كالعادة يعلن المخرج «محمد فاضل» عن مسلسله الجديد ولا يذكر اسم
البطلة وتتناقل الجرائد الخبر فهو يقدم مسلسلاً يتناول ثورات الربيع باسم
«ربيع
الغضب» لكاتب مجتهد وهو «مجدى صابر».. الغرض هو لفت انتباه القارئ إلى
أهمية
المسلسل فى هذا التوقيت إلا أنه لا يصرح باسم البطلة.. بعد أيام قليلة
ستكتشف أن
البطلة التى وقع اختيار المخرج عليها هى زوجته الفنانة «فردوس عبد الحميد»
فهو قد
أصبح لا يقدم مسلسلاً إلا إذا كانت «فردوس» هى رأس الحربة وكأنه لا يبحث
سوى عما
يرضيها فيسارع بالاتفاق عليه مستغلاً أنه لا يزال يمتلك اسماً فى شركات
الإنتاج
خاصة التابعة لوزارة الإعلام التى قد تتسامح مع الخسائر التى باتت تحققها
مسلسلاته
فى السنوات الأخيرة على عكس القطاع الخاص الذى لا يسمح بذلك!!
دائماً ما
تتضاءل مساحات نجاح مسلسلات فاضل بسبب اسم
البطلة التى فقدت الكثير من جاذبيتها عند
الجمهور ماعدا متفرج واحد الذى بالمصادفة هو أيضا المخرج الوحيد على خريطة
الدراما
التليفزيونية الذى لايزال يعتبرها هى أكثر النجمات جاذبية وموهبة يتلقى
«فاضل» مع
كل مسلسل جديد ردود فعل رافضة من المشاهدين وآخرها مسلسل «السائرون نياما»
الذى عرض
فى رمضان قبل الماضى ولاقى إحجاماً جماهيرياً وتسويقياً ولكن هيهات فالمخرج
يرى أن
الناس هى المخطئة والمخرج دائما على حق ويجد دائماً فى إنتاج وزارة الإعلام
ملاذاً
آمناً له مثل شركة صوت القاهرة التى سوف تنتج له مسلسل «ربيع الغضب».
لا شك
أن اسم «فاضل» كمخرج لايزال لديه تواجد على
الخريطة ولكنه يضيع ما تبقى له لأنه
يضطر إلى أن يحمل «فردوس» على أكتافه «فردوس» بالنسبة له أصبحت شرطاً فى
المعادلة
الإنتاجية إما أن يتم القبول بالبيعة كاملة أو أنه يقول يفتح الله.. الدولة
من خلال
أجهزة الإنتاج لم تتعود أن تقول له لا وتتحمل إصراره على اختيارها برغم
أنها غير
مطلوبة على الأقل تسويقياً إلا أن «فاضل» يجازف ويصر عليها مهما كانت
الخسارة
الفنية والمادية المتوقعة وقد يعتقد البعض أن هذا يحدث فقط فى الأعمال
الفنية التى
لا ينتجها «فاضل» من أمواله وبالتالى فإنه لن يتحمل الخسارة المادية وهذا
فى جانب
منه حقيقى ولهذا مثلاً أصر فى العام قبل الماضى على ألا تكتفى فقط بالتمثيل
فى
مسلسل «السائرون نياماً» ولكن أسند لها أيضاً ضارباً عرض الحائط بكل
الاعتبارات
الفنية مهمة الغناء أمام «على الحجار».. إلا أن الحقيقة هى أن «فاضل» يراهن
على «فردوس»
بأمواله أيضاً وليس فقط أموال الشركات التليفزيونية الحكومية فلقد سبق
وأنتج لها فيلم «كوكب الشرق» الذى عرض قبل عشر سنوات بعد أشهر قلائل من عرض
مسلسل «أم
كلثوم» الذى أخرجته «إنعام محمد على» زوجة فاضل السابقة ولعبت بطولته
«صابرين»
وحقق المسلسل نجاحاً طاغياً ولكن «فاضل» أراد ألا يحرم زوجته من أداء دور
تريده
وتحلم به فأنتج لها من جيبه الخاص هذا الفيلم الذى لاقى هزيمة نكراء فى دور
العرض
وتحمل «فاضل» كالعادة من أجل عيون «فردوس» الهزيمتين الأدبية والمادية!!
ربما تجد تنويعة ولكنها على الجانب الآخر فى علاقة «سلاف فواخرجى»
بزوجها
المخرج «وائل رمضان» هذه المرة «سولاف» هى التى تفرضه على
العمل الفنى وهى مثل
«فاضل» ترى زوجها هو المخرج الأهم مثلما يرى «محمد فاضل» أن
«فردوس» هى الأكثر
موهبة بين نجمات جيلها ودائماً ما يعلن أنه
يسند إليها أدوار البطولة ليس لأنها
زوجته ولكن لموهبتها الاستثنائية..
