كرم مهرجان كارلوفي فيفاري السينمائي الدولي المنعقد الآن في هذه المدينة
التشيكية الممثلة البريطانية الشهيرة جودي دينش بمنحها جائزة كرة أرضية من
الكريستال وهي الجائزة الأرفع التي يقدمها هذا المهرجان وذلك تقديرا لدورها
في أغناء السينما العالمية.
دينش التي تعتبر أفضل ممثلة مسرحية "عبر العصور" من قبل الخبراء ومرتادي
المسارح وفق استطلاع أجرته مجلة " خشبة المسرح " حاصلة أيضا على جائزة أحسن
ممثلة عن دور ثانوي قامت به في عام 1998 في فيلم " شكسبير في الحب " ولذلك
قالت بانها ستضع هذه الجائزة الجديدة لها إلى جانب الاوسكار لأنها ستبدو
وكأنها زوجة الاوسكار.
جودي وخلال وجودها في المهرجان ردت على العديد من الأسئلة التي وجهت لها في
المؤتمر الصحفي الذي عقدته بعد منحها الجائزة أكدت فيه أن الجوائز هي أمر
مسر غير أن الإنسان يتوجب عليه أن يتذوق هذا الشعور ليوم واحد فقط أما صباح
اليوم الثاني فيتوجب عليه التوجه إلى العمل وان يبذل نفس الجهد على الأقل
الذي كان يبذله قبل الحصول على الجائزة.
·
كيف وصلت إلى ممارسة مهنة
التمثيل؟
ــ أردت في البداية أن أكون مؤلفة مشاهد أما شقيقي الذي كان يمارس التمثيل
فهو الذي دفعني إلى التوجه إلى التمثيل وقد اعتبرت في البداية الأمر بأنه
نوع من التنوع غير أنني عشقت في النهاية التمثيل والآن لا يمكن لي أن أتصور
أن افعل أي شيء أخر في حياتي غير التمثيل ولذلك فعندما يسألني الناس الآن
فيما إذا كنت سأتقاعد فإنني أدق على جبهة الرأس وأقول ولماذا يتوجب علي ترك
شيء يسليني.
·
هل تستطيعين القول بماذا يسليك
التمثيل؟
ــ أنا من النوع الذي يحب تعلم الأشياء الجديدة والتمثيل هو تعلم مستمر
فعندما يسند إلى دور أحاول أن افهم ماذا يريد المؤلف قوله وفي نفس الوقت
معرفة وجود مثل هذا الدور في داخلي وبفضل ذلك أتعرف ليس فقط على نفسي وإنما
على العالم من حولي وبالتالي فان الأمر يسليني لأنه معرفة لا نهاية لها.
·
بماذا يختلف التمثيل المسرحي عن
السينمائي حسب رأيك؟
ــ في السينما يكفي أن يتم التقاط صورة تفصيلية للعين أما في المسرح فيتوجب
على الممثل أن يسعى أن يفهم مشاعره المشاهد الذي يجلس في الشرفة ولذلك هو
عمل من نوع مختلف وعدا ذلك فانا في البداية توجهت للتمثيل المسرحي لان احد
المخرجين قال لي مرة بان مثل هذا الوجه البشع لي يجعلني غير قادرة على
العمل في السينما وبسبب ذلك مثلت مختلف الأدوار النسائية التي عرضت على
ممثلات في المسرح الأمر الذي لم يكن مفيدا أبدا في هوليود.
·
ولماذا تم ذلك؟
ــ عندما حضرت إلى الولايات المتحدة فإنهم كانوا يعرفوني فقط بأنني السيدة
براون و " إم " من أفلام جيمس بوند وسألوني فيما إذا كنت قد مثلت أشياء
أخرى؟ أما جميع الأدوار التي قمت بها في مسرحيات شكسبير وتشيخوف فلم تعني
أي شيء في الولايات المتحدة؟
·
على الرغم من كثرة الأدوار التي
قمت بها فان الناس يتذكرونك دائما على انك " إم " في أفلام جيمس بوند.
ــ هل كنت حقيقة ساحرة في هذه الأفلام؟ صحيح أن الدور في أفلام جيمس بوند
كان صغيرا وبسيطا غير أن له سحره لأنه بفضل هذا الدور أستطيع أن اظهر بأنني
اعلم بأشياء لا اعرفها في الواقع كما أن الشيء الرئيسي هو أنني أستطيع بفضل
هذا الدور أن اجعل جيمس بوند يقف أمامي باستعداد ولذلك فحتى حفيدي الذي
عمره 14 عاما يسليه أكثر دوري في أفلام جيمس بود رغم انه يحب شكسبير.
·
وكيف عشت اللحظات التي مثلت فيها
في الجزء الأخير من قراصنة الكاريبي؟
ــ هل تشيرون إلى الدور الذي استغرق عدة ثوان وكان من دون كلام؟ لقد عشت
لحظات سعيدة بفضل جوني ديب الذي أنا على استعداد لفعل أي شيء له ولهذا
فعندما طلب مني المخرج روب مارشال أن امثل في قراصنة الكاريبي قلت له باني
مع جوني ديب على استعداد لتمثيل دور ولو استغرقت اللقطة ثانية فقط فقد سبق
لي وان مثلت معه قبل تسعة أعوام فيلم الشكولاته وكان الأمر مسرا جدا ولهذا
وافقت على الدور الصغير الذي اسند لي في قراصنة الكاريبي ولم يخيب جوني ديب
ظني.
