تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

عادات

القطريون في رمضان جسد واحد وشعور عالمي

دبي ـ عنان كتانة

رمضان الشهر الفضيل، تفيض منه صور وملامح عديدة في شتى بقاع الأرض، والحال لا يبدو واحداً في كافة الأقطار العربية والإسلامية، وإن اشتركت مجموعة من البلدان التي تتوافق في متغيرات كثيرة، إما بحكم الجوار أو الجغرافيا أو اللون أو العرق وما إلى ذلك.. لسان الحال ربما ينطبق نسبياً على دول الخليج العربي.

حيث يتخذ شهر رمضان فيها شكلاً متقارباً من حيث الملامح العامة التي تفيض منه، والراشحة عن عادات وتقاليد وأعراف راسخة لدى مجتمعات تتقارب فيما بينها، بحكم قدم وعراقة مكانة الجزيرة العربية على مر العصور.ففي دولة قطر، وهي واحدة من دول مجلس التعاون الخليجي، يتخذ الشهر الفضيل كثيراً من الملامح والصور المفعمة بحس روحاني يوافق حجم المناسبة وعظمها في نفوس القطريين عامة، الذين لا يدخرون شكلاً أو جهداً للاحتفال بشهر الصوم على الوجه الأكمل، بما يترجم أبهى وأرق الصور الاجتماعية والدينية والروحانية، التي تعبر عن حالة تماسك مجتمع في ظل مناسبة دينية لا يختلف اثنان على أهميتها.

في هذه المساحة المسماة «عادات» رمضانية، والمخصصة للتعرف على قوالب رمضانية في مختلف دول العالم الإسلامي، يروي لنا القطريون أنفسهم كثيراً من الأجواء الرمضانية المعاشة في بلدهم، والتي توافق في إيجابيتها حالة مجتمع متماسك ومفعم بالخيرات والممارسات الحميدة، وإن ظل في تعداده السكاني خجولاًلسان حال القطريين بمناسبة شهر رمضان المبارك، ينطق بروح معنوية خاصة ومعبرة تسود البلاد كافة.

حيث يحرصون كل الحرص على إحياء عادات وتقاليد توارثوها عن الأجداد.. فعند انتصاف شهر شعبان، تبدأ العائلات هناك في الاستعداد لاستقبال شهر رمضان الكريم، فتزدحم الأسواق بالمشترين، ويكون الجهد الأكبر على ربة البيت التي تتولى مهمة تحضير التوابل الخاصة بهذا الشهر، وتجهيز البن والأرز، وصنع السمن البلدي، ومن تلك المواد تهدي لصديقاتها وجيرانها وأقاربها، كما درجت العادة.

ولا تغادر مظاهر الشهر الفضيل في قطر، حالة مشهودة في ازدحام الشوارع ومراكز التسوق والأماكن الترفيهية، ولعل من أكثر ما يميز الشهر الكريم في قطر الأضواء التي تملأ الشوارع وتنير المباني الشاهقة على ضفاف الخليج، و«المسحراتي» الذي يجوب شوارع الدوحة منبهاً الناس إلى قرب موعد السحور على إيقاع طبلته الشهيرة، إضافة إلى أطباق الحلوى الرمضانية الشهية، لا سيما «المحلبية» المرتبطة برمضان ولا تكاد تفارق موائده القطرية.

وفي قطر، كما هو واقع مختلف الدول العربية، يبدأ الصائمون إفطارهم على حبات من التمر مع اللبن، اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يتناولون الأطعمة الخاصة بهذا الشهر؛ من أشهرها في قطر «الهريس»، وهو طبق رئيسي على مائدة رمضان يتكون من القمح المهروس مع اللحم والسمن البلدي والقرفة المطحونة، فيما لا تخلو مائدة رمضانية على مستوى بلديات قطر من أكلة «الثريد» التقليدية، وهو خبز مقطع قطعاً صغيرة، يسكب فوقه مرق اللحم والخضروات.

أما «المحلبية»، وهي الحلوى الرمضانية القطرية، فتتكون من الحليب والأرز مضاف إليه الزعفران والهيل، وإلى جانبها تتوفر حلويات أخرى مثل «المضروبة» و«اللقيمات».

القطريون وبعد إفطارهم البسيط والمكون من الأكلات التقليدية سابقة الذكر، يتوجهون إلى صلاة التراويح، وما إن ينتهون منها، يجتمع الرجال والشباب في مناسبة رمضانية أخرى، تسمى عندهم «الغبقة»، على شكل وليمة تأكل منتصف الليل، بعد أن يسهر الجميع حتى السحور، وأثناء سهرتهم يتناولون الحلوى الرمضانية ويتسامرون ويتحدثون في مختلف شؤون الحياة، فيما تجتمع النساء لمدة ساعتين فقط بعد صلاة التراويح للسمر والحديث، ويتم تقديم وجبات خاصة خلال «الغبقة» منها «المحمر»، وهو سمك مقلي مع أرز مطبوخ بالسكر، إلى جانب «الهريسة» و«المضروبة».

الاستعداد لرمضان القطريين يطال مختلف الجوانب المادية والدنيوية والروحية، وتتجلى على امتداد قطر روح مفعمة بحس التسامح، لا سيما مع حرص الجميع على تطهير أنفسهم، والإكثار من الاستغفار وذكر الله والدعاء والصلاة في شهر الصوم والعبادة.

وعلى صعيد الجمعيات الخيرية، فهي تنشط حد الدرجة القصوى خلال رمضان، فيما تشهد المساجد حضوراً كبيراً من المصلين في مختلف الأوقات، وخاصة مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة، لا سيما عندما يخطب فيه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، وكذلك الأمر في مسجد أبو بكر الصديق.

وقبل الإفطار وبعد صلاة التراويح، تقام الدروس الدينية في مختلف مساجد قطر، التي يجسدها خطباء وأئمة مشهورين ومحببين إلى نفوس القطريين عامة، فيما تنتشر في كثير من المناطق هناك «موائد الرحمن»، التي يوفرها أفراد الأسرة الحاكمة، وبعض المتدينين من القطريين والمقيمين، وذلك لإطعام الفقراء والمساكين وغيرهم.

وكما هو الواقع في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، فإن القطريين يحتفلون في الرابع عشر من شهر رمضان بما يسمونه «القرنقعوه» الذي يجسده الأطفال القطريون في بهجة بادية على الوجوه، حيث يرتدون البخنق، وهو عبار عن حزام من اللونين الأسود والذهبي، يوضع على الرأس أو الخصر، ويذهبون في جماعات بعد صلاة العشاء، ويجوبون الأحياء والحارات المختلفة، وهم يرددون أغنية «قرنقعوه قرنقعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. الخ»، فيقدم لهم الناس الحلوى والمكسرات.

وفي العشر الأواخر من شهر رمضان تشهد مختلف أرجاء قطر طقوساً مختلفة، منها خياطة الثوب أو الكندورة الرجالية، والعباية النسائية، ناهيك عن الازدحام المشهود في الأسواق والمراكز التجارية التي تعج بالمشترين استعداداً للعيد، بالإضافة إلى لجوء الكثيرين إلى الاعتكاف في المساجد والزوايا، ومرور المشايخ على المنازل للتذكير بصدقة الفطر، أو الحديث عنها في المساجد والدروس الدينية.

البيان الإماراتية في

15/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)