يُعتبر الاحتفال
بذكرى حدث جوهري، بدّل أحوال بلد ومجتمع وناس، استعادة خفرة لما جرى أثناء
الحدث
وقبله. يُعتبر أيضاً بمثابة دعوة متجدّدة (يُفترض بها أن تكون يومية أصلاً)
للنظر
بعين ثاقبة وهادئة إلى المقبل من الأيام. أميل إلى الاحتفال
بذكرى مرور عام واحد
على بداية ما سُمِّي «الربيع العربي»، سينمائياً. في تونس، البلد الأول
الذي صنع
لحظة تأسيسية جديدة في التاريخ الحديث للعالم العربي، تماماً كما في مصر،
البلد
الثاني الذي بلور البدايات الواقعية للحظة نفسها، شكّلت
السينما جزءاً أساسياً من
الحكاية. أولاً، لقدرتها على التقاط النبض الإنساني، وتصوير يومياته لحظة
حدوثها.
ثانياً، لمعاينتها السابقة شؤون الناس في
البلد، اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً،
انطلاقاً من المعاناة الرهيبة التي عاشها الناس في ظلّ «الحكم
القامع والفاسد»،
بأشكال سينمائية خفرة ومتواضعة ومخادعة ومباشرة في آن واحد. ثالثاً، لبراعة
مخرجين
في جعل الكاميرا عيناً إنسانية. أي في جعل العدسة منفذاً قاد إلى أعماق
اللحظة
أحياناً، وذهب إلى ما هو أبعد من اللحظة أحياناً أخرى.
كشف
بين
السابع عشر من كانون الأول 2010 والرابع عشر من كانون الثاني 2011، شهدت
تونس
حراكاً شعبياً عفوياً وسلميّاً وغاضباً هو الأول في التاريخ الحديث
للجغرافيا
العربية. النتاج البصري المواكب للحراك هذا أفضى إلى تعدّد
الأنماط المستخدمة في
القراءة والمحاورة والنقاش. في استعادة الماضي أحياناً، من خلال تواصل
مباشر وحيّ
مع أناس عاشوه وشهدوا مآسيه، وواجهوا طغيانه أيضاً. التحليل النقدي للأفلام
المصنوعة في تونس، والمرتبطة بالحدث نفسه، كشف أن النتاج
الوثائقيّ أفضل أنواع
الصورة المتحرّكة في المعاينة الآنيّة. أفضل وأسرع وأقدر على التقاط
اللحظة،
وأرشفتها ومنع تزويرها. أي على جعلها «لحظة راهنة دائماً». هذا
ما أكّدته الأعمال
المصرية اللاحقة، وإن اتّسم النتاج البصري المصري باختبار
الفيلم الروائي القصير في
علاقته المباشرة والحسّية مع الحدث، بُعيد وقوعه بأسابيع قليلة جداً.
الاختبار
التونسي وثائقي محض. هذا ما تسنّت لي مشاهدته لغاية الآن. ثلاثة أفلام
وثائقية
مختلفة الأساليب، التقت كلّها عند هدف واحد: الكشف المتنوّع لأحوال البلد
والمجتمع
والناس، قبل بداية الحدث، وأثناء مجرياته الإنسانية المفتوحة
على الأسئلة كلّها.
الكشف المتنوّع الذي يُفترض به أن يكون مُنطَلقاً لمزيد من «كشف المستور»،
سواء
أتعلّق الأمر بممارسات العهد السابق، أم غاص في واقع الحدث ومساراته.
