التى يطلق عليها فى التراث العربى «الألمعية». فمن ينسى وصفه لحرب تحرير
الكويت بأنها «أضخم فيلم هوليوودى تكلف عشرين ملياراً ودر مائة، وعرض
مباشرة على قناة (CNN)، ومن ينسى قوله فى فيلمه «الموسيقى» إن الفرق بين الروائى والتسجيلى
هو الفرق بين روائية حرب الإبادة ضد اليهود وتسجيلية ما يذاع فى نشرات
الأخبار التليفزيونية عن حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.
وكان «جودار» أول مخرج عالمى يصنع فيلماً عن كفاح الشعب الفلسطينى عام
١٩٧١. إنه لا يعبأ بقوة اللوبى الصهيونى فى أمريكا أو أى مكان، ولا يخشى
شيئاً فى قول الحق كما يعتقده.
وأحدث صياغات «جودار» كانت عن قول هاملت الأشهر فى مسرحية شكسبير
«أكون أو لا أكون» هذا فى الواقع ليس سؤالاً، وباعتبارى تلميذاً شكسبيرياً
صغيراً أعتقد أن هاملت لم يكن يسأل، بقدر ما كان يتساءل، والفرق كبير. ومن
ناحية أخرى فقد قام عالم النفس جان لاكان بتقطيع مطلع المونولوج الأشهر فى
تاريخ المسرح، فلم يتوقف عند «أكون أو لا أكون»، وذلك من دون حذف ولا حرف
من النص الأصلى، وإنما فقط إعادة تقطيع.. وسوف يظل شكسبير «مثيراً للجدل»
مثل جودار، وسوف يظل شكسبير معاصراً فى كل عصر، مثل جودار.
عام السينما التسجيلية بامتياز
بقلم
سمير فريد
٨/
١/
٢٠١٢
كان عام ٢٠١١ فى العالم العربى عام السينما التسجيلية بامتياز أو
بالتحديد الأفلام التسجيلية الطويلة، والذى وصل إلى ذروته بالعرض العام، أى
العرض للجمهور بتذاكر، للفيلم المصرى «تحرير ٢٠١١» إخراج تامر عزت وآيتن
أمين وعمرو سلامة، وهو حدث لم يسبق له مثيل فى تاريخ السينما فى مصر منذ
أكثر من مائة عام.
ومن الأفلام التسجيلية الطويلة المتميزة التونسى «لا خوف بعد اليوم»
إخراج مراد بن الشيخ، الذى عُرض فى مهرجان «كان» تحية لثورة تونس، كما عرض
«تحرير ٢٠١١» فى مهرجان فينسيا تحية لثورة مصر. ولفت الأنظار فى مهرجان دبى
الفيلم المصرى «مولود فى ٢٥ يناير إخراج أحمد رشوان. وكان أهم فيلم عراقى
طوال العام «فى أحضان أمى» إخراج عطية ومحمد الدراجى.
وكان أهم الأفلام الفلسطينية «رجل ووطن ومدينة» إخراج رشيد مشهراوى عن
فيصل الحسينى، و«عمو نشأت» إخراج أصيل منصور، و «مملكة النساء» إخراج دانا
أبورحمة، ومن أهم الأفلام الجزائرية «هنا نغرق الجزائريين» إخراج ياسمينة
عدى، ومن أهم الأفلام اللبنانية «يا مو» إخراج رامى تيحاوى، ومن أهم
الأفلام السورية «نوافذ الروح» إخراج الليث حجو، وفى المهرجان الثانى عشر
للأفلام المغربية فى طنجة، ولأول مرة، فاز فيلم تسجيلى طويل بالجائزة
الكبرى، وعنوانه «أشلاء» إخراج حكيم بلعباس. والجائزة الوحيدة التى فاز بها
فيلم عربى فى مهرجان دولى كبير هى الجائزة الثانية فى مسابقة أفلام الطلبة
لفيلم الطالب المغربى، كمال لزرق «درارى» ومدته ٢٩ دقيقة.
