وكأننا ننتظر ساعة الحسم التي تهل علينا بعد ساعات مع إطلالة رأس
السنة.. البعض يحاول اختصار الموقف الحالي إلى تلك المعادلة.. الراقصة دينا
تتحدى التيار الديني المتشدد في مصر وسوف تقدم كعادتها ثلاث فقرات (نمر) في
ليلة رأس السنة تنتقل فيها من فندق إلى آخر رغم احتجاج قطاع عريض من هذا
التيار الذي لا يريد فقط منع الرقص ولا إغلاق الملاهي الليلية، ولكنه يحرم
الفن بكل أطيافه بل هناك من يحرم أيضا صوت الموسيقى حتى لو كانت مصاحبة
للغناء الديني!! الوسط الفني في حالة ترقب وانتظار ولكن البدايات تشير إلى
أن التوافق مع أي قيود قادمة تلوح في الأفق، سوف تسيطر على الصورة القادمة
للحياة الفنية، والتي سوف تمتد بالضرورة إلى الحياة الثقافية، راجع مثلا
البيانات التي أعلنتها غرفة صناعة السينما المصرية وأكثر من كيان سينمائي
وعدد من الفنانين تؤكد أنه من الممكن أن يشاركوا في التمثيل والتأليف
والإخراج والتوزيع بل والإنتاج تبعا لما يريده هذا التيار. وعدد من
المنتجين بالفعل أكدوا أنهم بصدد الإعداد لمشاريع مقدمة طبقا للمواصفات
الإسلامية، والحقيقة أنك لو عدت للتاريخ المعاصر سوف تجد شيئا قريبا من هذا
مع قيام ثورة 23 يوليو قبل نحو 60 عاما، شريعة الوسط الفني هي التوافق مع
أي نظام قادم!! لم يمضِ أكثر من أسبوعين على قيام الثورة حتى أصدر اللواء
محمد نجيب، أول رئيس لمصر، بيانا وجهه للفنانين عنوانه «الفن الذي نريده»،
وانتقد في هذا البيان الأفلام المصرية التي كانت تقدم في تلك السنوات
ودائما بها رقصة أو أكثر.. لو عدت للأرشيف السينمائي في مصر قبل عام 52
فإنه من النادر أن يخلو فيلم سينمائي من رقصات وأغانٍ وملهى ليلي بغض النظر
إذا كان الفيلم يحتمل ذلك أم لا، وقد عقد بعد ذلك رجال الثورة اجتماعا مع
عدد من السينمائيين طالبوهم فيه بأن يقدموا فنا يتوافق مع روح الثورة،
والغريب أن أغلب السينمائيين وافقوا على أن يقدموا في أفلامهم القادمة
قضايا وشخصيات بها روح الثورة.. أكثر من ذلك كان العدد الأكبر من
السينمائيين الذين حضروا المناقشة قد ارتدوا الزي «الكاكي» كنوع من
المبايعة للعسكريين لتأكيد أنهم على العهد يؤيدونهم.
شريعة الفنانين والنجوم تحديدا من الممكن أن تلخصها في هذا الشعار
الذي أطلقه سعيد صالح في مسرحية «هاللو شلبي» وهو «اللي يتجوز أمي أقوله يا
عمي» من يمسك زمام السلطة هم معه يبايعونه ويؤازرونه.. هم على استعداد
للعمل مع من يكسب وفي يده المقاليد أغلبهم لا يعنيهم سوى تلك المكاسب
القادمة بغض النظر عن التوجه السياسي أو الفكري.. رئيس غرفة صناعة السينما
منيب شافعي متوقف عن ممارسة الإنتاج السينمائي منذ أكثر من ربع قرن بل
وكثيرا ما يفكر في اعتزال المهنة بينما يتولى الإدارة الفعلية للغرفة محمد
حسن رمزي، الذي حرص على تأكيد ولاء الغرفة للحكم العسكري وصرح بأن مصر
تحتاج إلى حاكم عسكري كما أنه أيضا رحب بكل ما سوف ينتجه «الإخوان» وسوف
يعرضه في دور العرض التابعة له.. أكثر من ذلك فلقد كان يقدم في الكثير من
أفلامه ما يرضي هذا التيار بما يعرف بالسينما النظيفة التي بدأت في
الانتشار مع فيلم «إسماعيلية رايح جاي» بطولة محمد فؤاد ومحمد هنيدي، وهو
الفيلم الذي دشن ما يعرف ببداية ظهور المضحكين الجدد أعني بهم جيل هنيدي
وهاني رمزي وعلاء ولي الدين ومحمد سعد وصولا إلى أحمد حلمي.