الفيلم
الوثائقي، في لحظة كهذه، يعاين ويتابع ويقول رأياً ويتواصل مع
الآخرين. الفيلم
الوثائقي اختبار ذاتيّ أيضاً، يبدأ بالفرد (صانع الفيلم) ويكاد لا ينتهي
عند
الآخرين (الجماعة المحيطة به أولاً، أو على الأقلّ). الأفلام التونسية
الثلاثة
نموذج أول على حيوية الغليان الذي صنعه الناس: «لا خوف بعد
اليوم» لمراد بن الشيخ،
«الكلمة
الحمراء» لإلياس بكار و«علمانية إنشالله» لنادية الفاني. الأفلام هذه
محاولة أولى لتحقيق أشياء عدّة: خلفيات الحدث لا تقلّ أهمية عن الحدث نفسه،
وعن
مجرياته اليومية. الحكايات الفردية لا تقلّ أهمية عن الحراك
الجماعي. التفاصيل التي
تبدو هامشية لا تقلّ أهمية عن الحدث/ الحراك. هناك تشابه آخر بينها:
التوثيق طاغ،
وإن بدا أن هناك مسعى جدّياً لإدخال نَفَس سينمائي ما. أي أن قوّة الموضوع
حالت دون
بلوغ سوية سينمائية. حالت دون إيجاد الفسحة المطلوبة للإبداع البصري.
لا يؤثّر
هذا على الموضوع المختار. هناك متانة في صوغه بصرياً أحياناً (الفيلمان
الأولان
تحديداً، وإن باختلاف واضح في الاشتغال البصري). هناك رغبة حقيقية في
استفزاز
الجماعة، أثناء تعريتها من بعض أكاذيب غلّفت لاوعيها، وقادتها
إلى الخنوع التام
لقوانين غير مرئية (علمانية إنشاالله). أميل إلى القول إن قوّة المادة
الإنسانية،
المتسخدمة في صناعة فيلم وثائقي، قد تتيح للمهتمّ إمكانية التغاضي عن جوانب
تقنية
وفنية فَقَدت حيويتها وإبداعها. ما جرى في تونس أقوى من
الواقع. أو بالأحرى بدا
لوهلة أنه «متخيَّل» سينمائي. لكن الواقع حقّق شيئاً من المستحيل أيضاً.
لهذا ربما،
بدا الوثائقي الذي لحق الحدث عاجزاً عن الاستفادة من الأدوات السينمائية
البحتة.
الأفلام الثلاثة هذه شكّلت لقاء بين قوّة المادة الإنسانية واشتغالاتها
الفنية
البصرية: قوة تُطالب بأرشفتها وتحصينها من الضياع والتزوير، واشتغالات
واكبت الحدث
وصوّرته وتابعت تفاصيله، وإن على حساب السينما أحياناً. قوة محتاجة إلى
صُوَر
متلاحقة تحمي حراكها الميدانيّ، وتنقل وقائعه إلى الخارج، بصرف
النظر عن البراعة
الإبداعية السينمائية، واشتغالات واجهت تحدّيات جمّة، أثناء الحدث وبعده،
أبرزها:
التوفيق بين حماسة العمل وسرعة الحدث
والرغبة في المواكبة والمراقبة والقول
والمتابعة.
