يعــــــود المطرب مصطفي قمر للسينما بعد غياب عامين من خلال فيلمه
الجديد «خط أحمـــر». حيث يجمعه الفيلم مرة أخري بأصدقائه ريهام عبد الغفور
ومحمد لطفي والمؤلف احمد البيه في محاولة جريئة لتقديم سينما مختلفة بعد
توقف طويل بعد ثورة 25 يناير حاولنا من خلال حوارنا ان نتعرف علي اسرار
كثيرة لايعرفها القارئ عن مصطفي قمر علي المستوي الفني أو الشخصي
·
سألته ما سر نجاحك؟
>> بنبرة كلها حب أجابني.. بالتأكيد زوجتي «غادة» هي سر نجاحي .
·
اذن أنت تؤمن أن وراء نجاح كل
رجل عظيم امرأة؟!
>> غادة وقفت بجواري منذ أول أغنية قبل أن يعرفني الناس عندما كان يتم
اختباري بمبني الاذاعة والتليفزيون لاعتمادي وهي مؤمنة بقدراتي الي أقصي حد
. وهي نفسها «الاستايلست» الخاص بي واعتقد ان الجميع يعرف ذلك وان شاء الله
تظل تساندني .
·
هل حبك للتغيير والمغامرة ما
دفعك لقبول هذا العمل ؟
>> الفيلم يعتبر مختلفا وجديدا عن أفلامي السابقة حيث يجد المشاهد
نفسه وأن أحداث الفيلم تسير في اتجاه معاكس تماما لما يدور وهذا في حد ذاته
يبعد الملل عن المشاهد ويجعله متشوقا لبقية المشاهد. كما انني قمت من قبل
بعمل هذه المغامرات في كليب «مين غيرك» من خلال تقديمي لعدد من الشخصيات
المختلفة شكلا في صورة رجل «قزم» و آخر «رياضي» كما اعتقد ان الكثير من
المطربين يخشون الأقدام علي هذه المغامرة حيث إنهم يفضلون الظهور بأجمل
صورة حتي لايفقدوا معجبيهم .وأيضا كليب «منايا» ظهرت فيه بشخصية رجل عجوز
ويتحول لشاب، فطبيعة شخصيتي هي المغامرة والمراهنة علي عمل الشخصية وخاصة
انني اجتهد وادرس الشخصيات التي اجسدها والحمد لله أجد لها صدي عند جمهوري
الحبيب . شخصية جديدة
·
هل شخصية «طارق» في الفيلم
تتشابه مع شخصيتك الحقيقية ؟
>> بعد لحظة تفكير يقول: اعتقد انه يشبهني في ارتباطه بعائلته وحبه
لابنته كما أحب أولادي وزوجتي وكل أفراد عائلتي .... ويستطرد في الحديث عن
شخصية طارق.. فهو شخص طبيعي جدا لديه زوجة وابنة.. تمر عليه لحظة ضعف تتغلب
وقتها نفسه عليه مما يترتب عليه وقوعه في مشكلة كبري تدمر له حياته
العائلية حتي نجد المفاجأة في آخر الفيلم برسالة ان هذه العائلة تعتبر خطا
احمر .
·
هل تغير فكر الانتاج بعد الثورة
؟
>> نعم تغير المناخ وأصبح الانتاج يمر بأزمة نظرا للظروف التي تمر بها
البلاد واصبحنا كالذي يحفر في الصخر حتي يجد منتجا متفهما للوضع واخيرا
وفقنا الله بالمنتج «محمد الزغبي» وهو من الرجال الذين يريدون لصناعة
السينما التجديد وله هدف محدد يود الوصول له . أنا وريهام
·
ريهام عبد الغفور كيف وقع
اختيارك عليها؟!
>> ريهام صديقتي منذ عملنا سويا فيلم «حريم كريم» وكان دورها نوعا ما
صغيرا ولكنه مميزا وكنا نلتقي علي فترات وشعرت ان لديها الحماس في ان
نتعاون في عمل يجمعنا سويا ورديت عليها وقتها ان شاء الله عندما أجد الورق
الذي أقتنع به وأستطيع من خلاله أن أقدم لك عملا يضيف الي مشوارك لأنك
بالفعل تستحقين هذا . وبالفعل لم تنتظر طويلا حتي تم الاستقرار علي سيناريو
«خط أحمر» وأخبرتها به وعلي الفور رحبت لثقتها في اختياري وعجبها النص
وسيكون دورها مفاجأة للجمهور.
