في دورته الثامنة التي امتدت للفترة من7 وحتي 14 ديسمبر الماضي وضمن
عروض مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية الطويلة بمهرجان دبي السينمائي
عرض الفيلم المصري"مولود في 25 يناير"للمخرج احمد رشوان وذلك في عرضه
العالمي الاول بعد حصوله علي منحة إنجاز التي يقدمها المهرجان مساهمة منه
في تمويل 15 مشروعا سينمائيا كل عام بمنح مالية تصل إلي 100 ألف دولار لكل
فيلم. تجربة توثيقية السؤال الذي يتبادر للذهن عند مشاهدة الفيلم هو ما
الجديد الذي حاول أن يقدمه رشوان في تجربته التوثيقية عن الثورة؟ حيث ظهرت
تلك الأزمة الإبداعية التي جعلت اغلب الأفلام التي تصنع عن ثورة يناير
تتشابك وتتداخل في ذهن المتلقي نتيجة انفعال صناع الأفلام بنفس اللحظات
وتقريبا بنفس التواتر وبنفس الشعور. حتي الآن ليس ثمة فيلم واحد تجاوز فكرة
الحديث عن وقائع الـ 18 يوما المعروفة إلي ما بعد ذلك سوي فيلم مولود في
يناير ربما لأن رشوان نفسه قام بتصوير الفيلم بعد شهور من الثورة مما مكنه
من تجاوز النهاية التقليدية التي تنتهي بها أغلب الأفلام الوثائقية عن
الثورة والتي عادة ما تنتهي بيوم التنحي. صحيح أن رشوان خلال بنائه لفيلمه
اراد أن يجعله ايهاميا بكونه تم تصويره في نفس وقت الاحداث لكن كان من
الواضح جدا أنه باستثناء مشاهد الميدان واللقطات المأخوذة من ارشيف الثورة
الألكتروني ومشاهد المرور علي اللجان الشعبية فإن أغلب مشاهد الفيلم الأخري
هي إعادة بناء للواقع الزمني الذي كان يعيشه المخرج وقتها ولم يقم بتصويره،
خاصة مشاهده في شقته ومنزل أولاده. إيقاع الفيلم من المعروف أن إعادة بناء
بعض الأحداث بطريقة تمثيلية هو عنصر مشروع في الأفلام الوثائقية منذ فيلم "نانوك"
للمخرج فيرهارتي ولكن مشكلة إعادة تجسيد بعض الأحداث في فيلم رشوان أنها
أولا أثقلت إيقاع الفيلم بتفاصيل تمثيلية كان من الممكن اختصارها بالتعليق
الصوتي مثل عملية تفريغ ذاكرة الكاميرا أو طباعة أوراق للنزول بها إلي
التحرير ثانيا أفقدت تلك المشاهد الممثلة من قبل المخرج الجو التوثيقي
الكثير من مصداقيته خاصة مع اصرار السيناريو علي أن يكون حاضرا وليس
استعاديا. اعتمد رشوان علي فكرة أن يمرر للمتفرج أنه كان يقوم بتصوير
الفيلم فعليا أثناء الثورة وليس تجميعه عقب نهايتها وإعادة مونتاج المادة
المتوفرة له وهي مادة كبيرة بالمناسبة ولا شك احتاجت لجهد مونتاجي من
المونتيرة نادية حسن بل وخبرة في التعامل مع مثل هذه المواد المتناثرة التي
لم يكن يحكمها وقت تصويرها سياق خاص بل مجرد تسجيل اللحظة انفعاليا. لا
يوجد ما يدين مخرجا تسجيليا يريد أن يصنع بعض الإيهام الدرامي لمتفرجه لكن
ثمة فرق في تسجيل اللحظة بانفعالها وبين استعادتها تمثيليا خاصة أن كثيرا
من تلك اللحظات قد استهلكت بصريا وإعلاميا علي مستوي العالم وبقي فقط
الزاوية الجديدة التي يمكن أن ينظر لها صانع كل فيلم إذ ما توافرت إليه.