مثل هذه المواقف الاستثنائية أيضاً
تذكرنى بأغنية الفنان التونسى «لطفى بوشناق» التى يقول فيها «لامونى اللى
غاروا منى
قالوا لى إيش عجبك فيها جاوبت اللى جهلوا فنى خذوا عينى شوفو بيها».. وكما
قال
الشاعر القديم «وعين المحب عن كل عيب كليلة».. أنا بالفعل أعتقد أن «فاضل»
يرى «فردوس»
بعين المحب وعينه لا ترى سوى أنها البدر فى تمامه وحتى يكتمل تمام البدر
فإنه يطفئ كل النجوم بجوارها ويتدخل فى السيناريو لتتقلص كل المساحات
الدرامية
بجوارها حيث يرى الناس فردوس أمامهم وخلفهم فى منامهم ويصدق عليه قول
الشاعر «بشارة
الخورى» ومن الحب ما قتل!!
مجلة روز اليوسف في
26/11/2011
«غانـم»
أكاديـمـي
كتب
طارق مرسى
إذا صممنا استفتاء مبكرا لأبرز
نجوم عام «الثورة» 2011 فإن عائلة «غانم» وبنظام القائمة
الموحدة وعلي طريقة
الانتخابات البرلمانية سيحصلون علي غالبية الأصوات والمركز الأول باستحقاق
بعد
الحالة الفنية النادرة التي قدموها خلال الموسم. ففي عام القضاء علي
«التوريث
السياسي» يقدم الثنائي «غانم ودلال» فصلا جديداً في «التوريث
الفني» علي الشاشة لكن
بناء علي طلب الجماهير وذوقهم بالموهبة وليس بالتزوير.
حركة «ائتلاف غانم»
المكونة من النجم العملاق سمير غانم والفنانة المتمكنة دلال عبدالعزيز
و«دنيا
وإيمي» النجمتان الواعدتان قدموا فاصلا استثنائيا من الإبداع علي مدار 2011
وضعهم
في مصاف النجوم الأبرز علي الشاشة في عام الثورة.
أكاديمية «غانم» للمواهب
المتخصصة يتصدرها الكوميديان العملاق فهو مؤسسها والراعي لها
وهو فنان صاحب مدرسة
كوميدية رفيعة ورائدة، كما أنه نجم عابر للأجيال والأذواق بإمكانياته
الضخمة
وجيناته الكوميدية النادرة التي انطلقت مع ثلاثي أضواء المسرح في الستينيات
ثم يعود «غانم» بعد مرور 40 عاما ليقدم لها «رباعي»
أضواء النجوم.
الكبير
أوي
«فطوطة» الكوميديا المصرية ونجم مسرحيات «موسيقي في الحي
الشرقي» و«المتزوجون» وغيرهما من الأعمال الاستثنائية لم يحتج سوي حلقة
واحدة من
مسلسل «الكبير أوي» كضيف شرف ليقدم وصلة من الكوميديا الراقية
سرق بها كل الأضواء
من الأعمال الكوميدية المتنافسة والسيت كوم حتي السفن كوم وكان «مسك ختام»
هذا
المسلسل الكوميدي المتميز الذي تألقت فيه ابنته الموهوبة «دنيا» أمام أحمد
مكي،
بينما في نفس التوقيت تركت زوجته دلال بصمتها في مسلسل «دوران
شبرا» في حين قامت «إيمي»
ببطولة مسلسل «عريس دليفري» أمام هاني رمزي وكانت حملة «دنيا» الإعلانية
لحساب شركة المياه الغازية الشهيرة هي تتويج لهذه العائلة الفنية في رمضان
الماضي.
ولأن الظهور اللافت لعائلة غانم لم يكن صدفة أو ضربة حظ، فقد تكرر في
تجانس
غريب في موسم «عيد الأضحي» حيث اقتسم الثنائي «دنيا» و«إيمي» أبرز أفلام
الموسم
فقامت «دنيا» ببطولة فيلم «إكس لارج» أمام أحمد حلمي، بينما كانت «إيمي» مع
أحمد
مكي في فيلمه «سيما علي بابا»، شاركت أيضا في فيلم «إكس لارج»
مع شقيقتها «دنيا»
بدور صغير، لكنه مؤثر لفت انتباه الجميع. لتؤكد «دنيا» و«إيمي» أن تألقهما
علي شاشة
رمضان لم يكن حصيلة بنك المجاملات التي تحدث غالبا وتحكم عموما المعاملات
في الوسط
الفني.
