حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

النسخة الجديدة من «كابوس شارع إيلم»..

فيلم خال من الإبداع.. ومشاهد تثير الملل

محمد رُضا

زعل المنتج والمخرج مايكل باي حين طالبته شركة «دريم ووركس» في الصيف الماضي بسرعة العمل على البدء بحلقة ثالثة من سلسلته «ترانسفورمرز»، وأعلن أنه كان يتمنّى لو أن الشركة (التي يشارك في امتلاكها المخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ) تمنحه فرصة للراحة وللابتكار، عوض أن تفرض عليه دخول انتاج جزء جديد مباشرة في أعقاب الأول.

ألهذا السبب، يحق لنا أن نتساءل، جاء فيلمه الجديد «كابوس شارع إيلم» خالياً من الإبداع؟ او أنه من بين تلك الأفلام التي لا يهم فيها أن تُبدع، خصوصاً إذا ما كان الأصل موجودا ومتمثّلا بتلك النسخة التي أنتجت سنة 1984؟

مايكل باي لم يخرج النسخة الجديدة من فيلم وز غرافن ذاك، بل اكتفى بإنتاجها مانحاً المهمّة الى أحد عساكره واسمه سامويل بايَر، لديه تاريخ طويل جدّاً يعود الى العام 2007 حين أخرج فيلماً بعنوان «زبالة مطلقة»! وهو لم يكن يصف فيه ذلك الفيلم فقط، بل ربما كان يتنبّأ مسبقاً بأن أي مشروع مقبل سيحققه سيكون أيضاً «زبالة مطلقة»، وحين اختاره باي لإنجاز إعادة صنع فيلم الرعب الكلاسيكي الثمانيني، سنحت له فرصة التمسّك بذلك المبدأ، وأخرج ما يمكن وصفه بزبالة مطلقة.

ولا بد من الإشارة إلى أن المخرج- المنتج باي أنتج حتى الآن ثمانية أفلام عبر شركته (وأنتج أكثر من ذلك قبل أن يؤسس شركته تلك سنة 2003) وخمسة منها هي إعادة صنع لأفلام رعب سابقة. فهل يعود ذلك إلى أنه لا يجد سيناريو أصليا جديدا يشتغل عليه؟

المشكلة أن أيا من هذه الأفلام ليس أفضل من الأصل، وهذا ما يعود بنا الى «كابوس شارع إيلم». كل ما أنجزه وز غرافن، وهو أحد المهمّين في مجال سينما الرعب، في سلسلته التي بدأت سنة 1984 كان جديراً بأن يُحتذى به، ولو من باب التقليد. لكن فيلم بايَر هذا يتخبّط سريعاً كما لو أنه يعاني من حالة عصبية تجعله يفقد وجهته، ويتبلور عن فيلم ضوضائي لا حسنات من أي نوع يُذكر فيه.

بين الكابوس والواقع

القصّة مازالت تحمل الخطوط العريضة ذاتها: أربع شبّان وشابات يعيشون في بلدة صغيرة يكتشفون أنهم عرضة لكابوس واحد يغزوهم كلّما آووا الى النوم. أكثر من ذلك، فإن ما يرونه في ذلك الكابوس بات يتكرر في الحياة الواقعية متمثّلاً، في الحالتين، برجل مشوّه محروق الوجه قبيح الشكل لديه خناجر بدل الأصابع هي التي سيستخدمها في قتل ضحاياه.

وفي سعي أبطال الفيلم (كايل غالنر، كاتي كاسيدي، توماس دكر وروني مارا) للبقاء أحياء يحاولون مغالبة النوم والبقاء مستيقظين طوال الوقت، لأنه في اللحظة التي يستسلمون فيها للنوم فإن هذا الوحش البشري سيخرج من الكابوس الى الواقع وسيجز أعناقهم او يخز قلوبهم. لكن كيف يمكن لهم البقاء متيقّظين؟ لا يكفي شعار روتانا «مش حتقدر تغمّض عينيك». لا بد من صراع تتخلله مشاهد من المزج بين ما هو واقع وما هو خيال. هذا الذي نشاهد قتله لا يزال حيّاً وذاك مات فعلاً، لكنه سيعود ربما في المنام وهكذا.

