كرست السينما العربية منذ بداياتها الاولى مواصفات فتيان الشاشة الاوائل,
تتكئ على معايير شكلية وجسدية للفنان »الدونجوان«, فهو معبود النساء, لديه
قدر كبير من الجاذبية والوسامة وبارع في صيد قلوب العذارى. »الجان بريميير«
يجسد حلم الصبايا, فضلا عن انه زير نساء لا يكتفي بواحدة في حياته. بعض
دونجوانات السينما ألقت ادوارهم السينمائية بظلالها على حياتهم الخاصة,
فعرفوا عشرات النساء, والبعض الآخر عاش حياة طبيعية وترك »الدونجوانية« خلف
ظهره. اما البعض الثالث فنجح في قطف ثمار النجومية بموهبة فذة محطما
مواصفات فتى الشاشة الشكلية, ورسخ مفاهيم جديدة تعتمد على الجاذبية
الداخلية ونجومية الاداء بعيدا عن معايير »زير النساء«. نجوم تركوا تراثاً
سينمائياً وسمات حياتية نرصدها عبر مسيرة عشرات من »دونجوانات« السينما
العربية.
·
أعجب المصلون بصوته فأهمل التعليم ولاحق المنشدين والمداحين
·
أحمد شوقي منعه من الغناء في صباه لأنه ثروة قومية
·
اقتفى أثر سيد درويش وأحس من بعده باليتم
·
"خايف أقول اللي في قلبي "ثمار دراسته بمعهد الموسيقى
لو أردت أن أضع رحلة عمري في كتاب لكان هذا الكتاب مجموعة ألحاني, فهي
التعبير عن حياتي بحلوها ومرها, بسعادتها وشقائها, بأفراحها وأتراحها,
والحياة عيد حافل نلتقي فيه جميعا نفرح ونتعذب لكن كل إنسان له حياته التى
لا تتكرر, والفنان بالذات يعيش حياته مرتين الأولى كما يعيشها أي إنسان,
والثانية عندما يحولها إلى كلمة, أو صورة أو نغم لهذا أقول لمن يسألني عن
قصة حياتي استمع إلى ألحاني تعرفني جيدا "هكذا كان يقول الموسيقار محمد
عبد الوهاب لمن يسأله متى تكتب مذكراتك?
ولد الموسيقار محمد عبدالوهاب بين عامي 1900 و1904 حيث تضاربت الأقوال,
فالبعض قال إنه ولد سنة ,1898 والاخر ذكر إنه ولد سنة ,1902 وعبد الوهاب
نفسه كان يقول إنه ولد 1910 لكن المؤرخين الموسيقيين استبعدوا ما قاله مطرب
الأمراء والملوك, أما المكان الذي ولد فيه فلا خلاف عليه, نشأ في حي باب
الشعرية, حيث تتعالى أصوات المؤذنين وتتصل وتتعانق مع أجراس الكنيسة
القائمة في الحي العتيق وتتألف منها ومن أصوات الباعة الجائلين وأصوات
الأطفال والنساء وأصوات العمال ضوضاء موحية يمتزج فيها الماضي بالحاضر,
وأبوه هو الشيخ عبدالوهاب أبوعيسى مؤذن وقارئ في جامع الشعراني.
وتقول الدكتورة رتيبة الحفني أمين عام مهرجان الموسيقى العربية التى إرتبطت
بعلاقة أسرية طويلة مع الموسيقار الكبير كان عبدالوهاب في طفولته لا يرى
أباه إلا مؤذنا أو قارئا للقرآن في البيت والجامع, وكان أخوه الأكبر حسن
يحفظ القرآن في الكتاب الملحق بالجامع ويعيد أمام والده في البيت قراءة ما
حفظه وأهل الحي من التجار والعمال يغلقون حوانيتهم في الأمسيات ويسارعون
إلى الجوامع وساحات البيوت لينتظموا في جوقات الإنشاد والذكر, وعندما بلغ
الطفل محمد عبدالوهاب عامه الخامس الحقه والده بالكتاب, وبعد عامين حفظ ثلث
القرآن الكريم وأخذ يجوب المساجد يستمع إلى كبار المشايخ أمثال أحمد ندا,
علي محمود, ويقلد أصواتهم وطرقهم في القراءة .
