ربما كان العام المنصرم ،2011 من بين الأعوام التي شهدت رحيل عدد كبير
من الفنانين والفنانات منذ سنوات بعيدة، لدرجة أنهم أطلقوا عليه “عام أحزان
الفنانين”، حيث ودّع الساحة الفنية عدد كبير من الفنانين العرب من مختلف
الأعمار، بلغ 21 فناناً، تسعة منهم من مصر والباقي من الكويت ولبنان
وسوريا، نرصد مسيرتهم في هذه السطور .
رحل عن مصر خلال هذا العام عدد كبير من أهل الفن، ربما كان أبرزهم
الفنانون كمال الشناوي، وعمر الحريري، وهند رستم، وخيرية أحمد، وطلعت زين،
وسيد عزمي، وحسن الأسمر، وكان آخرهم المطرب والممثل الشاب عامر منيب عن عمر
يناهز (48 عاماً)، بعد صراع طويل مع المرض استمر ما يزيد على العام، طاردت
فيه شائعات الوفاة المطرب الشاب، وتحديداً على مدى الشهر الأخير من عمره
بسبب تدهور حالته الصحية بشكل كبير ودخوله غرفة العناية المركزة أكثر من
مرة، فضلاً عن دخوله في غيبوبة لفترة تقترب من الشهر، الذي كان الأخير في
حياته، ليتسبب مرض “سرطان القولون” في غياب عامر منيب عن الحياة .
كانت رحلة عامر مع المرض قد بدأت منذ بداية عام ،2010 واضطر إلى إجراء
جراحة دقيقة في ألمانيا استأصل خلالها جزءاً من القولون، وعاد بعدها إلى
القاهرة بعد أن ظل بعيداً عن كل التطورات التي حدثت منذ اندلاع الثورة في
25 يناير ،2011 وبعد تحسّن صحته، عاد إلى مصر، لتتدهور صحته سريعاً في
نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ليكتب السطر الأخير عمن رحلوا خلال 2011
.
ورغم أن عامر لم يصل إلى قائمة أبرز المطربين على الساحة المصرية منذ
دخوله الساحة الفنية قبل ربع قرن، فإنّه تمتّع بشعبية كبيرة، بسبب سيرته
الشخصية التي خلت من أي خلاف مهني أو شخصي مع زملائه، فضلاً عن انتمائه إلى
جدته الراحلة عملاقة الكوميديا ماري منيب، فلم يحتج عامر إلى وقت طويل كي
يصل إلى قلوب الجمهور، وهو الأمر الذي أفاده وأسهم في انتشاره في بداية
التسعينات بأغنيات عدة أبرزها “فاكر” قبل أن يدخل عالم السينما، ويقدم
أربعة أفلام نجح منها بقوة فيلم “سحر العيون”، بينما لم تحقق الأفلام
الثلاثة الأخرى الإقبال نفسه، وهي “كامل الأوصاف”، و”كيمو وأنتيمو”،
و”الغواص”، أما ألبوماته فبلغت 13 ألبوماً أبرزها “حاعيش، وحظي من السما،
وأول حب، والله عليك، ولمحي”، غير أنه منذ تعاقده مع شركة “روتانا”، خفت
نجمه بقوة .
كانت بداية أحزان العالم مع الفنان الكبير محمد الدفراوي، الذي رحل في
مطلع يناير/كانون الثاني من عام ،2011 وقبل قيام ثورة الخامس والعشرين من
يناير، حيث توفي بعد صراع طويل مع المرض، وتدهورت حالته الصحية بعد أن
داهمته آلام الكبد، وخضع لعدة عمليات جراحية .
