تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

يعكس صورة لواقعنا.. كأننا أمام مرآة

"المجهول" حلم الهجرة الزائف إلى الشمال

رانيا يوسف

دائماً ما تتميز أفلام القارة اللاتينية بارتباطها بمواضيع واقعية ساخنة حية بشكل جعل هذا الارتباط سمة أساسية ومميزة انتمت له كثير من الأعمال السينمائية التى شاهدناها من دول أمريكا الجنوبية, الثراء الكبير فى الأحداث اليومية يجعل المشاهد يشعر وكأنه يجلس دائماً فوق فوهة بركان لا يهدأ. 

لذا فإن الحماس دائما ما يصيبنى عندما أتابع سينما القارة اللاتينية, لأننى أجدها نموذجا كلما اقتربنا من التحقق منه أصبنا بخيبة أمل لأننا فى الواقع نرى فيه صورة معكوسة لواقعنا المشابه. 

هذا التوحد ربما نلمسه كما رصده الفيلم المكسيكى "Sin Nombre" "المجهول", الذى لو نزعنا عنه شريط الحوار لأصبح حدثا شائعا نشهده على حدود كثير من دول العالم الثالث. 

حلم الهجرة غير الشرعية هو فى الواقع حلم الموت الجماعى أو الهروب من إحساس اليأس والعجز إلى سراب من الأمل الزائف, يروى الفيلم قصة أسرة فقيرة نزحت من جنوب المكسيك طمعاً فى العبور إلى الشمال واجتياز الحدود للوصول إلى أرض الذهب الواهية. 

تبدأ الرحلة المميتة والتى يصحبها رواية لا تقل خطورة وأهمية عن هجرة الجسد, يرصد لنا الفيلم مراحل تصنيع الأطفال حتى يصلوا إلى ذروة الإجرام والتى يفقدون فيها هويتهم الطفولية برغبتهم وعن اقتناع كامل بالانجراف للموجة السائدة فى المجتمع وهى العنف باعتباره قانون البقاء للأقوي, فالأطفال فى المكسيك كما أظهرهم الفيلم إما أن يولدوا ليحملوا سلاحا ويتحولوا لأفراد من عصابات القتل والسرقة وتجارة المخدرات أو ليموتوا به أو ليسكنوا أسطح القطارات التى تحمل معها حلمهم إلى الشمال حيث أرض الأحلام, وفى كل الأحوال هم فى عداد الأموات فلا يوجد طريق لنجاة أحدهم. 

صورة قاتمة وعنيفة طرحها الفيلم لكنه لم يكثر من مشاهد القتل, بل عرضها من خلال جو الحوار الذى أتحفنا به أداء الممثلين وهم نجوم صغار لم أسمع بهم من قبل, صغار فى السن والشهرة لكنهم نجوم فى الأداء الجماعي, اخذوا من الجو العام للفيلم وأعطوا أداء بتلقائية وبساطة برز فى حوار العيون فيما بينهم. 

يذهب (ويلي) وهو عضو فى إحدى عصابات السرقة المشهورة فى البلاد ويكون دوره الأساسى استقطاب الأطفال للانضمام إلى العصابة, وفعلا يصطحب احد الأطفال ليدربه على مراسم استقباله كواحد منهم رغم صغر سنه حيث لم يتجاوز العاشرة من عمره, ورغم حفاوة الاستقبال للصغير، بضربه ضربا عشوائياً يصل إلى قطع أنفاسه وإصابته بنزيف يغمر وجهه, نراه ينهض واقفا تكسوه الدماء وتغمره الابتسامة, لنجاحه فى أول اختبارات القوة وتكريمه بقبوله كفرد منهم. 

كأنه ولد مجرما, عنف مختزن فى قلب الصغير بالفطرة يحتاج فقط لعامل منشط يوقظه لينفجر ويمتد على مدار أحداث الفيلم ليقوم بعد ذلك وبكل صلابة ودون تردد فى قتل هذا الشاب (ويلي) الذى أتى به وعلمه وأدخله هذا العالم المريع. 

تأتى الأحداث الموازية داخل أحد القطارات التى تُقل عددا لا حصر له من المهاجرين إلى الشمال بطريقة غير شرعية, والرحلة تجمع كل الأطراف معاً الأب وابنته الصغيرة وأخوه وملايين من المشردين الذين زحفوا إلى الشمال بحثا عن الخلاص فوق سطح إحدى القاطرات المكشوفة, يرقدون مثل الحشرات على السطح يختبئون من برد الشتاء وقسوة هطول المطر بين أجنحة بعضهم البعض, يصحبهم خفافيش الليل ليسرقوا منهم ما يؤمنون به رحلتهم، بل ويحاول زعيم العصابة أن يغتصب الفتاة الصغيرة (سايرا) فوق سطح القطار أمام أعين الجميع. 