وتستطيع أن تعتبر أن هذا الفيلم هو الذي فتح الباب للإنتاج السينمائي
الذي يقع تحت طائلة قانون الأفلام النظيفة بل في بعض الأفلام كان يتدخل هو
والمجموعة التي تضامنت معا في شركة ضخمة للإنتاج والتوزيع لتحقيق هذا النوع
من الأعمال الفنية الذي لم يقتصر فقط على الأعمال الكوميدية بل الأفلام
العاطفية أيضا مثل فيلم «في العشق والهوى» الذي أخرجته كاملة أبو ذكري،
فوجئت المخرجة بأن المنتج يتدخل لحذف قبلة اعتبرها خادشة للحياء تضمنها
الفيلم، رغم موافقة الرقابة على المصنفات الفنية على عرضها!! أغلب تصريحات
النجوم أمثال أحمد السقا ومحمد فؤاد وتامر حسني وحمادة هلال وأحمد عيد
وغيرهم تصب لصالح هذا الاتجاه، هم يرون دائما أن من يملك الحكم يصبح واجبا
عليهم أن يخضعوا له، هذا هو قانونهم وتلك هي شريعتهم في الوسط الفني، لأن
مصالحهم في النهاية هي التي تدفعهم إلى اختيار هذا الطريق أو غيره.. مثلا
كانت السينما في السبعينات تسمح بمساحات مبالغ فيها من العري والمشاهد
الساخنة، وأشهر نجمتين كانتا تقدمان هذه النوعيات من الأفلام هما نادية
الجندي ونبيلة عبيد. وأكثر موزع سينمائي تخصص في الترويج لهذا النوع من
الأفلام هو محمد حسن رمزي، نائب رئيس غرفة صناعة السينما الذي تحول مع
تغيير المؤشر إلى السينما النظيفة.
ومن الممكن كما صرح الآن أن يوزع الأفلام التي تنتجها الجماعات
الإسلامية بل وينتج لهم ما يرونه ملائما لهم.. شركات الإنتاج، أتحدث بالطبع
عن الأغلبية، سوف تتوافق مع أي تيار قادم طالما تحقق عن طريقه مكاسبها، هم
يريدون في نهاية الأمر غطاء من الحماية الأدبية التي تضمن لهم أن يواصلوا
إنتاجهم بعيدا عن غضب النظام.. لقد قام بعض أعضاء الجماعة الإسلامية مؤخرا
بتوجيه رسالة تطمينية إلى العاملين في الوسط الفني يؤكدون من خلالها أنهم
ليسوا ضد الإبداع وهكذا تمت زيارة أعضاء من الجماعة الإسلامية في مصر
لنقابة الممثلين، خاصة أن عددا من شركات الإنتاج لا تزال تتحسس الخطوات
القادمة.
لو ألقيت نظرة على إنتاج عام 2011 سوف تكتشف سينمائيا أن عدد الأفلام
المعروضة قد وصل إلى 25 فيلما، كان الرقم في العام الماضي 29 فيلما، أي أن
التراجع ليس كبيرا، رغم الظرف الاستثنائي الذي عاشته مصر في 2011، حيث طبق
قانون حظر التجول في أثناء الثورة كما أن المزاج النفسي لم يكن مشجعا على
الذهاب إلى دور العرض، شهد هذا العام لأول مرة عرض الفيلم التسجيلي الطويل
«التحرير 2011: الطيب والشرس والسياسي» عرضا تجاريا، وهي سابقة تحدث لأول
مرة في السينما المصرية، وهو أفضل فيلم مصري عرض في السينما.
وحاول عدد من الأفلام أن يتمسح في روح الثورة إلا أنها في مجملها لا
تستطيع أن تعثر خلالها على فيلم وصل إلى روح الثورة باستثناء الفيلم
التسجيلي «الطيب والشرس والسياسي»، باقي الأفلام حاولت أن تجد شيئا يربطها
بروح الثورة مثل «الفاجومي» الذي تناول حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم، وكانت
أحداثه تنتهي مع الانتفاضة التي حدثت في 18 و19 يناير 1977 ولكن قفز المخرج
إلى 25 يناير مستغلا قصيدة لنجم يقول مطلعها «تهل البشاير في يناير».