خصوصيات
كل فيلم من الأفلام التونسية الثلاثة امتلك
خصوصية معينة، لا تلغي سمات عدّة أخرى: «لا خوف بعد اليوم»
(الفيلم التونسي الأول
الذي «خرج» إلى العالم بفضل عرضه الأول في دورة العام 2011 من مهرجان
«كان») مزج
السابق بالراهن، باختياره شخصيات فاعلة في الصدام المباشر مع السلطة
القائمة حينها،
ببطشها وقمعها وإرهابها، وبمحاولته الذهاب بالشهادات الإنسانية الواقعية
تلك إلى
التخوم الراهنة للحدث. «الكلمة الحمراء» قدّم صورة حيّة عن
التداخل بين الماضي
والحاضر أيضاً، وبين الأمكنة الجغرافية التونسية في الوقت نفسه. فبانتقاله
من مدينة
إلى أخرى لسرد روايات فردية عن وقائع وأحداث وحكايات وصدامات (بين السلطة
والناس،
أو بين الناس أنفسهم بسبب التوجّهات المختلفة أو المتناقضة
بينهم، علماً أن
الصدامات بين الناس لم تكن قامعة أو عنيفة، كتلك التي مارسها النظام ورجاله
ضد
الشعب)، بدا «الكلمة الحمراء» انتقالاً في الزمن أيضاً، لعودته إلى أحداث
جرت هنا
وهناك، لعبت دوراً خفياً في إنضاج الوعي الفردي والجماعي إزاء
ضرورة الخروج من
التقوقع إلى المواجهة المفضية إلى خلع النظام، والبدء بتأسيس لحظة تاريخية. «علمانية إنشالله» انتقل من حكاية إلى أخرى:
فالبداية معقودة على رغبة المخرجة
نادية الفاني في تفكيك الحالة المسيطرة على التونسيين أثناء
صيام شهر رمضان، لكشف
المخفيّ فيها، والخداع الذي يمارسه كثيرون، والافتراء على الذات أولاً
بالانصياع
إلى قوانين غير مرئية أو غير معروفة، فرضت على هؤلاء قبول أمور تتنافى
والحرية
الفردية والجماعية، أقلّه بالنسبة إلى المخرجة. لكن اندلاع
الحراك الشعبي دفع
الفاني إلى إيجاد تتمة مختلفة، لا تتناقض والرغبة الأولى، بل تتكامل
والمسار
الطبيعي الخاصّ بواقع الحال: كأني بنادية الفاني تسأل عن مصير الازدواجية
القاتلة
في الحياة اليومية. لكن الجواب ظلّ أسير العنوان الثاني
للفيلم: «علمانية إنشالله»
(حمل
المشروع الأول عنوان «لا ربّي، لا سيدي»، الأقوى تعبيراً عن مضمون النصّ
الأصلي). أي أن «العلمانية» شرط وحيد للخروج من المآزق كلّها، بحسب الفيلم،
علماً
أن الخوف حاضرٌ أيضاً، ومتمثّل بالتمنّي. فهل تنتصر العلمانية، في بلد شهد
تفوّقاً
عربياً واضحاً في المجال هذا، أقلّه في شؤون حياتية واجتماعية
وقانونية
معيّنة؟
في «لا خوف بعد اليوم»، صُوَر متتالية عن مسار تصاعدي رواه أناس صنعوه
يومياً، عبر المواجهة تلك بينهم وبين النظام القامع والفاسد: المحامية
والمدافعة عن
حقوق الإنسان راضية نصراوي وزوجها «الداخل ـ الخارج» من السجن باستمرار.
الشابّة
لينا بن مهنّي، المدوّنة التي تحدّت النظام في بطشه وجنونه.
الكاتب والصحافي كريم
شريف، الذي ظهر أمام الكاميرا متسلّحاً بهراوة لحماية نفسه وعائلته وجيرانه
في «ليال سوداء» خيّمت على البلد أثناء الحراك.
شخصيات كهذه لا تختلف كثيراً عن شخصيات
أخرى أقلّ «شهرة»، وأكثر نشاطاً ربما. لكن مراد بن الشيخ لم
يتغاض عن الآخرين،
تماماً كما في «الكلمة الحمراء» و«علمانية إنشاالله»: الحدّ الفاصل بين
وجوه معروفة
وأخرى أقل شهرة أو منعدمة الشهرة مغيَّب، لمصلحة هدف واحد، متمثّل بضرورة
كشف
حقائق، وسرد وقائع، وحماية الروايات الفردية من الاندثار:
حقائق عاشها أناس قالوا
أمام الكاميرا ما اختبروه ميدانياً. وقائع خبرها أناس نزلوا إلى الشارع
بهمّ واحد (الخلاص من الطاغية)، فإذا بهم أمام أسئلة
عميقة ومهمّة، جعلتهم يتناقشون ويتصادمون
سلمياً غالباً (هناك ممارسات قامعة رفضها تونسيون كثيرون، قام
بها أناس مرتبطون
بالنظام السابق ربما، أو منتمون إلى جماعات إسلامية متزمّتة. هذا ما حصل
عندما هاجم
أصوليون متزمّتون قاعة مسرح أثناء عرض «علمانية إنشالله»، والاعتداء الجسدي
على بعض
الحاضرين. وهذا ما حصل عندما أشعل أصوليون متزمّتون النار في
المحطة التلفزيونية «نسمة»،
بسبب عرضها فيلم التحريك الإيراني «بيرسيبوليس» لمرجان ساترابي وفانسان
بارونّو).
