الأزمة قائمة وهي مرشحة للتصاعد. ومع هذا فإن
المشهد السينمائي في سورية يمثل
حالة نادرة في ظل أزمة خطيرة من هذا النوع. الجانب الأول من الصورة يعكس
تراجع
القطاع الخاص السوري عن التفكير بتنفيذ بعض من وعوده ومنها إطلاق فيلم
سينمائي
جديد. وهذا يعني صرف النظر عن معظم الأحاديث السابقة عن كرة
ثلج سينمائية سورية
تكبر وتكبر معها أحلام سينمائيين سوريين جدد. مع هذا الواقع يبدو الحلم
وكأنه في
سبات اختياري، طيّع، ومقبول من الجميع، طالما أن ليس لدى القطاع الخاص حتى
هاجس
إنتاج ما لا يتوجب عليه أصلاً (يستثنى من هذا ظهور فيلم
«القرار» للمخرج فيصل بني
المرجة في مرحلة سابقة)، أقله منذ نشوب الأزمة، بعد أن أنتج «القرار» في
مرحلة
سابقة وذلك للعرض في الصالات السورية (كندي، دمّر). إذاً، ليس هناك الآن في
جعبة
هذا القطاع، ما يفيد ويجدي في هذه المرحلة الصعبة التي تمر
فيها سورية.
في المقابل، وفي الجانب الآخر من الصورة وعلى جبهة
القطاع الحكومي العام، تبدو
السينما السورية – ظاهرياً – في حال استنفار وتأهب خاصين. إذ حالياً، في
الوقت نفسه
تدور كاميرا فيلمين روائيين طويلين من إنتاج الدولة، هما «العاشق»
لعبداللطيف
عبدالحميد، و «هوى» لواحة الراهب، فيما عاد المخرج غسان شميط من أوكرانيا بعد تنفيذ
مشاهد العاصفة البحرية لفيلمه الجديد هناك بصحبة تقنيين وفنيين أوكرانيين
كانوا قد
حضروا إلى مدينة اللاذقية السورية في وقت سابق، وشهدوا تصوير معظم أحداث
الفيلم
فيها بغية المطابقة مع ما يراد تصويره في الاستوديوات الأوكرانية.
حظوظ
هذه الأفلام الثلاثة هي من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في دمشق، واثنان
منها
ينتميان إلى نوعية الأفلام المقتبسة عن أعمال أدبية، والثالث -
وكما يمكن أن يفترض
القارئ هنا - يعود إلى عبدالحميد، الذي لا يتوقف عن كتابة أفلامه بنفسه،
منذ أن دأب
على إخراجها بعد عودته من موسكو عام 1981. وقد لا يجد المشاهد أو القارئ
المتابع
سينما هذا المبدع الذي يعتبر الأغزر إنتاجاً في تاريخ السينما
السورية المعاصرة،
عناء في معرفة ذلك. فعبدالحميد يعود هذه المرة أيضاً إلى سيرته بفيلمه
الجديد مع
تقدير أن سينماه هذه «يمكنها أن تحاكي سيرته الذاتية في مكان ما، وأن تحاكي
سير
آخرين في أمكنة أخرى»، فإنه، أي عبداللطيف قد لا يخرج عن حظوظ
السياقات الروائية
التي عهدناها عنده، بما يكفي القول، إنه لا يشذ عن قاعدة أفلامه السابقة،
حين قام
بكتابتها وإخراجها، وإن لجأ إلى استشارات فنية وجد فيها ضالته – سينمائياً
– عند
السيناريست المختص حسن سامي اليوسف.
