عرض في مهرحان أبو ظبي خمسة أفلام روائية من
المغرب، ثلاثة منها داخل مسابقة الأفلام الروائية الطويلة،
وفيلمان داخل مسابقة
آفاق جديدة. الأفلام الثلاثة الأولى هي "موت للبيع" لفوزي بن سعيدي، و"على
الحافة"
لليلى كيلاني، و"رجال أحرار" لاسماعيل فرزخي، والفيلمان الباقيان هما
"النهاية"
للمخرج هشام لمسري، و"أياد خشنة" لمحمد العسلي.
وتعد هذه أكبر مشاركة مغربية في
مجال التسابق في أي مهرجان من المهرجانات الدولية التي تقام في
العالم
العربي.
وسوف أتوقف في هذا المقال أمام فيلمين من هذه الأفلام هما "على الحافة"
و"موت للبيع".
على
الحافة..
يصور فيلم "على الحافة"، وهو الفيلم الروائي
الطويل الأول لمخرجته ليلى كيلاني، حالة الضياع التي تعيشها أربع فتيات في
مدينة
طنجة في شمال المغرب: بديعة وإيمان القادمتان إلى طنجة من
الدار البيضاء في محاولة
للبحث عن فرصة للعمل والحصول على الرزق ولو بأية طريقة (يجدن عملا في مصنع
لتقشير
الأسماك)، ونوال وأسماء اللتان تعملان في مصنع للنسيج داخل المنطقة الحرة.
وهما
أيضا تتطلعان لتحسين ظروف الحياة والحصول على فرصة أفضل للرقي
الاجتماعي.
تجتمع
الفتيات الأربع على فكرة الخلاص، والافلات من دائرة الفقر والتهميش
والضياع، ولو
بالتحايل والكذب وممارسة السرقة عن طريق مرافقة شبان أثرياء في أماكن اللهو
والسهر
ولعب القمار، ثم سرقة أشياء ثمينة من منازلهم.
في هذا الفيلم يختلط الاجتماعي
بالأخلاقي، في مزيج سبق لنا أن شاهدناه في أفلام مغربية سابقة
ربما يكون أهمها على
الإطلاق هو فيلم "كازانيجرا"، بمستواه الفني البديع: قوة الأسلوب، الابتكار
في بناء
المشاهد، التكوينات الموحية، الصلة الوثيقة بين الصورة والصوت، الجرأة في
تصوير
المشاعر والانفعالات، وفي رسم العلاقة بين شابين من الفقراء
الهامشيين ينغمسان في
العالم السفلي طمعا في تحقيق ثروة تنتشلهما من الواقع المتدني، وكأننا
نشاهد اكتشاف
العالم بكل خطاياه.
وبسبب ما كان يثيره فيلم "كازانيجرا" من تأملات خارج إطار
الواقع، في مغزى ما يفعله هذان الشابان، وفي مغزى القهر الاجتماعي، وعبثية
العيش
بالمعنى الفلسفي، اكتسب الفيلم معنى كبيرا، خصوصا مع وجود
مساحات للبحث والاكتشاف
والتأمل.
أما مشكلة فيلم "على الحافة"، وغيره من الأفلام المماثلة التي تأثرت
بما حققه "كازانيجرا" من نجاح، فهي تكمن في واقعيته القديمة الجافة التي
ترتد بنا
من حيث أسلوب السرد والإخراج وطريقة الأداء التمثيلي (رغم براعة الفتيات
وتلقائيتهن
جميعا بلا استثناء) والاعتماد الكبير على الحوار وعلى اللقطات القريبة
الخانقة، دون
أدنى مساحة للتنفس والتفكير، إلى سينما عجوز، متهالكة، مؤدلجة، تعلي من شأن
المضمون
والرسالة واجترار الحالة الاجتماعية التي تصورها، دون أن تتجاوز الهجاء
الاجتماعي
إلى مساحة أوسع للتعبير بلغة السينما الحديثة والحداثية:
الحركة والمونتاج
والاهتمام بالميزانسين والتقليل من الحوارات المرهقة والمشاجرات التي لا
تنتهي.
هناك إحساس
غير مريح ينتج عند مشاهدة فيلم "على الحافة"، ليس بسبب غياب "الحبكة" أو
المغالاة
في إضفاء الملامح الواقعية الكلاسيكية على كل مشاهد الفيلم، بل بسبب طابعه "العتيق"،
الذي يرتد بنا إلى تقديس فكرة "عبادة الواقع" في حد ذاته، أي الاهتمام
الكبير بمحاكاة الواقع، بنقله حرفيا، بالاخلاص لكل ما يحتويه، وهي فكرة
قديمة، ترغب
في جعل الروائي يبدو كما لو كان تسجيليا، والتقليل من الخيال
أو الحد منه وكبح
جماحه، وبالتالي اغفال الابتكار، سواء في الأفكار المتعلقة ببناء المشاهد،
أو في
طريقة السرد.. شكله.. مساره.. استنادا إلى فكرة أن التصوير الواقعي يغني عن
الابتكار، ويصبح هو نفسه كافيا لتحقيق هدف الفيلم.