فكرة الاعتراف وقد توافرت لأحمد زاوية لا بأس بها وهي فكرة الاعتراف من
كونه شخصا لم يكن منتميا ولم يكن مصدقا بالفعل لما يمكن أن تحققه الثورة
إلي مواطن ومخرج ينزل يوميا إلي الميدان ليشارك ويسجل وينفعل. إن فكرة
الولادة هنا تتحقق معنويا من خلال التعليق الصوتي في بداية الفيلم حول لا
جدوي المظاهرات وعدمية مقاومة حكومة أمن الدولة ولكن عندما بدأت بشائر
الفجر الجديد تلوح اصبح هناك فرصة حقيقية لمواجهة الذات وتغيير الموقف,
ويكتمل هذا المعني من خلال واحدة من اللقطات القليلة التي لا يظهر بها
المخرج عندما يصور ذلك الشاب الذي كان لا منتميا ومصدقا لأكاذيب الإعلام
الرسمي ثم ذهب للتحرير لاكتشاف حقيقة الميدان، فما كان منه إلا أن رفع
لافتة يعتذر فيها لأهل الميدان عن سوء فهمه وانسياقه كواحد من القطيع
المدجن الذي افرزه نظام مبارك خلال ثلاثين عاما. هذه اللحظات تحديدا هي
التي تبلور قوة الفكرة وتمنحها عمقا حقيقيا ولكن الأزمة أن تلك اللحظات
تأتي شحيحة جدا وسط عشرات اللقطات ومئات الجمل التي نشاهدها ونسمعها علي
لسان المخرج. هناك حالة تضخم ذاتي للمخرج تنعكس بالسلب علي موضوعية الفكرة
وقوتها ومن حق كل مخرج أن يظهر في فيلمه من الألف للياء لكن من حق الجمهور
هو الآخر أن يعلن عن رغبته في الشعور بالمخرج وراء الكاميرا وخلف السياق
وليس امامها بشكل احتفالي وإجباري طوال الوقت. المعنوي والوجداني إن الظهور
المكثف وغير الممنطق تسجيليا أو دراميا للمخرج في الفيلم سواء من خلال
لقطاته في الميدان أو تمثيله لمشاهد خارج الميدان في بيته ومنزل أولاده وفي
سيارته جعل الفيلم تدريجيا كأنه عن الشخص وليس عن الحدث وكأن الشخص وتحوله
المعنوي والوجداني والفكري أهم من الحدث الذي كان له الفضل في هذا التحول!
المشكلة أن هذا الظهور صاحبته مجموعة تعليقات واراء للمخرج بدت في كثير من
الأحيان سطحية وعابرة لا تتسم بالعمق بقدر ما تبدو كمحاولة للتنظير السياسي
وتبتعد عن المنطق الذي تفرضه فكرة الفيلم وهو عملية التحول والولادة
المعنوية لبلد وجيل جديد فكما أصر المخرج علي الظهور اصر علي أن يعلق علي
كل تفصيلة وحدث حتي لو كانت الصورة تشرحه ولا تحتاج إلي أي شرح او تعليق
خانق يحد من افق التعبير البصري المفتوح. يحسب للفيلم هذا الامتداد الزمني
الذي تحدثنا عنه فيما يخص تجاوز احداثه لما بعد 11 فبراير واستمرارها
باتجاه الشهور التي تلت الثورة والمليونيات التي اختلف عليها وصعود التيار
الإسلامي وبداية توتر العلاقة ما بين الميدان والجيش. أما مشاهد النهاية
التي جاءت عبارة عن صور لأطفال ولدوا يوم 25 يناير وما بعده فبدت متكلفة
جدا وثقيلة الوطأة علي معنوية الفكرة وخفتها الوجدانية فقد أراد المخرج أن
يؤكد معني الولادة المعنوي بمعني مادي ولكنه هبط بتلك الصور من افق التأويل
المفتوح لفكرة الولادة المعنوية إلي زاوية الأجيال الجديدة التي ولدت بعد
يناير- والتي أصبحت تواجه مصيرا مجهولا للأسف بعد أن تأزمت الأمور في
الفترة الأخيرة- وكان المخرج يظن حين قدمها أنه يعلن عن ولادة جيل جديد
ينتظره مستقبل افضل وفي الحقيقة فإن الجيل الجديد هو الجيل الذي صنع وعاش
يناير وليس الذي ولد في يناير2011 فهذا جيل آخر ربما تصبح لديه ثورة اخري
في زمنه المقبل.