·
أنت مشهورة بأنك ممثلة شكسبيرية
فبماذا تكمن استثنائية شكسبير؟
ــ أستطيع التحدث عن هذا الأمر لساعات طويلة وأنا مع زوجي نقول مداعبة بان
شكسبير يدفع لنا أجرة المنزل ولكنه في الحقيقة كان عبقريا ولا يستطيع أي
كاتب في العالم مثله توصيف المشاعر الإنسانية مثل الشغف ، الحب، الكراهية،
الطمع والحسد وأي شيء أخر والشيء الأخر انه أجاد كتابة الكلمات الجميلة أما
الاستماع إلى شعره فهو لذة كاملة وبفضل شكسبير دائما اكتشف الأشياء.
·
هل تشاهدين أفلامك؟
ــ أنا لا ابحث عنها بالتأكيد ولدي إشكالية تكمن انه في حال مشاهدة أي لقطة
فإنني أتذكر مار افقها من أحداث أثناء التصوير الأمر الذي يمنعني من
التركيز على الفيلم ولذلك يتوجب علي ترك فسحة من الزمن بعيدة حتى أستطيع
مشاهدتاها وبطبيعة الحال فإنني سأظل اشرح التفاصيل والتفكير كيف كان بالا
مكان إنجاز الدور بشكل أفضل ولكن على الأقل سأخز شيئا ما من هذه المشاهدة
أما الآن فان هذا الشيء لا يمكن لي الحصول عليه.
إيلاف في
09/07/2011
«الفيل في المنديل»
أول هزائم فناني القائمة السوداء
القاهرة - ا. ف. ب- استطاع الجمهور المصري ان يحقق اول انتصار له على فناني
القائمة السوداء، عندما قاطعوا حفلات فيلم «الفيل في المنديل» بطولة طلعت
زكريا احد الذين هاجموا متظاهري التحرير واساؤوا إليهم في مقابلات
تلفزيونية.
لم يستطع الفيلم ان يجتذب الجمهور رغم كثافة الدعاية التي رافقته، وذلك
استجابة من الجمهور لموقف متظاهري ميدان التحرير الذين اعتبروا الفنان
الكوميدي طلعت زكريا على رأس فناني القائمة السوداء.. هؤلاء الذين هاجموا
متظاهري التحرير واساؤوا اليهم، الى جانب مساندتهم الرئيس المخلوع محمد
حسني مبارك.
أرقام حقيقية
ورغم رفض شركات التوزيع والمنتج محمد السبكي اعلان الارقام الحقيقية حتى
الان، فان الرقم كما يؤكد بعض متابعي ايرادات السينما لم يتجاوز 350 الف
جنيه (55 الف دولار)، في حين يؤكد اخرون انه لم يتجاوز سقف 100 الف جنيه
(18 الف دولار)، وذلك بعد مرور ثلاثة اسابيع على بداية عرضه التجاري.
واعتبر الناقد السينمائي طارق الشناوي ان «ما جرى بالنسبة لايرادات فيلم
«الفيل في المنديل» هو نوع من العقاب الجماهيري العادل لطلعت زكريا لاساءته
لثورة 25 يناير وللجماهير المشاركة».
وكانت مطالبة بمقاطعة الاعمال الفنية للاسماء التي تضمنتها القائمة
سينمائيا وتلفزيونيا، بالإضافة إلى مقاطعة سوق الكاسيت الخاص بالمطربين
الذين تضمنتهم القائمة.
فدفع ذلك بمنتجي ومخرجي فنانين أدرجت اسماؤهم في القائمة السوداء، الى
تأجيل عرض افلامهم كما حصل مع الفنانة غادة عبدالرازق التي تم تأجيل عرض
فيلم «كف القمر» الذي تشارك في بطولته من إخراج خالد يوسف وانتاج كامل ابو
علي، اكثر من مرة.
حاجز المقاطعة
بالنسبة إلى الشناوي «سينتظر خالد يوسف حتى يتم عرض مسلسلات غادة عبدالرازق
في رمضان. اذا كانت المقاطعة شديدة لها، فسيؤجل عرض الفيلم. أما اذا
استطاعت ان تكسر حاجز المقاطعة فانه سيطرح الفيلم للعرض في موسم عيد
الفطر».
وتابع «الا ان نجاح المسلسل الذي سيعرض لن يشكل مقياسا مهما، خصوصا ان هناك
فارقا بين مسلسلات مجانية تطرحها التلفزيونات وبين افلام يدفع الجمهور لقاء
مشاهدتها، يضاف الى ذلك ان المسلسل الذي راهنت عليه غادة سيعرض على قناة
خليجية».