ما هو هدف الفيلم إذن؟
على
الصعيد الفكري: الهجاء الاجتماعي، اتهام الدولة والمؤسسات الاجتماعية
بالتقصير في
رعاية الشباب وتقديم فرص عمل لهم تكفل لهم حياة انسانية جيدة تليق بهم،
تحقيق
الصدمة عن طريق إبراز التناقضات الاجتماعية التي تدفع الى حافة
اليأس (وربما تكون
تلك هي "الحافة" المقصودة من عنوان الفيلم).
أما الهدف الجمالي فهو، مرة أخرى،
محاكاة التسجيلي والاحتفاء بصورة الواقع: مصنع تعليب الأسماك،
مصنع النسيج، شوارع
المدينة القديمة وحوانيتها ودروبها الضيقة، العابرون في تلك الشوارع، وفكرة
اللقطة
القريبة كمعادل للاختناق، للسجن، للواقع المغلق، وهي فكرة لا تضيف جديدا.
في
النهاية يبدو "على الحافة" فيلما مرهقا، كان يمكن تصوير محنة الشخصيات التي
تتحرك
في فضائه، في مدى زمني أقل كثيرا من ذلك المجال الزمني الذي يستغرقه
الفيلم، وهو ما
يعني وجود الكثير من التكرار (تكرار الفكرة وتكرر الحوارات
التي تدور حول المعنى
نفسه)، ونمطية الشخصيات التي يمكنك التنبؤ سلفا بوضعيتها وسلوكياتها، وهو
ما يعني
أيضا عدم القدرة على التعاطف مع تلك الشخصيات في الكثير من الأحيان، أي على
العكس
من رسالة الفيلم ومما كان يسعى إليه صانعوه.
"موت
للبيع"
من طنجة ننتقل الى مدينة تطوان الشهيرة في الشمال
المغربي أيضا التي تدور فيها مشاهد وأحداث فيلم "موت لبيع" للمخرج- المؤلف-
الممثل،
فوزي بن سعيدي.
بن سعيدي سبق أن قدم من قبل "الف شهر" (2003) (فيلمه الروائي
الطويل الأول) ثم "إنه عالم رائع" (2006).
في فيلمه الجديد "موت للبيع" ليس هناك
موت ولا شيء للبيع، بل فقط لعبة تدور على مستويات مختلفة: كيف يرغب ثلاثة
من الشباب
المهمش العاطل عن العمل في اختراق الحاجز الاجتماعي ولو
عن طريق الجريمة، وهم خلال
ذلك، ورغم دوافعهم المختلفة للسطو على محل للمجوهرات، يختلفون أيضا كثيرا
مع بعضهم
البعض إلى حد الشجار العنيف.
والمستوى الثاني مستوى الحب: أو وهم الحب.. هل هو
حقيقة أم سراب؟ هل الفتاة "دنيا" التي يحبها الشاب الأول "مالك"، هي فعلا
مخلصة له
أم أنها تخونه مع صديقه الأكبر العنيف "علال"؟ وهل كانت من البداية تخطط
لدفعه الى
الجريمة لكي ينقذها من بيع جسدها في ملهى ليلي، في حين يقتنع هو بأن
"ظروفها" هي
التي تدفعها الى ذلك البحث عن أي وسيلة للنجاة حتى لو كانت بيع الجسد؟
من هذه
اللعبة المركبة يدخلنا الفيلم في لعبة أخرى تشبه المطاردة بين القط والفأر،
تتمثل
في تلك العلاقة الغريبة بين مفتش الشرطة (الذي يقوم بدوره فوزي بن سعيدي
نفسه) وبين
الشاب مالك.
الشرطي يقبض على دنيا بتهمة ممارسة الدعارة ويحبسها لكي يبتز مالك
ويدفعه دفعا الى التعاون معه والوشاية بالآخرين. ولا يمانع من
اطلاق سراح دنيا بل
والاغداق على مالك لكي يستأجر لها حجرة في فندق ويأتيها بالطعام الوفير
والشراب
الجيد مقابل العمل كمرشد للشرطة.
هذه اللعبة تجعل رجل
الشرطة الذي يتحرك داخل مركبة مغلقة من مركبات الشرطة المصفحة، ويمكنه في
أي وقت،
القبض على مالك وتهديده، يبدو كما لو كان جزءا من لعبة قدرية لا فكاك منها.
