حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أفلام خالدة [8 ]

مايكل شيمينو صنع التحفة الأهم في مشواره

«صائد الغزلان» فيلم ضد الحرب

عبدالستار ناجي

رغم المكانة الكبيرة التي يتمتع بها المخرج الأميركي مايكل شيمينو، الا ان النسبة الأكبر من عشاق الفن السابع، يتذكرونه بانه المخرج الذي كان وراء فيلم «بوابة الجنة» الذي يعتبر الفيلم الذي حقق أكبر خسائر في تاريخ الفن السابع، بل انه احد اسباب انهيار الاستديوهات التي انتجته، ويتناسى الجميع، ان هذا الفنان الكبير كان وراء اهم عمل سينمائي صنع عن الحرب الا وهو «صائد الغزلان» او The Deer Hunterوالذي يمثل قصيدة سينمائية عالية الجودة، تعلن الموقف الصريح ضد الحرب، بل تتجاوز ذلك، للتنديد بالحروب، الحروب كافة، وبالتدخل الاميركي في حياة ومصائر الشعوب. ولهذا فاننا في هذه المحطة، امام فيلم منذ اللحظة الاولى، اختار المواجهة.. والرفض للنتائج الاخلاقية والعقلية لاثار الحروب، بالذات، حرب فيتنام، حيث يشرع الفيلم ابوابه امام تلك النتائج، والتي اقلها الانتحار.. والكآبة.. والعقد النفسية.. وويلات الحروب تظل حاضرة في الذاكرة.

فيلم «يخدعنا» بالمشهديات الاولية، لينقلنا بعدها الى الوان حرب ضروس.. تحبس الانفاس.. والى عوالم من الاكتئاب.. والذعر والخوف.

وتعالوا نذهب الى الفيلم، الذي يعتمد على نص روائي الماني الاصل بعنوان «ثلاث رفاق» كتب عام 1936، قام المخرج مايكل شيمينو (او كيمينو) باعادة صياغته لتجري الاحداث في فيتنام. وقبل ان نبدأ بالعرض الروائي لاحداث الفيلم، نشير الى ان هوليوود، قدمت حفنة من الاعمال السينمائية المستمدة من عالم الحروب، بعضها مبالغ فيه، ودعائي وغوغائي ومسطح بالذات «القبعات الخضر» من بطولة جون واين.

اما بقية الافلام، فكانت تعزف على وتر المواجهة، والتنديد بالحروب وويلاتها، ومن ابرزها «بلاتون» لاوليفر ستون و«القيامة الان» لفرنسيس فورد كابولا وايضا التحفة المهمة «السترة الحديدية» (المعدنية) لستانلي كوبريك.

فترة الستينات

ونعود لفيلم «صائد الغزلان» الذي تجري احداثه في غرب بنسلفانيا في مرحلة من الستينيات من القرن الماضي، حيث نتابع حكاية مجموعة من الاصدقاء، وهم مايكل (روبرت دويترو) وستيفن (وجون سافاج) وبنك (كريستوفر والكن) وستانلي (جون جنرال) وجون (جورج دزولزازا) واسكل (شيك اسبرغين).

هذه المجموعة كانت تعيش مرحلة مهمة من تاريخا تاريخ بلادها، هي امام التحضير للزواج وايضا الانخراط بالعسكرية.

حياتهم محددة الملامح، بين العمل، والذهاب في نهاية الاسبوع لصيد الغزلان وسط الغابات البعيدة، حيث لا شيء سوى النظرة الثاقبة والرصاصة القاتلة التي تذهب الى جسد تلك الغزلان الامنة في غابات بنسلفانيا.

ويذهب بنا الخط الدرامي، الى العلاقة التي تربط مايكل وينك مع ليندا (ميريل ستريب) والتي كانت تعطى كل منها الاحساس بالحب.

ولكن ذلك الهدوء والاستقرار، سرعان ما تعصب به الريح، حينما تنتقل المجموعة الى رحم الحرب في فيتنام، وهناك لا شيء سوى الاوامر.. والرصاص.. والغابات.. وبدلا من ان يمارس الشباب اصطياد الغزلان، عليهم اصطياد الجنود الفيتناميين، او التحول هم انفسهم الى اهداف يطاردهم الجنود الفيتناميين عبر حالات من التوتر، تحبس الانفاس وتزرع الذعر في الجمهور قبل الشخصيات.