وعلى صعيد المسلسلات ايضا، تراجع الفنان عادل امام والمنتج صفوت غطاس عن
استكمال العمل في مسلسل «فرقة ناجي عطاالله»، فتم تأجيله إلى العام المقبل
خصوصا ان التلفزيون المصري اكتفى بدفع 12 مليون جنيه من قيمة انتاج
المسلسل، وقد توقف عن دفع الالتزامات الاخرى في ما خص الانتاج.
قائمة سوداء
على الصعيد الغنائي، فان حجم المقاطعة التي يتعرض لها تامر حسني اول مطربي
القائمة السوداء، يشير الى ان البومه الجديد «اللي جاي احلى» لم يحقق نجاحا
يذكر، إذ لم يجمع في الايام الاولى لطرحه في السوق اكثر من 150 الف جنيه
مصري (27 الف دولار)، في حين كان يحصد في السابق ملايين الجنيهات في الايام
الاولى لطرح الالبوم.
وهذا يشير الى ان حجم مقاطعة تامر حسني ستأتي كبيرة في ما خص اول مسلسل
يؤدي فيه دور البطولة «ادام». ويتوقع الا يجمع اعلانات كافية لتغطية تكلفة
انتاجه. الا ان الناقد طارق الشناوي يشير الى «اختلاف ما بين مقاطعة
الممثلين من جهة والمطربين من جهة اخرى».
واوضح ان «الاختلاف يأتي من ان المطربين يتتبعهم عادة عشاق خاصون بهم يصل
عشقهم لمطربهم المفضل لدرجة الجنون، مثل مجانين عبدالحليم حافظ وفريد
الاطرش. وهنا يمكن ان يكون تأثير المقاطعة اقل بالنسبة للمطربين مقارنة مع
الممثلين».
القبس الكويتية في
09/07/2011
'أيام
السينما المغربية' في دمشق
ميدل ايست أونلاين/ دمشق
مهرجان جديد يهدف لتعريف الجمهور السوري بالنتاج السينمائي المغربي
المتميز في إطار التبادل الثقافي بين المشرق والمغرب العربي.
تنطلق الأحد السابعة مساءً في سينما الكندي بدمشق فعاليات الدورة الأولى
لمهرجان "أيام السينما المغاربية" بالفيلم التونسي "السيدة" للمخرج محمد
الزرن وذلك بالتعاون بين المؤسسة العامة للسينما ومؤسسة "لقاء" للثقافة
والفنون العربية.
ويستمر المهرجان حتى الثالث عشر من تموز الجاري حيث تعرض خلاله أفلام طويلة
وقصيرة من انتاجات المغرب العربي لكل من بلدان تونس -المغرب- الجزائر-
وموريتانيا في الساعتين السادسة والثامنة مساء.
وأوضح أنيس الخليفي مدير مؤسسة لقاء أن اختيار الأفلام المدرجة ضمن هذه
التظاهرة لا يتعلق بكونها آخر الإنتاجات السينمائية المغاربية، وإنما الهدف
هو تعريف المشاهد السوري بمجموعة من الأفلام المغاربية ذات السوية
السينمائية العالية.
وقال الخليفي "اعتمدنا في اختيار الأفلام على مجموعة من المستشارين
السينمائيين بما فيهم مؤسسات مثل دار السينمائيين الموريتانيين ووزارات
الثقافة المغاربية كما حاولت اختيار الأفلام سهلة التلقي بالنسبة للمشاهد
السوري بمعنى التي لا تحتوي الكثير من مصطلحات اللغة الفرنسية والتي تكون
اللهجة المحكية فيها مفهومة".
وأضاف إن الهدف الأساسي من أيام السينما المغاربية هو الترويج للمنتج
الثقافي المغربي ضمن سوريا علماً أن العملية تبادلية في الاتجاهين حيث
بدأنا الاتصال مع المخرج فاضل الجعايبي من تونس الذي يمتلك فضاءً سينمائياً
سنستفيد منه باستضافة أيام سينمائية سورية وذلك في شهر تشرين الأول القادم
وهو ما سيمثل فرصة لمحبي الاطلاع على الأفلام السورية في تونس خارج إطار
مهرجان قرطاج السينمائي الذي يضم أفلاماً كثيرة من كل أنحاء العالم ومن
ضمنها بضعة أفلام سورية.
ولفت الخليفي إلى أن أيام مهرجان السينما المغاربية ستكون نافذة سنوية
للاطلاع على هذه السينما ومن المتوقع أن تجري دوراته في شهر نيسان من كل
عام مع المحاولة في الدورات القادمة استضافة مخرجي الأفلام الطويلة
والموضوع ذاته سيتم بالنسبة لأيام السينما السورية في دول المغرب العربي.
يذكر أن مؤسسة لقاء للثقافة والفنون العربية تأسست في دمشق في كانون الأول
2010 كمؤسسة تعنى بالتنمية الثقافية والإسهام في تعزيز التبادل الثقافي بين
مشرق الوطن العربي ومغربه عبر التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل
عملية تبادل المنتج الثقافي بين الأقطار العربية وتفعيل قنوات التعريف به
في العالم من خلال النشاطات الثقافية التي تشمل الكتاب والمسرح والسينما
والشعر والموسيقى والفنون التشكيلية والإسهام من خلال أنشطة المؤسسة في
تمكين الأجيال الجديدة من اللغة العربية.
