حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عادل إمام لـ «العرب» في حوار لا تنقصه الصراحة:

الـ «زهايمر» يصيب الوطن العربي.. لذلك كان أحدث أفلامي

القاهرة - حنان الهمشري

في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي انقسمت الساحة السياسية في مصر إلى تيارين، الأول هو الإسلام السياسي، والثاني هو اليسار، غير أن تياراً ثالثاً كان يحرك الشعب بقوة أكثر، متمثلاً في الفن الذي عانى شبه انهيار في بداية ذلك العقد، وانتفض أواخره ليقدم سينما جديدة ترى السياسة بعيون الشعب. وكان الفنان عادل إمام في ذلك الوقت هو رائد تلك المدرسة، خرج من عباءة الكوميديا ليكون الناطق الرسمي باسم مشاعر البسطاء ورؤية الفقراء وأحلامهم وطموحاتهم وأزماتهم وأصبحت مدرسة الحل الفردي من جانب المواطن الفرد معزوفة شديدة الخصوصية في سينما الزعيم.. جعلته يحتل مساحة شاسعة من أحلام الفقراء الباحثين عن ذلك البطل الأسطوري شبيه على الزيبق فهو وحده القادر على الانتقام للفقراء المطحونين في جميع نهايات أفلامه، فكانت سلسلة أفلام «اللعب مع الكبار» و «الإرهاب والكباب» و «الإرهابي» و «طيور الظلام» وواصل جهده في الألفية الجديدة بنفس الحماس وبنفس الرؤية التي تحكمه، رؤية فنان الفقراء، فطوال الـ50 عاما قدم خلالها 113 فيلما وما يزيد على 6 مسرحيات ومسلسلا إذاعيا وحيد هو «أرجوك لا تفهمني بسرعة» مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، فمشواره الفني أقرب ما يكون بجهاز رصد لتحولات وتغيرات المجتمع في مصر والوطن العربي لذلك أصبح الزعيم عادل إمام، وكان لـ «العرب» هذا الحوار معه:

·          في البداية لا بد أن نبارك للزعيم على فيلمه الجديد «زهايمر» ولماذا بالتحديد اختار عادل إمام هذا المرض الذي أتصور أنه محور الأحداث وحمل عنوان الفيلم اسمه؟

- هذا صحيح، فشخصية محمود شعيب مريض الزهايمر تيمة نفسية قد يتعاطف معها البعض وقد يراها آخرون عبئا عليهم، فهذا المريض إنسان له سمات خاصة ونحن هنا لا نتناولها بطريقة مباشرة ولكن نتعامل معها كوسيلة للوصول إلى بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية التي تطرح نفسها على الساحة المصرية والعربية اليوم مثل القروض البنكية وعقوق الأبناء وسيطرة المادة على أسمى القيم الإنسانية اليوم، فالزهايمر أصبح مرضا يصيب حتى الأصحاء فينسون أسمى القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية جريا وراء المادة التي أصبحت هي الشغل الشاغل للجميع اليوم، لذلك اخترنا عنوان الفيلم «زهايمر» بالإضافة إلى أن هذه الشخصية جديدة تماما عليّ فلم أقدم مثل هذه الشخصية من قبل.

·          دائما ما تبحث عن الوتر الحساس للحالة التي يعيشها المجتمع لتقدم أعمالك الفنية.

- عندما أقوم بالتمثيل لا أكتفي بتقديم الدور فقط، ولكن أحمل على عاتقي مشاكل وهموم وقضايا الوطن ومن واجبي أن أتفاعل معها ولا أنفصل عنها؛ لأنني في النهاية مواطن مصري وعربي فلا بد من وجود موضوع جيد يمس الناس لأطرحه في أعمالي ، وتحضرني هنا كلمة قالها عني سعيد صالح في أحد لقاءاته التلفزيونية عندما سألوه عني فقال : عادل لو طلع فوق السطح ووجد غسيل حيضحك مع الغسيل المنشور . لذلك أحب دائما أن يكون للعمل هدف جاد ممزوج بالكوميديا، والدليل على ذلك فيلم «حسن ومرقص» لما تشوفيه تموتي على نفسك من الضحك رغم تناوله موضوعا في غاية الجدية والخطورة وهو الوحدة الوطنية، وكذلك فيلم «الإرهابي» الذي يطرح قضية شائكة عن اتهام بعض الناس المتعصبين للمجتمع بالكفر وبرغم حساسية الموضوع إلا أنه لا يخلو من المواقف الكوميدية .

·          لكن مثل هذه الحماسة أعتقد أنها كانت تتسبب لك دائما في المشاكل فهل تتذكر أول مشكلة قابلتها في مسيرتك الفنية؟

- بالتأكيد، فلكِ أن تصدقيني إذا أخبرتك أنني الفنان الوحيد الذي حكم عليه بالسجن 3 شهور أثناء عرض مسرحية «شاهد ما شفش حاجة» فقد فوجئت وقتها بأن الرقابة تقدمني للمحاكمة بتهمة الإشارة إلى مناحم بيغن وقالوا: إن هذا يعوق مسيرة السلام لدرجة أنني ما زلت محتفظا بهذه الورقة مع شهادات أولادي، ووقتها قلت لهم: اسجنوني ولم أوكل محامين.

