تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مخرجنا الكبير.. توفيق صالح: مرت الأيام.. ومازلت أشعر بالخجل..

توفيق صالح والسيدة زوجته رفيقة مشوار الحياة

نعمـة الله حسين

منذ مايزيد عن الخمسة عشر عاما.. التقيت بالفنان الكبير المخرج »توفيق صالح« لأجري معه حوارا.. وللأسف الشديد لم ير هذا الحديث النور في وقته ـ لأسباب تخص (أخبار اليوم).. وكان أكثر ما يؤلمني أن الرجل عندما التقيت به في منزله الذي يطل منه عليّ نيل القاهرة ويحتضنها من شرفته العالية.. حذرني قائلا بأن الحديث لن يسمح بنشره في أي من مطبوعات الدار.. ومع ذلك لم يبخل عليّ بفتح خزائنه من الذكريات التي كانت بالنسبة لي كنوزا مفقودة.. والحق أنه لم يخفف وقتها من وطأة إحساسي بالذنب والخجل علي إهدار وقت »الأستاذ« و»صحة« توقعه سوي مبادرة الصديق الفاضل الصحفي الجليل »أحمد الجمال« في أن ينشر الحديث في جريدة »الخليج« الإماراتية ..

فكان ذلك بمثابة الاعتذار لتوفيق صالح .. وإن بقي«.. وبقيت علي خجل دائم منه من أن كلماته لم تنشر في مطبوعة تحمل اسم الوطن الذي يعيش بداخله.. ولهذا كانت سعادتي كبيرة عندما وصل إلي يدي مؤخرا الكتاب الذي وضعه الناقد الكبير (د. أحمد يوسف) عن توفيق صالح، بمناسبة تكريم مهرجان الإسكندرية له.

الكتاب درس في الحياة.. ومنهج للسير في دروبها.. وليست مجرد سيرة ذاتية ورحلة كفاح وعمل لفنان كبير آمن برسالة الفن الراقية ودوره الإيجابي فكان أن »حورب« بشدة لدرجة أجبرته علي الخروج من وطنه.. وذلك في استرسال سلسل بريشة وبقلم رشيق يعطي الكلمة حقها من القداسة.. فتفرحك وتؤلمك من شدة صدقها »د. أحمد يوسف« في كتابه »توفيق صالح .. البذور والحصاد«.

في الكتاب كان صدق التجربة في رحلة الفن التي أدمي الكثير من أشواكها قلب ومشاعر هذا الفنان العالمي، الذي أوصي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن يكون أول إنتاج لمؤسسة صناعة السينما من إخراج توفيق صالح وهي معلومة لم يعلم بها توفيق إلا بعد عشرين عاما من صدورها، كان قد رحل خلالها لكل من »سوريا والعراق« . والجدير بالذكر أن جمال عبد الناصر شاهد فيلم »صراع الأبطال« وكذلك يوميات نائب في الأرياف ليمنحه نيشان النيل وكان توفيق قد عاني كثيرا مع الرقابة.. فكان قرار الرئيس بعرض الفيلم دون أي محذوفات.

هذا النيشان الرفيع.. والفكر الجديد والرؤية الواعية للسينما لم تمنع كثيرين جدا لمحاربة »توفيق« .. بالتأكيد كانت هناك أيضا مساندة وصداقات تؤيده.. لكن صوت الشر هو الأعلي. القدير »ثروت عكاشة« والمخرج الكبير »أحمد بدرخان« و»نجيب محفوظ« الذي التقاه آخر مرة في اليوم السابق لرحيله، ليكون ذلك آخر وداع ولقاء من »توفيق« لكبير الحرافيش »نجيب محفوظ« أعظم من كتب عن الشارع والحارة المصرية والطبقة المتوسطة بصدق شديد.

في هذا الكتاب الممتع تتواري كل الكلمات والمعاني خجلا أمام كلمات الكاتب د. أحمد يوسف والراوي المخرج الكبير توفيق صالح .. لذلك أعرض الكثير منها نقلا كما هي.

توفيق صالح كان أقرب للفكر اليساري لكنه لم يكن منتميا أبدا لحزب .. دراسته في »كلية فيكتوريا« أتاحت له أن يقرأ كتبا كثيرة إنجليزية في الأدب والسياسة.

»كنت بالطبع أكره الاستعمار وأعي أنه أحد أسباب مانعانيه من تخلف، وهذا ماجعلني أقف مع مواقف الطلبة المناهضة للاحتلال.. لكن هناك موقفا جعلني أفكر كثيرا، عندما قرر الطلبة في عام 1946 حرق الكتب الإنجليزية، فوقفت وحدي ضد هذا القرار.. كيف أحرق كتب شكسبير.. وميلتون.. وتشوسر وكوليردج؟ لكنهم أحرقوا بالفعل بعض الكتب.. واتهموني بأنني »خواجة« خريج مدرسة إنجليزية!

وهذه بعض من كلمات للمخرج الكبير في افتتاحية الكتاب.

< كنت أريد أن أقول إن الفقر يستخرج من البشر أبشع مافيهم.. كنت أريد أن أقول إنه مالم يحدث تغيير كيفي حقيقي فإن ماحدث في »درب المهابيل« سوف يحدث دائما. ليس في الدرب وحده. ولكن في كل مكان.

< < <

< قضية الفقر تشغلني دائما.. الفقر المادي الذي يولد الفقر الروحي، الذي يكبلك بدوره عن أن تثور علي هذا الفقر المادي لذلك فإن السلاح هو العلم بأعمق معانيه، العلم الذي يجعلك تري فتثور.. إذا كنت قد حصلت علي فرصة التعليم بينما حرم منها ملايين الفقراء.. فإني مدين لهم بأن استخدم علمي من أجلهم، وتلك هي الجملة التي وضعتها علي لسان بطل »صراع الأبطال« لأن هذا هو ما أؤمن به إيمانا لايتزعزع.

< < <

< ليس إسقاط نظام في لحظة غضب وتمرد يعني الثورة، وإنما مجرد تمرد سوف ينتهي إلي الفشل.. الثورة تعني الرؤية.. والمنهج والهدف الواضح.. لذلك فإن اسم الفيلم »المتمردون«.. وليس »الثوريون«.

< < <

< اعتبر فيلم »المخدوعون« بداية الوعي السينمائي الحقيقي لي .. بداية السيطرة علي الحرفة.. وياليتني حصلت علي فرص صناعة الأفلام بعده. فربما عندئذ كنت أنجز ما أحلم به«.

< < <

< إنني كفنان لا أبيع معاناة هذا الشعب لكي »يتفرج« عليها المتفرج.. إنني أريد من المتفرح أن يتوتر.. يقلق.. يفهم.. يشارك .. يتألم.. ويتأكد من ضرورة البحث عن الخلاص.

التوقيع: توفيق صالح

الشاهد: د. أحمد يوسف

الوثيقة: »توفيق صالح .. البذور والحصاد«

آخر ساعة المصرية في

07/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)