الشاملة «دنيا
»
والذي لا يعرفه الكثيرون
أن «دنيا» كانت تنوي تقديم نفسها للوسط الفني «كمطربة» ولم يكن
التمثيل يشغلها
كثيرا رغم مشاركتها وهي طفلة عام 95 مع والدتها في مسلسل «امرأة وامرأة»
بعدما
التقطتها أذن المنتج الفني «نصر محروس» وكان يعدها كبديلة في شركته للمطربة
«شيرين»
ودنيا تملك فعلا صوتا غنائيا سليما ومتمكنا
باعتراف خبراء الغناء، وكان «محروس» في
طريقه لإشهار نجوميتها الغنائية، لكن ظروف المرض التي سبقتها
مطاردة مثيرة مع
المطربة المتمردة علي
أصحاب الفضل عليها «شيرين» قد أدي إلي تعثر مشروع «دنيا»
الغنائي لتبدأ عملية التسخين والتأهيل للتمثيل فظهرت في مسلسل «للعدالة
وجوه كثيرة»
تأليف مجدي صابر وبطولة يحيي الفخراني
وتصور الكثيرون أن والدتها دلال عبدالعزيز
بطلة المسلسل هي التي ألحت في تقديمها، لكن الحقيقة التي قالها
لي وقت تصويره عام
2001
السيناريست والكاتب مجدي صابر تقول غير ذلك، فعند بدء الترشيحات لفتت
دنيا
انتباهه في برنامج تليفزيوني ظهرت فيه «دنيا» مع والدتها لتقدم نفسها
كمطربة، لكن «صابر» وجد فيها ملامح شخصية «ندي» البنت
الصغيرة الجريئة والشقية والبريئة، فطلب
أن تكون هي «ندي» في المسلسل من دلال عبدالعزيز، وكان الفيصل
هو المخرج «محمد فاضل»
الذي استسلم لموهبة «دنيا» في أول اختبار كاميرا لها لتشق دنيا طريقها في
التمثيل
السينمائي، حيث اختارها محمد هنيدي لمشاركته بطولة فيلم «يا أنا يا خالتي»
وهو
الدور الذي كانت مرشحة له حنان ترك، ونجحت دنيا في إثبات
جدارتها لكن محطة النجومية
ونقطة التحول كانت مع «أحمد مكي» حيث شاركته في باكورة أعماله السينمائية،
وكانت
شريكا حقيقيا في نجاحه حتي في مسلسله «الكبير أوي» بجزءيه الأول والثاني،
وخلقت فيه
منطقة جاذبية مع جمهور الدراما بأداء بسيط وطبيعي عندما قدمت
دور الزوجة الصعيدية،
لكن قبل هذا العمل سجلت حضورا متميزا ومختلفا في أفلام «كباريه» و«الفرح»
و«الليلة
الكبيرة» وقبلها «طير أنت» و«لا تراجع ولا استسلام» أمام أحمد مكي، لكن في
عصر
الاحتراف الذي لا يعترف بالمشاعر وقفت أمام أحمد حلمي في فيلمه
«إكس لارج» في
مواجهة فيلم مكي «سيما علي بابا» في موسم عيد الأضحي.
موهبة ونجومية «دنيا»
بعد تألقها السينمائي والدرامي قادتها إلي عالم آخر لا يعترف بالمجاملات
وهو
الإعلانات، حيث لفتت «دنيا» انتباه خبراء الإعلان، فقدمت خلال عامين
متتالين أبرز
وأشهر الإعلانات الأول مع شركة اتصالات مع كوكبة من النجوم،
وفي العام الماضي غردت
بمفردها مع «إعلانات بيبسي» في ظهور لم يختلف كثيرا عن الحالة الفنية التي
تقدمها
علي الشاشتين الكبيرة والصغيرة، والحالة الفني التي تتمني أن تقدم نفسها
فيها وهي
«الغناء»
في مشروع مؤجل لفنانة شاملة وواعدة.
الكوميديانة إيمي
في فيلم «عسل أسود» أعلنت الشقيقة الصغري وآخر عنقود عائلة «غانم»
الشقية «إيمي» في دور صغير ومؤثر والاختيار
كان لبطل الفيلم «أحمد حلمي»، ومخرج
الفيلم خالد مرعي وزوجته «غادة سليم»، والتي كانت شاهدة علي
موهبة إيمي في مسلسل «خاص
جدًا» بطولة يسرا والذي كان أول ظهور لها علي الشاشة، إيمي رغم ارتباطها
بتجربتها مع أحمد حلمي في فيلم «عسل أسود» الذي كان قدم السعد عليها عادت
لتنافسه
مع أحمد مكي في فيلم «سيما علي بابا» رغم ظهورها معه في فيلم «إكس
لارج» بدور
الفتاة الشقية المغرمة باصطياد الشباب علي الفيس بوك.. «إيمي» مثل شقيقتها
«دنيا»
تركت بصمة في دراما رمضان الماضي في مسلسلي
«لحظات حرجة» و«عريس دليفري» بطولة هاني
رمزي، ويبدو أنها ورثت جينات الكوميديا من والدها العملاق
«سمير غانم» في أعمالها
الأخيرة، مما ينبئ بمولد نجمة كوميدية في السنوات القادمة.