وقد أصبحت السينما المغربية هى المنافس الوحيد للسينما المصرية من حيث
الكم والكيف، فمن حيث الكم أصبح متوسط عدد الأفلام الجديدة التى تعرض كل
عام فوق العشرين وتحت الثلاثين فى البلدين، وكما أن هناك سبعة أفلام تتصدر
الأفلام المصرية، هناك خمسة أفلام تتصدر الأفلام المغربية أيضاً، ومنها
أحسن فيلم عربى من خارج مصر «على الحافة» إخراج نادية كيلانى و«أشلاء»،
والأفلام الآتية: «موت للبيع» إخراج فوزى بن السعيدى، و«أياد خشنة» إخراج
محمد عسلى، اللذان عرضا فى مهرجان تورنتو، و«النهاية» إخراج هشام العسرى.
وعلى قمة الأفلام العربية عام ٢٠١١ أيضاً الجزائرى «نورمال» إخراج
مرزاق علوش، والتونسى «ديما براندو» (دئماً براندو) إخراج رضا الباهى. ومن
الأفلام الفرنسية العربية «عمر قتلنى» إخراج رشدى زيم، و«رجال أحرار» إخراج
إسماعيل فروخى، وقد أصبحت السينما الفرنسية العربية جزءاً لا يتجزأ من
السينما الفرنسية والسينما العربية فى آن واحد. وقد شهدت السينما السورية
إنتاج أربعة أفلام روائية طويلة فى عام واحد، وهو رقم غير مسبوق، ولكن لم
يمكن مشاهدتها بسبب اندلاع ثورة الشعب ضد جزار سوريا.
أحسن أفلام العالم ٢٠١١
بقلم
سمير فريد
٥/
١/
٢٠١٢
إلى جانب الأفلام السبعة التى أعتبرها من أحسن أفلام العالم عام ٢٠١١،
والتى ذكرتها فى مقال «صوت وصورة» أمس، من بين الأفلام المتقدمة لأوسكار
أحسن فيلم أجنبى، هناك أيضاً الأفلام التالية:
■ الولايات المتحدة الأمريكية
- «شجرة الحياة»: إخراج تيرانس ماليك.
- «الأحفاد»: إخراج ألكسندر باينى.
- «منتصف الليل فى باريس»: إخراج دودى آلان.
- «هوجو»: إخراج ماتين سكور سيزى.
- «مغامرات تان تان»: إخراج ستيفن سبيلبيرج.
■
فرنسا
- «الفنان»: إخراج ميشيل هازان فيكيوس.
- «مذبحة»: إخراج رومان بولانسكى.
- «دجاج بالبرقوق»: إخراج مارجان سترابى وفسينسنت بارونو.
■
ألمانيا
- «منهج خطر»: إخراج دافيد كرونبرج.
- «كهوف الأحلام المنسية»: إخراج ورنر هيرزوج.
■
إيطاليا
- «لدينا بابا»: إخراج نانى موريتى.
■
روسيا
- «إيلينا»: إخراج أندريه زفيا جينتسييف.
■
بلجيكا
«الصبى ذو الدراجة»: إخراج كان بيير ولوك داردينى.
■
بريطانيا
- «نحتاج للحديث عن كيفين»: إخراج لينى رامساى.
■
فنلندا
- «الهافر»: إخراج آكى كيور سماكى.
■
الصين
- «بحر البشر»: إخراج كاى شانجوين.
■
الدانمارك
- «مناخوليا»: إخراج لارس فون ترير.
أغلب هذه الأفلام عرض فى مهرجان «كان»، مما يؤكد أنه سيد مهرجانات
السينما الدولية، والعديد من الأفلام الأخرى عرض فى مهرجان فينسيا ومهرجان
برلين، وأقل عدد منها لم يعرض فى هذه المهرجانات، مما يؤكد دور المهرجانات
الكبرى الثلاثة فى تحديد ملامح السينما فى العالم كل سنة، وبغض النظر عن
جوائزها.