وتواصل الحفني مشوار عبدالوهاب وتقول: في فجر أحد أيام رمضان فوجئ المصلون
بمسجد الشيخ الشعراني بصوت جميل شجي يؤذن للصلاة, وكان صوت عبدالوهاب الذي
أعجبوا به جدا, وأصبح حديث الناس وكان بعضهم يتحلق حوله فترتفع أصواتهم
"الله يا شيخ محمد الله يفتح عليك", هذا الإعجاب أقنع الصبي بأهميته وبجمال
صوته, وصرفته عن واجباته الدراسية, فأخذ يهمل الكتاب وينتحل الأعذار للهرب
منه, والسير وراء المنشدين والمداحين, وفي تلك المرحلة ظهر قارئ شاب أثار
إعجاب المصريين جميعا ومنهم الصبي محمد عبدالوهاب, هو الشيخ محمد رفعت,
وفتن أيضا بالمطربين سلامة حجازي, وعبدالحي حلمي, وصالح عبدالحي وبدأ يردد
اغنياتهم التى يستمع إليها من فونوغراف بيت قريب منهم, وفي يوم عاد إلى
البيت وفي وجهه جرح غائر, وانزعج والده واعتقد أن ولده اشتبك مع أحد زملائه
الصغار, لكن عبدالوهاب أنكر ذلك وقال إنه شاهد مطربه المفضل صالح عبدالحي
يركب العربة الحنطور فتعلق بها, وإذا بالسائق يلسعه بالسوط على وجهه, فتترك
اللسعة الأثر الذي اكتشفه أبوه, ولم يكن أثر السوط هو العلامة الوحيدة التى
أفشت سره فقد لاحظت الأسرة أنه أصبح يترك البيت ولا يعود إلا آخر الليل كما
أصبح يغني كما يغني المطربون المحترفون, وأدرك الشيخ عبدالوهاب أبوعيسي إنه
لن يرى ولده محمد شيخا أزهريا أبدا, فقد استولت الموسيقى عليه, وسلبته
رشده, وصرفته عن التفكير في أي شيء آخر, ولهذا ألحقه بمحل خياط ليتعلم صنعة
شريفة.
طفل معجزة
واضطر الصبي أن يقبل هذا القرار, ولكن الموسيقى ظلت تطارده حتى في محل
الخياط فقد كان شقيق صاحب المحل يعمل منشدا في فرقة فوزي الجزايرلي, وهى
فرقة مسرحية صغيرة تقدم عروضها آنذاك في حي الحسين, وتقدم الصبي إلى صاحب
الفرقة الذي أعجب بصوته, وسمح له أن يغني بين فصول رواياته الفكاهية مقابل
خمسة قروش في الليلة, وهكذا بدأ عبدالوهاب طريقه إلى الاحتراف بعد أن علق
صاحب الفرقة على باب المسرح إعلانا يقول فيه سارعوا إلى سماع أعجوبة الزمان
: الطفل المعجزة الذي يغنيكم ألحان الشيخ سلامة حجازي, وظهر الصبي على
المسرح بعد أن اتخذ لنفسه اسما مستعارا حتى يتجنب غضب أسرته وهو محمد
البغدادي, وبهذا الاسم وقف أمام الجمهور لأول مرة يقلد الشيخ سلامة حجازي,
وقدم أيضا الأغنية الأولى له التي ألفها مدير الفرقة ولحنها له وهي "أنا
عندي كمنجة وصوتي منجة ", وضجت القاعة بالتصفيق, وتوالت الليالي, وفي أحد
الإيام عاد إلى منزله وهو يكاد يطير فرحا بالنجاح الكبير الذي يحققه
يوميا, لكن أسرته أكتشفت حقيقة عمله الجديد, ومنعته بالقوة عن المواصلة,
وأوكلت مهمة التنفيذ إلى شقيقه الأكبر الشيخ حسن, الذى منعه من الذهاب إلى
فرقة الجزايرلي, لكن هوس الغناء وأيضا مكاسبه المادية التى ذاق الصبي
الفقير طعمها دفعته إلى الهرب من المنزل, وبدأ يتنقل بين الفرق المسرحية
الصغيرة, فإذا لم يجد له مكانا فيها غنى في الموالد والأفراح, وكثيرا ما
وجد نفسه إلى جانب أساطين الغناء في ذلك الوقت يغني معهم ويتعلم منهم, كما
اكتشف موسيقى آخرى بدأ يسمعها وهى السيمفونية الغربية التى سمعها للمرة
الاولى في كشك الموسيقى بحديقة الأزبكية وكانت عالما جديدا بالنسبة له من
الأنغام, وفي هذه الفترة انضم إلى فرقة عبدالرحمن رشدي وكان عمره 13 عاما,
ومن الأشياء الطريفة التى حدثت لعبدالوهاب في الفرقة انه اضطر في أحد
الإيام إلى تمثيل دور فتاة صغيرة في مسرحية " الموت المدني " أمام روز
اليوسف, لكن عبدالوهاب فشل فشلا ذريعا في اداء الدور رغم أنهم ألبسوه
فستانا ووضعوا له شعرا مستعارا.