الناظرة
دلال
أما ناظرة مدرسة «غانم» أو مديرة الأكاديمية فبدأت مرحلة
جديدة من حياتها الفنية «دلال عبدالعزيز» المتخرجة في كلية الزراعة بعد أن
تفرغت من
دراسة النقد الفني وحصولها علي الدبلومة المتخصصة، لم تشغلها
أمور الإدارة والتنظيم
والتوجيه عن أن «تنظر لنفسها» فتألقت في «دوران شبرا» وقبله «ابن الأرندلي»
وهما
يمثلان مرحلة جديدة من حياتها الفنية لتعيد إلي الأذهان روائعها الدرامية
في
بدايتها الفنية «دموع صاحبة الجلالة» و«ليالي الحلمية» وبينهما
مسلسل «لا» مع يحيي
الفخراني ثم «حديث الصباح والمساء».. «دلال» النجمة المسرحية والتليفزيونية
وصاحبة
الإمكانيات المتعددة خاضت تجربة الوقوف أمام الكاميرا كمذيعة في برنامج
«مساء
الجمال» الذي تقدمه مع مرفت أمين لتؤكد أنها فنانة من طراز خاص
ومتعددة المواهب،
بينما تستكمل «دنيا» حضورها الناعم في السينما وتستحضر «إيمي» طموحها
الكوميدي..
ويتأكد في النهاية أن عام 2011 الذي هو عام
الثورة هو نفسه عام «ثورة عائلة
غانم».
مجلة روز اليوسف في
26/11/2011
900
فيلـم سينـمائى يتهم العرب والمسلمين
بالإرهاب والشذوذ الجنسى
كتب
محمد عادل
منذ عام 1985 وحتى ثورة 25 يناير 2011 قدمت هوليوود أكثر من 900
فيلم صورت جميعها العرب على أنهم أشخاص إرهابيون ومتخلفون ومتعصبون دينيا
وليس
لديهم رحمة، ومنذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر من عام 2001 ومع
تحطم الكبرياء
الأمريكى الذى تحطم مع برجى مركز التجارة العالمى بنيويورك، والحرب على
العرب
والمسلمين دائرة لم تهدأ بدعم من الإدارة الأمريكية برئاسة الابن «جورج
بوش» الذى
دعم بدوره السينما الهوليوودية وحثها على تقديم الصور السلبية
عنهم، ومن بعده «أوباما»
الذى لم يتخذ قرارًا بإيقافها ليستمر العداء حتى قيام الثورة.
الحرب بين السينما الهوليوودية وبين العرب والمسلمين بدأت عام 1985
بفيلمين
هما «st.Elmos fire»
والذى صور العرب على أنهم شواذ جنسياً و «Brck to the future»
الذي صور العرب كإرهابيين لا هم لهم سوي تصنيع القنبلة النووية!!
الأمر اختلف بعد
ثورة 25 يناير حيث تغيرت نظرة هوليوود السلبية للعرب والمسلمين- حتى لو
كانت
ظاهرية- بعد أن تغيرت دفة الإدارة الأمريكية معهم، صحيح أن المحاولات
الهوليوودية
فى هذا الاتجاه قليلة، وليست بكم التشوهات التى أحدثتها من قبل
فى سينماها ضدنا،
إلا أنها محاولات تؤكد أن هناك موقفا مغايرا، وأن المعلن فى هوليوود هو
تقديم صورة
متوازنة عن علاقة الغرب بالعرب، وإن كان من المؤكد أن هذه الصورة فى باطنها
لا تعدو
كونها «تشويها مستترا» الصورة المغايرة فى هوليوود بدأت
بفيلمين وفى وقت واحد هما
«killer elite»- «قتلة الصفوة»- و«Back
doors channels»- «الأبواب الخلفية»- وهما
يتناولان الثورات العربية والصراع «المصرى- الإسرائيلى».