تنشأ مشاجرة بين زعيم العصابة وبين (ويلي) الذى يحاول الثأر لموت حبيبته على يد هذا الرجل عندما حاول اغتصابها, يذبحه ويلى ويلقى به من فوق القطار وتمضى الأحداث فى خفة غير عادية ما بين مطاردة أفراد العصابة ومحاولتهم الانتقام من ويلى وبين فراره وسط حشود المهاجرين فوق سطح القطار وتعلق هذه الفتاة (سايرا) به بشكل يجعلها تلقى بنفسها من القطار وراءه تاركة والدها إلى المجهول, حيث لا ينتظر ويلى سوى الموت رغم محاولته الفرار, وبالمقابل أيضا ينتهى والد سايرا بين عجلات القطار بعد سقوطه ولم يبق لها إلا مواصلة الرحلة المشئومة إلى أرض الذهب بعد سقوط الجميع فى الطريق. 

تلقائية الأداء وبساطة الإنتاج وعمق الموضوع والإيمان الكبير بتجسيد هموم الحياة اليومية دون مبالغة فارغة ولا أصوات عالية ربما هى كلمات السر التى تمتاز بها نوعية هذه أفلام، فالمخرج لم يترك تفصيلة أو أداة إلا وخلق منها إضافة إجبارية على كل مشهد, الطبيعة والجبال التى تخنق طريق القطار إلى الشمال وكأنه خيط رفيع يربطهم بالعالم الجديد, القطار نفسه والذى أصبح الأمل الوحيد فى أعين هؤلاء المشردين يقفزون منه بحركات مميتة عند سماعهم صفارات الشرطة خوفاً من ترحيلهم مرة أخرى إلى الجنوب. 

ولكن إن بقى الماء فى الغربال يبقون هم فى الأعلي, سريعا ما ينطفئ الحلم ويسيطر الواقع وينفذ كل منهم لقدره المحتوم تاركين أرض الذهب لأصحابها. 

العربي المصرية في

10/11/2009

 

البدلاء.. فانتازيا تنبه من خطر التكنولوجيا

منى الغازي 

حين كنا أطفالا كنا نرى العالم المستقبلى فى السينما من خلال عيون صناع أفلام الخيال العلمى عبارة عن سيارات تطير ورحلات بين الكواكب وطعام من الحبوب المركزة وكلها كانت تدور أحداثها فى القرن الحادى والعشرين بل وبعضها تناول نهايات القرن الماضى (العشرين) ورغم التهور الفكرى فى الرؤى العلمية إلا أن أحدا لا ينكر أن تلك الأفلام قد نبأت منذ بداية القرن الماضى بالصعود إلى القمر وبالكمبيوتر فى الأربعينات، بالتليفون المحمول منذ حقبه الثمانينات وهناك هاجس يسيطر على سينما الخيال العلمى متمثل فى سيطرة الآلة على الإنسان أو على الأقل خروجها عن السيطرة وقد تم تناول تلك الفكرة فى العديد من الأعمال وهو هاجس من كثرة تكراره أصبح البعض يراه على وشك الحدوث كما نرى فى فيلم SURROGATES أو (البدلاء).  

الفيلم يتصور عالما يعيش فيه البشر من خلال الكمبيوتر والروبوت فكل شخص لديه ربوت خاص به هو بديله فى العالم الخارجى لحفظ الإنسان من الصراع الخارجى والعنف وهو مصمم على الصورة التى يريدها صاحبه فى الشكل والسن ثم يطلقه للعالم ليعيش الحياة بدلا منه ويكون البديل وصاحبه متصلين معا من خلال شركة اتصالات تملك شبكة تربط الجميع ويعيش كل شخص مع الروبوت تجاربه التى يمر بها فهو يوجهه ويتحكم فيه ويرى ما يراه ويحس ما يحس به كل ذلك وهو جالس فى منزله سعيا وراء خلق جنة على الأرض خالية من العنف والجريمة، وهنا سيتحول 99% من سكان العالم إلى بدائل ولكن تأتى الرياح بما هو غير متوقع فجأة تحدث جريمة لأحد البدلاء والغريب أن يموت المتصل به وتتكرر مرة أخرى ويقتل بعض البدلاء بطريقة غامضة وكذلك يموت أصحاب البدلاء ويتم تكليف المحقق توماس جرير (بروس ويليس) ومعه زميلته جنيفر (رادا ميتشيل) بالتحقيق فى سلسلة الجرائم وتتبعها ويتحطم بديل توماس ليقتحم الحياة كانسان وسط عالم من الآلات وتدور الشكوك حول المخترع لفكرة البدائل الدكتور ليونيل (جيمس كروميل) المنشق عن الشركة العملاقة التى سوقتها، والذى يتصادف أن يكون أبا لأحد الضحايا ومخترعا لبديله. 

