حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سمة تميزها عن شاشات أوروبا

السينما الإيطالية مهمومة بالسياسة

محمد رُضا

يبدو أن معظم ما توافق مهرجانات السينما الأوروبية على عرضه من أفلام إيطالية هذه الأيام يتعامل، عن طيب خاطر مع الموضوع السياسي على نحو واضح . فيلم “الريح” للإيطالي المعروف جيزيبي تورناتوري، وإنتاج طارق بن عمّار، افتتح مهرجان فينيسيا قبل أقل من عام، وتناول تاريخ الحركات السياسية الإيطالية من فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وخلالها وبعدها . كذلك فإن الفيلمين اللذين تم اختيارهما للعرض في مهرجان “كان” هذه السنة وهما “لا نوسترا فيتا” و”دراكويلا” . نجد الأول لا يوفّر لمشاهديه حدثاً سياسياً أو شخصيات واقعية، إلا أنه يتعاطى مع سياسة الهجرة إلى إيطاليا من موقف معاد . ما يطرحه هو الشكوى من وضع عمّال البناء الإيطاليين المتأزّم اقتصادياً جراء لجوء أفارقة وأوروبيين شرقيين للعمل في البلاد منذ تم انضمام إيطاليا للاتحاد الأوروبي .

في المقابل، فإن “دراكويلا” للمخرجة الشابّة سابينا غوزانتي، يدور حول موقف الحكومة الإيطالية تحت رئاسة سيلفيو برلسكوني من قضية التعويضات المستحقّة بعد زلزال أكويلا . ويكفي أن العنوان هو جمع بين كلمتي “دراكولا” و”أكويلا”، لنفهم الموقف الذي يتّخذه الفيلم حيال الحكومة والمسؤولين .

وكنا شاهدنا في العام الماضي فيلماً عن رئيس وزراء لا يخلو من التهكّم بعنوان “النجم” أو “ال ديفو” الذي تناول شخصية غويليو أندريوتي ومواقفه السياسية وعلاقاته مع مختلف القوى الأخرى . وهو الفيلم الذي انتقل من مهرجان “كان” إلى مهرجانات كارلوفي فاري، وأثينا، وريو ديجينيرو، وميونخ، وعرض عربياً في مهرجاني دبي، وبيروت .

ومن بين أفلام حديثة أخرى، ما يجعل السينما الإيطالية واحدة من تلك السينمات القليلة حول العالم المشغولة بتحقيق أفلام سياسية إلى اليوم، بل وفي حين خفّت النبرة السياسية في السينمات البريطانية والفرنسية والروسية والألمانية والمنظومة الشرقية بأسرها، ارتفعت على نحو ملحوظ في إيطاليا منذ بداية القرن الحادي والعشرين، ولو أنها لم تتوقّف يوماً منذ السنوات التي تبعت الحرب العالمية الثانية، ولا حتى في زمن موسيلليني خلال الحرب ذاتها .

ومن بين الأفلام التي شوهدت في هذا العقد الأول من القرن الحالي الفيلم الوثائقي “كارلو جويلياني” لفرنشيسكا كومنشيني (2002) حول حادث قتل شاب اسمه كارلو جويلياني خلال مظاهرة سلمية جرت في العام 2001 .

وفي “هويّة مزوّرة” لميمو كالوبرستي أدّت فاليري غولينو بطولة فيلم يبحث في الدوافع الحقيقة لحريق يلتهم مؤسسة في مدينة تورينو، وتؤدي التحقيقات إلى اضطلاع مسؤولين حكوميين فيه . كما بحث “كل الحياة السابقة” لباولو فيرتزي موضوع تحجيم وتقليص دور النقابات العمّالية في الحياة السياسية والاقتصادية الإيطالية . وفي “صباح الخير يا ليل” لماركو بيلوكيو (2003) عودة إلى موضوع كانت السينما الإيطالية تطرّقت إليه أكثر من مرّة في السابق، وهو موضوع اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي ألدو مورا .