فيلم «Killer Elite»
أو «قتلة الصفوة» الذى عرض مؤخرا فى دور العرض السينمائية المصرية، بطولة
المخضرم «روبرت دى نيرو» والذى لا يعدو دوره كضيف شرف لا أكثر. مقتبس عن
قصة حقيقية
من كتاب بعنوان «إلهام» أو
Inspiration
لمؤلفه «رالف فينيس»، يبدأ الفيلم بعبارة
صادمة «العالم تسوده حالة من الفوضى، الأزمة الاقتصادية مازالت
منتشرة ومستمرة فى
كل مكان، الحروب منتشرة، فقد حان وقت الثورات والمنازعات والعمليات
السرية».. هكذا
تأتى صدمة المشاهد، خاصة مع ورود كلمة «الثورة» لما لها من علاقة واضحة
ومرتبطة بما
يحدث الآن فى المنطقة العربية من «ربيع»، إلا أن المشاهد يصدم
أكثر حينما تحتل
الشاشة جملة «العام 1990» وكأنه يقول: إن التجهيز لكل ما يحدث الآن فى
المنطقة يعود
إلى أكثر من عشرين عاما!
نبدأ بالتعرف على «دانى» الذى يقرر اعتزال مهنة
قاتل الصفوة أو
«Killer Elite»، ذلك القرار يأتى بعد عملية لاغتيال أحد
الزعماء فى
المكسيك وما صاحبها من عدم قدرته على قتل ابن هذا الزعيم!.. إلا أن قرار
الاعتزال
لـ«دانى» لا يستمر طويلاً، بعدما تأتيه مهمة فى «سلطنة عمان» من رجل يدعى
«الشيخ»-
وهو أشبه بزعيم قبيلة أو رئيس!- والمهمة هى
أن «دانى» لابد وأن يقتل ثلاثة ضباط من
المخابرات البريطانية قاموا بقتل أولاد «الشيخ» مقابل 6 ملايين
دولار، بجانب إنقاذ
حياة صديقه والقاتل المحترف «هانتر» الذى حبسه «الشيخ» لضمان تنفيذ
المهمة.. «دانى»
يقوم بتجميع أصدقائه فى المهنة من جديد،
يبدأون فعلاً فى التخلص من الضباط
البريطانيين، لكن يقف فى طريقهم «سبايك»- وهو أحد رجال المخابرات
البريطانية أو من
يقوم بعمليات سرية غير معترف بها- لتتعقد الأمور أكثر بعد ما يموت أصدقاء
«دانى» فى
المهنة، يبدأ «سبايك» بعدها فى مطاردة «دانى» هو شخصيا والذى
يحاول تنفيذ المهمة
بكل الطرق ليس فقط لإنقاذ صديق عمره «هانتر»، لكن أيضا للرجوع لحبيبته «آنى».
ورغم أن أحداث الفيلم تشبه التوثيق الحى، إلا أنه تظل هناك مشكلة وهى
أن
الفيلم يُقدم إدانة «كاملة» للعرب و«شبه كاملة» للغرب، فمثلاً «الشيخ»
العربى
يستعين برجال أجانب مثل «دانى» لقتل رجال أجانب «الضباط
البريطانيين» الذين قتلوا
أولاده، مع أن للــ«شيخ» ابنا ليس بالصغير فى أحداث الفيلم، إلا أن هذا
الابن يرفض
أن ينتقم بنفسه، لكنه يوافق على أن ينتقم له الآخرون!.
ومع أن الفيلم يقدم
القتلة الأجانب المحترفين وهم أشبه بالمرتزقة، كل ما يهمهم الأموال
والفتيات
كأصدقاء «دانى» فى المهنة مثلاً، قد يبدو هذا إدانة، لكنها ليست كُلية
فشخصية البطل
الرئيسى «دانى» هو من يحارب لأجل صديق عمره «هانتر» وحبيبته «آنى» وليس من
أجل
المال ــ كما قالها فى الفيلم ــ فى الوقت الذى لا يظهر فيه أى
عربى بأى صورة
إيجابية، فهم لا يعدو كونهم «بودى جارد»، أو «شيخ» عليلا يعميه الانتقام،
أو ابنا
عاجزا كابن «الشيخ» يرفض أن ينتقم لعائلته، لا يحب سوى النساء، حتى والده
«الشيخ»
المريض لا يهتم ما إذا كان يموت أو العكس، بل لا يهتم بمقتله أمامه!.
يؤكد
هذا المعنى طبيعة المكان، ففى حين لا يخرج المكان عن الصحراء عند العرب
وحياة أقرب
للبدو، لكن عند الغرب مجتمعات حديثة، تخطط لما هو أكبر، حتى لو كان هذا
التخطيط فى
قمة الانحطاط ــ إشعال الثورات للسيطرة على البترول بأى شكل ــ
ولا يعدو تخطيط
العرب ــ خطة «الشيخ» لقتل الضباط البريطانيين ــ هى خطة همجية،. انتقامية،
شخصية،
غير مُشرفة، لا يعدو كونها ثأرية أشبه بتلك التى نسمع عنها فى صعيد مصر!.