كان محمد الدفراوي قد تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على
بكالوريوس الفنون المسرحية عام 1955 لينتقل بعدها بين مسارح القطاع الخاص
والقطاع العام، وعمل في عدد من المسرحيات منها “دنشواي الحمراء”، و”كفاح
شعب”، و”تحت الرماد”، و”السلطان الحائر”، و”مصرع كليوباترا”، و”الموت يأخذ
إجازة”، وإلى جانب المسرحيات، شارك الدفراوي في عدد كبير من الأعمال
السينمائية والتلفزيونية، كان أشهرها “النوم في العسل” و”الإرهابي”
و”الباشا تلميذ” و”الطريق إلى إيلات” و”الناجون من النار”، ومن أهم
مسلسلاته “محمد رسول الله” و”إمام الدعاة” و”أهالين” و”ذئاب الجبل”، فضلاً
عن كثير من الأعمال الإذاعية ربما أهمها “أبواب المستحيل الخمسة” .
وفي الثامن من أغسطس/آب رحلت الفنانة الكبيرة هند رستم عن عمر يناهز
(82 عاماً) - 11 نوفمبر 1929 - بعد إصابتها بأزمة قلبية حادة نقلت على
إثرها إلى مستشفى البرج، وهناك لفظت أنفاسها الأخيرة، لتغادرنا واحدة من
أهم الفنانات في تاريخ السينما المصرية والعربية، بعد تاريخ طويل حافل
بالعطاء منذ أن قدمت مشاهدها الأولى في فيلم “غزل البنات”، إلى أن تألقت مع
المخرج حسن الإمام وبركات ويوسف شاهين، وغيرهم من كبار مخرجي السينما
المصرية الذين قدمت معهم أكثر من 74 فيلماً سينمائياً، حيث كان أول ظهور
فني لها عام 1949 في أغنية “اتمخطري يا خيل” لمدة دقيقتين ك”كومبارس” تركب
حصاناً خلف ليلى مراد في فيلم “غزل البنات” مع نجيب الريحاني ويوسف وهبي،
ثم توالت بعد ذلك الأدوار الصغيرة حتى التقت المخرج حسن رضا الذي تزوجها
وأنجبت ابنتها “بسنت”، وبدأت رحلة النجومية في السينما .
اشتهرت هند رستم بأدوار الإغراء في السينما المصرية في الخمسينات،
وعرفت ب”ملكة الإغراء” أو مارلين مونرو الشرق، لشبهها الظاهر بمارلين مونرو
بشعرها الأشقر المعروف وخفة دمها، قدمت الكثير من الأعمال السينمائية منها:
“أزهار وأشواك، الأب، الروح والجسد، جواهر، على أد لحافك، العقل زينة،
انتصار الإسلام، حب في الظلام، اللقاء الأخير، طريق السعادة، جحيم الغيرة،
الناس مقامات، واعترافات زوجة” وكان آخر أفلامها “حياتي عذاب” في عام ،1979
وقررت بعده اعتزال الفن نهائياً، لتتفرغ لرعاية أحفادها من ابنتها “بسنت”،
ورعاية زوجها الدكتور محمد فياض .
بعد أيام من رحيلها، وفي أغسطس/آب من العام نفسه رحل أحد أعلام الفن
السابع الذين تركوا بصمة حية ومتميزة في الوجدان العام . . الفنان كمال
الشناوي، عن عمر يناهز التسعين عاماً - 26 ديسمبر 1922 - بعد رحلة خصبة
حافلة بالعطاء أثرى خلالها شاشتي السينما والتلفزيون بالمئات من الأفلام
والمسلسلات المهمة .
كان كمال الشناوي أحد نجوم الزمن الجميل، وفتى الشاشة في فترة
الخمسينات والستينات والسبعينات، ما جعل من حوله يلقبونه ب”دونجوان” تلك
الفترة، كونه الفتى الوسيم الذي تقع في غرامه الفتيات .
نال كمال الشناوي في حياته الكثير من الجوائز، منها: جائزة شرف من
مهرجان المركز الكاثوليكي عام ،1960 وجائزة الامتياز في التمثيل من مهرجان
جمعية الفيلم عام ،1992 وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996
اختار سينمائيون 5 أفلام شارك فيها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ
السينما المصرية، وهي: “أمير الانتقام، اللص والكلاب، المستحيل، الرجل الذي
فقد ظله، والكرنك” .