وقبل رحلة السفر، يحضر الشباب، حفل زفاف ستيفن على انجيلا، وكأن ذلك الحفل كان بمثابة الوداع لكل شيء.. لهم.. ولحياتهم التي عاشوها برغد.

ومع لعلعة رصاصات الحرب، يجد ثلاثة من ابطالنا انفسهم في مأزق كبير، حيث تم القبض عليهم، وارسالهم الى السجن، في معسكر للجنود الاميركان، وهناك نرى كما من الشخوص والحالات التي تدهورت نفسيا حتى تحولت الى براكين متفجرة.. تمارس لعبة الموت من خلال ما يسمى بالروليت الروسي، والذي يقوم خلاله احد الجنود بوضع طلقة (رصاصة) واحدة، في المسدس ذي العجلة الدوارة، ويتم تحريك القرص، ثم يبدأ احد المتسابقين بتوجيه فوهة المسدس الى رأسه ويضغط على الزناد.. انتحار.. وجنون.. وشخصيات متوترة تذهب الى اقصى درجات الجنون، في معسكر المساجين. وسرعان ما تتحول تلك اللعبة المجنونة الى مباريات بين الجيمع، الحرس يجبرون المساجين على ممارسة الروليت الروسي.

متاهات وفوضى

وينزلق الجميع الى متاهات تلك الفوضى واللعبة القاتلة ويكون اول من يدخل اللعبة ستيفن.. ويبالغ نيك في اللعبة وبجنون لا يصدق، واداء نادر، بل هو الاهم في مسيرة النجم كريستوفر والكن، والذي نال عنه اوسكار احسن ممثل مساعد.

وتصل المواجهة في جوانبها النهائية، بين مايكل ونيك الى مرحلة الجنون والتطرف.. بل انهم يضعون ثلاث رصاصات بدلا من رصاصة واحدة.. وهو الانتحار الحقيقي والذي يحبس انفاس جمهور المشاهدين.

ونذهب الى عتمة مشهديات هي كل العنف. والذعر والتوتر والخوف، كلها اقتربت فوهة المسدس من رأس احدهم وضغط على الزناد.

خصوصا، اذا ما عرفنا، انه من اصل خمس فتحات في المسدس، هناك فتحتان فقط في القرص فارغتان، ولهذا فان فرص الحياة نادرة، وكأن الفيلم والشخصيات، حينما تذهب بنا الى ذلك المنزلق، وتلك الحافة، لتخلص الى مقولة، هي ان الانتحار اخف وطأة من الحرب وويلاتها ومواجهاتها في تلك الادغال الموحشة.

وبعد تلك المواجهة، يأتي القرار الاخر، بالفرار من المعسكر، عبر الطريق النهري، والمشي في النهر وسط متاهات هي اقسى من متاهات المواجهة مع «الروليت الروسي» و«مواجهة الجنود الفيتناميين».

وفي مغامرة اخرى، يفقد ستيفن قدميه بعد ان تكسرا، وينقذه مايكل (مايك)، بل ويحمله الى المنطقة الامنة.

بينما يجد نيك نفسه في احد المستشفيات في مدينة سايغون. وهناك يعود نيك الى ممارسة جنونه في لعب الروليت الروسي.

بينما يعود مايكل الى الديار ليرتبط مع ليندا، ويظل نيك وستيفن مفقودين كما هو شأن الكثيرين منهم، بل ان بعضهم عاد الى الوطن، وفضل ان يبقى غائبا لانه عاد وهو شبه مشلول، او بقايا جسد، او بقايا انسان.

انها الحرب وويلاتها.

انها المواجهة والاعتراض والرفض للحرب

ويبدأ مايكل جولته بالبحث عن رفاقه، ليجد لاحقا، ستيفن وقد فقد رجليه، واصبح معاقا، بعد ان قام اولا بزيارة زوجته التي تعيش حالة قريبة من الضياع والجنون.

هذه الحرب، انها دمار لكل شيء.