مصير
الأشقياء الثلاثة يسير الى نهايته.. ما بين القتل والضياع الأبدي. لكن
المشكلة أن
إغراق بن سعيدي في ألعابه الشكلانية، يفسد الفكرة الأصلية، بل ويجعل الفيلم
أيضا،
يمضي في اتجاه الاغراق في الثرثرة والتكرار بل وخلق مشاهد يمكن معرفة ما
سينتج عنها
سلفا بعد أن تصبح اللعبة التي يمارسها بن سعيدي: لعبة الكبير
والصغير، القط والفأر،
قوة الدولة الباطشة وشباب يبحث عن فرصة للنجاة، مكشوفة.
هذه الثنائيات كان يمكن
أن تصبح أكثر إثارة للاهتمام لو لم يتمادى المخرج- المؤلف في
ألعابه ولهوه
واستطراداته ومحاولاته أن يقدم كل شيء كعادته: الرقص والغناء والمطاردة
البوليسية
والنقد الاجتماعي.
ويمكن أن نضيف أيضا أن "أزمة الهوية" عند بن سعيدي تتبدى
كأوضح ما يكون في هذا الفيلم.. أي هويته كمخرج.. ماذا يريد؟ إلى أي سينما
ينتمي؟ هل
يرغب في الانتماء لسينما مغربية أم لسينما فرنسية؟ فهذا التلاعب بدور رجل
الشرطة،
والتكوين الغرائبي له، وتلك المشاهد المتخيلة التي تدور في
شرفة الفندق من أعلى،
وتجمع أحيانا بين مالك ودنيا، وتلك النهاية الغريبة التي نفهم منها أن دنيا
ضحكت
على مالك واستولت على حقيبة المجوهرات المسروقة وفرت، كلها تعكس ولع بن
سعيدي
بالسينما، أي ببعض الأفلام الأجنبية (الفرنسية البوليسية
بالتحديد)، ولكن على طريقة
الانتقاء والنسخ ولملمة الشذرات من هنا ومن هناك، لكن الطامة الكبرى أن هذا
الخليط
الذي يبدو رغم كل شيء (أسلوبيا من الظاهر) سرعان ما ينتهي الى لاشيء يمكننا
استعادته مرتبا بعد تلك الفوضى الظاهرية البادية في تكوينه
وبنائه، فلا شيء يبقى من
اللهو غير الطرافة الزائلة!
الجزيرة الوثائقية في
05/11/2011
مهرجان تسالونيك : مهرجان أفلام من كل القارات
قيس قاسم - تسالونيك
يَمنحُ الإطلاع على تفاصيل برنامج الدورة ال52
لمهرجان تسالونيك السينمائي بعض المعنى الكامن في طول التجربة
وخبراتها، فيما يَبقى
الحفاظ على التوازن الدقيق بين خصوصيته وبين عالميته أحد أهم إختباراتها
الحقيقية.
فالمهرجان اليوناني العريق بقدر ما هو
عالمي، معنيٌ بمحلية يونانية وإقليمية
بلقانية، وأقسام برنامج دورته الجديدة تؤكد هويته وتدعم
توازنه، فعدا المسابقة
الرسمية والتي سيتبارى فيها 15 فيلما هناك خانة "جرد بلقاني" والتي خصصت
عروضها
الرئيسية هذا العام لسينمائيين من جيلها الجديد، ستوفر لجمهور المهرجان
وضيوفه
فرصة التعرف على بعض نتاجاتهم، الطويلة والقصيرة، ومن بينها: "ضغط" للتركي
سيدات
يلماز و"عدو" للبوسني دايسي زيتفيتيس و"جزيرة" البلغاري كامين كاليف.
أما التحية الخاصة لها فأُخذت للتركي أرنتين كيرال،
والذي وصفته نشرة المهرجان بأنه من أكبر صناع السينما التركية ويمثل عَلما
من أعلام
الجيل الثاني الذي تأثر كثيرا بالمخرج يلماز غوني، وأهتَم مثله بالسينما
السياسية،
وأفلامه ومنذ نهاية السبعينات وصمت بها، وسيتلمس مُشاهدها عمق
النظرة النقدية
لأحوال تركيا في تلك الفترة عبر: "المنفى الأزرق"، "قناة"، "المرآة"
وغيرها. أما
خانة أفلام يونانية" فلها نصيبها الوافر من العروض والفعاليات الكثيرة، وقد
وُجهت
هذة السنة تحية خاصة للمخرج كوستانتين غياناريس، الذي ومنذ التسعينات ما
برح يبحث
وبشكل مضني في علاقة الكائن البشري بالعالم والطبيعة المحيطة به، ولعل فيلم
"رجل
عند البحر" يعبر، كما جاء في كلمة التحية، عن هذا التوجه السينمائي ويتكثف
بشكل
أوضح في "أمريكا وأنا". قد تعطي ثلاثة عشرة فيلما مُقَدمة له صورة كافية
لعمل هذا
الفنان وإسهاماته في السينما اليونانية ونظرته الإنسانية التي تجسدت بوضوح
في فيلم "مصر".