في فيلم «هوى» تبدو الصورة مغايرة تماماً، فنحن هنا نقف أمام رواية للكاتبة
السورية هيفاء بيطار. «رواية ضخمة» تقول عنها الراهب في مكان
آخر. في البداية ربما
لم تكن حظوظ رواية البيطار السينمائية واضحة بالمقدار نفسه الذي تطلبته
عملية
تحويلها إلى نص سينمائي مكتمل، بكتابة من رياض نعسان آغا. الرواية في
خطوطها
الأساسية تملك معنى ومبنى تلفزيونيين واضحين، وربما هذا أعاق
المخرجة السورية في
عملها السينمائيّ الروائي الثاني، في عملية اقتباسها وتحويرها بالمعنى
السينمائي
الذي جنحت إليه في معالجتها لها. مهما يكن فإن ما يقال في هذا السطور يبدو
مناسباً
تأجيله إلى حين الانتهاء من الفيلم، فليس كل ما يرشح من الرواية الأدبية
مناسب
لأخذه إطاراً عاماً لفيلم لا يزال في طور تصويره، وقد تنحو
الراهب فيه نحواً
مناسباً، فهي حين تقول، إنها أمكنت نفسها، من كل كلمة وردت فيها، حتى أنها
وجدت بعض
ضالتها في كلمات شكلت مفاتيح مهمة في قراءتها، بما يكفل تحقيق فيلم روائي
مقتبس عن
رواية أدبية سورية، ربما يخفف لاحقاً من وقع سوء الاقتباسات
والمعالجات السينمائية
السابقة لروايات أخرى مثل «حسيبة» للروائي خيري الذهبي، مع أن هذه تعتبر
واحدة من
أفضل أعماله الأدبية. وينطبق الحكم نفسه على غير «حسيبة» بالطبع من روايات
آثرت
المؤسسة العامة للسينما أن تقتنيها في أوقات سابقة ولم يسعفها
الحظ كلية بأن تشكل
قفزة في هذا الفراغ الأدبي المحيط بالسينما السورية ما يدفع إلى القول إن
المشكلة
تكمن في اختيار هذه الأعمال لتشكل قاعدة لأفلام جديدة، لا ينجو منها إلا كل
من وضع
قاعدة خاصة بفيلمه لا تشذ بدورها عن قاعدة سينما المؤلف حيث يجد المخرج
خيارات أفضل
كتابياً وإخراجياً، وهذا ما لم يتحقق لروايات سورية جيدة، يمكن بالتالي
اقتباسها
والعمل عليها لترى النور على الشاشة الكبيرة.
تقليل تكلفة الإنتاج
في المقابل يجيء فيلم «الشراع والعاصفة» لغسان شميط، المقتبس عن رواية
للأديب
السوري حنا مينة ليشكل ميلاً إضافياً في القاعدة الإنتاجية
المتبعة هذا العام، نحو
الأدب، بما يكرسها، وإن تردد أخيراً أن المؤسسة رفضت مشروع سيناريو عن
رواية
«الأبدية
ويوم» للكاتب السوري عادل محمود تقدم به المخرج ريمون بطرس.
كتب سيناريو فيلم «الشراع والعاصفة» وفيق يوسف، ليشكل خروجاً عن القاعدة،
من حيث
الشكل على الأقل مع الانتهاء من تصوير مشاهد العاصفة البحرية المكلفة في
استوديوات
مدينة كييف الأوكرانية - بعد انسحاب الجهة السورية الخاصة (شركة «كان») من
تمويلها
-
بغية تنفيذها في يالطا المطلة على البحر الأسود، وربما يشطب المخرج
الآن، المشاهد
الأكثر تكلفة في تاريخ السينما السورية (عشرة ملايين ليرة سورية) بتراجع
الشركة عن
تنفيذها لأسباب خاصة بها، وهو ما دفع المخرج شميط إلى القول في وقت سابق،
إنه
سيتوخى الحرص في خياراته المستقبلية، على ألا يقع على قصص
وروايات تجيء على تكلفة
عالية، لا يمكن السينما السورية في ظروفها الحالية أن تنهض بها، إذ سبق
للفيلم أن
تأجل تصويره مدة عامين، بسبب هذه العاصفة، التي هبت واحدة أقل منها شأناً
على
ديكورات الفيلم في مدينة اللاذقية واقتلعت ديكورات ضخمة تقدر
بالأطنان. وهذا كله
دفع شميط إلى التفكير ملياً، والاستنتاج أن لا إمكانيات في ظل الظروف
الحالية
لإنجاز كل ما يفكر فيه المرء، فالعواصف البحرية تتطلب قدرات وإمكانات غير
متوافرة،
وبالتالي يصبح الاستغناء عنها هو القاعدة الذهبية، لا
الاستثناء.