·
وماذا عن محمد لطفي؟
>> أخي وصديقي فهو عزيز علي قلبي والمصادفة خلقت بيننا «كيميا» ليست
لها حدود فنحن نجتمع لدراسة الشخصية وهي مازالت علي الورق. وأؤكد ان دور
لطفي سيكون علامة في تاريخه الفني.
·
بمناسبة الكيميا فهل ربطتك
بالمؤلف للتعاون للمرة الثالثة؟
>> أوراق أحمد البيه دائما أجد فيها ما أبحث عنه فقد قدمنا من قبل
«قلب جريء» و«بحبك وأنا كمان» فأصبحت الكيميا موجودة من خلال التعاون الذي
يجمعنا سويا وهناك العديد من السيناريوهات لأحمد اتفقنا علي تقديمها في وقت
لاحق ان شاء الله . أغاني جديدة
·
بما انك مطرب قبل التمثيل فهل
ستقدم أغان جديدة داخل أحداث الفيلم ؟
>> أقوم بغناء ثلاث أغنيات الأولي لابنتي كلمات أيمن بهجت قمر وألحان
«محمود طلعت» وأغنية «لحظة ضعف» الحان محمد النادي وكلمات «رضا زايد»
وواحدة أقوم بتلحينها .
·
ألم تتردد في العودة للسينما في
ظل هذه الظروف الراهنة !
>> بالعكس انا في حاجة لأقدم هذا العمل وفي ظل هذه الظروف بالتحديد
حيث انني أخطط لحياتي كي أسير عليها لتقديم شيء مختلف بعيدا عن منطقة
«اللايت كوميدي» وقد ساعدني المؤلف ان اجد ما كنت أبحث عنه وجلسنا علي
دراسة الورق لبضعة أشهر للبحث عن كيفية أدائي وظهوري للمشاهد والحمد لله
خرج السيناريو في حبكة درامية بشكل مدهش وقد وزاد الفيلم قيمة وجود «رمسيس
مرزوق» كأحد رواد السينما المصرية ويحسب في تاريخي السينمائي تعاوني معه .
·
بمناسبة التعاون فهل هذا التعاون
الاول مع المخرج «محمد حمدي» وما الذي شدك اليه ؟
>> هو مخرج محترف وواع حيث انه مدير تصوير أيضا ويهتم بأداء الممثل
ووضعية الكادر في البلاتوه والديمقراطية التي بداخل «اللوكيشن» وانا من أشد
المعجبين به .
·
سلمي ابنة المنتج تؤدي دور ابنتك
كيف تتعامل معها برغم ان أولادك ذكور؟
>> يضحك ويقول انها تتمتع بخفة ظل وجراءة غير عادية أمام الكاميرا
واشعر انها ابنتي بالفعل وهي موهوبة بالفعل واخاف عليها من الحسد لذلك
سأترك للمشاهد الحكم عليها . أما بخصوص تعاملي معها كبنت فقد اكتسبته من
بنات أشقائي فتخيلي لدي ست بنات في عائلتي وأربعة أشقاء زوجتي وأعمارهم
متفاوتة ولذلك أجيد التعامل معهم .
·
هل الفنان يحرق نفسه بالفعل
لتواجده باستمرار علي الشاشة الصغيرة ؟
>> بخفة ظل يضحك ويقول بالفعل ان وجود الفنان بصفة مستمرة للفيديو
يحرق نجوميته ويأخذ من بريقه... لذلك انا قدمت مسلسل «علي ياويكا» وبعد
مرور أربع سنوات قدمت «مسلسل منتهي العشق» في رمضان قبل الماضي فقررت اعطي
نفسي فرصة للراحة وذهبت الي الإذاعة لأقف أمام الميكرفون في رمضان الماضي
بمسلسل «فارس من الزمن الجديد» خاصة ان المسلسل الاذاعي ليس بحاجة الي
مجهود كبير وأقصي تسجيل أربعة ايام وليس كل المجهود الذي يحتاجه العمل
التليفزيوني أو السينمائي .