وبإلقاء نظرة على تاريخ السينما الإيطالية السياسية، نجد الهوية السياسية لإنتاجاتها تمتد إلى الأربعينات . ليس المقصود بالطبع كل تلك الأفلام الدعائية للحزب الفاشي، رغم أنها بدورها من نسيج سياسي بالطبع، بل بداية الموجة الواقعية التي واجهت حين أمّها عدد من المخرجين الإيطاليين اليساريين، أمثال روبرتو روسيلليني، وفيتوريو دي سيكا، والتي هدفت إلى تعرية الواقع في مقابل قيام السينما الإيطالية الكلاسيكية بتزيينه أو بالحديث عن مواضيع لا تمت إلى الوضع الاجتماعي بصلة . لكن النهضة الحقيقية للسينما السياسية في إيطاليا حدثت في الستينات لجانب العديد من الحركات الشبابية والتقدّمية التي توزّعت حول العالم من مصر إلى تشيلي ومن بريطانيا وفرنسا إلى البرازيل . في تلك الحقبة وجدنا المخرج إليو بتري في مقدّمة المخرجين المتطرّقين إلى صلب القضايا الاجتماعية المهمة في أفلام مثل “تحقيق حول مواطن فوق الشبهات”، و”الطبقة العاملة تدخل الجنة” . فرانشسكو روزي عبر أعمال تحمل مزجاً بين الروائي والتسجيلي مثل “سلفادور جويليانو” و”قضية ماتاو” .

ومن المخرجين الآخرين الذين انبروا لتحقيق أفلام سياسية جيلو بونتيكورفو الذي أنجز “معركة الجزائر” وبييترو جيرمي، الذي مزج الموقف السياسي بالكوميديا الاجتماعية، وحتى بيير باولو بازوليني الذي مزج الموقف ذاته بالمواجهة مع رموز السُلطة والكنيسة ما أدّى إلى مقتله سنة 1975 وهو الاغتيال الذي لاحقاً ما تحوّل مواضيع سينمائية بحد ذاته .

 

فيلمه الجديد يرضي جميع الأذواق

نيكولاس كيج حكاية فشل ونجاح

في حين أن الأفلام الخيالية التي نطالعها على الشاشة، توفر لنا صورة مجسّمة عن مصادرها المختلفة، فإن عدداً من هذه المصادر هو الأكثر انتشاراً وتعرّضاً للاقتباس هذه الأيام . من بينها مجلات الكوميكس، والمسلسلات التلفزيونية، وألعاب الفيديو والأفلام القديمة ذاتها . وكلها تبرز جانب البطولة الفردية أو القائمة على مجموعة من الأبطال المجتمعين تحت غاية واحدة .

لكن “شريك الساحر”، الفيلم الجديد لجون ترتلتوب، صاحب أفلام أفضلها لا يعلو على المتوسّط مثل “كنز وطني”، ينفرد في أنه مأخوذ عن فيلم رسوم متحركة من نحو سبع دقائق تم صنعه سنة1940 . ذلك الفيلم، الذي يسرد قصّة ميكي ماوس، وقد اكتشف سحراً يكاد ينقلب عليه، كان واحداً من مجموعة أفلام كرتونية تألّف منها الفيلم الكلاسيكي “فانتازيا” . إنه اقتباس تطلّب من كتّاب السيناريو مط بعض المفارقات، وإضافة الكثير منها لأجل تكوين فيلم من نحو ساعة ونصف الساعة .

في البطولة نيكولاس كيج في دور ساحر اسمه بالتازار يعلم بخطّة يقف وراءها ساحر آخر يدعى هوفراث، ويؤيده ألفرد مولينا ستعرّض مدينة نيويورك إلى الخطر . لكن بالتازار في حاجة إلى شريك يساعده في المهمّة، وهذا ما يستدعي انضمام الشاب دايف (جاي بروشل) . قبل ذلك كلّه، هناك جزء تمهيدي تقع أحداثه في الماضي البعيد، اعتمده الفيلم من باب التوسّع من ناحية، وإلقاء ضوء على خلفية الصراع بين بالتازار وهوفراث . كل هذا في النحو المتوقّع هذه الأيام من أحداث تشترك في نسجها المؤثرات الخاصّة إلى حد كبير .