·          لا ينكر أحد أن مشاركة أي فنان في فيلم يحمل توقيع عادل إمام بمثابة شهادة ميلاد له

- أعتبر أن هذا شرف لي، وعندما أرى فنانا حقق نجومية كبيرة أفرح له جدا مثلما حدث مع هنيدي وعلاء ولي الدين رحمه الله فقد شاركا معي في فيلم «بخيت وعديلة» وأتصور أن هناك من يحارب النجاح ، فمحمد سعد فنان ناجح أحبه الجمهور وهاجمه النقاد كثيرا رغم نجاحه وتحقيقه 30 مليون جنيه في أحد أفلامه وهي إيرادات غير مسبوقة، وأنا شخصيا عندما أشاهد أعماله أقع من الضحك خاصة في فيلم «اللمبي» أو «بوحة» أو «اللي بالي بالك» ولا أعرف لماذا كل هذا الهجوم عليه ؟ ونسمع آخرين يقولون: نحن نقدم أفلام مهرجانات وهم في الحقيقة يغازلون المنتجين.

·          وما رأيك في الفنانين الشباب الذين شاركوك بطولة الفيلم؟ هل لك تحفظ ما عليهم؟

- بالعكس فجميعهم ممتازون وأنا من رشحهم بالاسم للمخرج، فرغم أنها المرة الأولى التي ألتقي فيها بهم إلا أنني لاحظت أن أداءهم رائع ومنسجم مع روح العمل، فرانيا يوسف كانت رائعة في أدائها للدور فتجدينها خلال الأحداث قاسية وشريرة وقد قدمت الشخصية باقتدار وعندما شاهدتها في أدوارها التلفزيونية أعجبتني جدا على المستوى الفني، وأيضا نيللي كريم فنانة لها حضور بشكل غير عادي وقد أبهرتني بأدائها الرائع، كذلك لا أنسى أن أسجل إعجابي بأبنائي في الفيلم أحمد رزق وفتحي عبدالوهاب فقد أسعدوني بأدائهم وأنا أعرفهم جيدا من خلال أعمالهم المميزة .

·          لكن يقال: إن عادل إمام هو دائما ديكتاتور أعماله, فإلى أي مدى صحة هذه العبارة؟

- غير صحيح، فعندما عرض علي المخرج عمرو عرفة والمؤلف نادر صلاح الدين سيناريو الفيلم قمنا بعمل ورشة على الورق وبالطبع كانت هناك خلافات في وجهات النظر في بعض الأحيان لكننا وصلنا لرأي نهائي بالنسبة للورق المكتوب، ثم دخلنا البلاتوه وفي هذه المرحلة يصبح كلام المخرج دستورا نمشي عليه وكل منا يعرف حدود عمله، ولكن أحيانا تفاجئنا أمور تستوجب التدخل مني وبالطبع لا أنفذها بمفردي أو دون الرجوع للمخرج ، وأحيانا ما تكون هناك بعض الإضافات من المخرج على السيناريو أحيانا تعجبني وأحيانا لا تعجبني لكن في النهاية المبدأ المتفق عليه في التصوير بوجه عام هو التفاهم وهو ما ينعكس على العمل بشكل إيجابي وناجح.

·          قيل: إن تعاونك مع عمرو عرفة للمرة الثانية به شيء من المجاملة

- أعتقد أنه من المعروف عني أنني في عملي بشكل خاص لا يمكن أن أكون مجاملا لأحد مهما كان صديقي، ورغم أن عمرو في الأصل تجمعني به صداقة قوية؛ لأنه شقيق المخرج شريف عرفة شريكي في نجاح عدد كبير من أفلامي فإنه أثبت قوته كمخرج معي في التجربة الأولى التي جمعتنا معا وهي فيلم «السفارة في العمارة» وكانت الداعم الأول لعملنا معا للمرة الثانية بالإضافة إلى أنه مخرج «هايل» متمكن من أدواته الفنية وينتمي لأسرة فنية ، وأنا أرحب بوجود تجارب أخرى ناجحة تجمعنا معا .

·          هل حقا رفض عمرو واكد أن يشارك في فيلم «زهايمر»؟

- صحيح، فقد اختلف مع الجهة المنتجة، لذلك لم يشارك في الفيلم.

·          هذا عن عمرو واكد.. فماذا إذن عن أحمد السقا وكريم عبدالعزيز اللذين رفضا واعتذرا عن المشاركة في فيلم «ناجي عطاالله» قبل أن يتحول إلى مسلسل؟

- بسبب الإنتاج أيضا، فقصة الفيلم كانت تحتاج إلى ميزانية ضخمة حتى يخرج الفيلم بشكل مشرف، ولو تمت الاستعانة بكريم عبدالعزيز وأحمد السقا فستزيد أعباء الجهة المنتجة ولا أتصور أن هناك جهة إنتاج تستطيع رصد مثل هذه الميزانية الضخمة بهذا الشكل حتى يخرج الفيلم إلى النور.