·
هل بالفعل ابن الوز عوام وهل
إياد وتيام مهتمان بالفن مثلك؟!
>> البيئة التي يعيش فيها الانسان تؤثر عليه فـ «إياد» يلعب جيتار
ويهتم بالموسيقي والقراءة عنها. ويقرأ كثيرا لدراسته للموسيقي التصويرية
وأيضا يدرس الهارموني وانا معجب بأفكاره لأقصي حد . وبالنسبة الي «تيام»
فهو يعشق التمثيل ويحبه ويشارك في المسرح المدرسي ومثل أغنية فيديو كليب
وتم انزالها علي موقع الكتروني علي النت فكل شخص له طموحه الفني المختلف عن
الآخر وأرشدهم فقط لاغير . حتي يدخلوا الجامعة ان شاء الله ويستطيعوا تحديد
مستقبلهم .
·
و ما آخر أخبار البومك الجديد ؟
>> الالبوم يضم عشر أغاني وقد انتهيت بالفعل من تسجيل سبع أغاني
والالبوم اغنياته ما بين العاطفي والخفيف وتوجد اغنية وطنية ومن المحتمل ان
ينزل في اجازة نصف العام ويوجد خمس اغاني من توزيعي ويشاركني طارق مدكور
وحميد الشاعري وعمرو مصطفي ومن الشعراء رضا زايد وايمن بهجت قمر وحتي الآن
لم نستقر علي أغنية «الهيد» وأنتظر حتي انتهي من التسجيل بشكل نهائي لأختار
الأنسب والافضل وقتها وان شاء الله سيكون الاختيار للأغنية المودرن
والمبهجة للجمهور.
جريدة القاهرة في
27/12/2011
اضحك.. صورة وحيد حامد حلوة
بقلم : سمير الجمل
14 عاما تقريباً مرت علي العرض الأول لهذا الفيلم
الذي تم إنتاجه بتمويل من اتحاد الإذاعة والتليفزيون وتولي تنفيذه وتأليفه
الكاتب الكبير وحيد حامد من خلال شركة إنتاجه.. والسؤال: لماذا أتكلم عن
فيلم شاهدته أنا وغيري عشرات المرات وما الجديد فيه الذي اكتشفته هذه المرة
ودفعني للكتابة عنه؟ الحقيقة أنني كتبت عن هذ العمل من قبل.. وبعض زملائي
من خبراء الدراما رأي فيه فيلما خارج المستوي المعتاد من كاتب بحجم وحيد..
وفي ذلك من الظلم الكثير مع احترامي لوجهة نظر الزملاء، وأظن أنهم يتفقون
معي علي مكانة وحيد كمؤلف سينمائي يتصدر القائمة منذ سنوات، وقد بلغها لعدة
أسباب أولها خبراته الدرامية في التأليف الإذاعي والأدبي والمسرحي قبل أن
يطرق أبواب السينما بفيلم «طائر الليل الحزين» الذي كتبه عن مسلسل إذاعي من
تأليفه حقق نجاحا هائلاً، وهو نفس العمل الذي قدمه في مسلسل تليفزيوني من
بطولة عادل إمام باسم «أحلام الفتي الطائر». أعمال مهمة ثم توالت بعد ذلك
أعماله المهمة ومنها اللعب مع الكبار، الإرهاب والكباب، البريء، التخشيبة،
الغول، عمارة يعقوبيان، دم الغزال، الراقصة والسياسي، ملف في الآداب، طيور
الظلام. ومع ذلك يظل فيلم «اضحك الصوة تطلع حلوة» مختلفا في كل شيء، لأن
إنتاجه يرجع إلي جهة حكومية، لا يهمها الربح مثل المنتج الخاص، وإسناد
الفيلم إلي وحيد حامد كمنتج، اعطاه حرية التصرف كمؤلف ومن هنا اختار هذا
الموضوع الذي عالجه إنسانيا بشكل بارع، فالفيلم يخلو من الصوت العالي
والخطاب السياسي والمشهيات السينمائية المعتادة، والدراما فيه تستطيع أن