الفيلم يهدف إلى إرضاء أذواق متعددة، ولهذا السبب تم جمع ممثل من جيل وسط (كيج) إلى آخر جديد، وإلى حد معيّن، غير معروف (بروشل) وبالتالي إنجاز هدف تعميم العمل ليشمل أعماراً تتراوح من السادسة عشر إلى السادسة والثلاثين .

في السنوات الخمس الأخيرة على الأقل، نوّع الممثل كيج من أدواره، فمن شخصية تاجر السلاح الذي يندم على تجارته “سيد الحرب”، إلى دور ضحية عملية نيويورك 2001 في “وورلد ترايد سنتر”، ومن الكوميديا الداكنة “الرجل المجدول”، إلى الأكشن المزوّد بنكهة البطولة الفردية والمغامرات الخارقة للقدرات الطبيعية، كما الحال في “غوست رايدر”، و”التالي”، والجزأين المتواليين من “كنز وطني” .

كيج يعلم أنه لن يستطيع المضي بعيداً في الأدوار الجادّة التي لعبها سابقاً . في مطلع حياته ممثلاً، حين كان شابّاً في أواخر العقد الثاني من عمره، في مطلع الثمانينات وجدناه ينخرط في سلسلة أفلام تحمل طابعاً فنياً، كتلك التي أخرجها عمّه فرنسيس فورد كوبولا، وزرعه في وسطها مثل “رامبل فيش”، و”كوتون كلوب” . وهو انتقل إلى عهدة الأخوين جووَل وإيتان كووَن في “نشأة أريزونا”، قبل أن يلعب بطولة “ضربة قمر” إلى جانب المغنية شير، واحد من أنجح أفلامه في الفترة الأولى .

وحتى منتصف التسعينات، انتقل نيكولاس كيج بين مشاريع كانت تبرهن على تنوّع وثراء موهبته . هذا إلى أن تأكد له أنه إذا ما أراد البقاء على سدّة النجاح، عليه أن ينتقل كليّاً إلى الأفلام الكبيرة المتّجهة مباشرة إلى الجمهور الكبير، مثل “الصخرة”، و”كون آير”، و”فايس أوف”، و”اختفى في ستين ثانية” .

إنه في هذه الأفلام بدأ يخسر بريقه بين النقاد ويكسبه بين الجمهور .

نظرياً يعتقد البعض أنه من السهل الجمع بين الجانبين، عملياً هذا من أصعب ما يكون بالنسبة إلى الممثل، لأنه من غير المستطاع التخطيط لمهنته على هذا النحو، ولا بمقدوره انتظار السيناريو الذي يمكن له أن يُقرأ على جانبي المعادلة جيّداً في وقت واحد .

لهذا السبب شاهدنا كيج مؤخراً في كل تلك الأفلام القائمة على المغامرات السريعة، مثل “غوست رايدر”، و”كنز وطني”، و”نكست”، ولهذا السبب أيضاً لا يزال من بين أنجح ممثلي جيله .

 

علامات

قانون الـ 180 درجة

لنقل إن مشهداً لرجل وامرأة يجلسان مواجهين هو إلى اليمين وهي إلى اليسار . الكاميرا، التي هي عين المتفرّج على المشهد، تريدهما معاً في لقطة جانبية (لا يهم حجمها فقد تكون قريبة متوسّطة أو متوسّطة أو بعيدة) . حال اختيار المخرج ومدير التصوير الناحية التي سيتم وضع الكاميرا لالتقاط المشهد (الجهة الشمالية من الممثلين أو الجهة الجنوبية من الممثلين) عليه أن يلتزم بذلك الجانب أو الاختيار طوال الوقت، راسماً خطّاً نظرياً وذهنياً يمتد بين الجانب الذي هو فيه والجانب المقابل وهو الخط الذي يسمّى بخط الـ 180 درجة .