يتم تناول الفيلم بسيناريو محكم وأحداث ممتعة لكن بشكل معقد حيث يصعب على المتفرج فى البداية أن يتفهم ما يجرى حوله، فالفيلم متزن من ناحية التشويق والأكشن لكن به الكثير من الأمور التى تستدعى التوقف والتأمل خاصة البداية وقد يلاحظ البعض أن الفيلم يقتبس بعض المشاهد من أفلام أخرى مثل المزرعة من فيلم "i Ronot" وطريقة التحكم بالروبوتات التى تشبه طريقه التحكم فى فيلم "The Matrix" ومع ذلك الفيلم يأتى بطريقة مختلفة فى طرح شكل المجتمع الآلى من حيث طريقة تعامل الآليين مع بعضهم البعض وطريقة تصوير التكنولوجيا المتقدمة مما يضفى البعد الواقعى بشكل متعمد نافيا البعد الخيالي. 

الفيلم بطولة بروس ويليس وإخراج جوناثان موستو وسيناريو جون برانتو ومايكل فيرس بالاستناد إلى رواية روبرت فينديتى التى نشرت كقصص مصورة فى سلسلة مجلات (ملفيل) فى عامى 2005 و2006 بنفس الاسم. 

الفيلم يتحدث عن البشر أولئك الذين أغوتهم الحياة السهلة ووصلت إلى الحد الذى يبحث فيه كل شخص ليصبح تابعا لبديله أو لتكنولوجيا تحكمه، وهو إنذار كلاسيكى تتبناه سينما الخيال العلمى عادة موجها إلى جمهورها من المراهقين ولكن هنا تتبناه سينما مختلفة، فالفيلم يتتبع الأحداث من الماضى القريب حتى يصل إلى الحاضر مما يخرجه خارج إطار الخيال المستقبلى ويدخله فى إطار الفانتازيا التى تضخم أزمات الواقع، كما يختلف إيقاع الفيلم عن تلك النوعية، حيث إن صناع الفيلم قد اضطروا إلى اللجوء إلى العالم الافتراضى لتضخيم أزمة السيطرة التكنولوجية الحديثة على المجتمع ولكن لا شيء يخلو من السلبيات من هنا كان سقوط السيناريو فى العديد من الأخطاء أهمها يأتى كمدمر للبناء الدرامى للفيلم الذى يفترض أن وجود البدلاء منح العالم الأمان وأصبح شبه خال من الجريمة فكيف يكون عالما خاليا من الجريمة بأشكالها ولا يزال يملك عددا كبيرا من رجال الشرطة وهو ما يهدد بناء الفيلم ككل لأن البطل رجل شرطة وكان الأولى به أن يتم إيجاد حلول أبسط، كما يلفت النظر أيضا كون مدينة كل من يسكنها من الآليين تمتلك كل هذه المطاعم؟! 

فى النهاية فيلم (البدلاء) قدم محاولة سينمائية جيدة وغير تقليدية لانتقاد ومناقشة المجتمع الذى يعتمد على الآلة ويلغى عقله. 

العربي المصرية في

10/11/2009

 

«مجنون أميرة»: لعنة ديانا التى أصابت إيناس

محمود مسعود 

من المؤكد أن الشريط المسمى بـ «مجنون أميرة» لن يصبح يوما من كلاسيكات السينما المصرية أو على الأقل من التجارب التى يشار إليها بأنها حققت علاقة متوازنة بين السينما والنص الروائى من خارجها. 

