ابتعد الفنان مصطفى قمر عن شاشة رمضان هذه السنة لأسباب عدة، من بينها
رفضه الظهور في مسلسل لا يضيف إلى مسيرته الفنية ولا يتمتع بمقومات تجعل
جمهوره يرضى عنه، فاتجه نحو الإذاعة وقدم خلال الشهر الفضيل مسلسل «فارس
الزمن السعيد» (تأليف بهيج إسماعيل وإخراج منتصر عبد الفتاح)، وهو يجهّز
حالياً لفيلم «المؤامرة».
عن تجربته الإذاعية وأسباب ابتعاده عن الدراما التلفزيونية ومجمل
مسيرته الفنية كانت الدردشة التالية معه.
·
ما سر حماستك لمسلسل «فارس الزمن
السعيد»؟
يلهث البطل وراء البطلة ليثبت لها مدى حبه، عكس أعمالي السابقة التي
أدّيت فيها دور البطل الذي تتهافت عليه الفتيات.
·
تشارك في مسلسل كوميدي ينافس
مسلسلات كوميدية أخرى يؤدي بطولتها نجوم الكوميديا، ألا تعتبر ذلك مغامرة؟
أعشق المغامرة والتجارب الجديدة، وأرفض تقديم عمل تقليدي وأسعى إلى
العمل المختلف حتى لو انتظرت العمر كله، بالإضافة إلى أن ردود الفعل
الإيجابية على تجربتي في المسلسل الإذاعي «بحبك يا مجنونة» الذي قدمته منذ
عامين شجعتني على تكرارها هذا العام، لذلك تحمست للمسلسل بمجرد عرضه عليّ
ووافقت عليه فوراً.
·
هل استغرقت التحضيرات وقتاً
طويلا؟
استغرقت شهراً ونصف الشهر بين كتابة الحلقات وإجراء البروفات مع
الممثلين في مكتبي الخاص، فأنا أفضل العمل بمبدأ الفريق لا الفرد كما يفعل
فنانون آخرون.
·
ما المدة المناسبة للخروج بعمل
فني متكامل من وجهة نظرك؟
هي المدة التي يرى فيها الفنان أن عمله الفني، سواء كان فيلماً أم
مسلسلا أو ألبوماً غنائياً، وصل إلى الشكل الذي يرضيه ويرضي جمهوره، لذا
على الفنان أن يكون بوصلة نفسه، فإذا صدر عمله قبل أوانه سيلاحظ الجمهور
أنه غير مكتمل وإذا خرج متأخراً عن موعده فلن يواكب الجو العام وسيفقد روحه
التي صنع بها.
·
ما صحّة ما يتردد عن تدخّلك في
تفاصيل العمل الفني؟
لنكن موضوعيين. يتحمّل النجم نجاح العمل أو فشله، وعليه أن يتأكد من
أن التفاصيل تتمتع بالمستوى الاحترافي الذي يرغب في الخروج به إلى جمهوره.
مع احترامي لفريق العمل واعترافي بأهميته إلا أن من يستمع إلى ألبومي أو
يرتاد السينما ليشاهد فيلماً لي يفعل ذلك لأجل مصطفى قمر وليس لأي شخص آخر،
ومن ثم حفاظاً على جمهوري يجب أن أتدخّل في السيناريو والأمور الأخرى مع
مراعاة هوية كل من المؤلف والمخرج والأبطال.
·
ما سبب غيابك عن الساحة
التلفزيونية هذا العام؟
أدّت ظروف الثورة إلى حالة من الركود في سوق التلفزيون والسينما،
بالإضافة إلى أن الموازنات التي وضعت للأعمال التي عرضت عليّ لم تكن ملائمة
للخروج بها بشكل جيّد يرضي جمهوري وأنا لن أقدم سبوبة. ثمة فنانون كثر
وافقوا على المشاركة في مسلسلات وأفلام سينمائية لمجرد أنها ستؤمن لهم
دخلاً وأنا أرفض هذه الطريقة تماماً.
·
لكن يعزو البعض غيابك إلى انخفاض
أسهمك في التلفزيون في الفترة الأخيرة، ما ردّك؟
كلام غير منطقي. لو كان الأمر كذلك لما عرض عليّ هذا الكمّ من
السيناريوهات، وكما أشرت سابقاً أثَّر الاقتصاد المصري المتردّي بعد الثورة
على وضع الدراما.