·          هل صحيح أنك تلقيت عرضا من واحدة من شيخة عربية لإنتاج فيلم «فرقة ناجي عطاالله» إلا أنك رفضت وفضلت تقديم مسلسل؟

- لا.. ولن أنكر أنني التقيت بهذه الشيخة في إحدى المرات بعد انتهاء العرض المسرحي ووجدتها تقف في الصف الأول وتصفق بحرارة، لكن بصراحة شديدة ليست لها علاقة بفيلم أو مسلسل «فرقة ناجي عطاالله» ما حدث أن السيناريو يحتاج ٤ ساعات حتى يتحول إلى فيلم بعد ضم جميع التفاصيل، فأحداثه طويلة تناسب عملا دراميا وسيكون جديدا وخارج الإطار التقليدي لموضوعات الدراما المعروفة، هذا إلى جانب أن سيناريو مسلسل «العراب» الذي عرضه عليّ يوسف معاطي لم يعجبني فاقترح ابني محمد تحويله إلى مسلسل ووجدتها فكرة جيدة وتعاقدت بالفعل مع صفوت غطاس، كما أن حنيني للعودة للعمل بالدراما التلفزيونية بعد 25 عاما من الغياب أيضا كان له عامل، وسوف نبدأ في القريب العاجل تصويره حتى يكون جاهزا لعرضه خلال رمضان 2011.

·          هذا هو العمل الثاني الذي سيجمع أسرة إمام (عادل ومحمد ورامي) بعد فيلم «حسن ومرقص» فكيف ترى هذا التعاون؟

- لا أستطيع أن أصف شعوري ، فأنا سعيد جدا لوجودهما معي في عمل واحد وفرحان أكثر بنجاحهما المستقل في أعمالهما ، وأرى أنهما استطاعا أن يثبتا أقدامهما بأنفسهما في الفن كفنانين موهوبين بعيدا عن اسم عادل إمام وشهرته، فرامي استطاع إثبات وجوده كمخرج دراما تلفزيونية من خلال حلقات مسلسل «عايزة أتجوز» مع هند صبري الذي عرض على الشاشة الرمضانية الماضية وكذلك محمد قدم أجمل أدواره مع يسرا في مسلسل «بالشمع الأحمر».

·          هذه هي المرة الأولى التي تتعاون فيها مع الشركة العربية فكيف ترى هذا التعاون؟

- أعتبره تعاونا مثمرا بيننا، فعندما عرضت الفيلم عليهم رحبوا بالعمل وكان التفاهم بيننا سريعا حول الاتفاق على كل التفاصيل، فهي شركة لها اسمها في السوق السينمائية وقدمت عددا من الأعمال الناجحة .

·          الفنانة إسعاد يونس رئيس مجلس إدارة الشركة المنتجة تظهر كضيفة شرف في فيلم «زهايمر» فهل كانت هناك ضرورة فنية لدورها؟

- والله يا ستي هي اللي اتمسكت بالدور ومتفهميش ليه ونقولها يا ستي يهديكي يرضيكي ما فيش فايدة، مع العلم بأن الدور مشهدان وفعلا مثلتهما ونحن بجد سعدنا بوجودها معنا لأنها فنانة ومبدعة بالإضافة لكونها منتجة واعية، وليست هذه هي المرة الأولى التي تشاركني فيها، فمن قبل جمعنا فيلم « عمارة يعقوبيان» وهي تتمتع بروح مميزة من خلال تواجدها فهي تعتبر المسألة نوعا من البركة بظهورها في العمل حتى ولو بمشهد صغير.

·          هل تتابع إيرادات الفيلم بنفسك أم أن تحقيقك أعلى إيرادات أصبح شيئا محسوما بالنسبة لك؟

- لا يوجد في الفن شيء محسوم ولا بد من وجود مخاطرة ومغامرة في كل عمل جديد، ولو كان الموضوع عبارة عن كراسة ونجاح فلن يكون فناً ولن يكون للنجاح أي معنى أو طعم فما زلت حتى اليوم أشعر بالخوف والقلق حتى عرض الفيلم والاطمئنان على إيراداته.

·          هل ما زال الزعيم عادل إمام يشعر بالخوف بعد مسيرة فنية عمرها 50 عاما؟

- وما الغريب في هذا؟! وماذا ستقولين عندما تشاهدين كواليس المسرح قبل أن نصعد إلى خشبة المسرح فبالرغم من أن مسرحية «بودي جارد» تعرض منذ ١١ عاماً إلا أنك ستجدين المسيحي يصلي والمسلم يقرأ القرآن وجميعاً ندعو الله أن يوفقنا في كل يوم عرض، ولن تتخيلي حالتي ورعبي قبل صعودي على خشبة المسرح.. لكن الهتافات العالية التي أسمعها بمجرد صعودي إلى الخشبة تطمئنني، وأتذكر عندما ذهبت لعرض المسرحية في المغرب وجدت القاعة مشتعلة بالنيران ومعظم الجمهور أشعل شموعاً وظلوا يهتفون (عادل.. عادل) كما أنني كنت أسير في موكب رسمي؛ لأني ضيف الملك حتى إن زوجتي قالت لي: إيه ده كله؟ فقلت لها: عشان تعرفي انتي متجوزة مين؟.