كان الفنان الراحل قد توارى عن الأنظار منذ سنوات بسبب مرضه، لكن ذلك
لم يمنعه من التعليق على قيام ثورة 25 يناير، حيث أبدى رأيه فيها قبل عدة
أشهر قائلاً: “سلام على الشباب الذي قام بثورة ما أحلاها، فهذه الثورة من
أعظم الثورات”، مؤكداً أن الشباب هم الذين قاموا بثورة 25 يناير، واستطاعوا
عمل تغيير بشكل كبير أكثر من الثورات الماضية، كما عبر عن سعادته بما حققته
هذه الثورة، مؤكداً أنه تابع لحظة بلحظة كل الأحداث .
ويبدو أننا كنا على موعد مع شهر أغسطس/آب ،2011 بأكثر من مفاجأة غير
سارة، برحيل أكثر من فنان خلاله، فقد توفي أيضاً المطرب الشعبي حسن الأسمر
بمستشفى “كليوباترا” في مصر الجديدة بالقاهرة، عن عمر يناهز 52 عاماً -
أكتوبر 1959 - إثر أزمة قلبية مفاجئة، فلم يكن حسن يعاني أمراضاً، بل إنه
قبيل وفاته وقبل حلول شهر رمضان الماضي، قام بتصوير حملة إعلانية لإحدى
شركات المحمول، وبدأت تعرض خلال شهر رمضان، ليكون خبر وفاته صادماً للجميع،
لأكثر من سبب، ربما أولها أنه لم يكن يعاني أي أمراض، فضلاً عن صغر سنه
واندماجه في العمل الفني حتى اللحظات الأخيرة من حياته .
ولد حسن الأسمر في حي العباسية بالقاهرة، بينما تنتمي أصوله إلى صعيد
مصر وتحديداً محافظة قنا ليتحول سريعاً في النصف الثاني من ثمانينات القرن
الماضي - بعد أفول نجم الأغنية الشعبية أحمد عدوية - إلى أحد أشهر مطربي
اللون الشعبي في الشارع المصري، وتخطفه السينما ليقدم عدداً من الأفلام
إضافة إلى عدة مسرحيات ومسلسلات تلفزيونية .
ولم يمر سوى أيام قليلة حتى رحل أيضاً الفنان طلعت زين، عن عمر يناهز
56 عاماً، بعد عام ونصف العام من المعاناة مع المرض، بعد إصابته بسرطان
الرئة، غير أنه تلقى وقتها علاجاً خطأ أثر سلباً في حالته الصحية والنفسية،
واضطر للسفر إلى مستشفى “كرومل” بلندن، وقام بإجراء بعض التحاليل، واضطر في
النهاية إلى استئصال فصين من الرئة، وبدأ يسترد عافيته قليلاً، وصحب ذلك
زيادة كبيرة في الوزن، غير أن القدر كان له بالمرصاد حيث طارده السرطان في
المخ واضطر أيضاً إلى إجراء عملية كبيرة، وبعد أن استقرت حالته عاد إلى
منزله، لكن هذه المرة لم يكن قادراً على النطق أو الحركة، وأوقات أخرى لم
يكن يتعرف إلى أصدقائه، واستمر ذلك شهرين إلى أن ساءت صحته واضطرت زوجته
لنقله إلى أحد المستشفيات، وقد نجح في استرداد وعيه وتعرف إلى أصدقائه،
ولكنها كانت نظرة الوداع .
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توفي الفنان المصري القدير عمر
الحريري مساء الأحد، بمستشفى الجلاء العسكري عن عمر يناهز ال 86 عاماً، بعد
صراع دام أربعة أيام فقط مع المرض، حيث كان قبلها يقف على خشبة المسرح
سعيداً بمشاركته في مسرحية “حديقة الأذكياء” على مسرح الطفل، فضلاً عن
مشاركته في دراما رمضان الماضي في مسلسل “سمارة” .
