تُبدي السينما الأمريكية اهتماماً متزايداً نحو إفريقيا. فثمَّة أفلام
ذات إخراج
ضخم تُعالج مشكلة الآبارتايد (التمييز
العنصري) أو الأضرار التي يُسبِّبها تهريب
الماس. وإذا كان إنتاج هذه الأفلام يُقدِّم رؤية تستحق التقدير لِلقارَّة،
فإنه
قليلاً ما يُعبِّر عن اعتدال الغَرب. «وداعاً، بافانا». السيد نلسون
مانديلا، إحدى
آخر الأيقونات التوافقية على سطح الأرض، والذي يُنظَر إليه من خلال عيون
البيض،
عَيني حارسه في «روبن أيسلاند»، حيث أمضى هذا الزعيم المناوئ للآبارتايد
ثلاثين سنة
من حياته في السجن. لكن هل يكفي إبراز صراع سياسي من خلال المبالغة في
التفاصيل
الدقيقة؟ وهل النِيَّات الحَسنة تصنع بالضرورة سينما جيِّدة؟. يمكن خصوصاً
أن يبدو
المرء أكثر تَشكُّكاً حَيال ما يشهده من خلال فيلم مُثير لِلجَدَل، ولفظة «بافانا»،
التي يطرحها المخرج طرحاً إيجابياً، يرى فيها المختصُّون تعبيراً أكثر
سوقيَّة،
وقريباً من لفظة وَلَد
boy
المستخدمة في إفريقيا الفرنكفونية... وإذا كان بعض
الأفلام الغربية عن إفريقيا قد لاقى نجاحاً ـ مثل الماس الدموي، وملك
اسكتلندا
الأخير، إلخ... ـ فهل أَسهَم، من خلال الغموض والانفعال المشترك، في إعادة
الكشف
الشامل عن القارَّة السوداء وعن الضَّم الرمزي للدول الصغيرة وإلحاقها
بالدول
الغربية الكبيرة المُثير للقلق في آن معاً؟. بادئ ذِي بِدء، إن على
الأفارقة
وأصدقاء إفريقيا التمتُّع بسينما مناضلة تُعالج أخيراً المواضيع السياسية
الحقيقية:
الدكتاتوريات، والحروب والنضال ضد الآبارتايد! وفي الواقع، يُبدي
سينمائيُّو
القارَّة تَحفّظاً في تناول تلك القضايا : وإذا كان القَمع السياسي ونَقص
الوسائط
هما وراء ذلك في الكثير من الحالات، فيمكن التساؤل أيضاً عن بعض الرقابة
الذاتية أو
لجوء غير مقنع إلى الاستعارة السياسية وإلى القصَّة التلميحية. لكن كان
هناك بشكل
خاص حصص من ظِلّ السينما ومن البحث في الولايات المتحدة وفي أوروبا عن
المَشاهِد
التي تُشكِّل صدمة اجتماعية وتَفقَأ العيون مثل :تمثيل الحرب والعنف أو
تحليلهما،
وكذلك الدكتاتورية والفساد أو شبكات المافيا الفرنكو ـ إفريقيا والتي لا
يُشار
إليها بالضرورة... وثمَّة أفكار تتَّجه نحو «الأفلام الوسيلة» حتى وإن كانت
جَماليِّة مثل «خارج إفريقيا» أو الأفلام الكاريكاتورية التي ترجع إلى
الماضي، مثل «الملكة
الإفريقية» والتي تعود إلى جيل مَضى: مغامرات مُخيِّبة لِمتمرِّدين غربيين
خابَت آمالهم، عندما لا تُستخدم البلاد أو سكانها إلاَّ كديكور للفيلم! كما
يقول
بقسوة المخرج المالي «سليمان سيسيه»: «تُظهِر سينما البيض أن الإفريقيين لا
ينتمون
إلى المجتمع البشري. إنهم يُصوِّرون الشُّقر في أفلامهم باحترام أكثر...».