·          لماذا حاول البعض العبث في الكيمياء التي تجمعك بالفنانة يسرا التي شاركتك الكثير من أعمالك الناجحة؟

- لا أعلم، فهناك بعض الأقلام حاولت القيام بهذا الدور لكن كما قلتِ هناك كيمياء تجمعني بالنجمة الجميلة، وكثيرا ما أجدها تقفز أمامي عندما أقرأ سيناريو جديدا أجدها بين السطور حتى منذ أول أفلامنا معا « ليلة شتاء دافئة « الذي نجح نجاحا لم يتوقعه حتى منتج ومخرج الفيلم وبعدها أصبحت يسرا إضافة ناجحة في كثير من أفلامي لما تتمتع به من جمال الشكل والروح.

·          هل تنفي بذلك وجود خلافات بسبب بعض تصريحاتك الصحافية بعد عرض فيلم «بوبوس»؟

- هذا الكلام غير صحيح، وأنا مثلك تماما تعجبت عندما قرأت هذا الكلام بالصحف فليس له أي أساس من الصحة ولا توجد أي خلافات نهائيا بيننا، فهي تعلم أنني أحترمها وأقدرها لأننا في الأصل أصدقاء وزملاء في الوسط .

·          لكن أكد البعض أنك ذهبت إليها في الاستوديو أثناء تصوير مسلسلها «بالشمع الأحمر» الذي يشاركها فيه محمد إمام حتى تعود الأمور لطبيعتها بينكما.

- غير صحيح، فقد ذهبت لمحمد في الاستوديو حتى أهنئه على عمله الجديد وأيضا لأبارك ليسرا وكل أسرة المسلسل والمخرج الرائع سمير سيف الذي تجمعني به صداقة وعلاقة عمل جميلة وقدمت معه فليم « المشبوه « فهو علامة من علامات السينما المصرية، ولا أجد في ذلك شيئا ليحرف وينقل للرأي العام بشكل مغاير لما كانت عليه الأمور.

·          في النهاية بماذا يحلم عادل إمام؟

- أحلم أن أقدم عملا جيدا سواء كان فيلما أو مسلسلا أو مسرحية وأن يشاهده عدد كبير من الجمهور.

العرب القطرية في

03/12/2010

 