ولد عمر الحريري في 12 فبراير/شباط ،1926 ودرس في المعهد العالي
للتمثيل العربي وتخرج في دفعة الممثل شكري سرحان عام ،1947 وبدأ مشواره
الفني من خلال عمله بالمسرح القومي، الذي قدم فيه عدة مسرحيات ناجحة ثم عمل
في عدة مسارح وقدمه للجمهور الفنان الراحل يوسف وهبي في مسرحياته، ليشهد
عام 1950 أول لقاء بين عمر الحريري وكاميرات السينما حين ظهر في أول أفلامه
“الأفوكاتو مديحة” أمام مديحة يسري ويوسف وهبي .
اشتهر الحريري بتقديم عدد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية مثل
“الناصر صلاح الدين، وغصن الزيتون، والمذنبون، ومعالي الوزير”، ومسلسلات
مثل “عمر بن عبدالعزيز، وأحلام الفتى الطائر”، وعدد من المسرحيات أشهرها
“شاهد ما شافش حاجة، والواد سيد الشغال” مع الفنان عادل إمام .
وآخر أعماله التلفزيونية مسلسل “شيخ العرب همام” مع الفنان يحيى
الفخراني في رمضان ،2010 ثم “سمارة” في رمضان 2011 .
وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني توفي الفنان سيد عزمي، بعد صراع مع
المرض، استمر خمس سنوات داخل مستشفى عين شمس التخصصي، حيث قام بإجراء عملية
جراحية لاستئصال ورم في المخ .
اشتهر الفنان الراحل منذ بداية الثمانينات بأداء شخصية “بقلظ” في
مسلسل الأطفال “صباح الخير”، مع الإعلامية نجوى إبراهيم، كما قام بالأداء
الصوتي ل”زيكا” بمسلسل الأطفال “بوجي وطمطم”، ثم اتخذت مسيرته التلفزيونية
شكلاً مختلفاً ومهماً حين أصبح جزءاً أساسياً في شراكة طويلة الأمد مع
الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة في أغلب أعماله، مثل “الشهد والدموع”،
و”الريس زكريا” في المسلسل الملحمي “ليالي الحلمية”، الذي امتد عبر خمسة
أجزاء، و”الراية البيضا، وأرابيسك، وزيزينيا، وعفاريت السيالة”، وصولاً إلى
مسلسل عكاشة الأخير “المصراوية”، إضافة إلى أعمال أخرى على شاشة التلفزيون،
فضلاً عن عدد كبير من الأفلام السينمائية .
وفي التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني نفسه، رحلت الفنانة
الكوميديةئخيريةئأحمد، عن عمر يناهز 74 عاماً، بعد رحلة قصيرة مع المرض،
تجاوزت بعدها المرحلة الصحية الحرجة لارتفاع روحها المعنوية بفضل الزيارات
المتكررة من أقاربها، خاصة شقيقتها الفنانةئسميرة أحمد، حيث كانت ترقد في
أحد المستشفيات الخاصة بعد إصابتها بالتهاب رئوي حاد وأعراض قيء وغثيان .
وكانت الراحلة تعاني ضيقاً في التنفس منذ أكثر من عام، ولكنها كانت
ترفض العلاج، على اعتبار أنها وعكات وأزمات بسيطة، حتى ذكرت أسرتها أنها
فوجئت بإصابتها بأزمة صحية منذ أكثر من شهر .
خيرية أحمد من مواليد ،1937 واسمها الحقيقي سمية أحمد إبراهيم، بدأت
مشوارها الفني عندما التحقت بفرقة المسرح الحر في الخمسينات من القرن
الماضي، وقدمت برنامج “ساعة لقلبك”، ثم انضمت إلى فرقة “ساعة لقلبك”
المسرحية، ثم فرقة إسماعيل ياسين، وتنقلت بين الفرق المسرحية مثل فرقة أمين
الريحاني وفرقة أمين الهنيدي وفرقة الكوميديا المصرية وقدمت مسرحيات عدة،
كما عملت بالسينما والتلفزيون، وهي أرملة الكاتب الراحل يوسف عوف .