مسابقة ومخرجون
لم يكتف المهرجان بالمسابقة الرسمية، فأضاف اليها حزمة أفلام
لثلاثة مخرجين عالمين هم: الدنماركي أوله كريستيان مادسين صاحب "ملك
البيتزا"
و"براغ" والأمريكية سارا نترايفر ومن أعمالها "أنت ليس أنا" و"عطلة أعياد
الميلاد"
وثالثهم الإيطالي باولو سورنتينو مخرج "الديفو"،"صديق العائلة" و"أكثر من
إنسان".
أما المسابقة نفسها فستشهد تنافسا بين أفلام مختارة من كل القارات من بينها
ثلاثة
تشيكية وهو أمر لافت في هذة الدورة، وأن برر بإقليمية التوجه وقارية
الجغرافيا
بوصفها بلدا أوربياً: "اليوس نيمبيل" لتوماس لونياك و"ثمانون
حرفا" لكنتركا فاسلاف
و"البيت" ليوفا سوزان، أما أمريكا الوسطى فمنها المكسيكي
"حمار" لأودين سالاسار
و"بِدون" للأمريكي مارك جاكسون، والى جانبهما سيتزاحم على
الجائزة التركي "نفق
الطريق" لتولكا ناراكسيلك والبريطاني "أنظر خروف" والكندي
"البياع" لسابستيان
بيلوتر.
"آفاق مفتوحة"
من بين أكبر أقسام المهرجان "آفاق مفتوحة" وفيه إختلطت كل
سينمات العالم وتفاعلت ومن بينها سينمتنا العربية، حيث سيعرض فيها، الروائي
الأول
للمغربية ليلى كيلاني "على الحافة". عملها من بين أشد الأفلام
العربية المعروضة هذا
العام قتامة (عرض في مهرجان أبو ظبي الأخير) وأكثرها أهمية، عنوانه مستفزٌ
لأسئلةٍ
يُولدها بنفسه، مثل: من يقف على الحافة؟ وأي حافة هي، هل ثمة هاوية تليها؟
أم تراه
مجرد فاصل غير مريء يفصل واقعا قاسيا عن ناسه، والذين تراهم
وبسببه يهربون نحو
حافات خطرة، مدمرة؟.
قصة الشابات
المغربيات اللواتي دفعهن قهرٌ إجتماعي للذهاب الى أقصى الخيارات دون رغبة
منهن، قدر
ما كانت عندهن حاجة للتخلص منه. حاولت كيلاني في فيلمها، وبعون مجموعة من
الممثلات
الهاويات والموهوبات عرض مشهد المغرب من زاوية "نسوية" دون تعمد لإنحياز
الى حركة
أو إتجاه نظري يؤطرها، قدر الحاجة نفسها لعرض واقع المرأة في مجتمع يعاني
كله ضغطا
يدفع الناس دفعا للهروب نحو الهاوية أو الوقوف عند حافتها!.
فيما يذهب صانعا الفيلم
اللبناني "طيب، خلص، يلّلا" رانيا عطية ودانييل غارسيا الى دواخل الإنسان
في هذا
البلد، واختارا منه عينة تمثلت بشاب من طرابلس، شمال لبنان، يعيش مع والدته
ويختلف
معها على تفاصيل حياتهما اليومية، أما بقية يومهما فيمضونه في
عادية دون كثير
إهتمام بالعالم الخارجي. إذن ما يحرك دواخلهم ويجسد همومهم هو العيش
اليومي،
والبقية لا تمثل شيئاٍ بالنسبة اليهما. فالشاب هاجسه يتمحور حول حلوياته
التي
يبيعها في محله والأم مشغولة بإدارة شؤون المنزل وما عدا هذا
فعلاقات جورة يُفعلها
ويشد من توترها طفل جارتهم الذي يلعب في ساحة حديقتهم الصغيرة ويتسبب في
كسر بعض
أشجارها. حين تسافر الأم الى بيروت تظهر أمامنا صورة ثانية مختلفة هي صورة
الواقع
الطرابلسي وفيه الشاب عنصرا عاكسا والى حد كبير لمرآة أخلاقيات
المنطقة وتحفظاتها
وأيضا للعالم الثاني: عالم المومسات والخادمات الأجنبيات المضطهدات والعنف
الداخلي
المستور. في الخانة نفسها أكثر من أربعين فيلما أنتقيت من عروض مهرجانات
كبيرة مثل
كان، برلين، البندقية،
كارلوفي فاري، منها على سبيل الإشارة: "إن لم نكن نحن، فمن؟"
للألماني أندرس فيل، "جبل بوذا" للصيني لي يو، وفيلم السويدي بيورن رونيه
"نهاية
سعيدة" ومن سريلانكا "سمك طائر" لسانتيزيفا بوسباكومار و"دجاج بالبرقوق"
للإيرانيين
مارجان ساترابي وفنسان بارونو. الى جانب كل هذا يستضيف المهرجان ضيوفا
سيقابلون
الجمهور وجها لوجه، وينظم حلقات دراسية وورشات عمل طيلة أيام أنعقاده من
الرابع حتى
الثالث عشر من شهر نوفمبر الجاري. الدورة ال 52 لتسالونيك ستُفتتح بفيلم
الكسندر
باين "أحفاد" من بطولة جورج كلوني، أما ختامها فسيكون مع الفيلم الأمريكي
"مارتا
مارسي ماي مارلين" لشون داركن.