شدّد مراد بن الشيخ على أن «لا خوف بعد اليوم»، لأن ما جرى في تونس
حطّم جدران العزلة، ودفع التونسيين إلى استعادة حضورهم الفاعل في المجتمع،
على أمل
أن تكون «الكلمة الحمراء»، التي صنعت الحدث وواجهت الطاغية
بجرأة وبراعة، مدخلاً
حقيقياً إلى تحقيق العلمانية المنشودة... إن شاء الناس.
كلاكيت
خفايا المدينة
نديم جرجورة
اعتاد صحافيون عرب
وأجانب كتابة مقالات تنضح بإيجابيات قاتلة عن بيروت ولبنان وأبنائهما.
مقالات
ترويجية، تليق بوزارة السياحة، عن بلد يقيمون فيه أياماً معدودة، فيأكلون
ويطربون
للسهر ويلتذّون بظاهر الأمر، لا أكثر. يتغنّون بطبيعة خلاّبة.
يزورون البحر. وبعد
دقائق، يجدون أنفسهم في الجبل. يُفردون مساحات واسعة عن المطبخ اللبناني.
عن علب
الليل والخمّارات. عن الحسناوات. عن البلد «الطيّب» و«اللذيذ». يفعلون هذا
كلّه بعد
أيام قليلة فقط على زيارة أولى، أو ثانية، أو عاشرة.
لا ينتبه هؤلاء إلى القبح
الكامن في المدينة والبلد وناسهما، في زيارة أولى. هذا مأزق.
لا ينتبهون إلى فساد
فاحت رائحته، أو إلى اهتراء أخلاقي أو خلل اجتماعي، ولو بعد زيارة رابعة.
هذا
خَطِرٌ. لا ينتبهون إلى عفن مُعشّش في المدينة والبلد وناسهما، في زيارة
عاشرة. هذه
كارثة. نصوصهم أشبه بتقارير «سياحية» مفضوحة. تعكس ادّعاءات
مكشوفة. صحافيون عرب
يُسوّقون رؤيتهم المشوّهة عن المدينة والبلد والناس انطلاقاً من خراب عظيم
دمّر
مدنهم وبلدانهم وناسهم، لا أكثر. صحافيون أجانب ينظرون إلى المدينة والبلد
والناس
من موقع المستشكف، المتعالي أو المتصنّع تواضعاً أو المدّعي
معرفة. هؤلاء منصرفون
إلى كتابات، فيها واقع قليل، لكنها تغيِّب دائماً وقائع أكثر وأفدح وأخطر.
سيُقال
إن هؤلاء قد لا يُدركون الوقائع والحقائق. قد لا يجدون وقتاً لكشف المستور.
قد لا
يفهمون حجم البؤس والشقاء. الصحافي الأصيل يُفترض به ألاّ يقف
عند ما يسهل الحصول
عليه. وإلاّ، فما الداعي إلى تدبيج مقالات مغايرة لوقائع وحقائق، تُنشر في
صحف
متفرّقة، فيقرأها عديدون، يظنّون أن المدينة والبلد والناس بألف
خير؟ هذا كلّه مناف
للحقيقة. هذا تزوير للحقيقة.
