تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

أفلام ومخرجون في اليومين الأخيرين لأسبوع «فلسطين والقضية الفلسطينية في السينما اللبنانية»

ماض بعيد وقريب.. وفلسطينيون ولبنانيون يروون حكاياتهم

نديم جرجورة

انتهى أسبوع «فلسطين والقضية الفلسطينية في السينما اللبنانية» مساء السبت الفائت، في الرابع عشر من تشرين الثاني الجاري. اختيرت، لليوم الأخير هذا، أربعة أفلام. لسبب تقني ما، عُرض فيلم «يا سلام» لفؤاد عليوان في بداية سهرة الختام هذه، بعد أن كان عرضه مبرمجاً قبل يوم واحد. الأفلام الأربعة هي: «براميل صبرا» لشيرين أبو شقرا، «أرض النساء» لجان شمعون، «رسالة إلى صديق فلسطيني» لرنا عيد و«أحلام المنفى» لمي المصري. قبل اليوم الختامي، عُرض «سفر» للميا جريج، بالإضافة إلى «كل واحد وفلسطينو» لنادين نعوس و«ما هتفت لغيرها» لمحمد سويد. تنويعات متفاوتة الأهمية. هواجس إيديولوجية بريئة أو قناعات مشوبة بحرص انفعالي على مواكبة تحوّلات المسار التاريخي للقضية والناس. التزام دقيق بالمعنى الأجمل للإبداع. هذا كلّه صحيح. تُضاف إليه اختزالات أخرى للمضامين والأشكال، كالخطابية الفاقعة أحياناً في تناولها المسألة، أو كالغرائبية البصرية، كانعكاس لارتباك الواقع.

تساؤلات

في اليومين الأخيرين، برزت تساؤلات كهذه. لكن أفضل العناوين يبقى «ما هتفت لغيرها». أما «يا سلام»، فمختلف. كان جزءاً من تحية جماعية لسينمائيين عرب بعد أشهر عدّة على مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرّة، إبّان اندلاع الانتفاضة الثانية في فلسطين المحتلّة. أراد محمد مخلوف (مؤسّس «مهرجان الشاشة العربية المستقلّة» ومديرها) أن يفتتح بها الدورة الثانية في الدوحة، عام 2001. التقنية الفيديوية واضحة. الالتباسات الجمالية في السرد مثيرة للانفعال. اختار عليوان المفاوضات بين أبو عمار والإسرائيليين، كي يرسم لوحة غريبة عن بؤس اليومي. أراد ان يرسم، في أربع دقائق فقط، لوحة أقرب إلى السوريالية منها إلى أي شيء آخر، كي يقول بعض الألم الإنساني إزاء كارثة الاحتلال وبشاعة المفاوضات وقلق المقبل من الأيام. من جهتها، شاءت رنا عيد أن تقترب من الموضوع الفلسطيني في فيلم التخرّج الخاصّ بها قبل أعوام عدّة. ارتأت أن تذهب إلى الفلسطيني كي تلتقيه في حيّزه الجغرافي والإنساني (المخيّم). أرادت أن تقول بعض حبّ في عمل أول لها. لا أعرف ما إذا وصلت الرسالة إليه، لكنهما، أي الرسالة والمخرجة معاً، جعلا الصورة مرآة لحالة لبنانية منفضّة عن السؤال الأخلاقي المتعلّق بالعلاقة اللبنانية الفلسطينية. لم تعمل عيد في إخراج الأفلام لاحقاً. تخصّصت بالصوت كجزء أساسي من صناعة الأفلام. باتت بارعة في هذا المجال. أما لميا جريج، فجعلت عائلتها مفتاحاً لولوج عالم يتهاوى تحت ثقل السنين والذاكرة والانكسار والعلاقة المتوترة بين الذات والهوية والجذور. «سفر» إطلالة على ماض سحيق، مثّلته الجدّة وبعض القريبات (منهنّ من بلغ المئة عام من العمر، قبل أن يرحلن). الأصل الفلسطيني واضحٌ، لكن هناك من اعتبرت نفسها لبنانية، ساقتها التحوّلات السياسية والثقافية داخل لبنان إلى الانتماء إلى فكر لبناني مناهض للتوطين. عبر الوجوه المتعبة والعيون الغائرة في القدم، أو عبر ثقوب الذاكرة وقدرة الصُوَر الفوتوغرافية على «تأريخ اللحظة»، انسلّت جريج إلى حكايات ممتدة على أعوام القرن الفائت وعلى جغرافيا الخيبات والتشرّد أيضاً. لكن الفيلم، بغوصه داخل التداعيات المختلفة للذاكرة، رسم صورة تاريخية عن ماض وعلاقات وواقع آنيّ، من خلال نساء عدن إلى دفاترهنّ الخاصّة، المحفورة في القلب والمكتوبة بالدمع والحنين والواقعية، ليقرأن أشياء متفرّقة من يومياتهنّ. بهذا الفيلم، انضمّت جريج إلى سينمائيين لبنانيين اختاروا أحد الأقارب (أب، أم، جدّ، جدّة) ركيزة أساسية في أفلام وثائقية، تذهب من الذات إلى الفضاءات الواسعة للذاكرة والتاريخ والحكايات الفردية. بهذا الفيلم، تمكّنت جريج من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بهمّة الباحث في أدوات التعبير عن شيء جديد.