بالتأكيد يستطيع مدير التصوير تغيير مكان الكاميرا في الجانب الذي هو فيه من باب التنويع . بما أن المشهد عادة ما يتكوّن من عدّة لقطات، فإن إحدى هذه اللقطات قد تكون للمرأة وقد تكون الأخرى للرجل، وربما تحرّكت الكاميرا لتقف وراء كتف أحد الممثلين لالتقاط الممثل الآخر في المواجهة مع جزء من رأس الممثل الآخر . في كل تلك الحركات على مدير التصوير أن يتأكد من أن المرأة ستبدو دائماً ناظرة إلى اليمين والرجل إلى اليسار . وأفضل وسيلة للتأكد من أن الفيلم سيخلو من خطأ ما في تصميم المشهد وزواياه هو الالتزام بالجانب المختار أساساً، سواء أكان شمال الممثلين أم جنوبهما .

لكن هناك استثناء مهماً: لنقل إن هناك مشهداً يتقدّم فيه شخصان في خط مستقيم من بعضهما البعض . الأول آت من يمين الشاشة والثاني من يسارها . نقطة اللقاء هي منتصف المسافة من نقطة انطلاق كل منهما . حين يلتقيان يستطيع مدير التصوير القيام بحركة التفاف من وراء ظهر أحدهما منتقلاً إلى الجانب الآخر من الكاميرا، والسبب في أن ذلك مقبول يعود إلى أن يتم أمام المشاهد الذي سيعرف بالتالي لماذا يبدو كل رجل كما لو أصبح في الجانب المقابل من الشاشة .

في فيلم “كينغ فيدور” “الاستعراض الكبير” (وهو دراما تم إنتاجها سنة 1925 حول الحرب العالمية الأولى)، نرى الجنود الأمريكيين يتقدّمون نحو المكان الذي ستقع فيه المعركة المرتقبة ضد القوّات الألمانية . تقدّمهم يتّجه عبر الشاشة من اليسار إلى اليمين . تقدّم القوات المعادية من اليمين إلى اليسار . لو أخطأ مدير التصوير حساباته وقام بتصوير أي من هاتين المجموعتين من زاوية مواجهة للأولى فإن النتيجة سوف تبدو كما لو أن تقدم الأمريكيين أو الألمان مغلوطاً . هذا هو إيجاز لما يعرف بقانون الـ 180 درجة الذي يحرص على منح المشهد في اللقطة التالية موضعاً صحيحاً لا يتعارض مع موضع الكاميرا في اللقطة السابقة .

إشكالات عديدة قد تقع نتيجة عدم الإلمام بهذا المبدأ من بينها دخول وخروج الشخصيات من وإلى كادر معيّن من الزاوية الخطأ . في العديد من الأفلام القديمة نكتشف هذا الخطأ حين ينظر شخص ما إلى يمينه، حيث هناك نار مشتعلة بعيداً أو حصان في البرية . لقطة للنار فإذا بها تقع على يسار المشهد ما يعني عملياً أنه كان ينظر إلى الجهة الأخرى .

يتعامل مع هذا القانون أيضاً المونتير، وهو لن يسمح لهذا الخطأ أن يحدث إلا إذا لم يكن لديه بديل من اللقطات، ولم يكن في مقدور الإنتاج حذف المشهد ولا إعادة تصويره . في هذا النطاق قد يجد المخرج نفسه أمام تحد غير محسوب . بعض المخرجين الذين يشتغلون على الأسلوب قد يصوّرون عن عمد حركة غير منطقية لإثبات فكرة، لكن وقع ذلك على المشاهد يبقى محفوفاً بخطر عدم القبول .

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

18/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)