الجزيرة الوثائقية في
05/11/2011
حضور عربي كثيف في دورة مهرجان "نامور"
محمد حسن - نامور
اختتمت خلال شهر أكتوبر الدورة السادسة والعشرين
لمهرجان نامور الدولي للسينما الفرانكفونية ببلجيكا وذلك بعد ثمانية أيام
من
الفعاليات عرض خلالها 160 فيلما فرانكفونيا، كان للدول العربية
بشمال إفريقيا نصيبا
كبيرا منها .
شهدت دورة هذا العام مشاركة 9 أفلام عربية في أفرع المهرجان المختلفة،
منها
الفيلم التسجيلي المصري "بيت شعر .. قصيدة بدوية" عن بدو سيناء وهو تسجيلي
طويل
مدته 61 دقيقة للمخرجة لإيمان كامل، كما شارك المخرج التونسي مراد بن الشيخ
بفيلمه
التسجيلي "لا خوف بعد اليوم" الذي سبق أن شارك به خلال دورة
مهرجان "كان" الماضية،
وشاركت المغربية نادية عيوش بفيلمها التسجيلي "ارضي" والتسجيلي
التونسي "العلمانية
..
إن شاء الله" للمخرجة نادية الفاني واللبناني "طيب خلاص يللا" الذي
يحكي عن
مدينة طرابلس اللبنانية، كما شاركت عدة أعمال روائية عربية منها المغربي
"عاشقة من
الريف" والفيلم الروائي اللبناني "فندق بيروت" للمخرجة دانييل عربيد
بالإضافة لفيلم "مختار"
وهو إنتاج مشترك بين المغرب وايطاليا وبلجيكا وفرنسا، وأخيرا فيلم "هلاّ
لوين" لنادين لبكي والذي حصد ثلاث جوائز في حفل ختام المهرجان، هي: أحسن
فيلم
–
كبرى جوائز المهرجان وتقدر قيمتها ب30 ألف يورو، وأحسن تمثيل نسائي
فازت بها
الممثلات اللاتي ظهرن طوال أحداث الفيلم، وجائزة الجمهور، ويناقش الفيلم في
إطار من
الفانتازيا الطائفية في العالم العربي بين المسلمين والمسيحيين، وهو إنتاج
مشترك
بين لبنان ومصر وايطاليا وسبق أن فاز بجائزة موازية على هامش
مهرجان "كان"
السينمائي بفرنسا خلال دورته الأخيرة في مايو الماضي هي جائزة "فرانسوا
شاليه" التي
تمنح كل عام لأفضل فيلم روائي طويل في مسابقة "نظرة ما"، كما سبق أن فاز
الفيلم
نفسه بجائزة الجمهور في مهرجان تورنتو خلال دورته الأخيرة في سبتمبر الماضي
.
فيلم الافتتاح كان احد أفلام المسابقة الرسمية، البلجيكي "العمالقة"
للمخرج
باولي لانرز والذي فاز أبطاله الثلاثة بجائزة أحسن ممثل، وهم الأطفال "زاشاري
شاسيرياد" و"مارتين نيسن" و"بول بارتيل"، كما فاز الفيلم نفسه بجائزة أحسن
تصوير،
بينما اختير فيلم حفل الختام من الأفلام البعيدة عن السباق، وهو الفيلم
الفرنسي
البلجيكي المشترك "أسوأ كابوس" ثم أقيم حفل راقص حتى مطلع فجر اليوم التالي
حضره كل
الفائزين من مخرجي وممثلي ومنتجي الأفلام القصيرة والطويلة التي أعلن فوزها
.
وبعيدا عن فعاليات
المهرجان حرصت "الجزيرة الوثائقية" على مقابلة "جان لويس كلوز" رئيس
المهرجان
للتحدث معه في عدة نقاط بخصوص جوائز المهرجان وأهدافه، فقال "كلوز"
:"بالنسبة
للجوائز أحب أن أقول إننا لا نتدخل في التحكيم بأي شكل من الأشكال، لا من
قريب ولا
من بعيد، وبالتالي فنحن ابعد ما نكون عن شبهة توجيه الجوائز لأغراض سياسية
أو
ثقافية، وهي التهمة التي تواجهها المهرجانات الكبرى باستمرار،
ولكننا نراعي
الاستقلالية التامة بين التحكيم وبين المكتب الفني للمهرجان وإدارته
التنفيذية،
ويمكن للصحافة الاستقصائية التأكد من ذلك بوسائلها
.