تلخصها في اسطر قليلة، والفيلم يلعب بطولته أمير التمثيل أحمد زكي الذي
يلجأ غالبا إلي الأدوار المركبة، فكيف يتحرك في دور سهل من هذا النوع،
وأمامه قيمة كبيرة «ووحش» تمثيل بمعني الكلمة اسمه «سناء جميل»، ولعل أهم
مشاهد الفيلم عندما تقرر الجدة الذهاب إلي والد الشاب الذي أحب حفيدتها ثم
أجبره أبوه الثري علي الارتباط بابنة وزير تربطه به مصالح عديدة، تنظر
الجدة إلي المبني الشاهق ولا تفلح حتي في عبور الطريق بالسيارات التي تقطع
عليها الوصول في لقطة بارعة وبليغة، والزاوية التي أخذت منها الجدة
المسكينة تفشل في العبور إلي الرجل الكبير الذي تراه وهو ينزل في حشد من
اتباعه وأعوانه علي الرصيف المقابل، وفجأة يظهر ابنها سيد المصور
الفوتوغرافي يمسك بها: الابن: كنت عارف يا أمه انك هتيجي هنا! الأم: ياه..
يا سيد ده احنا صغيرين قوي. الابن: لا يا أمه.. احنا كبار قوي.. لكن مش
عارفين نشوف نفسنا كويس! ياه.. يا وحيد كم هي بارعة موجعة تلك الجملة وفي
نفس الوقت عامرة بالكبرياء والتفاؤل.. وفي مشهد آخر تقول الجدة في لحظة
انكسار أخري. - أنا اللي شلت نكسة 67 علي كتفي.. دلوقت بس خايفة من نكسة
تانية! وهل هناك نكسة اشد خرابا للنفوس وللبلاد والعباد من سطوة المال بين
أيدي كبار اللصوص والمفسدين، يبني وحيد شخصياته وهو الفلاح البسيط.. ببراعة
فهي إن كانت فقيرة ليست معروضة للبيع، ولا يستطيع أكابر المال والنفوذ
والجاه أن يشتروها أو يكسروها، فالرجل المسئول عندما يمد يده ضارباً
المصوراتي الفوتوغرافي الغلبان علي وجهه لأنه رفض أن يعطيه النيجاتف الخاص
بصور فاضحة لزوجته مع عشيقها، يرد له سيد غريب القلم في التو واللحظة وأمام
ضابط البوليس الذي جاء لحمايته ولإرهاب المصور، وعندما يذهب إلي الحفل
الجنوني وينجح دون غيره في التقاط مفتاح السيارة الذي القي به صاحب الحفل
في حمام السباحة لأجل تسلية المعازيم من محاسيبه، ينكر عليه أن يأخذ
السيارة لأنه مجرد مصور أجير ولا يحق له الاشتراك في لعبة السفهاء هذه وهنا
نجد سيد بكل بساطة يلقي بالمفتاح مرة أخري إلي حمام السباحة ومعه النجاتف
الخاص بالفيلم. وحتي في المشاهد العادية لا يتركها وحيد تمر من بين يديه
دون أن يمنحها أبعادا ودلالات، فعندما يذهب إلي مقهي شعبي مع البنت النشالة
التي ارتبط بها بعد توبتها، يسأل عن صورة المعلم صاحب القهوة ساخرا ليقول
له: بكره لما يموت هيحطوا صورة ابنه مكانه! والإشارة واضحة.. والجملة تكتسب
قيمتها وقوتها أنها قيلت عام 1998.. ضد النظام.. وبفلوس الحكومة وعدت رغم
أن مشروع التوريث لم يكن قد تفشي بين مبارك وابنه كما جري في السنوات
الأخيرة. شحنة إنسانية قيمة هذا الفيلم أنه بسيط قياسا بأعمال وحيد حامد
الأخري لكنه في تصوري يحمل شحنة إنسانية بالغة الأثر والتأثير.. والأهم أنه
يمثل النموذج للسينما التي يمكن أن تقول كل شيء بدون التنازل عن أشياء من