ليس الأمر محصوراً بمدينة اسمها بيروت، وببلد يُدعى
لبنان، وبأناس يقولون عن أنفسهم إنهم لبنانيون. صحافيون عرب وأجانب يزورون
مدناً
وبلداناً أخرى. يلتقون أناساً آخرين. يقيمون هناك أياماً او
أسابيع قليلة جداً. ثم
يكتبون ما لذّ وطاب لهم من أصناف الإيجابيات. لا بأس بسلبيات عدّة، عندما
يلعب
التوجّه السياسي الخاصّ بالكتبة هؤلاء دوره الخبيث، أكان سلبياً أم
إيجابياً. بهذا،
يتساوى هنا مع هناك. لأن الصحافيين هم أنفسهم الذين يذهبون إلى
هنا وهناك. أو أنهم
يُشبهون بعضهم البعض، على الأقلّ. هذا منسحبٌ على معنى الكتابة. على معنى
الصحافة.
على المهنة وواجبها وأخلاقياتها. هذا
منسحبٌ على التداخل الفظيع والخطر بين السياسي
والأمني والمهنيّ و.. الساذج.
قليلون هم المقيمون في مدينة أو بلد وبين أناس
فترة طويلة، تتيح لهم معرفة أعمق وأكبر وأهمّ. قليلون هم الذين
يجدون أن الكتابة
عنها وعنهم حاجة إنسانية، تولد بعد معاينة طويلة ودقيقة. قليلون هم أولئك
الذين
يلجون العوالم المخفيّة للمدينة والبلد والناس، فينصرفون إلى كتابة قريبة
من الصدق.
لكن، أين هم هؤلاء القليلون الآن؟
السفير اللبنانية في
12/01/2012
الرقابة في مصر صارت إخوانية؟
محمد الخولي / القاهرة
بعد أسبوع على انطلاق عروضه التجارية، قرّرت «هيئة الرقابة على
المصنّفات الفنيّة» سحب فيلم «واحد صحيح» من الصالات المصريّة في خطوة تعيد
إلى الأذهان حادثة فيلم «الكرنك» (1975) الذي واجه المصير نفسه
«قبل الأوان بأوان، ظهر خطر جماعة الإخوان»، هذا ما كتبه قسم كبير من
المهتمّين بالفنّ والسينما في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي. جاء ذلك
بعدما صدر قرار عن «هيئة الرقابة على المصنّفات الفنيّة» بسحب فيلم «واحد
صحيح» من دور العرض لإعادة تقويمه مرة أخرى، وحذف بعض المشاهد والألفاظ
«الخارجة عن الآداب العامة»، كما قال رئيس جهاز الرقابة سيد خطاب. وكشف
أنّه قرر «تشكيل لجنة لمشاهدة الفيلم من جديد بعد أسبوع على انطلاق عروضه
التجارية ... بعدما تلقيت ردود فعل غاضبة من الألفاظ التي تقولها الممثلة
بسمة في الفيلم». وأضاف إنه «في حال التوافق على ضرورة كتم الصوت في هذه
المشاهد، فإن ذلك هو ما سيحصل». إذاً، رغم الثورة، لا تزال الرقابة موجودة،
ويتعايش معها صنّاع الأفلام المصرية، رغم ارتفاع أصوات تطالب بإلغائها «لأن
حرية الإبداع جزء أساسي من الحرية التي طالبت بها «ثورة 25 يناير»». وقد
وقعت ضحية هذه الرقابة مجموعة من الأعمال، تارةً بحجة «غرابتها عن المجتمع
المصري»، وطوراً بحجة «تعارضها مع الدين» كما حصل مع فيلم «الملحد».
لكن ما حصل مع «واحد صحيح» (إخراج هادي الباجوري وتأليف تامر حبيب
وبطولة هاني سلامة وبسمة) يتخذ بعداً أخطر. إذ إنّ العمل سُحب بعد طرحه في
الصالات. وهو ما يعيد إلى الأذهان حادثة فيلم «الكرنك» (1975 ـــ إخراج علي
بدرخان وبطولة سعاد حسني وكمال الشناوي ونور الشريف) الذي واجه المصير
نفسه. وقتها، قرر الرقيب سحبه من دور العرض وحذف عدد من المشاهد التي تنتقد
الحال داخل السجون المصرية، وخصوصاً في حقبة الستينيات. وها هو الأمر نفسه
يتكرّر اليوم، و«كأن الثورة لم تحصل» حسب تعليق أحد الناشطين.