ولا فائز او مهزوم في الحرب، فالكل مهزوم، والكل مصاب والكل مدمر.

وفيلم «صائد الغزلان» يذهب بعيدا في تحليل تلك الاقامة، المقرونة بالالم والفزع والجنون.

وخلال زيارة مايكل الى ستيفن في المستشفى، يؤكد له ستيفن ان احدهم ارسل اليه مبلغاً ضخما من سايغون وهو يعتقد بان (نيك) لايزال حيا يرزق، ولهذا يقوم مايكل باقناع ستيفن بالرجوع الى منزله، واسرته، وزوجته بينما يشد مايكل لاحقا الرحال الى سايغون، قبيل خريف 1975، بمساعدة رجل فرنسي، وفي احدى الاندية الخاصة بالمقامرة يجد نيك والذي يحاول ان يختفي وهنا تحدث المواجهة الاهم في الفيلم، ولعلها اللحظة الاكثر اذى نفسياً، حينما يطلب مايكل من صديقه نيك ان يعود معه الى بنسلفانيا، ولكن كيف تكون العودة، وقد فرقته الحرب واخذت معه كل شيء، واصبح مدمنا على لعبة الموت تلك.

الروليت الروسي

ويطلب مايكل ان يبارز نيك، في الروليت الروسي وعندها تأتي اللحظة الحاسمة، فقد كان نيك يريد الموت ولا شيء سواه، ولهذا فهو يذهب الى المباراة الفاصلة، لا من اجل الفوز بل من اجل الموت، لانه يمثل بالنسبة له الفوز للتخلص من الحياة، ومن الواقع الذي يحيط به، والذي جرته اليه الحروب، والتدخل الاميركي في حياة الشعوب.

انه فيلم ابعد من ذلك بكثير، انه ضد كل الحرب، وضد كل التدخلات، وضد زج الابرياء من ابناء الشعوب في حروب مدمرة، تأكل كل شيء.

المشهد الاخير للفيلم ينتهي، بعزاء نيك، وحوله ما تبقى من اصدقائه، وقد لعبت الحرب بهم لعبتها وخلقت اثارها الموجعة عليهم، وعلى ملامحهم، واجسادهم واسرهم.

وهنا تأتي اغنية الرب يحرس اميركا.

ولكن ماذا عن شعبها وناسها ومستقبلها وتاريخها وتضحياتهم والاثار التي تخلفت عن تلك الحروب الطاحنة التي خاضتها.

انها اشكالية بشر اعتياديين، ثم اقتلاعهم من ارضهم وناس وحكاياتهم، الى مكان وزمان اخر لمواجهة وقتال اناس لايعرفونهم، ولم يسيئوا اليهم انها الحرب.

فيلم كبير، من توقيع مايكل كيمينو، فيلم لا يصنف الضحايا، فالجميع ابرياء، ولا تقسيم في الموت.

حيث تتحول البراءة في لحظة من تلك اللحظات التي تخلفها الحروب، الى وحوش قاتلة حينما لا تجد من تقتله فانها تقتل نفسها، وهذا ما نلمسه وباحتراف يدعونا للتصفيق طويلا للنجم الاميركي كريستوفر واكفل، الذي نعتقد بانه قدم يومها، افضل اداء له عبر مسيرته، ولهذا كان حصاده اوسكار افضل ممثل مساعد، بل ان صوره في احيان كثيرة، قفزت لتحتل البوسترات الى جوار النجم الكبير روبرت دونيرو.

فيلم يقول وباختصار شديد:

- لا للحرب.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

20/08/2010

 

سارة عبد المنعم:

لا أقتبس من الأفلام الأجنبيّة

القاهرة - نسمة الحسيني 

سارة عبد المنعم أحد أهم مصمّمي الأفيش السينمائي في مصر، استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة متميّزة عبر عدد من الأفلام.

حول صناعة الأفيش والدور الذي يؤديه في نجاح الفيلم أو فشله والمشكلات التي تواجهها بسبب تدخّل المنتج، واتهامها بالاقتباس من أفيشات أجنبية كان اللقاء التالي.