فهل
حَدَث ذلك فعلاً؟. في الأفلام الحديثة العهد والتي يُفترض أن تدور حول
إفريقيا، كان «الأبيض
البَديل» موجوداً كليَّاً في كل مكان، وتختلف درجة مُلاءَمته وجاذبيته
اللتين يمكن أو يجب أن يتميَّز بهما المُشاهِد الغربي. وهذه الشخصيات
مُستَوحاة من
أعمال رمزية، الأمر الذي يُبرِز أن الوساطة البيضاء ليست ابتكاراً معزولاً
في الفن
السابع ؛ فهي تعمل ضمن نظام أكثر اتساعاً من تمثيل إفريقيا... لذا لم يكن
من المهمّ
كثيراً إذا كان أوغست قد صَوَّر قَداسة السيد مانديلا بمساعدة تَجَمُّع من
المنتجين
الأوروبيين: فالسينمائيون الأمريكيون لم يكونوا الوحيدين الذين صنعوا سينما
أكثر
هوليوودية من الطبيعة... يعرض هؤلاء الوسطاء بالتأكيد شيئاً من صورة البيض،
لإحداث
ثِقَل مُوازِن بين الشخصيات المحليِّة. لكن الأبطال،مثل المرتزق الذي
جَسَّده
ليوناردو دي كابريو في فيلم «الماس الدموي» أَلا يزعم أنه إفريقي أيضاً، في
غموض
مُؤكَّد مطلوب لدى الاستعمار الجديد المعاصر؟. وهكذا يُقدِّم دي كابريو
نفسه على
أنه إفريقي «روديسي» وهو نوع من «أبيض إفريقي» له خصوصيته، فهو غالباً ما
يُحبّ
القارَّة أكثر من الإفريقيين أنفسهم، ويُحبّ «التفوُّق الأبيض» أكثر من
حُبِّه
تحرير زيمبابوي!. هذه هي الحال أيضاً لدى «مُهرِّبي الأشخاص على الحدود»
وهم بيض
مُستَفرِقُون، في أثناء التعرُّض للأخطار والمجازفات، كمثل الطبيب
الاسكتلندي
الفَتي الذي وَجد نفسه في صداقة حميمة مع الدكتاتور الأوغندي «عيدي أمين
دادا» في
فيلم «ملك اسكتلندا الأخير». أو أيضاً حارس السيد مانديلا في جزيرة روبن
والتي ترجع
إلى طفولته، وهو الذي ترعرع مع أطفال صغار من الريف وأصبحوا نوعاً من «إخوة
صغار»
لزعيم المجلس الوطني الإفريقي القابع وراء القضبان؟. إنهم مُستَعمِرون جُدد
ومُرتَزقة وحرَّاس سجون، وإنسانيون... إنها صورة غريبة للبيض، تماماًَ كما
تُصوِّرها لنا تلك الأفلام!. فيلم «إفريقيا الوسيلة» يُمثِّل أيضاً قارَّة
جديدة
للتمثيل والأكشن، ومن «الجيِّد التعامل معها» بشكل من الأشكال من أجل «شركة
عالمية»
تُوسِّع دون تَوقُّف مجال خَيَال علمي يتحجَّم تدريجياً... وهكذا، فهو أكثر
من
مجرَّد تعبير عن «المجال العالمي» الأَثير لدى الجغرافيين، ذلك أن إفريقيا
هي
بالأحرى مكان للهيمنة والسيطرة، وخصوصاً لمناطق التدخلات العسكرية، التي
تُصبح
مسرحاً لمكائد جديدة. وبِغَضّ النَّظَر عن الأبطال البُدلاء، فمن خلال
الأعمال
المتعددة الأشكال التي يقوم بها الغرب يُفتَرَض بِالمُشاهِد أن يُعايِش
صَدى ثقافات
سياسية أخرى. لا شيء خاص هنا في إفريقيا، سوى أن القارَّة السوداء ظلَّت
ردحاً
طويلاً من الزمن بمعزل عن هذا النوع من التقديم: فأمريكا اللاتينية في
المُقابِل،
من حيث قُربها الجغرافي وبسبب عقيدة التدخل الأمريكية، استُخدِمَت مصدراً
ومَعيناً
لا ينضب، للأفكار المُقَولَبة أو الغريبة، ومنذ عهد قريب، بدأت تُؤلَّف قصص
مشابهة
للقصص التي تشغل بالنا: على سبيل المثال، الإخراج الضخم لإعادة تمثيل ملحمة
أرنستو
تشي غيفارا بقراءة جديدة، والتي أَخرجها ستيفن سودربرغ في العام 2008.
وبَحثاً عن
أراضٍ جديدة، بعد «الموجة الإفريقية» توجهت هوليوود أيضاً، من ناحية ثانية،
إلى
آسيا، منذ تراجع الأفلام حول فييتنام أو حول أعمال الإبادة الكمبودية.
إفريقيا هي
الأرض الخَفيَّة الجديدة لهوليوود، حيث الجاذبية المُربِحة تتأتَّى من
كَونها تظل
مجهولة من السَّواد الأعظم من الناس. والسينمائيون المَعنيُّون، يَرون فيها
«قارّة
العنف»: حيث التشاؤم الإفريقي يتصل بالأحاسيس في مَشاهد ومَسارح مضطربة،
وأحياناً
تصدم المُشاهِد إلى آخر الحدود، وهي دائماً تقترن لاشعورياً لا يُعرِّف
بِأَي جَوهر
زنجي مُفتَرَض. هناك بعض المجاملة «الدموية» في تقديم صورة الحرب وبعض
المَشاهِد
الأكثر دَمَويَّة والتي تُوشِك، في الواقع، أن تذهب بالمُشاهِد إلى أسوأ
النماذج
المُقَولَبة التي تُمثِّل «قلب الظلمات» الإفريقي. فعندما نرى الأيدي التي
قَطَعَتها الجبهة الثورية المتحدة لسيراليون أو تقطيع أعضاء الكثير من
أعداء
الدكتاتور الأوغندي، أو نَسمع الجملة الشهيرة للكولونيل كورتز وهي تَفرض
نفسها
بقوَّة لا تُقاوَم على المُشاهِد المَفجوع: «أَبيدوا جميع هؤلاء الوحوش» ـ
أو
دَعوهم إذاً يقتتلون فيما بينهم!» وهذا من ناحية ثانية، ما كان يفعله
المرتزقة
الجنوب ـ إفريقيون في فيلم «الماس دموي» بالاستعانة بِحوَّامة هجومية
سوفييتية أو
ما فَعَله الإسرائيليون في عنتيبي «وهذا ما يُوحي به فيلم ملك اسكتلندا
الأخير».