الأفلام المستقلة أنقذت وجه السينما المصرية

من شطحات النجوم إلى ومضات المخرجين

القاهرة: طارق الشناوي 

يبدأ يوم الأحد القادم عرض الأفلام المصرية التي تشارك رسميا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تباعا وهي «ميكروفون»، «الطريق الدائري»، «شوق»، والفيلم الأخير يمثل مصر داخل المسابقة الرسمية والفيلمان الآخران ففي المسابقة العربية والأفلام الثلاثة تقع في إطار السينما محدودة التكاليف وينطبق عليها تعريف صار ملتبسا وهو «السينما المستقلة» وهي سينما لم يستقر بعد مدلول لفظي عليها ولهذا سوف نعتبر أن هذا هو التوصيف الحالي أو المؤقت لها وبالطبع فإن كلمة «مستقلة» تاريخيا تعبير أطلق على الأفلام التي ظهرت في أميركا منذ الثلاثينات وهي خارج إطار شركات هوليوود الضخمة الإنتاج التي تعتمد على الميزانيات الكبيرة وتسند البطولة لكبار النجوم الذين تقطع من أجلهم تذاكر الدخول للسينما وتحقق أيضا بالتالي هذه الأفلام أعلى الإيرادات وهكذا بدأت هذه السينما المستقلة في أميركا كنوع من الاحتجاج الفني على تلك الأفلام فجاءت هذه الأفلام موازية لها وليست بديلا عنها.. أما في مصر فإن هذه الأفلام لم نعرفها إلا قبل 4 سنوات فقط وكانت البداية مع المخرج إبراهيم بطوط بفيلمه «إيثاكي».. أغلب هذه الأفلام تصور بكاميرا «ديجيتال» بغرض التوفير وأيضا لأنها لا تعتمد على نجوم الشباك بل تتم الاستعانة غالبا بوجوه جديدة بعضها يقف لأول مرة أمام الكاميرا ولهذا تعبر هذه الأفلام عن أفكار وومضات مخرجيها وليس شطحات نجومها.. المخرج يقدم أفكاره دون خوف من اعتراض نجم الفيلم وأثبتت هذه الأفلام جدارتها في المهرجانات.. وهكذا مثلا حصدت مصر جائزتين في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: واحدة من مهرجان «ترايبيكا» الدولي في الدوحة عن فيلم «الحاوي» لإبراهيم بطوط وهي جائزة أفضل فيلم عربي والثانية «التانيت الذهبي» من مهرجان «قرطاج» عن فيلم «ميكروفون» لأحمد عبد الله وهذا الفيلم يشارك في مهرجان القاهرة داخل المسابقة العربية ويشترك أيضا في مهرجان «دبي» الذي يفتتح يوم 11 ديسمبر الحالي مع فيلمين آخرين وهما «الخروج» و«765».. هذه الأفلام تجد بالتأكيد صعوبة في العرض الجماهيري داخل مصر رغم حصولها على جوائز هامة فلم يستطع الجمهور أن يتوافق معها. عرض جماهيريا في العام الماضي فيلما «عين شمس» لإبراهيم بطوط و«هليوبوليس» لأحمد عبد الله ولم يحققا إيرادات.. عرض مؤخرا وعلى استحياء وفي عدد محدود جدا من دور العرض فيلم «بصرة» للمخرج أحمد رشوان بين أفلام العيد وأيضا أخفق جماهيريا رغم أنه فيلم تنساب فيه الدراما مع الصورة لتصنع حالة خاصة.. لم أشعر في البداية بارتياح عندما قرأت اسم «بصرة» على اعتبار أن هناك تعسفا بين لعبة الكوتشينة الشهيرة «البصرة» وبين مدينة «البصرة» بالعراق إلا أن الفيلم عندما شاهدته اكتشفت أنه لا يضع هذا الفرض باعتباره قيدا على الدراما ولا على عمق الفكرة ولأنه في النهاية سيجد أمامه هذا التوافق بين البصرة في الكوتشينة وبين اغتصاب البصرة في العراق الكل مغتصب في اللعب وفي الحرب وفي الحب وتلك هي «البصرة» التي أرادها المخرج!! في عز الأزمة التي تعيشها ولا تزال السينما المصرية كان ينبغي أن يبرق ضوء أبيض أراه دائما في تلك التجارب التي تخرج عن النمط الإنتاجي السائد.. تحاول أن تعثر على بديل لا يفرض شروطا على صانع العمل الفني.. السينما المصرية هي ابنة السوق التي تفرض على المخرجين الانسحاق أمام النجوم - لا أتحدث بالضرورة عن النجم عندما ينتج - ولكن كل النجوم Super Star يقدمون أفلامهم وليست أفلام المخرجين فهم الذين يتحكمون في كل التفاصيل.. كان جيل الثمانينيات: «خان، داود، الطيب، بشارة» لديه أحلام أخرى ساعده على تحقيقها أن هناك بطلا مثل أحمد زكي، مثلما أضافوا له ألقا ووهجا أضاف هو لهم وكان أيضا من بين النجوم نور الشريف رغم أنه بدأ مشواره في نهاية الستينات لكنه توافق مع أحلام جيل الثمانينات فلقد كان أحمد ونور نجمين ملتزمين بأفكار هؤلاء المخرجين وبنسبة كبيرة كانا حريصين على الذوبان الفني في تلك المشروعات المنسوبة إلى مخرجيها.. أما هذا الجيل من المخرجين فكيف يحقق أحلامه وأمامنا النجوم الجدد يسيطرون أيضا على مفردات الفيلم السينمائي؟ بعض المخرجين الشباب اعتقد أن الحل في الاستعانة بالوجوه الجديدة ولكننا في أغلب هذه الأفلام لم نعثر على شيء يحمل بصمة خاصة.. كان فيلم «أوقات فراغ» 2006 محاولة على مستوى الفكرة والتناول ولكن الرؤية الإخراجية لمحمد مصطفى كانت تنتمي إلى زمن آخر وهكذا رأينا.. كانت أغلب شركات الإنتاج تفرض في كثير من الأحيان نجوم جدد على المخرج الجديد وهو في نفس الوقت لا يستطيع الرفض لأنه يريد إنجاز مشروعه فكان لا بد من العثور على طريق آخر.. سينما طازجة قدمها أحمد رشوان في فيلمه «بصرة» الذي كتب له أيضا السيناريو يمزج فيها بين حالة البطل (باسم سمرة) التي تتماهى مع أحداث الغزو الأميركي البريطاني للعراق 2003.. كانت قناة «الجزيرة» حاضرة في هذا الفيلم وهي توثق الحدث حتى رحيل المذيع طارق أثناء القصف الأميركي وهو يؤدي واجبه يتحول إلى حالة درامية تمهد لرحيل صديق «باسم سمرة» الذي أدى دوره الفنان الأردني إياد نصار.. البطل مصور فوتوغرافيا يبحث عن ومضات الحياة بينما يعيش الفوضى في حياته.. الأبطال كلهم نتاج فوضى الحياة ولكنهم يبحثون عن خطوط بعيدة جدا ربما تجمع هذه الفوضى.. الوجوه في هذا الفيلم لا تمثل ولكننا نصدق أنها تعيش بيننا.. «باسم سمرة» ينتمي إلى هؤلاء الذين تراهم كثيرا في الشارع ويحافظ دائما أمام الكاميرا على أن يظل هو هذا الإنسان الذي تلتقي به دون أن يشعرك أن هناك كاميرا بينك وبينه.. عدد من الممثلين كانت هذه هي تجاربهم الأولى: يارا جبران، ناهد السباعي، فاطمة علي، استطاع المخرج الحفاظ على بكارتهم أمام الكاميرا.. أما باسم سمرة وإياد نصار فإنهما رغم احترافهما فإن المفتاح في الأداء الذي اتكأ عليه المخرج هو الروح التلقائية.. مدير التصوير فيكتور كريدي أبدع في تنفيذ اللقطات وخلق الإضاءة خاصة الداخلية وكان قد حصل على جائزة التصوير في مهرجان «فالنسيا» وقبل عامين حصل الفيلم أيضا على جائزة أفضل سيناريو من مهرجان «القاهرة»!! قيمة هذا الفيلم (بصرة) أنه أخذ قطعة من الحياة وأحالها إلى شريط سينمائي نطل منه على حياة الأبطال لنرى حياتنا!! تجد في الفيلم درجة انضباط في كتابة السيناريو أي إن هناك تحضيرا مسبقا للكاتب والمخرج أحمد رشوان بينما مثلا إبراهيم بطوط في فيلمه «الحاوي» ترك لممثليه إمكانية الارتجال أكثر بل بنسبة تزيد عن 90 في المائة من الحوار داخل هذا الفيلم نجدها من وحي الأبطال بل ووحي اللحظة وربما لهذا السبب حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم في «الدوحة» من لجنة التحكيم التي رأستها يسرا وكان من بين أعضائها سلمى حايك النجمة العالمية.. قدم بطوط ما يمكن أن نطلق عليه تعبير «دراما الواقع» على غرار «تلفزيون الواقع».. حيث إن الزمن الواقعي يقترب من الزمن الفني.. كما أن الحوار في الحياة بما فيه من لحظات صمت على سبيل المثال تصبح هي أيضا اللحظات التي تلتقطها الكاميرا.. التصاق كان يبدو حادا جدا إلى درجة التطابق ولكن تلك هي أفكار ومنهج «بطوط».. بينما يقف أحمد عبد الله في فيلمه «ميكروفون» في مرحلة متوسطة بين انضباط الحوار لدى أحمد رشوان والحرية التي تصل إلى حدود الارتجال عند بطوط.. المخرج والكاتب أحمد عبد الله استند بالتأكيد إلى حوار مكتوب سمح لأبطاله بحفظه وقبل ذلك بالاتفاق عليه ولكنه في نفس الوقت يحافظ على الإحساس التلقائي ليس فقط في كلمات الحوار ولكن في أسلوب أداء الحوار.. تعامل أحمد عبد الله في فيلم «ميكروفون» مع نجوم محترفين أمثال خالد أبو النجا ومنة شلبي ويسرا اللوزي على الجانب الآخر كان القسط الوافر من الممثلين هم من الهواة الذين يقف بعضهم لأول مرة أما الكاميرا ورغم ذلك نجح في أن يمنحنا الإحساس بأن الجميع من الهواة.. الفيلم يقدم حياة الشاب الذي يؤدي دوره خالد أبو النجا يعود من الخارج ليكتشف أن حبيبته التي أدت دورها منة شلبي تريد الهجرة ويغني في النهاية «شيخ البلد خلف ولد ساب البلد»!! السينما المصرية التي عانت كثيرا في السنوات الأخيرة من سيطرة شطحات النجوم الذين كانت تصنع لهم ومن أجلهم الأفلام تشهد بارقة أمل جديدة في تلك الأفلام التي تنحاز إلى أفكار وومضات مخرجيها سواء أطلقت عليها سينما مستقلة أو مختلفة أو أي تسمية أخرى فإنها في النهاية سينما قادرة على المنافسة ودعونا ننتظر مساء يوم الخميس القادم وما الذي تسفر عنه نتائج مهرجان القاهرة السينمائي الدولي!!