وقد سعدت شخصياً بحصول الفيلم الفرنسى «الفنان» على أكبر عدد من
ترشيحات جولدى جلوب، التى تغلف جوائزها ١٥ يناير، فبعد أن شاهدته فى مهرجان
كان نشرت فى رسالتى من المهرجان فى «المصرى اليوم» عدد ١٨ مايو ٢٠١١ أن
الفيلم «تحفة من روائع السينما»، واعترضت على عدم فوزه بجائزة أحسن إخراج
عند التعليق على الجوائز فى عدد ٢٤ مايو، وقل أن يصف أى ناقد أحد الأفلام
بأنه «تحفة»، لأن هذا الوصف أصعب وأكبر امتحان للنقاد. كما فاز «الفنان»
بجائزة نقاد نيويورك كأحسن فيلم عرض عام ٢٠١١.
فى الطريق إلى الأوسكار
بقلم
سمير فريد
٤/
١/
٢٠١٢
يناير ليس فقط بداية العام الجديد، ولكنه أيضاً شهر تقييم العام الذى
مضى، وفى السينما يبدأ هذا التقييم مع إعلان جوائز جولدن جلوب، وهو اتحاد
نقاد السينما الأجانب فى لوس أنجلوس، يوم ١٥ يناير، ثم ترشيحات الأوسكار
يوم ٢٤ يناير، ثم جوائز الأوسكار يوم ٢٦ فبراير، وهى نهاية تقييم سينما
العام الماضى.
جوائز الأوسكار هى الأشهر فى العالم، رغم أنها مسابقة محلية للأفلام
الأمريكية، وذلك بحكم أن السينما الأمريكية هى الأكبر فى العالم من حيث حجم
السوق المحلية والأسواق الخارجية، ولكن المسابقة تتسع لكل الأفلام الناطقة
بالإنجليزية، ولكل أفلام العالم من خلال جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبى،
ويشترك فيها هذا العام ٦٣ فيلماً من ٦٣ دولة من دول العالم الـ١٩٤. ويمكن
للأفلام الأجنبية أن تفوز بجوائز أوسكار أخرى من حيث المبدأ، فليست هناك
لجنة تحكيم، كما فى مسابقات المهرجانات، وإنما تتقرر الجوائز من خلال تصويت
أعضاء الأكاديمية، التى تنظم المسابقة.
والأفلام الأجنبية، حسب قواعد الأوسكار، هى الأفلام التى عرضت فى
بلدانها خلال العام موضوع المسابقة، حتى نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر،
مهما كان تاريخ إنتاجها، وعلى أن يتم اختيارها عن طريق لجنة غير حكومية من
صناع السينما. وربما تكون مصر هى البلد الوحيد الذى يشكل لجنة بقرار من
وزير الثقافة، أى لجنة حكومية، لاختيار الفيلم الذى يمثلها فى الأوسكار.
وقد اختارت اللجنة لأوسكار ٢٠١٢ فيلم «الشوق»، إخراج خالد الحجر. وقد
كان المركز الكاثوليكى للسينما بالقاهرة هو الذى يشكل لجنة اختيار الفيلم
المصرى، طوال العقود الماضية، باعتباره هيئة غير حكومية، ولكن وزارة
الثقافة منحت لنفسها هذا الحق فى ظل عدم اهتمام نقابة السينمائيين أو غرفة
صناعة السينما بالحصول عليه، وتشترك مصر فى مسابقة أوسكار، أحسن فيلم أجنبى
هذا العام مع بلدين آخرين من العالم العربى، وهما لبنان بفيلم «وهلا لوين»
(والآن إلى أين)، إخراج نادين لبكى، والمغرب بفيلم «عمر قتلنى» إخراج رشدى
زيم.
والأفلام الثلاثة من أحسن ما أنتج فى بلدانها، وإن كان «عمر قتلنى»
ينتمى إلى السينما الفرنسية العربية أكثر مما ينتمى إلى السينما المغربية.