وقبل أن ينتهي نوفمبر/تشرين الثاني غيب الموت أيضاً الفنان القدير
محمود عزمي عن عمر يناهز ،86 إثر إصابته بهبوط حاد في القلب الذي توقف لمدة
18 دقيقة تقريباً، وتم نقله إلى المستشفى وبعد ذلك وافته المنية .
والفنان محمود عزمي من مواليد ،1925 وتخرج في أول دفعة من معهد الفنون
المسرحية في الأربعينات، وكان أول دفعته . كان زميلاً لكثير من ممثلي زمن
الفن الجميل مثل شكري سرحان وفريد شوقي وغيرهما، وشغل الفنان محمود عزمي
أخيراً منصب مدير المسرح الحديث، وله ابن وحيد هو الدكتور هشام عزمي
الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة .
محمود عزمي له تاريخ طويل مع السينما، حيث قدم الأعمال الرائعة مثل
“سنوات الحب، حياة وأمل، إني راحلة، بين السما والأرض، مطاردة غرامية،
وشاطئ الأسرار”، وغيرها، كما عمل أيضاً في التلفزيون وقدم عدداً من الأعمال
مثل “أبو حنيفة النعمان، هارون الرشيد، وهارب من الأيام”، وفي مجال المسرح
أبدع عزمي كثيراً من المسرحيات، وكان أحد نجوم مسرح الستينات، كما كانت له
بصمة كبيرة في الإذاعة المصرية من خلال المسلسلات الإذاعية، ربما أشهرها
مسلسل “عائلة مرزوق أفندي”، الذي استمر بشكل يومي على مدى ما يقرب من ربع
قرن .
وأخيراً يختتم العام أحزانه برحيل الفنان الشاب عامر منيب .
وشهد عام 2011 رحيل نخبة من الفنانين والمبدعين الكويتيين، ما ترك
أثره في الأوساط الفنية، ومنهم المخرج الإذاعي هاشم بهمن والموسيقار أحمد
باقر والفنان منصور المنصور والمسرحي خليل زينل والفنانة رشا فاروق .
لقي المخرج هاشم بهمن أمين سر فرقة المسرح الكويتي ربه إثر أزمة قلبية
فاجأته وهو في القاهرة قبل مناقشته رسالة الدكتوراه بأيام .
وكان الراحل قد حصل على درجة الماجستير في المسرح من كلية الآداب في
جامعة الاسكندرية، وحملت الرسالة عنوان: “جماليات إخراج المسرحية الإذاعية
وإشكالية الراوي الافتراضي”، وهي الرسالة الأولى من نوعها على مستوى الوطن
العربي التي تناقش كيفية نقل العرض المسرحي من خشبة المسرح إلى الإذاعة .
وأقامت الدورة الثامنة من مهرجان “أيام المسرح للشباب” أمسية تأبينية شارك
فيها رفقاء الدرب وعددوا مآثر الفقيد .
الفنانة الشابة رشا فاروق، رحلت في مطلع العام إثر حادث سير أليم، وقد
نعتها فرقة الجيل الواعي برئاسة الدكتور حسين المسلم مثمنة دورها في
الفرقة، وحصولها على أكثر من جائزة خلال مشوارها معها، معتبرة أنها فقدت
إحدى فلذات كبدها .
وفي وقت متزامن رحل رائدان من رواد الفن الكويتي الأصيل هما منصور
المنصور وأحمد باقر ، ليطويا صفحة من الذاكرة الفنية والإعلامية امتلأت
بصفحات خالدة من الإبداع والتطور الخلاق الذي رافق النهضة الوطنية الشاملة
في الكويت .