·         كيف كانت بدايتك مع الأفيش؟

بدأت مع المنتج محمد حسن رمزي الذي ساعدني على دخول هذا المجال وعرّفني إلى المنتج محمد العدل فكانت بدايتي معه في فيلمَي «صعيدي في الجامعة الأميركية» و{همام في أمستردام»، وفي رصيدي السينمائي الآن أكثر من 160 فيلماً.

·         كيف تستحضرين فكرة الأفيش؟

إما بقراءة السيناريو أو عبر ما يحكيه لي المنتج أو المخرج عن الفيلم أو من خلال مشاهدة الفيلم نفسه، والطريقة الأخيرة هي الأنسب لي لأنها تساعدني كثيراً في اختيار الفكرة الأنسب للعمل.

·         كيف تحقّقين الاختلاف بين أفيش وآخر؟

يتوقّف هذا الأمر على موضوع الفيلم نفسه، فإذا كان جديداً ومختلفاً يفرض فكرة جديدة. باختصار، جو الفيلم العام هو الذي يرسم في ذهني شكل الأفيش.

·         تعدّد أفيشات الفيلم الواحد هل سببه تشابه الأفكار؟

في البداية، أشير الى أنني اتجهت منذ فترة الى صنع أفيشين للفيلم الواحد بسبب تدخّل المنتج الذي يفكّر في اتجاه يختلف عن الذي أفكر فيه لذا كنت أصمّم أفيشاً يرضي المنتج وآخر يرضيني ويحقّق وجهة نظري، لكن المشكلة أن تعدد الأفيشات أصبح عُرفاً في الأفلام كافة وهذا ما يحرق أفكاراً كثيرة لأني استهلكت معظمها في أفيشات عدة.

·         هل يعني ذلك أنك ضد وجود أكثر من أفيش للفيلم؟

إذا كانت طبيعة الفيلم تتحمل أكثر من أفيش فليس لديّ مشكلة في ذلك، مثلاً صمّمت لفيلم «ملاكي إسكندريه أفيشين ونجحا، لكن أحياناً ثمة أفلام لا تتحمل طبيعتها أفيشات عدة وفي هذه الحالة أحاول إقناع المنتج بوجهة نظري فأنجح أحياناً لكن في النهاية هو صاحب الفيلم وصاحب القرار.

·         تطرقتِ في حديثك إلى تدخّلات المنتج فماذا عنها؟

للأسف هى كثيرة على رأسها تدخّله في الفكرة لأن المنتج يأتي أحياناً بفكرة جاهزة ويطلب من مصمّم الأفيش تنفيذها فأناقشه في هذه الحالة حتى نصل الى فكرة جيدة من وجهة نظري وأقنعه بها لكن في النهاية وجهة نظره هي السائدة.

·         ولماذا تزيد هذه التدخّلات بهذا الشكل؟

لم تواجهني هذة المشكلة في بدايتي لأن المنتج كان يتركني أعمل بحرية حرصاً على جودة العمل، لكن في الآونة الأخيرة وفي ظلّ الاعتماد على البيع الخارجي والفضائيات التي يستمد المنتج أمواله منها أصبح التدخّل أكبر.

·         هل تواجهين صعوبات أخرى؟

ثمة تدخّلات من المخرج والسينارست والممثل أيضاً، خصوصاً إذا كان نجماً فيفرض آراءه على السيناريو والإخراج والأفيش أيضاً.

·         ما تعليقك على اتهامك من البعض باقتباس أفكار أفيشاتك من أفلام أجنبية؟

لا أقتبس من الأفلام الأجنبية إنما يرتبط هذا الأمر بموضوع تعدّد أفيشات الفيلم الواحد، فحتى في الأفلام الأجنبية نفسها نجد أفيشات تشبه أخرى قُدّمت منذ سنوات عدة، أي أن التكرار وارد ومن الطبيعي أن يعتقد البعض بأننا نقتبس خصوصاً مع تشابه الموضوعات بين الأفلام المصرية وتلك الأجنبية.

