في حوارٍ مع "إيلاف" تحدَّثت الفنانة التونسيَّة، هند صبري، عن فيلمها
الجديد "أسماء" الذي طرح مؤخرًا، كما تحدَّثت عن عملها كسفيرةً للنوايا
الحسنة.
القاهرة: قالت الفنانة التونسية، هند صبري، ان حزب النهضة ذو الأغلبية
في البرلمان الجديد اعطى تطمينات بشأن السينما التونسية، موضحة انها ترى ان
التيار الإسلامي في تونس اقرب الي الاقتداء بالنموذج التركي.
وأضافت في حوارها مع ايلاف ان فيلمها الاخير "أسماء" لا يعتبر فيلمًا
تجاريًا، لكنه فيلم محرض وملئ بالإحساس، مؤكدة انها تتمني استمرار التعاون
بينها وبين المخرج عمرو سلامة في المستقبل.
·
طرح لك مؤخرًا في دور العرض
المصرية فيلم "أسماء"، هل انت راضية عن الايرادات التي حققها حتى الآن؟
عندما تقوم بتقديم فيلم سينمائي جديد يكون هدفك الأسمى ان ينزل
الجمهور ليشاهده في السينما، ومن خلال خبرتي الفيلم السينمائي ليس فقط في
دور العرض ولكن هناك مشاهدة عبر الانترنت والعرض التليفزيوني، والفيلم
الجيد لا تقلق عليه، خصوصًا وان "أسماء" فيلم محرض وملئ بالأحساسيس، صحيح
انه لا ينتمي الى نوعية الافلام التجارية وله جمهوره الخاص وليس موجهًا
لكافة شرائح الجمهور، الا أننا كصناع للفيلم نشعر بسعادة لأنه حقق المعادلة
الصعبة ولم يصنف كفيلم مهرجانات واستطاع ان يجعل الجمهور ينزل ليشاهده في
دور العرض.
تواصل : لا انكر ان حسابات الانتاج أمر مهم لأن عدم نجاح هذه التجارب
يكون مقلقًا ليس للمنتجين فحسب باعتبار انهم اصحاب رأس المال، ولكن ايضًا
الفنانين والمخرجين الذين قد لا يجدوا المنتج الذي يمولهم، اعتقد ان
الموزعين لهم دور في ذلك من خلال الانتظار على الافلام في دور العرض خصوصًا
وان الدعاية في الوقت الحالي باتت كلامية بين الجمهور الذي يخرج بعد مشاهدة
الفيلم ويتحدث عن الفيلم لأصدقائه واقاربه ومعارفه.
·
لكن "أسماء" طرح في توقيت
سينمائي صعب بسبب الظروف السياسية ؟
علاقاتي كممثلة بالفيلم تنتهي فور انتهائي من تصويره ولا يحق لي
كممثلة ان اتدخل في ذلك، لكن حدث لقاء تشاوري بين صناع الفيلم، وفي النهاية
الشركة المنتجة قررت طرحه لانها رأت أن الوقت في مناسب، خصوصًا وان كل فترة
هناك شيء يحدث ولا يوجد موعد مضمون للعرض، كما انك عندما تشارك في فيلم
تكون متلهف لمعرفة رد فعل الجمهور عليه.
·
إعلان الفيلم اعطى صورة مختلفة
عن مضمونه، هل ترين ان ذلك كان له تأثير سلبي على ايرادات الفيلم؟
تريلر الفيلم لا يلخصه، لان جمال الفيلم ليس في مشاهد او افيهات ولكن
في طريقة سرد القصة، عندما تشاهد الفيلم تشعر انه يشحنك لطاقة ايجابية، ومن
الصعب ان يعطي التريلر حقه للفيلم، وهناك اشخاص شاهدوا التريلر واعتقدوا ان
الفيلم كئيب ولم يدخلوه لهذا السبب.
·
تردد انك بصدد البدء في مشروع
جديد مع المخرج عمرو سلامة؟
اتمنى ان يكون كل جديد بيني وبين عمرو سلامة لانه مخرج استمعت بالعمل
معه بشدة، وبالتأكيد سنعمل سويًا مجددًا خلال الفترة المقبلة، لكن في الوقت
الحالي عمرو لديه مشاريع وأولويات مختلفة عني وسنعود للتعاون سويًا.
