تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

في رمضان 2009.. انتهى صراع السجادة

وحدة عربية تلفزيونية لم تصنعها السياسة

طارق الشناوي

في الأعوام الخمسة الأخيرة كان يتردد بقوة تعبير يصف الصراع بين الدراما المصرية والسورية بأنها معركة «السجادة».. يقولون إن مصر سحبت السجادة من سوريا والآخرون يؤكدون: بل سوريا سحبت السجادة من مصر، ثم يحاولون إرضاء الطرفين فيقولون إن سوريا أخذت سجادة المسلسل التاريخي بينما مصر احتفظت بسجادة المسلسل الاجتماعي وفي مصر كان بعضهم يعتبر مشاركة النجم السوري بالدراما المصرية مؤامرة ضد الدراما المصرية بينما في سوريا يؤكدون أن المصريين يستحوذون على النجم السوري ويحيكون مؤامرة ضد الدراما السورية.. أعمق وأظرف تعليق استمعت إليه هو ما ردده النجم السوري «بسام كوسا» عندما قال لي أين هي السجادة؟! كان هذا الصراع في الماضي ملعبه الرئيسي مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون والذي صار اسمه منذ العام الماضي مهرجان القاهرة للإعلام العربي كانت كل دولة تبدأ في عد الميداليات الذهبية والفضية التي حصلت عليها.. وفي العادة نجد أن الخناقة الرئيسية تشتعل في الدراما بين مصر وسوريا بل وصل الأمر إلى انسحاب سوريا من بعض دورات المهرجان وإعلانها الاحتجاج بعد إعلان النتائج.. بعدها انتقلت المعركة من سور المهرجان إلى شهر رمضان ليصبح هو بمثابة المباراة السنوية العلنية بين الطرفين ومع الأسف دخلت نقابة الممثلين المصريين وتحديداً في 5 أبريل 2008 إلى المعركة بقدر كبير من الرعونة عندما أصدر النقيب «أشرف زكي» قراراً بتحجيم مشاركة الفنانين العرب بمسلسل واحد في العام وكان المقصود هم النجوم وتتابعت بعد ذلك فصول المعركة والكل كان يعرف أن الفنان ـ السوري ـ تحديداً وراء إصدار هذا القرار وكان التفسير الذي يتم تداوله بدون إفصاح مباشر أنها معركة سياسية تتدثر بغطاء فني.. وصارت الفضائيات لا تقتات سوى على هذا القرار الذي لم يستطع النقيب إلغاءه ولم يستطع أيضاً تنفيذه والذي تحول إلى مادة فضائية الكل يدلي بدلوه في هذه القضية المثارة.. ثم مر فقط نحو عام لنجد أن «أشرف زكي» بعد رحيل الفنان المصري «السيد راضي» صار يشغل موقع رئيس اتحاد الفنانين العرب وأول مبادئ هذا الاتحاد هي إزالة الفرقة بين الفنانين العرب وإتاحة الفرصة لكل فنان عربي بالعمل على أرض الدولة العربية الشقيقة بدون قيد ولا شرط!! سقط القرار بالتقادم وذلك لأن القنوات الفضائية طرحت قانونا آخر وقواعد البث الفضائي ليست هي قواعد البث الأرضي.. التليفزيون الفضائي صار يبحث عامداً متعمداً عن نجوم من مختلف الدول العربية لا يكفي أن تقدم مسلسلاً مصرياً صرفاً لكي تضمن أن يقبل عليك الجمهور وأن يتم تسويقه تجارياً بسعر مناسب.. هناك دائماً حسبة أخرى تدخل في المشروع الإنتاجي وهي أن هناك جمهورا خليجيا وشاميا ومغاربيا ومصريا.. وهكذا تعددت أسماء النجوم ثم أصبح هناك أيضاً احتياج أبعد من ذلك وهو الإجادة.. الفنان الأكثر لياقة إبداعية هو الذي يعمل ودخل أيضاً إلى اللعبة طرف هام وهو المعادلة الإنتاجية.. ليس سرا مثلا عندما أقول إن المخرجين السوريين الذين يعملون في مصر يتقاضون أجوراً أقل من المخرج المصري وهذا هو في البداية كان أحد أسباب الاستعانة بهم.. مثلا «رضوان شاهين» السوري يخرج مسلسل «علشان مليش غيرك» بطولة «الهام شاهين».. «رشا شربتجي» السورية تخرج للعام الثاني مسلسل يحيى الفخراني «ابن الأرندلي» بعد أن أخرجت له في العام الماضي «شرف فتح الباب» وبالطبع توفير أجور المخرجين المرتفعة ليس كل الأسباب ولكنه عامل رئيسي، فإذا كان المخرج «مجدي أبو عميرة» مثلا يحصل على أجر قدره 300 ألف دولار بينما المخرج «محمد عزيزية» يحصل على 100 ألف دولار فقط فإن شركة الإنتاج تتعاقد مع «عزيزية».. هذه الواقعة حقيقة فلقد كان «مجدي أبو عميرة» هو أول المرشحين