·
لم تدلِ برأي صريح بالثورة، فما
هو موقفك منها؟
أنا فرد من الشعب الذي عانى الظلم بشكل من الأشكال، فالحجر على أفكار
الفنان والرقابة عليه من جهات لا علاقة لها بالفن من قريب أو من بعيد هو
أحد أنواع القهر التي أحمد الله على التخلص منها. أنا سعيد بما وصلنا إليه
وبنجاح الثورة المصرية العظيمة التي خلصتنا من الظلم والفساد.
·
هل أنت ضد إعلان الفنانين عن
آرائهم السياسية؟
لا، لأن الفنان جزء من الشعب وعليه أن يتفاعل معه.
·
ما رأيك في القوائم السوداء؟
أرفضها بشكل قاطع. لم تقم الثورة البيضاء الرائعة للحجر على آراء
الآخرين وتخوينهم، وفي رأيي ستختفي تلك القوائم مع الوقت لأنها جاءت نتيجة
غضب الشباب الذي سيزول مع هدوء الأوضاع.
·
كيف ترى انعكاس الثورة على الفن
في الفترة المقبلة؟
بترقب الناس اليوم أعمالاً جيدة ولا استعداد لديهم لمشاهدة أعمال
رديئة، لذلك علينا الاستعانة بعناصر فنية جديدة لإدخال دم جديد إلى الفن.
·
هل تقصد بدم جديد ولديك إياد
وتيام؟
لا أقصدهما بالتحديد، لكن لا ضير من الاستعانة بهما إذا دعت الحاجة.
لا يعترف الوسط الفني بالواسطة، ولن يدفع الجمهور نقوداً لمشاهدة فيلم
لفنان ما أو الاستماع إلى ألبوم لمجرد أنه ابن النجم الفلاني. رأينا تجارب
فاشلة وتجارب ناجحة أثبت أصحابها نجوميتهم وموهبتهم بمفردهم من دون
الاعتماد على آبائهم، فالأمر له علاقة بالموهبة وأنا أؤمن بالمقولة
الشهيرة: «لا توريث في الفن».
·
حدثنا عن فيلمك الجديد
«المؤامرة».
هو من نوعية أفلام التشويق، تأليف أحمد البيه وإخراج محمد حمدي،
يتمحور حول جريمة قتل ومحاولة الوصول إلى الجاني. يشاركني في بطولته كل من
مايا دياب ومحمد لطفي.
·
يتردد أنك لن تغني فيه، ما صحة
ذلك؟
قررت مع فريق العمل ألا أغني في الفيلم إنما سأؤدي أغنية الدعاية، لأن
الدور لا يتحمل الغناء، وأنا ضد فكرة الغناء لمجرد أن البطل مطرب.
الجريدة الكويتية في
14/11/2011
أحد سكان المدينة… فيلم مختلف
محمد بدر الدين
«أحد سكان المدينة»، معالجة أدهم الشريف وإخراجه، فيلم يعبر عن روح
التجديد والمغامرة لدى الشباب المصري في مجال السينما كما في الميادين كافة
في هذه المرحلة، وهو فيلم مدهش ولافت لأنه روائي وأبطاله من الكلاب الذين
يعيشون في أحياء القاهرة وشوارعها و{يؤدون» أدواراً مختلفة.
نقول «يؤدون» لأن كاميرا الفيلم تتابع حركاتهم وتصرفاتهم وتقدم
تفاوتاً واختلافات في طبائع وردود فعلهم وليس أشكالهم فحسب.
إلى جانب حركة الكاميرا المتابعة، الذكية اللاقطة، يتدفق شريط الصوت
بحيوية مماثلة تثري ما نشاهده وتتابعه الكاميرا، من خلال تعليق صوتي هو
لسان حال أحد الكلاب (أحد أبطال الفيلم ـ أو أحد سكان المدينة)، ويتناسق
الفيلم بتضافر الصورة مع صوت التعليق والمؤثرات الصوتية والمونتاج، إلى
جانب «الديكور الطبيعي» في الشوارع الواسعة والحارات والأزقة الصغيرة
والأماكن الغريبة وأحياناً الخربة إلخ.
يتناغم مع عمل الشريف، مونتاج إسلام عامر وكاتب نص التعليق الصوتي
عاطف ناشد الذي سبق أن كتب سيناريو فيلم «41 يوم» وصوّر فيلم «القط ذو
القبعة الحمراء»، أما التصوير المدهش فوقّعه بسام ابراهيم ومعه بهاء الجمل
وفريق من المصوّرين الموهوبين.