الصمت أفضل

شعار «مش حتقدر تغمّض عينيك» ينطبق على شخصيات الفيلم ولا ينطبق هنا على المشاهدين. لم أستطع مشاهدة الفيلم في العرض الخاص، بل شاهدته مع نخبة من المشاهدين صباح يوم الجمعة الماضي، وحسناً فعلت: نصفهم غالبوا نعاس الصباح وبعضهم نام. البعض الآخر كان يبحلق متمنيّاً لو أنه كان لا يزال في سريره. والفيلم من الهوان في تأثيره بحيث تتلاشى مواقفه سريعاً بعد المشاهدة على طريقة المهام المستحيلة في الحلقات التلفزيونية: حالما يلعب شريط الصوت حاملاً المهمّة الى أعضاء شبكة التجسس، يحترق الشريط لأنه سري للغاية وعلى أعضاء الفريق تذكّر كل تفاصيله.
لكن الصوت هنا ليس بحاجة الى أن يحترق لكي يُنسى. في الأساس ليس هناك من كلمة حوار واحدة تعكس فناً في الكتابة، وبما أن هذا ليس مطلوباً دائماً في أفلام الرعب، فإنه يمكن الاستغناء عن هذا الطلب. في الحقيقة الصمت أفضل حلاً في مثل هذه الأفلام، لكننا لن نتمتّع به هنا. المخرج وفريق عمله يعتقدون أنهم اكتشفوا الصوت فيستخدمونه على شكل يصم الأذن، وذلك كلما كانت على تلك السكاكين الحادّة أن تحفر الجدران او تمر على معادن منصوبة. فإذا انتقلت الى الذبح والتشنيع، فإن أصواتا يُراد بها أن تشبه كسر العظام او الفتك بالأمعاء مسموعة كما لو أن الفيلم مصنوع لأجلها.

حبكة قديمة

وذكر النوم مفيد هنا، لأن «كابوس شارع إيلم» الأصلي لم يخترع هذه الحبكة بل فعل ذلك فيلم أسبق لدون سيغَل عنوانه «غزاة ناهشو الجسد» وذلك في مطلع الخمسينيات. حسب ذلك الفيلم، فإن مطراً غامضاً احتوى على بذور لنباتات غريبة من شأنها أن تتحوّل الى شرانق خلال نوم الإنسان، فتتسلل إليه وتستولي عليه. الشخص الذي يقع تحت سلطتها خلال نومه يتحوّل الى شخص آخر هو تجسيد لمخلوقات الفضاء، وهي تتشابه في التصرّفات وفي الغايات، وفي مقدّمة تلك الغايات محو الهوية الفردية والانتشار من البلدة الصغيرة التي تستولي عليها الى المدينة الأقرب (سان فرانسيسكو) على أمل أن تنتشر لتستولي على الولايات المتحدة الأميركية. شخصيات قليلة فهمت اللعبة وهي تقاوم النوم بكل ما لديها من قدرة، لكن شخصاً واحداً استطاع مقاومة النوم وها هو يركض فوق الطرق السريعة يحذّر الناس من مغبّة ما يدور، لكن معظمهم يعتقده إما سكيرا او مجنوناً.

رسالة مبطّنة

الصرخة في واقعها كانت ضد النظام الشيوعي، وذلك في مطلع الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وبصرف النظر عن رأي الواحد في الرسالة سياسياً (معها او ضدّها) الا أن سينما الرعب آنذاك كانت لديها رسائل سياسيّة تمررها. حتى في السبعينيات والثمانينيات كانت تلك الأفلام، ومن بينها «كابوس شارع إيلم» تستطيع الادّعاء أنها تحذّر من سيناريوهات قابلة للتنفيذ (كحال سلسلة «الموتى- الأحياء») او تتحدّث عن مخاطر فترة ما بعد حرب فيتنام وما تركته الهزيمة العسكرية من هزيمة معنوية (سلسلة «مذبحة تكساس المنشارية» وفيلم «الهضاب لها أعين»).

لكن «كابوس شارع إيلم» كان الأضعف إيحاء في تلك الفترة وفي هذه الإعادة لا إيحاءات له على الإطلاق. طبعاً هناك سبب يحتويه الفيلم في عمقه. كل ما عليك هو أن تنتبه الى لحظات عابرة تحكي لك ما دار حين كان هؤلاء الشبّان والشابات صغاراً، وكيف أن الموظّف المسؤول عن رعاية المدرسة التي كانوا يدرسون فيها اعتدى عليهم جنسياً وهم أطفال ما دفع ذويهم الى الهجوم عليه وحرقه. وها هي روحه العفنة تعود متجسّدة في شكل رجل يستطيع الانتقال من الواقع الى الحلم والعودة في أي وقت يشاء لينتقم من الأطفال الذين كانوا ضحاياه وقد كبروا الآن.حتى بالنسبة للأفكار السخيفة هناك حدود.