نعم، لكن... ربما لم يكن ذلك كله بأسلوب مُبتَذَل، كالسينما، فَالوَهم الذي
عَبَّر
عنه بوضوح الفكر الوحيد لدى الرئيس السابق جورج دبليو بوش، والذي حَوَّلَ
إلى وَحش
أو مُجرِم كل متمرِّد على «النظام الدولي» قد حَظِيَ بِأَسوأ الأَلقاب :
فوق قارَّة
فيها أَسوأ الدكتاتورات، إنها تماماً الحكومات الدَّميِّة في سيراليون أو
ليبيريا
التي تُهرِّب «أيضاً» الألماس أو الخشب، والتي تُمارِس «أيضاً» أسوأ أنواع
الاغتصاب
والعنف، وتَقطع «أيضاً» الأَذرع والسِّيقان للأعداء... وحرب العصابات التي
تمتدّ
إلى دول منهارة وقمعية، تَقودها طبقات صغيرة يُغذِّي فَسادها دُخول
وتعويضات «النظام
العالمي». ومع ذلك... إذا كان الإنتاج «فَاحِشاً» فِعلاً من بعض النواحي ـ
إذا قارَنَّا الـ 100 مليون دولار المصروفة على فيلم «ألماس دموي» مع الـ
700 مليون
دولار ميزانية سيراليون بعد النِّزاع ـ فإن سيناريوهات التسويق تتمثَّل
بإنتاجات
متفوِّقة ملتزمة وهي غالباً أكثر مَهارة من «المَشاهِد ـ الصَّدمات»
المحشوَّة
بالدماء. إذ لم يصبح «دي كابريو» مليارديراً جرَّاء فيلمه الأسطوري «الماس
دموي» أو
الماس وردي، بل نَجا بنفسه من إفريقيا المتوحشة في اللحظة الأخيرة، كما في
سيناريو
عام مضى: حيث يموت في أدغال الرِّيف، ميتة مُؤلمة «أَهي تكفير عن ذنوبنا؟»،
تاركاً
الدَّور الجيِّد لصديقه الإفريقي الذي عايَشَ بَدلاً منه تمجيداً وتعظيماً
لا نَظير
له في الغَرب!. لأنه إذا كان التأثير الانفعالي للسينما الهوليوودية
يُلخِّص على
ذلك النحو تلك الحروب القَبَليِّة الإفريقية في مصير ثلاث شخصيات ـ
الفلاَّح
السيراليوني، الصَحفيِّة الأمريكية، المرتزق الروديسي ـ فإن السيناريو
«يُنقِذ»
الفلاَّح الإفريقي الذي يرحل إلى لندن مع أسرته، ويصبح مليارديراً ومشهوراً
«مع
أسرته الصغيرة جداً والسعيدة...». وهذا الانتقال نحو الغرب للبطل الإفريقي
يبدو من
ناحية ثانية مَفهوماً جيِّداً: فَفي التقديم النهائي لهذا البطل، أَلا يبدو
من خلال
هيئته وحديثه وَوَقاره أنه قد انضمَّ إلى عالَم البيض، وأنه أَقرب إلى
مُناضل أفرو
ـ أمريكي منه إلى فلاح سيراليوني؟. ومع ذلك، فإن ما حقَّقه من نَصر، أمام
مَجمع
القُضاة الغربيين الذين رَفعوا «دعوى كمبرلي» ضد تهريب الماس والمسمَّى
«الماس
الدموي» يعني الكثير: إنه نوع من الاعتراف بِفَضل بطل إفريقي لِكَونه
«مواطناً».
وأخيراً... يمكن أن نرى في ذلك الفيلم نُفوذ المَشاعر المُغالية في
إنسانيتها،
بصورة الاعتراف التدريجي بالسيد مانديلا ككائن بشري، صديق، ثم زعيم، من
خلال حارسه،
الذي كان في البداية يُظهِر تَحمّساً مُناصِراً «للتفوُّق الأبيض»
ومُؤيِّداً
للآبارتايد «التفرقة العنصرية». لكن يمكن أيضاً، على العكس، أن نرى في ذلك
نُفوذ
اللوبي الأفرو ـ أمريكي ومصلحته تجاه القارَّة السوداء. لأن الاعتراف
بإفريقيا من
قِبَل هوليوود هو بالتأكيد إعادة وَضعها في التاريخ الأمريكي، الذي لا يعني
سوى
الفنّ السينمائي: فمنذ الفيلم الفاصل في العام 1971 لـ «ملفان فان بيبلس»
«سويت
سويتباكز باداس سونغ»، فإن «الفرص السوداء» في المسلسلات الأمريكية
والممثِّلين
المُلَمَّعين المُخَنَّثين مثل سيدني بواتييه قد شَاخُوا بِقَسوة!. ثَمَّة
سينما
أفرو ـ أمريكية حقيقية، مناضلة، ثم أكثر تجارية ـ كما تَجَسَّد ذلك من أجل
الجمهور
العريض في فيلم سبايك لي ـ قد رَأَت النُّور،وهي تُعيد النَّظَر في الماضي
أحياناً
بإفراط وبِرُدود فِعل ارتكاسية. يمكن أيضاً طَرح فَرَضيّة قراءة ما بين
السُّطور،
وهي تقريباً تشكيل ثِقَل مُوازِن في السينما يُوازِن بين الأبيض والأسود،
فنجد
أيضاً أن السينما السوداء هي أيضاً المجتمعات الغربية التي تُحدِّثنا عنها
تلك
الأفلام: عن الرِّهان الخَطِر، وربما المُبالَغ فيه، الذي يتناول مجتمعاً
متعدد
الألوان لا يقتصر على مجتمع جنوب إفريقيا، وحيث بَعد الدراما والاضطهاد
يبرز وَجه
الآخر، من أجل استخدام عبارة إيمانويل لفيناس، والتي اعترفَ بها أخيراً كما
هي. وهو
وجه الحكمة الباقية على مَرّ الزمان، والتي لا يمكن إلاَّ أن تكون وجه
أمريكا «الجديدة
والهَجينة» والتي يُفتَرَض أن تتجسَّد بشخص السيِّد «باراك أوباما»...