وأضاف :"أتشرف برئاسة هذا
المهرجان منذ عشر سنوات وهو مستمر منذ 26 عاما، وقبل رئاستي له
كنت قريبا من
القائمين عليه ومتابعا جيدا لاختياراته، ونستطيع أن نقول إن هذا المهرجان
يعد ثاني
مهرجان فرانكفوني على مستوى العالم بعد مهرجان "كان" العريق بفرنسا،
وبالتالي فهو
قبلة السينمائيين الفرانكفونيين، ونحن نسعد بوجودهم بيننا، وهذه الدورة كان
لها
مذاق خاص بسبب زيادة عدد الفرانكفونيين الأفارقة المشاركين في الفعاليات
بأفلامهم
".
وعن الطبيعة الفرانكفونية للمهرجان وأهدافه، قال كلوز :"فلسفة
المهرجان قائمة
على اختيار الأفلام الناطقة بالفرنسية أو المترجمة للفرنسية والقادمة من
دول
فرانكفونية بالأساس، ونحن نشعر في هذه الأفلام بمذاق مختلف عن تلك الأفلام
التي
يمكن أن تشاهدها من الكتلة الأمريكية او الانجلوفونية،
فالثقافة السينمائية
الفرنسية لها مذاق مختلف ورائع .
وعن الأهداف قال :"أعتقد أن أهم أهداف المهرجان
هو تعضيد أواصر الصلة بين السينمائيين الفرانكفونيين في مختلف دول العالم،
فبالرغم
من التعددية الجغرافية التي ينتمون لها إلا أنهم تجمعهم ثقافة
سينمائية واحدة وهذا
يجعلهم يشعرون بالاتحادية رغم الحدود السياسية والجغرافية التي تفصل بينهم،
ومن
أهداف المهرجان أيضا الاطلاع المتبادل على الثقافة الخاصة بكل مجتمع من
خلال
التعبير عنها باللغة السينمائية، وأعتقد أن تلك الأهداف تتحقق
بشكل جيد .
أكد
جان لويس كلوز أن إدارة مهرجانه تتابع عن كثب الحراك السياسي والثورات التي
تشهدها
منطقة الشرق الأوسط، وتأثير ذلك على السينما التي تصنعها تلك الدول، وقال
:"أعتقد
أن ثورتي مصر وتونس سيكون لهما تأثير كبير على صناعة السينما هناك، وكنت
آمل أن
تشارك مصر خلال الدورة الحالية بعدة أفلام، لكنها شاركت بفيلم
تسجيلي واحد عن البدو
هو "بيت شعر" لكن مصر شريكة أيضا في إنتاج فيلم "هلا لوين" الذي حصد 3
جوائز،
وأعتقد أن إخفاق المشاركة المصرية سببها تراجع حجم الإنتاج السينمائي
لديها، تماما
كما حدث في غرب أفريقيا، وأتصور أن تستعيد دورها الريادي في المجال
السينمائي بعد
نجاح ثورتها، فمصر لديها تاريخ سينمائي يتعدى 100 عام .
الجزيرة الوثائقية في
05/11/2011
في الصورة العربية: لماذا اختلفت بعد 2001؟
محمّد رُضــا
في فيلم رضا الباهي “ديما براندو” أكثر من موضوع
يتوقّف المخرج عنده سواء عبر جزئه التسجيلي (المخرج يتحدّث عن تجربته مع
مشروعه عن
مارلون براندو ولقائه به) وجزئه الروائي (شاب تونسي يشبه
براندو يحلم بالسفر إلى
هوليوود ليصبح ممثلاً بعدما غرّر به ممثل أجنبي). إنه فيلم زاخر بالمواقف
التي
تتوالى بطروحاتها المختلفة، ولو أنها لم تأت بجديد فقد ناقشها المخرج ذاته
في أفلام
سابقة له مثل «شمس الضباع» و«العتبات الممنوعة».
لكن ما كان مثيراً للاهتمام هو
ذلك الجزء الذي يتحدّث فيه الباهي، تسجيلياً، عن صورة العربي
في السينما الأميركية
كما وردت في فيلم ستيفن سبيلبرغ «غزاة تابوت العهد المفقود» وهو أول
مغامرات
إنديانا جونز التي صدرت بأربعة أجزاء حتى الآن.