ومن بين الـ٦٣ فيلماً، التى تقدمت لأوسكار أحسن فيلم أجنبى عدد من أحسن
أفلام عام ٢٠١١ مثل الألمانى «بينا» إخراج فيم فيندرز، والتشيكى «ألويز
نيبل» إخراج توماس لوناك، والمجرى «حصان تورين» إخراج بيللا تار، والإيرانى
«انفصال»، إخراج أصغر فارهادى، والإيطالى «الأرض الأصلية»، إخراج إيمانويل
كرياليس، والتركى «كان يا ما كان فى الأناضول». إخراج نورى يلجى سيلان، ومن
الأفلام المتميزة: البولندى «ف الظلام» إخراج أجنيسكا هولاند، والصينى
«زهور الحرب» إخراج زانج ييمو، والروسى «احترق فى الشمس - ٢» إخراج نيكيتا
ميخالكوف.
٢٠١١
عام التليفزيون بلا منافس
بقلم
سمير فريد
٣/
١/
٢٠١٢
كان التليفزيون مؤثراً منذ اختراعه، ولم يكن تأثير خطاب استقالة
عبدالناصر بعد هزيمة ١٩٦٧ بالقدر نفسه إذا تم بثه عبر الراديو فقط. ومع غزو
نظام صدام حسين فى العراق للكويت عام ١٩٩٠ بدأ عصر جديد للتليفزيون مع بث
قناة «CNN» الفضائية الإخبارية على مدار ٢٤ ساعة من دون توقف لأول مرة.
ومع ٢٠١١ بدأ عصر جديد للقنوات الفضائية الإخبارية التى تبث من دون
توقف، فلم تعد تؤثر فى الأحداث فقط، وإنما تشارك فى صنعها، وذلك من خلال
دورها فى ثورات الربيع العربى التى بدأت فى ١٧ ديسمبر ٢٠١٠ فى تونس، ووصلت
إلى اليمن ومصر وليبيا فى يناير وفبراير، ثم إلى سوريا فى ١٥ مارس، ويبرز
فى هذا الصدد دور قناة الجزيرة القطرية بشكل خاص.
صحيح أن شبكات التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت كان لها الدور الأساسى
فى الاتصال بين قيادات الثورات من الشباب وحشد المظاهرات، لكن التليفزيون
كان صاحب الدور الأساسى فى التواصل بين الثوار فى مختلف المدن والأحياء
داخل المدن، وصاحب الدور الأساسى فى نقل ما يحدث لكل العالم العربى وكل
العالم. وعندما نزلت إلى ميدان التحرير فى الأيام الأولى للثورة فى مصر
أجريت حواراً مع القناة الفرنسية الخامسة، وقلت فيه: «كل المطلوب منكم ألا
تتوقف عيون كاميراتكم لحظة واحدة عن الميدان، فوجودكم على مدار الساعة هو
الذى يحمى الثوار من الإبادة الجماعية».
وصحيح أن كاميرات الموبايل التى جعلت الكاميرا قلماً بكل معنى الكلمة،
وجعلت كل مواطن يصور فيلمه فيما أصبح يعرف بـ«أفلام المواطن» ـ هى التى
أبلغت الدنيا بما يحدث فى الشوارع، لكن من دون بث التليفزيون لهذه الأفلام
ما كان لها ذلك التأثير الكبير، وبالطبع فإن العناصر الثلاثة: «الفضائيات
والإنترنت والموبايل» من نتاج الثورة التكنولوجية والعولمة التى جعلت هذا
النتاج متاحاً لكل البشرية.
«المتظاهر.. شخصية ٢٠١١» فى العالم، كما اختارت مجلة «تايم»، ولكن
التليفزيون شخصية ٢٠١١ فى العالم العربى من دون منافس، فلم يحدث منذ اختراع
التليفزيون أن خرجت مظاهرات تهتف ضد أو مع هذه الشبكة التليفزيونية أو تلك،
ولم يحدث أن أصبح أعلى سعر للإعلان (أكثر من خمسة آلاف دولار أمريكى لكل
ثلاثين ثانية) على الفضائيات الإخبارية ـ حسب تقرير الإعلان التليفزيونى فى
العالم العربى لعام ٢٠١١. بل لم يحدث أن أصبح التليفزيون هو الوسيلة لنجاح
بعض النواب فى الانتخابات المصرية، فمن كان سينتخب عمرو حمزاوى أو عمرو
الشوبكى وغيرهما من مفكرى ومفجرى الثورة من دون ظهورهم المتكرر فى
التليفزيون؟!
