حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجانات السينما العالمية.. في الغرب وفي عالمنا

عندهم هي منافسة..  وعندنا هي صراع بأي وسيلة كانت

هوليوود: محمد رُضا

يوم غد، السبت، هو اليوم الأخير من مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي في مناسبته الخامسة والأربعين. أي مهرجان فوق الأربعين يجسد الجهد والإصرار والكثير من البذل في سبيل إنجاز المناسبة المتوالية عاما بعد عام. وحاليا هناك مجموعة كبيرة منها حول العالم: سان فرانسيسكو، سان سيباستيان، لوكارنو، كان، لايبزغ، أوبرهاوزن، فينيسيا، برلين، دوفيل، نيويورك، شيكاغو، لندن، مونتريال، تورونتو، وبالطبع كارلوفي فاري الذي انطلق حين كانت أوروبا الشرقية ما زالت منغلقة على ذاتها نتيجة النظام الشيوعي.

وكان يقام مرة كل عامين بالتناوب مع مهرجان مخضرم آخر هو موسكو الذي قيل عنه في الثمانينات إنه كان لا يطيق أن ينافسه كارلوفي فاري، التشيكوسلوفاكي، على المركز الأول كأهم مهرجان في أوروبا الشرقية بحيث كان يتدخل للحد من طموحاته والسطو على أفلامه.

لكن بعد أن تهاوى الاتحاد العتيد وتشيكوسلوفاكيا أصبحت دولتين (تشيك وسلوفاكيا) لم تعد هناك تلك السلطة السابقة، والمهرجان أصبح سنويا يقام في أواخر النصف الأول من العام.

اليوم الجمعة، يعرض، فيما يعرض، فيلمان يتمحوران حول الجريمة: «قاتل كاميرا» أو كما عنوانه الأصلي Der Kameramorder وهو إنتاج مجري، سويسري، نمساوي للمخرج روبرت أدريان بيجو. والفيلم الأميركي The Killer Inside of Me للمخرج البريطاني مايكل ونتربوتوم.

الأول في المسابقة والثاني خارجها كونه واحدا من أفلام كثيرة جمعها هذا المهرجان من مهرجانات أخرى و«القاتل الذي في داخلي» كان معروضا في «برلين» مطلع العام الحالي.

اللافت ما يرمز إليه كل من هذين الفيلمين، فهما فيلمان بوليسيان لكن كل واحد منهما يكشف عن ثقافة مختلفة من حيث تناولها لهذا النوع: الأول حول شلة من الأصدقاء يكتشف كل منهم شيئا كان الآخر يخفيه في الوقت الذي يختفي فيه ثلاثة أولاد صغار بالقرب من المكان، والثاني حول نائب شريف في بلدة تكساسية يرتكب الجرائم ويحاول نسبها إلى سواه وصولا إلى حالة انتحار ذاتي بشعة. المفارقة أن الأول لا يعمد إلى العنف لكي يترك تأثيره، بينما يعمد الثاني إلى كل العنف الذي في العالم ليشحن به عمله تاركا تأثيرا كبيرا ولو في شكل سلبي غالبا.

على ذلك الاختلاف، فإن عروض مهرجان كارلوفي فاري التي تتجاوز مائتي فيلم قائمة على جمع شتات الأساليب والتجارب وضمها لبعضها البعض ما دامت تحتوي على القدر الأدنى من الجاذبية. قد تكون جاذبية اسم المخرج، أو جاذبية الموضوع، أو تلك الناتجة عن جودة العمل نفسه.

في هذا الشأن لا يختلف هذا المهرجان عن معظم المهرجانات الكبيرة المقامة حول العالم، فهي جميعا تسعى إلى النجاح وتعتمد على اكتشاف الأفلام الجيدة أو الجاذبة وتقديمها. ما هو مختلف هو كيف تتجانس المهرجانات مع بعضها البعض، وقد أصبح عددها 4000 مهرجان صغير وكبير ودولي ومحلي وإقليمي، متخصص في النوع (رعب، كوميديا، خيالي علمي إلخ..) أو في المنطقة الجغرافية (بلدان البحر المتوسط في تاورمينا، السينما الأميركية في دوفيل، السينما العربية في سان فرانسيسكو إلخ..) أو تبعا للاختصاص النوعي (روائي/ قصير، طويل، تسجيلي، أنيماشن إلخ..). في الحقيقة هناك مهرجان لكل شأن ولكل سينما ولكل زمن في كل مكان في القارات الخمس مع نحو 650 مهرجانا في الولايات المتحدة وحدها، ونحو 25 مهرجانا في العالم العربي.

