الحديث عن فيلم «معجزة كبيرة» يجعلنا نتوقف امام اسم النجمة الشابة
دورباريمور، الذي بدأت مشوارها الفني، في مرحلة مبكرة من حياتها، حينما
كانت في الرابعة من عمرها، وفي فيلم «اي. تي» تحقق النجومية، وفي الحين
ذاته الكارثة الكبرى التي مرت بها، حينما عاشت اياماً قاسية من الادمان
والفوضى والخلل، جعلها لاحقاً تصدر كتاباً تتعرف به باشياء اخرى كثيرة،
واجهتها خلال تلك المرحلة من الزمان، تبدو تلك الصبية الجميلة، اكثر نضجاً،
واكد عمقاً في اختياراتها الفنية.
وهي في فيلم «معجزة كبيرة» تذهب بعيداً، الى دور وشخصية ذات بعد،
وقيمة اجتماعية عالية المستوى، تتجاوز من خلالها جملة النتاجات التي قدمها
سابقاً.
ودعونا نشاهد الفيلم، الذي اخرجه للسينما كين كوابس والذي ظل يتنقل
بين عالم السينما والتلفزيون، وفي رصيده كم من الاعمال السينمائية، وقد
تعاون كثيراً مع دروباريمور في عدد من التجارب السينمائية السابقة.
في فيلم «معجزة كبيرة» يتم الاستناد الى قصة حقيقية لمراسل صحافي
وايضاً في بلدة صغيرة، يرصد حكاية كم من المتطوعين، وايضاً تدخل الدول
العظمى، بالذات الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ابان الحرب الباردة،
من اجل انقاذ عائلة من الحيتان الرمادية، التي حوصرت في المنطقة القطبية
لتشكل الجليد بسرعة، ما عطلها عن العودة الى المحيطات المفتوحة.
عندها يبدأ المراسل ادم كارلسون «يقوم بالدور جون كارنيسكي» بتحفيز
قدراته من اجل بث المزيد من الاخبار عن تلك الحيتان المحجوزة، والتي ستنتهي
حياتها، في ظل تزايد رقعة الجليد الذي راح نتشر بسرعة.. وتشاركه في المهمة
راشيل كريمر «دورباريمور» التي تجسد دور عالمة متخصصة في مجالات البيئة،
ويفلح ذلك التعاون المشترك بين «ادم- وراشيل» لعودة العلاقة وبينهما وايضا
استقطاب الاهتمام من جميع وسائل الاعلام على مستوى الولايات المتحدة
والعالم، حيث يتم تشكيل تحالف يضم جميع الشركات والجيشين الاميركي،
والروسي، من اجل العمل على فتح الطريق امام تلك العائلة من الحيتان، لتعود
الى المحيط، قبل ان تلقى حتفها، عبر مغامرة سينمائية مشبعة بالاحاسيس،
والاجواء التي تحفز الوعي والعقل للدفاع عن الحيوان.. والبيئة.
سينما اجتماعية من نوع مختلف.. يسعد الجميع.. ويفرح الجميع، ضمن
معالجة سينمائية، تصلح الجميع افراد والاسرة حيث تتحول مبادرات ذلك
المراسيل.. وصديقته الى مهمة انسانية شذية بالتحدي، حيث ذلك الاهتمام، يؤدي
الى توحد العالم، متجاوزاً حتى حروبه الباردة، والساخنة، من اجل انقاذ
حيتان نادرة.. في طريقها الى الانقراض.
سينما من نوع مختلف.. تجعلنا نذهب بفكرنا.. واحاسيسنا الى عالم اخر..
حيث التعاطف والتفاعل مع تلك الحيتان التي يهددها البرد.. والثلج.. ولا تجد
من ينقذها الا صحافي شاب.. وصديقته.. التي تلتحق به من اجل القيام بأكبر
حملة، يتفاعل معها الجميع.. حيث التعاون يقود الى انقاذ تلك الحيتان.