سنة سينمائية «ثورية».. و«المسافر» أحسن
فيلم
بقلم
سمير فريد
٢/
١/
٢٠١٢
تم فى مصر عام ٢٠١١ عرض ٢٦ فيلماً مصرياً طويلاً جديداً و٩٤ فيلماً
أجنبياً، ووصل مجموع إيرادات الأفلام المصرية إلى نحو ١٢٠ مليوناً والأفلام
الأجنبية إلى ما يقرب من ٣٠ مليوناً، وهذا المجموع يقل بنسبة تزيد على
النصف بالنسبة للعام الذى سبقه، وذلك بسبب الاضطرابات الأمنية أثناء ثورة
٢٥ يناير وما تلاها من أحداث.
ولكن سنة ٢٠١١ فى السينما المصرية كانت سنة «ثورية»، حيث عرضت ٧ أفلام
تعبر عن اتجاهات التجديد، وهى نسبة كبيرة من ٢٦ فيلماً، وهذه الأفلام حسب
تواريخ بدء العروض هى:
- «الشوق» إخراج خالد الحجر، الذى فاز بالجائزة الكبرى فى مهرجان
القاهرة السينمائى الدولى عام ٢٠١٠.
- «ميكروفون» إخراج أحمد عبدالله السيد، الذى فاز بالجائزة الكبرى فى
مهرجان قرطاج ـ أعرق مهرجانات السينما فى العالم العربى عام ٢٠١٠.
- «حاوى» إخراج إبراهيم البطوط، الذى فاز بالجائزة الكبرى فى مهرجان
الدوحة ـ ترايبكا عام ٢٠١٠.
- «المسافر» إخراج أحمد ماهر، الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا عام
٢٠٠٩، وكان رابع فيلم مصرى يعرض فى مسابقة أعرق مهرجانات العالم.
- «كف القمر» إخراج خالد يوسف.
- «أسماء» إخراج عمرو سلامة، الذى فاز بجائزة أحسن مخرج وجائزة أحسن
ممثل (ماجد الكدوانى)، فى مسابقة آفاق جديدة فى مهرجان أبوظبى السينمائى
الدولى هذا العام.
أما الفيلم السابع، فهو أهم أحداث العام السينمائية، وهو «تحرير ٢٠١١»
إخراج تامر عزت وأيتن أمين وعمرو سلامة، الذى عرض لأول مرة خارج المسابقة
فى مهرجان فينسيا ٢٠١١، وموضوعه ثورة ٢٥ يناير من خلال رؤية ثلاثة مخرجين
شباب شاركوا فى الثورة، وعرضه الحدث الأهم لأنه أول فيلم مصرى تسجيلى طويل
لمخرجين مصريين، يعرض عرضاً عاماً للجمهور. وكان من المفترض أن يكون الفيلم
الثامن «١٨ يوماً»، الذى عبر عن الثورة روائياً من خلال عشرة مخرجين شاركوا
فيها أيضاً، وعرض لأول مرة خارج المسابقة فى مهرجان «كان» ٢٠١١، لكن
الرقابة أرادت الحذف منه فرفض صناعه، وبالتالى لم يعرض حتى الآن مع الأسف
الشديد.
كل فيلم من هذه الأفلام أصبح من علامات السينما المصرية التى دخلت
تاريخها، والجوائز فى تقديرى هى:
■
أحسن فيلم «المسافر».
■
«أحسن مخرج أحمد ماهر عن «المسافر».
■
أحسن ممثل عمر الشريف عن دوره فى «المسافر».
■
أحسن ممثلة هند صبرى عن دورها فى «أسماء».
■
أحسن سيناريو ناصر عبدالرحمن عن «كف القمر».
■
أحسن ديكور أنسى أبوسيف عن «المسافر».
■
أحسن موسيقى فتحى سلامة عن «المسافر».
samirmfarid@hotmail.com
المصري اليوم في
02/01/2012 |