مجلة الكويت في
17/10/2011
الثورة المصرية تلهم الحركة الفنية:
10 رؤى عن الثورة المصرية في ''18 يوم''
سمير جريس
مراجعة: عبده جميل المخلافي
بعد
سقوط نظام مبارك حاول السينمائيون في مصر الإمساك باللحظة الثورية، وإنتاج
فيلم عن هذا الحدث الكبير. اجتمع 10 مخرجين وقدموا 10 رؤى مختلفة عن الثورة
في فيلم "18 يوم". هذا الفيلم يُعرض الآن في عدد من المدن الألمانية. سمير
جريس والمزيد من التفاصيل.
عشر حكايات – هل تحكي حكاية الثورة المصرية؟ ما زال الحدث ساخناً، وما
زالت الثورة غير مكتملة – هل يمكن صنع فيلم عنها؟ هذا ما حاوله عشرة مخرجين
في فيلم "18 يوم" الذي يروي – من زوايا مختلفة – قصة الأيام التي مثلت نقطة
تحول فارقة في تاريخ مصر المعاصر. عُرض فيلم "18 يوم" في مهرجان "كان" هذا
العام، بعد أشهر قليلة من سقوط نظام حسني مبارك في مصر. عُرض الفيلم في
إطار مهرجان هامبورغ السينمائي، وفي كولونيا في إطار الأيام السينمائية
التي نُظمت تحت عنوان "لا خوف بعد اليوم".
بخار الغضب
لا أعرف ما إذا كان المخرجون العشرة قد تفاهموا فيما بينهم حول الرؤية
التي يود كل منهم أن يقترب من خلالها إلى الأيام الثمانية عشر. ولكن
الأفلام العشرة أتت بالفعل مختلفة، لا تتكامل بالضرورة، غير أنها تسلط
الضوء على جوانب عدة من هذا الحدث الكبير. الفيلم الأول في "18 يوم" للمخرج
المعروف شريف عرفة، وهو بعنوان "احتباس". في هذا الفيلم تظهر مجموعة من
المرضى في مصحة الأمراض النفسية والعقلية، منها الإسلامي، أو المتدين الذي
أعتبرته السلطات الأمنية إسلامياً إرهابياً مجنوناً، ورجل الأعمال الذي
تآمر عليه "مسؤولون" في الدولة بالاشتراك مع أولاده للحجر على أمواله
بإدخالة "مستشفى المجانين"، وأستاذ التاريخ والإعلامي وضابط الشرطة والشاب
.... يشاهد النزلاء انفجار الثورة على شاشة التلفزيون، ويتابعونها، ثم
ينقسمون حولها بين مؤيد ومعارض. ضابط الشرطة في ناحية، مضادة للثورة
بالطبع؛ وبقية المجموعة مع الثورة.
الثورة المصرية ألهمت الفنانين..ومازال الحدث ساخناً الرسالة التي
يريد الفيلم توصيلها هو أن كل النزلاء – هل يمثلون الأغلبية الصامتة التي
لم تشارك في الثورة؟ - كانوا ضحايا القمع، وضحايا ظروف تدفع إلى الجنون، أو
إلى الانفجار – الذي هو نتيجة طبيعية لاحتباس بخار الغضب. رسالة مباشرة
وغير مقنعة، لا سيما وأن شخصيات هذا الفيلم نمطية إلى حد كبير. فيلم "خلقة
ربنا" للمخرجة كاملة أبو ذكري اختار زاوية أخرى للثورة. إنها قصة فتاة من
سكان "العشوائيات" بالقاهرة، تقتات هي وأهلها من فتات بيع الشاي والقهوة في
أحد الميادين. حلم الفتاة أن تصبغ شعرها، غير أنها تقع في أزمة ضمير. هل
يحق لها كمسلمة متدينة أن تغير من خِلقة الله؟ هذه الفتاة تعايش المظاهرات
وتنضم في لحظة غضب إلى المنادين بـ"التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية".
تحول قد يبدو غير مقنع، ولكنه يعبر عن انضمام البسطاء للثورة، البسطاء
المنادين بحقوقهم الإنسانية الأساسية.