·         لماذا تعتبرين الاقتباس من أفيشات أجنبية عيباً فيما ثمة أفلام قصّتها مقتبسة من أعمال أجنبية؟

اقتباس قصة الفيلم ليس عيباً لأن الكاتب هنا يبذل مجهوداً في تمصير الفيلم وإضفاء الروح المصرية عليه، لكن اقتباس الأفيش دليل على الإفلاس لأنه عبارة عن صور ثابتة وإذا اقتبسناها فما هو المجهود المبذول هنا؟

·         ما حجم الدور الذي يؤديه الأفيش في الدعاية وهل يساهم في إنجاح فيلم أو فشله؟

ما بين عامَي 2000 و2007 كان الأفيش يساهم في نجاح الفيلم لكن في السنوات الثلاث الأخيرة بدأ يقل الاهتمام به ولم يعد مؤثراً إلا في أفلام قليلة.

·         كيف ترين مستوى صناعة الأفيش راهناً؟

راهناً، تعاني صناعة السينما عموماً عدم اتزان، ما ترك أثره على نواحي هذه الصناعة كافة وليس على الأفيش فحسب، لدرجة أن حماستي خفّت باستثناء الأفلام الجيدة التي تسير فيها الأمور بشكل منظّم ويلتزم فيها كل شخص بحدود عمله، فمثلا انتهيت أخيراً من تصميم أفيش «سمير وشهير وبهير» وقد عملت فيه بحماسة عالية لأن مخرجه لا يتدخل كثيراً.

·         وما الفكرة التي اعتمدتِ عليها في أفيش أحدث أفلامك «سمير وشهير وبهير»؟

عندما شاهدت الفيلم وجدت أن أحداثه تدور في مرحلتين من الزمن إحداهما في التسعينيات والأخرى في السبعينيات وهي المرحلة التي اخترتها لأن شكل الحياة فيها أعجبني وتظهر بشكل طبيعي داخل الفيلم، وبما أن أبطال الفيلم كلّهم شباب في سن العشرين فكان لا بد من أن أضفي طابعاً من البهجة على الأفيش.

·         ما الأفيشات التي شاركتِ بها في موسم الصيف الراهن؟

ثلاثة، هي «الديلر» الذي كان أفيشه جيداً لكن للأسف ميزانية الدعاية في الشارع كانت قليلة ولم تكن مكثّفة ما ظلم الفيلم جماهيرياً، «الكبار» و{اللمبي 8 جيجا»، وأحضّر راهناً لأفيشات فيلمين هما «أسوار القمر» و{الوتر».

الجريدة الكويتية في

20/08/2010

 

عسل إسود في الصدارة و اللمبي 8 جيجا مخيّب للآمال

السينما في رمضان... إيرادات هزيلة

رولا عسران 

في جولة على الأفلام التي تعرض في رمضان يتبين أنها حققت إيرادات هزيلة في الأسبوع الأول منه، لم تتجاوز الخمسة ملايين جنيه، وهذا رقم ضعيف مقارنة بما كان يحققه أحد أفلام موسم الصيف في يوم واحد، مع ذلك يرفض المنتجون بشكل قاطع سحب الأعمال من دور العرض ويعتبرون أن الإيرادات مهما كانت ضعيفة إلا أنها قد تساهم في التعويض ولو بنذر يسير عن خسائرهم الفادحة.

الطريف أن فيلم «عسل إسود» بطولة أحمد حلمي مع إيمي سمير غانم وإدوارد ما زال متربعاً على شباك التذاكر، إذ بلغت إيراداته نصف مليون جنيه الأسبوع الماضي، فيما لم يحقق «لا تراجع ولا استسلام... الضربة الدامية» لأحمد مكي ودنيا سمير غانم سوى أربعمائة ألف جنيه، ما يعد تراجعاً في إيرادات الفيلم الذي حقق في الأسبوع الأخير قبيل دخول شهر رمضان حوالى خمسة ملايين جنيه. فسَّر البعض هذا التراجع بمشاركة أحمد مكي في دراما رمضان في بطولة مسلسل «الكبير أوي»، ما دفع الجمهور إلى الإعراض عن شراء تذاكر لمشاهدته في السينما طالما أنه يشاهده بطريقة مجانية في المنزل.

خسائر بالجملة

حقق «نور عيني» لتامر حسني ومنة شلبي حوالى ثلاثمائة ألف جنيه خلال الأسبوع الماضي، وهو رقم يصفه المنتج محمد السبكي بأنه ضعيف على رغم أن الأفلام لا تحقق إيرادات في شهر رمضان، كما هو معروف.