كما تسعى المؤسسة إلى تشجيع المشاريع الجادة في مجال التنمية الثقافية
والترويج لها والعمل على الاستفادة من التنوع الثقافي في الوطن العربي
وتوظيفه في المشاريع الثقافية المشتركة وذلك بدعم دور الشباب في إنتاج
الثقافة وفتح قنوات للتواصل الثقافي مع الجاليات العربية المقيمة في بلاد
المهجر ودعم دورها في إبراز الوجه الحقيقي للثقافة العربية إضافة للاهتمام
بالموروث الثقافي الشعبي وتأكيد المشترك منه في الأقطار العربية والمشاركة
مع الجهات المعنية في إعداد بحوث ودراسات خاصة بالقطاعات والصناعات
الثقافية لإيجاد قاعدة بيانات تساعد في عملية التخطيط الثقافي.(سانا)
ميدل إيست أنلاين في
09/07/2011
الحب المستحيل في فيلم (أيام قليلة للراحة)
ساسية مسادي
افتتح فيلم أيام قليلة للراحة" للمخرج الجزائري المغترب عمور حكار الطبعة
الثانية من الموعد السينمائي "الأيام السينمائية بالجزائر" بقاعة سينماتيك
العاصمة، يتطرق صاحب العمل إلى موضوع المثلية الجنسية بين الرجال والبحث عن
حرية العيش في المجتمعات الإنسانية.
يدور موضوع الفيلم الذي كتب السيناريو الخاص به المخرج عمور حكار، حول
أستاذ جامعي ومصور يفران من إيران عبر الحدود البرية ليصلا إلى فرنسا عن
طريق الهجرة غير الشرعية، هربا من عقوبة الإعدام التي قد تسلط عليهما في
ايران إذا ما كشفت علاقة الحب بينهما، هذا الهرب الذي لن يطول لأن الشرطة
الفرنسية ستقبض على احدهما وترحله لعدم حوزته على الوثائق الرسمية، بينما
يعود المصور بملأ ايرادته إلى أرضه و ينتهي العمل بمشهد العودة في القطار
مع الشرطة، ثم تكتب لافتة في النهاية تقول "حسن ومحسن شنقا بعد أربعة
أشهر".
لا يعرض العمل كيفية هروب البطلين من بلادهم وكل المراحل التي اجتازوها
للوصول إلى فرنسا، العمل ينطلق من لحظة دخول التراب الفرنسي أين تبدأ أحداث
القصة التي تسير بوتيرة بطيئة ومتثاقلة وتعبر من علاقة الثنائي إلى طرف
ثالث يظهر في منتصف القصة عندما تقع امرأة عجوز فرنسية في حب الأستاذ
الجامعي، ليعرض العمل بعدها معاناة المهاجرين غير الشرعيين ومشاكلهم مع
الوثائق الرسمية. ويظهر في الفيلم أيضا حالة الاكتئاب التي يعيشها إنسان
المجتمع الغربي من خلال حادثة انتحار الشيخ الذي التقاه البطلان في بداية
رحلتهم داخل فرنسا.
يستمر المخرج الجزائري عمور حكار، صاحب فيلم "البيت الأصفر"، عبر أعماله
السينمائية البحث في المشاعر الإنسانية، في محاولة منه إلى منح مساحة كبيرة
تظهر مشاعر الإنسان المتسعة للحب، والشغف والرغبة حتى وإن كانت رغبة غير
طبيعية عندما يتعلق الأمر بعلاقة حب بين اثنين من جنس واحد. ولكن الحب
المستحيل ينتهي بالفشل وتنتهي العلاقة غير السوية بالموت في دولة مثل
إيران.
تبدو قصة الفيلم متصلة بذهن المخرج وبتلك الأفكار التي يريد سردها أكثر من
اتصالها بالواقع، وتبدو شخصيات العمل تائهة تسير في وجهة مجهولة بالرغم من
أنها تدرك المكان الذي تريد الوصول إليه، فتظهر الشخصيات منفصلة عن الواقع
لا خلفية لها، فالرجلين الإيرانيين مثلا ليسا مندمجين في المجتمع الغربي
وليسا مرتبطين بتقاليد المجتمع الإيراني وحتى وإن صورهما كاتب السيناريو
على أنهما مثقفين ويتقنان الفرنسية إلا أنه ومن الطبيعي أن تطغى حياة الأصل
على حياتهم الجديدة.
تصوير العلاقة العاطفية بين الرجلين دون الدخول في تفاصيلها الحميمية كان
رهانا صعبا على المخرج، ولذلك لم يظهر من مشاهد العلاقة إلا مشهدين الأول
تمثل في ظهور المخرج عمور حكار والذي أدى دور محسن عاريا، ومشهد حسن سمير
قاسمي وهو يداعب وجه محسن برومانسية.