تعاون على كتابة السيناريو كل من جاك اميل ومايكل بيغلر.. وهذه
المجموعة من المخرج كين كوابيس، لطالما تعاونا سوياً، ولكنهم في هذه المرة
يذهب الى حيث القطب السينمائي.. حيث لا شيء سوى الجليد.. ومن هناك تبدأ
المغامرة.
وفي الفيلم، تعود الصبية دروباريمور، اكثر نضجاً واكثر عمقاً، في
استيعاب الشخصية وتقديمها، محتملة صعوبتها وايضاً صعوبة الاجواء التي
صورتها، حيث صورت المشاهد في احدى القرى الصغيرة في الاسكا وسط درجات حرارة
تتحرك بين الصفر وناقص عشر درجات طيلة فترة التصوير.
الفيلم من انتاج ستديوهات يونيفرسال، بالتعاون مع النجمة دروباريمور،
التي اشرفت على الانتاج، شأنها شأن النسبة الاكبر من تجاربها بها السابقة
ومنها فيلم ملائكة شارلي.
في فيلم «معجزة كبيرة» كم من المفردات الجمالية العالمية في مقدمتها
الاداء الجميل لدورباريمور، وايضاً الموسيقى التصويرية الجميلة التي كتبها
كليف البرلمان.. وايضاً البساطة المتناهية في تطور الاحداث والشخصيات عبر
انسيابية سينمائية تذهب الى عقولنا وقلوبنا في الحين ذاته.
ويبقى ان نقول..
رائع ان ينضج النجوم الشباب.. عندها تذهب افلامهم الى نقاط ومحطات
اكثر عمقاً.. وقيمة.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
20/01/2012
الفيلم الأميركي «المجهول» أثار القضية مرة أخرى
الجدل يتجدد حول اتهام «شكسبير» بسرقة روائعه المسرحية
القاهرة - أحمد الجندي
لا يوجد ربما في العالم كله شخص مهتم بالأدب والمسرح لا يعرف الشاعر
والكاتب المسرحي البريطاني الشهير «ويليام شكسبير»، الذي يعد واحداً من أهم
وأبرز المبدعين في تاريخ الأدب والمسرح العالمي، فهو بالإضافة إلى كونه
شاعراً فذاً تعد أعماله المسرحية مثل «هاملت» و«ماكبث» و«الملك لير» و«عطيل»
و«تاجر البندقية» وغيرها من الروائع، من تراث وكلاسيكيات المسرح العالمي
وطبعت ونشرت في كل أرجاء الدنيا وقدمت على مر العصور ومازالت تقدم برؤى
مختلفة على كل مسارح الدنيا شرقاً وغرباً، بل إن هذه الروائع كانت ملهمة
لصناع السينما، وكثيرة هي الأفلام السينمائية المأخوذة عن مسرحيات هذه
المبدع الكبير.
لكن ورغم هذه المكانة ورغم مضي ما يزيد على 400 عام على وفاة شكسبير
عاد السؤال يطرح نفسه: هل كان الكاتب البريطاني الشهير سارقاً لأعماله
وإبداعاته ومدعياً أنه من قام بتأليفها وكتابتها، أم أنه هو صاحبها الفعلي
وأن كل الأقاويل مجرد افتراءات تهدف إلى التقليل من شأنه؟!
أسئلة أعاد طرحها من جديد في الفترة الأخيرة فيلم «المجهول» للمخرج
الأميركي الألماني الأصل «رولاند أميريتش» الذي عرض مؤخراً في أكثر من
مهرجان سينمائي عالمي وأثار ضجة كبرى وهائلة ومنها مهرجان تورنتو بكندا في
سبتمبر من العام الماضي ومهرجان لندن في أكتوبر الماضي أيضاً، فيلم
«المجهول» وهو إنتاج أميركي وجرى تصويره في برلين بألمانيا يتهم شكسبير
وبشكل مباشر وصريح بأنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة وأن كل أعماله كانت
من تأليف «أديب وكاتب هو «إدوارد دي فيري» الذي كان معروفاً باسم «أيرل
أوكسفورد» والذي كان ينتمي لطبقة النبلاء وأنه لم يستطع أن يضع اسمه على
هذه المؤلفات بسبب انتماءاته الطبقية والتي ترفض أن يقترن اسم أحد أبنائها
أو المنتمين إليها بهذه الصورة التي كانت مرفوضة بالنسبة لهذه الطبقة ومن
هنا خرجت هذه الأعمال مقترنة باسم ويليام شكسبير الذي كان مساعداً
لأوكسفورد، وهذا يؤكد أن شكسبير لم يكن الكاتب الحقيقي لأعماله.