لكن فى الحقيقة يمثل نموذجاً لتلك التجارب التى يتمخض عنها مشروعات فاشلة نتيجة وجود علاقة غير متوازنة بين طرفى العلاقة: بين النص الروائى والمعالجة السينمائية حيث اختلفت التوجهات وانعكست المقدمات وتباينت الأهداف، وعاش صاحب النص الروائى حكايته بين جمع الحروف ودفتى كتاب، وعاش صاحب المعالجة السينمائية بين أركان مساحة تمدها عمق كاميرا التصوير، وأصبح لكل منهما عالمه الخاص والمختلف عن الآخر فكرا و روحا، وهدفا، وهو الأمر الذى يتنافى تماما مع اختيار هذا النص الروائى للتعامل معه سينمائيا فقد كان الأجدى «إنتاجيا» على الأقل التعامل مع النص السينمائى «السيناريو» مباشرة دون الحاجة إلى عملية الالتفاف هذه التى أبعدت المعالجة السينمائية عن وظيفتها الأصلية وهى إضافة امكانية التجسيد السينمائى إلى الخط السردى للنص الروائى لكن ما فعله مصطفى محرم لم يكن معالجة بقدر ما كان نوعا من التأليف المستقل تماما عن موضوعية الرواية التى يعلن انتماء المعالجة لها، وأمام هذا الإصرار فى ذلك الإعلان فإن الأمر يدعونا إلى تحقيق الصفة الحقيقية و التسمية الموضوعية لهذه العلاقة فهى ليست تأليفا بقدر ما هى تشويه ليس فقط لخطوط السرد لكن التشويه نال أبعاد الفكرة ميتافيزيقيا وفلسفيا كما نال أيضا موضوعية التناول السينمائى إخراجيا. 

إذا كان هناك حديث عن أوجه خلاف بين النص الروائى الذى كتبه أشرف شيتوى وبين الاعداد السينمائى الذى أعده مصطفى محرم فإن أوجه الخلاف تلك تنحصر فى محورين أساسيين كانا بمثابة الهيكل الذى أقام عليه محرم بناءه الدرامي، الأول اختلاف مسمى البطل. 

إن إحداث الخط السردى فى النص الروائى لم تحدد بطلا بعينه فالشخصيات جميعها متساوية فى الامكانية والمساحة والبطل هو الحدث نفسه. 

أما النص المعد سينمائيا: فهو يتضمن صورة للبطل فى إطارها التقليدى فقد اختار محرم أحد شخصيات الرواية ومن زاويته حقق صورة البطل، الأمر الذى جعله يعيد صياغة الشخصية طبقا لمقتضيات صناعة الفيلم التجارى بكل ما تتضمنه من هزليات وأحلام مراهقة يبنى من خلالها المشاهد الجنسية الساخنة فى توظيفها التجاري. 

أما وجه الخلاف الثانى فقد تمحور فى اختلاف المقدمة المنطقية لكلا النصين «الإعداد المؤلف» فمن منطلق حى رومانسى يمتزج فيه الفخار الوطنى وإرهاصات معركة ينتصر فيها الإسلام على الغبى الغربى عزل أشرف شيتوى أحلامه وروآه السردية فى ذلك الإطار الفانتازى والذى غلب عليه بساطة التكوين وسهولة الانطلاق وبسمة الفانتازيا المقبولة. 

والعكس جاء فى إعداد محرم معالجته التى انحصرت فى تحقيق مسيرة مجنون ديانا بكل ما تحمل شخصية تتصف بهذه الصفة «الجنون» من مواقف هزلية ومعالجة حائرة غير مستقرة بين الحلم أحيانا والتصور التخيلى فى صورته الساخرة وقبل الخوض فى غمار الحديث عن الرؤية الإخراجية التى حققتها إيناس الدغيدى فى هذا الفيلم، هناك تساؤل بسيط لكنه فرض نفسه بشدة على سياق الحديث وهو أشبه بالتعليق منه إلى التساؤل: هل تودع إيناس الدغيدى بهذا الفيلم عالم الإخراج لكى تتفرغ للبرامج التليفزيونية بعدماحققته من جدل حول برنامجها الذى قدمته فى رمضان؟ 

وفى الواقع أتمنى أن تكون الإجابة بالنفي، ذلك لأننا بهذا التنبؤ سوف نخسر مخرجة من أهم المخرجات اللائى حملت السينما المصرية أسماءهن طوال تاريخها فهى صاحبة رؤية إخراجية دامغة لصناعة كادر سينمائى جاذب للمتعة البصرية غنى بالصور الجمالية وهى صفات نفتقدها فى الكثير من صناع شرائط السينما السائدة. 

ولهذا فإن رؤيتها السينمائية فى هذا الفيلم من الرؤى غير المسبوقة فى تاريخ مشوارها الإخراجي، وأعتقد اعتقادا يصل إلى حد اليقين أن هذا الفيلم تم إخراجه بنظام «الورشة» وأن دور إيناس لم يخرج عن دور الموجه لحرفية الصناعة فقط!! 

فقد حمل الفيلم كل أخطاء التجارب الإخراجية الأولى وهو الأمر الذى نستبعده تماما عن رؤى إيناس الإخراجية. 

العربي المصرية في

10/11/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)