من يشاهد الفيلم يجده تصويراً مدهشاً لفيلم مدهش، لأنه قائم بطبيعته
على التقاط لحظات خاصة وأحياناً نادرة، تمرّ بها كلاب الشوارع، سواء فرادى
أم جماعات، صباحاً أم مساءً، لينسج، من خلال تلك اللحظات ـ اللقطات ـ
المشاهد، معالجة درامية بكل معنى الكلمة، تجعل «أحد سكان المدينة» فيلماً
روائياً وليس تسجيلياً، يماثل فيلماً روائياً عن «جمع» أو فئة من البشر،
تحيا من صباحها إلى مسائها في الشارع، لها حكايات تعيشها وعلاقات متباينة
تجمعها، لكن الصعوبة البالغة التي اجتازها هذا الفيلم بنجاح هي أن «الجمع»
هنا من الحيوان وليس الإنسان.
من بين تلك الحكايات، مشاهد يرافقها تعليق صوتي بلسان الحيوان ـ الكلب
ـ أحد سكان المدينة، بطل الفيلم، حول قصة حب جمعت بينه وبين «جميلة»،
وصداقة قامت بينه وبين {زينجة»… وحين يشير التعليق إلى أن جميلة «بنت حلال…
بنت بلد وعشرية» تلتقط كاميرا المصور ما يعبر عن هذه المعاني فعلاً في
ملامح وجهها ونظراتها التي يشوبها شيء من الخجل.
يتحدث البطل ـ الكلب عن نفسه بإعتزاز بأنه «صعلوك… بس حرّ… ومش أي حد
يعرف يكون كده»، وعن الأرض في المدينة: «حتت الخير ماليها… وحتت ضنك»، وعنه
وزملائه والأرض: «كل واحد له حتة أرض… ما ينفعش يفرّط فيها».
كذلك يستعرض الفيلم جانباً آخر من حياة هذه الكائنات في شوارع
المدينة، من خلال «قبيلة» كلاب يصفها التعليق بقوله: «12 أخ وأخت من بطن
واحدة… عصابة الـ 12»، ثم يتوقف الفيلم للحظات ولقطات ـ أمام أكبرها فحسب
على حدّ قول التعليق: «الكبير لا تليق به قلّة الحيلة، فهو صاحب مسؤولية
بخاصة تجاه القبيلة»، ويستطرد التعليق: «حياة كلب الشارع خشنة والخطر
يملأها وبالأخص بالنسبة إلى الكبير».
يقدم الفيلم، بصورة «درامية» وليس تسجيلية، صوراً من المخاطر والمواقف
الصعبة، التي يمرّ بها كلب الشارع، والكبير وجماعته، لذا أُرفق بعبارة:
«إهداء إلى الشارع».
ثمة إحساس عالٍ متوقد لدى أصحاب الفيلم، في الشارع، وأيضاً «في الكائن
الآخر ـ الحيوان ـ الكلب»، ونحسب أن في ذلك كثيراً من الرقي الإنساني لمدى
الإحساس المرهف بذلك الكائن الذي رأيناه في الإخراج والتصوير والمونتاج،
بقدر ما كان في ذلك صعوبة حقيقية في تصوير حركة وحيوية وعلاقات وتصرفات
واختلافات الكلاب، إن مجرد التصوير في الشارع صعب فما بالنا «بموضوع
التصوير» في الشارع في هذا الفيلم؟
الإقدام على مغامرة فيلم «أحد سكان المدينة»، أي مجرد التفكير فيها
وتنفيذها، أمر يحسب لأصحابها بالتأكيد، لكنهم لم يحققوا ذلك فحسب إنما
حققوا إنضاجاً ملحوظاً للفكرة ونجاحاً بيناً في التنفيذ.
بذلك قدموا تجربة مميزة بحقّ في الفيلم الروائي القصير، تأكيداً لقدرة
جيل جديد، على طرق أبواب فن جميل بلا قيود أو ضفاف، وعلى الدخول في أرض بكر
بروح شجاعة مجددة.
لذلك أيضاً، لا غرابة في أن ينتهي تعليق الفيلم الصوتي بالقول: «هي دي
الشجاعة… الشجاعة اللي مفيش من غيرها حرية».
الجريدة الكويتية في
14/11/2011
وفاء عامر: سعيدة بنجاح كف القمر
كتب: القاهرة – رولا عسران
فوجئنا باختياراتها غالباً، بل وبعمق موهبتها وقدرتها على تقديم كل ما
هو متميز… الفنانة وفاء عامر التي أشاد بها الجمهور والنقاد، تتحدث عن آخر
أفلامها «كف القمر» للمخرج خالد يوسف.