وقد أثار الفيلم الذي تعرض له الزميل الناقد عبد الستار ناجي في تحليل
رائع وبديع على صفحات «النهار» منذ أسابيع قليلة حالة من الغضب الشديد داخل
الأوساط الأدبية والثقافية في بريطانيا ووصل الأمر بسكان بلده «ستراتفورد
أبون أفون» مسقط رأس «شكسبير» إلى تحطيم الدعاية الخاصة بالفيلم واتهموه
بأنه يدعو لأفكار وصفوها بـ «نظرية المؤامرة على ويليام شكسبير».
الفيلم تقرر أن يعرض جماهيرياً في مصر خلال النصف الثاني من شهر مارس
المقبل وهو ما دفعنا لاستطلاع رأي عدد من المسرحيين حول هذه الإشكالية وهذا
الجدل وقد أجمعوا على أن هذا الجدل حسم منذ فترة زمنية كبيرة لصالح
«شكسبير» وأن المشككين في كتابته لمسرحياته ما هم إلا حاقدون عليه راغبون
في تحقيق شهرة على حسابه.
الكاتب الناقد الكبير د. محمد عناني أستاذ اللغة والترجمة الذي تخصص
في ترجمة معظم أعمال شكسبير أبدى استياءه بشدة من إثارة مثل هذه القضية من
جديد في هذا الفيلم بعد أن تم حسمها منذ فترة عندما أثيرت لصالح شكسبير
وأقر الجميع وقتها بأن ما أثير مجرد افتراءات.
واعتبر د. عناني أن المخرج الأميركي وصناع هذا الفيلم أرادوا فقط
تحقيق «الشو الإعلامي» حول فيلمهم لأن تلك المسألة قد انتهت منذ سنين،
وأضاف: قام فريق من الأدباء والخبراء بتحليل الأسلوب الذي كتبت به أعمال
شكسبير ومقارنته بأسلوب كل من «فرانسيس بيكون» و«أيرل أوف أوكسفور» اللذين
يعتقد أن شكسبير سرق أعماله منهما وكانت نتيجة ذلك التحليل أن أسلوب ولغة
وطريقة كتابة شكسبير تختلف تماماً عن كليهما.
وبرهن د. عناني على أن شكسبير هو صاحب كتاباته وأن كل ما يقال غير ذلك
مجرد ادعاءات وافتراءات، بموقف شكسبير نفسه عندما أقر بأنه كتب بعض نصوصه
بالاشتراك مع غيره من المؤلفين وذلك يدل على مدى صراحته مع نفسه ومع
المجتمع بشكل عام.
وأرجعت د. هدى وصفي مدير مسرح الهناجر للفنون أسباب إثارة هذا الجدل
مرة ثانية حول شكسبير إلى الغيرة التي قد تصيب بعض كُتاب المسرح في العصور
المختلفة، حتى أنهم دائماً ما يرددون أن «أعمال شكسبير والإنجيل أكثر الكتب
قراءة في أوروبا».
وأضافت وصفي: لا امتلك الحجة أو البرهان الذي يؤكد أن شكسبير لم يكتب
تلك المسرحيات، ونحن في واقع الأمر نحتاج إلى دليل يؤكد تلك المزاعم
والأقاويل أو ينفيها، أما إذا كان فيلم المخرج «رولاند أميريتش» قد أحدث
ضجيجاً لهذه الدرجة فمن المؤكد أنه أتى ببرهان ما يؤكد به صحة المعلومات
التي ينادي ويروج لها الفيلم وأن تكون هذه المعلومات التي يروج لها موثقة
بشكل كامل وإلا سيكون الأمر مجرد أقاويل وافتراءات لا ترقى لمستوى الحقيقة
الكاملة والمطلقة.