ثم تظهر العلاقة العاطفية بين المرأة الفرنسية التي أدت دورها الفنانة
الفرنسية الكبيرة مارينا فلادي ومحسن لتكون هي نقطة الصراع في قصة العمل
التي تصل إلى ذروتها عند إلقاء الشرطة الفرنسية القبض على محسن واقتياده
إلى السجن لعدم حوزته على الوثائق، بعدها سيترك المخرج القدر يتحكم في نسج
ما تبقى من خيوط القصة حيث سيجتمع الرجلين من جديد في قطار واحد ليعودا إلى
ارض الوطن إيران.
تتحرك أحداث الفيلم بوتيرة بطيئة ترصدها الكاميرا متثاقلة تركز على أوجه
الممثلين في لقطات كبيرة تتناسب مع ما أراد المخرج أن يركز عليه في العمل
وهو الدخول إلى نفسية ومشاعر شخوصه والغوص في أفكارهم وإعطاء البعد
الإنساني لفيلمه.
أدب فن في
09/07/2011
"سمك فوق سطح البحر".. محاولة على الطريق
رانية عقلة حداد
الطريق الممتدة أمامنا تبدو مغرية ومحفزة على الاكتشاف، والموسيقى المصاحبة
تضاعف هذا الإحساس، في لقطة عامة نتحرك مع السيارة باتجاه المجهول؛ طريق
نائية، غامضة، لكن دافئة في آن، تلك هي اللقطة الأولى الموفقة من الفيلم
الروائي الطويل الأردني "سمك فوق سطح البحر"، إخراج حازم بيطار، الذي افتتح
عرضه الأول الأحد الماضي، لكن ما يلبث المرء أن يدخل هذا الجو المحفز
والمشوق، حتى يقطع المخرج إلى مشهد حواري بين شخصيتين؛ المحامي وطلال -ابن
المرحوم - في لحظة قراءة الوصية، ثم تتناوب اللقطات بين الطريق وحوار
الشخصيتين، ومن هنا تحديدا تبدأ مشاكل الفيلم؛ بداية شكل المعالجة هذا
والانتقال بين حدثين لم يُستثمر في تدعيم شعور الغموض والرغبة بالاكتشاف
الذي خلقته اللقطة الأولى لدى المتلقي، إنما قطع المخرج هذا الشعور وتلك
الرغبة، فقط لاعطاء المتلقي معلومات ومعرفة بالمسوغ الذي سيجبر طلال (ربيع
زريقات) على الذهاب إلى منطقة غور المزرعة، لبيع منزله هناك - كل ما تبقى
من ثروة والده المهدورة- فيسدد بثمنه البنك ويفك رهن بيته في عمان، كذلك
كان من الممكن تأجيل معرفة سر السمكة في الزجاجة التي ورثها طلال، واستثمار
هذا الرمز بشكل أفضل في بنية الحكاية، وفي خلق التشويق. ثانيا لم نرَ
استمرارية أو استثمار للاسلوب والبناء الزمني المستخدم في المقدمة على باقي
مجريات الفيلم، حيث يبدأ الفيلم بلقطة الطريق التي يسلكها طلال بسيارته نحو
غور المزرعة، والتي يأتي ترتيبها زمنيا بعد مشهد فتح الوصية وكنتيجة له، ثم
ينتقل إلى زمن سابق عليه وهو زمن فتح الوصية، ويستمر التناوب بين الزمنين
في مقدمة الفيلم، خالقا ايقاعا سريعا نسبيا، ومعززا لشعور الترقب والغموض
والتشويق عند المتلقي، لكن إبعد ذلك يواصل الفيلم سيره الزمني كرونولوجيا،
وبايقاع ، وكأن مقدمة الفيلم تتبنى أسلوبا وايقاعا مختلفا عن باقي أجزائه.