وأسهم باقر أو “سنباطي الكويت” مع انبثاق زمن الإبداع الكويتي الجميل
في تطوير الموسيقا الكويتية التي فرضت وجودها الإبداعي في الشرق بأسره،
وكان عنواناً شامخاً للطموح والتألق والعطاء في مجالات التأليف الموسيقي
والأوبريتات الخفيفة، وصدحت بألحانه حناجر الفنانين العرب، وسيبقى عطاؤه
وميراثه الإبداعي ثروة وطنية كويتية لن تفنى أبداً .
ومع رحيل الموسيقار أحمد باقر شاءت الإرادة الإلهية أن يغيب أحد رموز
الحركة المسرحية والفنية في الكويت، وهو الفنان منصور المنصور مستشار فرقة
مسرح الخليج العربي، الذي عاد إليها بعد غياب سنوات، أملاً في تحقيق طفرة
فنية كبيرة مع الشباب .
والمنصور هو أحد فرسان عائلة المنصور الفنية التي قدمت للكويت ثمرة
عطائها ومبدعيها، كالراحل الكبير المخرج عبدالعزيز المنصور، والفنانين محمد
المنصور، وحسين المنصور، فهذه الرموز الفنية الشاخصة قدمت للفن والمسرح
والتلفزيون والإعلام الكويتي الشيء الكثير، وكانوا رموزاً متألقة في الفن
الكويتي .
والراحل المنصور أصيب بالتهاب رئوي أثناء وجوده في الجزائر مع فرقة
مسرح الخليج العربي لتقديم مسرحية “المكيد”، ووافته المنية وسط ذهول الجميع
.
قدم عشرات الأعمال الدرامية والمسرحية وحقق الكثير من النجاحات
والجوائز ليظل اسمه خالداً وأعماله نبراساً للأجيال القادمة .
ومن الراحلين أيضاً الفنان خليل زينل بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو
أحد أبرز أعضاء فرقة المسرح الكويتي، أسهم في عدد من إنجازاتها على مدى
سنوات طويلة، كما أخرج للفرقة عدة أعمال في فترة الثمانينات من القرن
الماضي .
وشغل زينل عدة مناصب في عضوية مجلس إدارة الفرقة لسنوات طويلة وتميز
بدماثة أخلاقه وعلاقاته الطيبة مع زملائه الفنانين . ومن أبرز أعماله دوره
في البرنامج التربوي “افتح يا سمسم”، كما شارك في عدد من المسرحيات، بينها
“بومحمد راح المدرسة” و”ديرة بطيخ” و”شرباكة” و”التالي ما يلحق” و”بوزيد
بطل الرويد” و”شياطين المدرسة” و”السدرة” و”بدل فاقد” و”رسائل قاضي
إشبيلية” و”جحا باع حماره” .
وأخرج زينل مجموعة من الأعمال المسرحية لفرقة المسرح الكويتي، منها
مسرحية “عزوز” من تأليف فوزي الغريب، و”عودة السندباد” تأليف جاسم الزايد
.كما شارك في بطولة مسرحية “هايد بارك” تأليف عبدالله غلوم ومن إخراج وحيد
عبدالصمد، ومسرحية “النواخذة” من تأليف سالم الفقعان وإخراج عبدالعزيز
المسلم، ومسرحية “ملك الليل” تأليف وأشعار فوزي الغريب وإخراج وحيد
عبدالصمد، ومسرحية “أوه يا مال” من تأليف سالم الفقعان ومن إخراج وحيد
عبدالصمد .
والوسط الفني اللبناني خسر عدداً من أركانه هم:
المخرج السينمائي سايد كعدو، توفي عن 63 عاماً، متأثراً بنوبة قلبية
مفاجئة، من أبرز أفلامه: “قانا” (1997)”، و”طريق العودة” (1995)، و”تقاسيم
في بغداد” (1999)، و”ارفع رأسك يا أخي” (2002)، و”الإمام الأوزاعي” (2005)،
و”حرب تموز” (2006) .
الكاتبة أندريه شديد عن 90 عاماً في باريس، وهي صاحبة رواية “اليوم
السادس”، التي حوّلها المخرج يوسف شاهين إلى فيلم أدت بطولته داليد ومحسن
محيي الدين .