وتستكمل رتيبة الحفني حديثها قائلة: وتمر الأيام وعبدالرحمن رشدي يحتضن
المطرب الشاب إلى أن يزور الفرقة أمير الشعراء أحمد شوقي ويرى المطرب
الشاب فيشفق عليه من السهر, ومن تدهور صحته, ورغم إعجابه الشديد بصوته,
إلا أنه يستصدر أمرا من حكمدار القاهرة بمنع محمد عبدالوهاب من الغناء حتى
يريح صوته ويسترد صحته لإنه ثروة قومية, وكان لهذا القرار وقع الصاعقة على
رأس المطرب الشاب, لكن بعد أيام وعندما وجد كل الطرق أمامه مغلقة, قرر محمد
عبدالوهاب أن يلتحق بنادي الموسيقى الشرقي, وهو أول معهد منظم أنشئ في مصر
سنة 1915 على يد جماعة فنية من كبار رجال المجتمع المصري آنذاك الذين
تعهدوا عبدالوهاب بالتعليم وأعدوا له برنامجا حافلا, وتقدم عبدالوهاب في
دراسة الموسيقى لدرجة أن إدارة النادي رشحته مع زميل له للسفر لباريس
لتكملة دراستهما, لكن عبدالوهاب فشل في امتحان القبول الذي عقدته وزارة
المعارف فسافر زميله, وأثناء ذلك مات الشيخ سلامه حجازي.
شهر زاد
وتضيف رتيبة الحفني قامت ثورة 1919 وكان من رموزها فنان الشعب سيد درويش
الذي تأثر به محمد عبدالوهاب وفتن بموهبته, وبالإنقلاب الذي أحدثه في
الموسيقى, وعندما عمل محمد عبدالوهاب في فرقة نجيب الريحاني ودخل عليهم سيد
درويش قدم له الريحاني, مطرب الفرقة محمد عبدالوهاب الذي سعد جدا وغني له
أغنيته الشهيرة " زوروني كل سنة مرة "وشعر درويش إنه أمام موهبة متفردة
وبدأ المطرب الشاب يقتفي خطى درويش وأصبح الشيخ سيد شغله الشاغل يستمع إلى
ألحانه, ويتتبع أخباره الفنية وأعماله الجديدة, وفي سنة 1922 وقع إختيار
سيد درويش على عبدالوهاب ليقوم ببطولة أوبريت " شهر زاد" ولم يحقق النجاح
الكبي¯¯¯ر ما جعل المطرب الشاب يكتئب, وأثناء ذلك عرض عليه الريحاني أن
يسافر مع الفرقة في رحلة إلى فلسطين ولبنان وسورية ليغني استعراضات سيد
درويش الغنائية وبعد عودتهم من الخارج توفي سيد درويش فأصيب عبدالوهاب بحزن
شديد وأحس للمرة الاولى بطعم اليتم, وأصابه سوء الحظ في كل عمل يقوم به
سواء كمطرب أو كملحن, فقرر استكمال دراسته في معهد الموسيقى الشرقية, وفي
نفس الوقت يزاول عمله الفني واستطاع بواسطة مدير نادي الموسيقي أن يجد عملا
بمدرسة " الخازندارة "لتدريس الأناشيد لتلاميذها وكان من بين تلاميذه
الأخوان مصطفى وعلي أمين, والكاتب والروائي إحسان عبدالقدوس, وكان بعد
الظهر يستكمل دراسته, وفي الليل يواصل عمله الفني مع بعض الفرق المسرحية
لشهيرة, وبعد سنوات من الكفاح بدأ الحظ يبتسم له وفي شهر يوليو سنة 1924
أقام نادي الموسيقى الشرقي حفلا في الإسكندرية واختارت إدارة المعهد
تلميذها الفذ محمد عبدالوهاب للغناء ضمن برنامج الحفل, فغني " جددي يا نفس
حظك " من ألحان محمد عثمان وأبدع في الأداء فصفق له الحضور طويلا وكان
بينهم أمير الشعراء أحمد شوقي الذي تذكر أنه منع صاحب هذا الصوت الجميل من
الشدو لفترة طويلة عندما كان صبيا صغيرا, لكنه الآن نضج وأصبح رجلا وسيما
تتهافت عليه النساء ومطربا يتمتع بصوت عذب فذهب إليه في الكواليس واحتضنه
ونشأت بينهما علاقة وطيدة لدرجة أن شوقي كان يصطحب المطرب الشاب في كل مكان
معه سواء في مصر أو الخارج حتى رحل عن الدنيا في أكتوبر ,1932 وفي تلك
الفترة قدم عبدالوهاب مجموعة من الأغنيات جعلته مطرب الملوك والأمراء من
هذه الأغنيات "بالك مع مين, حسدوني وباين في عينيهم, خايف أقول اللي في
قلبي, أنا أنطونيو, اللي يحب الجمال, على غصون البان, كلنا نحب القمر,
ياجارة الوادي, فيك عشرة كوتشينة, في الليل لما خلي .