ثوابت المجتمع تحت بند حرية الإبداع، فقد قال وحيد في هذا العمل كل ما يريد
بأسلوب لا يمكن رفضه، إلا من هذا الذي يرفض الفنون عموماً بدون أن يدرك
أهمية خاصة في هذه المرحلة التي يشتد فيها الجدال حول طبيعة الفن في ظل
السيطرة شبه الدينية علي مقدرات الأمور في البلاد، ولو أن أهل الدين ادركوا
أن القرآن الكريم الذي يخاطب كل عصر وكل أمة فيه الكثير من الفن وأحسن
القصص التي يقف أمامها الخبير الدرامي مندهشا، وارجعوا إلي سورة يوسف وهي
سيرة كاملة لنبي الله الكريم وما توفي له، ثم هذا التشويق البديع في سورة
الكهف خلال رحلة سيدنا موسي عليه السلام مع سيدنا الخضر عليه السلام وكيف
أن نبي الله طلب العلم من ولي الله ولم يستكبر في ذلك ثم توالت الأحداث بين
قتل الغلام وهدم الجدار وخرق السفينة، والخالق سبحانه وتعالي أدري بعبادة
وأعلم بشهوة الحكي التي يحبها ويعرفها الإنسان بالفطرة في كل زمان ومكان.
حرية الإبداع ثم لماذا لا يدرك أهل الفن أن حرية الإبداع ليس معناها النزول
إلي الحضيض بأفلام رخيصة في محتواها وأهدافها وهي أخطر من المخدرات واشد
تدميرا، لأن الفنون تدخل كل بيت برغبة أهله وهذه مسئولية عظيمة وكيف لنا في
الفن المحترم أن نتكلم في أمور حياتنا وننشد الرقي والتحضر بأساليب تفتقر
إلي أدني قواعد الذوق وما نراه في شوارعنا وبيوتنا من تدهور ما هو إلا
حصيلة الهبوط الفني، والإبداع قاطرة تستطيع أن تأخذ أمة من يدها إلي افاق
المستقبل والرقي حتي تكون الصورة أجمل وأحلي كما أراد لها وحيد بذكاء منذ
سنوات وكما نحلم بها في الوقت الحالي والبلاد في مرحلة مخاض جديدة والصورة
يجب أن تشمل الجميع وكلنا فيها أبطال، حيث لا مجال للكومبارس أو الكمالة أو
الهامش!
جريدة القاهرة في
27/12/2011
زهرة العلا.. تميمة النجاح لأفلام
الخمسينات
بقلم : فريال كامل
قد تتساءل الأجيال الجديدة ذات الطلة النبيلة والطلعة المشرقة حين
يطالعون أفلامها علي الفضائيات، أما الأجيال التي استمتعت بأفلامها حين
عرضها في دور العرض فيعرفون جيداً أن زهرة العلا، تميمة الحظ في أفلام
الخمسينات ولها مكانة عالية في وجدانهم وذكرياتهم. هي ابنة مدينة
الإسكندرية ولدت زهرة العلا، قبل الحرب العالمية الثانية في عام 1934 بحي
محرم بيه، لفتت الأنظار منذ صباها بطبيعتها الخجولة وجمالها النبيل إضافة
لبصمة صوتها الشجن، خطت أولي خطواتها في عالم الفن علي مسرح يوسف وهبي الذي
رأي فيها موهبة تستحق الرعاية ثم انتقلت إلي فرقة زكي طليمات أستاذها في
معهد الفنون المسرحية وبذلك أتيح لها أن تتلمذ علي يد عملاقين من عمالة
الإلقاء والآداء. جذبتها السينما بعالمها الساحر حيث بدأت في مطلع
الخمسينات مشوارها الذي امتد لأربعين عاماً وكان حصيلته 110 أفلام متنوعة
بين الاجتماعي والوطني والكوميدي والميلودرامي الذي شاع إنتاجه ولاقي
إقبالاً في تلك الفترة. تعاونت زهرة العلا مع مخرجين من مدارس فنية متنوعة