يضيف السبكي: «تنبهت منذ البداية إلى أن هذا الموسم سيسبب خسارة مالية للمنتجين بسبب حلول شهر رمضان فيه، لكن المنتج الشاطر الواعي هو الذي يعرف كيف يتفادى هذا الأمر بأقل خسائر ممكنة».

لم تتجاوز إيرادات «الديلر» لأحمد السقا ومي سليم وخالد النبوي المائة ألف جنيه، فيما حقق «الثلاثة يشتغلونها» لياسمين عبد العزيز وتوزيع «الشركة العربية» حوالى ثلاثمائة ألف جنيه في الأسبوع الأول من رمضان، بينما بلغت إيرادات «اللمبي 8 جيجا» لمحمد سعد ومي عز الدين 100 ألف جنيه، وهي إيرادات مخيّبة للآمال.

طمع بالإيرادات

يوضح الفنان أشرف مصيلحي، مدير مجمع سينمات «سيتي ستارز»، أن الإيرادات تنخفض خلال شهر رمضان لأن الجمهور ينشغل بمتابعة المسلسلات التلفزيونية التي تعرض مجاناً، «وهذا ليس بأمر جديد علينا كسينمائيين، لكن تفاقم الوضع هذا العام بسبب قصر الموسم، لذا أبقى المنتجون أفلامهم في دور العرض طمعاً في إيرادات تنقذ ما يمكن إنقاذه».

يتمنى مصيلحي تعويض هذه الخسائر في موسم عيد الفطر المقبل. وبدوره، يشير المنتج هشام عبد الخالق إلى أن الإيرادات على ضعفها قد تعوّض جزءاً من الخسائر التي تسبب بها حلول رمضان والأزمة المالية العالمية وتحميل الأفلام على الإنترنت...

من جهته، يرى المنتج كامل أبو علي أن الرهان في الإبقاء على الأفلام في دور العرض خلال رمضان هو على مشاهد يعشق السينما ويتابعها، خصوصاً أن الأفلام الأجنبية تحتلّ دور العرض وتحقق أيضاً إيرادات عالية، يضاف إلى ذلك أن ثمة جمهوراًَ لا يتابع المسلسلات إنما يقبل على الأفلام، لكن الراسخ في الأذهان أن دور العرض تقفل أبوابها خلال رمضان على رغم أنها كانت الأكثر رواجاً، منذ سنوات، خصوصاً في حفلات منتصف الليل التي تعرض أفلاماً أجنبية جديدة كل أسبوع وكان لها جمهورها.

الجريدة الكويتية في

20/08/2010

 

وجهة نظر

حسين صدقي...السينما برؤية أخلاقيَّة دينيَّة

محمد بدر الدين 

كان حسين صدقي (9 يوليو 1917 ـ 16 فبراير 1976)، فتى الشاشة الأول في عصره، مارس التمثيل والإخراج والإنتاج وكتابة السيناريو.

آمن بوجود علاقة قوية بين السينما والدين، ومن هذا المنطلق عالجت أفلامه مشاكل اجتماعية من بينها: مشكلة العمال في فيلمه «العامل» (1943)، تشرد الأطفال في فيلمه «الأبرياء» (1944)، تشجيع الأعمال الحرة ورفض الوظيفة في «الجيل الجديد»، تمجيد بطولات فرسان المسلمين في «خالد بن الوليد»، نضال الشعب المصري ضد الإنكليز في منطقة قناة السويس في «يسقط الاستعمار»، وغيرها من أفلام هادفة. كذلك أسس «شركة مصر الحديثة للإنتاج» عام 1942 لخدمة الأهداف التي كان يسعى إلى ترسيخها في المجتمع.

ساهم قرب مسكن صدقي من «المركز العام للإخوان المسلمين» في حي «الحلمية الجديدة» بالقاهرة في إقامة علاقة بينه وبين الإمام حسن البنا أواخر الأربعينيات.