( يتبع )
السياسة الكويتية في
01/08/2011
الدونجوانات
محمد عبدالوهاب أحب إحدى الأميرات وحال بينهما القصر الملكي
القاهرة - أحمد السماحي
كرست السينما العربية منذ بداياتها الاولى مواصفات فتيان الشاشة الاوائل,
تتكئ على معايير شكلية وجسدية للفنان »الدونجوان«, فهو معبود النساء, لديه
قدر كبير من الجاذبية والوسامة وبارع في صيد قلوب العذارى. »الجان بريميير«
يجسد حلم الصبايا, فضلا عن انه زير نساء لا يكتفي بواحدة في حياته. بعض
دونجوانات السينما ألقت ادوارهم السينمائية بظلالها على حياتهم الخاصة,
فعرفوا عشرات النساء, والبعض الآخر عاش حياة طبيعية وترك »الدونجوانية« خلف
ظهره. اما البعض الثالث فنجح في قطف ثمار النجومية بموهبة فذة محطما
مواصفات فتى الشاشة الشكلية, ورسخ مفاهيم جديدة تعتمد على الجاذبية
الداخلية ونجومية الاداء بعيدا عن معايير »زير النساء«. نجوم تركوا تراثاً
سينمائياً وسمات حياتية نرصدها عبر مسيرة عشرات من »دونجوانات« السينما
العربية.
·
زينب الحكيم تكبره بـ 20 عاما وعاش معها الثراء الفاحش
·
ساحر النساء فتنته إقبال نصار في رأس البر
أصاب محمد عبدالوهاب سوء حظ شديد في الطرب والتلحين لكنه بدأ يعرف النجاح
عندما اقتفى اثر الموسيقار سيد درويش, كما التحق بالدراسة في معهد
الموسيقى, ليواصل الليل بالنهار بين الدراسة والعمل في الفرق المسرحية مع
علي الكسار ونجيب الريحاني ومنيرة المهدية وبديعة مصابني. وفي حفل
بالاسكندرية تذكره امير الشعراء احمد شوقي بعد ان منعه من الغناء في
طفولته, وقرر بعد الحفل ان يتبناه ويتعهده بالرعاية والدعم حتى جعله رفيقه
في الحل والترحال وهنا فتحت الدنيا ذراعيها للنجم الواعد ليثمر اجمل
الالحان والاغنيات وبعد النجاح الكبير الذي حققه في الغناء كان من الطبيعي
أن تقبل عليه السينما, ففي أحد أيام 1931 عرض عليه المخرج محمد كريم بطولة
فيلم " الوردة البيضاء "أمام سميرة خلوصي وسليمان نجيب ودولت أبيض وحقق
نجاحا باهرا, جعل عبدالوهاب يكرر التجربة في ستة أفلام أخرى هي "يحيا الحب,
دموع الحب, ممنوع الحب, يوم سعيد, رصاصة في القلب وأخيرا " لست ملاكا"
الذي تم تصوير جزء منه بالألوان الطبيعية للمرة الاولى في تاريخ السينما
المصرية .