إلا أن تامر حبيب، مؤلف «واحد صحيح»، يقول إن الرقابة أجازت عرض العمل
«ولا أعلم شيئاً عن اللجنة الثانية التي ستشاهده»، لكنه توقع أنه لو شكِّلت
لجنة «ستقدّم بعض الملاحظات على المشهد الذي يجمع بسمة بعمرو يوسف لأنني
أعلم أنه كان صادماً. مع ذلك، أرى أن الألفاظ الواردة في العمل عادية جداً
ونستعملها في حياتنا اليومية». وهذه العبارات «الخادشة للحياء» نفسها كانت
قد استعملت في أفلام سابقة مثل «أوقات فراغ» كما يقول حبيب. ويلمّح هذا
الأخير إلى احتمال ارتباط القرار بضغوط من جماعة «الإخوان المسلمين»، أو
تيارات الإسلام السياسي التي فازت بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية
الأخيرة، مضيفاً «لو كان هذا القرار بعد ضغوط من الإخوان أو غيرهم، فهي
حالة جبن لا يجب أن نقبلها». ويأتي هذا القرار بعد أيام من لقاء جمع نقيب
الممثلين أشرف عبد الغفور بمرشد الإخوان، تطرّقا خلاله إلى ما يعرف بـ«السنما
النظيفة». وهنا تحديداً يعبّر تامر حبيب عن استغرابه للقرار: «سيد خطاب هو
الذي أجاز عرض الفيلم، وهو نفسه الذي يشكّل حالياً لجنة ثانية لمشاهدته ...
هذا أمر غريب وغير مفهوم». إلا أن علامات الاستفهام لا تقف عند هذا الحدّ.
قبل عرض «واحد صحيح»، بدأت الصالات بإذاعة المقدمة الإعلانية لفيلم «بنات
العم» الذي سيطرح قريباً. وفي الإعلان ينقطع الصوت عندما يلفظ الممثل إدوار
«عبارة خادشة للحياء». وهي العبارة نفسها التي تقولها بسمة في «واحد صحيح»
التي لم تلفت نظر الرقابة عند إجازة عرض العمل.
الأخبار اللبنانية في
12/01/2012
"الجمهورية الأسبوعي" يسأل الفنانين سفراء
النوايا الحسنة من أنتم وبماذا تفيدون الوطن؟
فنانون: لم نشاهد عادل إمام في دارفور أو أفغانستان.. وكلها
أمور مظهرية
أبوالنجا: مشاكلنا البيروقراطية وغياب الإعلام
ياسمين كفافي
انجلينا جولي فنانة أجنبية بألف رجل تطوف الأماكن الساخنة بالحروب
والأوبئة في العالم مثل دارفور وباكستان وأفغانستان لجمع التبرعات
للمحتاجين. يقول البعض عند الحديث عن سفراء النوايا الحسنة في مصر والوطن
العربي من أنتم؟ كيف يتم اختياركم؟ ما هي أهم انجازتكم لبلد تمر بمشاكل
عديدة مثل مصر.
من هم سفراء النوايا الحسنة في مصر لا أحد يعرف حتي النجوم لا تعرف
فمعظم أهل الفن أنفسهم لا يعرفون من من زملائهم يحمل هذا اللقب.
