تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

عروضها تحقق نجاحات في أوروبا وأمريكا

السينما البريطانية المستقلة تفلت منهوليوود

محمد رُضا

كل ما هو هوليوودي طغى على كل ما هو بريطاني حتى في مجال السينما المستقلة. فكما أن هناك سينما أمريكية مستقلّة، هناك سينما بريطانية مستقلّة وربما أكثر استقلالاً. كل ما في الأمر، أن شركات “هوليوود” الكبيرة ابتاعت الشركات المستقلّة الصغيرة او تعاقدت معها، بحيث أمّن ذلك مجال توزيع تلقائي للأفلام التي تقصد أن لا تدور حول القضايا الكبيرة او أن لا تتمحور حول المؤثرات البصرية المختلفة او تخلو من المعادلات التي يحتل فيها النجم النصيب الأعلى.

في حين أن علامة استفهام كبيرة تشمل ما يُعرف اليوم بالسينما الأمريكية المستقلّة كانت نشأت قبل سنوات حين فقدت تلك السينما جانباً من استقلالها عبر ارتباط المصالح مع هوليوود، فإن السينما البريطانية المستقلّة لا زالت مستقلّة، أو -إذا أردت- أكثر استقلالية من الأمريكية.

أما الطغيان فكان بدأ منذ عشرينات القرن الماضي حين أخذت شركات أمريكية تموّل الأفلام البريطانية. ليس كل الأفلام، لكن عدداً لا بأس به منها، ثم تعاظم التعاون خلال أيام الحرب العالمية الثانية وبعدها عبر ارتباط السينما البريطانية بآلية التوزيع الكبيرة التي تؤمّنها “هوليوود”. وعلى هذا الأساس فإن على السينما البريطانية أن تنتج، إذا أرادت الوصول الى شتّى أنحاء العالم، ما يعجب الشركات الأمريكية (كولمبيا، يونيفرسال، وورنر، ديزني الخ).

الفترة الوحيدة التي برزت فيها السينما البريطانية فعلياً بعيداً عن الهيمنة الهوليوودية كانت في الستينات والسبعينات في القرن الماضي. كلا العقدين ارتبطا بقيام استديوهات بريطانية بعملية التمويل وقيام شركاتها بعملية التوزيع. من عاصر الفترة يتذكّر شركة “هامر” للإنتاج واستديو “إيلينغ” الذي تخصص في الكوميديا والدراميات الخفيفة، كذلك شركة “رانك” التي كانت من كبريات شركات التوزيع الأوروبية.

وهي الفترة التي أنجبت مخرجين وممثلين أذكياء عملوا معاً على منح السينما البريطانية هويّة جديدة من المخرج لندساي أندرسن الى زميله توني رتشاردسن وصولاً الى زميليهما كن راسل مروراً بمايكل أندرسن وبيتر ياتس و(البولندي الأصل) وييرزي سكولومفسكي من بين آخرين. ومن الممثلين الذين برزوا في تلك الفترة فانيسا ردغراف، مايكل كاين، جولي كريستي، آلان بايتس، أوليفر ريد من بين آخرين عديدين منحوا لتلك السينما (التي كانت مستقلّة فعلاً) الوجه الحقيقي لها.

السينما البريطانية المستقلّة اليوم لا زالت موجودة وتزداد بروزاً الى الواجهة بفضل مثابرة السينمائيين البريطانيين وبسبب إقامة جائزة خاصّة باسم “جائزة الفيلم البريطاني المستقل” الذي تتنافس فيه تلك الأفلام صوب حالة من الخلود بين أترابها.

هذا العام المنافسة تشمل ستة أفلام مرشّحة الى الآن خمسة منها تم تطويرها انتاجياً بمعونات من ثلاث شركات بريطانية محضة هي “بي بي سي فيلمز” و”فيلم فور” و”المجلس البريطاني للفيلم” وهي “تعليم” الذي تدور أحداثه في الستينات تحت إدارة المخرج لون شرفيك وبطولة أوليفيا وليامز، كاري موليغن وبيتر سكارسغارد.

“فتى اللامكان” حول طفولة المغني المعروف جون لينون كما يؤديه آرون جونسون تحت إدارة سام تايلور وود، والفيلم الدرامي- الاجتماعي “حوض السمك” للمخرجة أندريا أرنولد الذي يتعامل وموقف فتاة في مطلع سنوات المراهقة (كاتي جارفيز) حين تستقبل والدتها المطلّقة صديقاً جديداً تضمّه الى العائلة (وهذا الفيلم هو الأشهر والأعلى ايراداً بفضل حسن تنظيم عروضه واشتراكه في مهرجانات عديدة أوّلها “كان” حيث نال جائزة لجنة التحكيم). الفيلم الرابع هو “في الحلقة” للمخرج (الإيطالي الأصل) أرماندو لانوتشي وهو الفيلم السياسي الوحيد في المجموعة ويدور حول لعبة الحرب كما مورست بين رئيس جمهورية أمريكي ورئيس وزراء بريطاني، ثم “النجمة المتوهّجة” للأسترالية جين كامبيون عن الحياة القصيرة للشاعر جون كيتس (بن ويشو) وعلاقته بالمرأة (آبي كورنِش) التي تعرّف إليها سنوات قليلة قبل موته.