الزواج
في فترة عمله بالسينما منذ عام 1932 وحتى 1945 أصبح عبدالوهاب أغلى مطرب في
مصر والعالم العربي, وكانت الطبقات الراقية تتنافس على التعاقد معه لإحياء
حفلاتها, أصبحت نساء الطبقة الارستقراطية تتهافت على عبدالوهاب, وكل فتاة
في مصر تتمنى أن ترى عبدالوهاب وتستمع إلى صوته, وأصبحت كل فتاة من الأسر
الكبيرة تتمنى أن يراها عبدالوهاب ويطلب يدها, وتحولت حفلاته إلى عرض ازياء,
وفي هذه الفترة ظهرت في حياته زينب الحكيم المرأة الغنية التى تمتلك ألف
فدان وثروتها تقدر بثلاثة ملايين من الجنيهات في ذلك الزمان لكنها تكبره
بنحو 20 عاما, وكانت الحكيم ترقد على كنز ولم تفتح طاقة هذا الكنز إلا
لعبدالوهاب وحده اذ كان ثراؤها الفاحش حديث مصر كلها, وتقدم للزواج منها
باشاوات وأمراء لكن قلبها لم يدق إلا للمطرب الشاب الذي اغدقت عليه الهدايا
الثمينة التي لم يكن يحلم بها, فقدمت إليه ازرار القمصان من الزبرجد, ومرة
أخرى دبوسا من الماس لربطة العنق, ودعته للسفر إلى أوروبا على حسابها الخاص
عدة مرات, وكان لا يشتهي شيئا إلا وجده أمامه, فغرق عبدالوهاب في حبها
وتزوجها, كانت زينب هانم المليونيرة تعيش في قصر فخم جدا في الزمالك يحسدها
عليه جيرانها من أصحاب الملايين, وبعد زواجها من عبدالوهاب علمته كيف يصبح
رجل صالون وأمضى عبدالوهاب ثلاث سنوات مع صاحبة الملايين ثم بدأ الخلاف
يزلزل جدران القصر بسبب غيرتها الشديدة عليه, وتدخلاتها في كلمات أغنياته
واختيار بطلات أفلامه, وضاق عبدالوهاب بهذه التصرفات وكلما ازدادت مطاردتها
له, ازداد ابتعادا عنها, إلى أن شاهدته مرة أمام إحدى دور العرض وبجواره
فتاة شقراء يوقع لها على الأوتغراف وهو يبتسم فنزلت من سيارتها وخطفت
الأوتغراف ومزقته وضربت الفتاة الشقراء, فغضب عبدالوهاب وتركها وانصرف
غاضبا, وبعد أيام قام بإرسال ورقة الطلاق لها.
العاشقة
كانت الفتاة الشقراء التي قامت بضربها زوجة عبدالوهاب الأولى هي أميرة من
أسرة حكم محمد علي تهوى الموسيقى والغناء وكتابة الأشعار, وبعدما حدث معها,
بحث عنها حتى عثر على رقم هاتفها, وبعد أكثر من لقاء أستطاع أن يغزو قلبها,
وتغزو قلبه, لكن وقف القصر الملكي حائلا دون حبهما, وحتى لا يسبب لها حرجا
مع عائلتها انسحب المطرب الشهير من حياتها.
وحتى ينسى حبه مع بنت الأمراء سافر عبد الوهاب إلى رأس البر ونزل في فندق "كورتيل"
الشهير حيث كانت بانتظاره مغامرة نسائية جديدة.
وفي أحد أيام الصيف انبهر بفتاة رائعة الجمال, وتابع عبدالوهاب الفتاة
بنظراته حتى اختفت عن الأنظار, وبدأ يتابع تحركاتها فاكتشف إنها زوجة
ولديها طفل وتدعى إقبال نصار, ورغم معرفته بكل هذه المعلومات لم ييأس وظل
يرصد تحركاتها, ولاحظت هي اعجاب عبدالوهاب بها, وكانت في هذه الفترة تعاني
خلافات مع زوجها, وبدأ عبدالوهاب عن طريق صديقة للطرفين يقترب منها أكثر
وتأججت نيران الحب في قلب ساحر النساء, وبعد شهور من معرفته بإقبال حصلت
على الطلاق وتم زواجها من عبدالوهاب عام 1944 وأنجبت له خمسة أولاد هم عفت
و عائشة وعصمت ومحمد وأحمد, وبعد زواج دام 14 سنة انفصل عبدالوهاب عن أم
أولاده, نتيجة فرضها رقابة على تحركاته وغرامه ببعض الفنانات مثل أسمهان,
ليلى مراد, سامية جمال.
ولم تكن أميرة الأسرة الحاكمة هي الوحيدة التي وقعت في غرام محمد عبدالوهاب,
إذ كانت حياة عبدالوهاب في الفترة بين 1925 و1944 نساء وألحانا, كان يلحن
ليلا ونهارا وحوله المفتونات به, وهن غالبا من الطبقة الأرستقراطية وإذا
غنى في أحد البيوتات الكبيرة جلست تحت قدميه العشرات منهن وكان عبدالوهاب
يعجب بنوع خاص من النساء, يستهويه القوام الفارع بغير طول, المليء بدون
سمنة, والبشرة البيضاء المشربة بالحمرة, والشعر الأسود, والرقبة التى تجيد
الالتفات, ولم يتوقف الأمر عند نساء الطبقة الأرستقراطية فكثير من الفنانات
اللاتي مثلن في أفلامه وقعن في غرامه أولهن ليلى مراد ويقول الكاتب الكبير
الراحل صالح مرسي في كتابه عن ليلى مراد عن مذكرات منحتها له بصوتها أنه
أثناء مشاركتها في بطولة فيلم " يحيا الحب" وقعت في غرامه لشوشتها, لكنه
كان يتجاهل ذلك, بسبب صداقته لوالدها الفنان زكي مراد .