انفعال

الثنائي المخضرم جان شمعون ومي المصري مستمرٌ في ابتكار نصّه السياسي بالصورة الوثائقية. لا ينفي السياسي الجانب الإنساني والمجتمعي في المسألة. «أرض النساء» لشمعون دخول، هو الآخر، إلى الماضي. الماضي هنا لا يزال عالقاً في الوعي الفردي والعام، كما في «سفر». التجربة الفردية حاضرة أيضاً. «أحلام المنفى» للمصري شهادة عن قوّة التحدّي لدى جيل من الشبان الصغار. الصدفة وحدها لعبت دوراً في التلاقي العفوي بين فلسطينيي لبنان وفلسطينيي الأرض المحتلّة، إثر انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في الخامس والعشرين من أيار 2000. توغّلت المصري في قصّتها. رافقت الفلسطينيين إلى الحدود. التقطت نبض الناس وقلقهم. «أرض النساء» تصوير للعلاقة اللبنانية الفلسطينية داخل السجون الإسرائيلية في لبنان. الهمّ واحدٌ. الرغبةُ في مقارعة الظلم وفي تبجيل النضال أساس دائم لأفلام الثنائي، المرتكزة على سلوك تقليدي في التصوير كشف، على الرغم من كل شيء، وقائع العيش في ظلّ مواجهة يومية مع أشكال متفرّقة من الاحتلال الإسرائيلي والتمزّق اللبناني.

اختارت شيرين أبو شقرا، في «براميل صبرا»، الصبيّ الفلسطيني محمد شمص، أحد الممثلين الثلاثة في «بيروت الغربية»، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج اللبناني زياد دويري، إلى جانب رلى الأمين ورامي دويري. معه، التقطت نبض مراهق عاش حياته متحرّراً من كل قيد، وباحثاً عن ملذّات يخترعها لنفسه، لقناعته بأنه لن يساوم على الفرح. ولرغبته في عدم الخضوع للحزن والقهر. كأن شمص، برفضه الألم، خرج إلى العالم مسلّحاً بحيوية لا تهدأ. كأنه، بانصياعه إلى متع يستلّها من قلب المأساة، واجه الدنيا القاسية بـ«شقاوته» و«جدعنته» وقدرته على كسر الصعاب. بهذه الصورة، بات «براميل صبرا» شهادة شخصية باسم محمد شمص. بات نصّاً بصرياً لرواية إحدى حكايات الوجع الإنساني، من دون خطابية النضال وبلاهة الأدب في تسطيح المعاني.

كان أسبوعاً هادئاً. الاحتفاء بفلسطين مرّ عابراً. مشاهدون قليلون انتقوا ما اعتبروه مدعاة انشراح وتمتّع. الأفلام نفسها مثيرة لجدل نقدي. لكن غالبيتها مشحونة بقدر كبير من الانفعال المجرّد من عقل إبداعي.

السفير اللبنانية في

19/11/2009

 

كلاكيت

محكمة شون بن

نديم جرجوره

لا يهدأ شون بن. ينتقل من بلاتوه سينمائي إلى موقع جغرافي/ سياسي. يُنجز أفلاماً سجالية. يخوض معارك من أجل البيئة والعدالة الإنسانية. يغوص في متاهة الشرط الإنساني والحياة البشرية في عالم مليء بالانهيارات. يتلو صلاته الخاصّة بالعالم. يسبح عكس التيار القائم في بلده. تثيره التحدّيات. يخترق الحواجز التي ترفعها الإدارة السياسية لموطنه بينها وبين دول وشعوب أخرى. يبحث عن المختلف. يُنقّب عما يصنع الصدمات. يريد أن يفهم. أن يفتّش في الممنوع عن أسباب المنع. ينتقل من دولة إلى دولة، وكلّها مصنّفة في خانة «الأعداء» الرسميين لحكومة بلده. لا يتصنّع في ذهابه إليها، ولا يتزلّف. لا تربطه بتلك الدول مشاعر انفعال أبله، لأنه مقتنع بضرورة المعرفة. والمعرفة، عنده، ناتجة من اطّلاع ووعي ذاتي، يؤهّلانه اتّخاذ قرار أو موقف.