إذ شاركت في أفلام من إخراج «صلاح أبو سيف» و«هنري بركات» و«يوسف شاهين»
كما تعاونت مع «الأخوين ذو الفقار» إضافة لـ«حسن الإمام» و«نيازي مصطفي»
و«عاطف سالم» وغيرهم، وقد وقع اختيار المخرج فطين عبدالوهاب - أهم مخرج
للأفلام الكوميدية في مصر- علي الفنانة الرقيقة لتشارك إسماعيل ياسين بطولة
فيلمين من أفلامه التي تحمل اسمه «14 فيلماً» ففي «إسماعيل ياسين في
البوليس» عام 1956، ترضي زهرة بالزواج به بعد أن يبدي شجاعة - علي طريقته-
في القبض علي مجرم خطير وفي فيلم «إسماعيل ياسين في الأسطول» تقبل الزواج
به حين يتغلب علي حالة الخوف والجبن التي يعانيها وقد كان أكبر رصيد من
أعمال «زهرة العلا» مع المخرج «حسن الصيفي» الذي تزوجها لتنجب له ابنتها
المخرجة الشابة منال الصيفي. صاحبة المفتاح لقد أبدعت النجمة الجميلة علي
مدار مشوارها فصولاً ومشاهد سينمائية غاية في الإنسانية والتأثير، فصول لا
تمحي من الذاكرة حيث ظهرت في أدوار السيدة صاحبة مفتاح الدراما فهي التي
تفجر الدراما وهي في أفلام أخري السيدة التي تمهد لإنفراج الأزمة. من يغفل
عن دورها المميز في «الوسادة الخالية» عام 1957 عن قصة «لإحسان عبدالقدوس»
وإخراج «صلاح أبو سيف» خلال الأحداث تكتشف درية «زهرة العلا» أن زوجها
«صلاح» عبدالحليم حافظ مازال يحمل في قلبه حبه الأول لـ «سميحة» لبني
عبدالعزيز وهي الفتاة التي اضطرها أهلها للزواج بطبيب نابه وقد قضت الدراما
ان ترتبط الأسرتان بصداقة حميمة، دعونا نتابع كيف تعامل درية مع الصدمة
التي تكسر قلب أي زوجة شابة لقد تحلت «درية» بضبط النفس وتكتمت الأمر وأخفت
آلامها حتي أنها فقدت جنينها ومع تتابع الأحداث تفوز بحب زوجها. وفي فيلم
«دعاء الكروان» عام 1959 عن قصة لعميد الأدب العربي «طه حسين» وإخراج
«بركات» تعايش «زهرة العلا» شخصية الفتاة البريئة «هنادي» النازحة من
البادية لتعمل خادمة في بيت مهندس الري «أحمد مظهر» وهو من هو فتسقط في
غرامه من دون إدراك للعواقب فما يكون من كبير العائلة إلا أن يغسل عاره
برصاصة تستقر في قلبها ليردد الكروان تغريدة الأحزان علي اغتيال البراءة
وتتفجر الدراما التي تحمل تبعاتها شقيقتها الصغري «آمنة» فاتن حمامية. أما
في فيلم «في بيتنا رجل» عام 1961 عن قصة لـ«إحسان عبدالقدوس» وإخراج
«بركات» أيضاً تقدم «زهرة العلا» دوراً فعالاً في حل الأزمة مما يمهد
الطريق للوصول لذروة الدراما خلال الفيلم تنتمي سامية إلي أسرة بسيطة لأب
موظف متواضع وغايته أن يوفر حياة آمنة لأبنائه، يتقدم لـ«سامية» ابن عمها
«رشدي أباظة» طالباً يدها إلا أنها ترفض لعدم استقامته وحين يكتشف أن
الأسرة تخبيء «إبراهيم» عمر الشريف قاتل رئيس الوزراء يحاول ابن العم
استغلال الفرص للضغط علي الأسرة ويشتاط غضباً حين يكتشف رحيل «إبراهيم» في
غفلة منه فيندفع وهو في أوج ثورته إلي مديرية الأمن وهنا لا تقف «سامية»