التعذيب والعجز الجنسي
الفيلم الثالث بعنوان "19 – 19" وهو للمخرج الشاب مروان حامد الذي ذاع
اسمه بعد فيلم "عمارة يعقوبيان". الفيلم بطولة عمرو واكد، أحد أشهر
الفنانين الذين شاركوا في الثورة، وهو يحكي حكاية شبيهة – جزئياً - بحكاية
الناشط المصري وائل غنيم. واكد في الفيلم مدير مبيعات لشركة كمبيوتر في كل
منطقة الشرق الأوسط، ويتهمه ضباط أمن الدولة بأنه خطط للإنقلاب على نظام
الحكم. نشاهد جلسات التعذيب التي يتحملها واكد معصوب العينين. وذات يوم
يقول للضباط إنه يريد الاعتراف، ولكن بشرط أن ينظر في وجه الضابط. عندما
يأمر الضابط بذلك، يقول له: إن التعذيب تعويض عن العجز الجنسي الذي يعاني
منه مَن يقوم بالتعذيب. نظرية استمدها بطل الفيلم مما قرأه عن ضباط "الغستابو"
في ألمانيا النازية، ولا تبدو مقنعة تماماً لتفسير القمع العنيف والتعذيب
الوحشي اللذين سادا السجون المصرية.
عمرو واكد في زنزانة التعذيب: مشهد من فيلم "19 - 19" أما فيلم "إنْ
جالك الطوفان" للمخرج محمد علي فيعرض قصة الفقراء والمهمشين الذي لا يرون
في الثورة سوى سبب للرزق والانتفاع. إنها قصة من يبيع الأعلام للثوار، وصور
حسني مبارك لأتباع جماعة "آسفين يا ريس". في فيلم "حظر تجول" للمخرج شريف
البنداري نرى قصة إنسانية بسيطة، عيبها الوحيد هو الإطالة الشديدة. طفل
يريد "الاشتراك" في الثورة، ولو عن طريق أن تُلتقط له صورة أمام دبابة، غير
أن جده يرفض. لكن الطفل يريد الخروج والمشاركة في التظاهر، حتى إذا كانت
المشاركة سلبية. يدعي الطفل المرض، فيذهب به الجد إلى المستشفى، وعند عودته
إلى المنزل يُفاجئ بفرض حظر التجول. وبعد انتهائه في الصباح يقف الطفل على
دبابة منتصراً.
في فيلم "كحك الثورة" يؤدي أحمد حلمي باقتدار دور المواطن البسيط الذي
يسير بجوار الحائط، نموذج للمصري "الغلبان" الذي لا يريد بأي حال أن يتعرض
للمساءلة. مواطن يسيطر عليه الخوف والعجز. هذا المواطن تضعه الظروف في طريق
الثورة، فينتقم منه المتظاهرون لاعتقادهم خطأ أنه شرطي. أما فيلم "تحرير
2/2" للمخرجة مريم أبو عوف فيعرض لما اشتهر لاحقاً باسم "موقعة الجمل".
إنها قصة قاتل مأجور من بلطجية "الحزب الوطني"، يعيش في أحد الأحياء
العشوائية (آسر ياسين)، يقضي يومه نائماً من أثر المخدرات التي يتناولها
ليلاً، ولا يستطيع أن يعول امرأته (هند صبري) ولا أطفاله.
المخرج الشاب أحمد عبد الله قدم قصة شاب وشابة، الأول يتابع الثورة
عبر الفيسبوك والفضائيات، والثانية ناشطة تشارك في المظاهرات، إلى أن
يتقابلا بعد سقوط نظام مبارك. أما فيلم المخرج المعروف يسري نصر الله
"داخلي خارجي" فيعرض قصة انضمام الميسورين والمثقفين، أو بالأحرى
الفنانين(يسرا ومنى زكي) إلى الثورة وتعطشهم للحرية، ومشاركتهم في الحلم بـ"مصر
الجديدة". وفي نهاية الشريط نشاهد الفيلم المؤثر "أشرف سبرتو" للمخرج أحمد
علاء، وفيه يتحول دكان حلاق إلى مستشفى ميداني لمعالجة مصابي المظاهرات.
الفن والانتهازية
أجواء الثورة المصرية في دور السينما العالمية عندما عُرض هذا الفيلم
في مهرجان "كان" ثار جدل كبير في مصر بسبب اشتراك شريف عرفة ومروان حامد في
صنعه، فالمخرجان – كما هو معروف – شاركا في تجميل وجه نظام مبارك، وصنعا
أفلاماً لحملته الانتخابية. رأي عديدون في ذلك انتهازية وقحة. انتهازية من
يهرب من السفينة الغارقة في الوقت المناسب لينضم إلى المنتصرين.
عشرة أفلام – هل تكوّن فيلماً عن الثورة المصرية؟ تتجاور الأفلام
العشرة المتفاوتة في المستوى مثل قطع الفسيفساء في لوحة، غير أن تجاورها لا
يقدم رؤية متكاملة عن الثورة. ولعل ذلك لم يكن طموح صانعي الفيلم، فالحدث
ما زال طازجاً وساخناً، كما أن الثورة لم تكتمل بعد. الفيلم صُنع بسرعة، لا
شك، لأن العالم كله كان يريد أن يرى عملاً فنياً عن الربيع العربي. هذا ما
فعله المخرجون العشرة، وربما يقدمون بعد فترة، أو يقدم غيرهم فيلماً أو
أفلاماً أكثر نضجاً وفنية عن الثورة المصرية.