ويحكي الكاتب صالح مرسي أنه في أحد الأيام انتهزت ليلى فرصة وجودهما
بمفردهما أثناء تصوير بعض مشاهد فيلم "يحيا الحب" في الإسكندرية, وقالت "
اسمع يا أستاذ أنا عاوزة أقولك على حاجة "فوجئ عبدالوهاب بالحديث فالتفت
إليها ببطء وقال لها ماذا تريدين يا مدموزيل ليلى? فقالت له :أنا بحبك !
فانفجر ضاحكا, فاستكملت ليلى:" أنا بحبك قوي قوي مش قادرة خلاص أخبي", وظل
عبدالوهاب على هدوئه وابتسامته, فقالت له " معناها إيه الضحكة دي أنا أحبك"
فاختفت ضحكة عبدالوهاب وقال لها بمنتهى الحسم والصرامة "إيه قلة الأدب دي
إزاي تتجرئي وتقولي لي كده ", ويستطرد صالح مرسي " سدد إليها الطعنة بيد
خبير فأصابت منها مقتلا وجرت دموعها بلا انقطاع ".
( يتبع )
السياسة الكويتية في
02/08/2011
الدونجوانات
محمد عبدالوهاب أفلت من فتنة ومصيدة أسمهان مُعذّبة الرجال
القاهرة - أحمد السماحي:
كرست السينما العربية منذ بداياتها الاولى مواصفات فتيان الشاشة الاوائل,
تتكئ على معايير شكلية وجسدية للفنان »الدونجوان«, فهو معبود النساء, لديه
قدر كبير من الجاذبية والوسامة وبارع في صيد قلوب العذارى. »الجان بريميير«
يجسد حلم الصبايا, فضلا عن انه زير نساء لا يكتفي بواحدة في حياته. بعض
دونجوانات السينما ألقت ادوارهم السينمائية بظلالها على حياتهم الخاصة,
فعرفوا عشرات النساء, والبعض الآخر عاش حياة طبيعية وترك »الدونجوانية« خلف
ظهره. اما البعض الثالث فنجح في قطف ثمار النجومية بموهبة فذة محطما
مواصفات فتى الشاشة الشكلية, ورسخ مفاهيم جديدة تعتمد على الجاذبية
الداخلية ونجومية الاداء بعيدا عن معايير »زير النساء«. نجوم تركوا تراثاً
سينمائياً وسمات حياتية نرصدها عبر مسيرة عشرات من »دونجوانات« السينما
العربية.
·
احترق فؤاده برحيل كاميليا في حادث سقوط الطائرة
·
راقية إبراهيم أطلقت رصاصة في قلبه وانسحبت لاختلاف الديانة
·
ميادة الحناوي غرام خطر كاد يهدم بيت موسيقار الأجيال
·
عرف الاستقرار وغزارة الألحان بزواجه من نهلة القدسي
انتهى الزواج الثاني لموسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب بالفشل, كما الحال مع
زواجه الاول نتيجة الغيرة من النساء, ورغم انه بات ابا لخمسة اطفال, الا ان
حياته لم تتغير وظل كما كان معبودا للنساء, يتنقل من زهرة الى اخرى, يحب
تلك الفنانة, وبعد فترة يتركها لسبب او لاخر وهكذا سارت حياته الى ان عرف
الاستقرار وغزارة الالحان, بعد كثير من الغراميات والمطاردات والحكايات.
لم تكن ليلى مراد النجمة الوحيدة التي وقعت في غرامه, ففي الفترة نفسها
كانت الرائعة أسمهان ملء السمع والبصر, والكل يتمنى رضاها وحبها, خاصة بعد
النجاح الساحق لفيلم "انتصار الشباب", لكنها وكما يقول المحامي والمنتج
مجدي العمروسي في كتابه عن عبدالوهاب, كانت تهوى تعذيب الرجال, فأي رجل
يقترب من نورها لابد أن يحترق, إلا عبدالوهاب الذي ابتعد عنها ولم يبادلها
الحب لان صديقه الكاتب الصحافي محمد التابعي كان غارقا في حب أسمهان, لهذا
قرر عبدالوهاب الهروب سريعا رغم إعجابه الشديد بأسمهان كامرأة ومطربة, ولم
يستجب لمطاردات أسمهان له والذهاب خلفه في كل مكان.