مكتوفة الأيدي بل تحمل عبء الدراما علي كتفيها لتنقذ أسرتها فتلحق بابن
عمها وتقتحم حجرة مدير الأمن وتختق قصة تحول دون أن يدلي ابن عمها بما يدين
أسرتها بل تلمح له بين السطور بقبول خطبته، غير أن حيلتها لا تنطلي علي
الضابط الحصيف لتتفجر الدراما. وقد فاز كل من «دعاء الكروان» و«في بيتنا
رجل» بتقدير نقدي رشحهما للانضمام إلي قائمة أهم مائة فيلم في السينما
المصرية. وقد جسدت «زهرة العلا» ببراعة دور عائشة ابنة السيد أحمد
عبدالجواد في فيلم «بين القصرين» عام 1964 عن قصة لنجيب محفوظ وإخراج حسن
الإمام، خلال الفيلم تبدو عائشة صبية ذات جمال لافت تعيش حسب تقاليد ذلك
الزمان داخل بيئة مغلقة غير أنها تجد متنفساً خلال نافذة مطلة علي نقطة
البوليس لتتعلق بها عينا الضابط ولكن ما أن يتقدم لطلب يدها حتي يثور الأب
ثورة عارمة علي اعتبار أن طلب الضابط دليل دامغ علي أن أسرته المصونة
مكشوفة وأن بيته غير محصن، تعيش عائشة حياة مفرغة من العواطف مع زوج تقليدي
ولكنها تنجب رجالا يشاركون في الحركة الوطنية. فنانة علي عتبة الستين تمر
الأعوام وفي عام 1983 يسند لها المخرج «الراحل» عاطف الطيب دوراً في تحفته
«سواق الأتوبيس» عن قصة لـ«محمد خان»، وفي الفيلم تقوم «زهرة العلا» بدور
مختلف حيث تعمل علي إفساد الحياة الزوجية لابنتها «ميرفت أمين» وزوجها سائق
الأتوبيس لتتخلص الابنة من الفقر والمعاناة اللذين تعيشهما بما يضاعف من
أزمة الزوج نور الشريف، فاز الفيلم بعدة جوائز منها السيف الفضي في مهرجان
دمشق كما أدرج علي قائمة أفضل مائة فيلم في السينما المصرية وتبقي الإشارة
إلي الحضور الإبداعي لزهرة العلا وهي علي عتبة الستين من عمرها حين شاركت -
متطوعة- في بطولة الفيلم القصير «18 ق» (زيارة في الخريف» عام 1994، الفيلم
مشروع التخرج في المعهد العالي للسينما من إخراج «سعد هنداوي» يعرض الفيلم
لجانب من حياة أرملتين لزوج رحل عن عالمنا وقد فرضت عليهما الظروف أن يعيشا
في تآلف ووئام ويشب أولادهما في جو من الإخوة والمحبة يتقدم العمر
بالأرملتين ويخلو البيت القديم إلا منهما بعد أن يستقل الأولاد بحياتهم إلا
أنهم يحرصون علي قضاء يوم في بيت الأسرة حيث تدب فيه الحياة ويعم الصخب
ويسود المرح، يستهل الفيلم بالمرأتين وهما تتحاملان علي أنفسهما لحمل حقائب
الخضر والفاكهة ثم تطهيانها بأنفسهما وتعدان الغذاء للأعزاء، وما أن ينتهي
اليوم حتي يغرق البيت في السكون وتبقي المرأتان في انتظار لقاء جديد. فاز
الفيلم بجائزة أحسن فيلم في المهرجان القومي وفاز أيضاً بجائزة لجنة
التحكيم في مهرجان الإسماعيلية الدولي عام 1995 . لقد سكنت الفنانة زهرة
العلا قلوب الجماهير بدائها الهادئ وحضورها الراقي وقد اختارت طوال حياتها
أن تعيش حياة أسرية هادئة بعيداً عن صخب الوسط الفني وفي يوم تكريمها يدعو
لها محبوها بالشفاء.
جريدة القاهرة في
27/12/2011 |