جريدة القاهرة في
17/01/2012
«واحد
صحيح»... حديث عن الاقتباس
بقلم : ماجدة خيرالله
أحرص علي متابعة ما يكتبه الزملاء"النقاد"عن الافلام السينمائية، او
القضايا الفنية في الداخل والخارج، وأجد أن شروط المهنية تفرض عليك تلك
المتابعة، فلايمكن أن تكتب في معزل عن الجميع، وتضع نفسك في شرنقة، لا
تتواصل فيها مع أحد سواك، وتصيبني الدهشة من بعض الزملاء الذين يجاهرون
بأنهم لا يحرصون علي قراءة ما يكتبه الآخرون لضيق أوقاتهم ، أو انشغالهم
بما هو أكثر أهمية!!وعلي كل حال هؤلاء يصعب مناقشتهم أو اللوم عليهم،
الموضوعية المفقودة كنت قد قررت ألا أعارض أحد فيما يكتبه، وكل مسئول عن
رأيه أمام قرائه، ولكني أجد أحياناً نوعاً من الغبن والتجني علي عمل ما،
وأجد أن من باب الموضوعية عدم ترك الامور تجري علي هذا النحو، قد يكون كل
كاتب مسئول عن رأيه، ولكني سوف اسمح لنفسي بمناقشة كيف يري بعض النقاد
الافلام ، فقراءة فيلم ما، يحتاج إلي أكثر من مشاهدة الفيلم، إلي متابعة
السينما والقدرة علي التحليل، والغوص تحت السطح وعدم الاكتفاء بما هو واضح
لكل عين! والذي استفزني لهذا القول ما قرأته في احدي الجرائد اليومية،
مرتفعة التوزيع، حيث كتب احد النقاد "الجدد" في تحليله عن فيلم واحد صحيح،
أنه منقول حرفيا من الفيلم الامريكي"تسعة أوNINE
الذي لعب بطولته دانييل داي لويس مع كل من ماريون كوتيلار، وبينلوب كروز،
ونيكول كيدمان وصوفيا لورين، والفيلم نفسه مقتبس عن الفيلم الايطالي 8 ونص
للمخرج فريدريكوفلليني، والعدد هنا لاعلاقة له بالنساء اللائي تعلق بهن بطل
الفيلم في كل من الفيلمين! وحتي يؤكد الناقد "المستجد" وجهة نظرة في تشابه
واحد صحيح مع فيلم "تسعة"، ضرب مثلاً اصابني بدهشه، وهو أن كلا من بطل
الفيلم الامريكي والمصري له أم يحبها !!وعلي هذا الأساس يمكن أن نقول إن
مئات الافلام بل الآلاف مما تنتجه السينما العالمية يتشابه لمجرد أن أبطال
هذة الافلام لهم أمهات!والدهشة أو الغيض هنا تأتي من مقارنة فيلم أمريكي
بديع من أجمل ما قدم المخرج"روب مارشال" مع فيلم مصري يرتفع قليلا عن
المتوسط هو واحد صحيح، بالإضافة لأن موضوع كل منهما لا علاقة له بالآخر،
ولاحتي من بعيد، وأجدني مضطرة للحديث عن فيلم تسعة، الذي يدور حول مخرج
إيطالي شهير، بصدد تقديم فيلمه الجديد، الذي سوف يبدأ تصويره بعد أيام
قليلة، وفي المؤتمر الصحفي الذي دعا اليه منتج الفيلم، ليتحدث فيه المخرج
عن مشروعه القادم، تحدث مفاجأة، حيث يقرر المخرج الهروب لأنه ببساطة لم
يكتب سيناريو الفيلم، لأنه عجز تماما عن العثور علي فكرة جديدة، وفي رحلة
هروبه، يتذكر المخرج "جويدو" أو دانييل داي لويس بعض من اللحظات الفارقة في
حياته، وايام طفولته ومراهقته، ويأتيه شبح والدته"صوفيا لورين"التي توفيت
منذ فترة، ولكنها تظهر له من حين لآخر، لتؤانس وحدته، وتطمئنه أنها بجواره