موقع "قنطرة" في
16/10/2011
السينما المغربية ومأزق كسر التابوهات
إيريت نايدهارت ترجمة: صفية مسعود
مراجعة: هشام العدم
أفلام
كثيرة من التي تُخرج وتُصور في المغرب تعالج في الظاهر قضايا اجتماعية، غير
أنها في واقع الأمر - هكذا ترى الناقدة إيريت نايدهارت - تخفي عن الأبصار
المشكلات الاجتماعية والسياسية الحقيقية.
في مطلع سبتمبر / ايلول نظم "مركز الشرق الحديث" و"معهد الفيلم وفن
الفيديو - أرسنال" في برلين أيام سينمائية مغربية تحت عنوان "التحول
والتنوع". في إطار هذه الأيام عُرضت تسعة أفلام اُنتجت ما بين 2001 و2011.
في تلك الفترة تم انتاج 120 فيلماً في المغرب على وجه الإجمال.
وتقول سونيا حجازي – التي ساهمت في تنظيم الأيام المغربية السينمائية
– أن معيار اختيار أفلام الأيام البرلينية هو عرض أفلام تكسر حاجز الصمت
حول الموضوعات المثيرة للجدل في المجتمع المغربي، وكذلك إظهار التحول
البطيء الذي تشهده البلاد منذ عدة سنوات.
تنوع أساليب الحياة في المغرب
افتتح الأيام السينمائية فيلم المخرجة نرجس نجار "عيون الجفا" (فرنسا
/ المغرب 2003)، وهو فيلم حاز على جوائز عديدة، ويعالج موضوع الدعارة في
المغرب. أما المخرج محمد شريف ترباك فيعالج في فيلمه الأول "زمان الرفاق"
(المغرب 2008) الصراعات بين الجماعات الطلابية الماركسية والإسلامية في
مطلع التسعينات.
أسلوب قيادي نخبوي وسلطوي: الأفلام التي تلقى الدعم في عهد الملك محمد
السادس هي في كثير من الأحيان أفلام نقدية ظاهرياً فقط، في عديد من الحالات
- هكذا ترى الناقدة إيريت نايدهارت - ترسخ هذه الأفلام رؤية النظام وطريقة
معالجته للأمور. وتصور ليلى كيلاني في فيلمها الوثائقي "أماكننا الممنوعة"
(فرنسا / المغرب 2008) عمل لجنة تقصي الحقائق التي تعمل على كشف انتتهاكات
حقوق الإنسان في عهد الملك الحسن الثاني. وتعالج ياسمين قصاري في فيلمها
"الراقد" (المغرب / بلجيكا 2004) مشاكل النساء اللاتي يتركهن رجالهن الذين
يرحلون للبحث عن عمل في أوروبا، في حين تمزج المخرجة طلال سلهامي في فيلمها
"أيام الوهم" (المغرب 2010) بين سمات أفلام الرعب والإثارة والتشويق مع
سمات الفيلم الفنتازي، مسلطةً الضوء على الجوانب المظلمة في عالم العمل
اليوم في المغرب. ولم يكن برنامج المهرجان ثرياً ومتنوعاً في الموضوعات
فحسب، بل أيضاً في الأساليب السينمائية.
البرودة الدالة
غير أن كل الأفلام تقريباً تترك شعوراً بالبرودة في تصويرها لأبطالها،
كما تبدو هذه الأفلام غريبة عن الأحوال المعيشية في المغرب أو عن موضوع
الفيلم. إلى أي شيء يرجع ذلك؟ يمكن إرجاع ذلك على نحو جزئي إلى أن عدداً
كبيراً من مخرجات الأفلام ومخرجيها لا يعيشون في المغرب، بل وقد يكونون في
بعض الحالات مولودين في الخارج.
هؤلاء المخرجون يُطلب منهم أن يصنعوا أفلاماً عن المغرب للاستفادة من
التمويل الذي تقدمه الدولة منذ عدة سنوات إلى صناعة السينما المحلية. وقد
أمست المغرب منذ فترة طويلة مكاناً يفضله صنّاع السينما في هوليوود عندما
يقومون بتصوير أفلام تاريخية؛ وهكذا نشأت صناعة بأكملها في مدينة ورزازات،
وهي صناعة تجتذب المستثمرين من الخارج. والآن تريد الدولة أن تستفيد صناعة
الفيلم المحلي من هذه البنية التحتية السينمائية. ولأن عدد الطلبات المقدمة
للحصول على دعم حكومي ليس كبيراً، فإن صنّاع الأفلام من أصل مغربي يستطيعون
أن يتقدموا بطلب للحصول على تمويل من الدولة. في الوقت نفسه فإن الأموال
المغربية وحدها لا تكاد تكفي لانتاج فيلم واحد، ولذلك أصبح الإنتاج المشترك
مع أوروبا ضرورة لا غنى عنها بالنسبة للمنتجين.