·
لماذا لم تحرصي على حضور عرض
فيلم «كف القمر» في مهرجان الإسكندرية أخيراً، بينما حرصت على حضوره في
عرضه الأول؟ هل السبب عدم دعوتك من إدارة المهرجان؟
أبداً. كنت مترددة في حضور الفيلم خلال مهرجان الإسكندرية لخوفي من
ردود فعل الجمهور والنقاد حول دوري، يُضاف إلى ذلك ارتباطي بتصوير مسلسل
«كاريوكا». لكن بعدما نال الفيلم استحسان الجميع كنت شغوفة بحضوره في عرضه
الأول لمشاهدته مع الجمهور، وكانت سعادتي كبيرة عندما رأيت ردود الفعل
الإيجابية.
·
إذاً، لا صحة لما تردد عن وقوع
خلافات بينك وبين المخرج خالد يوسف وبطلتي العمل غادة عبد الرازق وجومانا
مراد، وعن أن هذه الخلافات هي سبب غيابك عن حضور عرض الفيلم؟
لا نهاية لمثل هذه الشائعات ومن يصدقها يُلام أيضاً. علاقتي بخالد
يوسف وبأصدقائه وغادة وجومانا جيدة جداً، فما الداعي لأختلف معهم؟ شاركنا
في عمل فني واحد، وجميعاً نسعى إلى إنجاحه، من ثم لا صحة لمثل هذه
الشائعات، وعند بداية عرض الفيلم تجارياً في القاهرة سأكون حاضرة بالطبع.
·
يرى البعض أن شخصيتك في الفيلم
شكّلت أحد أصعب أدوارك في مشوارك الفني، ما رأيك؟
نعم إلى حد كبير. الصعوبة في البداية كانت في أداء دور يمرّ بمراحل
عمرية مختلفة انتهاء بالسبعين وإقناع المشاهد بذلك، ما سبَّب لي ولعدد من
المحيطين بي قلقاً كبيراً. لكن الحمد لله أن الدور لاقى إعجاب المشاهدين.
أذكر هنا أن أماكن التصوير شكلت صعوبة موازية لغيرها من العقبات لأن معظمها
كان في الصحراء وفي صعيد مصر حيث الحرارة مرتفعة والأتربة كثيرة، ما سبب
لي مشاكل صحية كثيرة. كذلك كان الماكياج في المرحلة العمرية الأخيرة في
الشخصية يستغرق وقتاً طويلاً في تحضيره، وكنت أضع قناعاً من البلاستيك
ليبدو وجهي مليئاً بالتجاعيد بما يتناسب مع المرحلة. عموماً، كان كل ما
يحيط بالفيلم صعباً، لكني ومع ردود الفعل الإيجابية عن العمل ودوري شعرت
بأن هذه الصعوبات اختفت.
·
ماذا عن التعامل مع خالد يوسف
كمخرج، هل يعدّ من ضمن صعوبات العمل؟
إلى حد كبير نعم. خالد ديكتاتور في العمل، ويحب أن ننفذ كلامه بدقة
ومن دون مراجعة فهو يعرف جيداً ماذا يفعل، وله طريقة محددة لتحقيق رؤيته،
ولا أنكر أن توجيهاته ساعدتني كثيراً في دور «قمر».
·
تقومين بدور أم لنجوم ليس الفارق
العمري بينك وبين بعضهم كبيراً، أليس من المبكر تجسيدك شخصية أم؟
أنا ممثلة ويهمني القيام بدوري على أكمل وجه. قرأت سيناريو «كف القمر»
وأعجبني جداً، لا سيما دور قمر وسعيها الدائم إلى لمّ شمل أولادها على رغم
الصعوبات التي واجهتها. باختصار، الشخصية مليئة بالانفعالات ومغرية لقبول
تنفيذها. ناهيك بسعادتي في مشاركة فريق العمل تحقيق هذا الفيلم.
·
ضمّ مشهد النهاية كلباً يحاول
إفاقتك من الغيبوبة. هل صحيح أنه كان سبباً في تعطيل التصوير لخوفك الشديد
منه؟
على العكس. أحببت هذا الكلب جداً وأحسست برابط بيني وبينه، خصوصاً أن
التدريب على هذا المشهد استمر لمدة ثلاثة أشهر، وقد حاولت شراءه من صاحبته
ولكنها رفضت بشدة. كان هذا المشهد تحديداً مهماً للتأكيد على قيمة الوفاء
وأثرها.