بطبيعة الحال، لا نسمع كثيرا عن معظم هذه المهرجانات، إذ يتحلق اهتمامنا حول 10 مهرجانات عربية رئيسية هي مراكش، دبي، قرطاج، القاهرة، أبوظبي، الرباط، دمشق، الإسكندرية، الرباط، والآن الدوحة كونه آخر المنتمين إلى سلسلة الأفلام العربية الكبيرة.

وهذا ليس شأننا نحن فقط: المهرجانات الرئيسية التي يتردد إليها العالم أو يتابع أخبارها لا تزيد عن 20 مهرجانا والاهتمام يتفاوت بالطبع بين الكثيف (فينيسيا، برلين، كان، تورونتو) والخفيف (روما، دوفيل، روما إلخ..) وبينهما المعتدل (لوكارنو، سندانس، مونتريال، كارلوفي فاري إلخ..). كما هو ملاحظ، هناك مهرجانات اسمها أكبر من صيتها مثل «سندانس» الذي لا ريب في أهميته، لكنه ليس بالحجم المفصلي بالنسبة لمعظم السينمائيين كما الحال مع أكبر 3 مهرجانات دولية وهي، حسب تواليها زمنا، برلين، كان، وفينيسيا.

ما يثير الغرابة هو عدد المهرجانات المرتفع، فالعالم لا ينتج ما يوازي هذا الرقم من أفلام جيدة.

الإنتاج السينمائي العالمي لا يقل عن ضعف هذا العدد بالتأكيد، لكن الجيد والصالح منها للمهرجانات، بصرف النظر عن اهتمام كل مهرجان، لا يتعدى 500 فيلم من القصير إلى الطويل ومن الأنيماشن والتسجيلي والتجريبي والأنثروبولوجي إلى الروائي العادي في أي حجم كان. السؤال هو إذن، لا تجد المهرجانات أفلامها، إذ الجواب يكمن في كلمة واحدة هي Recycle، بل أساسا، لماذا تتكاثر هذه المهرجانات على الرغم من القلة النسبية للأفلام التي تصلح للعرض؟

الجواب على هذا السؤال أصعب بكثير من تعداد الأفلام وتعداد المهرجانات ومحاولة إيجاد الغطاء الكافي للوعاء الكبير. بعض الأسباب اقتصادي، لإنعاش صناعة، والبعض سياحي، للغاية نفسها، والثالث عشقا بالسينما بلا ريب، والآخر قد يدخل الباب العريض بدافع وطني، ثم هناك بالطبع تلك المهرجانات التي تقام لأنها تنفعية لبعض الشخصيات التي تديرها.

في هذا الصدد، يكفي ذكر مهرجان روتردام للفيلم العربي، الذي أقيمت دورته العاشرة في أواخر الشهر الماضي، وما صاحبها من انتقادات علنية وتبادل اتهامات وادعاءات كون المهرجان الصغير يبدو هذا العام أكثر من أي من أعوامه السابقة مثل بناء العشوائيات في قاع مدينة مكتظة.

وكما هو ملاحظ بين الأسباب المذكورة التي تدفع العالم لإنتاج وتوفير هذا العدد الخانق من المهرجانات، فإن حب السينما والسعي إلى نشرها كثقافة لا يأتي في المقدمة. طبعا كل مهرجان، بصرف النظر عن حجمه، يستطيع أن يدعي أنه نتاج حب القائمين عليه للسينما. لكن الاكتراث بهذا الادعاء قل كثيرا مع انتشار المهرجانات. المتداول، علنا، أن المهرجان يقام احتفاء بالسينما، وهذا يشبه الدكان الذي يدعي أنه يحتفي بالفاكهة ويدعو للاستفادة من خصائصها الغذائية، لذلك يبيعها، بينما هو يبيعها لأنها تعود عليه بالنفع. وسواء أكانت المنفعة مادية أو مادية ووطنية معا، فإن الطريقة التي يدار بها المهرجان وأسلوب التعامل مع الجانب الثقافي للسينما هما اللذان يقرران إلى أي مدى يحب المهرجان المعين السينما التي يحتفي بها. إلى أي حد يشعر بالغيرة عليها ويحاول أن ينشطها ويوسع إطارها ويمنح الجيد والجاد من أفلامها المكانة التي يستحقها.