·
المتابع الجيد لمشوارك الفني
يلاحظ ان الاعوام الثلاثة الاخيرة كنت فيها اقل إنتاجًا وعملًا عن ذي قبل،
فما السبب وراء ذلك؟
انجاب ابنتي عاليا كان سببًا في ذلك، كما ان لدي اسرتي التي تستحق مني
الرعاية والاهتمام، وبالنسبة لي بالطبع هي اهم من ان اتواجد بكثرة في
الأعمال، فضلاً عن ان معايير اختياراتي للأعمال الفنية تغيرت، بعدما جلست
لفترة طويلة فعلاً اقدم فيلمين تقريبًا في العام، لأنني شعرت اني قدمت ما
يكفي من اعمال صنعت لي صورة لدى الجمهور وقدمت ادوار متنوعة وغامرت فيها
كثيرًا حتى وصلت الى مكتسبات محددة لابد ان احافظ عليها، اضافة الى ان من
يعمل كثيرًا يخطأ كثيرًا ولا اريد ان اخطأ في اختياراتي.
تواصل: اصبحت اكثر اهتمامًا بالمشاريع الفنية التي اقدمها وان اكون
متواجدة فيها من البداية مثل "اسماء" و"عايزة اتزوج"، فهذه المشاريع كنت
فيها من البداية وأصبحت اشعر بالراحة في ذلك، خصوصًا ان التواجد من البداية
يكون ذو فائدة كبيرة باعتبار ان العمل جماعي وتكون هناك ورشة عمل للخروج به
للنور، ولا اوقع على العمل قبل بداية تصوير بأيام.
·
هل مسلسلك الجديد ينتمي الى نفس
النوعية ؟
بالفعل، المسلسل سيكون مع نفس الجهة التي قدمت معها مسلسل "عايزة
اتزوج" شريف المعلم وطارق الجنانيني ومصدرنا هو الأدب المعاصر لكني لن
استطع الكشف عن تفاصيله نظرًا لكوني لم اوقع التعاقد ولم اعتاد الحديث عن
مشاريع لم اوقع عليها.
·
كنت احد المؤيدين للثورة
التونسية، فهل ترين انها تسير على الطريق الصحيح؟
بالتأكيد، الاختيارات في تونس من البداية عليها وفاق شعبي ومجتمعي
ويرجع ذلك لعناصر كثيرة، وتم الاتفاق على أن يكون الدستور اولاً، ثم تشكيل
الجمعية التأسيسة ثم حكومة من المجلس المنتخب ورئيس مؤقت لحين اجراء
الانتخابات الرئاسية، مؤمنة بأن الثورة ستكتمل حتى نهايتها لان الناس الذين
صنعوها يستحقون حياة افضل.
·
هناك مخاوف من المد الإسلامي في
مصر فيما يتعلق بالفن، فهل هذه المخاوف موجودة في تونس؟
بالطبع هناك تخوف لكن هناك في مقاومة شعبية قبل ان يكون هناك تهديد
فعلي، فضلاً عن ان حزب النهضة التونسي ذو الاغلبية طمأن الفنانين والمثقفين
ويبدو انه يريد ان يحتذي بالنموذج التركي وأن تكون تونس دولة مدنية تحترم
الحريات، لكن هذا لا يمنع من ان هناك تجاوزات لكنها فردية لا تعبر عن الحزب
نفسه، وبطبعي لا احب الاستسلام ولا افتراض سوء النية في الاخر.
تواصل :هناك لقاءات دائمًا بين الفنانين والمثقفين والمجتمع المدني
سيكون له دور كبير ومهم في الفترة المقبلة لمنع اي تقييد للحريات سواء حرية
الرأي او الابداع لأنه لا يمكن ان نعود سلبين كما كنا من قبل، واعتقد ان
تونس من الممكن ان تكون دولة في التاريخ الحديث تقوم على التوازن بين
الأغلبية الحزبية ذات المرجعية الدينية ومبنية في الوقت نفسه على الفنون
والعلوم.