تظل هناك أفلام تحاول التغريد خارج سرب التشويه المُتعمد للعرب، بل
تعمد
إلى التحليل ومحاولة الوصول لجوهر الأمور، إلا أن الضوء لا يتم إلقاؤه
عليها لسبب
غير مفهوم، فمثلاً الفيلم الوثائقى الأمريكى «الأبواب الخلفية:
ثمن السلام» أو
Back Doors Channels: The Price Of Peace
للمخرج «هارى هانكلى».
أثار التساؤلات
عند عرضه، خاصة أنه يتناول اتفاقية «كامب ديفيد» بعد توقيعها منذ أكثر من
ثلاثين
عاماً بين مصر وإسرائيل، وعن ذلك يقول مخرج الفيلم «هارى هانكلى»: «لقد
أردت أن
أوضح أن ما حدث فى الماضى يمكن أن يحدث أو يتكرر مرة أخرى، نحن
نحتاج اليوم إلى
سياسيين أقوياء، يتمتعون بالشجاعة، لكن للأسف هؤلاء اختفوا عن اليوم،
فالثمن الذى
دفعه السادات وكارتر وبيجن كان غالياً، وباستثناء إسحق رابين لم يجرؤ أى
زعيم آخر
على السير بجدية فى اتجاه السلام».
الفيلم شارك فى كتابته المُخرج «هارى
هانكلى» مع ثلاثة كُتاب آخرين هم: «ماثيو تولين - جوناثان هيكس
- أريك ويريسون»،
الفيلم يبدأ ولمدة 4 دقائق مستعرضاً الصراع الدائر فى الشرق
الأوسط منذ 4000 سنة
وعلى مدار 90 دقيقة يشرح الفيلم الظروف والأوضاع والتطورات التى آلت بعدها
لأن يتم
عقد الصُلح بين مصر وإسرائيل، فى إشارة لا يخلو منها الفيلم لتأثير هذا
الصلح على
الأجيال الجديدة من خلال قنوات الاتصال الشخصية الخلفية لكى يتم إقناع كُل
من
الرئيس «السادات» ورئيس الوزراء الإسرائيلى «مناحم بيجن» أن
يُصافحا بعضهما.. وهو
ما أعرب عنه المُخرج «هارى هانكلى» بقوله: «الوصول إلى سلام شامل يتطلب
شجاعة كبيرة
ومُصالحة من جانب كل الأطراف المعنيين بالأمر، هذا ما فعله السادات وبيجن
وكارتر،
أما اليوم فالجميع يتحدث عن ضرورة السلام، لكن لا يوجد فى
الواقع زعيم قوى لديه
استعداد لدفع ثمن تحقيق اتفاق السلام، فمُستقبل العالم كُله مُتعلق بصمود
اتفاق
السلام بين مصر وإسرائيل، وفشل كامب ديفيد يعنى اندلاع الحرب».
الفيلم فى
إجماله يعتمد على اللقاءات مع مجموعة من السياسيين سواء المصريين أو
الأمريكيين
الذين ساهموا بشكل مُباشر فى توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أبرزهم
الرئيس
الأمريكى السابق «جيمى كارتر» وأمين عام الأمم المُتحدة الأسبق المصرى
«بطرس بطرس
غالى» والمُفكر والباحث السياسى الأمريكى «هنرى كيسنجر»، أو
حتى الذين عملوا خلف
الستار مثل الدبلوماسى المصرى «عبدالرءوف الريدى» ومُستشار الأمن القومى
الأمريكى «بيل كواند» ورجل الأعمال الأمريكى «ليون
تشيرنى» والجنرال الإسرائيلى «إبراهام
تامير» والسفير «نبيل فهمى» - سفير مصر السابق بواشنطن.
يُشير الفيلم بجرأة
أيضاً إلى أن للسياسة فى الشرق الأوسط تأثيرا مُباشرا على كل أمريكى فى
المنطقة،
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها الاستغناء عن بترول المنطقة
فى الوقت
نفسه - فى إشارة لا تخلو من النقد بسبب التناقض فى المواقف
الأمريكية - فإذا تجاهلت
أمريكا السياسية فى الشرق الأوسط، فإنها تعرض بذلك مصالحها للخطر، كما
يُشير فى
الفيلم كل من الرئيس الأمريكى السابق «جيمى كارتر» والمستشار السياسى
الأمريكى
«بيجينسكى»
أنه كان يجب على الرئيس الأمريكى الحالى «أوباما» فور انتخابه البدء فى
اتخاذ خطوات لدفع عملية السلام، فـ «أوباما» ليس قوياً بما يكفى ورياح
التغيير التى
تُساهم فى تغيير خارطة المنطقة العربية الآن دليل قوى على ضعف
تأثير الولايات
المُتحدة الأمريكية، ففى حالة وجود زعيم قوى فى أمريكا فإنها تستطيع أن
تدفع مسيرة
السلام فى الشرق الأوسط.. وهو ما يطرحه المُخرج «هارى هانكلى» فى شكل
تساؤل: «كيف
كان العالم سيبدو اليوم لو لم يُقتل السادات وأعيد انتخاب كارتر من جديد؟».