كما يدرك المتابعون فإن المهرجانات الثلاثة الأولى في العالم هي تلك التي ذكرناها أعلاه، برلين، كان وفينيسيا. وهي ليست الأولى لأنها الأقدم فقط، بل لأنها نتاج أجيال من الباذلين الأوفياء للسينما الذين أدركوا المسؤولية وانضبطوا للعمل بموجبها. السبب المهم الثاني هو أن كلا من هذه المهرجانات مرتبطة بواحدة من عواصم الصناعة السينمائية حول العالم: ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ولا يهم أن المهرجانين الفرنسي والإيطالي يقامان في مدينتين لا تشهدان صنع أفلام (على وفرة ما تم تصويره من أفلام فيهما) لأن كلا من كان وفينيسيا، كمدينتين، تنتميان في النهاية إلى السوق الوطنية المنتجة والشاسعة.

إلى جانب السببين الأول والثاني يلتقي سبب ثالث مكونا مثلثا لا غنى عنه: الجمهور. إنه، المهرجانات، مكون من أجيال من المتابعين والمهتمين والسينمائيين والمثقفين والهواة الذين لا يتركون فرصة انطلاق دورة واحدة من دورات أي من هذه المهرجانات تمر من دون إحاطتها بكل اهتمام ممكن.

لذلك أي منافسة بين هذه المهرجانات هو أمر محمود وشرعي كونه ضرورة من ضرورات البقاء حيا وتنفيذ المهمة الملقاة على عاتق كل منها. لكن هذه المنافسة قلما تنتقل إلى صراع، أو بكلمات أكثر تحديدا إلى محاولات تصفية الآخر. جل ما يمكن أن يفعله المهرجان الواحد من باب المنافسة هو أن يتصل أو يستقبل ما هو متاح في الفترة المسبقة لانعقاده. وبالتالي، فإن الفيلم الذي لا يلحق ببرلين في الشهر الثاني من العام قد يلحق بكان في الشهر الخامس، وذلك الذي تفوته محطة كان، فإن محطة فينيسيا هي التالية على بعد ثلاثة أشهر منه.

هذا الواقع هو الأساس في التعامل بين كل المهرجانات الغربية (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة على حد سواء) حتى حين يتسبب مهرجان في إثارة قلق مهرجان آخر: روتردام العالمي (وليس العربي طبعا) قض مضجع برلين قبل سنوات، ثم استقر على وضعه كثاني مهرجان في تلك الفترة المبكرة من العام. روما قبل سنوات انطلق قويا ما جعل العالم يتحدث عما قد يشكله ذلك من خسارة لمهرجان فينيسيا وكلاهما كبير يقام في إيطاليا.

لكن الحال معكوسة في العالم العربي، والصراع هو الذي يحل محل التنافس بما يحمله من قيام بعض المهرجانات بمحاولة تدمير مهرجانات أخرى.

هناك في الصف الأمامي من المآزق والأزمات انحسار الطموحات إلى حدود منخفضة. ما يريده مهرجان مسقط على سبيل المثال هو أن يقام بصرف النظر عن نتيجة الدورة الماضية أو عن المأمول له من طموحات كانت تراود مؤسسيه. كذلك الحال مع مهرجان دمشق السينمائي المنقلب منذ سنوات للوضع الدولي، علما بأن النسبة الأكثر من الأفلام المعروضة منتقاة مما هو متوفر من أسطوانات أفلام، حسب انتقادات عدد من النقاد الذين حضروا دوراته الأخيرة وعادوا منها مندهشين. لكن مهرجان دمشق يعوض هذا الجانب بالتأكيد على دور الثقافة السينمائية سواء من حيث تبريره الوسيلة التي يعمل بها أو من حيث إطلاقه مجموعة من الكتب والمطبوعات السينمائية المواكبة للحدث.