·
والسينما التونسية، هل يمكن ان
تعود للواجهة مجددًا ام ستواجه عقبات بسبب صعود التيار الديني؟
السينما التونسية موجودة في المهرجانات اكثر لانها ليست تجارية،
والمشكلة في تونس انتاجية بحتة نظرًا لان السينما تراجعت في الاعوام
الاخيرة وباتت تواجه ازمة حقيقة، فتونس تعتبر اقل دولة بها دور عرض
سينمائية في الوطن العربي على الرغم من انها دولة رائدة في مجال الفنون،
وهناك بادرة امل من وزير الثقافة الجديد حيث تم الاعلان عن دعم 40 فيلم
سينمائي خلال العام الجديد بتمويل من لجنة استشارية بالوزارة وهذه الاعمال
ان تم تنفيذ نصفها فحسب ستكون معجزة حقيقة وكل ما تحتاجه السينما التونسية،
بناء قاعات اكثر لعرض الافلام خصوصًا وانها مليئة بالمواهب.
·
هل ستعودين اليها؟
اتمنى ذلك بالطبع، لكن حتى الان لا يوجد لدي عمل يمكن اعود به خصوصًا
وانني انتظر سيناريو جيد يعيدني اليها.
·
تعتبرين من انشط الفنانين الذين
اختارتهم الأمم المتحدة ليكونوا سفراء لهم، لماذا لم تنفذي الزيارات
الخارجية التي أعلنت عنها سلفًا؟
الحقيقة اشعر بالاحباط من عدم تنفيذ هذه الزيارات، فعندما نقرر ان
نذهب الى مكان تكون هناك عوائق في ذلك، خصوصًا وان الزيارات تكون بالتنسيق
مع المكتب الاقليمي في القاهرة، فمثلاً كان من المفترض ان اذهب الى الصومال
لكن المكتب الاقليمي هناك لا يستطيع تحمل نفقات استضافتنا وبالطبع لا يجب
ان نكون عبئًا عليهم، خصوصًا وان اطعام الفقراء هناك اهم بكثير، كذلك اليمن
التي تعاني من كارثة حقيقة ويوجد بها 3.5 مليون جائع لكني ساقوم بزيارتها
في فبراير المقبل على الرغم من التحذيرات الأمنية.
·
وافقت مؤخرًا على المشاركة في
عضوية لجنة تحكيم مهرجان الاقصر للسينما الافريقية، ما سر حماسك للتجربة؟
بحكم نشأتي على ايام مهرجان قرطاج السينمائية كنت اشاهد الافلام
الافريقية واطلع عليها، وهذه الافلام لها بعد اقليمي وافريقي لمصر، خصوصًا
واننا بحاجة الى جذب الانتباه لهذه السينما الرائعة والمليئة بالعديد من
الروائع الفنية، ومن ثم فإنني بحاجة لاشاهد هذه الافلام من خلال المهرجان،
كما ان اختيار اقامة المهرجان بالاقصر امر جيد للغاية خصوصًا وانني من عشاق
الصعيد فضلاً عن عدم ضرورة اقامة كافة الفاعليات في القاهرة، واتمنى ان
يخرج بالدرجة التي اتوقعها.
إيلاف في
30/12/2011
السينما الأمريكية في مواجهة السينما الأوروبية
طلال عفيفي:
تاريخ السينما الأوروبيه هو تاريخ السينما في العالم، حيث بدأ هذا
الفن في إضاءة حياة الناس في آواخر تسعينيات القرن التاسع عشر على يد
الإخوة "لوميير" بجنوب فرنسا بعد تطويرهما لمعارف ونظريات في مجال تقنية
البصريات إمتدت قبلهما لقرون. وإمتد بعدها هذا الضوء ليغمر العالم.
السينما الأميريكية إشتد عودها وتوهجت في أربعينيات القرن الماضي،
وربما يعود ذلك إلى ملابسات الحرب العالمية التي أدت إلى هجرة الكثير من
العقول الأوروبيه صوب الساحل الشرقي للمحيط الأطلنطي. فالحرب التي حركت
آلاف العلماء في الفيزياء والطب والإنسانيات والكيمياء جعلت من الولايات
المتحدة مطبخاً مذدحماً بالإحتمالات وفرص العمل الخلاق، ويبدو هنا أنه كان
للسينما نصيب وافر من هذا الأمر.