الكاتب التلفزيوني الكبير إبراهيم الصادق، وكانت شاشة “المستقبل” تعرض
له حلقات: “هي وهي” .
المايسترو الدكتور وليد غلمية، عن 73 عاماً، توفي متأثراً بمرض واكبه
طويلاً، له 6 سيمفونيات وعدد من المسرحيات الغنائية، وشغل منصب مدير المعهد
العالي للموسيقا (الكونسرفاتوار) وكان وراء 3 أوركسترات: السيمفونية، الشرق
عربية، والفيلهارمونية في لبنان .
المطربة الكبيرة سعاد محمد (عن 85 عاماً) رحلت بعد صراع طويل مع
المرض، ولدت في بيروت، وانطلقت في دمشق، ثم لمعت وتوفيت في القاهرة، وتركت
إرثاً يزيد على 800 أغنية وفيلم واحد “فتاة من فلسطين” وشهادة في صوتها
النادر من الموسيقار محمد عبدالوهاب .
فهمان (محمود مبسوط) رحل عن 70 عاماً ووافته المنية على مسرح كامل
جابر في النبطية، وقد كرمه مهرجان السينما الأوروبية في بيروت وعرض فيلمه
الفائز “بسيزار” أفضل فيلم أجنبي قبل عامين بعنوان “بيروت بعد الحلاقة”
لهاني طمبا .
الممثل الكوميدي كريم أبو شقرا عن 68 عاماً متأثراً بمرض السكري له
الكثير من المسرحيات والأفلام، وسلك خطاً خاصاً في عمله انقسم الجميع حوله،
لأنه اعتمد على الكوميديا السطحية وكان لها جمهور محدود جداً .
من الفنانين السوريين رحل هذا العام الفنان حسن دكاك بعد مسيرة فنية
دامت ثلاثين عاماً من التميز في المسلسلات التلفزيونية والإذاعية والأعمال
المسرحية والسينمائية، فقد سرق المرض أحد نجوم سوريا من الرعيل الثاني
الفنان حسن دكاك، في شهر يوليو/تموز من عام ،2011 كي تطوى صفحة عطائه إثر
أزمة قلبية مفاجئة جاءته بعد أن أنهى تصوير عدة أعمال ودّع بها جمهوره
ومحبيه في رمضان الماضي، منها مسلسل “الزعيم” و”رجال العز” و”مرايا 2011”
و”يوميات مدير عام 2” والجزء الثاني من مسلسل “الدبور”، وحلوله ضيف شرف على
مسلسل “ولادة من الخاصرة”، ومشاركته في المسلسل المصري “فرقة ناجي عطالله”
مع الفنان القدير عادل إمام الذي لم يكتمل تصويره وتأجل عرضه، ليتم توثيق
تاريخ وفاته بعد مشاركته في بطولة أكثر من ثمانين مسلسلاً سورياً .
الفنان الراحل حسن دكاك من أصل فلسطيني، ولد في دمشق عام 1956 وبدأ
رحلته الفنية في عمر مبكر، عن طريق مشاركاته في المسرح والمهرجانات
المدرسية، وتخرج في كلية الحقوق جامعة دمشق، وانتسب إلى نقابة الفنانين
السوريين عام ،1982 ومن أهم أدواره دور الفرَّان “أبو بشير” في مسلسل “باب
الحارة” الذي شارك به في أجزائه الخمسة، إضافة إلى فيلمي “أحلام المدينة”
و”الكفرون” ومسلسل مرايا منذ عام 1999 حتى ،2011 و”نساء بلا أجنحة” و”حمام
القيشاني” و”أسعد الوراق” و”هجرة القلوب إلى القلوب” والكثير من الأعمال
المميزة، وبقي أن نذكر أنه حصل على جائزة “مهرجان القاهرة للإذاعة
والتلفزيون”، بوصفه أفضل ممثل، وشغل منصب رئاسة المسرح الحر في سوريا.
الخليج الإماراتية في
28/12/2011 |