وللتعريف بهذه الوظيفة الشرفية أو الصفة التي ينالها البعض البداية
كانت عام 1954 عندما قررت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" تعيين
سفراء للنوايا الحسنة من بين نجوم الفن والرياضة. وأولهم النجمة الراحلة
أودري هيبرون وكان حسين فهمي أول سفير عربي للنوايا الحسنة حيث حمل اللقب
والمهمة في عام 98. لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية حول قضايا ادمان
المخدرات والفقر والأطفال المعاقين ثم عادل إمام كمبعوث سلام وسفير نوايا
حسنة لشئون اللاجئين مع غيره من السفراء في العالم مثل الممثلة انجلينا
جولي وصفية العمري كأول سفيرة مصرية للنوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة
للسكان. منة شلبي "لمكافحة الايدز" وداليا البحيري "لمحاربة مرض السكتة
الدماغية" كما عينت هند صبري سفيرة لبرنامج الأغذية العالمي لمكافحة الجوع
وخالد أبوالنجا الذي اختارته منظمة اليونيسيف سفير النوايا الحسنة للأطفال.
من المفترض أن اختيارهم يكون ليس فقط بناء علي شهرتهم بل لتقديمهم
عملاً أو اظهارهم الاهتمام بخدمة جهة إنسانية ترشحهم للأمم المتحدة التي
تستغل شهرتهم للدعاية لهذا البرنامج أو المشروع الخيري الذي تتبناه الأمم
المتحدة ولكن البعض يري أن العملية لا تزيد علي دعاية أو شهرة جديدة للفنان
الذي لا يأخذ الأمر بمأخذ جدي ولا يمنحها من وقته الكثير حتي أن مكتب منظمة
الأمم المتحدة الاقليمي في دبي الخاص بمكافحة سوء التغذية في العالم
"أمسام" لن يجدد عقده مع الفنان الاماراتي حسين الجسمي. وقال مصدر في
المنظمة إن السبب يعود إلي أن الجسمي لم يقدم للمنظمة أي شيء وعليه فليس
هناك أي جدوي من تجديد العقد معه. كما أشار المصدر إلي أن الجسمي لم يكن
سفيرا فوق العادة بل كان سفيرا فقط ولم يعط منصب "فوق العادة" فلماذا يقبل
الفنانون علي هذا المنصب رغم انه يضرهم ويجعلهم عرضة لنقد شخصي وليس فنياً
ولعل أكثر نقد وجه لنجم مثل عادل إمام المفترض انه سفير لشئون اللاجئين
وهناك الاف من شباب مصر يموت غرقا رغم انه يمكن اعتبارهم لاجئين.
بيروقراطية
توجهت بالسؤال للنجم الشاب خالد أبوالنجا سفير النوايا الحسنة لشئون
الأطفال ووجهت له اتهامات الكثيرين أن هؤلاء السفراء سلبيون أكد خالد أن من
جهته يتناول بشكل شبه يومي أي انتهاكات تقع علي الطفل المصري خصوصا الأحداث
الذين تعرضوا للأذي في شارع محمد محمود.
وأكد أن التأخير في بيانات هؤلاء السفراء تجاه الأحداث الجارية تعود
لعدة أسباب أهمها البيروقراطية التي تجعل بيانات أي فنان تعود للأمم
المتحدة لتنال ختمها الرسمي بعد مراجعتها من قبل الهيئة هناك للتأكد انها
لا تعارض سياسة الأمم المتحدة أو تصريحات "بان كي مون" السكرتير العام
للأمم المتحدة ثم تنشر مما يضيع الوقت والجهد ويفقد التزامن بين الحدث ورد
الفعل الذي يظهر باهتاً ومتأخراً إلا اننا تداركنا هذه المشكلة الان عبر
صفحاتنا الشخصية علي الانترنت والتي نعبر فيها عن آرائنا وقال خالد أرجو من
الصحافة المصرية ان تدعم جهودنا كما تنشر أخبارنا الفنية لأن العمل
الانساني يعود علي المجتمع ككل وللأسف الأمم المتحدة كجهة لا تقوم بالدعاية
لنفسها بشكل صريح مثل المهرجانات الفنية فهي لا تدعو الصحفيين بل نتوقع ان
يتابعوا أخبارها وقال خالد انه بصدد اخراج اعلان لمكافحة مرض الايدز وهو
البرنامج الذي ترعاه منة شلبي وأكد خالد أن اختيار كل نجم كسفير في جهة ما
يأتي بناء ءعلي متابعة الأمم المتحدة لنشاط الفنان واهتمامه الفنان بجهة ما
في المجتمع فمنذ 2007 وهم يتابعون اهتمامي بالشباب لذلك اختاروني للعمل
كسفير نوايا لشئون الأطفال والشباب.