وتدعو له ، وعن طريق التداعي ندخل لعالم هذا الفنان ونتعرف علي بعض النساء
اللائي كان لهن اشد الاثر في حياته، بدءاً من الغانية التي علمتة فنون الحب
وهو في سنوات المراهقة، إلي الفنانة التي اصبحت نجمة لمعظم افلامة وتحبة من
طرف واحد، إلي الحبيبة المهووسة به، التي تدخله في مآزق لاتنتهي ، إلي
الزوجة المحبة المخلصة، وأخيرا يقرر المخرج أن يقدم عملا فنيا يضم كل تلك
العلاقات، التي شكلت عالمه وصنعت نجاحه، والفيلم لا يخلو من أحاديث عن
علاقة الفنان بالدين، والظروف السياسية التي تحيط به، وفوق كل هذا فإن فنون
الاستعراض تشكل إطارا شديد الأهمية للحكاية، بحيث يتحول الحوار في كثير من
الاحيان إلي غناء ورقصات تعبر عن المعاني وتقدم مفردات شخصية كل ممثل أو
ممثله، ولكن أين كل هذا من فيلم واحد صحيح؟؟ الازمة الحقيقية أن بعض النقاد
يتعاملون مع حدوتة الفيلم، متجاهلين أحد أهم عناصر بناء الشكل السينمائي،
وهو رؤية المخرج، فتاريخ السينما قدم عشرات المعالجات لقصة البؤساء لفيكتور
هوجو، أو هاملت شكسبير أو الاخوة كرامازوف أو غادة الكاميليا والكونت دي
مونت كريستو، ولايمكن لأي ناقد فاهم أن يدعي أن عشرة افلام هي شيء واحد
لمجرد أنها تعتمد علي نفس الرواية، فما بالك إذا كانت الحدوتة مختلفة
تماماً؟؟؟ علاقات متشابكة لم يخرج السيناريست "تامر حبيب" في معظم ما قدمه
من أعمال فنية للسينما أو للتليفزيون ، من إطار العلاقات الاجتماعية
المتشابكة التي تدور بين أشخاص ينتمون لطبقات اقتصادية متميزة، ولايعانون
سوي الفراغ ومشاكل الحب فتلك العلاقات التي سبق له وأن طرحها في "سهر
الليالي" الفيلم الذي أحدث ضجة في حينه وضم للمرة الأولي والأخيرة ثمانية
أبطال من جيل الشباب، صار جميعهمً نجوماً بعد ذلك!وفي أحدث أفلامه "واحد
صحيح " يعتمد تامر حبيب علي نفس المعادلات الدرامية التي قدمها سابقاً،
بينها العلاقة المحورية التي تعتبر النقطة الساخنة، والتي أحدثت الانقلاب
الوحيد في العلاقات التي سارت في خطوط افقية طوال الوقت، عبدالله "هاني
سلامة" يعمل مهندس ديكور ناجح ومتميز، ومحط اهتمام الجميع خاصة النساء،
يعمل مع صديق عمره "عمرو يوسف" الذي يبدو في حالة تحفز دائمة ضد عبدالله
ويكن له مشاعر غامضة، والحكاية أن نادين أو" بسمة" زوجة عمرو يوسف تحب "عبدالله"
من طرف واحد، ولكنها ارتضت أن تكون صديقته "الأنتيم" التي يخصها بكل أسراره
ويعتبرها أقرب الناس إليه، دون أن يدرك أن حياتها الزوجية قد ارتبكت وتصدعت
بسببه، ألا تذكرك تلك العلاقة بشبيهتها في سهر الليالي؟ بين الثلاثي حنان
ترك واحمد حلمي وخالد ابو النجا! ـ عبدالله أو هاني سلامة هو الشخصية
المحورية، التي تدور بقية الشخصيات في فلكها، تقترب أحياناً وتبتعد أحياناً
أخري، يحمل كل صفات الدون جوان، وسيم وثري وناجح، ومتعدد العلاقات العاطفيه،
ويبدو طوال الوقت وكأنه يبحث عن شيء لا يجده، ورغم أنه يبدو مستهترا يقتنص