كلاسيكيات السينما الأميريكية صنعها فنانون مهاجرون من أصل أوروبي،
آخذين في هذه النظره على سبيل المثال، فلم "كازابلانكا"- 1942، لمخرجه
المجري الأصل
Michael Curtiz.
كذلك تأثر تيار السينما الأميريكة بالفنان البريطاني
Alfred Hitchcok،
الذي يعد فلمه
Rear Window/ النافذة الخلفية، علامة فارقة في تاريخ السينما
الأميريكية؛
الأمر لا يتوقف على كونه هجرة مخرجين في عصر البناء الأول للسينما في
الولايات المتحدة، بل تعداه وأستمر إلى اليوم حيث يستطيع الناظر إستبيان
ملامح الإضافة الأوروبية للسينما هناك على كل المستويات من مخرجين وممثلين
وخلافة، حيث لا نستطيع إلى اليوم الحديث عن المشهد السينمائي الأيريكي دون
أن تومض في مخيلتنا أسماء مثل "خافيير باردام"، "بينيلوبي كروز" وطبعاً،
"آل باتشينو" و"آنتوني هوبكينز".
إذن، فقد لعبت السينما الأوروبيه في مواجهة رصيفتها الأميريكية دورا
ما يمكن أن نسميه بـ"مركز الإمداد" على مدى قرن من الزمان.
السينما الأوروبيه تأخذ شكلها وملامحها من مجموعة متباينة وشديدة
التنوع لثقافات القارة، بدءاً من أسبانيا جنوباً وحتى حتى فنلندا في
الشمال، مروراً بمدارس عظيمة شديدة التفرد مثل المدرسة الإيطالية
والفرنسية..
فخارطة السينما الأوروبيه أكثر تنويعاً وأخصب ألواناً -بحكم هذا
التنوع- من السينما الأميريكية التي تحكم فيها بشكل قوي المفهوم التجاري
المبني على الربح والحسابات المادية، إذ لم يرضخ صناع السينما في أوروبا
لهذا المنطق كثيراً وظلوا بمنأى عن جبروته في احيان كثيرة، ساعدهم في ذلك
إختلاف أنماط الإنتاج التي لا تعتمد في التمويل على الستوديوهات والشركات
بقدر ما تعتمد على الأموال التي تضخها قنوات التلفزة الحكومية كذلك المنح
الثقافية السخية التي تقدمها صناديق التنمية والجامعات بالإضافة إلى حكومات
الأقاليم في بعض الدول، مما خلق براحاً لتناول شريحة أوسع من الأفكار
والمعالجات سينمائياً.
في السنوات الأخيرة تميزت أوروبا بأفلام التخرج، وهي أفلام وإن كانت
من صنع مبتدئين، إلا أنها إجتازت كل إمتحانات الجدارة والنضج، مثل فلم
"حياة الآخرين" الذي أخرجه "فلوريان هينكل" كمشروع لتخرجه من مدرسة ميونيخ
للسينما والتلفزيون بدعم من قناة
ARTE التلفزيونيه وراديو ميونيخ، ومشروع التخرج هذا هو الفلم الذي فاز
بجائزة الأوسكار لأفضل فلم أجنبي )غير أميريكي( بالرغم من أن تكلفته الكلية
لم تتجاوز الإثنين مليون يورو، وهو مبلغ الذي يقل عن أي بند من بنود
الإنتاج للأفلام الأميريكية المنافسة!
تقنياً، تقف شركة آرري/ARRI
الألمانيه بقوة وإبتكار أمام منافستها
RED ، حيث قامت آرري بتطوير كاميرتها
ALEXA
التي تعمل اليوم بنشاط في مختلف أنحاء العالم بنظام الديجيتال لتحقيق
الصورة المثلى التي يحتاجها الفلم السينمائي. وهي كاميرا يقول خبراء
السينما انها أسهل إستخداماً وأفضل جودة من صنوتها
Red؛
أما ستديوهات مثل بافاريا في جنوب المانيا فتأخذ نصيبها في المواجهة
الشرسة أمام ستوديوهات هوليوود الممثلة على الأغلب في
Columbia Pictures، و
Warner Bros. الأميركيتين، وقد حدث أنه خلال العشرة سنوات
الأخيرة أن إستعانات كبريات شركات الإنتاج في أمريكا بالستوديوهات والكوادر
الأوروبيه في تصوير أفلامها وعمل المونتاج لها.