وإذا كان عبد الوهاب استطاع أن يقاوم براءة ليلى مراد وفتنة أسمهان إلا أنه
غرق في الحب مع الفنانة الجميلة راقية إبراهيم التي وقفت تمثل أمامه في
فيلم "رصاصة في القلب "قصة توفيق الحكيم وإخراج محمد كريم, كانت راقية
ترتدي أفخم الثياب, وتسافر سنويا إلى باريس تتابع أحدث خطوط الموضة, وعندما
بدأ عبدالوهاب يمثل أمامها دق قلبه بعنف, فالبطلة هذه المرة فيها كل
المواصفات التى يحلم بها ويتمناها فهي فارعة الطول وجميلة وتتمتع بذكاء
حاد, فبدأ يقترب منها, حتى يدربها على الثنائيات الغنائية مثل "حكيم عيون",
و"يا جلاس", وأحبت راقية الأستاذ خاصة أنه كان محط أنظار كل النساء, وكبرت
قصة الحب خلال أيام التصوير, وبدأ الفنانون يتحدثون عنهما, وبذكاء شديد
قررت راقية أن تبتعد بعد ان وصلت قصة الحب للصحف وبدأت الشائعات تنتشر عن
مطاردة راقية لعبدالوهاب, وهذا ما أغضبها, ومع نهاية الفيلم أسدلت الستار
على قصة الحب لأنها كانت مقتنعة أن الحب لن يكلل بالزواج نظرا لاختلاف
الديانة, فعبد الوهاب مسلم ومن بيت متدين, وهي يهودية, فانسحبت بهدوء.
في عام 1946 بدأ عبدالوهاب تجهيز فيلم "لست ملاكا", وأثناء التحضير وجد
المخرج محمد كريم أن البطلة لابد أن تتمتع بصوت جميل, لأن الدور يتطلب غناء
بعض الاعمال الصعبة, فطلب الى صديقه الموسيقار المحبوب أن يختار مطربة
تشاركه بطولة الفيلم بجوار الفنانة ليلى فوزي, فقفزت ليلى مراد على الفور
إلى ذاكرة عبدالوهاب, وقرر أن تشاركه البطولة خاصة أنها تتمتع بصوت رائع
وأصبحت بعد فيلمها الأول معه نجمة كبيرة فأخذ السيناريو وذهب إلى ليلى مراد
فوافقت على الفيلم لكنها اشترطت أن تحصل على 5000 جنيه, وهو الأجر الذي
حصلت عليه في آخر فيلم قامت ببطولته, فمسح عبدالوهاب نظارته وفر هاربا!
ورأى أن يسند البطولة لمطربة لبنان نور الهدى التي حققت نجاحا كبيرا مع
يوسف وهبي في فيلم "جوهرة" وعرفها عن طريق صديقه الشاعر كامل الشناوي,
فرحبت وبدأ تصوير الفيلم ومع مرور الأيام بدأ عبدالوهاب يشعر بعاطفة نحو
بطلته الجديدة, وبدأت قصة الحب التي في السيناريو تتحول على أرض الواقع إلى
قصة حب ملتهبة بين النجمين, لكن الأب الحكيم الذي كان لا يترك ابنته إلا
نادرا, تدخل في الوقت المناسب وكتب بيده كلمة النهاية لقصة الحب قبل أن
تشتعل, فلم يترك عبدالوهاب ينفرد بابنته مهما حدث وبهذا قطع على ابنته وعلى
عبدالوهاب طريق اكتمال قصة الحب.
اما أعنف وأقصر قصة حب في حياة الموسيقار محمد عبدالوهاب فكانت كما يقول
صديقه المحامي والمنتج العمروسي في كتابه عن الموسيقار محمد عبدالوهاب
للفنانة كاميليا التي تتمتع بجمال أخاذ يلهب الشعراء والملحنين, تعرف اليها
عبدالوهاب في منزل الفنان والمخرج أحمد سالم, وكانت كاميليا تقيم في منزلها
سهرات لبعض الأصدقاء المقربين منها, وكل سهراتها تتميز بالضحك وخفة الظل
ويحضرها عدد قليل من الفنانين من¯¯هم تحية كاريوكا, أسم¯¯¯¯¯هان, أم كلثوم,
كامل الشناوي, وبالطبع أحمد سالم, وبدأ عبدالوهاب يتودد لكاميليا ولا يترك
سهرة من سهراتها إلا ويحضرها ويغني فيها, وبدأ حب النجمة الجميلة يتسلل إلى
قلبه, لكنها تسافر فجأة وتحترق بها الطائرة ويحترق قلب عبدالوهاب على
فراقها.