في الأحوال كافة ها نحن نقف في المعمار السينمائي السوري الجديد أمام ثلاثة
أفلام حتى اللحظة، جميعها كما أسلفنا من إنتاج القطاع العام
السوري، وفي انتظار أن
يفرج القطاع الخاص عن مفاجآت لا تبدو ماثلة في الأفق على أية حال، فقد
انكمشت كرة
الثلج لديه، ولم يعد في وسعها أن تتدحرج صعوداً أو هبوطاً، بانتظار أن تحل
سيور
الأزمة الناشبة حالياً، فليس مضموناً في مثل هذه الحالة إذكاء
نار رأس المال
المعقود لهذه المهمة الصعبة. والأهم من كل ذلك، هو أن تفكير القطاع الخاص
بجدوى
السينما السورية الجديدة، لم يزل عند مرحلة فطام معلّل ومبرر ليس بوسع
القائمين
عليه الالتفاف من حوله وعليه ليساهموا مع الجميع بانتشال هذه السينما، كما
يفترض،
وتفترض الأزمة التي لا ترخي بظلالها على الأفلام التي تصور
حالياً من دون أن يعني
ذلك بطبيعة الحال أنه ستكون ثمة مساحة لها فيها.
الحياة اللندنية في
05/08/2011
اسئلة حول فن بلغ سن الرشد
الدار البيضاء - نور الدين محقق
في إطار الاهتمام بالمجال السينمائي المغربي وإخضاعه للسؤال النقدي بوجود
الفعاليات السينمائية المشتغلة به والمتابعة لمسيرته، عقدت
أخيراً ندوة حول «إشكالية
الإبداع في السينما المغربية» نظمها كل من «الائتلاف المغربي للثقافة
والفنون» و«الجمعية المغربية لنقاد السينما». وهدفت كما جاء في
الورقة المهيأة لها
«إلى
طرح الأسئلة الكبرى المتعلقة بالإبداع في السينما المغربية في السنوات
الخمس
الأخيرة».
ابتدأت الندوة بكلمتين لكل من خليل الدمون عن «الجمعية المغربية لنقاد
السينما»
وحسن النفالي عن «الائتلاف المغربي للثقافة والفنون»، وتلت ذلك ورقة قدمها
الناقد
السينمائي حمادي كيروم شرح فيها البنيات الثلاث المتحكمة في المسار
السينمائي
المغربي. بعد ذلك، جرى الحديث في الجلسة الأولى عن «إشكالية
كتابة السيناريو في
المغرب». وهذه الجلسة أدارها الناقد السينمائي محمد سكري الذي تحدث عن
أهمية
السيناريو والطرق المختلفة لعملية انجازه . كما تحدث فيها المخرج هشام
العسري
باعتباره أيضاً كاتباً لمجموعة من السيناريوات سواء للأفلام
التي أنجزها أو التي
كتبها لأفلام غيره من المخرجين. وأعقبت ذلك مجموعة من المداخلات من
الحاضرين. وفي
الجلسة الثانية الخاصة بإشكالية «الإخراج في السينما المغربية بين الثابت
والمتحول»
شارك فيها كل من المخرجين حميد بناني ومحمد مفتكر وأدارها الكاتب والناقد
عبد النبي
دشين الذي تحدث عن حدود نهاية السيناريو وبداية الإخراج، باعتبار أن «عملية
التفكير
في السيناريو تتطلب تقديم تصور معين للإخراج السينمائي المؤسس
عليه». كما أشار إلى
أهمية دور المتلقي باعتباره حاضراً في ذهن المخرج وهو يبدع فيلمه السينمائي.