اللحظة، إلا أنه يشعر بالاحتياج الحقيقي للحب ، ولايجده إلا عند أمه "زيزي
البدراوي"، التي تدلله كطفل صغير، وتبحث له عن زوجة، وصديقته الأنتيم
"نادين" التي تحبه في صمت، ويعتبرها أقرب الناس إلي قلبه، ويبوح لها بما
يعجز عن بوحه لأصدقائه الرجال، علاقة متشابكة ومعقدة ولكنها جميلة، وتعتبر
من أفضل ماقدمته السينما في السنوات الأخيره، لفرط صدقها، الخيط الرفيع
الذي يفصل بين الصداقة والحب، وتدخل فريدة أو" رانيا يوسف" حياة عبدالله،
وهي سيدة مجتمع متزوجة من ثري شاذ جنسيا"زكي فطين عبدالوهاب"، اتفقا معاً
علي أن يكون لكل منهما حياته الخاصة، ويحتفظان أمام الناس بالمظهر
الاجتماعي المناسب الذي يخدم أغراض كل منهما، ويبدو أن "رانيا يوسف" لم
تلحظ التشابه الشديد ببين شخصية فريدة وبين" صافي سليم" التي قدمتها في
مسلسل "أهل كايرو"، فكل منهما تنحدر من طبقة شعبية وبيئة "واطيه"، تتخذ من
أنوثتها سلماً تصل به إلي درجات أعلي اجتماعياً، وتكاد تتطابق علاقة "صافي
سليم" بأسرتها التي تستغلها وتعيش علي "قفاها"، بشخصية فريدة في "واحد
صحيح" نفس الأداء والشراسة التي تبديها تجاة أفراد أسرتها، وكأنها قطة شارع
في حالة شجار دائم، من أجل الحفاظ علي لقمة خطفتها من صندوق قمامة! ـ أما
مريم أو"ياسمين رئيس" فهي مذيعة شابة، تلتقي عبدالله اثناء لقاء تليفزيوني
تجريه معه، وتقع في هواه وتتمناه زوجاً، وتساعدها والدة "عبدالله" علي
الاقتراب منه، فهي تراها زوجة مناسبة لابنها الوحيد، ولكن علي طريقة أغنية
عبد الوهاب "بفكر في اللي ناسيني، وبنسي اللي فاكرني"، تتجاهل مريم حب
زميلها في البرنامج، وتحاول التقرب من عبدالله الذي لا يشعر بوجودها، أو
يعاملها كطفلة صغيرة! وتبقي العلاقة الأشد اضطراباً في حياة "عبد الله"،
تلك التي تربطه بأميرة "كندة علوش" الفتاة المسيحية، التي تعاني عقدة،
نتيجة اعتناق والدها الإسلام، وزواجه بأرملة مسلمة، مما يؤدي إلي تفتت
أسرتها، ولذلك فهي ترفض أن تخوض نفس التجربة مع عبد الله، وتهرب من حبه
باللالتحاق بالدير، بعد أن تصبح راهبة! تجربة أولي ـ فيلم" واحد صحيح" أول
تجربة سينمائية للمخرج هادي الباجوري، بعد أن قدم منذ عامين تجربته الفريدة
والبديعة في مسلسل"عرض خاص"، بنجوم اقل شهرة، ولكن التجربة كانت أكثر
دفئاً، وربما يكون الشيء الذي يفتقده فيلم واحد صحيح، يكمن في غياب عنصري
الزمان والمكان، فالأحداث تدور في أماكن مغلقة"شقق فاخرة وفيلات انيقة" ولم
نلمح الشوارع إلا في مشهد او اثنين، بحيث يعجز المشاهد، أن يحدد بالضبط
المدينة التي تقع فيها تلك الأحداث، فالفيلم يهتم بجماليات الصورة "الديكور
والتصوير" دون تحديد لخصوصية المكان، فيبدو الأمر مثل الزهور الصناعية
المغلفة بورق سلوفان، خاصة مع عدم تحديد زمن الحدث، الذي يمكن أن يعود بنا
إلي عشر سنوات فاتت، أو عشر قادمة، فقد حدث عزل كامل للشخصيات داخل عالمها