المنتج محمد العدل قال: كل شخص يجب أن يكون ايجابياً من مكانه ويتفاعل
مع مجتمعه سواء كان فنان أو سفير أمم متحدة أو حتي عاملاً بسيطاً الايجابية
لا تحتاج إلي ألقاب لأخذ موقف جاد تجاه أمر ما.
وأكد العدل انه كغيره من المواطنين ليست لديه معلومات حول هؤلاء
السفراء أو حتي المشاركين في برامج الأمم المتحدة ولا يعرف إذا كانوا
ناجحين في أداء أدوارهم أم لا. فنحن لا نعرف عنهم شيئا إلا اننا علي الجانب
الاخر نشاهد انجلينا جولي وجورج كلوني في دول عربية وإسلامية ولا يمكننا
سوي أن نقارن فنانينا بهم فمن هو الفنان المصري الذي زار اللاجئين في
دارفور أوأفغانستان أو حي الصومال لا أتخيل أن أحدهم سافر من قبل.
مواصفات
النجمة إلهام شاهين قالت بالتأكيد أي شخص يتم اختياره يجب أن يتمتع
بصفات خاصة ووعي ثقافي بالمشاكل حوله ليس فقط علي مستوي مصر بل علي مستوي
المنطقة كلها ولا يعني عدم متابعتنا لأعمال سفراء النوايا الحسنة في مصر
انهم لا يقدمون خدمات جليلة للمنطقة ربما كان العيب اننا لا نتابع الأعمال
الخيرية والأنشطة بشكل عام وعامة لو عرض علي هذا المنصب لن أتردد لحظة في
قبوله لخدمة وطني.
جرائد ونت
المخرج الكبير محمد خان قال ضاحكا أنا أتابع الجرائد والنت ولا أجد أي
أخبار عن هؤلاء السفراء وأعتقد أن السبب اما انهم في بيوتهم أو ان الاعلام
لا يهتم بالأنشطة التي يمارسونها واختيار الجمهورية لهذا الملف ربما يعطي
البعض فرصة لفهم المهمات الانسانية لهؤلاء السفراء لفتح صفحة جديدة معهم
فربما كان العيب في النظام السابق المهم ان ينال كل صاحب عمل وطني تقديراً
ملائماً له.
غير مفهوم
المخرج الشاب محسن عبدالغني والذي يصور حاليا فيلماً وثائقياً عن ثورة
25 يناير قال كل سفراء النوايا الحسنة منصبهم غير مفهوم لا نعرف له مهام أو
صلاحيات لا أشعر به سوي كخبر دعائي لفيلم أو مسلسل يقوم به سيادة السفير
ولكن يجب أن يشعر المواطن بأن الفنان الفلاني سفير عبر أفعاله التي تعبر
عنه أي يراه بعينه في المواقع الساخنة في العالم.
ويقول محسن بدهشة إذا كان أغلب فنانين مصر رفضوا الثورة المصرية التي
أبهرت العالم ولم يشاركوا فيها فكيف سيخدمون أبناء بلدهم والمنطقة للأسف
معظمهم "حزب كنبة" بجد ويشير محسن إلا أن الموقف الوحيد الذي يتذكره كان
لسفير النوابا الحسنة حسين فهمي الذي استقال بسبب تصريحات جورج بوش انذاك
ضد مصر وانسحب من مؤتمر بوش بشرم الشيخ اعتراضا علي كلامه الجارح في حق
الشعب العربي أجمع.
الطريف أن أحدا لم يلحظ انجازات حسين فهمي كسفير ولكن ظهر انجازه في
صورة استقالة.
الجمهورية المصرية في
12/01/2012 |