بعد ذلك كانت الكلمة للمخرج حميد بناني، صاحب فيلم «وشمة»، الذي انطلق
بتعريف
السينما بكونها فناً يهتم بما هو اجتماعي في الأساس، لأنه يسعى
الى تقديم رؤية
للعالم. وقد قدم كمثال لذلك بعض الروائع السينمائية التي تؤكد وجهة نظره.
ومن ثم
خلص الى أنه لا يمكن أي شعب أن يعيش من دون أن يبدع سينماه الخاصة به لأنه
يرى من
خلالها صورته. «فالسينما تقدم حضارة وثقافة كل الشعوب». وهو
توقف بعد ذلك عند
السينما المغربية والظروف العامة التي أحاطت بعملية نشأتها. ثم توقف عند
مسألة
الدعم وعملية تحديد البنيات التي يجب أن تتحكم في مسألة منحه وفي مقدمها
الجانب
الإبداعي، كما تحدث عن الإنتاج السينمائي وعن الدور الكبير
الذي يساهم به في تطوير
السينما المغربية، ليصل بعد هذا الى الحديث عن التلقي السينمائي وعن
القاعات
السينمائية. وتوقف بناني أيضاً عند مفهوم السينما باعتبارها مساهمة في
التطور
الثقافي العام لأنها تجمع بين مختلف الفنون الأخرى. كما توقف
عند الجمهور وحدد دوره
في المساهمة في تشجيع السينما المغربية. وربط كل هذا بالعملية الإخراجية
للفيلم،
حيث تحدث عن علاقة المخرج بالفيلم الذي يخرجه. ذلك أن المخرج هو المسؤول عن
فيلمه،
ولكي يكون هذا الفيلم جيداً، فإن على المخرج أن يحسن اختيار مساعديه بكل
دقة
وحرفية. وعملية اختيار هؤلاء المساعدين تساهم في شكل كبير في
نجاح العملية
الإخراجية للفيلم في حد ذاتها «حيث يقوم كل واحد بالدور المنوط به على أحسن
وجه».
كما توقف عند عملية اختيار الممثلين وكيفية
إدارتهم، وعن العلاقة الايجابية التي
يجب أن تسود بين طاقم الفيلم، فهي التي تجعل الكل يساهم في
تحقيق إبداعية الفيلم
ومنحه طابعه المميز.
بعد ذلك أعطيت الكلمة للمخرج محمد مفتكر، مخرج فيلم «البراق»، الذي ابتدأ
كلمته
بالتساؤل حول كنه العملية الإخراجية في حد ذاتها، وتوقف عندها
باعتبارها «كتابة
خاصة بالمخرج السينمائي تبعاً لوجهة نظره ولقناعاته ومرجعياته السينمائية».
ثم
تساءل عن المقصود بالثوابت والمتحولات في الإخراج السينمائي المغربي مبدياً
رأيه في
هذه المسألة. وبخصوص تجربته في الإخراج، ذهب إلى القول بأن الأمر متروك
للنقاد
للحكم عليها، إذ من الصعب أن يحكم أي مخرج على العمل الذي
يقدمه. وقد اعتبر أن الفن
بالنسبة إليه غاية في حد ذاته وليس مجرد وسيلة.