في القاهرة، فإن المهرجان السينمائي الدولي الأعرق في العالم العربي يعاني من أزمات تمويلية حيث تقف الميزانية المحدودة عائقا يحول ضد تصاعد وتطور دوراته. لكن هذه الأزمة ليست الوحيدة. هناك إقصاء لصاحب الخبرة أو تحديد صلاحياته في مقابل تمدد تلك التي يتمتع بها مديرون آخرون. هذا ينجلي عنه دائما دورات تسعى لأن تحقق غاياتها ودائما ما تخفق في تحقيق تلك الغايات حتى على صعيد التنظيم وبعد أكثر من 35 سنة من المحاولات الدؤوبة. المأزق المادي قد يمنع المهرجان من استقطاب إعلام أفضل وسينمائيين أكثر، لكن المأزق الإداري هو الذي يؤدي إلى أفلام مبرمجة لا تعرض في مواعيدها أو لا تعرض على الإطلاق.

لكن مهرجان القاهرة، هو مثل المدينة التي يحمل اسمها: مهرجان تحبه وتريد أن تحضره لانتماءاته. مصر هي، بصرف النظر عن الحاصل في السينما العربية، العاصمة السينمائية الأولى. والسينمائيون أنفسهم جمهور محب يبادر بالتجاوب مع اليد الممدودة إليه. قليل من التنظيم والكثير من بناء الثقة والطموحات مع العمل لمنح المهمة الإدارية لمن يستحق، سيعيد مهرجان القاهرة للعب دور الملتقى الأول بين المهرجانات العربية بأسرها.

بالنسبة لمهرجان قرطاج التونسي، وهو من الأعرق الموجود في الساحة العربية، بل أول مهرجان سينمائي عربي انطلق ولا يزال منطلقا إلى اليوم، فإن حب التونسيين للسينما هو الذي لا يزال مبهرا على الرغم من السنوات المديدة له. لكنه، وبعد فورة شبابية واتته في الستينات والسبعينات يبدو أنه قد تحول في السنوات الأخيرة إلى فعل وظيفي، مفوتا الفرصة الأهم بين كل المهرجانات العربية ليكون عالميا حقيقيا. فهو بتخصصه بالسينماتين العربية والأفريقية، كان يمكن أن يشكل محطة مهمة على خط المهرجانات العالمية بأسرها، بل إنه لعب هذا الدور سابقا والغالب أنه لا يزال يستطيع استعادة هذا الدور لاحقا.

هذه المهرجانات العربية المذكورة، وبعض سواها، تدار عربيا وهذا هو أمر بالغ الأهمية لكنه ليس الوضع ذاته في عدد من المهرجانات المتبقية: مراكش تديره أياد فرنسية والشكوى القائمة منه تتعلق بعدم اهتمامه بالسينما المغربية ذاتها ومع أن هؤلاء لديهم مهرجانات مغربية أخرى يؤمونها، فإن تواجدهم في إطار المهرجان المذكور سينعكس إيجابيا على السينما المغربية بأسرها وسيمنح الحضور الأجنبي فرصة مشاهدة الأفضل في كل مرة - هذا إلا إذا ما كانت التهمة في غير مكانها أو أن عدم اهتمام الإدارة الفرنسية بالأفلام المغربية (والعربية بصفة عامة) عائد إلى نوعية هذه الأفلام أساسا. في المنطقة الخليجية المسألة بالغة التعقيد. مهرجان دبي السينمائي الدولي بدأ بإدارة أجنبية.

مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي (الذي انطلق قبل أربع سنوات باسم «مهرجان الشرق الأوسط») بدأ بإدارة عربية.

الأول أصر على أن تكون إدارته عربية. الثاني استبدل الإدارة الأجنبية بالإدارة العربية. اتجاهان متعاكسان على طريق واحد. الغريب أن كليهما نجح في خطوته على الرغم من أنها تناقض الأخرى.