في فيلم «صرخة نملة» كان الفيلم في البداية عنوانه «الحقنا يا ريس»
وبعد الثورة تم إجراء عدد من التغييرات وتغير مضمونه من انتظار الرئيس لكي
يحل مشكلة البطل إلى أن يسقط البطل الرئيس ويطيح به، أضيفت للفيلم نهاية
أخرى غير تلك التي كانت في السيناريو الذي تمت الموافقة عليه قبل الثورة
وعرض هذا الفيلم في قسم سينما الشاطئ بمهرجان «كان»، وذلك في إطار تكريم
السينما المصرية.. أيضا من بين الأفلام التي عرضت في مهرجان «كان» «18
يوما» وهو يتكون من عشرة أفلام روائية قصيرة، والحقيقة أن أغلب هذه الأفلام
لم يرق لمستوى الحدث وكان مجرد استثمار للثورة!! في أفلام أخرى مثل «سامي
أكسيد الكربون» وضعت بعض الجمل التي تناثرت هنا وهناك تتحدث عن الثورة، وهو
ما تكرر في أفلام مثل «بيبو وبشير»، خاصة هتاف «الشعب يريد» الذي كان هو
أشهر نداء صاحب ثورات الربيع العربي.
في فيلم «تك تاك بوم» الذي شهد عودة لمحمد سعد مستعينا بثورة 25 يناير
ولكنه لم يتجاوز الحديث عن الدفاع المدني وكان يتحفظ في تأييد الثورة بل
كان حرص النجم الذي كتب أيضا السيناريو في الدفاع عن وزارة الداخلية.. أيضا
فيلم «أمن دولت» لحمادة هلال حاول أن يجد لنفسه أي مساحة مع الثورة بتناوله
أمن الدولة، هذا الجهاز الذي ارتبط في عهد مبارك بأسوأ الممارسات بل تم
تغيير عنوانه إلى الأمن الوطني.. لا تستطيع بين هذه الأفلام سوى أن تتوقف
أمام فيلم «الطيب والشرس والسياسي»، حتى الأفلام التي سوف تعرض الأربعاء
القادم «واحد صحيح» و«عمر وسلمى» و«بنات العم» تظل بعيدة عن الدخول إلى
معترك السياسة.
إلا أن الرقابة الآن لديها عدد ضخم من الأفلام المعدة لـ2012 التي
تتناول التوريث وتتحدث عن جمال وعلاء ومبارك وزكريا عزمي وصفوت الشريف
وفتحي سرور تصريحا أو تلميحا حتى الآن لم تخرج هذه السيناريوهات إلى إطار
التنفيذ، وأعتقد أننا كما شاهدنا في 2011 أعمالا متسرعة عن الثورة كانت
مجرد لمحة من الثورة أو محاولة للتمسح بها سوف تخرج أغلب هذه الأفلام
مبتورة.. لست متفائلا بالقادم سينمائيا في 2012 خاصة أن الأحداث لا تزال
تتلاحق ولم نصل بعد إلى شاطئ الحقيقة الذي يستطيع بعده السينمائي أن يقدم
عملا فنيا يستند فيه إلى تلك الحقائق. أغلب الظن - وليس كل الظن إثم - أننا
سوف نرى أعمالا متشابهة لما شاهدناه في أعقاب الثورة.
ويبقى التيار الديني الذي صار مهيمنا على الكثير هل نشاهد أعمالا فنية
طبقا للشروط التي يروج لها التيار الديني حيث كل النساء محجبات في كل
المواقف كما تمنع فيه القبلات من الأفلام وأي مشاهد حميمية.. لا أتصور
بالمناسبة أن الرقابة سوف تتشدد في تطبيق معايير صارمة في هذا الاتجاه ولكن
هذا لن يمنع أن نرى فنا موازيا يقدم أعمالا فنية تراعي الشروط الدينية إلا
أنه لن يصبح هو الفن السائد، بالإضافة إلى أنه من خلال بعض التجارب السابقة
لم يصبح يوما هو الفن السائد.. قبل 5 سنوات عرض فيلم «كامل الأوصاف» بطولة
حلا شيحة، قُدم الفيلم دراميا طبقا لشروط الحجاب، أي أن البطلة في كل
مشاهدها تظل محجبة حتى تلك التي تتطلب خلع الحجاب ولم يحقق الفيلم أي نجاح
جماهيري يذكر.