سلطة تأويل التاريخ والسياسة
غير أن التناقضات في الأفلام قد ترجع إلى أسباب سياسية أو اجتماعية
أيضاً، فالوصول إلى أموال الإنتاج المشترك – وهي عملية مكلفة للغاية –
ينحصر في الدول التي تنتمي إلى ما يُسمى بالعالم الثالث في العادة على
مجموعة صغيرة من الذين ينتمون إلى الطبقتين العليا والوسطى، وهي مجموعة لا
بد أن تكون قادرة على التعاون مع أوروبا. في الوقت ذاته فإن الموضوعات التي
تجد تمويلاً تتمحور في الغالب حول التخلف والفقر بالمعنى الواسع للكلمة.
قمع الآخرين: يوحي الفيلم الوثائقي "أماكننا الممنوعة" الذي أُنتج عام
2008 أن المغرب لم يشهد ملاحقات سياسية في الآونة الأخيرة. ولذلك فنادراً
ما تعطي الأفلام رؤية للموضوع من الداخل، بل قد تكون الصراعات الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية والعرقية مفروضة على بنية الأفلام التي تقترب من
سلطة تأويل التاريخ والقيم السياسية. ويكمن مأزق كسر التابوهات في أن هذه
الأفلام غالباً ما تؤثر في نفس المشاهد، غير أنها في الوقت نفسه تبسط
الأمور تبسيطاً كبيراً، وفي بعض الأحيان تزوّر هذه الأفلام الواقع، ونادراً
ما تقوم بتحليله. وهكذا نجد أحداث فيلم "العيون الجافة"، على سبيل المثال،
تدور في قرية أمازيغية نائية، وهناك تعيش النساء منذ أجيال وحدهن. هؤلاء لا
يستقبلن الرجال إلا عندما يكون القمر بدراً وبعد أن يسدد الرجال مبلغاً من
المال.
ويقوم ممثلون محترفون من نجوم السينما المغربية بأداء أدوار الشخصيات
الثلاث الرئيسية في الفيلم، وهي هالة ومِنّه وفهد. وتمثل النجمة
التلفزيونية والمغنية سهام أسيف دور هالة، بينما يقوم بتمثيل دور فهد
الممثل خليل بن شكرة الذي أصبح يمثل في الآونة الأخيرة أدوار بطولة
وأدواراً ثانوية في أفلام هوليوود التي تُصور في ورزازات. أما الممثلة
راوية – التي تؤدي دور مِنّه – فقد رآها الجمهور الألماني مؤخراً في فيلم
"عن البشر والآلهة" للمخرج كسافي بوفوا.
أما كل الممثلات الأخريات فقد تم اختيارهن من ثلاث قرى في المنطقة،
وهن لا يتحدثن في الفيلم إلا باللغة الأمازيغية، في حين يتفاهم الممثلون
المحترفون باللغة العربية. وعند اختيار الممثلات "الكومبارس" لهذه الوظيفة
ذات الدخل المجزي للغاية لم يخبرهن أحد بشيء عن موضوع الفيلم سوى أنه يناقش
موضوع الدعارة، دون الخوض في أي تفاصيل.
"مقطع مشوه للواقع": ترى نايدهارت أن الأفلام يجب أن توضع في سياقها
حتى لا يصل المرء إلى استنتاجات خاطئة. بعد أن شاهدت ممثلات كومبارس فيلم
"العيون الجافة" في دار العرض السينمائية بالمدينة، اكتشفن أن الفيلم يختزل
مشكلة الدعارة في منطقة جبال الأطلس، وبالتالي ينسبها إلى نساء البربر
فحسب. حاولت النساء عندئذ أن يستصدرن قراراً بمنع عرض الفيلم – ووقعت 35
امرأة على الطلب، بعد أن حصلن على دعم ثمانية رجال لهن. وتعد ظاهرة دعارة
النساء والأطفال مشكلة هائلة في المغرب، وإن كانت المغربيات ينتقلن إلى
الدول العربية الأخرى في المقام الأول، أو ينقلن إلى أوروبا. وتشكو مفوضية
الأمم المتحدة للاجئين منذ سنوات من أن الحكومة المغربية تقف مكتوفة الأيدي
أمام هذه المشكلة.
غير أن الأمازيغيات لم يكن أمامهن فرصة حقيقية لنجاح طلبهن، لأن
المخرجة جعلت الممثلات الكومبارس الأميّات يوقعن على عقود قبل بداية
التصوير، وبذا أمّنت نفسها قانونياً. ومنطقة تيزي نيسلي في المغرب – وهي
المنطقة التي تجري فيها أحداث الفيلم – معروفة بأن قبائل البربر هناك خاضوا
أعنف الثورات وأكثرها دموية ضد قوى الاحتلال الفرنسي التي قامت فيما بعد
بفرض حظر على المنطقة لمدة أربع وعشرين سنة، وبعدها قام الملوك المغاربة
العرب – بعد الحصول على الاستقلال – بمواصلة الحظر. حتى اليوم يكافح السكان
البربر للحصول على البنية التحتية الأساسية في منطقتهم، مثل بناء الشوارع
والطرق وإدخال مياه الشرب والكهرباء.