الفيلم السادس هو “قمر” خيالي علمي لدنكان جونز (مع بطولة الأمريكي سام روكوَول) لكنه يختلف قليلاً كونه بيع مباشرة الى شركة توزيع أمريكية رئيسية (صوني) عكس معظم الأفلام السابقة التي كان عليها أن تنجز هذه العلاقة في مراحل لاحقة بعد تصويرها.

ويبقى القول إن معظم الأفلام المذكورة أنجز عروضاً تجارية ناجحة في أوروبا كما في الولايات المتحدة ما يجعل السينما البريطانية المستقلّة تنظر الى المستقبل بثقة.

 

مصاصو الدماء يسلبون الجمهور العقل والمال

لم يكن النجاح المطلق الذي شهده فيلم “أنشودة الغسق: قمر جديد” طبيعياً كيفما نظر المرء إليه بعد ثلاثة أيام من بدء عروضه الأمريكية أنجز الفيلم 142 مليون دولار وبعد ثلاثة أيام أخرى كان الرقم ارتفع الى 165 مليون دولار.

ولم يكن النجاح أمريكياً فقط. في عروضه الدولية التي صاحبت تلك الأمريكية أنجز الفيلم القادم كحلقة ثانية من مسلسل شبابي 421 مليون دولار في افتتاحه ومع نهاية الأسبوع كان استولى على ما يزيد عن 140 مليون دولار. وحسب آخر إحصاء قامت به مجلة “سكرين انترناشنال” البريطانية المهتمّة بشؤون الصناعة فإن إجمالي ما حققه الفيلم عالمياً من إيرادات خلال أسبوع واحد الى الآن هو 265 مليون دولار.

هل يستحق الفيلم هذا الإقبال؟ سؤال لا يستحق أساساً الإجابة عنه. فما يدخل في نطاق المؤهّل والمفترض والمستحق بات يمضي في درب منفصل منذ أن تحوّلت السينما الأمريكية الى صادرات تجارية محضة لديها غاية واحدة وهي دخول الجيوب وليس القلوب، وإبهار العيون عوض العقول. طبعاً السينما الأمريكية منذ بدايتها مبنية على تجارة العرض والطلب، لكنها لم تكن يوماً متحرّرة من ضوابط الإجادة كما هو الحال هذه الأيام. إنه كما لو أن الجمهور الوحيد الباقي في الصالات هو ذاك المولود في التسعينات ولأجله، وقد وُلد بلا خيارات سينمائية على أي حال، يجوز صياغة المواضيع المختلفة بعناوين عريضة وبطروحات أشبه بالرصاص الفارغ الذي يُستخدم في معظمها.

الفيلم الأول من هذه السلسلة أنجز عالميا 383 مليون دولار وتناول حكاية حب تربط بين فتاة اسمها بيلا سوان (كريستي ستيوارت) تقع في حب مصاص دماء تائب (يبدو شابّا لكن عمره بمئات السنين) اسمه إدوارد كولين (روبرت باتنسون). هنا تبدأ الأحداث بتلك العلاقة العاطفية التي بدت في الجزء الأوّل مثالية. هي تعلم حقيقة إدوارد لكنها لا تستطيع التغلّب على عواطفها وتركه. وهو يقدّر لها ذلك ولا يحاول تحويلها الى وليمة دموية في المقابل، كما كان يفعل مع الباقين. في هذا الجزء الجديد سنرى أنها لا تزال تحب إدوارد الذي يؤثر الابتعاد عنها وكيف أنه بانفصاله وابتعاده تسبب في شقائها. مشاهد للتعريف بمعنى كلمة “شقاء” تمر ثقيلة على الشاشة قبل أن يدخل الصورة شاب جديد (طبيعي) اسمه جايك (تايلور لوتنر) الذي يعيد لها بعض الأمل في الحياة والبهجة في القلب، لكنه لا يقوى على جعلها تنسى حبّها الأول. هذا في الوقت الذي تقع فيه جرائم قتل وحشية في الغابة القريبة والظنون تدور حول إدوارد إذ ربما عاد الى القتل ومص الدماء من جديد.