المشهد الذي اختاره الباهي
وغطّاه بتعليق صوتي هو ذلك المشهد الذي ينبري فيه فارس عربي
يحمل سيفاً باتراً
لمقاتلة إنديانا جونز، فما كان من إنديانا الا أن قلب ناظريه في السماء ثم
سحب
مسدّسه من وسطه وأرداه قتيلاً عازفاً عم مقاتلته فعلاً. يومها لم يفت هذا
الناقد ما
ارتسم من إهانة لشخصية العربي. لقد اختار سبيلبرغ أن يهينها
بعدما انتقى ما يمثّلها
فإذا به رمزاً لأسطورة شجاعة وقدرة قتال ليست موجودة. رصاصة جونز التعبة
برهنت ذلك.
في تعليق الباهي يرصد تلك الإهانة
متسائلاً: “ترى هل فكّر ستيفن سبيلبرغ بأنه أهان
العرب جميعاً حين قدّم ذلك المشهد؟”.
لقد مرّت ثلاثون سنة على ذلك الإنتاج
ومؤخراً عقد سبيلبرغ والممثل الأول لذلك الفيلم هاريسون فورد
لقاءاً للمناسبة لم
يرد فيه ذكر للمشهد الذي أورده الباهي من الفيلم. الأغلب أن سبيلبرغ فكّر
بالمشهد
على نحو مقلوب: إنه ليس إهانة بقدر ما هي، بالنسبة إليه، انتقاماً من صورة
خطّتها
السينما نفسها، من بين وسائل تعبير وإبداع أخرى. الفيلم بأسره
لا يحمل أي شخصية
عربية إيجابية، فالكل “كومبارس” من الثياب الرثّة والجهل البادي وأحدهم
صديق لقرد
يأمره بالقتل فيحاول ذلك، والسوق هو رمز آخر من رموز اللاحضارة فلم لا
ندمّره في
سياق قيام إنديانا جونز بمجابهة الحثالة من مهاجميه بالكرباج
حينا، وبالمسدس حيناً
وبالمكائد البسيطة التي تمر مرور الكرام فوق رؤوس هؤلاء السذّج.
والسوق هو أحد الرموز التي يهدمها السينمائيون
حينما يريدون تصوير عبثية الحياة العربية، فهي تُهدم في «جوهرة
النيل» وتهدم في
«علاء
الدين» وتهدم في أحد أفلام السندباد، ودائماً ما تتناثر البضائع أرضاً،
ويتطاير الدجاج وتنقلب العربات ويرفع البعض أيديهم متضرّعين... والفيلم يمد
لسانه
إليهم شامتاً.
لم أستطع فهم هذه الصورة إلى الآن، لكن أفهم أن ثلاثين سنة أو
نحوها مرّت علي معظم هذه الأفلام فالإساءات البالغة لم تكن في أفلام الأبيض
والأسود
(على
وجودها) بل في أفلام السبعينات والثمانينات، حين كان الفهم لا يزال قاصراً
والعربي هو ليس أكثر من عدو لأميركا ولإسرائيل وللحضارة الغربية بأسرها.
لكن هل
غيّرت كارثة أيلول/ سبتمبر 2001 هذه الصورة؟ ولماذا وكيف إذا ما تغيّرت؟
كجواب
مبدئي، نعم تغيّرت. لا أحد في هوليوود يريد الآن تقديم العربي في صورة
قاتل، أو
إرهابي، أو ثري غبي أو شخص لا يؤتمن. إذا ما أردت مشاهدة فيلم يحتوي على
هذه الصفات
وينتمي إلى العقد الأول من القرن الحالي، عليك أن تطرق باب من
دفتين: هو إما في
أفلام من إنتاج “مستقل” (وليس كل إنتاج مستقل هو فيلم جاد بل الغالبية مما
ينتج
مستقلاً عن ستديوهات هوليوود هو أفلام تجارية بحتة) وإما في أفلام حددت
فترات زمنية
معيّنة واختارت اقتصار الأشرار على مجموعة معيّنة من دون تعميم السمات،
فالمقاتل
المحارب في العراق عدو للبطل الأميركي، إنما الجديد هو أنه لا
يعبّر عن الشعب
بكامله، وذلك كما ورد مثلاً في فيلم «وطن الشجعان»
Home of the Brave
إخراج إروين
وينكلر سنة 2006
لا أحد في هوليوود يريد تقديم هذه الصورة لأن الجميع أدرك أن
السينما لعبت دوراً مهمّاً في إشاعة تحقير الشخصية العربية
وتنميطها على نحو حث
الآخرين (خصوصاً أتباع السينما غير المفكّرة) على اعتبار أن هذا التنميط
إنما مجتزأ
من الواقع. ولم يبرهن العرب، تبعاً لأنظمتهم السابقة وبعض الحالية، من أنهم
أفضل من
ذلك بكثير. لا يوجد إعلام نيّر ولا خطّة تنويرية ولا تصدّي بالكلمة
والصورة. لا شيء
سوى المشاهدة وقيام كتّابنا بكتابة ردّات الفعل بالعربية والتنكيل بأعداء
الأمّة.