الشرق الأوسط في

03/12/2010

 

فيلم هاري بوتر الجديد.. لا كيمياء ولا فيزياء بل انتظار طويل في محطة بلا قطار

مستوحى من النصف الأول من الرواية السابعة.. ليكون النصف الثاني للفيلم الثامن

محمد رضا 

الإعلان عن أن آن هاثاواي وجيمس فرانكو سيقومان بتقديم الأوسكار يحمل بعض المعاني التي ربما لم تخطر على بال كثيرين. فالعادة، معظم الأحيان، هي أن تسند المهمة إلى ممثلين فوق الأربعين، وفي أحيان كثيرة فوق الخمسين، ما يدفع للتساؤل حول السبب الذي من أجله تم اختيار ممثلين دون الأربعين، فالممثلة التي نشاهد لها حاليا فيلما محلى بالسكر غير الطبيعي عنوانه «حب وأدوية أخرى» آن هاثاواي في الثامنة والعشرين من العمر وجيمس فرانكو (نراه في «127 ساعة» حاليا)، في الثانية والثلاثين.

الغاية لا ريب لها علاقة بمحاولة الأوسكار رفع عدد مشاهدي حفلته السنوية التي يبيعها لمحطات التلفزيون ووكالات الأنباء. إنها بالتالي مسألة اقتصادية في جوهرها. وهو يرى أن رفع عدد مشاهديه عليه أن يتم عبر جذب الجمهور الشاب، ذلك الجيل الجديد الذي يكترث لبرنامج مسابقات غنائية مثل «أميركان آيدول» أكثر من أي حفلة سينمائية. بالتالي، هي محاولة إنقاذ غارقة من قبل أن تبدأ.

إذا لم يكن هذا التفسير صحيحا فإن السبب الوحيد الذي قد يدفع أكاديمية العلوم والفنون السينمائية المانحة للأوسكار انتخاب نجوم جدد لتقديم الحفل هو أن يكون الأكبر سنا قد رفضوا. في الحالات كلها، هناك دلائل على محاولة رفع نسبة المشاهدين التي تتدنى من عام إلى آخر.. السؤال: كيف؟

خلال تصوير الجزء الأول من الفصل السابع من سلسلة «هاري بوتر»، الذي يحمل اسم «هاري بوتر والمقدسات المميتة»، صرح الممثل دانيال ردكليف، الذي قام ببطولة الأجزاء جميعا منذ أن كان في الـ12 من عمره قبل 10 سنوات، بأنه لم يكن راضيا عن أدائه في الجزء السابق Harry Potter and the Half-Blood Prince.

وقال: «وجدت أن تعبيراتي كانت متشابهة في المواقف كلها». وأضاف: «هذه المرة حرصت على التغيير. وواجهت بالفعل أصعب التحديات بدنيا وعقليا. وما زلت غير سعيد بالنتيجة، لكني على الأقل حاولت».

يحسب للممثل الذي يستعد لوداع هذه السلسلة؛ إذ لم يبق منها سوى تكملة لهذا الجزء الجديد ستعرض في غضون العام المقبل، أنه صريح وربما 40 مليون دولار تقاضاها عن الفيلمين الأخيرين وحدهما تجعله قادرا على أن يكون صريحا إلى هذه الدرجة، كذلك ثقته بأنه أنجز لنفسه وضعا في فن السينما لم ينجزه آلاف من الممثلين الذين صعدوا وهبطوا خلال العقد ذاته من السنين من دون أن يتمتعوا بالفيلم الذي يمكنهم من تحويله إلى منصة انطلاق فعلية.

وردكليف ليس وحده في هذا الوضع، فزميلاه في البطولة روبرت غرينت وإيما واتسون يشاركانه المنعطف نفسه؛ فهما يقفان عند منعطف الطريق بعد انتهاء هذه السلسلة. من المحتمل جدا أن يكملا التمثيل، لكن هل سيحققان النجاح ذاته؟

على الشاشة، يستطيع المشاهد أن يقسم الممثلين إلى ثلاث نتائج:

ممثل أفضل من السابق: دانيال ردكليف.

ممثل أسوأ من السابق (ولو قليلا): إيما واتسون.

ممثل لا يزال يحاول ويحاول لكنه لا يزال نفسه: روبرت غرينت.

إذا كانت النتائج الفنية لأداء هؤلاء هي التي تطالعنا طوال الفيلم، فذلك لسبب واضح: هم كل هذا الفيلم وعليهم أن يحملوا عبأه، سواء أكانوا مستعدين لذلك أم لا.

الآن لدينا فيلم جديد مستوحى من نصف الرواية السابعة على أساس أن النصف الثاني منها سيشكل الفصل الأخير، وبذلك يصبح عدد الأفلام ثمانية وليس ستة كما كان مقررا من قبل. وهو فيلم يختلف عن الأفلام السابقة من عدة زوايا، من بينها أنها انطلقت على أساس مغامرات داخل مدرسة السحرة وأصبحت الآن مغامرة خارجها بالكامل. وكانت الأجزاء السابقة حافلة بالشخصيات المختلفة مع ممثلين معروفين ومرموقين من بينهم فيونا شو، أدريان رولينز، جورج هاريس، غاري أولدمن، ماغي سميث، جولي ولتر، مايكل غامبون، جيم برودبنت وإميلدا ستانتون. هؤلاء كلهم يغيبون هنا، أما تيموثي سبول وبرندان غليسون، وهيلينا بونهام كارتر وألان ريكمان فمساحاتهم باتت محدودة الظهور والتأثير. أما الأكثر حضورا من خارج هذا الثلاثي غير المرح، فهو راف فاينس ولو أن حضوره في النهاية لا يشكل أكثر من 15 دقيقة مجتمعة من أصل الفيلم ذي الساعتين.