المعركة لن تراها بهذه البساطة ولا بهذا التطرف، رقصات دينا في رأس
السنة لن تصبح هي المدفعية المضادة التي تواجه التطرف الإسلامي.. المجتمع
المصري بطبعه يميل للوسطية ولن يترك الأمر يصبح بين هذين الاختيارين، فقط
أتصور أن الأعمال الفنية سوف تجد متنفسا في تلك المنطقة المتوسطة، وهي التي
سوف تكسب في نهاية الأمر بين الإفراط والتفريط.. الجمهور سوف يتجه للعمل
الفني الذي يراه قريبا ومعبرا عنه، ودعونا ننتظر 2012.
الشرق الأوسط في
30/12/2011
أبرزهم هند رستم وكمال الشناوي وعمر الحريري
2011..
عام رحيل نجوم زمن الفن الجميل في مصر
القاهرة: محمد عجم
غيب الموت في مصر في عام 2011 عددا كبيرا من الفنانين والفنانات داخل
الوسط الفني، سواء في مجال الطرب والغناء أو التمثيل، بعد أن تركوا خلفهم
تركة فنية كبيرة، يحتفظ بها جمهورهم العريض في ذاكرته الفنية، ليزيد رحيلهم
من حالة الألم التي تضرب الوسط بسبب تداعيات ثورة 25 يناير (كانون الثاني)
على الحالة الفنية وقلة الأعمال المقدمة.
ولم يسلم فنانون آخرون من شائعات لاحقتهم تفيد بوفاتهم، على رأسهم
الفنان عادل إمام الذي استأثر بمفرده بخمس شائعات على مدار شهور العام، ثم
كانت شائعة الفنانة الشابة منة شلبي هي آخر تلك الشائعات.
فبعد ساعات قليلة من بداية العام فقد الوسط الفني المصري الفنان محمد
الدفراوي، الذي غيبه الموت عن عمر يناهز الـ90 عاما بعد صراع مع مرض الكبد،
وبعد رحلة عطاء حافلة مع الفن عبر نصف قرن، قدم خلالها أكثر من مائة عمل
مسرحي وتلفزيوني وسينمائي، كان أشهرها أفلامه «النوم في العسل»،
و«الإرهابي»، و«الباشا تلميذ»، و«الطريق إلى إيلات»، و«الناجون من النار»،
ومن أهم مسلسلاته «إمام الدعاة»، و«أهالينا»، و«ذئاب الجبل»، كما قدم
أدوارا متنوعة في مسرحيات «دنشواي الحمراء»، و«كفاح شعب»، و«تحت الرماد»،
و«السلطان الحائر»، و«مصرع كليوباترا».
وشهد 2011 رحيل الفنانين كمال الشناوي وعمر الحريري، نجمي الزمن
الجميل اللذين تركا بصمة متميزة بفنيهما، فالشناوي رحل في شهر أغسطس (آب)
الماضي عن 89 عاما، وهو أحد «دنجوانات» السينما المصرية في عصرها الذهبي،
وأحد أهم كبار نجومها، حيث قدم على مدار حياته أكثر من 300 فيلم تنوعت من
الخير للشر والدراما والكوميديا، وخلال الأربعينات والخمسينات كان الشناوي
فتى الشاشة الأول نظرا لوسامته من ناحية، كما تمتع بإحساس فني وبحضور لافت
وجذاب على الشاشة، ساندته مقدرة على التنوع والتقمص لشتى الأدوار في
الدراما والكوميديا.
أما عمر الحريري، فلحق بالشناوي بعد شهرين، عن عمر يناهز 85 عاما، و60
عاما من العطاء الفني، وهو أبرز الذين لعبوا دور «الرجل الثاني» في السينما
المصرية، ويبلغ رصيده السينمائي 103 أفلام، منها «الوسادة الخالية»
و«الناصر صلاح الدين»، و«سكر هانم»، كما أنه يعد من ألمع نجوم التلفزيون
بتقديمه لمسلسلات شهيرة مثل «أحلام الفتى الطائر»، و«خالتي صفية والدير»،
و«ساكن قصادي»، و«عمر بن عبد العزيز»، و«السيرة الهلالية»، و«شيخ العرب
همام».