كان حرياً، في الأمس وسيبقى حرياً طوال الوقت، لو أن السوق العربية
شكّلت سوقاً قادرة على الأذى لو اختارت منع أحد هذه الأفلام. نلاحظ في هذا
المجال
أن خوف هوليوود من الصين دفعهم قبل أشهر قليلة لتغيير أزياء
الجيش الصيني في فيلم «فجر
أحمر» بعدما سمعت احتجاجاً صينياً. كان التصوير قد انتهى لقصّة تروي أن
الصين
احتلّت الولايات المتحدة (هو إعادة شبابية لفيلم أخرجه جون ميليوس سنة 1984
يحكي عن
احتلال الجيش السوفييتي لأميركا)، فسارعت الشركة المنتجة إلى
الدجيتال وقلبت الرموز
وغيّرت ألوان الأزياء فأصبح العدو.... كوري شمالي.
سبب آخر وراء التغيّر الحاصل للصورة العربية في
السينما العالمية ناتج عن ارتفاع نسبة المعرفة واعتبار التنميط
فعل غير حضاري. لنقل
كما لو أن هوليوود صوّر المرأة على نحو مُهين أو سمح للبطل الأبيض بأن
يمتطي ظهر
رجل أسود أو يصفه بكلمة Nigger.
لم يغب العربي مقاتلاً لكن ليس على طريقة
إنديانا جونز الرعديد الذي اختار أبسط الأساليب للهرب من
المواجهة، وكل ما يمكن
ذكره في هذا المجال الضيّق المشهد المنفّذ جيّداً في فيلم بول غرينغراس
«إنذار
بورن» The Bourne Ultimatum
سنة 2007. إنه مشهد قتال نُفّذ بمهارة فعلية بين بطل
الفيلم مات دايمون، وقاتل محترف مغربي يعمل لصالح السي آي أيه
يلي وصول بطل الفيلم
بورن إلى المغرب. المشهد ليس في وارد إظهار ضعف العربي أو جبنه أو خداعه.
إنه
بالمهارة نفسها التي يتحلّى بها “بطل” الفيلم. بتفكيك المشهد (من نحو خمس
دقائق)
لقطة لقطة يتبيّن أن احترام المهنية والبعد عن التنميط والخدمة السريعة
سادا العمل.
الضربات كانت متساوية عدداً وتأثيراً.
المهارات متوازية. فقط في اللحظة الأخيرة
يسعف الحظ (وحقيقة أن بطل الفيلم يجب أن لا يموت) ينتصر فيها
بورن على عدوّه ويقضي
عليه.
القاتل العربي
يعمل للسي آي أيه والسي آي أيه تريد الخلاص من بطل الفيلم. وقع ذلك كمفهوم
في البال
الأميركي هو أن السي آي أيه هي العدوّ وليس القاتل المحترف.
سبب ثالث في عملية
التغيير تكمن في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة لاحتلال العراق. ذلك
أن الوعي
الاجتماعي صعّد من معاداة الحرب بحيث بات واضحاً أن هوليوود لا تستطيع أن
تطلق
أفلاماً تؤيّدها. والحقيقة هي أن معظم ما أنتجته هوليوود عن
تلك الحرب كان مناوئاً
لها، كما تبين لنا القائمة التالية مما شاهدناه من أفلام العقد الماضي
2001- 2010):
أفلام مناوئة للحرب العراقية سياسياً (عدد: 10)
Green Zone
المنطقة الخضراء – 2008
Fair Game
لعبة عادلة- 2010
The Men Who Stared at Goats
المحدّقون بالماعز- 2010
Lions for Lambs
أسود كحملان-
2007
Fahrenheit 9/11
فهرنهايت 9/11 – 2005
The Battle for Haditha
معركة
للإستيلاء على حديثة- 2007
The War Tapes
أشرطة الحرب- 2006
Redacted -
إعادة
صياغة- 2008
American Soldiers
جنود أميركيون – 2005
The Trial of Tony Blair
محاكمة توني بلير- 2008
أفلام مناوئة للحرب من حيث وقعها على الأميركيين (عدد:6)
The Hurt Locker-
خزانة الألم- 2008
Jarhead-
رأس فخاري (فارغ)- 2005
The Messenger
المرسال-
2009
ّIn the Valley of Elah -
في وادي إيلاه – 2007
Stop- Loss
وقف خسارة-
2008
Grace is Gone
الروعة خبت- 2006
أفلام مؤيدة للحرب بدرجات مختلفة (عدد: 1)
Home of the Brave
وطن الشجعان - 2006
الجزيرة الوثائقية في
05/11/2011
|