ويقول المخرج المسرحي الكبير سمير العصفوري: إثارة هذا الجدل مجدداً
حول قامة كبيرة مثل شكسبير ما هي إلا «لعبة أميركية شيقة» وهذا الفيلم هو
جزء كبير من هذه اللعبة، خصوصاً أنه إنتاج أميركي، وإذا كان العالم يحب
الإثارة والفرقعة فمن المؤكد أن مثل تلك الفكرة ستأخذ حظها من الانتشار
وأياً كانت الحال فإننا نهتم دائماً في المقام الأول بالأعمال ذاتها أكثر
من اهتمامنا بمن كتبها.
العصفوري رفض اتهام اليهود بالمسؤولية عن تلك الادعاءات، وقال: إن
معظم أبطال مسرحيات شكسبير كانوا بلا ديانة مثل «الملك لير» كما أن شكسبير
حسم موقفه من اليهود في أعماله بالعداء مثل «يهودي مالطا» و«تاجر البندقية»
على سبيل المثال.
وتابع العصفوري: ربما يكون تسلسل حياة «شكسبير» التاريخي الذي أقره
أدباء بريطانيون في مؤلفاتهم عن حياته يثبت أنه صاحب تلك الروايات أو
المسرحيات العالمية، وفي رأيي ليس عيباً أن يستوحي كتاباته من الأحداث
والأساطير والخرافات التي انتشرت في عهده لأن ذلك شأن الأدباء والشعراء
كلهم بلا استثناء، ولأن الأدب ليس اختراعاً شخصياً وإنما هو إفراز لعدة
مواقف حقيقية أو خيالية.
النهار الكويتية في
20/01/2012
«بيروت» الليلة على
arte...
رغماً عن الرقيب
روي ديب
«عندي معلومات مهمة بدي بيعها للسفارة (الفرنسية)، معلومات عن مقتل
الحريري. بعرف واحد بيعرف الكاميكاز يلي فجّر الميتسوبيتشي». لا مشكلة في
هذه الجملة، وخصوصاً إذا جاءت على لسان ممثل في فيلم سينمائي. الجميع يعلم
أنّ هذه العبارة جزء من السيناريو، ولن يطالب أحد الممثل بـ«الحقيقة» إذا
صادفه ماشياً في الشارع. لكن يبدو أن المشكلة كانت في اسم الشخصية التي
تفوّهت بهذا الكلام. اختارت المخرجة دانيال عربيد إعطاء اسم عباس للممثل
صاحب هذه العبارة في فيلمها «بيروت بالليل». هذا الأمر أثار على ما يبدو
حفيظة الرقابة الساهرة على أمن المواطن ودرء الفتنة؛ إذ إنّ للأسماء في
لبنان دلالاتها، وسيميولوجياتها، وأبعادها الطائفية، والمناطقية، أو كما
يحلو للرقيب توصيفها بـ«المثيرة للحساسية». وهنا لا بدّ من استذكار «حكمة»
الكاتب التلفزيوني شكري أنيس فاخوري الذي اعتمد في كل مسلسلاته «العواصفية»
أسماء محايدة مثل فادي، ورامي، وسامي، وشادي... منعاً للالتباس.