«مارين مونرو الشرق» هند رستم كانت هي أبرز الفنانات الراحلات، بعد أن
غيبها الموت عن عمر يناهز 82 عاما بعد تعرضها لأزمة قلبية مفاجئة توفيت على
أثرها، ورغم اعتزال رستم التمثيل قبل سنوات طويلة فإن تاريخها كان لامعا،
بعد أن قدمت 74 فيلما، مثل أفلام «إشاعة حب» و«سيد درويش» و«الراهبة»
و«الزوج العازب» و«تفاحة آدم» و«الخروج من الجنة» و«شفيقة القبطية» و«ملكة
الليل» و«كلمة شرف». وتضمنت قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين
أربعة أفلام لها تعد من كلاسيكيات السينما العربية، هي: «رد قلبي»، و«باب
الحديد» و«بين السماء والأرض» و«صراع في النيل».
رحلت كذلك الفنانة خيرية أحمد عن عمر يناهز 74 عاما، وتعد الراحلة
واحدة من أبرز الفنانات المصريات على الرغم من أنها لم تقدم دور البطولة
المطلقة، لكنها نجحت في حجز مكان متميز في قلب الجمهور، وعلى الرغم من أنها
لم تقدم طوال مشوارها الفني أي عمل رومانسي ولم تجسد مطلقا دور الفتاة
الرومانسية البريئة؛ وقدمت أفلاما كثيرة منها «شيلني وأشيلك» و«إخواته
البنات» و«أميرة حبي أنا» و«عجايب يا زمن» و«السيرك» و«فطومة». كما عانت
أيضا في الدراما التلفزيونية من حصر المخرجين لها في دور الأم الذي حاولت
من خلاله أن تقدم نموذجا مشرفا للأم المصرية لتقدم ذلك في مسلسلات كثيرة
منها «الحقيقة والسراب» و«العميل 1001» و«أين قلبي».
وودع الوسط الفني كذلك عددا من المطربين الذين ودعوا جمهورهم لكن ما
زالت أصواتهم تشدو بالغناء، كان في مقدمتهم المطربة سعاد محمد، التي يضم
رصيدها الغنائي الكثير من أجمل الأغاني الشرقية، منها «وحشتني» وأغاني فيلم
«الشيماء». وُلدت في بيروت لأب مصري هاجر من بلدته أبو تيج في محافظة أسيوط
وأم لبنانية، لكنها نشأت في دمشق التي أطلقت موهبتها الغنائية منها
واستكملتها في حلب التي تعتبر مدينة الطرب العربي. ولسعاد محمد مشاركتان
سينمائيتان فقط هما فيلم «فتاة من فلسطين» عام 1948 الذي يعتبر أول فيلم
عربي عن القضية الفلسطينية، و«أنا وحدي» عام 1951.
ورحل المطرب الشعبي حسن الأسمر، الذي كان يعتبره البعض خليفة المطرب
أحمد عدوية في هذا اللون، حيث بزغ نجمه في أوائل التسعينات من القرن الماضي
بأغنيات حققت انتشارا واسعا بين المستمعين، منها «كتاب حياتي»، و«الواد
الجن»، و«مش هسيبك»، و«أنا أهه»، كما شارك الأسمر في عدد من أفلام اتّسم
أغلبها بالطابع التجاري، مثل «فتحية والمرسيدس» و«امرأة و5 رجال»، كما شارك
في بطولة عدد من المسلسلات أبرزها على الإطلاق «أرابيسك».
وغيب الموت أيضا المطرب طلعت زين، في شهر أغسطس الماضي، بعد صراع طويل
مع المرض، اشتهر زين بعشقه للموسيقى، خاصة الموسيقى الغربية، واقتحم طلعت
زين المجال الفني من خلال انضمامه لفرقة «بتى شاه»، التي غنى المغني
العالمي جيمس براون معها إحدى أغنياتها، لكنه اكتسب الشهرة بعد ظهوره في
كليب أغنية «تعالى» للمطرب عمرو دياب في أوائل التسعينات من القرن الماضي.