باستثناء أداء كريستي ستيوارت، لا يوجد أداء يمكن الحديث فيه. إنها تمنح الدور بعض الروح، في حين أن الممثلين الآخرين (وبينهم باتنسون وتايلور لوتنر) لا خطّة لهم سوى حسن الظهور ضمن تشخيص يمضي عبر الشاشة من دون أثر. والمشكلة ليست هنا فقط، بل في عالم موزّع بين الحلم والرعب يعالجه المخرج كريس وايتز ولا يحمل في ثناياه أسباباً منطقية كفيلة. الفيلم ليس رعباً لكن فيه مشاهد مرعبة، وليس رومانسياً رغم قصّة حبّه المعوجّة. أكثر من ذلك، وفي الأساس، إذا لم يكن إدوارد مصاص دماء، على الأقل في خلال الفترة الزمنية التي يحتلّها العرض، فلماذا يُطلب من المشاهدين اعتباره مصّاص دماء أساساً؟

التوليفة كلّها تبدو مثل خريطة طرق تتوزّع هنا وهناك لكنها لا تصل الى نهايات. في أحد المشاهد الأولى تجرح الممثلة أصبعها بحضور مصّاصي دماء أشرار، بينهم واحد باسم جسبر (جاكسون راثبون) الذي يحوّل ليلة عيد ميلاد الفتاة البهيج الى حمّام دم. المفهوم هو أن هناك مصاصي دماء أشرار ومصاصي دماء أخيار والفيلم لا يقوى على تحويل الممثل الوسيم باتنسون الى شرير بوجه ملوّث بالدماء. نتيجة ذلك أن العقلاء وحدهم يتساءلون عن سبب وجوده أصلاً، وربما عن سبب وجود الفيلم بادئ ذي بدء.

 

علامات

مأثرة لوميير

السائد إذاً، هو أن قيام الأخوين لوميير في الثامن والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول، سنة 1895 بعرض مجموعة من الأفلام التي تم إنجازها من قِبلهما هو العرض السينمائي الأول في العالم والتاريخ المذكور هو تاريخ ولادة السينما.

وإذ بيّنا أن هذا التاريخ يمتد عقوداً قبل ذلك الموعد الشتوي المذكور، وأن أوّل فيلم حقّاً كان “مشهداً من حديقة راوندهاي” للويس لو برينس قبل سبع سنوات كاملة، فإن ما يبقى هو البحث فيما إذا كان هذا العرض التجاري الذي أمّه جمهور دفع ثمن التذاكر التي تخوّله الدخول لمشاهدة العرض هو الأول فعلاً. وسنجد إنه ليس كذلك أيضاً.

في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1895 أقام الأخوان إميل وماكس سكلادانوفسكي أوّل عرض تجاري وذلك لمجموعة من الأشرطة المصوّرة وذلك في مدينة برلين. الفارق نوعي، لكن المراجع تكشف عن أن الألمانيين كانا سبّاقين بنحو شهرين ما يجعلهما، تأريخياً على الأقل، السبّاقين الى العرض الجماهيري الأول.

على ذلك، وللإنصاف، فإن الفارق نوعي: عروض الأخوين سكلادانوفسكي كانت قطعاً من الأشرطة المصوّرة، بينما عروض الأخوين لوميير فيلمان كاملان (ولو من ثوان). وعلى الضفّة البعيدة من المحيط الباسيفيكي كانت شركة “أديسون” أقدمت قبل أكثر من عام (تحديداً في الرابع عشر من ابريل/ نيسان، سنة 1894) على إقامة أول معرض لأدوات التصوير وكانت غايتها من البداية تجاوز الفترة الصامتة كلّها وإنجاز كاميرا وآلة تسجيل صوتي في جهاز واحد.

لا يجب إغماط حق الأخوين الفرنسيين لوميير في إحداث الصدى الأوسع عملياً. ما عرضه لويس وأوغوست لوميير كان فيلماً روائياً لا يأتي المؤرّخون الحاليون الى ذكره اليوم عنوانه LصArrosseur Arrose.

والفيلم التسجيلي الشهير “وصول القطار الى محطّة لا سيوتا” (وليس “خروج العمّال من المصنع، كما يتردد أيضاً). بذلك العرض المنظّم أسس الأخوان، ربما من دون علمهما، تقليد العلاقة النموذجية بين الجمهور والفيلم السينمائي ولو أن الأخوين الألمانيين سكلادانوفسكي حاولا ذلك قبل الفرنسيين إنما من دون عدّة حقيقية.

المصادر الحديثة اليوم تؤكد لنا أن عدد الأفلام التي تم تداولها في ذلك العام (اي في سنة 1895) بلغ واحداً وثلاثين فيلماً كل منها أقل من دقيقة. أما فيلم “خروج العمّال من مصنع لوميير” فقد تم قبل العرض التجاري المذكور للأخوين الفرنسيين بعدة أشهر، إذ قام لويس لوميير (الذي صوّر وأخرج الفيلم) بعرضه عرضاً خاصّاً في الثاني والعشرين من مارس/ آذار من ذلك العام.

وكان ذلك العام مزدحماً بالأحداث السينمائية من ابتكارات ومعارض في اوروبا وأمريكا الشمالية قبل أن ينتهي بالولادة الرسمية للسينما ولو أنها لم تكن الولادة الخالصة الأولى كما تقدّم.

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

29/11/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)