تجاهل متعمد للوقائع
في فيلمها الوثائقي "أماكننا الممنوعة" تصور المخرجة ليلى كيلاني حياة
أربع عائلات من المعارضين السياسيين السابقين وضحايا التعذيب في عهد الملك
الحسن الثاني. ابن الحسن الثاني - الملك الحالي محمد السادس – أعلن رغبته
في الكشف عن الظلم السياسي الذي وقع في عهد والده، ولذلك أمر بتشكيل لجنة
لتقصي الحقائق، وهي لجنة أثارت جدلاً كبيراً لأنها لا تسمح للشهود بأن
يذكروا في شهاداتهم أسماء الجناة.
ويبدأ هذا الفيلم الوثائقي – الذي ساهمت في تمويله لجنة تقصي الحقائق
إلى جانب عدد من مؤسسات الدعم الفرنسية – بلوحة تضم معلومات منها: "1956:
حصلت المملكة المغربية على استقلالها. منذ مطلع الستينات، وبشكل خاص في
سنوات السبعينات والثمانينات، قامت السلطات المغربية باستخدام التعذيب
والخطف لكي تكمم أفواه حركات المعارضة."
غير أن هذه اللوحة لا تذكر حرفاً عن أن الاعتقالات السياسية والعنف
والتعذيب في السجون المغربية كان أيضاً موجوداً قبل ذلك، أي في عهد قوى
الاحتلال الفرنسية قبل الاستقلال، كما أنه ظل حتى اليوم، في عهد الملك
الحالي. هذه المعلومات تعبّر عن موقف سياسي واضح، وهو موقف يثير أسئلة
كثيرة بالنسبة للفيلم. إن الأيام السينمائية التي تتناول الثقافات الغريبة
لا يمكنها أن تعرض سوى شريحة صغيرة فحسب، وغالباً ما تكون هذه الشريحة
مشوهة للواقع، ولذلك لا بد من أن ترافقها رؤية نقدية لوضع الأفلام المفردة
في السياق المعقد الخاص ببلد ما.
حقوق الطبع: قنطرة 2011
إيريت نايدهارت:
باحثة في العلوم الإسلامية ومنتجة للأفلام، وهي تعد خبيرة في أفلام
سينما الشرق الأوسط.
موقع "قنطرة" في
05/10/2011
مريم أبوعوف: قدمت مشهدا من «الشقة من حق الزوجة»
فى «بيبو وبشير» تحية لصناعه
فايزة هنداوى
المخرجة الشابة حققت حلمها أخيرا، وقدمت أول أعمالها فى السينما،
«بدايتها كانت من خلال مسلسل هالة والمستخبى».. جلست فى صفوف الجمهور
وشاهدت ما صنعته يداها مع فريق عمل «بيبو وبشير»، كانت سعيدة بردود الفعل
فى القاعة، واختبرت قدرتها على صنع عمل كوميدى، ثم تركت القاعة والتقطت
أنفاسها وتحدثت عن بدايات الفكرة «ترددت فى البداية أن أقدم هذه النوعية من
الأفلام، لأننى أعلم أنه ليس من السهل أن أنجح فى إضحاك الناس دون ابتذال
أو إسفاف، إلا أن السيناريو الذى كتبه كريم فهمى، وهشام ماجد، جذبنى وشعرت
أنه مختلف ومبنى على كوميديا الموقف، كما أن آسر ياسين بطل الفيلم شجعنى
كثيرا».
لم تنكر مريم أن تيمة الفيلم شبيهة بفيلمى «غريب فى بيتى»، و«الشقة من
حق الزوجة»، حيث احتوى الفيلم على تنويعة، منها المشهد الشهير لمحمود عبد
لعزيز الذى كان يغسل فيه ملابسه فى فيلم «الشقة من حق الزوجة»، عندما كان
يلقى بها فى وجه معالى زايد، تقول مريم «فيلم (الشقة من حق الزوجة) للمخرج
عمر عبد العزيز من أكثر الأفلام التى أفضلها، والمشهد كان تحية لصناعه».
«بيبو وبشير»، بدأ تصويره منذ فترة طويلة، إلا أنه توقف بسبب ثورة 25
يناير، ثم استأنف بعدها، لذا فقد كان للثورة ظلالها من خلال الهتافات التى
استخدمت كإفيهات، مثل «مش هانمشى هو يمشى»، وهو ما دافعت عنه مريم، مؤكدة
أنها رفضت الفكرة فى البداية، إلا أنها وجدت هذه الإيفيهات متماشية مع
أحداث الفيلم، ولم يكن وجودها استغلالا للثورة، لأن هذه الإيفيهات أصبح
المصريون جميعهم يستخدمونها، وعن ظهور المخرج الكبير محمد خان كممثل ضمن
أحداث الفيلم «قدم دور والد منة شلبى»، أكدت مريم أنها لم تكن تتوقع نهائيا
أن يوافق على فكرة مشاركته فى الفيلم بعد أن اقترحتها منة شلبى، إلا أنه
تحمس تماما بعد أن قرأ السيناريو، مشيرة إلى أنها كانت فى البداية مرعوبة
من التعامل معه، وغير مستوعبة لفكرة توجيهه، خصوصا أنه مثلها الأعلى فى
الإخراج، لكنه تمكن من إزالة هذا الرعب وتعامل كممثل ونسى تماما أنه مخرج.
التحرير المصرية في
03/09/2011 |