المكان والشخصيات
بنى المخرج فيلمه بالاعتماد على تجربته الشخصية هو وربيع زريقات مع سكان
منطقة غور المزرعة القريبة من البحر الميت، ليكتشفا عبرها الإهمال الكبير
الذي خصت به الدولة سكان هذه المنطقة، فبقيت احتياجاتهم خارج التغطية،
بالاضافة إلى الظلم الذي لحق بسكان غور المزرعة جراء السطو على ممتلكاتهم
من قبل شخصيات من خارج المنطقة، وهو الألم الذي يحاول هنا المخرج عبر
الفيلم أن يضع أصبعه عليه من دون أن ينجح في تقديمه بالشكل الملائم، إذ من
المفترض أن تشغل منطقة الغور وحياة سكانها -المراد ابرازها- حيزا محوريا في
الفيلم، لكن المخرج يمنح هذا الحيز الكبير لشخصية طلال لحياته ولمعاناته
إثر صدمته بفقد ثروة أبيه، وتشرده في شوارع وسط عمان وفنادقها المتهالكة،
ثم ذهابه إلى منزله في غور المزرعة، حيث تبدأ علاقة لطيفة بالنشوء بينه
وبين الشخصية الرئيسية الثانية أبي داوود (عبدالله دغيمات) ابن الغور - خصم
طلال في النزاع على منزل المزرعة- الذي ما من شيء يثبت ملكيته للمنزل سوى
شهود على كلمة شرف اعطاها اياها والد طلال قبل وفاته مقابل عمله في
المزرعة، في حين ان طلال يمتلك الأوراق الرسمية التي تثبت ملكيته هو لها،
لكن أغلب الأحداث بينهما تنحصر مكانيا في هذا المنزل ونطاق ضيق أمامه -كلعب
الأولاد في الشارع، والاجتماع حول اللحمة الزرب- وباستثناء مشهد يتيم في
مزرعة صغيرة للبندورة، ليس هناك ما يقربنا من حياة المزارعين سكان تلك
المنطقة ومعاناتهم، كما يقدم المخرج عددا كثيرا من اللقطات البعيدة لطلال
والمكان حيث يظهر الطريق ونسيج الغور العمراني في خلفية اللقطة، مبرزا
جماليات المكان في كادر جميل، لكن هذه اللقطات والحيز الكبير الذي تشغله من
بناء الفيلم من شأنها أن تبني وتؤسس في ذهن المشاهد لعلاقة مؤثرة سيمارسها
المكان على طلال، توحي بأنها ستقود إلى انعطاف ما في شخصيته أو خيارته بعد
رحلة اكتشافه وتأمله العميق لهذا المكان، لكن شيئا من هذا لم يحدث في
النهاية، وعدم توظيف هذه اللقطات في خدمة البناء الدرامي، يجعل المتلقي في
نهاية الأمر يستقبل هذا الكم من المَشَاهد على سبيل الاستعراض السياحي
التعريفي بالمكان فقط، محتفظا عن المكان بالمسافة البعيدة ذاتها التي
تفرضها حجم اللقطة، اذن شخصية طلال على مدار الفيلم بقيت ثابتة بدون أي
تغيير يطرأ عليها، لا كما توحي المشاهد التي تجمعه بالمكان، في المقابل
يمكن رصد التحول في شخصية أبي داوود بعد ذهابه مع طلال إلى عمان لاتمام
المعاملات الرسمية لرهن منزل المزرعة، فعندما يَغدُر طلال به، يحدث التحول
في خياراته، فيبقى في عمان ليعمل بائعا للجرائد في الشارع، بالطبع هذا
الخيار والتحول غير مقنع لشخص أظهر قبل بضع دقائق رفضه القاطع البقاء في
عمان، وأبدى تمسكه بالغور كسمكة لا تستطيع أن تعيش بدون ماء، لكن فجأة ذهب
موقفه السابق أدارج الرياح، من ناحية أخرى رغب المخرج بإظهار طيبة وبساطة
ودفء أهل الغور ازاء سوء أهل المدينة التي يمثلها طلال، نتفهم ونقدر هذا
لكن ليس للحد الذي تبدو فيه شخصية أبو داوود ساذجة يمكن أن تقع من جديد في
مصيدة طلال بسهولة، كما حدث في الفيلم.
لكن لا يمكن إلا وأن نشيد بأداء أبطال العمل ربيع زريقات وعبدالله دغيمات
-ابن الغور- في أدائهما العفوي وغير المصطنع وفي حضورهما الظريف، وبإدارة
المخرج الجيدة لهما، كما لا بد من الاشادة بالموسيقى التصويرية التي أعطت
دفعا للعمل، أما الأغنية الغورانية التي استخدمها المخرج أثناء قيادة طلال
للسيارة في منطقة الغور، كان من شأنها أن تضفي عمقا للفيلم لو أنها وظفت في
مشهد مزرعة البندورة.
محاولة على الطريق
"سمك فوق سطح البحر"... ودلالة الإنسان المرتبط بأرضه، كالسمك لا يمكنه أن
يحيا إلا بتنفس هوائها رغم صعوبات الحياة فيها، كذلك هو الأمر بالنسبة
للمخرج حازم البيطار الذي لا يمكنه إلا تنفس هواء السينما رغم مصاعب العمل
فيها، لكنه أخذ على عاتقه منذ تأسيسه لتعاونية عمان للأفلام على أن يتحمل
العناء، فأخرج وانتج عدد من الأفلام المستقلة ذات المزانية شبه
المعدومة-كما هو الحال في هذا الفيلم حيث تبرع طاقم العمل بجهودهم- كما حاز
عام 2008، على جائزة الفيلم القصير في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي عن
فيلمه "المشهد" - إخراج مشترك مع رفقي عساف- كذلك أقام عدة ورش عمل
سينمائية، ومنح الفرص لعدد كبير من الشباب خوض تجربة الإخراج عبر تعاونية
الأفلام، علاوة على جهده في إقامة مهرجان الأردن للفيلم القصير سنويا...
شغف وجهد يثمن، لكن هذا الرصيد لم يحصنه هنا لتقديم فيلما محكما شكلا
ومضمونا عن بيئة ومعاناة أهالي غور المزرعة، أنما هي محاولة على الطريق، لا
يمكن إلا وأن نقدرها.