فيلم «الأبواب الخلفية» يتهم «أوباما» بضعف التأثير والعجز عن اتخاذ
خطوات
لدفع عملية السلام.
مجلة روز اليوسف في
26/11/2011
حكاية النفط كما يرويها فيلم «الذهب
الأسود»
إنتاج قطري وإخراج فرنسي وتصوير في تونس
باريس: «الشرق الأوسط»
إنها حكاية هذه البقعة من العالم التي نبع فيها النفط، ذات يوم، فلم
تعد أرضا مقدسة فحسب، بل بؤرة استراتيجية دولية وواحة للرخاء والنعم
الكثيرة. هذا ما يرويه فيلم «الذهب الأسود» الذي بدأ عرضه في فرنسا، هذا
الأسبوع، مع ممثلين عالميين وبميزانية إنتاجية كبيرة شاركت فيها عدة دول،
أبرزها قطر.
مخرج الفيلم هو الفرنسي جان جاك آنو، وقد أشرف على الإنتاج التونسي
طارق بن عمار من خلال شركته السينمائية، خصوصا أن فكرة الفيلم كانت تدور في
رأسه من سنوات طويلة بعد أن قرأ رواية للكاتب السويسري هانز روش، صدرت
ترجمتها الفرنسية في ستينات القرن الماضي بعنوان «جنوب القلب»، تتناول
بدايات ظهور النفط في بلاد العرب. أما الأدوار فقد توزعت ما بين ممثلين عرب
وأجانب، وقام بدوري البطولة النجم الإسباني أنطونيو بانديراس والممثل
الفرنسي الجزائري الأصل طاهر رحيم، مع آخرين بينهم البريطاني مارك سترونغ
والهندية فريدا بنتو التي تقوم بدور الأميرة العربية ليلى. ونظرا لهذا
الخليط فقد كان لا بد للإنجليزية من أن تكون لغة الفيلم. ورغم أن الأحداث
تجري في شبه الجزيرة العربية خلال الثلاثينات من القرن الماضي فقد تم
التصوير في البطاح التونسية، ما بين زوارة وتوزر، قبل انتقال فريق العمل
إلى الدوحة لاستكمال مشاهد الصحراء والهضاب الرملية المطلة على الخليج.
وحسب جهة الإنتاج فإن كلفة الفيلم بلغت 40 مليون يورو، وحشد للفيلم 300
حصان و500 جمل، كما نصب في مواقع التصوير في تونس 700 ديكور وتم تجهيز 8
آلاف قطعة ملابس، وبمشاركة حشود من 10 آلاف ممثل «كومبارس».
القصة المحورية للفيلم تدور حول علاقة تنافسية بين أميرين مفترضين،
وما تتطور إليه الأمور عندما يصاب الأول بهزيمة فيتولى الثاني تربية
أبنائه. ثم يكبر الأولاد ويبلغون سن الرشد وتنبع التساؤلات، لا سيما في رأس
أصغرهم. لكن الأمير المتفتح يمضي نحو غايته في الحوار مع زعماء القبائل
وتوطيد مبدأ التفاهم والمساواة. كل ذلك على خلفية الفترة الحرجة التي شهدت
اكتشاف المعدن الثمين في الجزيرة. وحول هذه الحكاية يقدم لنا الفيلم جانبا
من تاريخ المنطقة، في أجواء من التصوير البانورامي الباذخ للطبيعة والمعارك
والمشاهد المؤثرة للحياة في تلك الفترة قبل قيام الحرب العالمية الثانية
وانتصاف القرن العشرين. إنه فيلم محلي وعالمي في آن واحد وإنتاج يضاهي
الأفلام الهوليوودية الضخمة لكي يقدم رؤية عربية وإسلامية يندر أن تتبناها
السينما العالمية حين تتحدث عن العرب. ومن خلال المواجهة بين الشخصيتين
الرئيسيتين ومع قصة حب لا بد منها للتخفيف من جهامة الأحداث، يعكس الفيلم
في خطوط غير مرئية معركة المحافظين مع أنصار التطوير، وإشكالية الحفاظ على
التقاليد المتوارثة في زمن صار الذهب الأسود فيه مصدرا للحداثة وللتعرف على
العالم وعلى أحدث بدع التكنولوجيا.. زمن فرق التنقيب الأولى الآتية من بلاد
بعيدة، مع وعود تبشر بالرفاهية وبالتعليم وبالعلاج المتطور. لكنه ليس فيلما
تاريخيا استعراضيا فحسب، بل أراد له صانعوه أن يحمل رسالة إنسانية ذات
مدلول معاصر عن أمة تجنح نحو السلم وتنفر من الحروب.