خطوة إلى الفشل

يبقى القول ان هذه الشخصية، واسمها السينمائي فرد كروغر، لعبها الممثل الذي كان صاعداً آنذاك روبرت أنغلاند. لكنها سريعاً، وبسبب نجاحها ونجاحه هو فيها، أعاقته عن النجاح خارجها. المسكين مثّل سبعة أفلام، ولم يستطع أن يخرج من ذلك الإطار رغم محاولاته المستمرة. أما الممثل الجديد في الدور فهو جاكي إيرل هايلي، الذي يمكن مشاهدته في دور صغير في فيلم مارتن سكورسيزي «جزيرة مُغلقة» والذي ربما كانت لديه الرغبة في إخفاق مبكر في حياته المهنيّة، والا لما لعب الدور.

بطاقة الفيلم

• الفيلم: كابوس شارع إيلم

A Nightmare at Elm Street

• إخراج: سامويل بايَر

• أدوار أولى: جاكي إيرل هايلي، روني مارا، كايل غولنر

• النوع: رعب (الولايات المتحدة - 2010)

 

أوراق ناقد

لا قسمة ولا نصيب

باختيارها وبمطلق حرّيتها، تغيب السينما العربية عن مهرجان «كان» غياباً كاملاً. نعم هناك اسمان او ثلاثة لسينمائيين عرب لكن أفلامهم، والحمد لله، من إنتاج برّة. أما الدول العربية التي انتجت أفلاما خلال السنوات الثلاثين الماضية، على الأقل، فلديها ما هو أهم وأجدى من أن تنفق على صناعة سينمائية مهما صغرت او كَبُرت.

ليس فقط أن الطموح الفردي إما مات وإما في مرحلة احتضار، بل كذلك الطموح الوطني للوصول الى مرتبة ما، ليس فقط في السينما والثقافة والفنون والآداب، بل في شتّى المرابع والميادين.

طبعاً، هناك مهرجانات أقيمت، ومؤسسات انتاجية أنشئت، لكن السينما العربية لم تستفد منها. هناك مؤسسات عامّة في عدد قليل من الدول، لكن إنتاجاتها معدومة ومتباعدة. هناك منتجون يتطلّعون الى المستقبل، لكن المستقبل بالنسبة لديهم هو قطع المسافة بين المكتب والبنك.

مرّة أخرى مهرجان «كان» يقع ونحن في غنى عنه وعن العالم بأسره. حكايتنا تشبه حكاية من دخل مدرسة لتعليم الموسيقى فوجدها صعبة عليه، فافتتح محلا لبيع الشاورما. او ذاك الذي داعبته أحلام إنشاء مدينة ملاه، لكنه اكتفى في نهاية الأمر بـ«مرجوحة». لماذا ينجح الغرب (وليس الغرب فقط بل جيراننا غير العرب) فيما يقومون به في المجالات الفنية كافّة، بينما نحن سعداء ومكتفون بأن لدينا بضع قنوات تعرض الفيديو كليب؟

بكلمات أخرى: لماذا عبّاس كياروستامي موجود في مسابقة «كان»، وليس أي من مخرجينا الذين نعلم علم اليقين أنهم يستطيعون الوصول الى هناك فيما لو تمكّنوا من الحصول على الدعم، سواء كان دعم دولة او دعم مؤسسة خاصّة؟ هذا لأن الداعم الفرنسي او الإيراني او التركي او الصيني او السنسكريتي لديه طموح، ونحن بلا طموح، وحين لا يوجد طموح لا توجد ثقة.

ذات عهد مضى، كنا مازلنا قادرين على الوصول. صلاح أبو سيف، كمال الشيخ، يوسف شاهين، جورج نصر، رندة الشهّال، محمود بن محمود، خالد الصديق، محمد خان، جوسلين صعب، مفيدة التلاتلي، مأمون السميحي، محمد بوعمّاري، مرزاق علواش، مارون بغدادي.. وآخرون كثيرون وصلوا الى «كان» وسواه من المهرجانات، ثم انحسر وجودهم قبل أن ينقطع على نحو شبه كامل اليوم. طبعاً بين المذكورين ثلاثة انتقلوا الى العالم الآخر، لكن الباقين لا يزالون أحياءً يُرزقون. المشكلة أنهم أحياء يرزقون في بيوتهم محاطون بمشاريع لم تر النور، ولا سبيل لها أن ترى النور مادام الوضع في الوطن العربي موزّعا بين مؤسسات، قليل منها عامّة وأغلبها خاصّة، لا تكترث، علماً بأن الاكتراث هو واجب وطني قبل أن يكون شخصياً.