الافتراضي الذي لايعبأ بما يدور خارج الشقق والفيلات والمكاتب الفاخرة التي
تتحرك داخلها!لو كنت من مشاهدي حلقات الست كوم التي تدور في ديكورات
محدودة، ستجد اهتماما بالغا بتحديد مكان الحدث ، في حي مانهاتن كما هو
الحال في الاصدقاء او الجنس والمدينة أو غابة أحمر الشفاة أو غيرها من
حلقات الست كوم الأمريكية الاجتماعية! أما في فيلم واحد صحيح فأنت لاتعرف
إن كانت هذه الاحداث تدور في القاهرة او الاسكندرية او بيروت او دبي او اي
مدينة ينطق اهلها اللغة العربية! - هاني سلامة يعود إلي لحظات تفوقه التي
غاب عنها بعد فيلم "انت عمري"، كندة علوش قدمت وصلة من البكاء المستمر
للتعبير عن حالة القلق التي تعيشها والصراع الذي يعتمل داخل نفسها، بين
عشقها الشديد لعبدالله وخوفها من الارتباط برجل من دين مختلف !رانيا يوسف
لم تقدم جديدا عما سبق وقدمتة في مسلسل أهل كايرو، ياسمين رئيس وجة جميل
واداء بسيط وقدرة علي التلون، وخاصة وإنها تبدو هنا مختلفة تماما عما قدمته
في مسلسل "عرض خاص" وفيلم إكس لارج، أما بسمة فهي صاحبة أنضج أداء، فهي
تحاول أن تلعب دور الصديقة والام وتخفي عشقها الشديد لعبدالله وتخشي أن
تبوح بما يعتمل داخل صدرها حتي لاتفقده تماماً، وكان محمودحميدة حاضراً
بقوة رغم أنه لم يظهر في الفيلم إلا بصوته فقط، حيث أدي دور والد أميرة
الذي غير ديانته ليرتبط بالمرأة التي أحبها!
جريدة القاهرة في
17/01/2012
ستيفن سودبيرغ يعيد تقديم جينا كارانو
«الحمقاء» عن فنون القتال بقيادة امرأة جميلة
عبدالستار ناجي
حتى وقت قصير جداً، ولربما لحظات، كان نقاد العالم يتحفظون عن الكتابة
عن النجمة جينا كارانو، بوصفها نجمة لافلام العري.. والاثارة.. والمغامرات
من الدرجة الثانية، ولربما المصنفة لافلامها للاعمار لمن هم فوق «18»
عاماً، وهذا يعني الافلام الاباحية.
ولكن المخرج الاميركي ستيفن سودبيرغ، الفائز بسعفة كان الذهبية عن
فيلمه «جنس .. كذب.. فيلم فيديو» يعيد تقديمها، ويعيد لها اعتبارها، معتمدا
على قدراتها كبطلة للفنون القتالية، في فيلمه الجديد «الحمقاء» وقد احاطها
بكم كبير من نجوم السينما العالمية.
ولنا ان نتصور ان جينا كارانو، يحيط بها كل من انطوينو بانديراس
ومايكل دوغلاس وبيل باتستون، ومايكل فاسبندر وشاننج تاتوم وماثيو كازفيتش..
وغيرهم.
كل تلك الاسماء الكبيرة، التي من النادر ان يجمعها فيلم واحد، تشارك
من اجل ان تكون حول امراة قوية تجيد فنون القتال.. ولربما لا تجيد فنون
التمثيل، رغم كل ملامحها الجميلة، وجها وجسداً.
الفيلم يعتمد على حكاية الكل يشاهدها، تعتمد تقديم كم من الفنون
القتالية، ولا شيء، سوى المغامرات التي تحبس الانفاس.. وتكسر العظام..
والرصاص المتطاير.. والمشاهد التي نعتقد بانها ستذهب الى النقاط الساخنة،
فاذا بها توصلنا الى حلبة من المواجهات.. كل الرجال يسقطون أمام عنف
العملية السرية، مالوري كين «تجسدها جينا كارانو».