مهرجان الدوحة الجديد تديره سيدة بريطانية. بذلك، ثلاثة مهرجانات كبيرة لديها دور رئيسي مقبل في بناء صرح السينما في بلدانها، هي مراكش وأبوظبي والدوحة، مدارة أجنبيا.

مهرجان دبي السينمائي الدولي هو المهرجان الأول في المنطقة الخليجية الذي وضع دعائم للسينما الإماراتية والخليجية كما باقي السينما العربية. نحن هنا لا نتحدث عن أولويات زمنية بل عن أولويات نجاح. انطلق طموحا وأنجز طموحاته من السنة الثالثة وما بعدها وأسس صرحا قويا للسينما العربية عبر تأكيده على النوعية وإطلاقه مسابقة ذات جوائز سخية تمنح للمخرج الذي يحوز على إعجاب لجنة تحكيم مستقلة تماما. لكن المهرجان الذي يدخل هذا العام دورته السابعة يتعرض حاليا لمرحلة صعبة.

خلاصة هذه المرحلة هي أن كونه يعتمد في استمراريته على دعم المؤسسات من معلنين وداعمين تجاريين إلى جانب مساعدة حكومية محددة يجعله غير قادر على تجاوز تحديات تفرضها عليه تطورات محيطة. فعلى الرغم من حسن تنظيمه ومن بذله الدائم لدفع السينما العربية إلى الأمام على نحو يعتمد الكفاءة أولا، وعلى الرغم مما حققه من اهتمام دولي، يجد أن التحديات المفروضة عليه اليوم تكاد تطيح بقدرته على إنجاز نجاحات مستقبلية.

فالوسيلة التي كانت تتبع للحصول على الأفلام العربية التي تشكل عماد هذا المهرجان تعرضت لهزة شديدة حينما قام مدير مهرجان أبوظبي المنافس، بيتر سكارلت، بمنح الضوء الأخضر لاستخدام وسيلة الإغراء المادي لجذب المخرجين والمنتجين بحوافز مالية مباشرة لأجل ضمان قيامهم بعرض أفلامهم في مهرجان أبوظبي عوض مهرجان دبي. الحاصل اليوم هو أن المخرج العربي بات لديه حافز يعتمد على المال وحده لتفضيل مهرجان على آخر. أمر لا يضر فقط مهرجان دبي ويؤثر على قدرته استيعاب الأفلام الجيدة فقط، بل على مستوى السينما العربية ذاتها.

ما بات يحدث تبعا لهذا المنوال الغريب من العمل هو أنه صار بالإمكان لأي مخرج عربي التحجج بأن فيلمه ليس جاهزا بسبب نقص السيولة، مدركا أن هناك من سيعرض عليه إنجاز الفيلم بمنحه مبلغا ماديا (يقال إنه يصل اليوم إلى خمسين ألف دولار، وذلك لقاء حصول ذلك المهرجان على حق عرضه).

نتيجة ذلك، فإن المهرجان الذي يدفع سلفا هو الذي ينال. وبما أن المهرجان الوحيد الذي يدفع - حتى الآن إذ لا ندري من سينتهج مستقبلا هذا المنحى - هو مهرجان أبوظبي، فإن مهرجان أبوظبي هو الذي سيحصد أهم وأفضل الأفلام العربية.

لكن النتيجة الفادحة هي أن الأفلام التي ستتدافع لكي يشتريها مدير مهرجان ما سوف تصبح تلقائيا أعمالا غير جديرة بالتقديم. سيكون من الصعب جدا الحفاظ على المستوى ما دام أن العائد المادي، في حسبان السينمائي، هو الأهم. وبما أن الدفع يتم مسبقا، فإنه لا ضمانة مطلقا على أن الفيلم المدفوع له سيكون ذا قيمة أساسا. ربما حمل اسما كبيرا أو اثنين، لكن ما كانت الأسماء أبدا أهم من النتائج.

من هذا المنطلق، سيجد بيتر سكارلت، وهو مثقف سينمائي مارس النقد إلى أن اكتفى، أنه خرب السينما العربية، وهو من جيء به لإحيائها.

الشرق الأوسط في

09/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)