السينما الأميريكية تميزت منذ ستينيات القرن الماضي بأن أفلامها هي
الأكثر تداولاً وأن ممثليها هم النجوم، وهي السينما التي تخطر أسماء
أفلامها على البال حال الحديث عن السينما. لكن فنياً لايزال السؤال قائماً
ومهماً حول علاقة "الشعبية" بالنجاح الفني وتقييمه. وهو سؤال ليس سينمائياً
يقدر ما يمتدر ليشمل مختلف أنواع الإبداع، الأمر الذي يحيلنا حتى إلى صناعة
الكتاب والأدب، هل الكتب الأكثر مبيعاً هي الكتب الأميز في تاريخ الكتابة؟
هل الكتاب الأكثر شهرة هم الأكثر تأثيراً؟ سؤال مفتوح تجيب عنه الذائقة
والتلقي النشط المُحب للفن.
تبقى أن نقول أن نقاط التلاقي بين المبدعين وخلق الأفق المفتح بين
السينمائيين وتنمية سبل التعاون من خلال ربط خطوط الإنتاج السينمائي عبر
مختلف القارات أمر شديد الأهمية، وهي مسالة من صميم فلسفة السينما من حيث
أنها صناعة للوجدان ومد للجسور... وهو ما يحيلنا للحديث بسرعة عن الإنتاج
المشترك/
Co- production، فبلاد العالم الثالث الممتدة من أفريقيا وحتى
أواسط آسيا، والأفراد العاملين على صناعة سينما مستقلة يرزحون تحت نير شروط
إنتاج تعسفية، بسبب الرقابة وبسبب شح المعينات الإنتاجية والنقص المريع في
الأموال. ومما يجب علينا الإشارة إليه وجود ذلك التعاون الإنتاجي والقابلية
للتمويل من قبل مؤسسات وجهات أوروبية، مما يفتح نافذة للخلاص من هم ثقيل
يكتنف ويملأ بال صناع السينما في المنطقة.
صيغة التمويل المشترك، وبالرغم من تعقيداتها الإدارية تفك بعض خيوط
هذه العقدة، فنجد بمراجعة سريعة أن أفلاماً جيدة خرجت إلى النور من إيران
ومصر وونس والمغرب وفلسطين بدعم هذه الصيغة، حيث تقوم شركات في أوروبا
ومؤسسات تلفزة وجامعات بتوفير منح متباينة الأحجام لإنتاج أعمل فنية
مستقلة، لولاها لما ظهرت إلى النور اعمال مثل أعمال المخرج المصري "يوسف
شاهين الأخيرة" والإيراني "محسن مخملباف" وغيرهم.. أعمال ساهمت البيئة
السينمائية الأوربية في إنتاجها، وربما كان المشهد البصري أكثر فقراً
دونها.
إيلاف في
30/12/2011
«سينما
إن» على فضائية «الدنيا»:
إعلان مجاني لسوق الأفلام
الأميركية
سامر محمد اسماعيل
غريب فعلاً هذا
الاهتمام المتزايد بسوق الأفلام
الأميركية من دون سواها على شاشة قناة «الدنيا».
فالمتابع لحلقات البرنامج الأسبوعي «سينما
إن» لا يجد فيها إلا نسخة عن برامج
مشابهة على قنوات شبكة «إم بي سي» السعودية، الفضاء العربي
الأوسع للترويج عن صناعة السينما الأميركية، فيما
يتم إهمال السينما في باقي دول العالم، تحت ذريعة مصطلح
عجيب تعلنه الزميلة تولين مصطفى مقدمة البرنامج، وهو
«السينما العالمية». وكأن هذه «العالمية»
هي حكر على سينما السوق الأميركية السوداء!