·
هل خروجك من مهرجان الإسكندرية
بلا جوائز جعلك تشعرين بالإحباط على رغم الإشادة بالفيلم؟
أولاً، الإشادة بالفيلم هي الجائزة الحقيقية والكبرى، ومسألة حصولي
على جائزة من عدمه لا تهمني. لا أقصد هنا التقليل من أهمية الجوائز، لكن
إشادة الجمهور بالنسبة إلي أهم من أي جائزة لأنها مقياس النجاح الحقيقي.
·
تحفّظ البعض على أن الفيلم لا
يناقش قضايا اجتماعية، لكنه يحتوي على إسقاطات سياسية، وشخصية قمر تحديداً
هي إسقاط سياسي لمصر. ما هو رأيك؟
لا أميل إلى وجهات النظر هذه. لكل من شاهد الفيلم الحق في أن تكون له
نظرته الخاصة. ربما يرى البعض في «كف القمر» إسقاطات لحال الأمة العربية
وأن الفيلم دعوة إلى الوحدة وإعادة حلم القومية العربية، وربما يستنتج
البعض الآخر أن الفيلم يناقش قضية اجتماعية هي التفكك الأسري والشقاق بين
الأخوة، وغير ذلك من تفسيرات وكلها صحيحة. فدور الفن هنا ليس تقديم القضايا
بشكل مباشر، لكن طرحها وعلى الجمهور أن يتفاعل معها من وجهة نظره.
عموماً، الفيلم يحاكي الواقع وبالمناسبة صورناه قبل ثورة يناير ولا
يتناول أحداثها، بل يقدم مضموناً مهماً ويؤكد على قيمة الوحدة بين الأشقاء.
·
في ظل حالة الكساد التي تمرّ بها
صناعة السينما بعد الثورة، ألا تخشين عدم تحقيق الفيلم لإيرادات مرضية؟
إطلاقاً. قدمنا فيلماً جيداً، وأتصور أن الجمهور سيتقبله بغض النظر عن
أي اعتبارات، إضافة إلى أن خالد يوسف كمخرج اسمه معروف وأبطال العمل لهم
جمهورهم الخاص جداً، لذلك لا أخشى مسألة الإيرادات ولا تشغلني كثيراً لأنني
ممثلة أجتهد في تقديم دوري، والتوفيق في النهاية مسألة تقديرية وأتمنى أن
ينجح الفيلم تجارياً وأن يحوز إعجاب النقاد إلى جانب الجمهور.
الجريدة الكويتية في
14/11/2011
مهرجان الأفلام المستقلَّة في معهد غوته ..
الربيع العربيّ يعيد إلى السينما بريقها
كتب: القاهرة – حاتم عبدالرحمن
48 فيلماً من دول عربية مختلفة من بينها: مصر، الكويت، تونس، الأردن،
العراق، فلسطين، الجزائر ولبنان، عرضت في «مهرجان الأفلام المستقلّة» الذي
ينظمه معهد «غوته» (المركز الثقافي الألماني)، وتمحورت في معظمها حول
الثورات التي تشهدها بلدان عربية وآثارها على الشارع وعلى الفنون.
جاءت حفلة افتتاح «مهرجان الأفلام المستقلّة» في مصر متواضعةً على رغم
حضور وزير الثقافة المصري عماد أبو غازي. كذلك اختتم المهرجان من دون
احتفال أو تسليم جوائز أو إعلان فائزين، وقد أرجعت إدارة المهرجان ذلك إلى
الظروف الأمنية والسياسية التي تمرّ بها البلاد، مؤكدة أن هدف المهرجان جمع
صنَّاع الأفلام العربية وإتاحة مساحة لعرض أعمالهم.
الثورة في الصدارة
عُرضت ستة أفلام من مصر تمحورت حول ثورة 25 يناير، واللافت أن الجمهور
تواصل مع صناعها وناقشهم حول أفكارهم المطروحة من خلال ندوات نظمت بعد
انتهاء العروض، ما أحدث حالة من الرضا لدى المخرجين لتلقيهم ردود فعل
مباشرة على أفلامهم.
أحد أبرز العروض الفيلم الكوميدي «الشارب» لمقداد القوط من الكويت،
عرض في آخر أيام المهرجان ونال إعجاب الجمهور الذي ردّد عبارة «ختامه مسك».