بعد ذلك فتح المجال للحضور لمناقشة ما ورد في كلمتي كل من المخرجين حميد
بناني
ومحمد مفتكر. وركزت المداخلات على علاقة الإنتاج بالإخراج،
والكم بالكيف في تطوير
الفن السينمائي، وعلاقة المخرج بالمتلقي وكيفية انجاز العملية الإخراجية
وعلاقتها
بالسيناريو، وعملية التنميط والتجديد في الإخراج السينمائي، وعن علاقة
المخرجين
القدامى والجدد، وكيفية استفادة بعضهم من بعض... وغير ذلك من
القضايا المرتبطة
بالإخراج السينمائي في علاقته بباقي المكونات الأخرى السينمائية منها
والاجتماعية
أيضاً. بعد ذلك كانت جلسة ثالثة تم الحديث فيها عن سياسة الدعم. وقد كانت
هذه
الجلسة مثل سابقتيها غنية بالنقاشات، سواء من لدن مجموعة من
المخرجين الحاضرين أو
النقاد السينمائيين أو من لدن الصحافيين والمتابعين للشأن السينمائي
المغربي، لما
يطرحه الدعم من أهمية في عملية إنتاج الأفلام المغربية، والمسار الذي تسير
فيه .وهو
ما يتطلب متابعة خاصة بها.
الحياة اللندنية في
05/08/2011
آخر 40 سنة من عمر الأرض
الإسكندرية – سامر سليمان
على رغم حال الركود التي تعانيها صناعة السينما
العربية بفعل ما تشهده الدول
العربية من عدم الاستقرار السياسي، استطاعت مصر كسر هذه الحال من خلال عدد
من
التجارب الجادة والمهمة في مجال الأفلام الديجيتال، والتي رصد فيها الثوار
الشباب
الكثير من الأحداث المهمة وقاموا ببلورتها وصياغتها تقنياً
وفنياً. وفي هذا
الإطار،افتتح عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية الدكتور هشام
سعودي،
والمخرج خالد المهدي والفنان عمرو القاضي، عروضَ أول فيلم مصري ثلاثي
الأبعاد
(ديجيتال)
وعنوانه “آخر أيام الأرض”، وذلك في مقر كلية الفنون الجميلة في
الإسكندرية.
يأتي هذا الافتتاح بعد انتهاء ورشة العمل التي
أعدها أستاذ الفنون الجميلة في
جامعة الإسكندرية الدكتور أحمد بركات، واشترك فيها مئة من طلبة الكلية
لتحويل
الفيلم الصوتي إلى فيلم ثلاثي الأبعاد.
وأكد بركات أن الفيلم يعد محاولة جادة للتطرق إلى
مجال إنتاج الأفلام الثلاثية
الأبعاد، التي انتشرت في السينما العالمية، موضحاً أن الشباب قاموا بتصميم
الشخصيات
المختلفة وتصميم الأزياء الخاصة بكل شخصية، والخلفيات المعمارية وديكورات
المباني،
وحققوا الإخراج الفني للفيلم ليخرج بشكل مختلف وجديد.
ويعتبر الفيلم من التجارب المهمة في صناعة السينما
العربية تقنياً وفنياً. وتعد
فكرة إنتاج فيلم مصري ثلاثي الأبعاد فكرة حديثة نسبياً لم
يتطرق لها الكثيرون، إذ
استطاعت الأفلام الديجيتال، والتي يطلق عليها السينما المستقلة، أن تقفز
قفزة مدهشة
عقب الثورات العربية، التي فتحت المجال أمام أعداد متزايدة من المخرجين
والمخرجات
من جيل الشباب المثقف لإظهار إبداعاتهم وطروحاتهم الفكرية
وتضمينها عواطفهم
وأفكارهم ورؤاهم الفنية، وإسقاطاتهم وتوجهاتهم السياسية. واستطاع العديد
منهم صنع
أفلام ذات سوية فنية وتقنية جيدة وعمق فكري، كما طرحت بعض الأفلام قضايا
راهنة لفتت
النظر إليها وأثارت اهتمام العالم بها.