الزوجة الثالثة
وعندما سئل عبدالوهاب بعد طلاقه من زوجته الثانية إقبال نصار عما اذا كان
يفضل الحياة دون زواج أجاب ان الزواج قدر لا نستطيع صده ولا رده وما كنت
أرضى بأن يكون قدري أي زواجي ضرة لفني, وهذا هو سبب الخلاف بيني وبين
إقبال, وفي عام 1958 بدأت قصة غرامه مع نهلة القدسي, وبدخولها حياة
عبدالوهاب تغير كثيرا وبدأ يعيش حياة مستقرة, قدم من خلالها مئات الألحان
لعدد كبير من الاصوات منهم ام كلثوم, رجاء عبده, نادرة, ليلى مراد, فايزة
أحمد, وردة, نجاة الصغيرة, نجاة علي, صباح, شادية, عبدالحليم حافظ, سعد
عبدالوهاب, محمد ثروت, سوزان عطية وغيرهم من المطربين.
وبعد 22 عاما على زواجه من نهلة القدسي وفي عام ,1980 عرف الموسيقار الكبير
أخطر تجربة حب في حياته المليئة بقصص الحب, كان "حبا خطرا مجنونا", كاد
يهدم بيت عبدالوهاب, وتسبب في منع مطربة جميلة الصوت والشخصية من الدخول
إلى مصر 15عاما, ففي عام 1980 كان يصطاف عبدالوهاب وزوجته نهلة القدسي في
سورية, وفي ليل الصيف يحلو السهر والغناء, فاقترح أحد الأصدقاء المقربين من
عبدالوهاب أن يتسع صدر الموسيقار الكبير ويستمع إلى موهبة شابة تتمتع بصوت
جميل, فرحب على الفور وحضرت بنت سورية جميلة الصوت والصورة تدعى فاتن
الحناوي وأدت أغنيات لأم كلثوم وعبدالوهاب وصالح عبدالحي وغيرهم من أساطين
الغناء في مصر والعالم العربي, ونالت المطربة الشابة إعجاب الموسيقار
الكبير, وبدأت المطربة الشابة تتردد على الفندق الذي يقيم فيه, وفي إحدى
المرات اصطحبت معها شقيقتها الصغرى ميادة, التى تتمتع بجمال أخاذ ذكره على
الفور بجمال أسمهان, فاستولت الفتاة الصغيرة على عقل الموسيقار الكبير
وزاده اعجابا بهذه الفتاة أنه وجدها تتمتع بصوت جميل ساحر, ولاحظت زوجته
نهلة علامات الحب عليه فأنهت إجازة الصيف بسرعة وطلبت العودة إلى القاهرة,
وبعد تردد وافق الزوج على طلب زوجته, لكنه قبل أن يترك سورية طلب الى ميادة
أن تزوره في القاهرة, حيث قرر أن يتبناها, وينتج لها ألبومات عبر شركته
وذات يوم استيقظ عبدالوهاب على هاتف من ميادة تخبره إنها في القاهرة, فطلب
اليها أن تحضر على الفور لمنزله وفي الميعاد كان يجلس في صالون منزله
الراقي يستقبل المطربة السورية, ولاحظت نهلة أن زوجها الذي لا يتحدث كثيرا
ويفضل الصمت عن الكلام, يتحدث كثيرا وفي موضوعات مختلفة مع المطربة الجديدة
والأكثر من هذا أنه يضحك كثيرا, والسعادة بادية على وجهه, وفي اليوم التالي
كان عبدالوهاب يقرأ لميادة كلمات أغنية " في يوم وليلة" وتردد خلفه وهي لا
تصدق نفسها هل يمكن أن تكون أول أغنية تشدو بها في مشوارها من ألحان
الموسيقار العبقري? وبدأت تتردد يوميا على منزل عبدالوهاب, والحب ينمو يوما
بعد يوم في قلبه, ومن بعيد تراقب زوجته التغيرات التي تحدث, وفي الوقت
المناسب تدخلت الزوجة الوفية لتكتب بيدها كلمة النهاية لقصة حب عبدالوهاب
للمطربة الشابة ميادة, حيث استغلت علاقاتها بكبار رجال الدولة في هذا الوقت
وطلبت اليهم ترحيل المطربة السورية ومنعها من دخول مصر, وذلك بالتعاون مع
وردة الجزائرية كما قالت ميادة بنفسها قبل فترة.
ومرت الأيام والشهور والسنوات وفي شهر مايو عام 1990 رحل عن حياتنا محمد
عبدالوهاب بعد أن ترك لنا نبعا لا ينضب من الألحان الرائعة.
(انتهى)
السياسة الكويتية في
03/08/2011 |