إذاً تخوّف الرقيب من أن يستنتج مشاهدو الفيلم أن أبناء الطائفة
الشيعية متّهمون باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، فطلب من عربيد
ومن المنتجة المنفذة للفيلم سابين صيداوي حذف هذه الجملة ومثيلتها المترجمة
إلى اللغة الفرنسية في مشهد لاحق. كذلك طالب بتصنيف الفيلم للكبار فقط (18
سنة وما فوق)، بسبب بعض المشاهد الجنسية. وفي ردٍّ جريء، رفضت عربيد
وصيداوي التي تتابع الملف يوميّاً، القبول بقرار الرقيب. والأسوأ أنّ هذا
الأخير ذكر أنّ النسخة النهائية من الفيلم لا تتطابق مع السيناريو المقدّم
منذ أكثر من سنة للحصول على إذن التصوير. هكذا لم يكتفِ جهاز الرقابة بطلب
حذف المشاهد من الفيلم، بل وضع حدوداً تمنع المخرجة من الخلق والإبداع خلال
فترة التصوير. لا بل يطالبها بأن تتحول إلى آلة تتقيد بالالتزام الحرفيّ
للنص المطبوع على الورق، والمقدم للأمن العام اللبنانيّ.
وفوراً، طعن فريق الفيلم بقرار الرقابة بالتعاون مع المحامي نزار
صاغية الذي كان قد عمل سابقاً على دراسة مفصلة عن قانون الرقابة المسبقة
على الأعمال الفنيّة. وفي المرحلة الأولى من السعي إلى إبطال قرار الرقابة،
تقدّم منتجو الفيلم، ومخرجته دانيال عربيد قبل أكثر من أسبوعَين بمذكرة ربط
نزاع إلى أمانة مجلس الوزراء. وهذا الإجراء هو خطوة أولى نحو رفع دعوى
قضائية أمام مجلس شورى الدولة، إن لم يوافق مجلس الوزراء على الطلب.
يستند صاغية في دعواه أساساً إلى التشكيك في قانونيّة الرقابة المسبقة
على الأعمال الفنيّة من خلال ما يعرف بإذن التصوير الذي بدأ تطبيقه في
لبنان في سبعينيات القرن الماضي. وجاء ذلك بعد حادثة مسرحية «مجدلون»
(1969). يومها ربح المسرحي روجيه عساف دعواه ضد الدولة التي منعت عرض العمل
يومذاك، فهل يسجّل فيلم «بيروت بالليل» بدوره سابقة قانونية في عام 2012،
قاطعاً بالتالي شوطاً كبيراً في معركة منع الرقابة المسبّقة على الأعمال
الفنيّة في لبنان؟ يبقى علينا الانتظار لمتابعة حيثيات الدعوى ونتائجها.
لكن في انتظار نتيجة هذه المعركة القانونية، يمكن المشاهدين متابعة
فيلم «بيروت بالليل» الليلة (21:35) على قناة
arte. المحطة الفرنسية ـــــ الألمانية شريك في إنتاج العمل، كانت قد
حدّدت موعد العرض وفقاً للتاريخ المفترض لطرح العمل في الصالات اللبنانية؛
إذ كان محدداً أن يكون يوم أمس موعد عرض الشريط في لبنان. هكذا، في وقت منع
الرقيب عرض العمل على الشاشة الكبيرة، ها هي قناة
arte تدخله إلى كل البيوت اللبنانية ليشاهدوه الليلة على شاشاتهم الصغيرة.
وبالعودة إلى مضمون «بيروت بالليل» ـــــ ثالث أفلام عربيد الطويلة
ـــــ فهو فيلم عن البارانويا التي تسيطر على أجواء بيروت. إنه عمل عن
المدينة في ليلها ونهارها، في حاناتها ومقاهيها، في الحب والموت. قصة حب
تنشأ على غفلة بين زها (دارين حمزة) المغنيّة اللبنانيّة في أحد فنادق
المدينة، والمحامي الفرنسيّ ماثيو (شارل برلينغ) الذي ينفّذ مهمة تابعة
لشركة اتصالات فرنسية بين بيروت والشام. وهناك طبعاً عبّاس (فادي أبي سمرا)
المحامي والصديق القديم لماثيو الذي يبحث عن تأشيرة أوروبية تخرجه من
لبنان، عبر بيع معلومات يملكها عن مقتل الحريري، أو ربما كان يدّعي
امتلاكها! بين أجواء السهر والغناء، والخوف من الاستخبارات الموزعة في
البلد، وقصة حب عاصفة، وأجساد متعطشة للعشق، والأسرار، والجرائم،
والصفقات... تغوص عربيد في ليل بيروت لتقدم لنا فيلمها الجديد، على أمل أن
نراه يوماً على الشاشة الكبيرة.