كذلك أحدث فيلم «2060» للمخرجة المصرية مها مأمون جدلاً حول فكرته في قراءة
المستقبل، إذ يطلق العنان للمشاهد لتخيل ما يمكن أن يحدث مستقبلا.
ألقت ثورات الربيع العربي بظلالها على المهرجان، وتحوّلت أروقة
القاعات والجلسات الخاصة إلى جدل حول دول عربية حققت ثورتها وبدأت تجني
ثمارها، وأخرى ما زالت تعاني قمع الأنظمة المستبدة. كذلك لم ينفصل هذا
التوجه عن عروض أفلام لم يهتمّ صنّاعها بطرح الثورة بشكل مباشر عبر لقطات
حيّة أو معايشات لأيام الثورات، إنما تناولوا قضايا عاشتها الشعوب في
السنوات الأخيرة في ظلّ حكم الأنظمة العربية المستبدة.
تصحّر وإرهاب
اختار المخرج يزان الخليلي من فلسطين لأفلامه عنوان «باسم الأب» تناول
من خلالها الذكورية الطاغية على المجتمعات العربية وحصر الحماية بالرجل،
وهي الفكرة التي حاول الحكام فرضها لتأصيل القيادة الواحدة.
علق الخليلي على السينما في فلسطين قائلاً إنها سينما مثابرة علماً أن
عدد دور العرض فيها لا يتعدى الثلاث، ذلك بالمقارنة مع السينما العالمية
والعربية، مضيفاً أن في فلسطين نوعين من السينما: سينما الاستقلال التي
تتبنى قضايا تحرير الأرض، والسينما المستقلّة التي تحاول تغيير الخطاب
السائد والتوجه الحثيث المدعوم من مؤسسات حكومية وأحزاب.
بدوره، اختار المنسق التونسي وليد الطايع «التعبير المجازي في الشريط
التونسي» عنواناً لأفلامه التي عرضها، من بينها «فوسكا» و»كوما»، وتتمحور
حول السنوات الأخيرة من حكم الرئيس التونسي السابق بن علي التي شهدت بطالة
وفقراً وتهميشاً للشباب، ووصفها الطايع بأنها سنوات خلفت صحراء ثقافية لدى
قطاع عريض من المشاهدين.
المخرجة الجزائرية حبيبة جحنين اختارت لفيلمها عنوان «جغرافية الخوف»،
إذ يتطرق إلى الحرب الأهلية خلال السنوات الـ 15 الماضية، وظهور الإرهاب
والضغوط السياسية التي سيطرت على الناس وخوفهم من الخروج إلى الشارع. أما
المخرجة الأردنية آلاء يونس فصوّرت، عبر الخيارات الفنية التي قدمتها،
التخبّط في تضارب الأقوال والأنباء الذي عاشه المجتمع العربي في الأشهر
الماضية، ووصفت عروضها بحالات إخبارية متخيلة واختارت أفلاماً تقترح خططاً
مستقبلية في مصر وجنوب الأردن.
من جهته، وصف المخرج العراقي سعيد عمر خليفة السينما في العراق بأنها
تحت الصفر وازدادت سوءاً في السنوات الأخيرة، إذ لم تهتم وزارة الثقافة
بدعم الإنتاج السينمائي، كذلك انتقد السينما العربية وقارنها بالسينما
الإيرانية التي تحقق مشاركة واسعة في مهرجانات السينما العالمية.
سينما تسجيلية
على هامش المهرجان نُظمت ندوة خاصة للمخرجة السورية ساشا أيوب تناولت
تجربة «مهرجان سينما الواقع للأفلام التسجيلية» (dox
box). أكدت أيوب لـ{الجريدة» أنه بالتزامن مع ثورات الربيع العربي اتسع
انتشار السينما التسجيلية، ووصفت تجربة مواقع الـ{يوتيوب» وغيرها، التي
تتيح تحميل أفلام قصيرة للعرض، بالإيجابية لأنها تؤمّن مشاهدة مئات الأفلام
القصيرة الواقعية من أماكن الأحداث بعد تسجيلها مباشرة.
أما عن السينما في بلادها، فذكرت أيوب أن الإنتاج السينمائي قليل
وتعرض دور العرض أفلاماً تجارية يقبل الناس عليها، إلا أن السينمائيين
الشباب بدأوا خطوات أولى لتقديم أفلام تسجيلية وحقيقية.
الجريدة الكويتية في
14/11/2011 |