ومن أهم أفلامه «أفريكانو» مع أحمد السقا، وتجسيده شخصية الرئيس المصري
الأسبق أنور السادات في فيلم «جمال عبد الناصر»، بينما كان آخر أفلامه «الزمهلاوية»
عام 2008. وأنتج زين ألبوما غنائيا وحيدا باسم «تيك تاك».
وكانت المفاجأة التي أصابت الوسط الغنائي هي رحيل المطرب عامر منيب،
الذي غيبه الموت عن عمر يناهز 48 عاما، وذلك بعد صراع قصير مع المرض، نشأ
عامر منيب في أسرة فنية، حيث تربى في بيت جدته الفنانة الشهيرة ماري منيب،
ليتعلق عامر بالتمثيل وتمنى أن يخوض تجربة السينما، لكن القدر شاء أن يذهب
به إلى عالم الغناء، ليشتهر بلقب «ملك الرومانسية»، بعد أن بدأ مشواره
الغنائي عام 1990 عندما أطلق ألبومه «لمحي»، وذلك بعد 3 سنوات من اكتشاف
الموسيقار حلمي بكر لموهبته عند سماعه وهو يغني في إحدى السهرات الرمضانية
عام 1987.
كذلك شهد عام 2011 رحيل الفنان المصري سيد عزمي، في شهر نوفمبر (تشرين
الثاني) بعد صراع مع مرض سرطان الرئة، واشتهر عزمي بأداء شخصية محببة
للأطفال في فترتي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي من خلال الأداء
الصوتي لشخصية «بقلظ» التي كانت عبارة عن عروسة ماريونت تظهر بشكل دائم مع
الإعلامية والفنانة نجوى إبراهيم في برنامج الأطفال «صباح الخير»، الذي
استمر لمدة 17 عاما متواصلة.
وبعده بأيام قليلة غيب الموت الفنان محمود عزمي عن عمر يناهز 86 عاما،
وذلك بعد إصابته بهبوط حاد في القلب، كان الرحل زميلا للكثير من الفنانين
مثل شكري سرحان وفريد شوقي وغيرهما، وشغل قبل رحيله منصب مدير المسرح
الحديث. كما كان له تاريخ طويل مع السينما حيث قدم الكثير من الأعمال مثل
«سنوات الحب»، و«حياة وأمل»، و«إني راحلة»، و«بين السماء والأرض»، و«مطاردة
غرامية»، و«شاطئ الأسرار». وأبرز أعماله التلفزيونية «أبو حنيفة النعمان»،
و«هارون الرشيد»، و«هارب من الأيام».
كما رحلت الفنانة نادية عزت عن عمر يناهز 73 عاما، وقد بدأت حياتها
الفنية بفيلم «السايس» في عام 1950 وشاركت في أكثر من 71 عملا بين السينما
والتلفزيون منها «معبودة الجماهير» و«التلميذة والأستاذ» و«لا يا من كنت
حبيبي» و«جبروت امرأة» و«عائلة الأستاذ شلش» و«انتبهوا أيها الأزواج»
و«المال والبنون» و«خالتي صفية والدير» و«يوميات ونيس».
كما رحل خلال العام الفنان محمد ناجي، الذي اشتهر بأدوار الشر في
السينما والتلفزيون، ومن أبرز أدواره في السينما «أبناء وقتلة»، و«أقوى
الرجال»، وفي التلفزيون مسلسل «المصراوية» و«ليالي الحلمية» و«أيام الرعب
والحب» و«مبروك جالك قلق».
واختتم العام برحيل الفنان أحمد سامي عبد الله، وذلك عن عمر يناهز
الـ81 عاما، أشهر عجوز في السينما المصرية، كما اشتهر الراحل بأدوار الرجل
الطيب في الدراما التلفزيونية، ومن أشهر أفلامه «الكيت كات» بطولة محمود
عبد العزيز، وفيلم «المولد» مع عادل إمام، كما شارك بصوته في مسلسل الأطفال
الشهير «بوجي وطمطم»، وبدأ الراحل مسيرته الفنية في سن متأخرة للغاية حيث
بدأت حياته الفنية في سن الـ50 عاما.
الشرق الأوسط في
30/12/2011 |