الليلة 21:35 على
arte
فتّش عن الـ
Sex
رغم فرض رقابة على عرضه في لبنان، شارك فيلم «بيروت بالليل» في عدد من
المهرجانات العربية والدولية، بينها «مهرجان دبي السينمائي الدولي» الشهر
الماضي. يومها قالت مخرجة الشريط دانيال عربيد إنها لن تقصّ مليمتراً
واحداً من العمل. لكن المخرجة اللبنانية ليست وحدها من طاولته ارتدادات هذا
الشريط. بطلته أيضاً واجهت حملة بسبب بعض المشاهد الجنسية التي تخللها
الفيلم. ورغم أن حمزة أوضحت أنّ ممثلة فرنسية بديلة أدّت هذه اللقطات، إلا
أن ذلك لم يخفّف من حدّة الهجوم عليها، حتى قيل إنها ستستبعد عن الجزء
الثاني من مسلسل «الغالبون» لهذا السبب.
الأخبار اللبنانية في
20/01/2012
«تحت
عصبة العينين»:
شهادات ضحايا
التعذيب
جنان جمعاوي
ممرض من ليبيريا،
وممثل من كولومبيا، وجندي أميركي سابق، وطبيبة من غواتيمالا.. هم مختلفون
حد
التنافر، ولكنهم متشابهون حد الالتصاق. تجمعهم تجربة مرعبة. جميعهم عصبت
أعينهم..
وكانوا ضحايا تعذيب. وجميعهم يروون حكايتهم
في الفيلم الوثائقي «بينيث ذا بلايند
فولد»، أو «تحت عصبة العينين».
الفيلم، الذي عرض أول أمس في شيكاغو (مدته 80
دقيقة)، وهو من إخراج اينس سومر وكاثي بيرغر، يعطي لهؤلاء،
وعبرهم إلى 500 ألف شخص
نجوا من التعذيب ممن يعيشون في الولايات المتحدة، الفرصة ليحكوا حكايتهم،
علّهم
يدفنونها.
في دردشة مع طلاب من جامعة «نورث ويست» الأميركية، قالت سومر إن
فيلمها يروي قصص أربعة ناجين من التعذيب، يناضلون يومياً لتجاوز التداعيات
المؤلمة،
على مستوى الذاكرة والنفس، للرعب الذي عاشوه عندما كانت
«أعينهم معصوبة»، مشيرة في
الوقت ذاته، إلى أن الفيلم يحمل رسالة أمل وإلهام، «في كل مرة نشاهد فيها
هؤلاء
الشجعان وهم يتقدّمون في حياتهم، رغم صعوبتها، وهم يحاولون معالجة أنفسهم
وإسماع
صوتهم».
استوحت سومر وبيرغر قصة الفيلم، الذي استغرق إنتاجه ست سنوات، من
المشاهد المروعة التي شاهدناها عند الكشف عن فضيحة سجن أبو غريب، في
العراق. حينها
لم تستضف الشاشات سوى القيادات العسكرية والسياسية، إما
للاستنكار أو لتهدئة
الخواطر بمنح الوعود بإجراء التحقيقات ومحاسبة المسؤولين. من الضحايا لم
نسمع سوى
الأنين، أنين الجسد والروح المكسورة. لم يكترث أحد لمعرفة ماذا حلّ بهم،
الآن بعدما
بات العراق «ديموقراطية» على الطراز الأميركي!!