حيث يتم تكليف تلك العملية، التي تعمل لحسابها الخاص، وتكلف بمهمات
تقوم بتنفيذها وتذهب الى حالها وذلك لشراستها.. وحدتها.. وتصرفاتها التي
بات الجميع يطلق عليها لقب «الحمقاء» فهي لا تتوانى عن تصفية كل من حولها.
تكلف بمهمة لتحرير رهائن في برشلونة، وسرعان ما تنتقل الى دبلن
«ايرلندا» وفي تلك الاثناء تكتشف ان هنالك من يتحرك معها في ذات الخط، وان
هناك عملية ازدواجية تعطل خططها.. وتعمل على استهدافها.. ولربما التخلص
منها.. هنا تفجر طاقات، من اجل تنفيذ مهمتها.. وايضاً التخلص من الاخطار
الشخصية التي تواجهها، ما يستنفر الكثير من الجهات الدولية ضدها، وهذا ما
يدفعها للهروب من المطاردات الى الولايات المتحدة حيث تقيم وتعيش والعمل
على حماية عائلتها ونفسها.. ولكنها في الحين ذاته تبدأ بالانتقام ممن
ورطوها في تلك المغامرات المشبوهة.
كم من المغامرات المزدوجة، لا شيء يشبه لاخرين تلك المغامرات، سوى
النهايات، حيث المؤشر للخصوم.
وعلى الصعيد الشخصي، اعترف، بانني لم افكر في يوم من الايام بان اشاهد
فيلما لهذه النجمة الجميلة، جينا كارانو.. حتى ارتبط اسمها بالمخرج ستيفن
سودبيرغ، وهو ليس ستيفن سبيلبرغ، لان لكل منهما نهجه واسلوبه ومكانته
وقيمته الفنية.
وقد حصد الفيلم، حتى قبل عرضه في الصالات العالمية، على كم من
الكتابات النقدية الايجابية، ليس لفلك الحفنة من النجوم، بل لاستخدام
الفنون القتالية، من قبل امرأة، تجد انها تنفذ كماً من المهمات، التي
تورطها للقضاء عليها والتخلص منها، فتكون النتيجة التحدي.. والانتقام.
عملية يكلفها رئيسها السابق «ماكجر يجور» للقيام بمهمة اخيرة، لمنظمة
مجهولة الهوية، ولكنها تجد نفسها تتعرض للخيانة.. فتكون مهمتها، بان تكمل
المهمة والمحافظة على نفسها.. وايضاً الانتقام.
يقود تلك التجربة ستيفن سودبيرغ، باحتراف عالي المستوى، كيف لا ونحن
امام مبدع قدم الكثير من الاعمال السنيمائية الكبيرة ومنها «ايرين بروجو
فيتش «مع جوليا روبرتز» واوشن اليفن، و«جنس وكذب وفيلم «فيديو» و«كم اخر من
الاعمال السينمائية، التي حتى وان ذهبت للمغامرات فإنها تذهب الى الاسلوب
الخاص بهذا المخرج.. وليس باسلوب هوليوود.
الفيلم حتما سيعجب اكثر عشاق افلام الحركة، وستكون جينا كارانو، نجمة
لغلاف اكبر الصحف والمجالات رصانة، بعد ان كانت صورها لا تنتشر إلا في
المجالات الاباحية.. والخليعة.
وأمام هذا الفيلم وهذه التجربة، تخلع جينا كل تاريخها وصورتها
السابقة، وكانها تتبرأ من كل ذلك، الى مرحلة سينمائية جديدة، تجمع المغامرة
وفنون القتال.. دون الذهاب حتى إلى الاشارات الجنسية الهامشية.
في الفيلم، كم من المشاهد القتالية، التي نعتقد بانها تنقذ وتقدم
للمرة الاولى، في تاريخ هوليوود والسينما، وهذا ما يعني نقلة جديدة، في
افلام الفنون القتالية.
قد يؤدي هذه الشخصية رجل، ولكن لن يكون للفيلم مثل هذا التأثير..
والبعد.. خصوصاً، واننا نشاهد امرأة جميلة تذهب الى القوة والعقل للخلاص..
والانتقام ممن خانوها.. وورطوها.
وحتى لا نطيل..
ستيفن سودبيرغ يعيد اكتشاف نجمة.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
17/01/2012 |