وفي الوقت الذي تعوَّد فيه المشاهد على متابعة أحداث تقع في مدرسة هوغوورتس للسحرة، وهي مدرسة تشبه القلعة الفيكتورية ومبنية في عالم مواز تدخله حين تدلف جدار أحد أرصفة محطات القطار كما بين لنا الفيلم الأول، أو عن طريق الطيران إليها كما بين لنا الفيلم الثالث وما بعد، أصبحت الأحداث الآن تقع في غابة شاسعة يمر بها نهر جليدي وتتوسطها صخور بيضاء. في مكان ما فيها نصب الثلاثة خيمتهم فيها يعيشون وفيها ينامون وفيها يتدارسون كيفية الخروج من الورطة التي هم فيها.

هذه المرة، يقول لنا السيناريو الذي وضعه ستيف كلوفز ونفذه ديفيد ياتس (الذي أخرج الجزأين الخامس والسادس): الفتيان كبروا. صاروا في الفترة من العمر حيث تختلط المراهقة بالنضج، وحيث العواطف تعلو وتهبط تتخللها في ذلك أحاسيس من الغيرة والشك والحب. كونها غابة شتوية فإنها تخلو من الزهور، وإلا لقطف رون (روبرت غرينت) زهرة وسحب أوراقها، تحبني، لا تحبني، تحبني، لا تحبني. والفيلم سينتهي ونحن لسنا واثقين من ذلك، ففي حين أن الفيلم السابق مهد لأن هرمايني (إيما واتسون) تبادل رون الشعور العاطفي، إلا أنها هنا تبدو كما لو كانت تتمنى لو أنها في فيلم آخر. هذا يترك الممثل المندهش دائما غير واثق لا منها كشخصية فقط، بل من نفسه أيضا. في هذه الدلالة، هناك مشهد له يقع بعد أن اعتقد أن صديقه هاري (ردكليف) قد خطفها منه (برضاها) فغادر الفيلم ثم عاد إليها. في هذا المشهد يضع يده حول كتفها كمن يقول: إنها تنتمي إلي. لكن من بعد فشل إدارة المخرج لممثليه بدا أن المشهد ليس أكثر من يد ممدودة حول كتف مستسلمة. ليس هناك كيمياء ولا فيزياء. مجرد لقطة.

المهم أيضا هو أن أبطالنا الثلاثة هم في مرحلة عليهم فيها النجاة. في الأفلام السابقة واجهوا دائما المخاطر وعادوا منها منتصرين إلى عرين هوغوورتس. في هذا الفيلم المدرسة اختفت (استولى عليها الشرير اللورد فولدرمورت «رالف فاينس» والسقف انهار وهروبهم مفتوح على الاحتمالات وليست لديهم أي فكرة عما سيحدث لهم).

لقد هربوا إلى عدة مواقع بعد بداية لافتة هي الأكثر تشويقا من باقي المشاهد، ثم انتقلوا من موقع إلى آخر وصولا إلى تلك الغابة التي لن تكون ملاذا دائما لكنها ستكون محطة طويلة يطرحون فيها أسئلة من نوع: كيف نتصرف؟ وهل سنستطيع العودة؟ وماذا سنفعل الآن؟ في النهاية الجواب عن مستقبل هؤلاء ومصائرهم يترك مفتوحا حتى الفيلم المقبل.

ديفيد ياتس، ككل مخرجي الأجزاء السابقة، مايك نيوول، ألفونسو كوارون وكريس كولمبوس، لديه مهمة معقدة ومؤلفة من عدة طبقات: عليه أن يسرد حكاية مثيرة بحد ذاتها، وعليه أن يستفيد من معطياتها وما توفره، طبيعيا، من مؤثرات وأجواء غرائبية، وعليه أن يحرص على وضع درامي متبلور هو البطانة التي تحيط بكل شيء وتمنحه ثقله وضرورته.

لكن في حين أن نيوول وكوارون نجحا في تأمين توليفة شاملة لكل هذه المهام، بينما مال كريس كولمبوس إلى الخفيف والسهل وإن كان بإثارة، يبدو ياتس موزع الغايات من دون تحقيق أي منها على قدر كاف. لقد أنجز عملا أفضل حين تسلم المهمة سنة 2007 عندما أخرج «هاري بوتر وجماعة العنقاء»، لكنه أطاح بحسناته في فيلمه التالي «هاري بوتر والأمير خليط الدم» (2009) وهنا أوصل السلسلة إلى منحدر جديد. ليس أن الذنب ذنبه بقدر ما هو ذنب خطة تقسيم رواية واحدة إلى فصلين، ما جعل هذا الفصل يبدو تلخيصا لما سبق ومحطة انتظار لما سيلي.

ما واجهه المخرج هنا هو سيناريو يحتوي على حالة فراغ مملوءة بالحوار الذي يكرر الحالة بكلمات أخرى طوال الوقت. وفي حين أنه من المثير عادة أن يكون البطل في وضع متأزم وخطر طوال الوقت، لكن العادة ذاتها عليها أن تحتوي عناصر لعبة الكر والفر عوض الفر وحده كما الحالة هنا. ذلك الجزء الطويل الذي يدور في تلك الغابة وهي محطة لقطار تأخر وصوله. في الحقيقة، انتهى الفيلم والقطار لم يأت مطلقا.

الشرق الأوسط في

03/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)