أدب فن في
09/07/2011
سمك فوق سطح البحر *
عدنان مدانات
لأجل نقل وجهات النظر النقدية المختلفة حول فيلم المخرج الأردني حازم بيطار
(سمك فوق سطح البحر) ننشر هنا مقال الكاتب عدنان مدانات المنشور في صحيفة
الدستور الأردنية مؤخرا... "أدب فن"
يحتوي ملصق الفيلم الأردني الروائي الطويل الجديد، «سمك فوق سطح البحر»،
للمخرج حازم بيطار، على صورة لسمكة زينة حمراء موجودة في إناء زجاجي صغير،
فيما الإناء موضوع، وسط المياه، على أرضية طرف شاطئ يمتد من ورائه بحر
ساكن، هو «البحر الميت»، الموجود في غور الأردن، والذي سمي كذلك لأنه لا
حياة فيه، وفي أسفل طرفي الصورة، من اليمين ومن اليسار، يظهر وجهان
متباعدان لشخصين مغرقين في صمت حزين، هما بطلا الفيلم. تصميم الملصق جميل
ومعبر، وفي حين قد لا يكون الملصق، أي ملصق، معبراً ـ بالضرورة ـ عن فحوى
الفيلم، إلا أنه، هنا، يشف عن دلالة عميقة، من ناحية المضمون، وحساسية
وجمالية خاصة، من ناحية الشكل، يتضمنها الفيلم.
يتناول الفيلم موضوعاً معاصراً راهناً يرتبط بصميم المشكلة الوطنية
التنموية، ويتعلق بالاستغلال الذي مارسه المتنفذون والأثرياء، في العاصمة
لسكان منطقة الغور المحيطة بالبحر الميت، وأراضيها، فصادروا ـ لصالحهم ـ
خيرات الأراضي، وحرموا مزارعي الغور الفقراء من أيه فرصة لتحسين أوضاعهم.
انطلقت فكرة معالجة هذا الموضوع من كتاب أكاديمي صدر بالإنكليزية، وترجم ـ
مختصراً ـ للعربية، يبحث في العلاقة بين أغنياء العاصمة عمان وفقراء الغور.
الكتاب هو «السياسة والتغيير في الكرك»، من تأليف د. بيتر جوبسير، وترجمه
د.خالد الكركي.
استفاد المخرج من هذا الكتاب كما من خبرته الخاصة، وخبرة العاملين معه، في
أوضاع سكان الغور، فالمخرج سبق له أن أقام عدة من حلقات تعليمية تطوعية
مجانية لأبناء المنطقة، في مجال الحاسوب والتقنيات الرقمية، نتج عنها
مجموعة أفلام قصيرة، فيما الممثل الرئيسي، ربيع زريقات، يدير ـ منذ سنوات ـ
مشروعاً تعاونياً إنتاجياً خيرياً، في المنطقة، بمشاركة من أبنائها، هو
مبادرة «ذكرى»، أما الممثل الرئيسي الثاني، عبدالله الدغيمات، فهو من أبناء
المنطقة، وكان أحد الذين شاركوا في الحلقات التعليمية.
هذه الخبرات المشتركة هي التي أدت إلى معرفة وافية بأحوال المنطقة موضوع
الفيلم، وهي ما سمح لمخرج الفيلم ببناء فيلمه من دون سيناريو مسبق، وإخراجه
وتصويره بطريقة الارتجال، لكن لا الارتجال العشوائي، بل الارتجال القائم
على وضوح الفكرة، ووضوح الهدف، وبساطة الحكاية وأصالتها، ما أدى إلى تماسك
السرد والبنية الدرامية للفيلم، ومتانتهما، ومصداقية معالجة تصرفات
الشخصيات ودواخلها، وبالتالي مصداقية المضمون.
تبدأ حبكة الفيلم من حوار صريح وعميق يجري بين شاب، من أسرة ثرية، وبين
محامي العائلة، يتبن له منه أن والده المتوفى، حديثاً، ترك له إرثاً مثقلاً
بالديون، ومنزلاً مرهوناً على وشك المصادرة من قبل البنك، وأنه بات مفلساً،
تماماً، خاصة أنه فقد عمله، ولم يبق من حل أمامه إلا السفر إلى الغور، حيث
أبلغه المحامي بوجود منزل ريفي كان يملكه الأب، ويستطيع الابن بيعه
والاستفادة من ثمنه لتسديد قيمة الرهن على منزل العائلة الفاخر، في العاصمة
عمان، هذا إن لم يكن هناك من يقطن في ذاك البيت، ففي هذه الحالة عليه أن
يحصل على ورقة عدم ممانعة من الساكن في البيت.
بعد أن يستأجر الابن غرفة في فندق شعبي، وسط المدينة، يتوجه ـ بسيارته ـ
إلى الغور، حاملاً معه ما يثبت ملكيته منزلَ الغورِ، وإناء زجاجياً تعيش
سمكة حمراء وسط الماء فيه، وهي الملكية الوحيدة التي بقيت له، من إرث
والده، وفي الغور سيكتشف أن ثمة شاباً يسكن في المنزل، ويدّعي ملكيته له.
هنا تتخذ الحبكة منحى جديداً، من خلال علاقة صداقة إنسانية تنشأ بين
الإثنين، فيقيم الابن في البيت الريفي ضيفاً على ابن الغور، ويشاركه ـ على
مدى أيام ـ في نشاطاته اليومية، ومن خلال هذه العلاقة يكتشف أن والده ورث
ثروته عن جده الذي جمعها ثروته من استغلالهما أهالي المنطقة، ورهن أملاكهم
ثم مصادرتها.