فنجاح الفيلم، بل مجرّد وجوده في مسابقة مهرجان او في عرض رسمي خلاله، يرفع اسم البلد. يضع بصمته في الأذهان وتتناوله بالتقدير 3000 نافذة إعلامية حول العالم. وإذا كان كل مواطن مطلوب منه أن يكون مخلصاً وأميناً للوطن الذي نشأ فيه، فمن باب أولى أن يكون أيضاً طموحاً للنجاح في المهنة التي اختارها لنفسه. هذا مع العلم بأن مائة طامح لا يزالون يحتاجون الى مساعدة الدولة ورعايتها للوصول. إذاً هي مشكلة ذات جانبين عليهما العمل معاً بجدية وتفان، وسوف لن تتقدّم حال بلد الا بتقدّمه ثقافياً وإبداعياً وفنيّا على الأسس والمبادىء التي خصّنا الله بها.

 

حكايات وراء الكاميرا

Iron Man 2.. خط الوسط بين المعقّد والمبسّط

الجزء الأول من هذا «السوبر هيرو» أنجز نحو 318 مليون دولار داخل الولايات المتحدة، وعليه فإن هذا النجاح لا بد أن يؤدي الى جزء ثان، ومع المخرج نفسه، جون فافريو، والبطل نفسه روبرت داوني جونيور.

المهمّة كانت صعبة في بعض النواحي فقط، لكنها هيّنة في نواح أخرى. فقد كانت سهلة معرفة ما الذي طلبه الجمهور من الفيلم الأول ولماذا أقبل عليه، ووضع أحداثا تلتقي وتوقّعاته للجزء الثاني. المهمة الصعبة كانت في كتابة قصّة جيّدة، وذلك على حد قول المخرج نفسه: «روايات الكوميكس لم تحمل ما يكفي لاستخلاص قصّة قويّة ثانية، فعمدنا الى كتّابنا وأعتقد أننا استخلصنا حكاية جديدة وجيّدة». وهو يرى أن الشخصية التي يقودها روبرت داوني جونيور تقع في منتصف الطريق بين شخصيّة باتمان (المعقّدة) وشخصية سبايدر مان (البسيطة)، حسب قوله.

كان الممثل ترنس هوارد (الذي لعب دور العسكري الذي يعمل مع آيرون مان عن كثب) قد استقال حين لم يرفع الإنتاج أجره، الذي يحل محلّه في الدور هو دون شيدل. كذلك تمت الاستعانة بالممثلة سكارلت جوهانسن لكي تذكّر الرجل الحديدي بأنه إنسان أوّلاً. أما الشرير الأول فهو ميكي رورك الذي آثر الانتقال من شخصية الإنسان المتألّم في «المصارع» الى شخصية الإنسان الذي يسبب الألم في هذا الفيلم.

Mother And Child.. أمهات وحيدات

رودريغو غارسيا مخرج وكاتب مستقل وضع سابقاً فيلماً لافتاً بعنوان «أشياء يمكن أن تعرفها بمجرد النظر إليها» وهو هنا يذهب الى منطقة أكثر سخونة. لديه في فيلمه الجديد «أم وطفل» أكثر من أم وأكثر من طفل. في أحد خطوطه هو عن امرأة لا تنجب تبحث عن طفل تتبنّاه، وفي الخط الثاني عن امرأة أنجبت حين كانت لا تزال صغيرة السن، والآن تبحث عن الطفل الذي كانت وهبته الى عائلة لكي تتبنّاه.

أنيت بانينغ هي المرأة الأولى وهي دائماً قابلة للتصديق ومثيرة في جمالها الهادىء وتمنح الشاشة هنا حضورها الناعم والمؤثر.

وناوومي ووتس هي المحامية التي ربما تعرف كيف تدافع عن المتّهمين، لكنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها. إنه دور جديد على ووتس بعد سلسلة أفلام تجمع بين المغامرة والرعب والتشويق. هناك مشهد ربما تدخّل مقص الرقابة العربي فيه يجمع بينها وبين الممثل سامويل جاكسون، لكن الإطار العام للفيلم هو دراما إنسانية تحاول أن تقول أشياء عن بطليها.

القبس الكويتية في

05/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)