و «آخر أيام الأرض» فيلم درامي يتحدث عن الأحداث الأخيرة في حياة
البشرية... إذ
يرسم الفيلم من البداية صورة مستندة إلى التصور الديني لنهاية العالم، حيث
يروي قصة
آخر 40 يوماً من عمر البشرية تحفل بالأحداث المصيرية، وفي مقدمها المعركة
الفاصلة
بين معسكر الشر ممثلاً في شخص «المسيح الدجال» وجيشه، وبين قوى
الخير ممثلة في
البقية الباقية من المؤمنين، وهي المعركة التي تنتهى بنزول السيد المسيح
إلى الأرض.
الفيلم تجربة فريدة من نوعها، حيث لجأ صناع الفيلم
إلى إخراجه ليكون مسموعاً...
وليس مرئياً، فتعيش مع المؤثرات الصوتية المدهشة التي تأخذك لتكون جزءاً من
أحداث
الفيلم، فتشعر وكأن الأحداث تجري من حولك... هذا بالإضافة إلى الإخراج،
الذي
يمكِّنك من رؤية تعبيرات الممثلين في صوتهم.
هنا للمرة الأولى يكون الجمهور هو البطل الحقيقي
لعمل درامي، إذ لجأ صنّاع
الفيلم إلى هذا الأسلوب المشوق رغبة منهم في عدم الحد من خيال الجمهور، بل
على
العكس، إطلاقه إلى أقصى درجة ممكنة.
الفيلم بطولة حنان ترك وخالد صالح وهاني عادل
وعمرو القاضي وياسر فرج وتامر يسري
ومن تأليف وإخراج خالد المهدي، وقد تم ترشيح الفيلم لعدد من المهرجانات هذا
العام.
الحياة اللندنية في
05/08/2011
جيل مصري جديد من المبدعين
والمبدعات
القاهرة – فريال كامل
قبل اسبوعين، انطلقت فعاليات مهرجان الساقية السابع للأفلام التسجيلية،
الذي
تنظمه ساقية الصاوي برعاية قناة «الجزيرة الوثائقية». عرض
المهرجان على مدار ثلاث
ليال 41 فيلماً، من بينها 21 فيلماً من نوع الإنتاج المستقل، وذلك عبر
مجموعتين من
الأفلام، هما مجموعة الأفلام الطويلة والأخرى القصيرة (أقل من 30 ق)، وقد
تشكلت
لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج فؤاد التهامي، منحت أفضل
الأفلام – وفق اللائحة
–
جوائز مالية وتمثال المهرجان، ولاقت عروض المهرجان إقبالاً من جمهور
الشباب،
وبخاصة الشابات.
ويقدّر لساقية الصاوي جهدها في تنظيم المهرجان، وخصوصاً بعد
أن جمدت وزارة الثقافة المصرية في الحكومة الانتقالية – إلى
حين – دعمها للمهرجانات
الفنية والسينمائية حتى تستقر الأحوال المدنية، مع استغراق الوزارة في
ترتيب
أوراقها لتطوير أدائها، ذلك كله إضافة لالتفات رجال الأعمال الرعاة لتثبيت
دعائم
أوضاعهم المالية المرتبكة.
إبداعات متنوعة
تنوعت موضوعات الأفلام
المعروضة في المهرجان، واللافت أن يتضمن البرنامج تسعة أفلام توثّق لأحداث
الثورة
وترصد صمود المعتصمين في ميدان التحرير. وفي هذا الأطار فاز
فيلم «مصر تولد من
جديد» (22 ق) للمخرج هشام عبد الحميد، بجائزة أفضل فيلم طويل في المهرجان،
ويعد
فيلم «من أجل مصر» (8 ق) للمخرجة ماريان ماهر خليل، من أكثر الأفلام
تأثيراً، حيث
تلتقي الكاميرا أسرة أحد شهداء الثورة في شقتهم المتواضعة.
وخلال الفيلم يتم
التواصل مع الشهيد بفضل صور فوتوغرافية حميمة تجمعه وأسرته في مناسبات
عائلية.