أفلامه مثيرة للسجال. ميوله الإنسانية والنضالية مغلّفة بجمالية سينمائية واضحة. يمثّل في أفلام ينجزها مخرجون لا يقلّون سجالية عنه، وعندما يقف وراء الكاميرا يحوّل العدسة إلى عين مفتوحة على العالم وتفاصيله. يُقارع الظلم والخطأ، ولا ينحني أمام سلطة. ربما يساير آخرين أحياناً، داخل النظام الإنتاجي الهوليوودي العام، لكن المضامين الدرامية والجمالية لأفلامه القليلة كمخرج تعكس تمرّداً ومقارعة أساسيين للسائد. وعندما تسلّط الجنون على الأميركيين وتسيّد على سلوك الإدارة وناسها، جرّاء الاعتداء الوحشي على بلدهم في الحادي عشر من أيلول 2001، كان واحداً من قلّة رأت، بعين ثاقبة وروح هادئة وموضوعية عميقة، أن جزءاً أساسياً من أسباب وقوع هذه الكارثة تتحمّل مسؤوليته السلطة الحاكمة في وطنه، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وأخلاقياً. الدليل: فيلمه القصير في العمل الجماعي «11/ 9/ 01». قيل عنه الكثير. الثابت أنه الأقوى جمالياً والأعنف انتقاداً للوحش الرأسمالي الأميركي.

بارعٌ هو في اقتناص الفرص، أو ربما قادرٌ على اختراع المناسبة لتحقيق رغبة ما. اخترق الحصار على العراق عشية اندلاع حرب الخليج الثانية. راقب انتخابات إيران عن كثب، قبل أعوام عدّة. كسر الطوق السياسي الأميركي والغربي على كوبا، رغبة منه في زيارة فيديل كاسترو، قبيل رحيل الزعيم الجالس في عمق الذاكرة. زياراته نابعةٌ من إحساس ما بمسؤولية المثقف والفنان إزاء القضايا العامة. أم إنها مراجعة ذاتية تتيح له تقديم قراءة نقدية للسياسات الخارجية لبلده؟ أم إنها تلبية لحاجة أخلاقية خاصّة به تدفعه إلى معاينة الهموم الإنسانية العامة؟

لا يهمّ. فالرجل، سينمائياً كان أم صحافياً أم مراقباً، يُتقن آلية الاستفزاز في بلد جُبِل على الحريات العامّة، قبل أن تجعله كارثة الحادي عشر من أيلول قلعة حديدية تُنذر بعواقب وخيمة على مستوى هذه الحريات العامّة نفسها. وبقدرته على الاستفزاز في السياسة والمجتمع والفن، أدرك أن قدر المبدع الصادق كامنٌ في الوقوف على التخوم الخطرة للحياة، في عالم مرتبك وعنيف وحاقد.

السفير اللبنانية في

19/11/2009

كتــاب

حسن حداد: «تعالَ إلى حيث النكهة»

نديم جرجورة

لا شيء يقف حائلاً دون الغوص النقدي للكاتب البحريني حسن حداد في شؤون الفن السابع. يذهب إلى الأفلام، بمتعة المنقّب عن التفاصيل والجماليات. يقرأ الكتب، بشغف الساعي إلى دعم المشاهدة بالنظريات والمؤلَّفات. يكتب نصوصه، بلغة هاو أدرك أن الاحتراف قدرٌ لمن وضع نصب عينيه شاشة كبيرة تعرض أمامهما إبداع العالم. على الرغم من هذا، أصدر ثلاثة كتب فقط، آخرها «تعال إلى حيث النكهة، رؤى نقدية في السينما»، عن «المؤسّسة العربية للدراسات والنشر» في بيروت، وعن سلسلة «البحرين الثقافية» في وزارة الثقافة والإعلام في البحرين (الطبعة الأولى، آب 2009، 265 صفحة).

بعد «ثنائية القهر والتمرّد في أفلام المخرج عاطف الطيّب» (2000) و«محمد خان.. سينما الشخصيات والتفاصيل الصغيرة» (2006)، انتقل حسن حداد إلى عوالم سينمائية أخرى، من دون أن يقطع مع النتاج السينمائي العربي، المصري تحديداً. ففي كتابه الجديد هذا، معاينة نقدية خاصّة به تناولت السينما الأميركية أفلاماً ونجوماً (أندره تاركوفسكي، مارلون براندو، ميريل ستريب وآخرين)، وقرأت سِيَر مخرجين وممثلين عرب (يوسف شاهين، أحمد زكي، توفيق صالح، أسماء البكري، ناصر خمير، محمود مرسي، مصطفى العقّاد وغيرهم). بالإضافة إلى فصل كامل عن أفلام عربية وغربية، ومتابعات نقدية لعدد من المهرجانات والكتب.

السفير اللبنانية في

19/11/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)