وعلى عادة الأفلام التاريخية السابقة التي شاركت دول عربية في
إنتاجها، مثل «الرسالة» و«القادسية» و«عمر المختار»، فإن الميزانية التي
رصدت لـ«الذهب الأسود» تمثل أقصى ما يحلم به أي مخرج. وهنا يعترف جان جاك
آنو، في حديث لصحيفة «الجورنال دو ديمانش» الباريسية، بأنه لم ينشد، مطلقا،
السهولة والبساطة بل سعى إلى تصوير المشاهد كما كان يراها في مخيلته. ثم إن
العمل في الصحراء يتطلب إجراءات مغايرة، لا بسبب حرارة الجو فحسب، بل لأن
التنقل فوق الرمال يحتاج إلى تسوية مستمرة لمسح آثار الأقدام عنها، وكذلك
آثار عجلات السيارات، عدا عن صعوبات تسجيل الصوت في أجواء مفتوحة على
الرياح وضرورة الاستعانة بممثلين بدلاء لتأدية مشاهد المعارك وركوب الخيل
والنوق. ويضيف آنو «عدا ذلك، كانت ظروف العمل نشيطة ومبهجة. ولو لم أكن
أحلم فلا داعي للقيام بأي شيء، وكان رفاقي يصفونني في طفولتي بالولد الذي
لا يخاف من أي مغامرة».
على مدى الأشهر التي سبقت التصوير، قرأ المخرج كثيرا من الكتب التي
تتحدث عن تاريخ المنطقة وتمعن في لوحات الفنانين المستشرقين من أمثال
ديلاكروا وأنغر وشاسيريو. لكن آنو قاوم إغراء التصوير الثلاثي الأبعاد
والمشاهد المنجزة بالحيل الإلكترونية بهدف جعل الجمل الواحد يبدو وكأنه
قافلة مؤلفة من مائة جمل. إنه لا يريد أن يزعج المشاهد بارتداء عوينات خاصة
توجع الرأس بحيث تفسد متعة متابعة الفيلم. ولا شك أن المخرج يتحدث عن خبرة
سابقة لأنه لجأ إلى تقنية الأبعاد الثلاثة في فيلمه «أجنحة الشجاعة» ويعرف
حدود تلك التقنية.
طار جان جاك آنو إلى تونس، في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي للعمل
في الفيلم، ثم قامت الثورة ووجد نفسه شاهدا عليها، يقارن بين ما كان قد
صوره من مشاهد عن هجوم أنصار بطل الفيلم على منطقة نفوذ خصمه المستبد، وبين
ما يراه كان وسط العاصمة يغلي به من مظاهرات تطالب برحيل الديكتاتور. كانت
السينما تتداخل مع الواقع رغم أن السيناريو مكتوب قبل سنتين من ذلك
التاريخ. لكن تونس ليست المحطة العربية الأولى في تجارب المخرج الفرنسي،
فهو يقول إنه اعتاد السفر إلى بلادنا منذ عشرين سنة وكان يشعر بأن العالم
العربي بقعة يساء فهمها وتنسج حولها دعايات تنتقد إلى الأمانة. ويضيف: «إن
أجمل لحظات حياتي هي تلك التي أمضيتها مع زوجتي وبناتي في اليمن. فقد اعتدت
أن أذهب لزيارة الأهالي، وفي كل مرة كنت ألقى الترحيب والأذرع المفتوحة
وأتأثر لكرم الناس هناك. ومع هذا فقد كنت أشعر بأن هناك الكثير من الهواء
المحتبس في طنجرة الضغط». أما في تونس، فقد كان على المخرج أن يطوع مواعيد
التصوير مع ساعات حظر التجول. لكن ذلك لم يربك فريق العمل الذي ضم في صفوفه
غالبية من التوانسة. كل ما هناك أنهم كانوا يهاتفون بيوتهم، عدة مرات في
اليوم، للاطمئنان على العائلات والأطفال. إن العرض الأول لـ«الذهب الأسود»
جرى أمام الصحافة في تونس، البلد الذي احتضن الفيلم وساهم في خروجه إلى
النور.
الشرق الأوسط في
26/11/2011 |