لا يؤدي هذا الاكتشاف إلى حل ميلودرامي تصالحي بين الاثنين، على طريقة
«النهاية السعيدة»، بل يتطور على وَفق صيغة «الانقلاب الدرامي»؛ ليقود
الحدث نحو خديعة يمارسها الابن على مضيفه الكريم الخصال، ابن الريف الأصيل،
الطيب، البريء النية، ينجح ـ من خلالها ـ الابن في إقناع زميله بالسفر
برفقته إلى عمان لإتمام عملية رهن بيت الغور لكي يسترد منزله، في العاصمة،
فيما يتحول ابن الغور، الذي يصرح لضيفه الذي يحاول إقناعه بالبحث عن فرصة
عمل في العاصمة، بأنه مثل السمكة لا يستطيع العيش خارج أرضه، إلى بائع
للصحف في شوارع العاصمة بعد أن فقد حقه في منزل الغور، وبعد أن هرب ابن
العاصمة تاركاً لابن الغور رسالة وداعية فيها وعد لن يتحقق، بطبيعة الحال.
خلال عملية السرد هذه، التي تطلبت تنقل الأحداث، بين العاصمة وريف الغور،
ينجح المخرج في تقديم صورة حقيقية نابضة بالحياة للبيئة المحلية، سواء في
وسط العاصمة الشعبي الطابع، المكتظ بالناس والأبنية، أو في الريف ذي
الطبيعة الهادئة، صورة يزداد تأثيرها بسبب العناية بجماليات التصوير وليس
فقط بواقعيته، وبسبب الأداء الصادق والمقنع والمؤثر لبطلي الفيلم
الرئيسيين: ربيع زريقات (في دور ابن العاصمة)ـ، وعبدالله الدغيمات (في دور
ابن الريف).
لا يخلو الفيلم، وبرغم جدية الموضوع، وعمق المشاعر فيه، من بعض الحوارات
والتفاصيل الحدثية، التي يبدو فيها ميل للسخرية، وهو ميل لا يبدو مقحماً
على النص، بل تبرره المفارقات العديدة التي ترافق العلاقات، بين الشخصيات،
إضافة إلى مفارقات الوضع العام، بحيث تبدو السخرية منسجمة من الموضوع
والفكرة. من هذه اللحظات، التي تتضح فيها السخرية، نرى ردة فعل الابن على
خبر أن والده مات مفلساً، حيث يتساءل بعفوية: ألم يترك نقوداً، حتى تحت
بلاطة أو داخل وسادة أو فرشة؟ وهذه التساؤل لا يعكس حساً ساخراً، فحسب، بل
يكشف حقيقة طبقة أثْرتْ، عبر عملية غير طبيعية، أو تطورية، وبطرق غير
شريفة؛ طبقة توصف، عادة، بطبقة «الأغنياء الجدد».
ترك الأب لابنه سمكة، في أناء، موصياً إياه بالاحتفاظ بها حية، مدة عامين،
ونرى الابن ـ طوال الفيلم ـ يحمل السمكة، مع في تنقلاته، لكنه ـ في نهاية
الأمر، وبعد أن يهرب من ابن الريف ـ يترك له السمكة، فلا يدري ما يفعل بها
سوى تسليمها لمتجر أسماك زينة كي يتفرغ لبيع الجرائد، في الشوارع، في
المشهد الأخير من الفيلم.
يتضمن الفيلم مفارقة دالة يعبر عنها مشهد توقف السيارة التي تقل الإثنين،
وسط طريق زراعي، في الغور، حيث يشير ابن الغور إلى جبال فلسطين المحتلة، في
الجانب الآخر، من البحر، ويستذكر ـ ببساطة ـ مأساة أهل فلسطين، الذين طردوا
من أرضهم، من دون أن يدرى أنه سيلاقي، بعد فترة قصيرة، مصيراً مشابهاً على
يد رفيق سفره.
ينتمي الفيلم إلى السينما المستقلة، بحق، وذلك ليس لأنه جرى إنتاجه من قبل
هيئة مستقلة هي «تعاونية عمان للأفلام»، وبجهود تطوعية من قبل الطاقم
المشترك فيه، بخاصة المخرج الذي أعدَّ السيناريو وصور الفيلم وقام بعمليات
المونتاج، بل لأنه بدا فيلماً مستقلاً، في اختياره موضوعه، وفي مضمونه،
بعيداً عن أي مساومات أو استحقاقات تمليها ظروف التمويل والتوزيع، وهيئات
الدعم الدولي، ولجان تحكيم المهرجانات.
سبق للمخرج أن حصل على الجائزة الأولى من مهرجان أبو ظبي السينمائي، ضمن
مسابقة الأفلام القصيرة، عن فيلمه «المشهد»، وهو فيلم من عشرين دقيقة، وجرى
تصويره بلقطة واحدة.
* عن جريدة الدستور الاردنية
أدب فن في
09/07/2011 |