قبل عامين لإخراج مسلسل «قضية رأي عام» بطولة «يسرا» ولكن عندما اكتشفوا أن «محمد عزيزية» يحصل على ثلث الأجر وكان قد قدم من قبل مسلسل «خالد بن الوليد» الذي حقق نجاحاً ملفتاً فقررت شركة إنتاج «العدل جروب» أن تتفق معه وهناك سبب آخر وهو أن بعض النجوم المصريين لم يتحمسوا لأداء بعض الأدوار فكان النجم السوري بمثابة محطة الإنقاذ الأخيرة.. وقبل عامين مثلاً نكتشف أن «جمال سليمان» أسند له المخرج «إسماعيل عبد الحافظ» بطولة مسلسل «حدائق الشيطان» بعد اعتذار «يحيى الفخراني» و«نور الشريف» عن أداء الدور فكان «جمال سليمان» هو طوق النجاة.. نفس الأمر تكرر مع النجم السوري «تيم حسن» الذي لعب دور الملك «فاروق» بعد اعتذار «أحمد السقا» و«أحمد عز» و«كريم عبد العزيز».. كان إنقاذ الموقف هو الدافع للاستعانة بهم. الآن لم يعد الأمر متعلقاً بالدرجة الأولى لا بالأجر الأقل ولا بإنقاذ الموقف ولكن بقانون اقتصادي فرض نفسه بقوة على كل مقدرات الدراما التلفزيونية العربية إنه قانون التسويق خارج الحدود نظراً لأن الرقعة اتسعت كما أن هناك نجوما من لبنان وسوريا والأردن والخليج لهم أيضاً جمهورهم في مختلف الدول العربية.. وهذا العام نجد أن الإنتاج المشترك أيضاً شكل جزءا كبيرا من الخريطة الدرامية وإذا كان الإنتاج مصرياً صرفاً فإن متطلبات التسويق قد تفرض الاستعانة بفنان عربي مثل نموذج «جمال سليمان» مع «عبلة كامل» في «أفراح إبليس» المقصود هو تحقيق قوة تسويقية من خلال «جمال» و«عبلة» وتتعدد الأسماء «إياد نصار» الأردني مع «يسرا» في «خاص جداً»، «باسم ياخور» السوري في «حرب الجواسيس» بطولة «منة شلبي» و«شريف سلامة».. في «البوابة الثانية» نبيلة عبيد تقف مع نجمين من لبنان «فادي إبراهيم» و«كارمن لبس» وكان الاتجاه في البداية إلى السورية «جومانة مراد» ولكنها اعتذرت فأخذت الدور «كارمن».. «صفاء سلطان» السورية هي البطلة لمسلسل «ليلى مراد» وذلك بعد عدة ترشيحات لم تسفر عن اتفاق نهائي وكانت «سلاف» هي بطلة «أسمهان» في العام الماضي.. «سيرين عبد النور» اللبنانية «الأدهم» و«دوللي شاهين» اللبنانية «أدهم الشرقاوي».. أهم مسلسل تعرضه الفضائيات وبينها الفضائية المصرية «هدوء نسبي» تأليف السوري «خالد خليفة» إخراج التونسي «شوقي الماجري» الذي سبق أن أخرج في العام الماضي مسلسل «أسمهان» ومن أشهر مسلسلاته «الأمين والمأمون» و«الاجتياح».. المسلسل بطولة «عابد الفهد» من سوريا و«نيللي كريم» من مصر وعدد من النجوم من لبنان والعراق وتونس والجزائر والعراق وتقريباً كل الدول العربية لها مشاركات في «هدوء نسبي».. الإنتاج يشارك فيه قطاع الإنتاج من مصر وقناة A.R.T وشركة إنتاج خاصة سورية وهكذا تداخلت جهات الإنتاج حكومية وخاصة مصرية وعربية وخفت الصوت الذي يبحث عن السجادة وإلى من تؤول.. والأمر بالمناسبة ليس له علاقة بالتصوير بكاميرا واحدة مثل أغلب المخرجين السوريين أو ثلاث كاميرا مثل أغلب المصريين المهم هو القدرة على التعبير بكاميرا واحدة أو ثلاث.. ورغم ذلك فإن البعض لا يزال يبحث ويفتش عن الجنسيات المختلفة.. الدائرة مفتوحة للجميع السماء صارت تسعى وراء الأقل تكلفة والأجمل إبداعاً والأكثر موهبة!! كل شيء تغير في قانون الدراما التلفزيونية حتى لو حسبها البعض سياسياً مؤكداً أن قرارات تحجيم الفنان العربي في مصر في العام الماضي كان وراءها تباين سياسي في المواقف السورية المصرية فإن التجربة أثبتت أن المصلحة الفنية أكبر وهكذا تحققت الوحدة الفنية العربية عبر شاشات التليفزيون في رمضان وهو ما عجزت عن إنجازه وعلى مدى عقود من الزمن كل مؤتمرات القمة العربية.. أما السجادة فأنا لا أجد أجمل من هذا التعبير الذي ردده «بسام كوسا» قائلاً أين هي السجادة؟! لا أجدها لا في مصر ولا سوريا.. هل عثر عليها أحدكم حتى الآن؟!

الشرق الأوسط في

25/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)