أول إنتاج سينمائي له كان فيلم «العامل»، إخراج أحمد كامل مرسي، وعالج فيه مشاكل العمال في وقت لم تكن قد تأسست نقابات حقيقية لهم، وطالب فيه بسنّ قوانين وتشريعات ترفع الظلم عنهم. صودر الفيلم ست مرات بسبب جرأة الموضوع وفي كل مرة كان يطلب منه حذف مشاهد معينة، بدورها طلبت السفارة حذف مشاهد أيضاً. عندما عرض الفيلم في مدينة الإسكندرية أضرب عمال أحد المصانع ونظموا تظاهرة طالبوا فيها برفع الضيم عنهم.

أخرج صدقي «ليلة القدر» (1954) وأنتجه وأدى فيه دور البطولة مع ليلى فوزي، هدى سلطان، عبد الوارث عسر، واستيفان روستي. وتردد آنذاك أنه أجرى فيه مقارنة غير متكافئة بين الأديان.

يتمحور الفيلم حول قصة حبّ تنشأ بين الشيخ حسن (حسين صدقي) ولويزا (ليلى فوزي) شقيقة تلميذ الشيخ حسن تنتهي بزواجهما، فتهجر الشابة بيت أبيها المسيحي (استيفان روستي) الذي يرفض هذا الزواج، ويعود الشيخ حسن وزوجته إلى بيت أبيه في الحي الشعبي. تعلم نبوية (هدى سلطان) جارة الشيخ حسن بأمر زواجه من الأجنبية، فتخفي مشاعرها الجياشة تجاهه وتخدم الزوجين الشابين، كاتمة في نفسها حبها العنيف. إلا أن أم لويزا لا تلبث أن تمرض فتطلب رؤية ابنتها فيما يرفض الأب. إزاء هذا الموقف يضطر الشيخ حسن إلى طلاقه الرجعي من زوجته، منفذاً شرط الأب الأجنبي لتشاهد أمها، فينتهز الأب القاسي الفرصة ليمنع اتصال ابنته بزوجها السابق.

تمرض لويزا حزناً على فراق زوجها، لا سيما عندما تكتشف أنها حامل، ويأتي يوم الوضع فتلد طفلة بصعوبة بالغة، وعندما يعلم حسن بأنه أصبح أباً يقتحم منزل الأب، تسمع لويزا صوته فتثور وتتحرك من فراشها وهي مريضة لترى زوجها، لكنها تسقط مغشياً عليها، بينما هي تحتضر يأتي القسيس ليباركها بالصليب، فتأبى لويزا نصائحه وتعترف له بأنها مسلمة، وتنطق بالشهادتين وتتلو آيات القرآن الكريم وتطلب منه أن تدفن في مقابر المسلمين، ثم تموت ويتسلم الزوج طفلته وتنتهي القصة بزواج حسن من جارته التي كان ينوي الزواج منها قبل تعرفه إلى الفتاة المسيحية‏.

عرض الفيلم في السينما فترة قصيرة، إلا أنه واجه انتقادات عنيفة فمنع بأمر من اللواء محمد نجيب، بعد فترة غيّر حسين صدقي اسم الفيلم من «ليلة القدر» إلى «الشيخ حسن» وعرض مجدداً.

عام 1958 أخرج حسين صدقي فيلم «خالد بن الوليد» عن القائد العسكري المسلم وأنتجه وأدى بطولته. اعتمد على فقهاء وعلماء في الدين للمشاركة في كتابته من بينهم الشيخ أحمد الشرباصي الذي كتب الحوار، وكان لافتاً تجاهل المعارك الحربية الشهيرة التي ارتبط بها اسم خالد بن الوليد باعتبار أن كلفتها الإنتاجية كبيرة وتحتاج إلى خبير معارك.

عام 1961 توقف صدقي عن نشاطه السينمائي المتعدد الوجوه وفي عام 1976 رحل هذا الفنان المتميز «المختلف» بكل معنى الكلمة عن السائد في السينما المصرية.

سواء اتفقنا معه في التوجه العام من حيث أن السينما تعبّر عن مبادئ وقيم، أو اختلفنا معه في تفاصيل معينة... فإننا إزاء فنان محترم... فنان مختلف... فنان جاد وصاحب رسالة.‏

الجريدة الكويتية في

20/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)