تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

المخادعون والمخدوعون

امال عثمان

بحثت وفتشت كثيراً في ذاكرتي عن جذور تلك النظرية اللعينة التي تسيطر علي عقولنا وتتحكم في مشاعرنا.. وتطاردنا في يقظتنا وأحلامنا.. أقصد هنا نظرية المؤامرة التي أصبحت تتصدر عناوين حياتنا.. وتسري في عروقنا كشرايين الدماء.. لماذا نتشبث ونٌصر علي ذلك التفسير التآمري في كل معاركنا؟! وإلي متي سيظل هذا الهاجس اللعين يسيطر علي رؤيتنا وأفكارنا ويخيم علي عقولنا؟! لماذا لا نري من الكوب سوي نصفه الفارغ.. ونغرق في أوهام لا طائل منها ، ولا جدوي من التمادي فيها؟!

حقا إنني لا أجد مبررا لصرخات الغضب والثورة التي تعالت هنا ، وهناك تعلن عن مؤامرة دولية ضد مصر ومرشحها وتطالب بالثأر والانتقام! وأتعجب من ردود الفعل العنيفة والاتهامات المرسلة التي اجتاحت الصحف والمجلات، وترددت علي ألسنة الكثيرين!

إن من حقنا أن نأسف علي عدم وصول المرشح المصري لكرسي مدير عام اليونسكو.. ومن حقنا أن نحزن لأن الفنان فاروق حسني خسر المعركة رغم أنه كان قاب قوسين أو أدني من هذا المنصب الرفيع.. لكن الذي لا يتفق مع أبسط قواعد اللعبة الانتخابية والمنافسة السياسية والأعراف الدبلوماسية.. أن تشتعل الاتهامات وتتعالي الشتائم والسباب، ونحول المعركة الانتخابية إلي موقعة حربية! وأن نتصور أن هناك عقول تآمرية تستهدف مصر ، والمصريين دون سائر شعوب العالم!

واقع الحال أنها ليست مؤامرة دولية علي مصر ومرشحها، لكنها آلاعيب سياسية تستهدف الاحتفاظ بهذا المنصب الثقافي المهم للكتلة الأقوي سياسياً، وعدم السماح لمرشح عربي مسلم ببسط سيطرته علي سياسة العالم الثقافية، أوتمكين دول الجنوب من التحكم في منظمة دولية كبيرة بحجم اليونسكو.. وليس في التربيطات والمناورات والمساومات التي أدارتها عقول سياسية محنكة من مراكز صنع القرار في كبريات عواصم العالم ما يعيب أي انتخابات.. أو المساس بكرامة وهيبة دولة أو مرشحها! وطالما أنه لم يحدث تزويراً في الانتخابات فعلينا أن نتقبل الخسارة بشكل أكثر تحضراً وهدوءاً وتفهماً، ونسأل أنفسنا: لماذا نتقبل التربيطات المصرية التي أسفرت ولأول مرة عن توحد صفوف أغلب الأصوات العربية والأفريقية لصالح المرشح المصري، وفي الوقت نفسه نرفض التربيطات التي أسفرت عن إعادة تجميع الأصوات الأوروبية لصالح مرشحتهم البلغارية إيرينا بوكوفا؟! أليست أوروبا تلك التي وحدت دولها وعملتها وتأشيرتها، ونحن مازلنا طوال 64 عاماً- منذ تأسيس جامعة الدول العربية في مارس 1945- لا تجمعنا سوي الخلافات والفرقة والشتات والتشرذم؟!

كلنا كنا نتمني أن يصل ابن مصر البار إلي هذا المنصب الدولي الكبير، لكن هذا لا يمنعنا أن ننظر إلي نتيجة المعركة الانتخابية الدولية بطريقة أكثر عقلانية وإيجابية، ونسعد بأن المرشح المصري استطاع أن يدير معركته بمهارة وذكاء، ويخوض أربع جولات انتخابية بتفوق ونجاح وشرف فاستحق تقدير واحترام الأعداء قبل الأصدقاء! وكسب »9« أصوات علي الأقل من أوروبا وأسيا والأمريكتين، إلي جانب الدول العربية الـ7 والـ13 دولة أفريقية الذين لهم حق التصويت في الانتخابات، هذا بالطبع في حالة قيامهم جميعا بالتصويت لصالحه ، وهذا أمر مشكوك فيه! حدث هذا في الوقت الذي لم يستطع أي مرشح عربي سابق أن يتخطي المرحلة الأولي من الانتخابات أو يحصل علي أصوات أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة!