إنها مفارقة لا يمكن
تجاهلها في فقرات «سينما إن» التي تستقي موادها من مواقع
إلكترونية، عارضةً أفيشات بصرية إعلانية عن أكثر
أفلام السينما الأميركية إيراداً في صالات العالم. فتقدم
فيلماً عن فتاة مغرمة بمصاص دماء، وعن رجال يستذئبون لحظة
اكتمال البدر كأيقونة بصرية لا ترد، وما على جمهور
العالم الثالث إلا التهامها والبحث عنها لمشاهدتها بأي
ثمن سواء عبر القرصنة أو عبر الذهاب إلى هوليوود!
المشاهد العربي والسوري خصوصاً
يتعرض لما يشبه تنميطاً جديداً من نوعه، بعد أن تمت مصادرة
وعيه على أن السينما هي أفلام أميركية بإنتاجات
مالية ضخمة تحصد ملايين الدولارات في شباك تذاكر «الصالات
العالمية»، وتتسابق أسبوعياً في فقرة «توب 10» طبعاً مع
نفسها، وخارج إطار منافسة أي سينما أخرى. ففي فقرات
«سينما إن» الذي يعده عبد الهادي عثمان لا وجود لأفلام
سينمائية سورية أو عربية أو لاتينية أو فرنسية أو روسية أو
إيطالية أو إيرانية، فسينما «الآن» هذه لا تعترف
بوجود ما هو خارج استوديوهات هوليوود، وهي التي ما برحت
تصدّر نماذج دموية على قدر كبير من الغرابة. فمن أفلام
مصاصي الدماء التي دفعت بطلاب أميركيين إلى
محاكاتها في حوادث مؤلمة، إلى إنتاج جديد لرجال عناكب يقفزون من
ناطحة سحاب إلى أخرى بقدرة قادر، إلى أفلام القتل والعملاء
السريين والمزدوجين.. بصرية
سينمائية تعكس عنفاً غير مسبوق، وتبثها قنوات عربية اختصت بها «إم بي سي 2»،
و«ماكس» وسواها، بالإضافةً إلى أفلام خاصة عن «مأساة جنود
أميركيين يقتلون على أيدي إرهابيين عراقيين، أو
يعانون في جبهات قتالهم من جوعهم إلى شطائر العمين «كنتاكي»
و«ماكدونالد»!
«سينما إن» يقلد على الأرجح موجة قنوات عربية
أخرى، لكنه ليس برنامجاً بقدر
ما هو إعلان مبطن لسينما العنف، سينما الرعب والدم والرصاص والفتك،
سينما لطالما أقصت تجارب سينمائية هامة حتى في أميركا
نفسها، سينما العولمة هذه لا تعترف بأي مقترح آخر.
ورواجها اليوم على شاشات الفضائيات العربية ليس غريباً، فهي
تحتل الصدارة في دور السينما حتى في أوروبا ذاتها،
والجمهور هناك لم يعد يشاهد أفلامه الوطنية إلا على
صعيد المهرجانات السينمائية. فسينما الشعوب غير متاح لها أن
تدخل سباق «التوب 10»، فهي متروكة على الأغلب لدور عرض
مظلمة، أو لمناسبات كرنفالية خاطفة.
المفارقة على قناة «الدنيا» هي عدم تجانس
خطابها الإعلامي مع برامجها في
المنوعات «الأرستقراطية». فمع أنها ترفع شعار «صوت الناس وصورة الحياة» إلا
أنها تنسى أن صوت هؤلاء الناس وصورتهم لا يمكن أن
تكون عبر نماذج أفلام شرب الدماء هذه، ولا يمكن
لعلي ديوب مخرج «سينما إن» أن يبقى مصراً على إخبار مشاهديه بمتابعة هذا
النوع من السينما بسبب تنوع الجمهور وتعدد رغباته. فكما
هناك مشاهد يحب أفلام القتل، يوجد آخر يحب مشاهدة
أفلام تحترم عقله ومشاعره، وإلا لن يكون برنامج «سينما
إن» إلا بمثابة إعلان مدفوع الثمن لسينما لا تريد دولاً
بقدر ما تسعى لأسواق، لا يرفع في سمائها إلا علم «الببسي
كولا»..
السفير اللبنانية في
30/12/2011 |