ويلفت النظر حال الإيمان والرضا بقضاء الله
التي تغمر أفراد الأسرة، الذين يُجمِعون
مع هذا على مطلب واحد هو القصاص من رموز النظام. فاز الفيلم
بجائزة أفضل فيلم في
مجموعة الأفلام القصيرة.
وعلى جانب آخر مختلف، يدور فيلم «قلب الميدان»
للمخرجة إيثار صلاح الدين، حيث يعرض للأنشطة التطوعية التي تخدم مجتمع
المعتصمين في
الميدان، بداية من نقاط التفتيش الشعبية عند المداخل إضافة لمستشفى الميدان
والمطعم
الذي يقدم الماء والشطائر من دون مقابل، ومعرض اللافتات
والورشة الفنية للأطفال،
فضلاً عن حلقات إلقاء الشعر والغناء في المساء. ويعد فيلم «الشارع لنا»
لنيفين شلبي
من أفضل أفلام المجموعة وأكثرها تميزاً، حيث تعرض المخرجة لإرهاصات الثورة
خلال
عشرات الاعتصامات العمالية والمسيرات والوقفات الاحتجاجية أمام
مجلسي الشعب
والشورى، والتي امتدت على مدار عام 2010 ولم يلتفت إليها النظام، حيث تفجرت
الثورة
في جميع ربوع مصر.
وفي إطار أفلام العشوائيات ومعاناة الفقراء، عرض المهرجان
فيلمين على درجة من التميز والتأثير، أولهما فيلم «كان يا
مكان» للمخرجة مي
الحسامي، وفيه تزور الكاميرا سوق الجمعة حيث لا يختلف بؤس الأشياء المعروضة
عن بؤس
البائعين والمشترين، ما يعكس تدني الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لشريحة
من
المجتمع. ويحدث أن يقضي على السوق حريق هائل، وتكتمل المأساة
بقيام قوات الأمن
بترحيل الأهالي عنوة عن الموقع. ويكشف فيلم «على الهامش» للمخرج أحمد حازم،
مجتمعاً
عشوائياً على سطح إحدى العمارات الشاهقة في حي راق، حيث يكاد يختنق السكان
بضيق محل
السكن وتفيض المشاكل الاجتماعية.
الثورة القديمة ومذيعها
وعلى محور
آخر مختلف، يدور فيلم «مذيع الثورة جلال معوض» من إخراج سامي عبد الكريم،
وهو فيلم
يعرض لمشوار المذيع القدير جلال معوض الذي قرأ بصوته بيان ثورة
يوليو سنة 52 وارتبط
بالزعيم جمال عبد الناصر ليرافقه لدى افتتاحه للمشاريع الكبرى – كالسد
العالي–
في الداخل، وأيضاً في المؤتمرات الدولية –
كمؤتمر عدم الانحياز – في الخارج. ويعد
الفيلم سجلاً حافلاً بإنجازات ثورة يوليو مقروناً بصوت جلال
معوض الراقي، الذي لقّب
مذيع الثورة.
ويعد فيلم «السماع خانه» باكورة أفلام المخرجة الشابة ريهام
أبو بكر – في تقديري –
أبدع أفلام المهرجان وأكثرها اكتمالاً، لانضباط إيقاعه
وعناية مدير التصوير بتوزيع الإضاءة وتنسيق الصورة، وهو يعرض
لملامح الإبداع
المعماري لهذا الموقع الأثري بعد ترميمه، كما تكشف المخرجة عن الرابطة بين
التصميم
المعماري للتكية والمبادئ الفلسفية للطريقة المولوية لمؤسسها مولانا جلال
الدين ابن
الرومي، وفاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم لمجموعة الأفلام القصيرة.
في
اختصار، يُعَدّ مهرجان الساقية تظاهرة شبابية تحتفي بجيل جديد
من المبدعين
والمبدعات يطرحون ما يختلج في دواخلهم من مشاعر وأفكار.
الحياة اللندنية في
05/08/2011 |