والحق أقول : إن الأسباب التي دفعت الأصوات الأوروبية والأمريكية أن تتوحد في مواجهة مرشح عربي مسلم من الجنوب كثيرة وعديدة ، وكلنا نعلمها علم اليقين! ولكن علينا أن ننظر بعيدا عن »النظرية التآمرية« لما حققه المرشح المصري من إنجاز له ولدولته وللكتلة التي يمثلها بسعادة وتفاؤل وفخر، لأنه بالفعل حقق ما عجزعن تحقيقه من قبل مرشحي دول عربية أخري لديها القدرة والإمكانات التي تمكنها من التأثير علي أصوات عربية وأفريقية وأوروبية عديدة! وأن نعترف بأن فاروق حسني خسر المعركة بشرف وجسارة وحقق ما كان يفوق أحلامنا، وما كان أبعد من توقعاتنا، واستطاع أن يبحر في تلك اللعبة السياسية الصعبة بمهارة واستبسال تجعلنا فخورين بما حققه مرشحنا المصري ، الذي خرج من المعركة ومعه 27 صوتاً مؤمنين بقدرته علي أن يصبح وزير ثقافة العالم، ومتمسكين به  رغم كل الأنواء والأعاصير حتي ساعة الحسم!

أحسب أننا أمام خسارة سياسية بطعم الفوز.. لا تستدعي الأسي والحزن والطعن والتشكيك في الآخرين.. وأيضاً لا تستحق الشماتة والصيد في الماء العكر!

إن عميد مثقفي العالم وأقدم وزراء الثقافة في التاريخ تنتظره مشروعات كبري عليه أن ينجزها لصالح مصر، ومن أجل وطنه ليس إلا.. ودائماً في كل محنة جانب مشرق- كما يقول فيلسوف فرنسا العظيم ديكارت- والجانب المضيء فيما حدث في كواليس اليونسكو هو أن يظل الفنان فاروق حسني يحمل مشاعل الثقافة في مصر.. أهم بلد ثقافي وحضاري في العالم.

وأقول له:

يا معالي الوزير لا تحزن.. لوحة إبداعك في وطنك لم تكتمل بعد ، وتحتاج لمساتك الفنية والإبداعية!

> > >

بنظرة السياسي ورؤية المثقف، تحدث د. علي الدين هلال وزير الشباب السابق عن مشاعر الفشل وحالة الحزن والإحباط التي استقبلنا بها نتيجة انتخابات اليونسكو، رغم الإنجاز المشرف الذي حققه المرشح المصري، وكأن- الحزن والكآبة- قدر هذا الشعب كما ذكر السندباد المصري حسين فوزي! ورفض د. هلال الصورة غير المتحضرة التي طغت علي الساحة الإعلامية بعد خسارتنا في الانتخابات التي لابد أن يكون فيها من رابح وخاسر، وسيطرة »صفر« المونديال علي عقولنا ومشاعرنا، وكشف الدكتور هلال مع الزميل حمدي رزق في فقرة الصحافة التي يقدمها بنكهة مميزة علي شاشة قناة أوربت أنه كان يزمع دعوة مجموعة من المثقفين غير الحكوميين ليكونوا في استقبال فاروق حسني عند وصوله مطار القاهرة لتهنئته بما حققه من إنجاز خلال معركته الانتخابية، وأجري اتصالاً هاتفياً مع علي أبوشادي أمين عام المجلس الأعلي للثقافة وطلب منه إبلاغه بموعد وصول الوزير، لكنه أبلغه بعد ذلك بأن الوزير سيصل خلال ساعتين فلم يتمكن من تنفيذ تلك الفكرة التي تنم عن روح ومشاعر جميلة!

> > >

أحيي القائمين علي » قناة الحياة« الفضائية لانفرادهم بحوار تليفزيوني مع وزيرة الخارجية البلغارية السابقة إيرينا بوكوفا الفائزة بمنصب مدير عام اليونسكو، وكانت فرصة ليتعرف الجميع عن قرب علي أول امرأة تتولي هذا المنصب الثقافي الكبير، وقد آثرني ذكاءها وحديثها الودود عن منافسها المصري ، وقالت إنها تُكن له ولمصر كل الاحترام والتقدير، وذكرت كيف كان كريماً للغاية معها بعد فوزها، وأنها تقدر له تلك اللفتة الجميلة وأمنيتها أن تتعاون معه في الأيام القادمة، وتظل صديقه له ولمصر، وأكدت أنها لا ترغب في تقسيم منظمة اليونسكو، ولا تؤمن إطلاقاً بهستيريا صراع الحضارات ولا تصدقها وأنها ستعمل من أجل أفكار وأرضية مشتركة.

إن قناة الحياة تثبت في كل يوم أنها أصبحت الفضائية الأولي ، والأكثر مشاهدة في مصر رغم سنوات عمرها القليلة!

amalosman23@yahoo.com

أخبار النجوم المصرية في

01/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)