لم تكن المخرجتان تملكان ما
يكفي من الموارد للسفر إلى العراق، لإنتاج فيلم عن ضحايا أبو
غريب. عندها قررتا
البحث عن ضحايا نجوا من التعذيب، في الولايات المتحدة. هؤلاء كثر ويبلغ
عددهم نحو
نصف مليون شخص. لمَ لا، طالما أن ضحية الجلاد واحد؟
أصعب المهمات لدى إنتاج
الفيلم كان «بناء الثقة» بين الضحايا والمخرجتين، كما قالت
سومر. أبطال فيلمها «لا
يثقون بأحد في العالم»، وإنتاج فيلم وثائقي عنهم، يحتاج للكثير من الثقة،
خاصة أن
الفيلم لا يقف عند كونهم ضحايا، بل يتتبع تفاصيل حيواتهم، بعدما نزعوا عن
أعينهم
«العصبة».
الآن، وقد بنيت جسور الثقة بين الجانبين، كان لا بد من حقن الضحايا
ببعض الشجاعة للوقوف أمام الكاميرا. وقالت سومر إن أبطال الفيلم «كانوا
يخشون من
عواقب وخيمة قد تلحق بأُسَرَهم أو أصدقائهم في بلدانهم»، ناهيك
عن الخشية من «افتضاح
أمرهم» أمام زملائهم الأميركيين. كيف لا، وكان استطلاع لمعهد «بيو» نشر في 2007،
أظهر أن 43 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن «التعذيب مبرر للحصول على
معلومات».
في «تحت عصبة العينين» يروي هكتور اريزيتزابال، الذي تعرض للتعذيب على
أيدي الشرطة الكولومبية لأن شقيقه كان ماركسياً، كيف راودته الكوابيس سنوات
طويلة،
وكيف «كنتُ أتخيّل نفسي وأنا أمارس على جلادي أنواعاً من
التعذيب لا يمكن أن
يتخيّلها العقل»، قبل أن يتمكن، في نهاية المطاف من العودة والعمل.
أما بلاما
ماساكوا فأجبر على حمل السلاح وهو صغير في ليبيريا، قبل أن يأسره المتمردون
الذين
أجبروه على تجرع مسحوق للغسيل، ما أضرّ بحنجرته. هو اليوم يتلقى دروساً في
التمريض
لأنه «يريد أن يساعد الآخرين، تماما مثلما ساعده الكثيرون في
تجاوز تجربته».
من
جهته، كان الأميركي دونالد فانس يعمل متعاقدا في العراق في العام 2006.
هناك رأى
بأم عينيه كيف تتم الرشى، كان شاهداً على فصول من الفساد وإساءة استخدام
السلاح،
قبل أن «يرميه» الجيش الأميركي في منشأة تقع في «أرض المقاتلين الأعداء»،
حيث تعرض
للتعذيب طوال ثلاثة أشهر. هو اليوم يقاضي وزير الدفاع السابق
دونالد رامسفيلد
لانتهاكه حقوقه الدستورية.
بطل آخر في الفيلم يدعى ماريو فينيـغاس، قال انه
عندما شاهد صور أبو غريب، تذكّر على الفور تجاربه الخاصة في تشيلي قبل 30
عاماً.
هنا، أوضحت مجلة «ذا اتلانتيك» الأميركية أن «العديد من تقنيات
التعذيب
مرتبطة بوكالة الاستخبارات المركزية، التي مررتها بدورها إلى أجهزة
الاستخبارات في
أميركا الجنوبية، عـبر مركز أمـيركي غير معروف للتدريب على مكافحة التمرد
في فورت
بينينغ».
أما ماتيلد دو لاسييرا فكانت طبيبة تقدم الخدمات للسكان الأصليين في
غواتيمالا. راق للجيش حينها أن يستولي على الأرض حيث يقع مركز عملها. هددها
كما هدد
بقية الطاقم الطبي هناك.. قبل أن تتعرض للتعذيب.. والإغتصاب.
في أحد مشاهد
الفيلم، تظهر ماتيلد وهي تشارك في تظاهرة ضد الحرب على العراق، تبكي وتصرخ
«سأستجديكم
كما استجديت جلادي.. كفى أرجوك»!
السفير اللبنانية في
20/01/2012 |